التصنيفات
منوعات

عنوان الخطبة:خطورة الفتن إقبالاً وإدبارًا.

اسم المسجد:المسجد النبوي.
اسم الخطيب: فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم.
عنوان الخطبة:خطورة الفتن إقبالاً وإدبارًا.
تاريخ الخطبة:25- 3-2011م.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله – عباد الله – حق التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.
أيها المسلمون:
لقد منَّ الله على عباده بدينٍ متينٍ يُخاطِبُ العقلَ والقلبَ، ويُؤصِّلُ القواعدَ والأحكام، شاملٌ للكليات والجزئيات، والاعتقادات والعبادات، والسلوك والآداب، وقرَّر أصول التعامل مع البسطاء والعُظماء، وأهل البطالة والأثرياء، والفقراء والأغنياء، قال – جل شأنُه -: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام: 38).
ولكماله شَرَقَ الأعداءُ بتمسُّك أهل الإسلام به، قال – سبحانه -: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}(البقرة: 109)، فيسعون إلى إقصاء أهله عنه: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(الصف: 8).
ومن أعظم مداخل أهل الباطل على المسلمين: زعزعةُ الأمن في بلدانهم، فإذا فقدوه انقطَعَت السُّبُل، وتفرَّقَت الكلمةُ وحلَّ الفقر وانتشرت الأسقام، وسُلِبَت الأموال والممتلكات، وهُتِكَت الأعراضُ وسُفِكَت الدماء، فيعمُّ الجهلُ والخوفُ وينشغِلُ الناسُ عن دينهم، ويظهر أهل الريبِ والشك وأربابُ البغيِ والإفساد.
وكلما ابتعد الناسُ عن زمنِ النبوة ظهرت الفتنُ والمِحَن، قال – عليه الصلاة والسلام -: "إن بين أيديكم فتنًا كقِطَع الليل المُظلِم، يُصبِحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسِي كافرًا، ويُمسِي مؤمنًا ويُصبِحُ كافرًا"؛ رواه أحمد.
والثباتُ في المُدلهِمَّات الحوادث والأزمان عزيز، ولا تظهر فتنةٌ إلا ويسقطُ فيها رجال، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}(الحج: 11).
وقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أمتَه بالتعوُّذ من الفتن قبل ظهورها وعند نزولها، فقال: "تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بَطَن"؛ رواه مسلم.
ومن دوائها: عدمُ الخوض فيها وتركُ الأمر لأهله من الولاة والعلماء لعرضِها على الكتاب والسنة، قال – جل شأنه -: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(النساء: 83).
والفتنةُ إذا أقبلَت عرفَها العلماءُ، فإذا أدبَرَت عرفَها العامةُ ولكن بعد الفوات، والعلماءُ هم ورثةُ الأنبياء، ولا غِنَى للحاكم والمحكوم عنهم في السرَّاء والضرَّاء، والشدة والرخاء، فالله أمر بسؤالهم في جميع الأحوال، فقال – سبحانه -: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(النحل: 43).
وهم – بأمر الله – أمانٌ للمجتع من الفوضى والتطاوُل على الحاكم، وهم الناصِحون لوليِّ الأمر المُذكِّرون له بما يُرضِي الله، قال سهلُ بن عبد الله: "لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما عظَّموا السلطانَ والعلماء، فإن عظَّموا هذيْن أصلحَ الله دنياهم وأخراهم".
ومن أُس هذا الدين: النصيحةُ لكل فردٍ وإن علا، قال – صلى الله عليه وسلم -: "الدينُ النصيحة"، قلنا: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم"؛ رواه مسلم.
وقد سلك السلفُ الصالحُ لسبيلَ الأقومَ في النُّصح للحاكم على ما جاء به الكتابُ والسنة من غير تشهيرٍ به ولا تنقُّص، قال ابن القيِّم – رحمه الله -: "مخاطبةُ الرؤساء بالقول الليِّن أمرٌ مطلوبٌ شرعًا وعقلاً وعُرفًا، ولذلك تجِد الناس كالمفطورين عليه، وهكذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يُخاطِبُ رؤساء العشائر والقبائل".
وإذا اجتمعت القلوب على الحق والنُّصح قوِيَت في العبادة وحسُنَت بينهم المُعاملة، وحفِظَ الله المجتمعَ من الشرور، وكانت يدُ الله معهم، قال – عليه الصلاة والسلام -: "يدُ الله مع الجماعة"؛ رواه الترمذي.
ومن أوائل أعمال النبي – صلى الله عليه وسلم – حين قدِم المدينة: مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، وتوحيد صفِّه لتقوَى شوكةُ المسلمين ويعيش الجميعُ في أمنٍ واستقرار.
ومن تعظيم الإسلام للجماعة: أنه أمر بقتل من أراد تفريقها، قال – عليه الصلاة والسلام -: "إنه ستكون هنَّاتٌ وهنَّاتٌ – أي: فتن ومِحَن -؛ فمن أراد أن يُفرِّق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنًا من كان"؛ رواه مسلم.
ولا دينَ إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمعٍ وطاعة، قال الإمام أحمد: "إذا لم يكن إمامٌ يقوم بأمر الناس فهي الفتنة".
وقد أدرك الصحابةُ – رضي الله عنهم – ذلك، فلما تُوفِّي النبي – صلى الله عليه وسلم – سجَّاه الصحابة – أي: غطَّوه -، ثم ذهبوا إلى سقيفة بني ساعِدة لاختيار خليفةٍ له، ولما بايَعُوا أبا بكرٍ – رضي الله عنه – عادُوا إلى تجهيز النبي – صلى الله عليه وسلم – من غَسْله وتكفينه ودفنِه، فقدَّموا اختيار الخليفة على دفنه – صلى الله عليه وسلم – لعلمهم للحاجة أن المجتمع لا يصلُح – ولو ساعةً – بلا والي.
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: "لا بدَّ للناس من إمارةٍ برَّةٍ كانت أو فاجرة"، قيل له: هذه البَرَّة قد عرفناها، فما بالُ الفاجرة؟ قال: "يُؤمَّنُ بها السبيلُ، ويُقامُ بها الحُدود، ويُجاهَدُ بها العدو، ويُقسَمُ بها الفَيْءُ".
ومن مُعتقَد أهل السنة والجماعة: طاعةُ وليِّ الأمر بالمعروف وإن كان ظالمًا، قال – عليه الصلاة والسلام -: "تسمعُ وتُطيعُ للأمير وإن ضربَ ظهرَك وأخذ مالَكَ، فاسمَع وأطِع"؛ رواه مسلم.
قال الإمام الطحاوي – رحمه الله -: "ونرى طاعتَهم من طاعة الله – عز وجل – فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمُعافاة".
ومن رأى من واليه تقصيرًا أو ظلمًا فهو مأمورٌ بالصبر على بغيِه منهيٌّ عن معصيته والخروج عليه، قال – عليه الصلاة والسلام -: "من كرِهَ من أميره شيئًا فليصبِر عليه، فإنه ليس أحدٌ من الناس خرجَ من السلطان شبرًا فمات عليه إلا مات ميتةً جاهلية"- أي: كأنه لم يُدرِك الإسلام -؛ رواه مسلم.
وعلى هذا النهج العظيم سار سلفُ هذه الأمة، فكان كِبارُ الصحابة وكِبارُ التابعين؛ كابن عمر، وابن سيرين، وابن المُسيَّب يُصلُّون خلف الحَجَّاج مع عظيم ظلمه، وكثرة قلته وبطشِه، ويدعون له، قال الحسن البصري – رحمه الله -: "إن الحَجَّاج عذابُ الله، فلا تدفعوا عذابَ الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستِكانة والتضرُّع".
والإسلامُ جاء بدرءِ كل مفسدةٍ عن الأفراد والشعوب ليبقى الجميعُ يدًا واحدةً مُتلاحِمة مُطمئنةً، نابذين كل فُرقةٍ واختلاف، قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: "وما تكرهون في الجماعة خيرٌ مما تُحبُّون في الفُرقة".
وأخذ بهذه القاعدة علماءُ أهل السنة والجماعة، فاجتنَبوا الشذوذ والخلافَ والفُرقة، ونهوا عن كل وسيلةٍ تدعو إلى مُنابَذَة السلطان أو الخروج عليه.
والصحابةُ – رضي الله عنهم – أجمعوا على تحريم هذا، وذلك حين حُدوث أول خروجٍ على الإمام في الإسلام، لما قدِمَ نفرٌ من أهل مصر والبصرة والكوفة ونزلوا على مشارِفِ المدينة لحِصار عثمان بن عفان في داره، طالبين عزلَ نفسه من الخلافة أو قتلَه.
قال ابن كثير – رحمه الله -: "فكل الناس أبَى دخولهم – أي: إلى المدينة – ونهى عنه".
فكا تظاهُر سواءٌ كان بسلاحٍ أو خلا من سلاح فهو محرمٌ في ديننا، قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: "أهلُ العلم والدين والفضل لا يُرخِّصون لأحدٍ فيما نهى الله عنه من معصية وُلاة الأمور وغشِّهم والخروج عليهم بوجهٍ من الوجوه، كما قد عُرِف من عادات أهل السنة والدين قديمًا وحديثًا".
وأجمع العلماء على تحريم الخروج عليهم وإن بدَر منهم ظلمٌ أو قُصور، قال النوي – رحمه الله -: "الخروج عليهم وقتالُهم حرامٌ بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقةً ظالمين".
ولم يخرج أحدٌ على إمامه إلا ندِم وكانت مفسدةُ خروجه أعظمَ من الصبر عليه، قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: "أهل السنة يأمرون بالصبر على جَور الأئمة وترك قتالهم؛ لأن الفساد الناشئ من القتال في الفتنة أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر، وقلَّ من خرج على إمامٍ ذي سلطانٍ إلا كان ما تولَّد على فعله من الشر أعظمَ مما تولَّد من الخير".
وحدثَ من الخليفة المأمون أمورٌ في الدين جِسام، كان في صفات الله – عز وجل – والقول بخلق القرآن، وعذَّب من أنكر ما دعا إليه، فسجَنَ وجلَدَ إمامَ أهل السنة أحمد بن حنبل – رحمه الله -، ولم يأمر أحمدُ بن حنبل ولا كِبار أهل العلم في عصره؛ كإسحاق بن راهويه ومحمد بن نوحٍ ولا غيرهم بالخروج عليه.
وفي حشد الناس والتنادي بجمعهم والتكالُب ضد إمامهم شتاتٌ لشمل الأمة وتفريقٌ لكلمتها، وإثارةٌ للفتن والفساد، ويُوقِعُها في خُنوعٍ وكروبٍ، وجوعٍ وحروب، ونهبٍ وسفك دماء، وتحقيقٍ لمآربِ الأعداء، ومن يتحمَّل إثمَ سفك الدماء وقتل الذَّراري وترمُّل النساء وهتك الأعراض وسلب الأموال ونهب الخيرات؟!
قال الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله -: "والاجتماعُ الذي فيه نقصٌ كبير خيرٌ من الافتراق الذي يُظنُّ فيه خيرٌ كثير".
والقتالُ وسفكُ الدماء بين الأمة هو ما خشِيَه النبي – صلى الله عليه وسلم – عليها، فقال: "لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضربُ بعضُكم رِقابَ بعض"؛ متفق عليه.
فكلُّ تظاهر على الحاكم فهو محرمٌ وإن أذِنَت به أنظمةٌ وضعية، لمُخالفتها لما جاء به الإسلام، قال ابن القيم – رحمه الله -: "وما يحصُل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعافُ أضعاف ما هم عليه".
ولما كانت هذه البلاد – بحمد الله – مُحكِّمةً لشرع الله، مُستنيرةً بآراء العلماء؛ عمَّ في أرجائها – بفضل الله – الأمنُ والرخاء، وخابَت فيها ظنون الأعداء، وتلاحَمَت فيها يدُ المحكوم مع الحاكم.
أيها المسلمون:
دينُ الإسلام دينُ اعتدالٍ وأمان، مُوافقٌ للفِطَر والعقول، قال – سبحانه -: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}(الروم: 30).
ولا ينفع للشعوب سوى الإسلام؛ فبه الأمان والسكينة، وهو وقايةٌ من الفُرقة والاختلاف، قال – عز وجل -: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}(الأنعام: 82).
وإذا سلَكت الشعوب منهجَ أهل السنة والجماعة في مُعتقداتها مع خالقها، ومعاملاتها مع الخلق؛ اطمأنَّ الراعي والرعيَّة، فلا خروج ولا فوضى ولا اضطراب، وإذا ابتعدَ الناسُ عن الدين دخلت الأهواء في النفوس، واختلفَت الآراء، فتفرَّقت الكلمةُ وعمَّ البلاء.
وفي زمن الفتن يتأكَّدُ العلمُ الشرعي وغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة والشباب والكهول، لتكون درعًا حصينًا في وجه شُبَه أهل الباطل وشهوات الأعداء.
وما يُديم نعمةَ الأمن والرخاء في الشعوب: الإكثارُ من أنواع الطاعات، وأحبُّ عبادةٍ إلى الله: إفرادُه بالعبادة ونبذُ الإشراك به؛ من الاستغاثة بالأموات ودعائهم، والطواف على الأضرحة والقبور، ومُجانبة أنواع المعاصي، قال – سبحانه -: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}(النور: 55).
والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر من أُس إصلاح المجتمع، وترسيخ هيبة السلطان في رعيَّته.
ومما يُنزِلُ السكينة على الشعوب ويجعلها تنبُذُ الفوضى والاضطراب: إكثارُ الجميع من تلاوة كتاب الله العظيم، ونشرُ ذلك في المساجد ودُور العلم في المُدن والقرى للصغار والكِبار؛ فهو كتابٌ مُبارَك ينشر الخيرَ ويمنع الشر، ويُطمئِنُ النفوس، قال – سبحانه -: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد: 28).
وسعادةُ الجميع في التمسُّك بالدين وتحكيم الشرع، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء: 59).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أيها المسلمون:
الكلمةُ أمانةٌ يُسال عنها العبدُ يوم القيامة، وأكثرُ ما يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم حصائدُ ألسنتهم، والصدق في الحديث ونقله من سِيما العقلاء، والإسلام أمر ألا يتحدَّث المرءُ إلا بما فيه نفعٌ أو يصمُت، قال – عليه الصلاة والسلام -: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمُت"؛ متفق عليه.
ومن صفات مرضى القلوب: الإرجافُ والكذب في نقل الأحداث، أو تحريفها أو المبالغة فيها بغيًا وإفسادًا، قال – جل شأنه -: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}(النساء: 83).
وقد أمر الله بالتثبُّت في أخبار الفُسَّاق والمجاهيل، فقال – سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات: 6).
والمرءُ منهيٌّ أن يتحدَّث بكل ما يسمع، قال – عليه الصلاة والسلام -: "كفى بالمرء كذِبًا أن يُحدِّث بكل ما سمِع"؛ رواه مسلم.
وعلى المسلم ألا يكون أُذنًا لغيره؛ بل يكون حصيفًا لا يُخدَعُ بأقوال الماكرين ودعوة المُفسدين، وأن يحفظ دينَه ومُعتقَده من سموم الكائدين.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا}(الأحزاب: 56).
اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم في كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم رُدَّهم إليك ردًّا جميلاً، اللهم فقِّههم في الدين، وبصِّرهم بالأحكام يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا رب العالمين.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(البقرة: 201).
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(الأعراف: 23).
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(النحل: 90).
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



بارك الله فيك



شكرلك



خليجية



التصنيفات
منتدى اسلامي

من أقوال ابن تيمية في الفتن

من أقوال ابن تيمية في الفتن

1- والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء .

2- وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله .

3- ذلك أن الفتن إنما يُعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت . فأما إذا

أقبلت فإنها تُزَيّن , ويُظن أن فيها خيراً .

4- والفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء نارها .

5- ومن هنا تنشأ الفتن بين الناس , قال الله تعالى ( وقاتلوهم

حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) فإذا لم يكن الدين

كله لله كانت فتنة .

6- من عرف الشبهة ولم يعرف فسادها قد يستضر بها .




جزاك الله خيرا



موضوع رائع و مميز جزاك الله الف خير



التصنيفات
منوعات

محطات السلامة في طريق الفتن

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كم مضى من مسيرة حياتك على ظهر هذه الدنيا؟!
عشرون؟! أم ثلاثون؟! أم أربعون؟! أم خمسون عاماً؟! أم يزيد!!
ليبق السؤال : هل استطعت خلال هذه الفترة الزمنية من عمرك، التمييز بين المواطن التي تزيد في إيمانك، والمواطن التي تنقصُ منه؟!
لا شك بأن الكثير منا قد مر بالعديد من مواطن ضعف الإيمان وزيادته، ولكن الفارق الكبير بين الغافل منًّا والمتيقظ، أن الغافل لم يتخذها كعلامات إرشاد في
طريق مسيرته!! بحيث يتعهد نفسه بالتزود من مواطن الخير، والابتعاد تماماً عن مواطن السوء، التي ذاق بسببها مرارة الوقوع في المعصية؛ وبالتالي تكرر وقوعه في تلك المواطن على اختلاف أنواعها؛ لأنه لم يكسب نفسه الحصانة اللازمة منها بيقظة قلبه ومراقبته لله عز وجل!!
أما المتيقظ . . فقد أصبحت لديه المناعة اللازمة؛بقدر مخافته من مجرد الاقتراب من علامات السوء؛ خوفاً من سقطة الضياع في نار جهنم يوم القيامة . .
(هذا حجر أُلقي في جهنم منذ سبعين عاماً!! والآن وصل إلى قعرها)!!
ودعونا نحاول جاهدين استدراك ما فاتنا من خبرة أهل اليقظة في تحديد معالم
محطات السلامة في طرق (فتن هذه الحياة)!! حيث يحدونا في إمكانية استدراكها، أمل كبير في سعة رحمة الله رب العالمين، الذي يقبل توبة التائبين، ويعفو عن وزر المقصرين الغافلين من أمثالنا!!
وحتى تظهر أمام أعيننا تلك المعالم بكل وضوح وجلاء؛ دعونا نحصر المخاطر التي تحيط بالعبد اثناء مسيرته على ظهر هذه الحياة في نوعين اثنين لا ثالث لهما، وهما:
الشهوة . . والشبهة!!
فالشهوة أنواع منها :
شهوة الجنس أوالمال أوالجاه أوالسلطان أوالحرص أوالطمع أوالمأكل أوالمشرب.
وسوف نركز حديثنا عن أكثر تلك الشهوات شيوعاً في عموم خطرها على الخلق، لاسيما بعدما استعرت آلاف الفضائيات، ومواقع الانحطاط الأخلاقي، تمعن الإفساد في المجتمعات، وتدمر قيمها ومبادئها، من خلال تلك الشهوة، ألا وهي شهوة (الجنس)!! وهذا لا يعني مطلقاً إغفال خطر بقية الشهوات، وإنما لكونها الأكثر شيوعاً في عموم الخطر كما أسلفنا!!
وحتى يكون حديثنا موضوعياً، يجب علينا العلم بأن هذه الشهوة مبدؤها النظر!! سواءً بالنظر المباشر إلى ما في المرافق والطرقات من مشاهد مثيرة، أو إلى ما يعرضه التلفاز من أفلام أو برامج أو مسلسلات، أو ما قد يستدرج الشيطان العبد إلى النظر إليه من المواقع الإباحية، وما فيها من موبقات وفتن!!
والنظر بالنظر يحرق الأثر!!
فإذا وقع نظر العبد بالمعصية على ما يثيره؛ فعليه استدراك نفسه بالتوبة من ذلك بالنظر إلى إحدى محطات السلامة التالية :
المحطة الأولى (القبر) :
وما فيه من بقايا أجساد تعفنت وتآكلت، بعدما كان أصحابها يتباهون يوماً بما لديهم من الجمال والزينة!! إلا أن تلك الأجساد استحالت رماداً يذروه الرياح!! وقد خلَّفت ظلمة القبر بين جنباتها (حسرة المدفون وعجزه عن الرجوع إلى الدنيا؛ كي يستغفر أو يتوب)!!
لذا؛ فإن صمت المقابر وكآبة ظلماتها كفيل بأن يلقي في روع الناظر فيها، والمتأمل في حدة شفرتها الفاصلة بين الدنيا والآخرة مشاعر مريعة!! تتناثر مع هول فزعها كافة مؤثرات تلك الشهوة مهما بلغت قوتها، لأن ما يدب في أعماق النفس من أهوال ما بعد الموت؛ لا تصمد أمامه مغريات الدنيا بأسرها!!
فاحرق آثار الشهوة الناتجة عن نظرة السوء؛ بالنظر في أعماق بيتك الموعود، عساك أن تعمره بالطاعة فتضيء لك جنباته، وإياك والغفلة عنه، فلا ترحمك ظلماته!!
المحطة الثانية (التأمل) :

فالمتأمل في هذه الشهوة من كافة جوانبها، يجد أنها لا تعدو كونها مجرد غبار يثيره إبليس؛ ليسيطر به على عقل العبد ومشاعره؛ لكي يتوهم في تلك الشهوة نيل سعادته، ومنتهى آماله ورغباته!! وعليه فما سيقع قبلها من آثام، وما سيترتب عليها من عواقب وخيمة؛ يهون في سبيل الحصول عليها والتلذذ بها!!
ولو أمعن النظر ملياً؛ لأذهب عن نفسه الأوهام!!
فهذه الشهوة عمرها لحظات!! ومحلها مخرج الأخبثين!! وعاقبتها مقت الله وسخطه، وزوال النعم عن العبد!! هذا إن لم تصحبها الفضيحة المدوية لدى الخلق!! وأثرها في أعماق النفس شعوراً قاتلاً بالدنية والانحطاط!!
ألا رب شهوة ساعةٍ أورثت ذلاً طويلاً!!
فاصرف عن نفسك الأوهام بالتأمل في أعماقها، وإياك والاغترار بمجرد غبارها!!
المحطة الثالثة (الصحبة الصالحة) :

فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، وصحبة الأخيار بها من أبواب الخير ما قد يستنفد طاقة العبد كلها في فعل الخيرات وترك المنكرات، حيث يهيئ الله له بهذه الصحبة البيئة الملائمة لحفظه من الفتن، وانشغاله بالعديد من فعاليات وأعمال الخير، ما قد يضعف في نفسه نوازغ الشر، ويقوي نوازع الخير بإذن الله.
فالمرء ضعيف بنفسه . . قويٌ بإخوانه!!
المحطة الرابعة (السحر) :

حيث خلوة العبد بربه!! وصدق اللجوء إليه؛ وطلب العون منه سبحانه لصرف رياح الشهوات عن النفس!! بعد إظهار ما النفس من الضعف والخور، فيسلم أمره لصاحب الأمر؛ مستنصراً به في مواجهة فتن الحياة!! فتحفر تنهيدات قلبه أخاديد مجرى الدموع في مواضع السجدات، لتؤصِّل في القلب لا إرادياً حب الله، والرغبة فيما عنده من حسن العاقبة، والزهد في كل ما يباعده عن رحابه سبحانه.
فاجعل من تلك المحطة لقلبك زاداً في الليل؛ لمواجهة فتن الليل والنهار!!
المحطة الخامسة (خبيئة الخير) :
وهي المفتاح السعادة الخفي لحفظ العبد من مضلات الفتن، فكلما كان للعبد خبيئة من الخير يداوم على القيام بها بينه وبين الله تعالى، ولو كانت يسيرة، كلَّما قيض الله له من أسباب الحفظ والمنعة من فتن الحياة جنوداً لا يعلمها إلا الله!!
فاحرص على خبيئة الخير تسلم من مضلات الفتن، ويكون بينك وبين الله حال!!
وختاماً . . هذه بعض
محطات السلامة في طريق فتن الحياة، فاحرص على الاغتنام منها ما استطعت، فقطار العمر يمضي، ومهلة الأيام قصيرة، والموعد الله، والمآل إما إلى جنة وإما إلى نار!!
فنسأل الله بمنه ورحمته أن يجعلنا جميعاً من أهل الجنة، وألا يرد أحدٌ منا أبداً على عذاب النار ولو لبرهة واحدة. إنه ولي ذلك والقادر عليه.




بارك الله فيكي



التصنيفات
منوعات

ملخص كتاب/العقيدة الإسلامية في مواجهة الفتن

خليجية

ملخص كتاب
العقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة
د. سليمان العيد

مَعْنى الفتنة:
الْفتْنةُ في اللّغة: الاختبار والامتحان، وفي الجمع الفُتان، وفي الفرد الفَتان؛ قال الله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]، والفَاتنُ: المضلّ عن الحق، والفتنةُ في المال والأولاد والكفر واختلاف الناس والقتل، ومنه قولُه سبحانَه: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، والحرق، ومنه قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: 10]، ويجمعه كله قول النبي – عليه السلام -: ((إنّي أرى الفتنة من خلال بيوتكم)).
الفتنة شرعًا:ما يُبتلى به الإنسانُ في هذه الحياة من المال والنساء والمنصب والجاه ونحو ذلك، مما يكون سببًا في بُعده عن الله في الدار والآخرة.

خَطَرُ الفتنَة:

قد بيَّن النبي – عليه الصلاة والسلام – الفتنَ وحذَّرَ منها، وبيَّن لنا أسبابَ النجاة منها في أحاديثَ كثيرةٍ:
عن ابن عباس قال: كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يُعَلِّمنا هذا الدعاء كما يعلمنا السورة من القرآن: ((أعوذ بك من عذاب جهنَّم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من فتنة القبر)).

فقرن التعوُّذ من الفتنة بالتعوُّذ من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المسيح الدجال، الذي قال عنه الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناسُ، إنه لم تكُن فتنةٌ في الأرض مُنذُ ذرأ اللهُ الذرية أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لَمْ يبعث نبيًّا بعد نُوحٍ إلا حذرهُ أُمتهُ، وأنا آخرُ الأنبياء، وأنتُم آخرُ الأُمم، وهُو خارجٌ فيكُم لا محالة، فإن يخرُج وأنا بين أظهُركُم فأنا حجيجُ كُل مُسلمٍ، وإن يخرُج بعدي فكُل امرئٍ حجيجُ نفسه، واللهُ خليفتي على كُل مُسلمٍ)).

عن أمِّ سلَمة – رضي الله عنها -: أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – استيقظ ليلة فقال: ((سبحان الله! ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)).

وكما جاء التحذيرُ من الرسول الله – صلى الله عليه السلام – فقد كان السلفُ – رحمهم الله – يخشَون خطرَ الفتنة، ويحذِّرُ بعضهم بعضًا؛ قال أبو الدرداء – رضي الله عنه -: "حبذا موتًا على الإسلام قبل الفتَن"، قال معاذ: "إنها ستكون فتنةٌ يكثر منها المالُ، ويفتح فيها القرآنُ حتى يقرؤه المؤمنُ والمنافقُ، والمرأةُ والرجلُ، والصغيرُ والكبيرُ، حتى يقولَ الرجل: قد قرأت القرآن فما أرى الناس يتبعوني، أفَلا أقرؤه عليهم علانيةً؟ فيقرؤه علانيةً، فلا يتبعه أحدٌ، فيقولُ: قد قرأتُه علانيةً فلا أراهُم يتبعوني، فيبني مسجدًا في داره – أو قال: في بيته – ويبتدع قولاً – أو قال: حديثًا ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإياكم وما ابتدع، فإنما ابتدع ضلالة.

قال القنوجي: والإمساك في الفتنة سنةٌ ماضيةٌ واجبٌ لزومها، فإن ابتليت فقدّم نفسكَ دون دينك، ولا تعن على الفتنة بيد ولا لسانٍ، ولكن اكْفف يدكَ ولسانكَ وهواكَ.

السَّلامَةُ من الفتَن:

إنَّ طرق السلامة من الفتن واجبة على المسلم أن يتبعها، ونسرد القولَ فيها بسبعة أمورٍ:
الأمْرُ الأوَّل:

لزومُ جماعة المسلمينَ وإمامهم:
قال النبي – عليه السلام – لحذيفة لما سأله عن الفتن: ((تلْزَمُ جماعةَ المسلمينَ وإمامهم))، قال: فإنْ لم يكنْ لهُمْ جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قال: ((فاعْتَزلْ تلك الفرَقَ كُلَّها، ولو أن تَعَضَّ على أصْل شجرة، حتى يُدْركَكَ الموتُ وأنتَ على ذلك)).

الأمْرُ الثّاني:

تعلُّم العلم وتعليمه والعمل به:

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((تعلموا العلم، وعلموه الناس، وتعلموا القرآن وعلموه الناس… وإن العلم سيقبض وتظهر الفتَن حتى يختلفَ الاثنان في الفريضة، لا يجدان أحدًا يفصل بينهما)).

الأمر الثالث:

التمسُّك بهدي من ماتَ من السلف الصالح:
قال ابن مسعود: "مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ؛ فإنَّ الحي لا تُؤمَنُ عليه الفتْنَةُ، أولئك أصحابُ محمد – صلى الله عليه وسلم – كانوا أفضلَ هذه الأمة: أبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا اختارهم الله لصحبة نبيِّه ولإقامة دِينه، فاعرفوا لهم فضلَهم، واتبعُوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم مِنْ أخلاقهم وسيَرهم، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم".

الأمْرُ الرّابع:

طاعة السلطان وعدم الخروج.

الأمْرُ الخَامس:

عدم المشاركة في الفتنة إذا وقعت:

قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((فلا تثيروا الفتنة إذا حميتْ، ولا تعرضوا لها إذا عرضتْ، إن الفتنة راتعة في بلاد الله، تطأ في خطامها، لا يحل لأحدٍ من البرية أن يوقظها حتى يأذن الله تعالى لها، الويلُ لمن أخذ بخطامها، ثم الويل له)).الأمْرُ السَّادس:

عدمُ بيع السلاح وقتَ الفتنة:
عن أبي بكرة قال: أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قوم يتعاطون سيفًا مسلولاً، فقال: ((لعن الله مَن فعل هذا، أوليس قد نهيت عن هذا؟))، ثم قال: ((إذا سلَّ أحدكم سيفه فنظر إليه، فأراد أن يناوله أخاه؛ فليغمده ثُم يناوله إياه)).

الأمْرُ السَّابع:

التمسُّك بكتاب الله وسنَّة نبيه – صلى الله عليه وسلم -:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)).
العقيدة الإسلامية

تعريف العقيدة في اللغة:
من العقد، وهو الربط بشدَّة وقوَّة، وما عقد عليه الإنسان قلبَه جازمًا فهو عقيدة، وسمِّي عقيدةً؛ لأن الإنسانَ يعقد عليه قلبه.
اصطلاحًا: الإيمان الجازم بالله تعالى، وما يجب له من ألوهيته وربوبيته، وأسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدَر خيره وشره، وبكل ما جاءتْ به النُّصوص الصحيحة وإجماع السلَف.

مزايا عقيدة أهل السنة والجماعة:
1- سلامة الصدر: قال ابن عبدالبر: ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصًا في كتاب الله، أو صحَّ عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو أجمعتْ عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه. اهـ.
وهذه الخاصية لا توجد في الطوائف والمِلَل الأخرى الذين يعتمون على العقل والرأي.
2- تقوم على التسليم لله تعالى ولرسوله – صلى الله عليه وسلم.
3- موافقتها للفطرة القويمة والعقل السليم.
4- اتِّصال سندها بالرسول – عليه الصلاة والسلام – والصحابة والتابعين وأئمة الهدى، قولاً وعلمًا، وعملاً واعتقادًا.
5- الوضوح والبيان.
6- سلامتها من الاضطراب والتناقض.
7- سببٌ للظهور والنَّصْر والفلاح في الدارَيْن.
8- عقيدة الجماعة والاجتماع.
9- البقاء والثبات والاستقرار.

أثر العقيدة الصَّافية في الحياة:

إن حياة الإنسان تسير وفق مؤشراتكثيرة تتحكَّم فيها, سعادةً وشقاءً، ثباتًا وتقلُّبًا، ومن أهم المؤثرات: العقيدة، وهي التي توجه مسيرة الحياء، إمَّا إلى الاطمئنان والسعادة – العقيدة السليمة – وإما إلى الحيرة والشقاء – معتقد أهل الباطل – قال تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].

فهنا شرطان: الإيمان، والبعد عن الشرك؛ وقال سبحانه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]، فمنَ الناس من اختار الرؤساء والزعماء، ومنهم من اختار أهل الرياضة قدوة له؛ بسبب وسائل الإعلام، وأهل الإيمان لم يتخبطوا؛ إنما قدوتهم محمد – صلى الله عليه وسلم.

والإيمان بالملائكة له تأثير؛ إذ إن الإنسان ليتذكر الملكين اللذَيْن يكتبون السَّيِّئات والحسنات فيوقظ المراقبة عنده التي تكون سببًا للنجاة، والإيمان بالكُتُب دليلاً ومنهجًا يسير عليه, فالقرآن الكريم خاتم الكتب؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 52]، والإيمان باليوم الآخر كابح للشهوات ورادع للنزوات، فثمّة يوم سيُبعث فيه الخلق أجمع، يوم يجازي الله فيه العباد؛ قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، والإيمان بالقضاء والقدر يُذهب القلق ويزيل النكد؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

عثرت امرأة من الصالحات فأصيب رجلها، فلما نظرت إلى الدم ضحكت، فقيل لها: عجبًا، تضحكين وقد أصبت؟! قالت: أنساني حلاوة أجره مرارة عذابه!
الفصل الأول

فتنة المال

تعريفها:
ما يمتلكه الإنسان من نقدٍ ومعادنَ ثمينةٍ، ومنازل ومراكب، ونحوه مما فيه ابتلاء للعبد، وحب المال من طبيعة بني آدم وزينة له؛ قال سبحانه: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]، عن أنس قال: قال النبي – عليه الصلاة والسلام -: ((يهرم ابن آدم ويشب فيه اثنتان: الحرص على المال، والحرص على العمر)).

وأشكل على الصحابة تشبيه النبي – عليه الصلاة والسلام – الفتنةَ بزهرة الدنيا وزينتها، على أنّه من نعمة الله، فأجابهم نبيهم محمد أن الخير لا يأتي إلا بخير، وإنما يعارضه الخير الإسراف والبخل فيما لَم يشرعه الله سبحانه، فهذا الذي يخشى منه، والمال ليس خيرًا بذاته، إنما فيما يتصرَّف فيه تعبُّدًا لله من إنفاقه في الله، وشكره سبحانه على نِعْمتِه.

وقال الزين بن المنير في هذا الحديث: وجوهٌ من التّشبيهات بديعةٌُ:
أولها: تشبيه المال ونموه بالنبات وظهوره.
ثانيها: تشبيه المنهمك في الاكتساب والأسباب بالبهائم المنهمكة في الأعشاب.
ثالثها: تشبيه الاستكثار منه، والادِّخار له بالشره في الأكل والامتلاء منه.
رابعها: تشبيه الخارج من المال مع عظمته في النفوس، حتى أدَّى إلى المبالغة في البخل به بما تطرحه البهيمة من السلخ، ففيه إشارة بديعة إلى استقذاره شرعًا.
خامسها: تشبيه المتقاعد عن جمعه وضمه بالشاة إذا استراحت وحطت جانبها مستقبلة عين الشمس، فإنها من أحسن حالاتها سكونًا وسكينة، وفيه إشارة إلى إدراكها لمصالحها.
سادسها: تشبيه موت الجامع المانع بموت البهيمة الغافلة عن دفع ما يضرها.
سابعها: تشبيه المال بالصاحب الذي لا يؤمن أن ينقلبَ عدوًّا، فإن المال من شأنه أن يحرز ويشد وثاقه حبًّا له، وذلك يقتضي منعه من مستحقه فيكون سببًا لعقاب مقتنيه.
ثامنها: تشبيه آخذه بغير حق بالذي يأكل ولا يشبع؛ انتهى.

قال – جل جلاله -: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15]، وقال – عليه السلام – لأصحابه: ((فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)).

وقد جاء الإسلامُ لحِفْظ الضرورات الخمس: الدين، والعرْض، والنفس، والعقل، والمال، فإن فتنة المال سبب في ضياعها, فخطرها على الدِّين ظاهر، وكذلك النفس، فكم قتلت من نفسٍ لأجله وصارت الحروب! وكذلك العقل بالإسراف عدم الرشد، وكذلك العرض فأصبحت التجارة في المال بمهنة البغاء والدعارة، وهذه مشتركةٌ بين الرجال والنساء.

وأمّا المفتونُ بالمال فسبب في ظلم حقوق أموال الآخرين من الغش والسرقة والاحتيال، وهو سببٌ في الفخر والخيلاء والتكبُّر والارتفاع المنهي عنه.

ومن محاذير فتنة المال أنه سببٌ لوقُوع الإنسان في المَحاذير الشَّرعية؛ فمنها:
أكْل أموال الناس بالباطل وأموال اليتامى:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29].

أكل الرِّبا ومنْع الزكاة ومسك النفَقة:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35].

المبحث الثالث
صور معاصرةٌ لفتنة المال

إن فتنة المال فتنةٌ قديمة، ولكنها في هذا الزمان أشدّ، وذلك أنّ الدنيا بسطت على الناس، وتنوَّعت وسائل المكاسب.

فمن مظاهر الفتنة في المال:

السباق المَحْموم على تجارة الأسْهُم وتداولها، ومن مظاهر الفتنة في المال سعي البعض منهم إلى البروز في قائمة الأغنياء، فهذه دولةٌ تتبنَّى تمويل أكبر برج في العالم، وارتفاع العقارات الفارهة، وناطحات السحاب، وشراء المنازل العالية باهظة الثمن، والمشاريع الكبيرة من سرف وترف، والقصور الضخمة، فكل هذا داخل في قول الرسول – عليه السلام -: ((أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)).

المبْحَثُ الرَّابعُ
أثرُ العقيدة في النجاة من فتنة المال

لا شكّ أن هذه الفتنة لا نجَاة منها ولا خلاص من أخطارها إلا بهذا الدِّين الإسلامي، الذي جاء بالدواء الواقي، والعلاج الناجع من هذه الفتنة – بإذن الله – ومن ذلك:
أولاً: الإيمانُ باللَّه – سبحانه وتعالى:
فالإيمان به ومعرفة صفات كماله شفاء من هذه الفتنة، فمنه إدراك أن الله سبحانه هو الغني؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]، فهو الفقير مهما بلغت ملكاته، ويجب معرفة أن جميعَ ما يملكه الإنسان من عقارات وشركات كلها لله، ولقد ذمَّ الله سبحانه في كتابه قارون الذي نسب إلى نفسه المال، فيجب تأمُّل أسمائه كـ(المعطي)، و(المانع)، و(الرزّاق)؛ بمعنى: كثير الرزق؛ قال تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الزمر: 52].

فالثقة بالله وحده من أنّه المعطي والمانع والرزاق من أهمّ جوانب النجاة من الفتنة؛ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له))؛ صححه الألباني.

ودعاء الله – جلّ جلاله – من الوسائل المعينة على النجاة، وقد ثبت في ذلك أحاديث كثيرة،كالدعاء بالاستعاذة من شر فتنة الغنى؛ كما كان – عليه الصلاة والسلام – يدعوه، قال الكرماني: صرح في فتنة الغنى بذكر الشر، إشارة إلى أن مضرته أكثر من مضرة غيره، أو تغليظًا على أصحابه حتى لا يغتروا فيغفلوا عن مفاسده، أو إيماء إلى أن صورته لا يكون فيها خير، بخلاف صورة الفقر فإنها قد تكون خيرًا. اهـ.

ومن الأدعية الحسنة:
{رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، قال ابن كثير – رحمه الله -: الحسنة في الدنيا تشملُ كلَّ مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا.

وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام، وترْك الشبُهات والحرام. انتهى.

ثَانيًا: الإيمانُ بالكُتب:

الإيمان بها فيها جوانب للنجاة عظيمةٌ جدًّا، وعلى رأس هذه الكتب "القرآن الكريم"، الذي جاء بالسلامة من جميع الفتَن, ومنه تلاوة قصص أصحاب الأموال من الكفّار، كقارون؛ قال سبحانه مبيّنًا عاقبته: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص: 81]، كما ورد الوعيدُ والتهديد لأصحاب الأموال الذين غلبوا حبها على حبه الله وحب رسوله؛ فقال: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، وكذلك جاء التهديدُ على ماسكي أموالهم ومانعي الزكاة، وأخبر أنّ المال الذي يُنفق فيه زيادة وبركة يصحبها تنمية؛ قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

ثالثًا: الإيمانُ بالرسل:
رُسُل الله تعالى أسلم الناس من الفتَن؛ لأنهم رغبوا عن ما في الدنيا إلى ما عند الله – سبحانه وتعالى – ومنهم من ملك المال فأحسن التصرف؛ كسليمان، وداود – عليهما السلام – ونبيُّنا محمد – صلى الله عليه وسلم – خير الأنبياء من يُضرب به المثل في السّلامة من فتنة المال، فهو القدوة في زُهده وصبره على شدائد الدنيا.

ولو تأمَّلنا في علاقة البشر مع المساكين، لوجدنا أكثر أصحاب الأموال أقل اتصالاً بالمساكين لوجود الطبقة الزمانيّة في هذا الزمان، إلاّ أنّ خير البشرية – صلى الله عليه وسلم – يدعو ربنا أن يكون في زمرة المساكين؛ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة))، فقالتْ عائشة – رضي الله عنها -: لِمَ يا رسول الله؟ قال: ((لأنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفًا، يا عائشة، لا تردي المساكين، ولو بشق تمرة، يا عائشة أحبي المساكين وقربيهم، فإن الله تعالى يقربك يوم القيامة))؛ أخرجه البيهقي في الشعَب.

والنبي محمد – عليه السلام – يشبه الدنيا بالظلّ المؤقت؛ عن ابن عباس قال: دخل عمر بن الخطاب على النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو على الحصير، وقد أثر في جنبه، فقال: يا رسول الله، لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا! فقال: ((ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح و تركها)).

ولقد كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – لا يجد ما يشبعه ولا ما يسد رمقه؛ فقد أورد الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما في كتابي الزهد والرقائق، وكذلك كتاب الإمام أحمد والبيهقي وغيرهم أمثلة كثيرة، منها:
عن عائشة – رضي الله عنه – قالت: ما شبع آل محمد – صلى الله عليه وسلم – منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض، وعن عائشة قالت: كان فراش رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أدم، وحشوه من ليف.

وعن عائشة أنها قالت: إن كان ليمر الشهر على ذَنَبِه، وما نرى في بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بصيص نارٍ لمصباح ولا لغيره.
وعن مروان: أنه سمع عائشة ودعا لها بطعام فقالت: قلَّ ما أشبع من طعام، فأشاء أن أبكي إلا بكيت، قلت: لِم؟ قالت: أذكر الحال التي فارق عليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الدنيا، فوالله ما شبع من خبز البُرِّ مرتين في يوم حتى لحق بالله – عزَّ وجل.
وعن عائشة قالتْ: دخلت علي امرأة من الأنصار، فرأت فراش رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قطيفة مثنية، فانطلقت فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف، فدخل علي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: ((ما هذا يا عائشة؟))، قالت: قلت يا رسول الله، فلانة الأنصارية دخلت علي فرأت فراشك، فذهبت فبعثت إلي بهذا، فقال: ((رديه يا عائشة، فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة))، وعن قتادة عن أنس بن مالك قال: ما أكل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على خوان حتى مات، ولا أكل خبزًا مرققًا حتى مات – صلى الله عليه وسلم.
ذكر هذه الأحاديث الإمام البيهقي في سفره الجليل "شُعَب الإيمان".

فهذه حال النبي – عليه السلام – في عيشه، وهو دليل على زهده – صلى الله عليه وسلم – وتفضيله الآخرة على الدنيا؛ لعلمه بمعايب الدنيا فلم يرضها لنفسه، فكان يدعو أن يكونَ رزقُه كفافًا.

معرفةُ حقيقَة المال:

وَرَد في الحديث الصحيح: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء))، ومعنى الدنيا خضرة حلوة: يحتمل أن المراد به حسنها للنفوس ونضارتها؛ كالفاكهة الخضراء الحلوة، فإن النفوس تطلبها.

عن عبدالله أنه قال: اضطجع النبي – صلى الله عليه وسلم – على حصير فأثر الحصير بجلده، فجعلت أمسحه وأقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ألا آذنتنا فنبسط لك شيئًا يقيك منه تنام عليه، فقال – عليه الصلاة والسلام -: ((ما لي وللدنيا، وما أنا والدنيا، إنما أنا والدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها))، وقال النبي – عليه الصلاة والسلام -: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس)).

الصبر على ضيق العيش والقناعة بالقليل:

فهذا من سُبُل النجاة من الفتنة, والاقتصاد في الإنفاق, وهذا من الصبر العظيم الذي توعَّد الله بأجره: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، ومِنْ تَوْجِيه النبي – صلى الله عليه وسلم – بالقناعة قوله لعبدالله: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك من أهل القبور)).
عن أبي أمامة عن نبي اللَّه – صلى الله عليه وسلم – قال: ((إنَّ أَغْبَطَ النَّاس عنْدي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حَظٍّ منْ صَلاةٍ، أَحْسَنَ عبادة ربه – عَزَّ وَجَلَّ – وَكَانَ رزْقُهُ كَفَافًا، لا يُشَارُ إلَيْه بالأَصَابع، وَصَبَرَ عَلَى ذَلكَ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ – عَزَّ وَجَلَّ – ثُمَّ حَلَّتْ مَنيَّتُهُ، وَقَلَّ تُرَاثُهُ، وَقَلَّتْ بَوَاكيه)).
قلتُ – الملخِّص -: إسناده شديد الضعف، وفيه منكر الحديث.

إخلاص النِّيَّة لله تعالى:

فهي من أكبر الجوانب فضلاً وعلاجًا، فعن ابن مسعود مرفوعًا: لا تتخذوا الضيعة، فترغبوا في الدنيا.

رابعًا: الإيمان بالملائكة:

ويتضمن عدة معان، عظيمة الشأن، كبيرة القدر:
الأول: التَّصديق بوُجُودهم.
والثاني: إنزالهم منازلهم، وأنهم مكلفون والموت جائز عليهم.
الثالث: الاعتراف بأنَّ منهم رُسُلاً يرسلون إلى البشر وبوظائفهم؛ فمنهم: خزنة النار، ومنهم الصافون، وغير ذلك، ويتم النجاة مِنْ فتنة المال بالإيمان بأنهم مراقبون لأعمالك ومسجلوها وآخذوها بأمر الله، كما لو أنّ حاكمًا وَكَّل من يراقبك؛ قال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]، فصاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات؛ وقال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الإنفطار: 10 – 12]، وعن ابن عبَّاس – رضي الله عنهما – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربه – تبارك وتعالى – قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن: فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة))؛ رواه الشيخان.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: أنَّه سمع رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: ((إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالْكَلمَة، لَا يُلْقي لَهَا بَالاً، يَهْوي بهَا في النَّار أَبَعْدَ مَا بَيْنَ اَلْمَشْرق وَالْمَغْرب)).

خامسًا: الإيمان باليوم الآخر:

وهو: الإقرار بأنَّ هذه الدُّنيا إلى انتهاء، وأنَّ وراءها يوم حساب وجزاء، وأنَّ الأرواح تردُّ إلى الأجساد، وبسؤاله: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ ويؤمن بفتنة القبر وبعذابه ونعيمه، وأنهم يقومون يوم القيام حفاةً عراةً غرلاً، وبنصب الموازين فتوزن فيها أعمال العباد، وتنشر الصحائف، فالمؤمن يتلقاها بيمينه، والكافر بشماله، والعاصي من وراء ظهره.

والحوض المورود لمحمد – صلى الله عليه وسلم – ماؤه أشدّ بياضًا من اللبن، وكيزانه كنجوم السماء، من شَرِب منه فلا يظمأ أبدًا.

وبالصراط المنصوب على متْن جهنَّم، وهو الجسر الذي يمرُّ الناس عليه؛ فمنهم كالبرق، ومنهم كالخيل، ومنهم كالزحف يزحف زحفًا، فإذا عبروا مروا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون المظالم بينهم التي كانتْ في الدُّنيا.

وأوّل من يستفتح الجنَّة محمد – عليه السلام – وله ثلاث شفاعات:
الأولى: لأهل الموقع بعد تراجُع الأنبياء.
الثانية: لأهل الجنة أن يدخلوها، وهما خاصتان لمحمد – صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: فيمن استحق النار ألا يدخلها, ومَنْ دَخَلها أن يخرج منها، وهذه له ولسائر الأنبياء.

وغير ذلك من الأحداث والأهوال.

وأثر الإيمان من النجاة من فتنة المال بمعرفة مسائل:
الأولى: الإيمان بزوال الدنيا وما فيها.
الثانية: الإيمان بالحساب على هذا المال يوم القيامة؛ قال – عليه الصلاة والسلام -: ((لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن جسده فيمَ أبلاه؟ وعن ماله فيمَ أنفقه؟ ومن أين اكتسبه؟ وعن علمه فيمَ فعل؟)) فإذا آمن أن وراء الحساب إما نعيم ففيه التلذذ بالمال خير من مال الدنيا، فيتصوّر درجات أهل الجنة، أو جحيم فيتصوَّر العذاب الأليم من جَرْيه خلف المحرَّم؛ كالربا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275].

وثَبَت في الحديث الذي رواه مسلم في صَحِيحه عن أبي سعيد الخدري، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((يؤتى بأنعم أهل الدُّنيا من أهل النَّار يَوْمَ الْقيَامَة، فَيُصْبَغُ في النَّار صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدم، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَط؟ هَلْ مَرَّ بكَ نَعيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّه يَا رَبّ، وَيُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاس بُؤْسًا في الدُّنْيَا منْ أَهْل الْجَنَّة، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الْجَنَّة، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بكَ شدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّه يَا رَبّ، مَا مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شدَّةً قَط)).سادسًا: الإيمان بالقَدَر:

وهو الركن السادس، ويتضمَّن أربع مراتب:
المرتبة الأولى:

الإيمان بعِلْم الله المحيط بكل شيء من الموجودات والمستحيلات، وما كان وما لم يكن لو كان كيف يكون، ومن هم في الجنة والنار والشقي والسعيد؛ قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الحشر: 22]، فعن علي قال: كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم جالسًا ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ((ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة))، قالوا: أفلا نتكل؟ قال: ((اعملوا فكلٌّ ميسَّر، ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 – 10])).

المرتبة الثانية:

الإيمان بكتاب الله – عز وجلَّ – الذي لَم يُفرِّط فيه من شيء؛ قال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 52، 53]، ويدخل فيه خمسة تقادير:
الأول: الأزلي من قبل خلق السماء والأرض.
الثاني: كتابة الميثاق.
الثالث: العمري، عند تخليق النطْفة في الرَّحِم، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد وغيره.
الرابع: اليومي، وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق.
الخامس: الحولي، في ليلة القدر يقدّر فيها كل ما يكون في السنة إلى مثله.

المرتبة الثالثة:

الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة على كلِّ شيء، وما شاء الله كونه فهو كائن لا محالة؛ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]، وما لم يشأ الله تعالى لَم يكنْ عدم مشيئته عدم القدرة عليه؛ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35].

المرتبة الرابعة:

الإيمان بأنَّ الله خالق كل شيء، وكل ذرّة في السموات والأرض، والذي هو عامل متحركها وساكنها.

أثر الإيمان بالقدَر في النجاة من فِتْنة المال يكون بعدَّة مسائل:
1- أن الله صاحب غنى كل غني، وأنّ الذي أغناه قادر على أن يجعلهفقيرًا، كما أنّه قادر على أن يغني غيره من الناس؛ قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30].
2- أن كثرة المال وسعة الرزق دليلٌ على ابتلاء الله له، كما حصَل لقارون في خسْفه مع ماله وبداره الأرض عظة وعبرة، فما أغنى عنه خدمُه ولا حشمُه، ولا دافعوا عنه ونصروه، وما انتصر لنفسه، وجاء في الحديث الصحيح عن ابن مسعود مرفوعًا: ((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم، وإنّ الله يعطي من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب)).
3- الحالة الاقتصادية لا تدوم، فقد تفقر مِنْ غناك، وتغني من فقرك وكلّه مقدَّر مكتوب؛ قال الشاعر:

تَرَانِي مُقْبِلاً فَتَصُدَّ عَنِّي كَأَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ سِوَاكَ
سَيُغْنِينِي الَّذِي أَغْنَاكَ عَنِّي فَلا فَقْرِي يَدُومُ وَلا غِنَاكَ

4- أن يعلمَ أنَّ الله قد قسَّم الأرزاق بين العباد، كما في حديث ابن مسعودٍ السابق، وهو صحيح الإسناد عند الحاكم.
5- أن يعلم العبدُ أنَّه أحوج بنصيبه من الآخرة من الدنيا، قال معاذ لرجل: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حُفظْتَ: إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدُّنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظامًا، فتزول به معك أينما كنت.

الفصل الثاني "فتنة النساء"

المبحث الأول

التعريف بفتنة النساء:

لقد حدَّد الشرْعُ العلاقة بين هذَيْن الجنسَيْن، فالرجلُ بطبعه ميَّال إلى المرأة وكذا المرأة؛ قال النبي – عليه الصلاة والسلام -: ((الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة))، إلا أنّ التجاوز في حد الشرع يُشَكِّل خطرًا كبيرًا لذلك، وهذا من فتْنة النساء، ومنها:
1 – العشْق المحرَّم، والنظر إلى النساء الأجنبيات.
2 – ما يقع فيه الإنسان مِنْ محرَّم مع المرأة الأجنبية من زنا أو مباشرة وغيره، والنظر إليهن عبر وسائل الإعلام.
3 – تجاوُز الحدود الشرعية مع الزوجة أو التقصير في حقها وحق بناتها وقرابتها.

المبْحثُ الثَّاني
خطر فتنة النساء

قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركْتُ بعدي فتنةً أضرّ على الرجال من النساء))، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويلٌ للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال))، وسئل النبي – عليه السلام – عن أكثر ما يلج في النار؛ قال: ((الأجوفان: الفم والفرج)).

ومنه الزِّنا – عياذًا بالله – عن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((من وَقي شرَّ لقْلَقِه وقَبْقَبه وذَبْذبه فقد وقي – وفي رواية: دخل الجنة))؛لقلقة اللسان، وقبقبة البطن، وذبذبة الفرج، وفي لسانه لقلقة؛ أي: حبسة.

وأكثر ما يزيّن ذلك من الفتنة تزيين النساء وتجميل بشرتهن، فذلك يورد شهوة الناظر.

المبحث الثالث
صور معاصرة من فتنة النساء

اشتدتْ كثيرًا وسائل هذه الفتَن، وأبرزها ما يلي:
التبرُّج:
نهى الله سبحانه عنه فقال: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، فدل وجودُه قديمًا عند نساء الجاهلية، قال مجاهد: كانتْ تخرج وتمشي المرأة بين يدي الرجال، قال قتادة: كانتْ لهن مِشْية تكسُّر وتغنُّج، وقال أبو حيان: التبرُّج أنها تُلقي خمارها على رأسها ولا تشدّه فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك منها، فنُهي عنه.

أمّا في عصرنا هذا فزد عليه كشْف الصدور، والأفخاذ، وكشف بعض العورة المغلَّظة، وبعض الثديين، ونوادي للرجال والنساء لذلك.

الاختلاط:

من الفتَن التي عمَّت بها البلوى في هذا العصر، فلم يعد هناك تفريق بين الرجال والنساء في أماكن العمل والأسواق والترفيه، وأصبح تركه في بعض المجتمعات تخلُّف, ونادتْ إلى حرية المرأة من أجل تحقيق قدر أكبر من الحريَّة.المبالغة في الزينة:

وهي أشدّ ما يُجذب إليه الرجل، من تكسّب بالغ في الزينة وتغييرها داخليًّا وخارجيًّا، فظهر أنواع العطور والمساحيق والملابس، وتغيير لون شَعْرها وجلدها، بل التصرُّف في بعض أجزاء جسْمها الداخلي من تكبير وتصغير وتعديل، فأُنشئت المراكز والمستشفيات لتزيين المرأة وتجميلها, وفي جانب اللباس قُل ما شئتَ وما ظهَر من مصمِّمي الأزياء والعروض الخاصة بذلك.

انتشار الصور:

لَم تكن منتشرة في قديم الزمان، وفي زمننا أصبحت الصورةُ سلاحًا بين أيدي الأعداء المنتشرة في الصحُف والمجلات والدعايات التجارية، هذا وقد تكون الصورةُ أجمل من الحقيقة، وتصدر الإلكترونيات صور أجمل بنات العالم، وغير ذلك من العبارات المغرية.

المحادثات الهاتفيّة:

وسيلة تواصل بين الرجل والمرأة، فجاءت التقنيّات لتسهل الأمر المحرّم، فأمكن الحديث بواسطة الهاتف العادي أولاً، ثم تطوَّر الأمرُ فظهرت الهواتف النقّالة، فأعطى قدرًا كبيرًا من الحريّة والخصوصية، ولَم يقف الأمرُ عند هذا، بل تطور لما يسمّى (البالتوك) و(الماسنجر) وغرف الدردشة الصوتية، والخدمة الجديدة (واحد لواحد) وهي تمثِّل (الدردشة)، ولكن لا يلزمها "حاسب آلي بالإنترنت"، بل متنقّل.

وتوصّل هذه التكنولوجيات إلى تواصل الأفكار والمعلومات الصريحة حتى تؤدّي إلى اللقاء – عياذًا بالله.

ومِنْ دلائل خُطُورة هذه الأجهزة:

تخبر فتاة أنّها تعرَّفت على شاب من جنسية مختلفة، فأحبَّتْه وأحبها (لوجه الله)! فأدمنت العادة السريّة ورأته بالكاميرا وظلت على ذلك حتى أرته بعضًا من جسمها،تقول الفتاة: وطلب منِّي الزواج فوافقت على ذلك، وكنت قبل ذلك معدودةً لابن خالي، وعندما أخبرته بذلك هدَّدني بأنّي سأفضحك وأخبر أهلك وأنشر صورك.

وأنا أخشى من أهلي، أخاف أن يقتلوني، أريد الهداية، تركتُ الصلاة والعبادة، وما زال يُهدّدني، فما الحلّ؟ فليس بيدي فعل شيء… إلخ!

فهل من معتبر؟(الرسائل sms):

يتبادل فيه المشاعر والأحاسيس وكلمات الغرام وتستفيد القنوات – الغنائية الماجنة – من رسائل الجوال، حيث تبلغ النسبة ما يزيد على 94 %.

(فيديو كليب):
تظهر فيه النساء الجميلات بأبهى زينتهنّ يؤدين حركاتٍ استعراضية على أنغام الموسيقا وبصحبة الغناء، وقد أصبح لهذه الظواهر قنوات خاصة.

المبحث الرَّابع
أثر العقيدة في النجاة من فتنة النساء

ويكون بعدة أمورٍ مهمَّة:
أولاً: الإيمان بالله – سبحانه وتعالى -:
فهو من أعظم جوانب العقيدة للنجاة،فخلق الله النعم التي لا تُحصى وأنشأها، وعلَّم حدود الله لكل شخص تجاه الآخر، فالله أَمَرَ المرأة بالستْر والعفاف ونهاها عن التبَرُّج والسفور؛ قال سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 30، 31].

كما أنّ محبة الله تعالى تورّث في القلب الإقبال على الله، والبعد عن ما يسخطه ويأباه، إضافة إلى أنّ الخوف منه تجعل المرء يجتهد في البُعد عن كلِّ ما يكون سببًا في عذاب الله وعقابه في الدارَيْن.

ثانيًا: الإيمان بالرسول – صلى الله عليه وسلم -:

ويتمثَّل ذلك في أمورٍ منها:

تحذيره – صلى الله عليه وسلم – من خطرها وأمره بالسلامة منها، ومعرفة حاله وزهده وتقواه؛ عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الدُّنيا حلوةٌ خَضرة، وإنَّ الله مُستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملُون؟ فاتقوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء)).

عن أبي أمامة – رضي الله عنه -: أن فتى شابًّا أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا؟ فأقبل القوم عليه فزجروه،وقالوا: مه مه! فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ادنه))، فدنا منه قريبًا، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أتحبه لأمك؟))، قال: لا يا رسول الله، جعلني الله فداك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، قال: ((أتحبه لابنتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((فتحبه لأختك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أتحبه لعمَّتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ((أتحبه لخالتك؟))، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا الناس يحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع يده عليه وقال: ((اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصن فرجه))، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.

الفصل الثَّالث في فتنة المنصب

المبحث الأول

التعريف بفتنة المنصب:

وتعني الرغبة في السيادة والسلطة على الآخرين، أو المكانة العالية بين الناس.

ومن مخاطر الفتنة:

تغليبها على محبَّة الله ورضوانه، واتِّباع الهوى لِمَّا حرَّم الله، وترك ما أوجبه الله وما أمر به؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قربًا، إلا ازداد من الله بُعدًا)). اهـ.

فالمنصب اختبارٌ من الله، فأولياؤه – سبحانه – إن أوتوا شيئًا من ذلك، فقد ابتلوا بلاءً شديدًا، فعليهم أن يستخدموه في الخير، وأن يجعلوه قربة لله تعالى.
وكان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يدعو الله أن يثبِّت قلبه، ويُكثرَ من الاستغفار، وذكر ابن حزم كلاما مهمًّا فقال – رحمه الله -:
وذكروا قول الله – عز وجل – عن سليمان – عليه السلام -: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34].

قال أبو محمد: ولا حجة لهم في هذا؛ إذ معنى قوله تعالى: {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}؛ أي: آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته، كما قال تعالى مصدقًا لموسى – عليه السلام – في قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155]؛ إن من الفتنة مَن يهدي الله من يشاء، وقال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 – 3]، فهذه الفتنة هي الاختبار حتى يظهر المهتدي من الضال، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان، إنما هي اختبار له حتى ظهر فضله فقط، وما عدا هذا فخرافات ولَّدها زنادقة اليهود وأشباههم؛ "الفِصَل في الملل) (4/15).

المبْحثُ الثّاني

خطر فتنة المنصب

حذَّر النبي – عليه السلام – كثيرًا منها:
عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة: أَنّ النَّبي – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ((يا عبدَالرحمن، لا تَسأل الإمارةَ، فإنك إن أوتيتَها عن مسألة وكلتَ إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنتَ عليها)).

والجواب على طلب يوسف الإمارة ما يلي:
أن يوسف – عليه السلام – إنما طلب الولاية لأنه علم أنه لن يقوم مقامه أحد في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم، فرأى أن ذلك فرض متعيَّن عليه، فإنه لم يكن هناك غيره، وهكذا الحكم اليوم، لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه، لتعيَّن ذلك عليه، ووجب أن يتولاها ويسأل ذلك، ويخبر بصفاته التي يستحقها به من العلم والكفاية وغير ذلك، كما قال يوسف – عليه السلام – فأما لو كان هناك من يقوم بها ويصلح لها وعلم بذلك، فالأولى ألا يطلب؛ لقوله – عليه الصلاة والسلام – لعبد الرحمن: ((لا تسأل الإمارة))، وأيضًا فإن سؤالها والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلُّص منها دليل على أنه يطلبها لنفسه ولأغراضه، ومن كان هكذا يوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك، وهذا معنى قوله – عليه الصلاة والسلام -: ((وكل إليها))، ومن أباها لعلمه بآفاتها، ولخوفه من التقصير في حقوقها فر منها، ثم إن ابتلي بها فيرجى له، وقيل: بغير ذلك.

وقيل: أنه رأى ذلك فرضًا متعينًا عليه؛ لأنه لم يكن هنالك غيره، وهو الأظهر، كما قال الإمام القرطبي – رحمه الله – في تفسيره.

ومن خطَرهَا أنها سببٌ لنقصان الدين، عن ابن مسعود قال: "إن على أبواب السلطان فتنًا كمبارك الإبل، لا تصيبوا من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينكم مثله".

وقال الثوري: أترون أخاف أن يضربوني إن أتيتهم، ولكنّي أخاف أن يكرموني فيفتنوني، فهذا يدلّ على أنّ الفتنة ليستْ من ناحية تسلّطهم فحسب، بل قد يأتي من قبل دنياهم.

ومن خَطَرها أنها سببٌ في إزالة النعم؛ قال الفضيل: آفة القرّاء العجب، واحذروا أبواب الملوك فإنها تزيل النعم.

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما -: يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها مشؤومة تشرف على الخلائق، فيقال: هل تعرفون هذه؟ فيقولون: نعوذ بالله من معرفة هذه، فيقال: هذه الدنيا التي تناحرتُم عليها، بها تقاطعتم الأرحام، وبها تحاسدتم، وبها عصيتم واغتررتم، ثم تقذف في جهنم، فتنادي: أي ربي، أين أتباعي وأشياعي؟ فيقول الله تعالى: ألحقوا بها أشياعها وأتباعها.

ومن أخْطَرها أنها ربما صارت سببًا للشرك بالله – جلّ وعلا – فقد تُتخذ صورهم وتعظَّم من دون الله، وهم شرار الخلق عند الله يوم القيامة، وثبت لعنهم في الحديث الصحيح، فليحذر منها، ومِن شدَّة خطَرها أنَّ السلَف – رضوان الله عليهم – كانوا يفرُّون منها فرارًا.

حال السلف مع المنصب:

عن الفضيل قال: كنَّا نتعلّم اجتناب السلطان كما نتعلَّم سورة من القرآن، وعن حذيفة المرعشي: إذا دعاك من يريد الله كنتَ في راحةٍ من إجابته، وإذا دعاك بعزِّ الله همك ذلك؛ تريد أن تكافئه.

قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل: "ينبغي لمن يخاف الله – عز وجل – ألا يأتي باب السلطان حتى يُدعَى، فيأتيه وهو خائف من ربه – عز وجل – فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويقول الحق كما جاء في الحديث: ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر))، ثم ينصرف عنهم وهو خائف من ربِّه، فهذا غير مُفْتَتَن، إنما المُفْتَتَن أن يأتيهم راغبًا طالبًا للدُّنيا، طالبًا للعزِّ في الدنيا، طالبًا للرِّئاسة في الناس، يتعزز بعز السلطان، ويتكبر بسلطانه، فإذا أتاهم داهنهم ومال إليهم ورضي بسوء فعلهم، وأعانهم عليه وصدقهم على غير الحق من قولهم، ورجع عنهم مفتخرًا بهم، آمنًا لمكر الله، معتزًّا بما نال من العزِّ بهم، يؤذي الناس ويطغى فيهم ويتقوى عليهم باختلاف إلى السلطان، فهذا الذي افتتن ونسي الآخرة، وعصى ربه وآذى المؤمنين".

قال سفيان الثوري: "إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مراء، وإياك أن تخدع فيقال لك: ترد مظلمة تدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلمًا".

عن حذيفة، قال: "إياكم ومواقف الفتن"، قيل: وما مواقف الفتن، يا أبا عبد الله؟ قال: "أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه".

صور معاصِرة لفتنة المنصب:

وهي كثيرة لاختلاف تنوُّعها، ومنها على سبيل المثال:
الانتخابات:

الطريقةُ الموصلةُ إلى مناصب معينة، مع ما يلاحظ من الصراع المحموم عليها, وهي حينًا لا تعطي الأصوات حسب الكفاءات، إنما لاعتباراتٍ معيّنة؛ كالحزبية، أو وعود قد تصدق وقد لا تصدق.

مسميات المناصب:

فإنَّ متطلبات الحياة المعاصرة دعت إلى تنظيم وظيفي للحفاظ على نُظُم حياة المجتمعات والدول؛ (كرئيس دولة)، و(وزير)، وغيرها، التي يتطلَّع إليها الكثير، ويتمنون الحصول عليها.

تحقيق المصلحة الشخصية:

فهناك بعض المناصب القياديَّة لها مدة من الزمن بعدة من السنين فلا تهمه المصلحة العامة.

المبْحث الرابع
أثر العقيدة في النجاة من فتنة المنصب

أولاً: الإيمان بالله – سبحانه وتعالى -:

ويكون ذلك بعدة أمور – وذكرته لأهميّته -:

1 – إدراك الإيمان بالله – سبحانه وتعالى – وأن بيده كل شيء، وهو المتصرف في كل شيء، وأن من ولي ولاية، فإن الله سبحانه فوقه.
2 – التأمُّل في أن الله – سبحانه وتعالى – هو الذي ولاَّه هذا المنصب وكتبه له, وهو – سبحانه وتعالى – قادر على إزالته متى شاء, وفي قصص الغابرين من أصحاب المناصب عبرة وعظة لغيرهم.
3 – الالتزام بأوامر الله – سبحانه وتعالى – المتعلقة بهذا المنصب، والبُعد عن نواهيه.
4 – مراقبة الله – سبحانه وتعالى – في هذا المنصب، والعمل على أداء حقوقها.
5 – العلم بأن قدرة الله – سبحانه وتعالى – على العبد أعظم من قدرة العبد على مَن غيره من مرؤوسيه.

ثانيا: الإيمان بالرسول – صلى الله عليه وسلم -:

1 – العلم بحاله – صلى الله عليه وسلم.
2 – الأخذ بتوجيهاته في الإقبال على المنصب وإدارته؛ فعن عبدالله بن عمر: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ويل للزريبة))، قيل: يا رسول الله، وما الزريبة؟ قال: ((الذي إذا صدق الأمير قالوا: صدقت، وإذا كذب قالوا: صدقت)).

ثالثًا: الإيمان بالقضاء والقدر:

أن يعلم أنَّ الله قدره قبل أن يخلق السموات والأرض، وأنه يسر له ما قدر له، وكما أنّ الله قدر حصوله عليه، فقد قدر زواله عنه.

رابعًا: الإيمان باليوم الآخر:

1- العلم بالسؤال عنه يوم القيامة؛ لحديث: ((كلكم راع وكلكم مسؤول… إلخ)).
2- العلم بالثواب المترتب على الإحسان بالمنصب.
3- العلم بالعقاب المترتب على الإخلال بهذا المنصب.

معْلومَاتٌ تكْميليّة
أسْبابُ الفتن

عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال: كيف أنتم إذا لبستكم فتنه يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، وتتخذ سنة يجري الناس عليها، فإذا غير منها شيء قيل: تركت سنة، قيل: متى ذلك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: إذا كثر قراؤكم، وقلَّ فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخر، وتفقه لغير الدين.

فتنَة النساء:

عن أبي سهل الصعلوكي قال: سيكون في هذه الأمة قوم يُقال لهم: اللوطيون،على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.

عن عبدالله بن المبارك يقول: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح، فقال: أخرجوه أخرجوه! فإني أرى مع كل امرأة شيطانًا، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانًا.

وأخبر المصطفى عن الفتَن بقوله: ((إن الفتن ستعمُّكم، فتعوَّذوا بالله من شرِّها)).

وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – عن تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات؛ بحجة أنها صورة لا حقيقة لها؟

فأجاب – رحمه الله – بقوله:
هذا تهاوُن خطير جدًّا، وذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بواسطة وسائل الإعلام المرئية، أو بواسطة الصحف أو غير ذلك، فإنه لا بد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل تَجُرّه إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة، وهذا شيء مشاهَد.

ولقد بلغنا أن من الشباب من يقْتني صور النساء الجميلات؛ ليَتَلَذَّذ بالنظر إليهن، أو يتمتع بالنظر إليهن، وهذا يدل على عظَم الفتنة في مشاهدة هذه الصور، فلا يجوز للإنسان أن يشاهِد هذه الصور، سواء كانت في مجلات أو صحف أو غير ذلك؛ انتهى كلامه – رحمه الله.

أَنوَاعُ الفتَن:

عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال لي رسول الله: ((يا عوف، اعدد ستًّا بين يدي الساعة؛ أولهن موتي))؛ فاستبكيت حتى جعل يسكتني، ثم قال لي: ((قل: إحدى))، فقلت: إحدى، فقال: ((والثانية: فتح بيت المقدس))، ((قل: اثنتان))، فقلت: اثنتان، فقال: ((والثالثة: موتان يكون في أمتي يأخذهم مثل قعاص الغنم))، ((قل: ثلاث))، فقلت: ثلاث، فقال: ((والرابعة: فتنة تكون في أمتي وعظمها))، فقال: ((قل: أربع))، قال: فقلت: أربع، ((والخامسة: يفيض فيكم المال، حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيتسخطها))، ((قل: خمس))، فقال: قلت: خمس، ((والسادسة: هدنة بينكم وبين بني الأصفر، فيسيرون إليكم على ثمانين راية، تحت كل راية اثنا عشر ألفًا، ففسطاط المسلمين يومئذٍ في أرض يُقال لها: الغوطة، في مدينة يُقال لها: دمشق))؛ رواه ابن حماد بإسناد متصل ورواته ثقات.

عن سهل بن عبدالله قال: الفتن ثلاث: فتنة العامة من إضاعة العلم، وفتنة الخاصة من الرخص والتأويلات، وفتنة أهل المعرفة أن يلزمهم حق في وقت فيؤخرونه إلى وقت ثانٍ.

"فتنة التكفير":

ومن أصول أهل السنة أنهم لا يُكَفِّرون الإنسان بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة، بل يكلون أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ولهذا اشتهر قولهم: ولا نكفِّر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، ومرادهم بالذنب هنا: المعاصي التي ليستْ كفرًا مخرجًا عن الملة، ولا هي من المباني الأربعة التي بني عليها الإسلام، قال شارح الطحاوية: "ولهذا امتنع كثيرٌ من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نُكَفِّر أحدًا بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكلِّ ذنب، كما يفعله الخوارج، وفرق بين النفي العام، ونفي العموم، والواجب إنما هو نفي العموم، مناقضة لقول الخوارج الذين يُكَفِّرون بكل ذنب.

فتنة النِّساء وظُهُور الفواحش:

قال سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، والتبَرُّج إظهار المحاسن والمفاتن، ونهاها عن الاختلاط بالرجال الأجانب والخضوع بالقول، فيطمع صاحب الشهوة المريضة بالفاحشة، فأمرت بالحشمة والحجاب لما في ذلك من الصيانة.

فعند نزول هذه الآية بادر نساء المسلمات بالحجاب، كما تقول أمُّ سلمة – رضي الله عنها – وكانت هذه عادة نساء الصحابة، فالواجب على النساء المسلمات أن يتقين الله – عز وجلَّ.

أنواعٌ في بَيان الغناء الكبير من الثروات والقصور المشيَّدة:

أصدرتْ مجلات كـ"إنفيروميشن تكنولوجي ببلشينغ" قائمة أثرياء العالم من العرب؛ حيث زاد على الـ(50) ثريًّا؛ فمن أشهرهم:
1 – الأميرُ الوليد بن طلال، وثروته تعادل 97,5 مليار ريال.
2 – الكويتي ناصر الخرافي، وثروته تعادل 35 مليار ريال.
3 – عائلةُ الحريري اللبناني، وثروته تعادل 16,8 مليار ريال.
4 – السعودي سليمان الراجحي، وثروته تعادل 18 مليار ريال.
5 – عائلةُ الشايع الكويتية، وثروتها تعادل 8,43 مليار ريال.

هذا فيمن مالهم مصرّح بالكشف المالي، فكيف بمن مالهم مخفى؟!

كما قد أطلق تشييد أكبر برج في العالم في دبي من قبل مؤسسة سكيدمور في شيكاغو؛ حيث بلغ قيمته 3.2 مليارات درهم، من تسوق وفنادق ضخمة وناطحات سحاب، حيث تجمّع الملايين.

كما قد أطلق ثاني أكبر برج في العالم بدبي ويحمل اسم "برج بارك سكوير" يتكون من 120 طابق علوي.

كما قد اشترى ثالث أغنى رجال العالم منزلاً خاصًّا في لندن بمقابل 180 مليونًا، كما يلي أغلى خمسة عقارات في كل قارة، مثلاً: أمريكا الشمالية: بـ75 مليون دولار.

وفي إندونيسيا قصْر بلغ ثمنه 27 مليون دولار، ومنزل خاص في أستراليا بلغ ثمنه 17.9 مليون دولار، وشقّة خاصة بلغ ثمنها 16.1 مليون دولار في هونغ كونغ بالصين.

وغيرها من المنازل التي تناهز ملايين الملايين مما لا يمكن حصره؛ من منازل وعقارات وقصور وفنادق وسيارات.




بارك الله فيك



بارك الله فيكي



التصنيفات
منتدى اسلامي

كيفية الثبات على طاعاتنا وديننا فى زمن الفتن

كيفية الثبات علي طاعاتنا في زمن الفتن

****************************** ******

الدّعاء عنوان الفلاح ومفتاح كل خير في الدنيا والآخرة والثبات على الصراط المستقيم فى عالم كثرت فيه الفتن تحيط بالإنسان إحاطة السوار بالمعصم فكان لابد وأن يتخذ المسلم الفطن الوسائل التى تثبته على دين الله تعالى وتحول بينه وبين هذه المغريات

ومن الوسائل التى تعين الإنسان على الثبات فى أمر دينه :

1 ـ الدعاء :
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء : " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ……." أي أن أثبت على دين الله وأن أستقيم على طاعة الله وأن لا أنحرف ذات اليمين وذات الشمال ، والمراد بالأمر أي دين الله جل وعلا الذي شرعه لعباده وأمرهم به ، وأن يكون لديك من العزيمة ما يساعدك على ذلك الأمر ، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

فإن الطباع البشرية تصرف القلب عن الثبات في الأمر الشرعي الديني، فيخالفه هواه .
واتباع الهوى له أسباب كثيرة، لا يدفعها عن العبد إلا قوة داعي الإيمان بالله ورسله ، وتدبر كتابه ، فمن هنا كان :

2 ـ القرآن الكريم :
الوسيلة المُثلى فى دفع تلك الفتن ودرؤها عن الإنسان وعدم الإعراض عنه إلى غيره ، قال الله – تعالى -: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} " الكهف 57 " ويقول سبحانه وتعالى : (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء ) إبراهيم27
. ، يحذِّر – تعالى – عباده عن الإعراض ؛ لأنه يمنع العبد من الخير كله ، ويوقعه في الشر كله ، ويجمع على العبد شرور نفسه وسيئات أعماله – نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة
فمن أعظم أسباب الثبات، محبة الهدى والرغبة فيه ، وطلبه بجهده ولذلك كان

3ـ ذكر الله :
فى جميع أحوالنا قياما وقعودا وعلى جنوبنا وفى أى وقت وحِين أحد العوامل فى تثبيت القلب على الطاعة والإعراض عن الفتن والمغريات التى تورد العبد موارد التهلكة ـ نسأل الله العفو العافية فى ديننا ودنيانا فقد علمنا المعلم صلى الله عليه وسلم كثيرا من الأذكار تقال صباحا ومساء تمنح من يرطب لسانه بها كنوز من الحسنات لاتعد ولاتحصى وتثقل ميزانه ، اللهم ثقل موازيننا وما يزال لسانك رطبا بذكر الله فبذكره تطمئن القلوب وتلك غاية من يصل إليها فقد فاز بسعادة الدارين
ومن الوسائل التى تعين الإنسان على الثبات فى أمر دينه :

4 ـ الجليس الصالح :
مجالسة الأخيار وترك صحبة الأشرار ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المؤمن مِرْآة أخيه ، وأن الإنسان يُوزَن بميزان من يصادقه ويرافقه ، وقال لذلك : " المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل " ويقول صلى الله عليه وسلم : " – فى الحديث النبوى – : " مثل الجليس الصالح مثل الدارىّ ، إن لم يحذك عطره ، علقك من ريحه " .والدارىّ – بتشديد الياء – هو بائع الطّيب ، والمعنى أن هذا الجليس الصالح إمّا أن يُعطيك من عًطره ، وإمّا أن تشم منه رائحة طيبة .

5 ـ مدارسة سيرة الرسل وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم :
الإقتداء بالرسل الكرام واتباع سبيل الرشاد الذى ارسلهم به سبحانه وتعالى وذلك بمدارسة سيرتهم وسيرة خير خلق الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الحق عزوجل : وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فؤادك وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود 120.

اللهم جمِّلنا بأدب دينك ، وهدى رسولك ، واجعلنا من الصالحين
وثبت قلوبنا على دينك و طاعتك وازقنا رضاك والجنة




التصنيفات
منوعات

الملاحم والفتن وأشراط الساعة

الملاحم والفتن وأشراط الساعة


الحمد لله الذي امتَنَّ على عباده المؤمنين ببعثة الرسول الصادق الأمين، فأخرجهم به من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم واليقين، وأخبرهم على لسانه بما كان وما يكون إلى يوم الدين، وأخبرهم عن الدار الآخرة بأكمل إيضاح وأعظم تبيين، فمن آمن به وبما جاء به فهو من المفلحين، ومن كان في ريب مما صحَّ عنه فهو من الخاسرين.

أحمده سبحانه حمدَ أوليائه المُتَّقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي ترك أمته على المنهج الواضح المستبين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فكل ما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بوقوعه، فالإيمان به واجب على كل مسلم، وذلك من تحقيق الشهادة بأنه رسول الله. وقد قال الله تعالى: "وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحيٌ يُوحى"(النجم/3،4). قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "كلما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناد جيد، أقررنا به، وإذا لم نقر بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ودفعناه ورددناه، رددنا على الله أمره، قال الله تعالى: "وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"(الحشر/7)، فيجب الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحَّ به النقل سواء أدركته عقولنا أو لم تُدركه، فعن حذيفة رضي الله عنه، قال: "لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَه وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إن كنت لأرى الشئ قد نسيت فأعرفه كما يعرف الرجلُ الرجلَ إذا غاب عنه فَرآه فعرفه"(متفق عليه)، وعن عمر رضي الله عنه، قال: "قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاماً، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حَفِظَ ذلك مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ".

ونحن نذكر علامات الساعة الصغرى والكبرى وما يجب علينا أن نعرفه عنها، ولا نقول هذا الكلام لكي نوقف عجلة الحياة ونترك العمل ونجلس لننتظر تلك الأحداث ولكننا نقوله للاعتبار والاتعاظ به فإن في القصص عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

إذ أنه يجب على المسلم أن يعمل حتى قيام الساعة ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة (هي النخلة الصغيرة، وهي الوديَّة) فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها" (رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني)

وليس المقصود من ذكر هذه العلامات تخويف الناس بل المقصود تنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين لكي لا يفاجئوا بهذه الأمور وهم عنها غافلين.

من العلامات الصغرى:

1– أن تلد الأمة ربتها (وذلك كناية عن كثرة الفتوحات الإسلامية، وكثرة السراري وهن الإماء فتلد الأمة ولداً يكون سيدها لأنه ابن سيدها. أو كناية عن كثرة العقوق فيعامل الولد أمه معاملة فيها جفاء كأنه سيدها وكلا الأمرين قد كان).

2– أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، جاء في صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام لما سأله عن الساعة "… ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال-أي جبريل عليه السلام- فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمَةُ ربَّتْها وأن ترى الحفاة العراة العالة رِعَاءَ الشاءِ يتطاولون في البنيان".

3- إسناد الأمر إلى غير أهله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"(رواه البخاري).

4– قلة العلم وظهور الجهل. فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلم، ويظهر الجهل، ويفشوا الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد" (متفق عليه) والمقصود بالعلم هنا هو العلم الشرعي، فهناك الكثير ممن يجهلون العلوم الشرعية والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "فرض على كل مسلم ومسلمة التفقه في الدين" ويقول صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".

5– كثرة القتل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل" (متفق عليه).

6- شرب الخمور وتسميتها بغير اسمها، (رواه أحمد والنسائي بإسناد صحيح وهو في الصحيحة).

7– كثرة الزنا والخنا، وهذا واضح ففي دول الغرب يأتون فاحشة الزنا بالطرقات والحدائق، وفي بعض الدول الإسلامية ممن تحكم بالقوانين الوضعية لا تعاقب على جريمة الزنا إن كانت عن تراضي الطرفين.

8– لبس الرجال الحرير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "…من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " (رواه البخاري).

9– استحلال الأغاني والمعازف قال صلى الله عليه وسلم : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" والمقصود بالحِرَ: الفَرْجْ، وهو دلالة على فعل الزنا بدون حرج، وهذا الحديث جمع الخمر والزنا والحرير والمعازف، فكان ذكر المعازف في هذا الحديث لَهُو دليلٌ على تحريمها إذ قرنها النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا والخمر والحرير.

10– اتخاذ القينات ( المغنيات). فهناك من يتلذذ بسماعهن والنظر إلى تراقصهن عبر شاشات التلفاز وغيرها، قال عليه الصلاة والسلام: "ليكونن في هذه الأمة خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف" (رواه ابن أبي الدنيا وصححه الألباني) الخسف: الذهاب والغياب والغوص في باطن الأرض.

المسخ: تحويل الصورة والخِلقة إلى ما هو أقبح منها كالقرد والخنزير.
القذف: الرَّمي بما يهلك كالحجارة ونحوها.
والخسف والمسخ والقذف-والعياذ بالله- من العقوبات الربانية العاجلة، والانتقام الإلهي في الدنيا لمن عصى وتكبر وبغى وتمرّد. نسأل الله السلامة.

11– ظهور الفحش والتفحش (بذاءة اللسان).

12– قطيعة الرحم.

13– تخوين الأمين واتهامه.

14– ائتمان الخائن وتقريبه . قال صلى الله عليه وسلم: "من أشراط الساعة الفحش والتفحش وقطيعة الرحم وتخوين الأمين وائتمان الخائن".

15- ظهور موت الفجأة في الناس.

16- اتخاذ المساجد طرقاً، أي يمر الرجل في المسجد مروراً لا يصلي فيه قال صلى الله عليه وسلم: "… وأن تتخذ المساجد طرقاً وأن يظهر موت الفجأة".

17- اقتتال فئتين عظيمتين من المسلمين دعواهم واحدة: وهو قتال علي ومعاوية المعروف.

18- تقارب الزمان، أي قلة البركة في الوقت.

19- كثرة الزلازل: وها نحن اليوم نرى ونسمع عن هذه الزلازل في كل مكان.

20- ظهور الفتن وعموم شرها. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل".

21- تداعي الأمم وتكالبها على أمة الإسلام كما تتكالب الأكلة على قصعتها، وها هم أعداء الإسلام يقيمون المؤتمرات والمعاهدات من أجل القضاء على الإسلام وأهله، فها نحن نرى أعداء الإسلام وجرائمهم في الشِّيشان وفي البوسنة والهرسك وغيرها من البقاع الإسلامية، ومع هذا اتجه أبناء وبنات المسلمين إلى الإقتداء بأعدائهم وموالاتهم بل وأخذوا يتشبهون بهم في لباسهم وهيئتهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من تشبَّه بقوم فهو منهم"، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية، لكان في أمتي من يصْنَع ذلك"، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً، حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!"، فكيف نرضى يا مسلمون أن نكون من هؤلاء الكفار بتشبهنا بهم.

22- التماس العلم عند الأصاغر وهم طلبة العلم غير المتمكنين الراسخين في العلم يُسألون فيفتون بغير علم فَيَضِلُّون ويُضَلُّون. قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر".

23- ظهور النساء الكاسيات العاريات اللائى يغطين بعض جسدهن ويكشفن بعضاً أو يغطين بالملابس الضيقة والشفافة وما هن بمغطيات، وقد وصفهن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" وفي رواية العنوهن فإنهن ملعونات، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرِّحال، ينزلون على أبواب المساجد، نِساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهنَّ فإنهن ملعونات، لو كان وراءكم أمة من الأمم، لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم"، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشْرَفَها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها"، وفي رواية للطبراني، قال: "النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس، فَيَسْتَشْرِفَها الشيطان، فيقول: إنَّكِ لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضاً، أو أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عَبَدَت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها"، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أنه قال لفاطمة رضي الله عنها: ما خير للنساء؟ قالت: أن لا يرين الرجال ولا يرونهن، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنما فاطمة بضعة مني"، وفي هذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، بل من المؤسف أن ظهر في زماننا من النساء من تتشبه بلباسها بالرجال، ولا أدري كيف تقبل المرأة على نفسها أن تلبس من الملابس ما فيه تشبه بالرجال والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لعن الله الرجلة من النساء"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال" والله سبحانه وتعالى فطر الإنسان على أن يميل الرجال للنساء وتميل النساء للرجال فكيف بمن تعرض مفاتنها أمام الرجال إما بكشفها لمفاتنها أو بلباسها الضيق الذي يظهر مفاتنها ويُفَصِّل تقاطيع جسمها وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطر هذه الفتنة حيث قال "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، ونهى عليه الصلاة والسلام عما هو أدنى من ذلك وهو تعطر النساء ومرورهن على الرجال وهن متطيِّبات ووصفهن بالزنا حيث قال: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية"، فهل تقبل من كانت تؤمن بالله واليوم الآخر أن يصفها بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى عليه الصلاة والسلام، وهذا كله وللأسف واقع في زماننا من المقلدات لنساء الإفرنج والمتشبهات بهن، فكان هؤلاء النسوة الضائعات على الحقيقة يمشين في الأسواق، ويحضرن في مجامع الرجال ومعارضهم ومؤسساتهم شبه عاريات، قد كشفن رؤوسهن، وإن غطَّينه لا يُحْسِنَّ غطاءه، وكشفن رقابهن وأيديهن إلى المناكب أو قريب منها أو أكثر، وكشفن عن سوقهن وبعض أفخاذهن، وقد طلين وجوههن بالمساحيق، وصبغن شفاههن بالصبغ الأحمر، وتصنَّعن غاية التصنُّع للرجال الأجانب، ومشين بينهم متبخترات مائلات مميلات يفتِنَّ من أراد الله بهم الفتنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

24- تصدُّر السفهاء وتكلمهم في الأمور العامة للناس. قال صلى الله عليه وسلم: "بين يدي الساعة سنون خدَّاعة يُتَّهم فيها الأمين ويُؤتمن فيها المُتَّهم وينطق فيها الرويبضة قالوا: وما الرويبضة؟ قال: السفيه ينطق في أمر العامة".

25- يكون السلام للمعرفة، فلا يسلم الرجل إلا على من يعرف. قال صلى الله عليه وسلم: "أن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم إلا للمعرفة".

26- عدم تحري الرزق الحلال. قال صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام" وهذا ظهر باستحلال الربا وغيره من التعامل المحرم، سواء بالبيع والشراء أو بالتعامل مع البنوك الربوية، أو الأسهم الربوية أو غير ذلك.

27- يكثر الكذب ويعم.

28- تتقارب الأسواق دلالة على كثرة التجارة وفشوها. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب ويتقارب الأسواق ويتقارب الزمان ويكثر الهرج. قيل وما الهرج. قال: القتل" (رواه أحمد).

29- تكون إبل للشياطين وبيت للشياطين. أي يركب الرجل ناقته ويصطحب أخرى لا ليركبها ولا ليواسي بها المحتاج فتركبها حينئذ الشياطين. وكذلك يشتري الرجل البيت لا ليسكنه في الحال ولكن يدخره سنوات عديدة فتسكنه الشياطين. قال صلى الله عليه وسلم" تكون إبل للشياطين وبيت للشياطين ..".

30- تباهي الناس في المساجد وتفاخرهم بها وبأثاثها وزخرفتها. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد" (رواه أحمد وأبوداود).

31- خضاب الناس رءوسهم باللون الأسود. قال صلى الله عليه وسلم: "يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة" (رواه أبوداود وأحمد والنسائي)، ومن هذا يتبين تحريم صبغ الشعر بالسواد وإباحته بألوان أخرى ما لم تكن تشبه بالكفار، بل واستحبابه بغير السواد لقوله صلى الله عليه وسلم عندما أُتِيَ بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغمة (نبات أبيض الزهور والثمر) بياضًا: غيروا هذا بشئ واجتنبوا السواد (رواه مسلم).

32- تمني رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عند عموم الفتن وغربة الدين. قال صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله" (جزء من حديث متفق عليه).

33- يقل إقبال الناس على الطاعات والعمل للآخرة، فنسأل الله أن لا نكون من هؤلاء، وأن يعيننا على طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه.

34- يلقى الشح وينتشر بين الناس فيبخل كل بما في يده، صاحب المال بماله والعالم بعلمه والصانع بصناعته وخبرته. قال صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمان وينقص العمل ويُلقى الشُح ويكثر الهرج. قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل القتل" (رواه البخاري).

35- قتل الناس بعضهم بعضاً بغير ما هدف. قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل فيما قَتَلَ ولا المقتول فيما قُتِلْ" (رواه مسلم).

36- أن يكون المال العام نهبة للجميع لا يتورعون عن نهبه والغل منه.

37- تقل الأمانة.

38- تثقل على النفوس شرائع الدين، نسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا وَيُكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين.

39- يطيع الرجل زوجته ويعق أمه، وهذا من كبائر الذنوب ومن قطيعة الرحم.

40- يجفوا الرجل أباه ويُقَرِّب صديقه، وهذا أيضاً من كبائر الذنوب ومن قطيعة الرحم، وللأسف ها نحن نرى دور الرعاية قد امتلأت بالآباء والأمهات وقد تخلَّى عنهم الأبناء والبنات وامتنعوا حتى عن زيارتهم والسؤال عنهم، وأي عقوق أكبر من هذا العقوق، وبأي وجه سيقف هؤلاء أمام رب الأرض والسماء، اللهم اجعلنا من البارِّين بآبائنا وأمهاتنا، الواصلين لأرحامنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

41- ترتفع الأصوات في المساجد.

42- يكون زعيم القوم أرذلهم ويسود القبيلة فاسقهم.

43- يُكرَم الرجل مخافة شره لا لفضله وكرامته. قال صلى الله عليه وسلم: "… إذا كان المغنم دولاً والأمانة مغنماً والزكاة مغرماً وأطاع الرجل زوجته وعقَّ أمه وبرَّ صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وساد القبيلة فاسقهم وأُكْرِمَ الرجل مخافة شرِّه وشُرِبَت الخمور ولُبس الحرير واتُّخِذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء أو مسخاً وآيات تتابع كنظام بالٍ قطع سلكه فتتابع" (رواه الترمذي).

44- تكثر الشرطة وذلك لزيادة الفساد.

45- تقديم الرجل لإمامة الناس في الصلاة لجمال صوته وإن كان أقل القوم فقهاً وفضلاً.

46- بيع الحكم، أي: تُنال المناصب بالرشوة.

47- الاستخفاف بالدم. قال صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال ستاًّ، إمارة السفهاء وكثرة الشُّرَط وبيع الحكم واستخفافاً بالدم وقطيعة الرحم ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقهاً".

48- أن تشارك المرأة زوجها العمل والتجارة. قال صلى الله عليه وسلم: "بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور القلم" (رواه أحمد).

49- فشو القلم وكثرة التصانيف والتأليف.

50- أن يكون الولد غيظاً، وذلك لكثرة عقوقه لوالديه وجلب المشاكل لهما فيغيظهما في كل وقت.

51- ويكون المطر قيظاً، أي أنه يكون عذاباً بدلا من أن يكون خيراً ورحمة.

52- ويتعلم لغير الدين، أي ابتغاء منصب أو وظيفة أو مال يكتسبه.

53- ظهور السيارة وهذا من عجيب أخبار النبي صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرحال ينزلون بها على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات"، ومعنى كاسيات عاريات أي أنهن لابسات ملابس شفافة أو ضيقة أو مظهرات لبعض مفاتنهن فيكن كاسيات ولكنهن بالحقيقة عاريات.

54- ظهور التَّرف وحياة الدعة في الأمة الإسلامية. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مشت أمتي المطيطاء -أي: مشية فيها تبختر ومد اليدين- وخدمها أبناء الملوك أبناء فارس والروم سلط شرارها على خيارها" (رواه الترمذي).

55- ترتفع التحوت وتوضع الوعول أي: يُكرم الفسقة ويُهان الكرام، فها نحن اليوم نرى الكثير من الناس إلا من رحم الله يأخذ الفنانين والفنانات والمتبرجات والساقطات قدوة يقتدي بهم ويرى أن العلماء والفقهاء والإسلاميين معقدين ومتطرفين ونسي قول الله تعالى: " اَلأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ عَدْوُ إِلاَّ اَلْمُتّقِينَ " ونسي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" أي يحشره الله تعالى يوم القيامة مع من أحب، فإن أحب الصالحين فهو معهم، وإن أحب الفاسقين فهو معهم، ونحن لا نقول عن هؤلاء الذين يحرفون الكلم عن مواضعه فيتكلمون على الإسلاميين والملتزمين ويشوهون صورتهم إلا كما قال الله تعالى: "كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُج مِنْ أَفْوَاهِهمَ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبَا".

56- يقال للرجل ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان.

57- تمني الموت لكثرة الفتن. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه" (رواه البخاري).

58- تحاصر العراق ويمنع عنها الطعام والمساعدات.

59- ثم تحاصر الشام (سوريا-لبنان-الأردن-فلسطين) فيمنع عنها الطعام والمساعدات. وهاتان العلامتان السابقتان من أعجب ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان، فقد وقع هذا قريباً جداً حوصرت العراق ثم حوصرت فلسطين وتحقق قول نبينا المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إذ قال صلى الله عليه وسلم: "يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم قلنا: من أين ذاك، قال: من قبل العجم يمنعون ذلك. ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدى. قلنا من أين ذلك، قال: من قبل الروم…" (رواه مسلم وأحمد).

60- موت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

61- فتح بيت المقدس. وقد كان هذا في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

62- الموت الجماعي بالأوبئة والطواعين وغيرها كطاعون عمواس في زمن عمر والحروب العالمية.

63- ظهور الغلاء وارتفاع الأسعار حتى يعطى الرجل مائة دينار بل ثلاثمائة فيظل ساخطاً.

64- فتنة تدخل كل بيت من بيوت العرب وغيرهم كالتلفاز والأغاني فقد اقتحما كل بيت، والتلفاز خطره عظيم لا يخفى على عاقل ولا سيما الستلايت، والتعري الفاحش الذي يظهر فيه، قال الله تعالى: "قَل للمْؤْمِنينَ يَغُضوا مِنْ أَبْصَارِهِم"، وقال سبحانه: "وقُل للمؤمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِن"، وهذا لا شك يشمل النظر عموماً سواء كان نظراً مباشراً، أو عن طريق التلفاز أو غيره، فعن جرير رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فقال اصْرِفْ بَصَرَكْ " وقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين: يا علي لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظَرَة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لِكُلِّ بني آدم حَظُ من الزنا، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرِّجْلان تزنيان وزناهما المشي، والفَمُ يَزْني وزناه القُبَلْ، والقلب يَهْوَى وَيَتَمنىَّ وَالفَرْجُ يُصدِّق ذلك أو يُكَذِّبَه"، ولو سَأَلْنَا مَنْ يَجِلسْ مع زوجته وأهله أمام الستلايت أو في دور السينما هل تقبل أن تجلس أنت وأهلك في بيتك وترى أمامك رجل وامرأة مثلما تراهما في التلفاز، أي أنك تراه يُقبِّلها ويداعبها ويفعل ما يفعله الأزواج، سواء كان في بيتك أو في مكان آخر، لكان الجواب لا، ولا شك أن هذا من السَّفَه في العقول، إذ كيف تفرق بين هذه الحال وبين ما تراه في التلفاز وهو مشابه له، وأي فرق يوجد إلا أنك في هذه الحالة تَرَاهُمْ أنت وأهلك، وهم يَرَوْنِكْ، وفي التلفاز تراهُم ولا يَرَوْنِكْ، والرجل الغيور لا يقبل بذلك لأهله، وإلا تحقَّق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة ديوث، قيل: ومن الديوث يا رسول الله، قال: الذي يُقر في أهله الخبث"، والديوث هو الذي لا يغار على عرضه، فأي غيرة مع مِثلَ هذا، والله سبحانه وتعالى يقول: "يَا أيُّها الَّذين آمنوا قُوْا أَنْفُسَكُم وَأَهْلِيكَم ناراً وَقودُها النَّاسُ والحِجَارة عَلَيْها مَلائِكَةُُ غِلاظُ شِدَادْ لا يَعْصونَ اللهَ ما أَمَرَهُم وَيَفْعَلُونَ ما يُؤُمَرُون" والتلفاز والستلايت ما هما إلا وسيلة لتدمير الإسلام والمسلمين كما قال زعيم الماسونية: كأسُ وغانية يفعلان في الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فَأَغْرِقوها في حب المادة والشهوات، وللأسف استعملوه في إفساد الأمة الإسلامية ونحن ننظر، فالتلفزيون يعلِّم نساءنا كيف يَتَبَرَّجْنَ ويَتَعَرَّيْنَ وكيف يَخْتَلِطْنَ بالرجال، وكيف يَكْذِبْنَ وَيَخْدَعْنَ وَيَخُنَّ أزواجَهُنَّ، فهو حقيقةً دعوة صريحة إلى الزنا والخنا والخمر والقمار والاختلاط والسفور والانحلال، فاتقوا الله في أنفسكم وأولادكم وأهليكم، واعلموا أن الدنيا فانية وما عند الله باق.

65- هدنة ومصالحة تكون بيننا وبين الروم (أوروبا-أمريكا).

وهذه آخر علامة صغرى لأنه يكون في أعقابها وعلى إثرها الملاحم الأخيرة.

وقد تمت المهادنة وبدأت أطراف هذه العلامة الأخيرة تتراءى، فنحن الآن في صلح مع الروم. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم (هو داء يميت الدواب فجأة)، ثم استفاضة المال حتى يُعْطَى الرَّجُل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا يَبْقَى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فَيَغْدُرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية (راية) تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً"(رواه البخاري وأحمد).

فالهدنة التي بيننا وبين الروم أو بني الأصفر أو أمريكا وأوروبا هي آخر علامة من علامات الساعة الصغرى وذلك لأن الملحمة الكبرى التي سيقود المسلمين فيها "المهدي" عليه السلام ستكون في أعقاب هذه الحرب القادمة التحالفية (العالمية).

أما عن وصف هذه المعركة: فهي معركة عالمية تحالفية مدمِّرة تدور رحاها في أرض فلسطين يكون المسلمون والروم (أمريكا-أوروبا) فيها حلفاء فيقاتلون عدواً لهم كما أخبر عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم "ستصالحون الروم صلحاً آمناً فَتَغْزونَ أنتم وهم عدواً من ورائهم فَتَسْلَمُونَ وَتْغنَمون ثم تَنْزِلونَ بمَرْجٍ ذي تَلُولَ فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول: غَلَبَ الصَّليب فيقوم إليه رجل من المسلمين فَيَقْتِلُه فيغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمعون لكم في ثمانين غاية مع كل غاية إثنا عشر ألفاً"(رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود وصححه الألباني)

وفي هذه المعركة ينتصر المسلمين والروم على عدوهم ويُهزم الأعداء شر هزيمة فيرفع رجل من الروم الصليب ويقول انتصرنا بفضل هذا، فيقوم رجل من المسلمين ويقتله كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بالحديث، فيغدر الروم بالمسلمين ويقوم بتجهيز جيش لقتال المسلمين يستغرق تجهيزه تسعة أشهر ويكون القتال فيه بالسيوف والخيول والرماح كما كان في أول الزمان وذلك لأن هذه المعركة تُدَمِّرْ جميع الآليَّات والأسلحة النووية وغيرها.

ويتبع ذلك (الملحمة الكبرى) وهي التي تكون بين المسلمين والروم، ففي أثناء تجهيز الروم لقتال المسلمين يخرج المهدي المنتظر، ذلك الرجل الشاب وهو من المسلمين من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من وَلَدْ الحسن بن فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل الذي رواه أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ إسمه إسمي وإسم أبيه إسم أبي"، وهو كذلك فإن إسمه محمد بن عبد الله ووصفه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه أقنى الأنف، واسع الجبهة، ومعنى أقنى الأنف: أي أن أنفه طويل مع حدب بوسطه مع دقة في أرنبته، وهذا المهدي المنتظر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويحكم الأرض سبع أو ثمان أو تسع سنوات كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ومن العلامات التي تدل على أن هذا هو المهدي المنتظر هي أنه يبايعه قوم ليس لهم عدد ولا عدة عند الكعبة المشرفة بين الحجر الأسود ومقام ابراهيم، ومن العلامات الدالة أيضاً على أنه المهدي هي: أنه يأتي جيش من المسلمين ليقاتل المهدي ومن بايعه ويقضي عليهم، ولكن الله تعالى يخسف بهذا الجيش الأرض فتنشق الأرض وتبتلعهم ولا ينجوا منهم إلا رجل أو رجلان لكي يخبر العالم بأمرهم فيسمع بذلك الناس فيأتون من كل مكان لمبايعة المهدي المنتظر عليه السلام وهذا في التسعة أشهر التي يُجَهِّزْ فيه الروم للقتال وبعد ذلك تقوم الحرب بين المسلمين والروم وينتصر فيها المسلمون على الروم ويكون المهدي من ضمن جيش المسلمين.

وستكون هناك حروب كثيرة في عهد المهدي المنتظر وذلك بعد انتهاء حرب المسلمين والروم، فسيقوم المهدي المنتظر عليه السلام بفتح جزيرة العرب وفارس والروم والقسطنطينية، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم وأحمد وابن ماجة "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله"، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري وأحمد "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خَوْزاً وكِرْمَاَنْ من الأعاجم حُمْرَ الوُجوه فُطْسَ الأُنوفْ صِغارَ الأَعَيُنْ كأن وجوههم المَجَانُّ المطرقة"، والمجان المطرقة: هي الدرع الواقي للمقاتل. وبعد فتح القسطنطينية سيخرج المسيح الدجال:-

الذي ما من نبي إلا وحذر أمته الدجال وهي أشد فتنة يمر بها المسلمون فقد قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال". وهو رجل من بني آدم يهودي ممسوخ الخلقة، شيطاني النشأة، شيطاني الشكل والصورة، تحيط به الشياطين ويتبعه سبعون ألفاً من اليهود وهو حيُّ يرزق ولكنه محبوس في دير إلى أجل مسمى. ومما يدل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس قالت: سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مُصَلاَّه ثم قال أتدرون لم جمعتكم، قالوا الله ورسوله أعلم، قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تَميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهراً في البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أَقْرُبِ السَّفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أَهْلَبْ كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا وَيْلَكِ ما أَنْتِ فقالت أنا الجسَّاسة قالوا وما الجساسة قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال لما سمت لنا رجلاً فَرِقنا (خفنا) منها أن تكون شيطانه قال فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً وأشده وثاقاً مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا ويلك ما أنت قال قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم، قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم (هاج) فلعب بنا الموج شهراً ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أَقْرُبِهَا فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانه فقال أخبروني عن نخل بِيسَانْ قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يُثمر قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا تثمر، قال أخبروني عن بحيرة الطَّبَرِيَّة، قلنا عن أي شأنها تستخبر قال هل فيهما ماء، قالوا هي كثيرة الماء، قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال أخبروني عن عين زغر، قالوا عن أي شأنها تستخبر، قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين، قلنا له نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها، قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل، قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب، قال أقاتله العرب، قلنا نعم، قال كيف صنع بهم، فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم قد كان ذلك، قلنا نعم، قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وأني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان عليَّ كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا (مسلولاً) يصدني عنها وإن على كل نقب (الفرجة بين جبلين) منها ملائكة يحرسونها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة، ألا هل كنت حدثتكم ذلك، فقال الناس نعم، فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق، قالت فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن مكان الدير المحبوس فيه الدجال هو إقليم يسمى "خراسان" تحديداً من قرية يهودية "اصبهان" (أي على الحدود الروسية الإيرانية) ومما يدل على ذلك الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان" ومع معرفتنا لمكان الدجال إلا أنه لا يستطيع أحد أن يصل إليه أو يطلق سراحه لأن هناك وقتاً قَدَّره الله لخروجه فلا يتقدم عنه ساعة ولا يتأخر، وفتنته ليست فتنة قهر وجبر وإكراه وإنما هي فتنة شهوات وإغواء يستميل إليه ضعاف القلوب والإيمان من المسلمين فضلاً عن المشركين والملاحدة.

وتكون فتنة الدجال بأن يسخر الله له كل شئ حتى أنه يقول للسماء أمطري فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت الزرع فتنبت وما من شئ يطلبه إلا ويتحقق حتى أنه يأتي بالرجل فيقول له إذا أحييت لك أمك وأباك أتؤمن فيقول نعم، فيحيي أمه وأباه فيأتيانه فيقولان له يا بني إنه ربك فاتبعه وهو بالحقيقة لا يحييهم ولكن يتمثل له شيطانان بهيئتهما حيث أن الله يسخر له كل شئ. ولذلك وصفه وبينه لنا النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً كافياً لا يدع معه شك ولا تردد في التعرف عليه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين كأن عينيه عِنَبَةُ طافية" ومن أوضح العلامات أنه مكتوب بين عينيه "كافر" يقرؤها كل مؤمن قارئ وغير قارئ، وسوف يمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع وبقية أيامه كأيامنا، فمن قَدَّرَ الله له أن يرى الدجال فليتفل في وجهه وليقرأ عليه فواتح سورة الكهف أو خواتيمها فَيُعصَم بإذن الله، ومن عجز عن كل ذلك عليه أن يفر من أمام الدجال مع لزوم الذكر والدعاء فإنه بإذن الله لا يضره، ونذكر هنا حديث صحيح جامع لفتنة الدجال رواه ابن ماجه وابن خزيمة:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال وإن الله عز وجل لم يبعث نبيًا إلا حذر أمته الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم. وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينًا وشمالاً، يا عباد الله أيها الناس فاثبتوا فإني سأصفُه لكم صفةٌ لم يصفها إياه قبلي نبي، يقول: أنا ربكم، ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب وإن من فتنته أن معه جنةً ونارًا، فناره جنة وجنته نار فمن ابتلى بناره فليستعذ بالله وليقرأ فواتح الكهف. وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان يا بني اتبعه فإنه ربك.

وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه ثم يزعم أن له ربًا غيري فيبعثه الله ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله وأنت عدو الله أنت الدجال والله ما كنت قط أشد بصيرة بك من اليوم.

وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر، فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت. وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه، فلا يبقي لهم سائمة إلا هلكت.

وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت، وأعظمه، وأمده خواصر وأدره ضروعًا.

وإنه لا يبقى شئ من الأرض إلا وطنه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة، لا يأتيهما من نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته، حتى ينزل عند الضريب الأحمر، عند منقطع السْبخَة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج اليه، قتنفي الخبيث منها، كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، قيل: فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل.

وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح، إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكُص يمشي القَهقَرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصل، فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف، قال عيسى: افتحوا الباب فيفتحون ووراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء. وينطلق هاربًا.. فيدركه عند باب لُدّ الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شئ مما خلق الله عز وجل يتواقى به يهودي، إلا أنطق الله ذلك الشئ، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة، إلا الغرقدة، فإنها من شجرهم لا تنطق، إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال اقتله.

فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكمًا عدلاً، وإمامًا مقسطًا، يدق الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يُسعى على شاةٍ ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض وتُنزع حمة كل ذات حُمَة، حتى يُدخل الوليد يده في فَيّ الحية، فلا تضره، وتضر الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات.

وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظلِف إلا هلكت إلا ما شاء الله، قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير، والتحميد، ويجزئ ذلك عليهم مَجْزأة الطعام".

نزول عيسى بن مريم عليه السلام:-

وبعد هذه الأربعين يوماً التي يمكثها الدجال سينزل المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وعقيدة المسلمين أن عيسى بن مريم عليه السلام لم يُقتَل ولم يُصلَب ولكن رفعه الله إليه في السماء وأنه سيعود في آخر الزمان فَيَقتُل الدجال ويُظهِر الإسلام ويدعوا إليه.

ينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بسوريا ومعه المسلمين حيث مقر المهدي عليه السلام ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق" (رواه الطبراني) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً في وصفه لعيسى بن مريم ومكان نزوله "ليس بيني وبين عيسى نبي وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، ينزل بين ممصرتين (ثياب فيها صفرة خفيفة) كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل" (رواه أبو داود) وأول ما يفعله بعد نزوله هو أن يبدأ بالصلاة فهو ينزل وقد أقيمت صلاة الصبح وتقدم المهدي ليصلي بالناس وما أن يرى نبي الله عيسى عليه السلام حتى يتأخر ليقدمه لكي يأم الناس فيأبى عيسى عليه السلام أن يتقدم ويقول: (لا إن بعضكم على بعض أمراء)، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم وأحمد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا. فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة"، وفي رواية عند الإمام أحمد: "… فإذا هم بعيسى بن مريم فَتُقام الصلاة فَيُقال له: تقدم يا روح الله. فيقول: ليتقدم إمامكم فليصلّ بكم"

وهنا قد يُثار سؤالان:
السؤال الأول:ما الحكمة في نزول عيسى بن مريم عليه السلام بالذات دون غيره من الأنبياء؟
الجواب: قال ابن حجر في فتح الباري: "قال العلماء: الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرَّد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه، فبيّن الله تعالى كذبهم وأنه الذي يقتلهم"اهـ.

وفيه أيضًا رد على النصارى الذين يزعمون إلهيته، فيكذبهم الله بنزول عيسى وإعلانه بشريته، بل وإسلامه بكسر الصليب وقتل الخنزير ورفض الجزية.

السؤال الثاني:لماذا لم يُصلّ عيسى عليه السلام إمامًا ؟
الجواب: ما قاله ابن الجوزي: "لو تقدم عيسى إمامًا لوقع في النفس إشكال وقيل: أتراه تقدم نائبًا أو مبتدئًا شرعًا، فصلّى مأمومًا لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجهُ قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي". وبعد رفض عيسى عليه السلام إمامة المصلين، يصلي المهدي بالناس، وبعد الصلاة مباشرة يتولى بنفسه قتل الدجال ثم القضاء على بقية اليهود ثم يدعوا إلى الإسلام، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فلا يَقْبَل إلا الإسلام أو السيف.

ثم تضع الحرب أوزارها، ويعيش الناس في نعمة لم ينعموا مثلها، فترفع الشّحناء والبغضاء، وينزع السُّم من ذوات السُّموم حتى يُدخل الوليدُ يده في فيّ الحية فلا تضره، ويلعب الصبيان مع السباع والأسود فلا تضرهم، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبُها، وتخرج الأرض بركتها وتنزل السماء خيرها، ويتزوج عيسى بن مريم عليه السلام.

ثم يحج عيسى عليه السلام الكعبة المشرفة. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليُهِلَّن ابنُ مريم بفج الرَّوْحاء حاجًا أو معتمرًا أو ليثنّينهما".

ثم يمكث عيسى عليه السلام في الأرض (سبع سنين) وفي رواية (أربعين سنة) فالله أعلم بما سيكون. ثم يتوفى بعد أن يهلك الله في زمنه يأجوج ومأجوج.

العلامات الكبرى:
وهي على قسمين: علامات يراها المؤمنون وهي ستة علامات، وعلامات لا يراها المؤمنون وهي أربعة علامات.

والعلامات التي يراها المؤمنون بالترتيب هي: الدجال، وعيسى بن مريم عليه السلام، وقد تكلمنا على هاتين العلامتين وبيَّنَّاهما، ويتبعهما خروج يأجوج ومأجوج وذلك بعد أن يقتل عيسى عليه السلام المسيح الدجال.

يأجوج ومأجوج طائفتان من التُّرْكْ من ذرية آدم عليه السلام والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين: "عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى يوم القيامة، يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك: قم فابعث بعث النار من ذريتك، فيقول: يارب وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. فحينئذ يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. قال: فاشتد ذلك عليهم. قالوا يا رسول الله أَيُّنَا ذلك الواحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا، فإن منكم واحداً ومن يأجوج ومأجوج ألفاً" وهذا الحديث يدل على كثرتهم، وعلى أنهم أضعاف الناس مراراً عديدة. ومما يدل على ذلك أن المسلمين سيوقدون من قِسِّي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين ومعنى النشاب: السهم

ثم أنهم من ذرية نوح عليه السلام والدليل قول الله تعالى عن نوح "وَجَعَلنا ذُرِيَّتَهُ هُمْ اَلْبَاقِيِن" ونوح عليه السلام له ثلاثة من الأولاد سام و حام ويافث، فسام أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك، ومما يدل على ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ولد لنوح سام وحام ويافث فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر والسودان".

وأما عن وصفهم فلهم نفس أوصاف الترك المغول (عراض الوجوه-صغار الأعين-صهب الشعور (سواده يضرب إلى البياض أو الكدرة)- كأن وجوههم المجان المطرقة (أي التروس المستديرة)، وجاء بهذا الوصف حديث رواه أحمد في مسنده.

وأمتي يأجوج ومأجوج موجودتان الآن وهما محبوستان خلف السَّد الحصين المنيع السميك الذي بناه عليهم ذو القرنين بسبب إفسادهم وشرورهم وهذا ما دلت عليه الآية في قوله تعالى: "حَتَّىَ إِذَاَ بَلَغَ بَيْنَ اَلْسَدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهمَا قَوّمَاً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَولاَ، قَالُوا يَذَا الْقَرْنَيِنِ إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مُفِسدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجَاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَاَ وَبَيْنَهُم سَدَاً، قَاَلَ مَا مَكَّني فِيهِ رَبّي خَيرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلُ بَيُنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمَاً" (الكهف/95:93)، وهذا السد موجود على الحدود التركية الروسية قريباً من جبال القوقاز كما دل على ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما وهو مذكور عند أكثر المفسرين حيث قال: (وهو في منقطع بلاد الترك مما يلي أرمينيا وأذربيجان) ولا يستطيع أحد الوصول إليهم وإخراجهم، وإنما يكون خروجهم عندما يأذن الله لهم بالخروج، وهذا بعد أن يقتل عيسى عليه السلام الدجال فَيُلْهِمَ الله أميرهم بأن يقول ارجعوا سنفتحه غداً إن شاء الله، حيث أنهم مُنْذُ حُبِسُوا في هذا المكان وهم يحاولون الخروج، ويحاولون كل يوم ثقب هذا السور لكي يخرجوا، حتى إذا كادوا أن يروا شعاع الشمس يقول الذي عليهم ارجعوا سنفتحه غداً فيرجعون ويأتون باليوم الثاني وإذا بالسد عاد كما كان حتى يقولوا إن شاء الله فَيُسَهِّلْ الله لهم الخروج، ومما يدل على محاولاتهم ثقب السد قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصحيحين عندما استيقظ من النوم فزعاً "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون، قال نعم إذا كثر الخبث" والخبث يعني الفسق والمعاصي والنفاق.

وفتنة يأجوج ومأجوج عامة وشرهم مستطير لا يملك أحد دفعهم، حتى أنهم إذا خرجوا أوحى الله عز وجل إلى عيسى عليه السلام (أني أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم فحرِّزْ عبادي إلى الطَّوْرْ) فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه فسادهم وشرهم فيرغب إلى الله عز وجل فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله. وأما العصمة من يأجوج ومأجوج سيتولى عيسى بن مريم عليه السلام توجيه المسلمين فيها حيث يوحي الله إليه حَرِّزْ عبادي إلى الطَّوْرْ، وهو طَوْرِ سيناء بأرض مصر، ومما يدل على ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً فيعودون إليه كأشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله عز وجل أن يبعثهم إلى الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله وَيُستثنى فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فَيُنَشِّفُونَ المياه وَيَتَحَصَّنَ الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفاً (دود يكون في أنوف الإبل والغنم) في أقفائهم فيقتلهم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمدٍ بيده إن دواب الأرض لتسمن شكراً من لحومهم ودمائهم".

طلوع الشمس من المغرب:-

وتلي هذه العلامة طلوع الشمس من مغربها، والشمس منذ خلق الله السموات والأرض- وهي تطلع كل يوم من المشرق وتغرب في المغرب، حتى إذا جاء الموعد الموعود استأذنت ربها أن تطلع كعادتها فلا يأذن لها ثم تستأذن فلا يأذن لها ثم تستأذن فلا يأذن لها فتبقى ثلاثة أيام لا تطلع الشمس، وبعد ذلك يأذن لها الله بالطلوع من المغرب، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون أين تذهب هذه الشمس، إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يُقال لها ارتفعي، ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي اصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها، أتدرون متى ذاكم؟ حين "لا يَنْفَعُ نَفْسَاً إِيْمَاَنُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل أَوْ كَسَبتْ فِي إِيمَاَنُهَا خَيْراَ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت من مغربها ورآها الناس آمنوا جميعاً فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" (متفق عليه)، فعند ذلك يُغلق باب التوبة حيث لا ينفع الناس إيمانهم ما لم يكونوا آمنوا من قبل.

الدابة:-

وتليهما الدابة حيث قال تعالى: "وإذَا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلأرضِ تُكَلِّمُهُمْ إِنَّ اَلْنَاسَ كَاَنُوا بِآَيَاِتَنا لا يُوقِنُونْ" (النمل/82)، وهذه العلامة قرينة طلوع الشمس فإما أن تسبقها وإما أن تليها كما بيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى فأيتهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً"(رواه مسلم وأحمد وأبوداود وابن ماجة) وأما عن وصفها فليس هناك أثر صحيح في وصفها إلا أنه قيل أنها دابة عظيمة الخَلْقْ، لها ريش وزغب (زغب: ما يعلوا الغثاء من الوبر فإذا كبر تساقط) وقوائم. وإن كان لا يهمنا وصفها وذلك لأنه لن يكون لأحد اهتمام بشكلها أو أن يقف ينظر إليها وإنما سيخرجها الله لمهمة تكليم الناس فقط فتقول لهم: إن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون. وتضع علامة في وجوههم فَيُعرَف المؤمن من الكافر، وهذا ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تخرج الدابة معها خاتم سليمان وعصا موسى فتجلو وجه المؤمن وتختم أنف الكافر بالخاتم حتى إن أهل الخوان ليجتمعون فيقال ها ها يا مؤمن ويقال ها ها يا كافر ويقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر" (رواه أحمد وأبوداود).

الدخان:-

وتليها الدخان حيث قال تعالى: "فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ، يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيم" (الدخان/10،11) وروى ابن جرير عن عبد الله بن أبي مليكة قال: "غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت لم؟ قال طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت"، وهذه العلامة يراها المؤمنون ولا تضرهم شيئاً وإنما هي إنذار للكافرين ببدء حلول العذاب ونزول النقمة بهم. ويمكث الدخان أربعين يوماً.

ولذلك بعد ظهور هذه العلامة تأتي ريح ليِّنة من قبل اليمن فتقبض أرواح المؤمنين جميعاً ولا يبقى إلا الكافرين، وذلك لصب العذاب عليهم وممايدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته" (رواه مسلم والحاكم).

ومما ذكرناه يتبين لنا أن العلامات التي يراها المؤمنون بالترتيب هي:
(الدجال-عيسى بن مريم عليه السلام-يأجوج ومأجوج-طلوع الشمس من مغربها-الدابة-الدخان)

والعلامات التي لا يراها المؤمنون حيث أن الله تعالى يتوفى النفوس المؤمنة قبلها حتى لا يروا زلزلة الساعة وهي ثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، والرابعة نار تخرج من قعر عدن أو من المشرق تسوق الناس إلى محشرهم، والخسف: هو انشقاق الأرض وابتلاعها الناس وهو نوع من أنواع العذاب والنقمة. ومما يدل على عدم رؤية المؤمنين لهذه العلامات قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق" وقوله "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله".

وختاما نقول:

ينبغي على المسلم أن يتقي الله عز وجل وأن يستعيذ به من المسيح الدجال، لعل الله أن يقينا وإياكم فتنة الدجال ويجعلنا وإياكم من أهل الجنان ويحجب عنا وعنكم بعفوه النيران، كما أنه ينبغي عليه أن لا يكون من الجيش الذي يذهب لقتال المهدي عليه السلام، وأن لا يكون من الثلث المنهزم من الملحمة الكبرى فَيُحرَم التوبة فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم من يستشهد بهذه الملحة الكبرى بأنه أفضل الشهداء وأما الثلث الذي يفر من القتال فقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شر الخلق يوم القيامة وبأنه لا توبة له وذلك لأنه خذل المسلمين في وقت حاجتهم إليه ونبين هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن في هذه الملحمة الكبرى سيهزم ثلث الجيش وهم من شرار الخلق، وسيستشهد الثلث الثاني وهم أفضل الشهداء عند الله، وسينتصر الثلث الثالث والأخير وهم من أفضل الخلق، وذلك في الحديث الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم: خلّوا بيننا وبين الذين سَبُوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون: لا والله لا نُخلّى بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث (أي ينسحب ويفر من المعركة ويخذل المسلمين أحوج ما يكونون إليه) لا يتوب الله عليهم أبدًا ويُقتل ثلث أفضل الشهداء عند الله ويفتح ثلث لا يُفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علّقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون-وذلك باطل- فإذا جاءوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال يُسوّون الصفوف إذ أقُيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم-عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- فأمّهم (أي قصدهم وتوجه إليهم) فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح فلو تركه لانذاب حتى يَهلِك ولكن يقتله الله بيده (أي بيد عيسى عليه السلام بحربته) فيريهم دَمَه في حربته".

فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إليه وتذكروا أن الدنيا فانية وأن الآخرة هي الباقية. وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، وضعوا نصب أعينكم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث يقول: "حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا َوزِنُوا أَعْمَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوَزَنَ لَكُمْ ".

ولا تنسوا عباد الله أن قلوبكم معلقة بيد الله يُقَلِّبُهَا كيف يشاء حيث أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث الذي رواه الترمذي "عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِرْ أن يقول، يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك، فقلت يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا، قال نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يُقَلِّبُهَا كيف يشاء". فاتقوا الله واخشوا يوماً لا تجزي نفس عن نفسٍ شيئا ولا مولودٌ هُوَ جازٍ عن والده شيئا واعلموا أنه من أراد الله به خيراً فذلك الخير كله ومن أراد الله به شراً فلا يلومنَّ إلا نفسه.

وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .




جزاكى الله كل خير

خليجية




جزآآك الله خيرآآ ياااقممر||..:rmadeat-712c2fb95b:




التصنيفات
منتدى اسلامي

الدنيا دار الابتلاء والفتن

ما هي الدنيا ؟.

الحمد لله
الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء والجزاء سيكون بالجنة للمؤمنين والنار للكافرين
.

ولما كانت الجنة طيبة . ولا يدخلهما إلا من كان
طيباً والله طيب لا يقبل إلا طيباً لذا جرت سنة الله في عباده الابتلاء بالمصائب
والفتن , ليعلم المؤمن من الكافر ويتميز الصادق من الكاذب كما قال سبحانه : (
أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم
فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) العنكبوت/2- 3 .

ولن يتم الفوز والنجاح إلا من بعد امتحان يعزل
الطيب عن الخبيث ويكشف المؤمن من الكافر كما قال سبحانه ( ما كان الله ليذر المؤمنين
على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب )
آل عمران/197 .

ومن الابتلاء الذي يبتلي الله به عباده ليتميز
به المؤمن من الكافر ما ذكره الله بقوله : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص
من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا

إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
) البقرة/154-156 .

فالله يبتلي العباد ويحب الصابرين و يبشرهم بالجنة
.

ويبتلى الله عباده بالجهاد كما قال سبحانه : (
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )
آل عمران/142 .

والأموال والأولاد فتنة يبتلي الله بهما عباده
ليعلم من يشكره عليها ومن ، يشتغل بها عنه ( واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة
وأن الله عنده أجر عظيم ) الأنفال/28 .

ويبتلي الله بالمصائب تارة وبالنعم تارة ليعلم
من يشكر ومن يكفر ومن يطيع ومن يعصى ثم يجازيهم يوم القيامة ( ونبلوكم بالشر
والخير فتنة وإلينا ترجعون ) الأنبياء/35 .

والابتلاء يكون حسب الإيمان فأشد الناس بلاءً الأنبياء
, ثم الأمثل فالأمثل قال عليه الصلاة والسلام ( إني أوعك كما يوعك رجلان منكم
) أخرجه البخاري/5648 .

والله سبحانه يبتلي عباده بأنواع من الابتلاء .

فتارة ً يبتليهم بالمصائب والفتن امتحاناً لهم
ليعلم المؤمن الكافر والمطيع من العاصي والشاكر من الجاحد .

وتارة يبتلى الله عباده بالمصائب ، إذا عصوا ربهم
فيؤدبهم بالمصائب لعلهم يرجعون كما قال سبحانه : ( وما أصابكم من مصيبة فبما
كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) الشورى/30 .

وقال سبحانه : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا
لربهم وما يتضرعون ) المؤمنون/76 .

والله رحيم بعباده يكرر الفتن على الأمة لعلها
ترجع وتنيب إليه وتهجر ما حرم الله , ليغفر الله لها كما قال سبحانه : ( أولا
يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ) التوبة/126
.

ومن رحمة الله , أن تكون العقوبة على المعاصي في
الدنيا لعل النفوس تزكو وتعود إلى الله قبل الموت ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى
دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) السجدة/21 .

وتارة يبتلي الله عباده بالمصائب لرفع درجاتهم
وتكفير سيئاتهم كما قال عليه الصلاة والسلام : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب
, ولا هم ولا حزن , ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه
) متفق عليه ، أخرجه

خليجية




بارك الله فيك



التصنيفات
منوعات

احنا فعلا في زمن الفتن

والله صرت أسمع وأقرأ عن مشايخ في الأمة الاسلامية
حرام عليهم إنهم يتسمّوا بتسمية المشايخ ، وحرام عليهم إنهم يستعملوا الانترنت لنشر السخافات والفتن .

* شيخ بيوصف موت ولي العهد السعودي بإنه مُصاب كبير ووقعه أهول وأعظم من موت الرسول عليه الصلاة والسلام ( طبعاً حسبي الله ونعم الوكيل عليه)

* شيخ بطلع بزواج اسمه ملك اليمين (طبعاً رح نبلّش العد لحالات الزواج من هذا النوع وحالات الحمل من غير توثيق زواج و ………………… المصايب جاي )

* وشيخ بقول إنه المسلمين بيتفرغوا لـ 73 فرقة تقريباً لكن واحدة فقط من هذه الفرق رح تدخل الجنة وهي فرقة أهل نجد وعلماؤها ومن تبعهم.( بمعنى آخر لو احنا مش من أهل نجد وما تّبعنا علماءها فإحنا من أهل النار ) كمان كتب ان "عاميّا في نجد خير من عالم في مصر".

الله يجيرنا من الجاي لإنه أعظم
احنا فعلاااااااا في زمن الفتن .

خليجية




خليجية[/IMG]



مشكورة على الموضوع



لاحولولاقوة الا بالله الله يكفينا شر الفتن ماظهر منها وما بطن … والله يثبتنا



يعطيك العافيه



التصنيفات
منتدى اسلامي

كيف نهجر الفتن ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

المؤمن طوال عمره مهاجراً لأنه وقف عند قول الحبيب {وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ }[1] فدائماً يهجر ما نهى عنه الله وما حذر منه رسول الله إذا وُجدت فتن – كما نرى الآن – هجر هذه الفتن وصان لسانه وأعضاءه من الخوض فيها إلا إذا أراد أن يقول كلمة خير أو يتوسط ليصلح بين طائفتين أو يُهدئ الأمور بين فريقين وبذلك يكون قد أحسن وله كريم الأجر والمثوبة عند الله لكن لا يؤجج فتنة ولا يثير زوبعة ولا يردد الكلام الذي يزيد الأمور اشتعالاً بين الأنام يردد الكلام الذي يؤدي إلى الوفاق والذي يجلب الاتفاق

فالمؤمن دائماً وأبداً يهجر ما نهى الله عنه يهجر المعاصي ما ظهر منها وما بطن يهجر قرناء السوء {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأنعام68 ويجالس الصادقين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}التوبة119 يهجر وسائل الإعلام التي تعمل على إثارة الفتنة وزيادة الاشتعال في صدور الأنام حتى يكون في راحة بال ويستطيع أن يؤدي ما عليه من فرائض أو ذكر أو تلاوة كتاب الله للواحد المتعال إذاً نفسي تشغلني بهذا عن الله

وقد قيل: (نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل) لأنك تحفظ ما تقوله الفضائيات وتذاكر ما تكتبه الصحف والمجلات وتقطع الوقت بالأحاديث التي تثبت أنك متابع جيد للفضائيات وقارئ عبقري لكل الصحف والمجلات لا تفوتك شاردة ولا واردة ولا رأى لفلان أو علان هب أنك جاءك أمر الله وأنت على ذلك ماذا تقول لربك؟ إذا كان الله يعاتب من شُغل بماله وأهله وماله يُنميه وأهله يقوم لهم بما كلَّفه به خالقه وباريه من مسئوليات فكيف يشغل نفسه بما لا يفيد لا في الدنيا ولا في يوم الوعيد

واقطع الوقت في نوال نفيس ؛؛؛؛؛؛؛؛ بجهاد لمحت فيه رضاه

إذا رأيت كثير من أهل هذا الزمان في خبال ويُضيعون عمرهم – كما قيل- في قيل وقال فهل يجوز لك أن تقتفي أثرهم؟ أو تمشي على منهاجهم؟ أم تمشي على منهاج سيد الأولين والآخرين وتقتفي أثر الصالحين؟ فالمؤمن ليس له وقت لقطعه في الفتن لا أقول: لا تتابع أو لا تقرأ لكن خذ الضروريات ولا تشق على نفسك بمتابعة التفصيلات واشغل نفسك بعد ذاك فالوطن كله بعد ذلك يحتاج إلى رجال قلوبهم صافية يتوجهون إلى الله بإخلاص القصد وصفاء الطوية وتُفتح لهم أبواب الإجابة ويفتح الله لهم كنوز الإستجابة فيدعون الله فيُطفئ نار الفتن إذا كان الكل مشغول البال بهذه الفتن فأين هؤلاء الرجال؟ هل نستطيع أن نستورد رجالاً من هنا ومن هناك ليدعوا لنا؟ وأين الصالحون فينا وأين رجالنا؟ نحتاج إلى بعض الصفاء وبعض الوفاء للقيام بما كلفنا الله ومتابعة حبيب الله ومصطفاه

سهام الليل صائبة المرامي ؛؛؛؛؛؛ إذا وُترت بأوتار الخشوع
يُصوبها إلى المرمى رجال ؛؛؛؛؛؛ يُطيلون السجود مع الركوع
إذا أوترن ثم رمين سهماً ؛؛؛؛؛؛ فما يُغني التحصن بالدروع

ألسنا في أمَسِّ الحاجة الآن إلى هؤلاء الرجال؟ ومن هم غيركم على أن تسدوا الباب لهذا اللغط الدائر في كل مكان وتتوجهون بإخلاص الطوية وصفاء النية أن يطفئ الله هذه النار المشتعلة في الصدور لو كانت نار متوهجة في المباني لاستعنا بمطافي أمريكا واليابان وغيرها لتطفئها لكنها نار في الصدور لا يُفلح في إطفائها الكافرون ولا المشركون ولا المساعدون ولا المعاونون لا يُطفئها إلا من يقول للشيء كن فيكون فنسأل الله أن يطفئ نار الكراهية والغضب والإحن في الصدور

فيجب أن نهجر لغو الكلام وكل ما يتعلق بالذنوب والآثام وكل ما يغير قلوب الخلق نحو دين الإسلام لأننا نقدم صورة قبيحة للإسلام في العالم كله أخطأ البعض فظنوا أنهم على الحق بينما لو نظر هؤلاء وهؤلاء لوجدوا أنهم يُسيئون إلى دين الله لأن العالم الغربي والأمريكي وغيره يُشنعون علينا الآن أن هذا هو الإسلام قوم مختلفون ومتفرقون ولا يجتمعون ويُراهنوا على أنهم لن يجتمعوا أبداً لأنهم وصلوا إلى طريق مسدود وهل هناك بين أي مسلم وأخيه طريق مسدود؟ ولماذا؟ من أجل الدنيا أو المناصب أو المكاسب صحيح أن هؤلاء يُسيئوا إلى الإسلام لأنهم لم يتربوا على مائدة ال***** عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فما أولانا أن نلفت نظر الناس ونظرهم إلى السُنَّة المباركة التي رباها الحبيب وكيف كان تعاملهم مع بعضهم




التصنيفات
سيرة النبي وزوجاته والصحابة

فعل الخيرات من اسباب النجاة من الفتن


فعل الخيرات من أسباب النجاة من الفتن

{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

إنّ مِنْ أسبابِ النجاةِ مِنْ الفِتَنِ : التمسكَ بالكتابِ والسنّةِ والاعتصامِ بهما كما جاء في حديثِ العِربَاضِ بن سَاريةَ رضي الله عنه : " فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ ‏ ‏وَمُحْدَثَاتِ ‏ ‏الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا ‏ ‏بِالنَّوَاجِذِ .."

شواهدَ على ذلكَ من الكتابِ والسنّةِ منها :

قصةُ يُونسَ عليهِ السلامُ في بطنِ الحوتِ كما قالَ اللهُ تعالى : { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } فَذَكَرَ سبحانَهُ وتعالى أنَّ تسبيحَهُ وصلاتَهُ وطاعتَهُ وذِكرَهُ للهِ عز وجل كان سبباً في نجاته …

وكذلكَ قصةُ جُريجٍ العابد كما في الحديث المتفقِ عليهِ واللفظُ لمسلمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ , وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا فَاتَّخَذ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي , فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ .
فَقَالَ : يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَتْ .
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ :
يَا جُرَيْجُ , فَقَالَ : يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَتْ .
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ :
يَا جُرَيْجُ , فَقَالَ : أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ .
فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ .
فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا فَقَالَتْ :
إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ , قَالَ : فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ : هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ , فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ , فَقَالَ : مَا شَأْنُكُمْ ؟
قَالُوا : زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ .
فَقَالَ : أَيْنَ الصَّبِيُّ ؟
فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ وَقَالَ :
يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ ؟
قَالَ : فُلَانٌ الرَّاعِي .
قَالَ : فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَقَالُوا نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ , قَالَ :
لَا أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ فَفَعَلُوا .. " الحديثَ

ففي الحديثِ أنَّ مِنْ أسبابِ نجاةِ جُريجٍ عبادتَه في الرخاءِ وصلاتَه وطاعتَه لله عز وجل …

ومِنْ أسبابِ النجاةِ :

الدعاءَ والتوكلَ على اللهِ وملازمةَ التقوى والعبادةَ في زَمنِ الفِتَنِ والأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المنكرِ والالتفافَ حولَ العلماءِ الربانيينَ وغيرَ ذلك …




جَزاكِ الله خيرا حبيبتي




جزآك الله خير

وجعله في موازين حسناتك