تستخدم بذور السمسم وزيوته في كل شيء، في الأطعمة والمعجنات والحلوى ويخلط مع الكثير من الأعشاب البرية الهامة مثل الزعتر، وعادة ما يستخدم لتزيين هذه الأطعمة محمصا ونيئا على حد سواء. ويستخدم السمسم بكثرة في البلدان العربية، ويصعب تخيل منقوشة الزعتر من دون السمسم في لبنان، ويرشه البعض في كوب الشاي كما هو الحال مع القرفة واليانسون.
لذا يستخدم كثيرا في مآكل الاطفال وتزيين الكعك الذي يتناولونه. ومع هذا لا يستخدم السمسم ـ ومنذ قديم الزمان – فقط لجمال وصغر حبوبه البيضاء والبنية الداكنة الناعمة، بل لما يحتويه من زيت ممتاز يعتبر من افضل الزيوت في العالم فائدة للصحة.
ومن أفضل ما أنتج من زيوته «الطحينة» التي تستخدم بكثرة في لبنان لتحضير الكثير من الأطباق الشهيرة كالحمص و«البابا غنوج» و«طرطور» الفلافل و«الكفتة بالطحينة» وغيره وقد شكل السمسم أهمية كبيرة في حياة وثقافات عديدة على مر الزمان، وارتبط اسمه بالكثير من الخرافات من أيام الآشوريين حتى يومنا هذا. فقد أولى الآشوريون أهمية كبرى له، وكان جزءا من المعتقدات الهندوسية القديمة، إذ كان يعتبر رمزا للخلود وكانت بعض الآلهة تتضمن خواص السمسم، وكان أهم الزيوت إلى جانب سمنة «الغي» التي تستخدم خلال الاحتفالات الدينية.
وفي التراث التاميلي يعتبر زيت السمسم «زيتا جيدا» لفوائده الطبية الجمة. ولهذا يلجأ التاميل الى التحمم والتدلك به كتقليد عادي. ويستخدم التاميل السمسم ايضا لمعالجة أمراض الفم وتقرحاته خصوصا اللثة والتهاباتها.
ومن الصعب نسيان ألف ليلة وليلة وتعبير «افتح يا سمسم» المستوحى زهرة نبتة السمسم التي تبقى مغلقة ولا تفتح فمها الى ساعة النضوج. ويستخدم السمسم أيضا كما هو الحال في الكثير من اللغات في الأمثال الأردية حيث يعبر عن البخل.
علميا ونباتيا يطلق على السمسم (Sesame) اسم «Sesamum indicum» وهي من جنس الـ«سيسيموم» (Sesamum)، ومن فصيلة الشفويات.
وهناك نوعان من النبتة النوع الداكن الخضار ذات الأزهار الوردية التي تنتج السمسم الداكن أو الأسود والنبتة الخضراء العادية التي تنتج السمسم العادي أي الأبيض أو الذهبي. وعادة لا يصل ارتفاع النبتة التي تنمو في الكثير من المناطق الاستوائية في آسيا وأفريقيا خمسين سنتمترا.
وتزرع نبتة السمسم حاليا في الكثير من مناطق العالم، وتصل مساحة الأراضي الخاصة لزراعتها الى 5 ملايين هكتار أو ما يساوي 20 ألف كلم مربع. وتعتبر الهند اكبر المنتجين للسمسم في العالم يأتي بعدها الصين ومينمار والسودان واثيوبيا واوغندا ونيجيريا وعمان والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران.
وتصل نسبة آسيا من الأراضي المزروعة منه 70 في المائة و26 في المائة لافريقيا.
ويتركز معظم النشاط الزراعي في الولايات المتحدة في ولاية تاكساس كما يبدو منذ الخمسينات. ولا تزال اميركا من الدول المستوردة له حتى الآن خصوصا من المكسيك التي تعتبر مصدر سمسم خبز وجبات البرغر التابعة لـ«ماكدونالدز». وكانت النبتة قد وصلت الى العالم الجديد عن طريق العبيد القادمين من افريقيا الغربية الى جنوب كارولاينا.
مهما يكن فإن اصول نبتة السمسم الجميلة حاليا هندية وأفريقية، لكن الأصول القديمة كما يبدو تعود الى الهند والصين وكوريا رغم ان هناك اتفاقا على ان النوع الذي يستخدم الآن جاء من مناطق افريقيا جنوب الصحراء. ومع هذا فقد تم العثور على آثار وبقايا للسمسم في هارابا في وادي الهندوس يعود تاريخها الى أكثر من ألفي عام. كما تم العثور على آثار لهذه النبتة النادرة في ميريكلات ومزار شاهي في مقاطعة ماركان في باكستان.
ويعود أصل اسم السمسم (Sesame) المستخدم حاليا الى اللغة اللاتينية (sesamum) والمنقول عن اليونانية التي تعني «حبوب نبتة السمسم» وهذا الاسم بدوره مأخوذ عن اللغات السامية مثل العربية والعبرية والآرامية المرتبطة ببعضها البعض أصلا. ففي العربية استخدم اسم «سمسم» (simsim) وفي الآرامية اطلق عليه اسم «شومشيما»، «أما في العبرية فقد اطلق عليه كالعربية اسم «sumsum».
ويقال ان اصول الأسماء السامية تعود على الأرجح الى كلمة السمن التي كان يستخدمها العرب واليهود. وفيما البعض يقول ان الاسم يعود أصله الى اللغة الآشورية «shamash-shamm» الذي يعني «نبتة زيت»، يقول البعض الآخر ان اصل الاسم يعود الى اللغة الفينيقية والمأخوذ عن اللغة الأكادية.
وترتبط هذه التسمية مع التسمية السومرية وكلها أسماء تدلل على الزيت أو السمن.
وتتلاعب اللغات الهندوسية والبنغالية والأردية والبنجابية القديمة والحديثة على كلمة «تيلا» التي أحيانا تسمى «تيل» وأحيانا أخرى «تالة« وغيره.
ولا بد من الذكر هنا ان هناك تسمية اكادية للزيت مشابهة وهي «tallum»، ويستخدم السمسم في الكثير من البلدان والكثير من مطابخ العالم المعروفة من آسيا حتى اميركا اللاتينية والشرق الاوسط حيث يتمتع بمحبة خاصة. ففي اليابان يستخدم في عدد من السندويشات والسلطات، خصوصا في ما يعرف بـ«الغوماسي» (Gomashio) حيث يستخدم السمسم الأسود كمطيب.
ويستخدم مع الخبز كالكثير من البلدان في فرنسا وايطاليا خصوصا صقلية. وفي الهند يستخدم السمسم الأسود بكثرة في شمال شرقي الهند في السلطات وما يعرف بـ«السنغجو».
ويعتمد الهنود على زيت السمسم في اطباقهم اعتمادا رئيسيا، كما يستخدم التاميل السمسم بكثرة في اطباقهم وأحيانا يخلطونه بالسكر، كما يخلط بعض الفقراء السكر والقمح المسلوق.
ويعمل التاميل احيانا على خلط السمسم المطحون والفلفل الحار لتشكيل خلطة لتطعيم الأطباق على غرار خلطات الكاري، مثل طبق «ايدلي».
وكما تستغله بعض دول الشرق الأوسط ودول المتوسط خصوصا ايران وتركيا واليونان وايطاليا، في صناعة حلوى الاطفال مخلوطا بالقطر او ما يعرف بـ«السمسمية».
والأمر نفسه يحصل في كوبا، حيث يباع مخلوطا بالسكر في كل مكان.
ولا بد من ذكر «الحلاوة» (Halva) أيضا بعدما أكدنا على دور الطحينة. إذ إن «الحلاوة» على أنواعها من أشهر أنواع الحلويات في منطقة الشرق الاوسط ودول البلقان وبعض الدول الآسيوية والأوروبية.
وهي عبارة عن خليط من زيت السمسم والسكر والعسل مضافا اليها احيانا الفستق الحلبي وبعض البذور الجافة مثل اللوز والجوز وغيرها. ولا يمكن نسيان الصين التي تزرعه وتستهلك منه كميات كبيرة، وهو جزء لا يتجزأ من المطبخ التقليدي.
ومن الأطباق التي ما زالت تعتمد عليه «ديم سام» (يعني قليلا من القلب) التي تضم عددا من الأطباق الخفيفة التي تقدم صباحا.
ومن هذه الأطباق، طاسات اللحم والسمك والخضار والفاكهة والحلوى. كما يستخدم اهل فيتنام السمسم ايضا في تزيين طبق «بان ران» الذي يحتوي على كرات من الأرز المقلي. أما في كوريا وفي المطبخ الكوري فإن السمسم يستخدم في تطييب اللحم والخضار قبل طبخهما، لذا يستخدمون أوراق النبتة كثيرا.
ويعرف السمسم في المكسيك ايضا وهي من الدول التي تصدره الى الولايات المتحدة منذ فترة. وتستخدم بذوره في صلصلة معروفة جدا وهي صلصة «مولي بوبلانو» او «مولي روخو» (mole rojo) التي تقدم الى جانب لحم ديك الحبش. وعادة ما يتضمن البوبلانو من خلاصة أو مكثف الدجاج والبندورة والبابريكا أو الحار الحلو والكثير الكثير من انواع البهارات والشوكولاته وجوز الهند والزبدة وغيرها.
وعوضا عن استخدام السمسم لإنتاج مستحضرات التجميل على أنواعها، فإن فوائده الصحية لا تعد ولا تحصى كما سبق وذكرنا، وهي كثيرة لما يحتويه على نسبة عالية من «البروتينات والأحماض الدهنية والمركبات الفلافونية المضادة للأكسدة».
وتقول الموسوعة الحرة بهذا الخصوص، ان السمسم غني جدا بالحديد والمغنيزيوم والنحاس والكلس وفيتامينات :«بي» (ثيامين) و«أي».
ولهذا من خواص السمسم محاربة امراض السرطان، والأكسدة ويعتبر من افضل الزيوت التي تستخدم في الطبخ في هذا المضمار.
ومن فوائد زيت السمسم ايضا التخلص من الكوليسترول، وبالتالي منع تصلب الشرايين، وللحصول على اكبر نسبة من الفوائد الصحية ينصح الأطباء بسحق السمسم وطحنه قبل تناوله كما هو الحال في صلصة الطحينة.
ويقول موقع «السمسم» على شبكة الإنترنت المختص بعالم البذرة الغنية، في هذا الإطار ان السمسم يحتوي على سبعة مركبات مخففة للألم، وأنه يخفف القلق ويلين الجهاز الهضمي ويعالج الدوار والصداع والتنفس كما أشارت مؤخرا إحدى الدراسات السويدية.
ومن أهم فوائد السمسم الصحية أيضا، حماية البشرة من أشعة الشمس، ويعزز الذاكرة وينشط الدورة الدموية وتسكين الجفاف في سن الشيخوخة وغيرها من الفوائد الجمة وعلى رأسها زيادة حليب الرضاعة.
وتستخدم أوراق السمسم لحل مشاكل الكلى والمثانة وأحيانا لمعالجة الشعر وجلدة الرأس كما جاء في كتاب الطب النبوي للحافظ ابو عبد الله الذهبي، وكتاب المعتمد في الأدوية المفردة ليوسف بن عمر الغساني التركماني الذي يؤكد على ان السمسم يطيل الشعر ويلينه.