الوسم: الساكت

</h5>
ما اكثر الناس من يسكت عن الحق ويتستر عليه بل ويعين الظالم علة ظلمه
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
وقال( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه , أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ) وقال تعالى (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون )

قال -صلى الله عليه وسلم-: "مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أسفلها وبعضهم أعلاها، وكان الذين في أسفلها يخرجون ويستقون الماء، ويصبون على الذين أعلاها فيؤذونهم، فقالوا: لا ندعكم تمرون علينا فتؤذوننا، فقال الذين في أسفلها: أما إذا منعتمونا فننقب السفينة من أسفلها فنستقي. قال: فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا، وإن تركوهم هلكوا جميعا" .

إن منع الناس الفاسق عن الفسق نجا ونجوا من عذاب الله تعالى ، وإن تركوه على فعل المعصية ولم يقيموا عليه الحد ، حل بهم العذاب وهلكوا بشؤمه ، وهذا معنى قوله تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة أي بل تصيبكم عامة بسبب مداهنتكم ، والفرق بين المداهنة المنهية والمداراة المأمورة أن المداهنة في الشريعة أن يرى منكرا ويقدر على دفعه ولم يدفعه حفظا لجانب مرتكبه أو جانب غيره لخوف أو طمع أو لاستحياء منه أو قلة مبالاة في الدين ، والمداراة موافقته بترك حظ نفسه وحق يتعلق بماله وعرضه فيسكت عنه دفعا للشر ووقوع الضرر

في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية يقول رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا. ولوى لسانه: أخبر بالكذب، وأعرض: سكت وكتم الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس. ويقول ابن القيم رحمه الله: وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك! وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها! وهو بارد القلب ساكت اللسان، شيطان أخرس، كما أن من تكلم بالباطل شيطان ناطق.

الدفاع عن حرمات الاخرين

( وَمَا لَكُـمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفـِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً((النساء،75)

الدفاع عن حرمات الآخرين المؤكدة (النفس ، والعرض، والمال)، كما الدفاع عن حرمات الفرد نفسه، سائغ، بل واجب. فآيات الذكر الحكيم تأمر بإقامة القسط في المجتمع، والدفاع عن العدالة، كما تدل على ضرورة نصرة المظلوم وردع الظالم بأية وسيلة ممكنة.

الأحكام:
1- يجب ردع المستكبر عن ظلم المستضعف ولو بقوة السلاح، أيّاً كان الظالم وأيّاً كان المظلوم.
2- إن النفوس، والأعراض ، والأموال من حرمات الله التي ينبغي تعظيمها، ومن أبرز تجليات التعظيم الدفاع عنها، كما هي من حدود الله التي يجب على الجميع حفظها.
3- أمر الإسلام بالنهي عن المنكر ولو تطلَّب ذلك استخدام القوة (حسب الشروط المقررة شرعاً)، والاعتداء على الحرمات من أكبر المنكرات التي يجب التصدي لـه والدفاع عنها. ولو طبق المؤمنون هذا الأمر الإلهي بأمانة وإخلاص لكان الأمن سائداً في بلادنا

فالدفاع عن الحرمات مشروع سواءً أكانت خاصة أم عامة، ولكن من ناحية فقهية هناك معيار للتمييز بين هذه أو تلك، فإذا كان الصيال بمعناه الحقيقي أي : الاعتداء من شخص على شخص أخر في نفسه، أو عِرضه، أو ماله، فنحن أمام اعتداء على حرمات خاصة، وبالتالي : فالدفاع هنا دفاع خاص، وذلك مثل : اعتداء شخص على أخر لإراقة دمه، أو اعتداء فاسق على امرأة مُستكرهة لأجل الفسق، أو اعتداء شخص على مال غيره لإتلافه أو اغتصابه.
وأما إذا كان الصيال بالمعنى المجازي، أي : الاعتداء على أوامر الله ونواهيه بالخروج عليها، فنحن أمام اعتداء على حرمات عامة، وبذا فإن الدفاع هنا دفاع عام، وذلك مثل أقدام شخص على الانتحار فهنا لا يوجد اعتداء على الغير، بل هو مخالفة لما نهى الله عنه لقوله تعالى : " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ " أو إقدام فاسق على ارتكاب فاحشة الزنا برضاء المرأة فهنا لا يوجد اعتداء على المرأة لأن ذلك باختيارها ولكن الأمر هو اقتراف لما نهى الله عنه في قوله تعالى : "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى". أو كإقدام شخص على إتلاف ماله الخاص فهنا لا يوجد اعتداء على مال الأخرين ولكن الأمر هو مخالفة لما نهى الشرع عنه من إضاعة المال في قول النبي عليه الصلاة والسلام : " إن الله حرّم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومَنع، وهات، وكره لكم القيل والقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال".

والأصل في إنكار المنكر أنه فرض كفاية، إذا قام به البعض بحيث يتحقق المقصود وسقط الفرض عن الباقين، أما إذا لم يُقم به أحد أو قام به فرد أو جماعة ولم يستطيعوا تحقيق المطلوب فإن إثم ترك المنكر يقع على الجميع بدليل قوله تعالى : وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ".

يالغلآ

جزيتي الجنه