أقام أرياط سنين ملكا على اليمن وكان قائد جيشه أبرهة .
غار أبرهة من أرياط وحسده على ملكه وتفرقت الحبش عليهما ، البعض يناصرون أرياط ، والآخرون يناصرون أبرهة .
أرسل أبرهة إلى أرياط وقال نتبارز ، وأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده ، وخرجا للمبارزة .
ضرب أرياط أبرهة فوقعت الحربة على جبهته وشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفته (ومنذ ذلك الوقت عرف بأبرهة الأشرم ) .
هجم جنود أبرهة على أرياط وقتلوه ، وانضم جنود أرياط إلى جنود أبرهة .
ولما سمع النجاشي بما حدث ، أقسم أن يجز ناصية أبرهة.
جز أبرهة ناصيته وحلق شعره ، وملأ جرابا ً من تراب أرض اليمن مع الشعر ، وأرسل به إلى النجاشي يستسمحه وقال له في رسالة :ــ
( أيها الملك إنما كان أرياط عبدك ، وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك ، وكل طاعته لك إلا إني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في ) .
فلما رأى النجاشي حكمته عفا عنه .
بنى أبرهة كنيسة لم يرى مثلها على الأرض وأرسل إلى النجاشى أنه سيصرف الناس للحج إليها ، حسدا لأهل مكة على البيت العتيق ، وسخر أهل اليمن فى بنائها ، ومن تباطأ قطع يده.
بناها على صنمين طولهما ستون ذراعا ( الذراع = 64 سم ) ومن يتعرض لها بأذى أو سرقة تصيبه الجن بالسوء .
سمع رجل من مكة كان ينسأ الشهر الحرام فغضب وأتى الكنيسة وأحدث فيها .
فلما علم أبرهة غضب وأقسم أن يذهب البيت الحرام ليهدمه ، فسار بجنوده من الحبش ومعه الفيل محمود الذى اشتهر بالشراسة والقوة .
جمع رجل من أشراف اليمن يدعى ( ذو نفر ) العرب من قومه لحرب أبرهة ، وتعرض له فهزم ذو نفر وأسره الحبش .
ثم مضى أبرهة فى طريقه إلى البيت ، فتعرض له نفيل بن حبيب ،ولكنه أسر ، وكلما مر أبرهة بقوم خضعوا له حتى وصل الطائف ووصل مكة .
أخذ رجل حبشى أموال من قريش ومنها مائتى بعير لعبد المطلب بن هاشم ( جد الرسول ) وقد كان سيد قريش .
ولم يقدر عرب قريش أن يتصدوا لأبرهة فأرسل لهم أنه لم يأت لمحاربتهم ، ولكنه أتى ليهدم البيت ،وطلب مقابلة كبيرهم ، فجاءه عبد المطلب فقال له أنهم لاطاقة لهم بالحرب ، وأن البيت بيت الله ، وبيت خليله إبراهيم ، وأنه حرم الله هو يمنعه .
أرسل أبرهة لعبد المطلب ليتداول معه ، وقربه منه وأجلسه على بساطه حيث أنه زعيم القوم وكان بينهما ترجمان .
سأل عبد المطلب أن يترك البعير ، فتعجب أبرهة من سؤاله ، إذ حدثه فى أمر البعير ولم يكلمه فى البيت الذى هو بيت الله ودينه ودين آبائه وأجداده ، ولقريش السيادة بين العرب لهذا البيت ، فقال له عبد المطلب " إنى رب الإبل ، أما البيت فله رب يحميه " ، فرد أبرهة الإبل إلى عبد المطلب
قام عبد المطلب ومعه نفر من قريش وأخذ بحلقة باب الكعبة يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده .