يعرف كلا منا أنه يوجد لديه خمس حواس فقط أساسية تعرف بـ(الإحساس، الرؤية، الشم، السمع والتذوق)، وكل حاسة من هؤلاء الخمسة مصدرها عضو معين بالجسم، كما لها مركز ينظم عملها يقع في كواليس المخ، فالعين مثلاً هي مصدر الإبصار، وكذلك الأذن هي مصدر السمع، كما أن الأنف هي مصدر الشم… وتعتبر حاسة الشم من أكثر الحواس إثارة للعواطف، وعلى رغم الشوط الكبير الذي حققه العلم على الصعيدين التشريحي والوظيفي، فما زالت حاسة الشم لغزاً في الوسط الطبي.
وبخلاف الحواس الأخرى مثل اللمس والسمع والرؤية، فإن حاسة الشم تجتمع مع حاسة التذوق في كونها تعتمد على التفاعل الكيماوي الذي يسمح بالتعرف إلى المواد الغريبة التي تدخل الجسم وتتفاعل معها. وظلت حاسة الشم بعيدة عن اهتمام العلماء حتى عام 2022، عندما فاز الباحثان (ريتشارد أكسيل) و(لندا باك)، بجائزة نوبل عن أعمالهما عن جهاز الشم، والتي شرحا فيها كيف يقوم المخ في التعرف إلى الرائحة بناء إشارات منفصلة تأتيه مستقبلات حسية تستوطن في الأنف.
وقد اكتشف العلماء أن لحاسة الشم تأثير هضمي، فرائحة التوابل والأطعمة تحرض على إفراز اللعاب وانطلاق مفرزات المعدة وغيرها من العصارات الهضمية. ووجد العلماء أن الذكريات التي تنشطها الروائح قد تكون أقوى وأكثر عاطفية وتفصيلاً وإشراقاً من الذكريات المصاحبة للحواس الأخرى.
وتستخدم حاسة الشم لكشف نقاوة الهواء ونضارة الأطعمة، وفي معامل العطور يتم توظيف شخص مهمته تمييز الدقة في العطور، ولجأ العلامة (ابن سينا) إلى الشم لمعالجة بعض أنواع الصداع الناتج عن بعض الأبخرة والروائح. وإذا كانت حاسة الشم أقل وضوحاً من تفاعل الحواس الأخرى، فإن عبير الرائحة أطول مكوثاً في ذهن الشخص إلى حد كبير مقارنة مع الانطباع الذي تتركه صورة ما، أو لحن موسيقي تم سماعه، فمع مرور الوقت تبقى الذاكرة البصرية أو السمعية. وكثيراً ما يؤدي الفقدان الدائم للشم إلى دخول المصاب في دوامة الكآبة والعزلة، وقد يكون فقدان الشم دليلاً على الإصابة بمرض خطير مثل (الزهايمر)، أو أحد السرطانات، أو سوء في التغذية، أو مرض نفسي معين. وفسر علماء الأعصاب الأمر بأن حاسة الشم تؤثر في مناطق دماغية مثل، القشرة الشمية، المسؤولة عن معالجة الروائح، مشيرين إلى أن هذه الاكتشافات تساعد الأشخاص على تذكر ماضيهم، ومعالجة الأمراض والاضطرابات المرتبطة بالنسيان والذاكرة. والاضطراب الأكثر شيوعاً على صعيد الأنف هو ضعف حاسة الشم الذي يصفه المريض على شكل عدم القدرة على تمييز الروائح، ويكون هذا الضعف عابراً في بعض الإصابات مثل نزلات البرد التي تسبب احتقاناً وتورماً في الغشاء المخاطي المبطن للأنف الأمر الذي يعرقل مرور الجزيئات التي تعمل على تحريض مستقبلات الشم.
– أسباب متنوعة تقود إلى اضطرابات حاسة الشم:
الالتهابات الميكروبية للمجاري التنفسية العلوية. الاضطرابات الهرمونية عند النساء. الزوائد والأورام في منطقة الشم في الأنف. مرض انفصام الشخصية. داء باركنسون (الشلل الرعاش). التسمم بالمواد الكيماوية والملوثات البيئية. بعض أنواع العقاقير. المعالجة الكيماوية للأورام الخبيثة. أورام الرقبة والرأس. التدخين المزمن. أسباب وراثية. يذكر أن قوة حاسة الشم عند الحيوان هي أكبر بـ20 إلى 50 مرة من نظيرتها عند الإنسان.
حاسة الشم في معدة الإنسان:
كشفت دراسة ألمانية أن الخلايا الخاصة بحاسة الشم لا توجد فقط في أنف الإنسان، وإنما توجد أيضاً في أغشية المعدة والأمعاء، حيث يوجد بهما أربع حواس مختلفة لشم المواد العطرية، مثل الزعتر والقرنفل وجوز الطيب. وأظهرت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة لودفيج ماكسميليان وجامعة ميونيخ الألمانية، أن أغشية الأمعاء الخاصة بكل من الفئران والإنسان، يوجد بها أربع حواس مختلفة للشم، مؤكدين أن المواد العطرية تستحث خلايا أغشية المعدة والأمعاء على إفراز مادة (السيروتونين) التي تؤثر على القدرة على الهضم، كما تؤدي إلى حركة الأمعاء وإفراز عصارتها،
وقياساً على ذلك فإن المواد العطرية، قد تتسبب في الإصابة بالامساك أو الإسهال أو النزلات المعوية. وأوضح الباحثون أن وجود الروائح العطرية في كل مكان في جسم الإنسان يحمله أكثر من طاقته، حيث أن مواد مثل زيت (يوجينول) الطيار وعبير القرنفل والمواد العطرية الأخرى لا توجد فقط في التوابل الطبيعية، وإنما توجد أيضاً في معظم مواد التجميل والعطور والسجائر ومواد التنظيف،
موضحين أن العالم الآن مشبع تقريباً بمثل هذه المواد مما يسبب الإصابة بالحساسية، علاوة على أن لها تأثير ضار على وظائف الحيوانات المنوية، كما أن هذه المواد العطرية تؤثر أيضاً على عملية الهضم. وفي نفس الصدد، اكتشف باحثون كنديون أن الروائح المنبعثة من الورود وأزهار اللوز، قد تساعد في تنشيط حاسة الشم وتخفيف الألم، وتحسين المزاج الأمر الذي يساعد في عملية الشفاء والتعافي من المرض خصوصاً عند السيدات. ولفت الخبراء إلى أن السيدات بشكل عام، أكثر حساسية للروائح من الرجال، ولكن هذا لا يفسر سبب شعور السيدات بألم أقل بسبب الروائح العطرة.
– الكل يمتلك الحاسة السادسة:
أثبتت التجارب أن الكل يمتلك الحاسة السادسة العباقرة، والبسطاء الكبار والصغار الإنسان العادي والفنان والكاتب. حتى أن الكثير من الناس يعتقدون أن السر وراء عبقرية العديد من المشاهير مثل فرويد وآينشتاين ونيوتن وبيل جيتس، وغيرهم من العباقرة الذين حفروا أسماءهم بحروف من نور في التاريخ هو امتلاكهم للحاسة السادسة.
لاشكّ أن الإنسان كلما اقترب من الفطرة وكلما كان تلقائياً بسيطاً ومرتبطاً بالطبيعة كلما زادت الحاسة السادسة لديه لأنه قد يعتمد عليها في أمور حياتية كثيرة، فقبائل أفريقيا تستطيع عن طريق هذه الحاسة توقع التقلبات الجوية أو معرفة أماكن المياه في الأرض وبعض مظاهر تقلبات الطبيعة الأخرى. كذلك تزيد لديها الحاسة السادسة عن الرجل وقد يعود هذا إلى إحساس الدائم بعدم الأمان والقلق من جانب الرجل ولذا فهي تستخدم التوقعات والهواجس لمعرفة المستقبل الغامض لكي لا تفاجأ أو تصدم في أمور حياتها، فهي سريعة لقراءة واستنباط الاسرار والحركات.
مــشــكــوورة
يــالــغــلا
روعــــه