بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرض والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
الصحابية الجليلة
أروى بنت عبد المطلب
رضي الله عنها
من هي ؟
أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، قرشية هاشمية
عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أخت صفية بنت عبد المطلب
أسلمت بمكة … و هاجرت إلى المدينة
قصة إسلامها :
ذكر أن ابنها ” كليب بن عمير ” أسلم في دار ” الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي “
ثم خرج فدخل على أمه أروى فقال: ” تبعت محمدا و أسلمت لله “
فقالت له : إن أحق من آزرت وعضدت ابن خالك !
و الله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه و دافعنا عنه
فقال: كليب: فما يمنعك يا أمي من أن تسلمي و تتبعيه فقد أسلم أخوك حمزة ؟
فقالت : أنظر ما يصنع أخواتي ، ثم أكون إحداهن
فقال كليب : فإني أسألك بالله إلا أتيتيه فسلمت عليه و صدقتيه
وشهدت أن ” لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله “(1)
فقد كانت رضي الله عنها تعضد النبي صلى الله عليه و سلم قبل إسلامها بلسانها
و تحض ابنها على نصرته و القيام بأمره و لأن الإسلام وقر في القلب فلا خوف و لا وجل
فإن كليب بن عمير عمد إلى ضرب عمه أبي جهل
دفاعا عن النبي صلى الله عليه و سلم و ضد إيذائه للنبي صلى الله عليه و سلم ضربة شجه فأخذوه فأوثقوه
فقام دون أبو لهب حتى خلاه !
فقيل لأروى: ألا ترين ابنك ” كليبا ” قد صير نفسه غرضا دون محمد ؟
فقالت: خير أيامه يوم يدفع عن ابن خاله و قد جاء بالحق من عند الله ،
فقالوا : و لقد اتبعت محمدا ؟ فقالت : نعم
و بعد علم أبو لهب بخبر إسلام أروى بنت عبد المطلب أقبل حتى دخل عليها فقال :
عجبا لك و لإتباعك محمدا و تركك دين عبد المطلب ! فقالت :
قد كان ذلك ، فقم دون ابن أخيك و اعضده و امنعه ، فإن يظهر أمره ، فأنت بالخيار :
أن تدخل معه أو تكون على دينك ، فإن يصب كنت قد أعذرت في ابن أخيك
فقال أبو لهب : و لنا طاقة بالعرب قاطبة … جاء بدين محدث . ثم انصرف !
قالت أروى :
إن كليبا نصر ابن خاله *** واساه في ذي ذمة و ماله
صحابية جليلة و قديرة شاعرة ، آزرت ابنها و شجعته على التمسك بالحق مهما كانت العواقب
و لم تتعنت بل استمعت لابنها و امتثلت أوامره بإتباع محمد صلى الله عليه و سلم
حوار قيم و هادف يراعي احترام الآراء حتى لو كانت من صغير
رثاؤها أبيها و الرسول صلى الله عليه و سلم :
تقول أروى في رثائها لأبيها عبد المطلب :
بكت عيني و حق لها البكاء *** على سمح سجيته الحياء
و رثت النبي صلى الله عليه و سلم:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا *** و كنت بنا برا و لم تك جافيا
توفيت رضي الله عنها و أرضاها سنة 15 للهجرة
(1)
ذكرها أبو جعفر في الصحابة . و أما أبن اسحاق و من وافقه فقد قالوا :
لم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه و سلم غير صفية . و قال غير هؤلاء :
أسلم من عمات النبي صفية و أروى و هو الصواب .