سمَّى الله سبحانه وتعالى نفسه بالقويّ في كثير من النصوص القرآنية؛ منها قوله تعالى :
{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. (الأنفال:52)،
قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَاب}. (غافر:22).
والقويُّ في أسماء الله معناه أنَّه صاحبُ القدرة المطلقة وكمال المشيئة، والقوَّة خلاف الضعف والعجز، وهي الاستعداد الذاتي للقيام بالفعل، والله سبحانه قويٌّ في ذاته غيرُ عاجز،
لا يعتريه ضعف أو قصور، ولا يتأثر بوهن الدّهور، ولا يمنعه مانع ولا يدفعه دافع، فالقُوَّةُ نقيض الضَّعف؛ قال الله عزَّ وجل لموسى حين كتب له الأَلواح: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ
قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (لأعراف:145) أَي: خذها بقُوَّة في دينك وحُجَّتك، وقال ليحي: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مريم:12)
وغالباً ما يقترن اسم الله القوي باسمه العزيز، ليبيِّنَ أنَّ قوَّته سبحانه عن عزَّة وغنى، لأنَّ القوَّة دائماً تتبعها مصلحة وحاجة تعود على صاحبها، فأصحاب القوَّة في العالم؛
إمَّا يؤمِّنُون بها أنفسهم، أو يمنحونها لغيرهم طلباً لتبعيتهم وشراءً لذمتهم أو تهديداً لنهب لثرواتهم، أمَّا ربُّ العزَّة والجلال فهو الغني عن العالمين،
وهو القويُّ الذي يلطف بالخلق أجمعين، فقوَّته عن عزَّة وقدرة وحكمة.
ومن النصوص القرآنية التي ارتبط فيها اسم الله القوي باسمه العزيز؛ قوله تعالى :
{ فَلمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}. (هود:66)،
قوله تعالى:{ اللهُ لطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}. (الشورى:19)
قوله تعالى:{ الذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ
بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لهُدِّمَتْصَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَليَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لقَوِيٌّ }.(الحج:40).
وقوله تعالى: {مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. (الحج:74).
وقوله تعالى: {لقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ
شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. (الحديد:25).
وقوله تعالى:{ كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. (المجادلة:21).
وقوله تعالى:{ وَرَدَّ اللهُ الذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً }. (الأحزاب:25).
وكذالك في الأحاديث النبوية الشريفة، فقد ورد اسم الله القوي مقترناً باسم الله العزيز، من هذه الأحاديث ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده
عن عائشة رضي الله عنها في ذكرها لقصة يوم الخندق أنها قَالتْ:
((وَبَعَثَ اللهُ عَزَّ وَجَل الرِّيحَ عَلى الْمُشْرِكِينَ فَكَفَى اللهُ عَزَّ وَجَل الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً)).
فإذا امتلك المؤمن القوَّة عليه أن يسخرها في طاعة الله سبحانه وفي عمارة الأرض بالخير
والعمل الصًّالح، وألاَّ يبخل بها في دعم مسيرة العمل الإسلامي المتعدّدة إذا طلبت منه
فإذا عَلِمَ المسلم معانيَ اسم الله القوّي تعزَّز بقوَّته سبحانه، والتجأ إلى حِمَاه وقوَّته، فمن استمد قوَّته من الله عزّ وجل، فلن تغلبه قوى
الأرض كلّها لو اجتمعت، وبدأ يسعى في الأرض ليحصّل مصادر القوَّة المعنوية والمادية ليتمكَّن منها، وليعمل على تحقيق قوله تعالى
:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }. (الأنفال:60).
لأنَّه أمرٌ إلهيٌّ جازمٌ بإعداد كلّ ما في الاستطاعة من قوَّة، ولو بلغت القوة من التطوّر ما بلغت.
والقوَّة عند المؤمن مرغوبة ومطلوبة، فالمؤمن القويّ محبوبٌ عند الله سبحانه، ففي صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ الْمُؤمِنِ الضَّعِيفِ وفي كُلٍّ خَيرٌ احرص على مَا يَنفَعُكَ وَاستَعِن بِالله وَلا تَعجِزْ)).
فإذا امتلك المؤمن القوَّة عليه أن يسخرها في طاعة الله سبحانه وفي عمارة الأرض بالخير والعمل الصًّالح، وألاَّ يبخل بها في دعم مسيرة العمل الإسلامي المتعدّدة
إذا طلبت منه، وليكن رهن الاستجابة في الإشارة القرآنية في سورة القصص: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} (35)
أي: سنقويك به، وفي سورة طه : {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} (آية:31). والأزر: القوَّة .
وإذا كان في قتال الأعداء، وهو ممتلك للقوَّة عليه ألاَّ يسالمهم، قال:{ فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السّلمِ وأَنتُمُ الأَعلَوْنَ}. (محمَّد:35)،
لذلك قال بعض الفقهاء : (إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو لم يجز مسالمتهم).
لكنَّه إذا همَّ بالظلم تذكَّر قوَّة الله، قال تعالى: {أوَلمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} (فاطر:44).
[/IMG]
[/IMG]
ع الطروحات … يعطيكي العافية
الله يشفيكي و يعافيكي يا رب