لقد اعتاد بعض الناس الجلوس في بيوت العزاء في أول عيد يمر عليهم بعد وفاة قريبهم , فما حكم الشرع في مثل هذا العمل ؟
لا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وفي اتباع السنة خير عظيم وفي التنكب عنها شر مستطير .
وبعد : لقد سمى الله تعالى الموت مصيبة فقال : { فأصابتكم مصيبة الموت } . [ المائدة : 106 ] .
وهذه المصيبة وقعها على النفس كبير , لذا شرع الإسلام التعزية , وهي التصبير والحمل على الصبر بذكر ما يسلي المصاب ويخفف عنه ويهون عليه .
وقد عزى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته لما قبض ابنها ، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه : إن ابناً لي قبض فأتنا ، فأرسل يقرىء السلام ويقول : ( إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ، ولتحتسب ) . [ أخرجه البخاري (1284)] .
وتكون التعزية مرة واحدة وتكون لجميع أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار ، وسواء كان ذلك قبل الدفن أو بعده إلى ثلاثة أيام إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائباً فلا بأس بالتعزية بعد الثلاث .
لا بأس بالجلوس إلى ثلاثة أيام ولا يزيد عليها كما يرى الحنفية ، أنظر : [ الدر المختار ورد المحتار 3/149 ] ، وذلك استجابة للفطرة البشرية بالحداد ، إذ أن أهل الميت قد جاءهم ما يشغلهم فلا بأس لو عطلوا أعمالهم وقعدوا هذه الأيام , ثم إن الناس تريد تعزيتهم فكيف لهم أن يفعلوا ذلك إن لم يجدوهم في مكان ما يجلسون فيه ، على أن لا يزيد على ثلاثة أيام ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً ) . [ رواه البخاري (1280) ] .
وما يفعله كثير من الناس من فتح بيوت للعزاء سبعة أيام أو في يوم الأربعين أو في الذكرى السنوية فكل هذا حرام مخالف لهدي الإسلام وتشبه بغير المسلمين , لأنها عادات دخيلة بغيضة لا يحل لمسلم فعلها على الإطلاق .
والأدهى من ذلك والأمر أن يفتح بيت للعزاء يوم العيد في أول عيد يمر عليهم بعد وفاة ميتهم ، وهذا فوق أنه بدعة ضلالة ، فيها زيادة على الأيام الثلاثة المباحة للحداد ، وهو تجديد للأحزان ، فاليوم يوم عيد وفرح وسرور فكيف نحوله إلى يوم حزن وبكاء ونواح وأشجان ، ونشغل الناس عما هم فيه من بهجة وفرح وصلة أرحام بأمر يعكر عليهم حياتهم ويجدد لهم أحزانهم . وهذه الأيام أيام أكل وشرب كما قال عليه الصلاة والسلام : ( وأيام التشريق – أيام العيد – أيام أكل وشرب ) . [ أخرجه أحمد (3/460) وإسناده صحيح ] .
بالإضافة إلى كثرة بيوت العزاء ذلك اليوم لأن كل من توفي خلال العام سيفتح أهله بيتاً للعزاء يوم العيد ، وعندها سيتحول المجتمع من حالة البهجة والانبساط إلى الكآبة والحزن ، ويتنقل الناس من بيت عزاء إلى آخر .
فهذا لعمري انحراف عن هدي الإسلام وإحياء للبدع الضالة ، التي يجب أن تمانع وتلاحق ، لأنه لا أصل لها في شرع الله تعالى .
هذا ويجدر التنبيه إلى أهلنا أن لا يشاركوا في هذه الظاهرة وإذا زاروهم أن يقدموا لهم التهنئة .
كما ونتوجه إلى أهلنا الذين فقدوا عزيزاً أن لا يجعلوا من أيام العيد أيام حزن وتضييق ونكد على عيالهم من عدم تقديم الحلوى وصنع الكعك وليس الجديد وغير ذلك من مظاهر الفرح بل عليهم أن يوسعوا على أهلهم في هذا اليوم تطبيقاً للسنة المطهرة .
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء
جزاكي الله كل خير