نسبها:
هي صفية بنت حيي بن أخطب، من بني اسرائيل، من ذرية النبي هارون بن عمران، أمها برة بنت سموأل، ولـدت بعد البعثة بثلاثة أعوام، وكانت ذات دين وعقل وجمال فائق، قال عنها أبو عمر "كانت صفية عاقلة حليمة فاضلة".
تزوجت قبل أن تدخل دين الإسلام، من سلام بن أبي الحقيق، وبعده تزوجت من كنانة بن أبي الحقيق، حتى أتم الله سبحانه وتعالى نعمته عليها وتزوجها رسوله الكريم.
زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم:
في بداية السنة السابعة للهجرة، استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لإخراج اليهود بصفة نهائية من أرض الحجاز، فأعد صلى الله عليه وسلم جيشا قوامه ألف وأربعمائة مقاتل، واتجه إلى خيبر حيث كان اليهود يتمركزون .
ووفق الله رسوله الكريم، ففتح حصون خيبر جميعا، حتى وصل إلى حصن يقال له القموص (حصن بني أبي الحُقين) وعندما فتحه، جيء له بسبايا الحصن من النساء، ومن بينهن كانت السيدة صفية وإحدى بنات عمها.
وبينما سيدنا بلال رضى الله عنه يمر بهما على قتلى الحصن، صكت ابنة عم صفية وجهها وصاحت، وأهالت التراب على وجهها، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 أغربوا هذه الشيطانة عني)، أما السيدة صفية فكانت ثابتة الجنان، ولم تبد أي انفعال يدل على الجزع والخوف، فأركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، وغطاها بثوبه فعرف الناس أنه اصطفاها لنفسه.
وعرض عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تكون زوجته، فوافقت، فأعتقها، وجعل عتقها هو مهرها.
رؤيا صالحة:
قبل زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، رأت السيدة صفية في منامها أن الشمس قد نزلت حتى وقعت على صدرها، وعندما روت الحلم لوالدتها، لطمت وجهها وقالت:( إنّك لتمدّين عُنُقك إلى أن تكوني عند مَلِك العرب".
وظل الأثر في وجهها حتى قابلت الرسول الكريم، ولما سألها عنه، أخبرته برؤياها، فكبرت في نفسه، وواسى آلامها وخفّف من مصابها.
مكانتها وصفاتها:
اشتهرت السيدة صفية بالصدق في القول، وشهد لها بذلك نبي الله الكريم، عندما اجتمعت نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي قبض فيه، فقالت صفية 🙁 إني والله لوددت أن الذي بك بي) فغَمَزْت أزواجه بأبصارهن، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 مضمِضْنَ ) أي طهّرن أفواهكنّ من الغيبة، قُلْنَ 🙁 من أي شيء ؟) فقال 🙁 من تغامزكنّ بها، والله إنها لصادقة).
وكانت السيدة صفية طيبة القلب، تعفو عن المسيء، وتتقبل عذر المتعذر، ومن ذلك أن جارية لها ذهبت إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقالت: إن صفية تُحبّ السبت وتصِل اليهود، فبعث إليها عمر فسألها عن ذلك ، فقالت: أمّا السبت فإني لم أحِبّه منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحِماً فأنا أصلها، فلم يجب عمر، ثم قالت للجارية: ما حملك على هذا؟ قالت: الشيطان، فقالت: اذهبي فأنت حرة .
ومن مواقفها الشهيرة، مشاركتها في محنة عثمان بن عفان، عندما تأمر عليه قوم، وأرادوا قتله، قَدِمت على بغلةٍ مع كنانة مولاها لتدافع عن عثمان، ولكن الأشتر النخعي قابلها، وضرب وجْه البغلة، فقالت: (رُدّوني لا يفضحني)، ثم وضعت حسناً -رضي الله عنه- بين منزلها ومنزل عثمان، فكانت تنقل إليه الطعام والماء.
وفاتها:
لقيت السيدة صفية رضي الله عنها ربها، سنة 50 هـ، ومعاوية بن أبي سفيان على رأس الولاية الإسلامية، ودفنت في البقيع.