التصنيفات
منوعات

المؤمن القوي هو من لا يقنط من رحمة الله ابدا

خليجيةالعاب بنات

الإيمان أنه لا يأس من رحمة الله.

اليَأْس: القُنوط، وقيل: اليَأْس نقيض الرجاء، يَئِسَ من الشيء يَيْئَس ويَيْئِس نادر، وقال ابن فارس: اليأس: قطع الأمل، قال: وليس في كلام العرب ياءٌ في صدر الكلام بعدها همزة إلا هذه، والمصدر اليَأْسُ واليَآسَة واليَأَس، وقد استَيْأَسَ وأَيْأَسْته، وإِنه لَيَائِسٌ ويَئِسٌ ويَؤُوس ويَؤُس، والجمع يُؤُوس، ويَئِسَ أيضًا: عَلِمَ، ومنه: ﴿ أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الرعد: 31]، قال المطرزي: (يَئِس) منهِ فهو (يائسٌ)، وذلك (مَيْئوس) منه، و (أيأسْتُه) أنا (إيئاسًا): جعلتُه يائسًا، وفيه لغة أخرى: (أَيِسَ) و(آيسْتُه) أنا.

قال في لسان العرب: اليَأْس القُنوط، وقيل: اليَأْس نقيض الرجاء، يَئِسَ من الشيء يَيْئَس، والمصدر اليَأْسُ واليَآسَة واليَأَس، وقد استَيْئَسَ وأَيْأَسْته، وإِنه لَيَائِسٌ ويَئِس ويَؤُوس ويَؤُس، والجمع يُؤُوس.

قال تعالى: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

قال ابن كثير: نَهَّضهم وبشرهم، وأمرهم ألا ييئسوا من روح الله؛ أي: لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه؛ فإنه لا يقطع الرجاء ويقطع الإياس من الله إلا القومُ الكافرون.

قال ابن جزي: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 87]؛ أي: من رحمة الله، ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، إنما جعل اليأس من صفة الكافر؛ لأن سببه تكذيب الربوبية، أو جهلٌ بصفات الله من قدرته وفضله ورحمته.

وقال ابن جرير الطبري: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 87]، يقول: ولا تقنطوا من أن يروِّح الله عنا ما نحن فيه من الحزن على يوسف وأخيه بفرَجٍ من عنده، فيرينيهما، ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾، يقول: لا يقنط من فرَجه ورحمته ويقطع رجاءه منه ﴿ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ يعني: القوم الذين يجحدون قُدرته على ما شاءَ تكوينه.

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7].

قال ابن جرير الطبري أيضًا: يقول تعالى ذكره: الذين يحملون عرش الله من ملائكته، ومَن حول عرشه، ممن يحفُّ به من الملائكة ﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ يقول: يصلون لربهم بحمده وشكره ﴿ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ يقول: ويقرُّون بالله أنه لا إله لهم سواه، ويشهدون بذلك، لا يستكبرون عن عبادته ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ يقول: ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرُّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله والبراءة من كلِّ معبود سواه، ذنوبهم، فيعفوها عنهم.

وقال ابن جرير الطبري أيضًا: عن قتادة، قوله: ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ لأهل لا إله إلا الله.

وقوله: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ﴾، وفي هذا الكلام محذوف، وهو: "يقولون"؛ ومعنى الكلام: ويستغفرون للذين آمنوا يقولون: يا ربنا وَسِعْتَ كلَّ شيء رحمة وعلمًا، ويعني بقوله: ﴿ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ﴾: وَسِعَتْ رحمتك وعلمك كل شيء مِن خلقك، فعلمت كل شيء، فلم يخْفَ عليك شيء، ورَحِمْتَ خلقك، ووسعتهم برحمتك.

﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]، ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]، ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 54]، ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]، ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

وقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

قال ابن كثير:
دالة على أن المراد: أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة، ولا يَقْنَطَنَّ عبد من رحمة الله، وإن عظمت ذنوبه وكثرت؛ فإن باب التوبة والرحمة واسع، قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ [التوبة: 104]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، وقال تعالى في حق المنافقين: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا ﴾ [النساء: 145، 146]، وقال: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 73]، ثم قال: ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 74]، وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ﴾ [البروج: 10].

قال الحسن البصري: انظر إلى هذا الكَرَم والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة!

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ [الزمر: 53، 54]: وقد ذكرنا في غير موضع أن هذه الآية في حق التائبين، وأما آيتا النساء، قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 116، 48]، فلا يجوز أن تكون في حق التائبين، كما يقوله من يقوله من المعتزلة؛ فإن التائب من الشرك يُغفَر له الشرك أيضًا بنصوص القرآن واتفاق المسلمين، وهذه الآية فيها تخصيص وتقييد، وتلك الآية فيها تعميم وإطلاق، هذه خَصَّ فيها الشرك بأنه لا يغفِرُه، وما عداه لم يجزم بمغفرته، بل علَّقه بالمشيئة فقال: ﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾.

وقد ذكرنا في غير موضع أن هذه كما تَرُدُّ على الوعيديَّة من الخوارج والمعتزلة، فهي تَرُدُّ أيضًا على المرجئة الواقفية الذين يقولون: يجوز أن يُعَذِّب كل فاسق فلا يغفر لأحد، ويجوز أن يغفر للجميع، فإنه قد قال: ﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ فأثبت أن ما دون ذلك هو مغفور، لكن لمن يشاء، فلو كان لا يغفره لأحد بطَل قوله: ﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ﴾، ولو كان يغفره لكل أحد بطل قوله: ﴿ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾، فلما أثبت أنه يغفر ما دون ذلك وأن المغفرة هي لمن يشاء، دل ذلك على وقوع المغفرة العامة مما دون الشرك، لكنها لبعض الناس، وحينئذ فمن غُفِر له لم يُعذَّب، ومن لم يُغْفَر له عُذِّب، وهذا مذهب الصحابة والسلف والأئمة، وهو القطع بأن بعض عصاة الأمة يدخل النار، وبعضهم يُغفَر له، لكن هل ذلك على وجه الموازنة والحكمة، أو لا اعتبار بالموازنة؟ فيه قولان للمنتسبين إلى السُّنة من أصحابنا وغيرهم، بناءً على أصل الأفعال الإلهية، هل يعتبر فيها الحكمة والعدل؟ وأيضًا، فمسألة الجزاء فيها نصوص كثيرة دلت على الموازنة، كما قد بسط في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا أن قوله: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 53]، فيه نَهْيٌ عن القنوط من رحمة الله تعالى، وإنْ عَظُمَت الذنوب وكثرت، فلا يَحِلُّ لأحد أن يقنط من رحمة الله وإن عَظُمَت ذنوبه، ولا أن يُقَنِّط الناس من رحمة الله، قال بعض السلف: إنَّ الفقيه كلَّ الفقيه الذي لا يُؤْيِسُ الناس من رحمة الله، ولا يُجَرِّئهم على معاصي الله.

والقنوط يكون بأن يعتقد أن الله لا يغفر له، إما لكونه إذا تاب لا يقبل الله توبته ويغفر ذنوبه، وإما بأن يقولَ: نفسه لا تطاوعه على التوبة، بل هو مغلوب معها، والشيطان قد استحوذ عليه، فهو ييئس من توبة نفسه، وإن كان يعلم أنه إذا تاب غفر الله له، وهذا يعتري كثيرًا من الناس، والقنوط يحصل بهذا تارة، وبهذا تارة.

فالأول: كالراهب الذي أفتى قاتلَ تسعة وتسعين أن الله لا يغفر له، فقتله وكَمَّلَ به مائة، ثم دُلَّ على عالم فأتاه فسأله فأفتاه بأن الله يقبل توبته، والحديث في الصحيحين.

والثاني: كالذي يرى للتوبة شروطًا كثيرة، ويقال له: لها شروط كثيرة يتعذر عليه فعلها، فييئَس من أن يتوب، وقد تنازع الناس في العبد: هل يصير في حال تمتنع منه التوبة إذا أرادها؟ والصواب الذي عليه أهل السنة والجمهور: أن التوبة ممكنة من كل ذنب، وممكن أن الله يغفره، وهذه آية عظيمة جامعة، من أعظم الآيات نفعًا، وفيها رد على طوائف؛ رد على من يقول: إن الداعي إلى البدعة لا تُقبَل توبته، وقد حكى هذا طائفةٌ قولاً في مذهب أحمد أو روايةً عنه، وظاهر مذهبه مع مذاهب سائر أئمة المسلمين أنه تُقبَل توبته كما تقبل توبة الداعي إلى الكفر، وتوبة من فَتَنَ الناس عن دينهم.

فالداعي إلى الكفر والبدعة، وإن كان أضل غيره، فذلك الغير يُعَاقَب على ذنبه؛ لكونه قَبِل من هذا واتبعه، وهذا عليه وزره ووزر من اتبعه إلى يوم القيامة، مع بقاء أوزار أولئك عليهم، فإذا تاب من ذنبه لم يبق عليه وزره، ولا ما حَمَلَه هو لأجْل إضلالهم، وأما هم فسواء تاب أو لم يتُبْ، حالهم واحد، ولكن توبته قبل هذا تحتاج إلى ضد ما كان عليه من الدعاء إلى الهدى، كما تاب كثير من الكفار وأهل البدع، وصاروا دعاة إلى الإسلام والسنة، وسحرة فرعون كانوا أئمة في الكفر ثم أسلموا وختم الله لهم بخير.

ومن ذلك توبة قاتل النفس، والجمهور على أنها مقبولة، وقال ابن عباس: لا تُقبَل، وعن أحمد روايتان، وحديث قاتل التسعة والتسعين في الصحيحين دليل على قبول توبته، وهذه الآية تدل على ذلك، وآية النِّساء إنما فيها وعيد في القرآن؛ كقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]، ومع هذا: فهذا إذا لم يتب.

وكل وعيد في القرآن فهو مشروط بعدم التوبة باتفاق الناس، فبأي وجه يكون وعيد القاتل لاحقًا به وإن تاب؟ هذا في غاية الضعف، ولكن قد يقال: لا تُقبَل توبته، بمعنى أنه لا يسقط حق المظلوم بالقتل، بل التوبة تُسقِط حق الله، والمقتول مُطَالِبُه بحقه، وهذا صحيح في جميع حقوق الآدميين حتى الدَّيْن؛ فإن في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الشهيد يُغفَر له كل شيء إلا الدَّينَ))، لكن حق الآدمي يُعْطَاه من حسنات القاتل.

فمن تمام التوبة أن يستكثر من الحسنات حتى يكون له ما يقابل حق المقتول.

وفي الحديث: (إنَّ لله مائةَ رحمةٍ، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض، أنَزَل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تَعطِف الطير والوحوش على أولادها، وأخَّر تسعًا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)).

وأخرج الترمذي وحسَّنه: عن أنس رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغَتْ ذنوبك عَنَان السماء، ثم استغفرتَني غفرْتُ لك، يا ابن آدم، لو أتيتني بقُراب الأرض – بضم القاف ويجوز كسرُها أي قريب ملئها – خطايا ثم لقيتَني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتُك بقرابها مغفرة)).

وعن أنس بسند حسن: أنه صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال: ((كيف تجدك؟))، قال: أرجو الله يا رسول الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمَّنَه مما يخاف)).

وأخرج أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إن شئتم أنبأْتُكم ما أول ما يقول الله عز وجل للمؤمنين يوم القيامة؟ وما أول ما يقولون له؟))، قلنا: نعم يا رسول الله، قال: ((إن الله عز وجل يقول للمؤمنين: هل أحببتم لقائي؟ فيقولون: نعم يا ربنا، فيقول: لم؟ فيقولون: رَجَوْنا عفوك ومغفرتك، فيقول: قد وجبت لكم مغفرتي)).

وروى الشيخان: قال الله عز وجل : (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني))؛ الحديث.

وأبو داود وابن حبان في صحيحه: ((حسن الظن من حسن العبادة))، والترمذي والحاكم: ((إن حسن الظن بالله من حسن العبادة))، ومسلم وغيره عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحسِن الظن بالله عز وجل)).

فإذا دخلت إساءة الظن بالله على القلب ضَعُفَ التوحيد، ولم يحقق العبدُ ما يجب عليه من الإيمان بالقدر، والإيمان بأفعال الله جل جلاله، ويجب على كل مؤمن أن يحترس من سوء الظن بالله جل وعلا؛ فإن البعض قد يرى أنه يستحق أكثر مما ناله من الرزق الذي أنعم به الله عليه، أو قد يحصل له ما يكره من قضاء الله وقدره فيظن أنه لا يستحقه ولا ينبغي أن يصاب به، فينظر إلى قضاء الله – سبحانه – وقدره على وجه الاتهام وسوء الظن.

وعلى المؤمن أن يُنَقِّيَ قلبه من كل ظن سيئ بالله، ولا يظن به إلا الحق، حتى لو أصيب بأعظم المصائب، ووقعت عليه أشد الكروب، وعليه أن يعتقد أن هذا من حكمة الله جل وعلا، وأنه يفعل ذلك بمقتضى مشيئته وقضائه وقدره جل وعلا.

لذلك قال جل ذكره: ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران: 154]، وقول الله تعالى: ﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ ﴾ [فصلت: 23]، وقوله تعالى: ﴿ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾ [الفتح: 6].

وإن حسن الظن بالله في حالة الأمن والخوف والرخاء والشدة دليل على الإيمان الصادق، والتسليم التام، والتوحيد الخالص، وابتغاء رحمة الله جل وعلا، وهو ضد اليأس والقنوط من رحمة الله، المنافي لحقيقة التوحيد الخالص.

قال القرطبي: قيل: معنى (ظَنِّ عبدي بي)؛ أي: ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكًا بصادق وعده، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة))؛ ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه، موقنًا بأن الله يقبله ويغفر له؛ لأنه وعد بذلك، وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها، وأنها لا تنفعه، فهذا هو اليأس من رحمة الله، وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وُكِلَ إلى ما ظَنَّ، فإن كان خيرًا فخيرٌ، وإن ظن غير ذلك فله.
في امان الله




جزاك الله خيرا
اصلح الله حالك
موضوعك مميز
تسلمى






التصنيفات
منتدى اسلامي

من أخلاق المؤمن ترك الجـــــــدال

بسم الله الرحمن الرحيم
من أخلاق المؤمن ترك الجدال والمراء والخصام

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:..
من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة
ومن تركه وهو محق بني له في وسطها
ومن حسن خلقه بني له في أعلاها
رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وابن ماجه والبيهقي.

فساااارعي اختي الغاليه في اختيار بيتكـــ
……………….




مشكوره يالغلا

جزاك الله خيـــــــــر..




اسعدني تواجدك ياغناتي



جزاك الله خيـــــــــر



جزاك الله خيرا

رائع كروعتك




التصنيفات
منتدى اسلامي

شرف المؤمن قيام الليل

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلى وبارك على حبيبنا وقرة اعيوننا محمد صلى الله عليه وسلم

إن قيام الليل عبادة جليله وقربة عظيمة وشريعة ربانية وسنة نبوية

فاسال الله ان يوفقنا لقيام الليل وان يبارك لنا فى اعمارنا

واوقاتناحبيباتى وجدت هذه الموضوع فاعجبنى كثيرا

فاسال الله أن يوفقنى واياكن للقيام

باب ما جاء في قيام الليل
قيام الليل من أفضل الطاعات
إن قيام الليل من أفضل الطاعات بعد الصلوات المفروضات. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» رواه مسلم.

وعن صهيب بن النعمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين » رواه أبو يعلى بسند حسن.

تكفير السيئات
قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: « ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة،والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل ثم تلا: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } السجدة: 16-17 » رواه الترمذي بسند صحيح.

قرب الرب من عبده القائم
عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الأخير فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الترمذي بسند صحيح. وقربه تبارك وتعالى من عبده الذاكر في جوف الليل هو غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها.

طرد الغفلة عن القلب
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين» رواه أبو داود بسند صحيح.

شهود لنزول الرحمن
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟» متفق عليه.

يورث سكنى غرف في الجنان
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن في الجنة لغرفاً يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ، فقام إليه أعرابي فقال: لمن هي يارسول الله؟ قال: هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام» رواه الترمذي بسند حسن.

الفوز بمحبه الله تعالى
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم – وذكر من بينهم – والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول: يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد» رواه الطبراني بسند حسن.

قيام الليل سبب لمباهاة الملائكة
عن ابن مسعود رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عجب ربنا تبارك وتعالى من رجلين: من رجل ثار من لحافه وفراشه من بين حبه وأهله إلى صلاته فيقول الله لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي هذا قام من بين فراشه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيها عندي وشفقة مما عندي» رواه أبويعلي بسند حسن.

إجابة الدعاء
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ قبلت صلاته» رواه البخاري.

أجر القائم على حسب نيته
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عزوجل» رواه النسائي بسند صحيح.

قيام الليل طريق الصالحين
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم» رواه الترمذي بسند حسن.

القيام مع الإمام يكتب له قنوت ليلة
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة » رواه أبو داود والترمذي

تثبيت القرآن في الصدر
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه» رواه مسلم.

الفوز بالجنان ورضى الرحمن
عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» رواه ابن ماجه بسند صحيح.




خليجية



بارك المولى فيكِ و جعل مثواكِ الجنة



خليجية



جزاك الله خير يااختي



التصنيفات
منتدى اسلامي

فائدة الصديق المؤمن فى الاخرة

إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة ، ولم يجدوا أصحابهم الذين كانوا معهم على خير في الدنيا ، فإنهم يسائلون عنهم رب العزة
ويقولون : ” يارب لنا إخوان كانوا يصلون معنا و يصومون معنا لم نرهم“ .
فيقول الله جل و علا : اذهبوا للنار وأخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان .
وقال الحسن البصري – رحمه الله -: [استكثروا من الأصدقاء المؤمنين ، فإن لهم شفاعة يوم القيامة ] .
الصديق الوفي : هو من يمشي بك إلى الجنة …
قال ابن الجوزي رحمه الله : إن لم تجدوني في الجنة بينكم ، فاسألوا عني فقولوا : ياربنا عبدك فلان كان يذكرنا بك !!! . ثم بكى رحمه الله رحمة واسعة .
وأنا أسألكم إن لم تجدوني بينكم في الجنه، فاسألوا عني ، لعلي ذكرتكم بالله ولو لمرة واحدة .
– اللهم نسألك رفقة خيرٍ تعيننا على طاعتك.
خليجية



بارك الله فيك عزيزتي
وادخلنا الجنة اجمعين



وفيك بارك حببتى
اسعدنى ردك ومرورك العطر



التصنيفات
منتدى اسلامي

المؤمن في قبره

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:قد دلت الأدلة على أن المؤمن ينعم في قبره ، حتى تقوم الساعة فينتقل بفضل الله ورحمته إلى النعيم الذي لا ينفد ولا ينقطع وهو نعيم الجنة . جعلنا الله تعالى من أهلها .

وهذه بعض صور ما ينعم به المؤمن في قبره :

1- يفرش له من فراش الجنة .

2- ويُلبس من لباس الجنة .

3- ويفتح له باب إلي الجنة ، لِيَأْتِيَهُ مِنْ نَسِيمِهَا وَيَشَمُّ مِنْ طِيبِهَا وَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِمَا يَرَى فِيهَا مِنْ النعيم .

4- ويفسح له في قبره .

5- ويبشر برضوان الله وجنته . ولذلك يشتاق إلى قيام الساعة .

فعن البراء بن عازب : قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِالَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ الَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ الَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ الَّهُ فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ دِينِيَ الإِسْلامُ فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولانِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ الَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَذَلِكَ قَوْلُ الَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُثَبِّتُ الَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا الآيَةُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي . . . الحديث

رواه أحمد (17803) وأبو داود (4753) وصحه الألباني في "أحكام الجنائز" ( ص 156 ) .

6- سروره برؤيته مقعده من النار الذي أبدله الله عز وجل به مقعداً من الجنة

روى أحمد (10577) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِنَازَةً فَقَالَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَإِذَا الإِنْسَانُ دُفِنَ فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ فَأَقْعَدَهُ قَالَ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ صَدَقْتَ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ فَأَمَّا إِذْ آمَنْتَ فَهَذَا مَنْزِلُكَ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيُرِيدُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ اسْكُنْ وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا يَقُولُ لَهُ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولَ لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَيَقُولُ لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ وَلا اهْتَدَيْتَ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبِّكَ فَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ بِهِ فَإِنَّ الَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبْدَلَكَ بِهِ هَذَا وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ ثُمَّ يَقْمَعُهُ قَمْعَةً بِالْمِطْرَاقِ يَسْمَعُهَا خَلْقُ الَّهِ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ الَّهِ مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ إِلا هُبِلَ عِنْدَ ذَلِكَ [أي ذهل] فَقَالَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُثَبِّتُ الَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت .
صحه الألباني في تحقيق كتاب السنة لابن أبي عاصم

(865) .

7- ينام نومة العروس .

8- وينور له قبره .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ فَيَقُولانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ هُوَ عَبْدُ الَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ الَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَيُقَالُ لِلأَرْضِ الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ الَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ
رواه الترمذي ( 1071 ) . والحديث : صحه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1391 ) .

وَإِنَّمَا شَبَّهَ نَوْمَهُ بِنَوْمَةِ الْعَرُوسِ لأَنَّهُ يَكُونُ فِي طَيِّبِ الْعَيْشِ . اه تحفة الأحوذي .

فهذا بعض النعيم الذي ينعم به المؤمن في قبره ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهله .

والله أعلم .




جزاكى الله خيرا



جزانا الله واياكم

جزاكى الله خيرا على مرورك العطر




بارك الله فيك



جزاكى الله خيرا



التصنيفات
منوعات

اخلاق المؤمن الرحمة

الرحمة

مقدمة في غاية الأهمية..!!

خلق نعرفه جميعا، ونعرف معناه، ولكنه أصبح غير موجود بيننا، لقد غاب هذا الخلق عن البشريةن وصارت الأرض مفتقدة له، العالم كله في أشد الاحتياج لهذا الخلق، فبغيابه انتشرت الجريمة، وصارت القانبل الذرية تدوي هنا وهناك، الملايين يقتلون في لحظة.

انه خلق الرحمة الذي أصبح وجوده نادرا في دنيا البشر، ألست معي في ذلك..!؟

أما تحب أن ترحم يوم القيامة..!؟

ولذلك فخلق الرحمة ليس المطلوب معرفته فقط، بل اجادته وتطبيقه في الحياة؛ لأننا لو أوجدناه وطبّقناه كما ينبغي سنضمن الرحمة يوم القيامة بمشيئة الله.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" انما يرحم الله من عباده الرحماء" رواه البخاري 7448 ومسلم 2132 والامام أحمد 5204.

أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبكي عند قراءتنا للقرآن الكريم، فان لم نستطع البكاء فلنتباك..!! كذلك الرحمة: المطلوب أن نفتعلها افتعالا، فالراحمون يرحمهم الله.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، ألا تحب أن ترحم يوم القيامة..!!؟

خلق النجاة

ان الترغيب في الاتصاف بخلق الرحمة لم يعد هدفا، بل ان الهدف الأساسي أن تستشعر مدى أهمية هذا الخلق.. انه خلق النجاة يوم القيامة، ولا بد أن تعرف الآن ان كنت سترحم يوم القيامة أم لا!

وقبل هذا السؤال سل نفسكك هل ترحم الناس؟

انها علاقة قوية بين معاملتك للناس في الدنيا، ورحمتك يوم القيامة، فمن عامل الناس بالرحمة في الدنيا، فماذا ينتظر يوم القيامة؟

والان هل يا ترى عرفت من المستحق لرحمة الله يوم القيامة!؟

على بيّنة

اننا في هذا الخلق سنعرض نماذج الرحمة التي من المطلوب تنفيذها واجادتها، وحتى تكونوا على بيّنة.. فان الأمر يسير كالتالي:

كيف ترحم الكبار.. كيف ترحم الوالدين.. النساء..الأطفال.. الأقارب..الخدم.. الحيوان..ولكنني وجدت أنني لو بدأت بهذه النماذج العملية لن تكون متيقظا معي بدرجة كاملة.. فقلت: ما المبدأ الجميل الذي أبدأ به..؟

فوجدت أن أفضل ما نبدأ به الموضوع هو:

رحمة الله بنا.. وأريدك قبل القراءة أن تستشعر أن الملائكة تحفك الآن.. وان رحمة الله تغشاك.. وأن السكينة تتنزل عليك.. هيا استقبل رحمات الله.

" كتب ربكم على نفسه الرحمة"

انظر الى رحمة الله تعالى بنا، حتى نتصف بصفات الله، الرحمن الرحيم، يقول تعالى:{ كتب ربكم على نفسه الرحمة} الأنعام 54.

فكّر في هذه الآية!! وانظر الى هذه الكلمة {كتب}.

وسبحان الله! ان هذه الآية موجودة مرتين في سورة الأنعام.

أما تشعر بالاطمئنان بعد هذه الآية..!!؟ لا تخف فقد {كتب ربكم على نفسه الرحمة}، فالأصل

في صفات الله الرحمة، أما الغضب فنتيجة أعمالك وليس صفة لازمة، فصفته اللازمة والدائمة هي الرحمة.

"ورحمتي وسعت كل شيء"

يقول الله تبارك وتعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم:{ فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة} الأنعام 147.

انك حين تقرأ هذه الآية يتبادر في ذهنك سؤال ألا وهو:

كم تبلغ هذه الرحمة الوسعة!؟ فتجيب عليك هذه الأية:{ ورحمتي وسعت كل شيء} الأعراف 156.

تفكّر في هذه..{كل شيء} وتخيّل مداها.

أراك قد فكرت في كل شيء… فاحمد الله على رحمته الواسعة التي وسعت كل شيء.

"ان رحمتي سبقت غضبي"

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: ان رحمتي تغلب غضبي" رواه البخاري 3194 ومسلم 6903 والامام احمد 2433. وفي رواية أخرى:" ان رحمتي سبقت غضبي" رواه السيوطي في الدر المنثور 36.

يا سبحان الله تخيّل الكون يقوم على مبدأ الرحمة.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (ان صحت الرواية):" لما خلق الله آدم.. ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد لله فحمد الله بأذنه، فقال له ربه: رحمك الله يا آدم" رواه الترمذي 3368 والحاكم 222، فكان أول كلام الله لآدم: رحمك ربك.

"الا أن يتغمدني الله برحمته"

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ما من أحد يدخله عمله الجنة"، فقيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:" ولا أنا الا أن يتغمّدني ربي برحمته" رواه مسلم 7044 والامام أحمد 352.

أسمعك تقول: اللهم تغمّدنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

يا الله.. قام الكون على الرحمة.. وخلق آدم ومعه الرحمة.. ولن يدخل أحد الجنة الا برحمة الله.. انظر قيمة الرحمة.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ان الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة جزء، أمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل الأرض رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق، حتى الدابة ترفع حافرها عن وليدها خشية أن تصيبه. رواه البخاري 6000.

رحمة واحدة في الدنيا!! كل هذا، ورحمة واحدة!!

كل الخلائق.. البشر، الحيوانات، الطيور، الحشرات..

كل هؤلاء يتراحموا برحمة واحدة!!

وادّخر لنا الله 99 رحمة يوم القيامة.

أما تشعر معي بهذه السكينة التي عمّتنا الآن..!؟

رحمات لا بدّ لها من تفكّر..!!

يقول تعالى:{ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون} القصص 73. فمن رحمة الله بنا أن جعل الليل والنهار.

فتخيّل معي.. لو كانت الدنيا ليلا فقط أو نهارا فقط، هل تعلم حينئذ كم من الأمراض العصبية والنفسية التي كنا سنصاب بها..!

{قل أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بضياء} القصص 71.

سرمدا أي: دائما..!

ويقول تعالى:{ قل أرأيتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه} القصص 72. انها رحمة الله.

وانظر الى عظم رحمة الله في خلق الليل والنهار.

ان النهار لا يأتي فجأة، وكذلك الليل: بل يأتيان تدريجيا يقول الله:{ والليل اذا عسعس*والصبح اذا تنفس} التكوير 17-18.

عسعس: أي بتدرّج، وتنفس أي: نفسا نفسا.

سبحان الله.. انها رحمات لا نستشعرها ولا تخطر على بالنا، بالرغم من أننا نراها كل يوم.

يا لها من رحمات تحتاج منا أن نتفكر فيها..!

" فانظر الى آثار رحمة الله.."

يقول تعالى:{وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته} الشورى 28. فبدون الماء تموت الأرض، واستشعر معي:{ وينشر رحمته} وكأن المطر يوزع رحمات الله على الأرض، تحمله الرياح مبشرات بين يدي رحمته..

واليك هذه.. يقول تعالى:{ فانظر الى آثار رحمت الله كيف يحي الأرض بعد موتها} الروم 50.

يا الله.. تخيّل لو فقدنا الرحمة.. رحمة الله في انزاله المطر. يقول تعالى:{ ءأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون* لو نشاء جعلناه أجاجا} الواقعة69-70.

المزن: هي السحب، واجاج: أي مملح. تخيّل.. لو نزل الماء مالحا.. ستموت الأرض.. وسل نفسك كم يوما ستحياه بدون ماء..!؟ انها رحمة الله بنا.

رحمة أودعها الله في القلوب..!!

ومن رحمات الله رحمة العلاقات الاجتماعية، وهي رحمة أودعها الله في القلوب، فقد أودع الله سبحامه وتعالى في قلوب الآباء والأمهات حب أولادهم.

فكل أب وكل أم، انسانا كان أو حيوانا، بداخله رحمة أودعها الله في قلبه على وليده.

والله بدون هذه الرحمات لفسدت الأرض، وكذلك الرحمة التي أودعها الله في قلوب العائلات، العم والخال والعمة والخالة و…

بل انظر الى هذه الرحمة.. انها الرحمة التي أودعها الله في قلبين…

وقال عنهما:{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة} الروم 21.

يا الله..!! أول ما يبنى هذا البيت الجميل يبنى على المودة والرحمة، ولكن بمعصيتهم لله وبعدهم عنه تنزع الرحمة تدريجيا…

" ومن رحمته أنه لا يأخذنا بذنوبنا"

من منا لم يذنب في حياته أبدا..!؟ من منا لم ينب في حياته الا 100 ذنب..!؟

من منا لم يذنب في حياته الا 1000..!؟ من منا لم يذنب في حياته الا…!؟

ومن رحمة الله بنا أنه لا يأخذنا بذنوبنا.. ان ذنوبنا كثيرة كثيرة..

ومع ذلك فانه يمهلنا.. اقرأ هذه الآية وانظر الى حالك، وتذكر سنوات عمرك الماضية، يقول تعالى:{ وربك الغفور ذو الرحمة، لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب} الكهف 58. أظنك الآن لا يسعك الا أن تقول: الحمد لله.

يا سبحان الله.. ان النذب الذي اريكبته أمس، أو الذي ارتكبته الأسبوع الماضي لو علمه أمك وأبوك ما غفروه لك، ولكن الله غفور رحيم.

يقول تعالى:{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم} النور 14.

{ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منهم من أحد أبدا} النور 21.

ويقول:{ وان نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون* الا رحمة منّا ومتاعا الى حين} يس 43-44.

ان الله لو أخذنا بذنوبنا ما ترك على الأرض أحد، ولكن رحمة بنا يمهلنا.. فنتوب ويغفر لنا.. أما تحتاج هذه الرحمة لشكر؟

{لئن شكرتم لأزيدنّكم} ابراهيم 7.

ومن رحمته سترك بعد المعصية

تخيّل لو فضحنا الله بعد المعصية.. فبعد معصيتك لله تجد على باب بيتك شرحا لما فعلت من معصية، فلان عصى وفعل كذا وكذا، ولكن من رحمة الله أنه يسترنا بعد المعصية، وتخيّل لو كان للذنوب رائحة..!! فكلما ارتكبت معصية خرجت لك رائحة..

انه من نتن الرائحة لن يطيق أحد منا الآخر..

ولكن من رحمته بنا أنه يسترنا.

سرق أحد الرجال فأخذوه الى سيدنا عمر بن الخطاب، فقال الرجل لعمر: أقسم بالله هذه أول مرة، فقال عمر: كذبت ان الله لا يفضح عباده من أول مرة..

حقا انه قانون الرحمة يعلمنا اياه سيدنا عمر بن الخطاب.

" ان الله لا يفضح عباده من أول مرة".

ومن رحمته تيسير التوبة

يقول تعالى:{ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} البقرة 37. ان سيدنا آدم حينما عصى الله، وأكل من الشجرة ندم، ولكنه لم يكن يعرف كيف يتوب.

{ فتلقى آدم من ربه كلمات} ان قالها يتوب الله عليه ويغفر له.

فما هي هذه الكلمات..؟ هي:{ ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونّن من الخاسرين} الأعراف23.

حقا ان من رحمة الله بنا أنه ييسّر لنا التوبة كما رأينا كيف يسّرها لأدم عليه السلام..

يا سبحان الله..!! ليس العجيب أن عبدا يتذلل الى سيده ويتودد اليه، ولكن العجب كل العجب من سيد يتودد الى عبده، فالله يتودد الينا برحمته.

أراك تشعر بأن هذه الآية فيها سرّ عجيب.. هيا اجعلها دعاءك الدائم لا يفتر منها لسانك، ولتجعلها بداية عصر جديد..

{ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.

ومن رحمته ارسال الرسل وانزال الكتب وسنّ الشرائع

يقول الله تعالى:{ وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون} الأنعام 155.

يا الله!! لو نفذتم ما في الكتاب فسوف ترحمون.. نعم، من لاحمة الله بنا هذا القرآن وهذه الشريعة الاسلامية.. واياك أن تقول: بأن قطع يد السارق، والجلد وهذه الحدود ظلم.. لا والله انها رحمة بهذا المجتمع حتى يصان..

احفظ مني هذه:" الشريعة الاسلامية مبنية كلها على الرحمة".

والدليل على ذلك.. انظر الآن:

كم من الجرائم.. والشذوذ.. والاغتصاب..و..

والله ان العالم يحتاج الى الشريعة الاسلامية.

ومن رحمته انه جعل لنا يوم القيامة

وانك تتعجب حينما تعلم أن من رحمة الله بنا أنه جعل لنا يوم القيامة، يقول تعالى:

{ كتب على نفسه الرحمة، ليجمعنّكم الى يوم القيامة} الأنعام 12. انظر الى تركيب الآية..!!

انه من رحمته أن يجمعكم يوم القيامة حتى يأخذ كل ذي حق حقه.. هذا الشاب الصالح الذي صان نفسه عن المعاصي وغضّ بصره.. وهذا الذي ظلم في الدنيا.. وهذا الذي ظلم الناس.

تخيّل هناك أناس تقدم على الله يوم القيامة كالمسافر العائد الى أهله مسرورا (صاموا.. صلوا.. قاموا لله.. غضوا أبصارهم.. ظلموا).

وهناك أناس تقدم على الله يوم القيامة كالسجين الهارب من السجن وقد قبض عليه (هؤلاء الذين نسوا الله في الدنيا).

فرق كبير بين الاثنين.. حقا ان يوم القيامة لرحمة.

ومن رحمته انه خلق المرأة

ان من آثار رحمة الله تبارك وتعالى أنه خلق المرأة لجلب العاطفة الى الأرض، ولولا هذه الرحمة لخلت الأرض من الود والعاطفة الى الأرض، ولولا هذه الرحمة لخلت الأرض من الود والعاطفة، هذا ليس مبالغة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" عاش آدم في الجنة قبل حوّاء فاستوحش فخلقت حوّاء، فقال من أنت ولم خلقت؟ فقالت: أنا سكن لك".

انظر لكلمة (استوحش) ولذلك خلقت حوّاء.

وانظر الى العلاقة بين الرجل والمرأة 0سكن).

ان النساء في الاسلام شقائق الرجال.. ليس في الاسلام معركة بين الرجل والمرأة.. فالمرأة في الاسلام مكرّمة لها مكانتها.

ومن رحمته نزولنا الأرض

ومن رحمة الله عز وجل أنه أنزلنا الى الأرض.. أراك تتعجب بعدما قرأت هذا وتقول: هل من المعقول أن نزولنا الأرض، وعدم دخولنا الجنة مباشرة رحمة لنا..؟

وأقول لك: هناك الكثير عندهم هذه المشكلة، ولكن اذا عرف السبب بطل العجب!

فبطبيعتنا أننا نمل من الشيء الذي نحصل عليه بسهولة ولا يعجبنا بعد فترة، ولكن الشيء الذي نتعب في الحصول عليه لا نمل منه أبدا، ونسعد به سعادة كبيرة، مثل الأب الذي تعب في جمع المال يخاف على سيارته أن تخدش خدشا بسيطا، ولكن الابن يأخذها يوما فلا يحافظ عليها لأنه لم يتعب فيها.

ولذلك فمن رحمة الله بنا نزولنا الى الأرض، والاشتياق الى الجنة.. اعبد الله حياتك كلها واجتهد في العبادة واتعب حتى تسعد بالجنة ورؤية الله عز وجل.. اننا لا بدّ أن نصحّح الكثير مما نفهم.

ومن رحمته تنغيص الدنيا

ومن رحمة الله بنا أنه نغص علينا الدنيا، وابتلانا فيها حتى لا نرتاح الى هذه الدنيا أبدا، ونشتاق الى الجنة، والله انها لرحمة كبيرة، فبالرغم مما في الدنيا من تعب وتكدير وتنغيص، الا أننا نخرج منها بالبكاء الشديد و..

فما بالنار لو كانت حلوة لا تنغيص فيها ولا مشقة ولا عناء، فكيف يكون خروجنا منها؟..

فمن رحمته أنه كدّرها ونغصها علينا حتى نعلم أنها ليست مستقرا وليست دائمة..

رحمته عمّت البشرية جميعها حتى الكفرة

كل هذه الرحمات السابقة، وأيضا كل الرحمات الآتية.. كل هذا من رحمة واحدة من مائة جزء.. سبحان الله الخالق العظيم الرحمن الرحيم…

ومن رحمته بنا أن هذه الرحمة عمّت البشرية جميعها حتى الكفرة..

كيف ذلك..!؟ هل يمنع الله الرزق عن الكافر؟ أبدا.. أليست هذه رحمة؟ سبحان الله..! انهم يعصون الله ولا يؤمنون به ومع ذلك.. هل يمنع عنهم الهواء! لا والله، بالرغم من أن الأرض أرضه والسماء سماؤه.

ومع ذلك يرزقهم ولا يمنع عنهم الهواء ولا الماء.. رحمة من الله، لعلهم يعودون اليه، واسمع هذه القصة:

جاء شيخ كبير الى سيدنا ابراهيم عليه السلام، فدعاه سيدنا ابراهيم الى الطعام، وأوقد النار لينضج الطعام، فجاء هذا الشيخ الكبير وسجد أمام النار؛ لأنه كان يعبدها فقال له سيدنا ابراهيم: قم أتعبد النار؟ فقام الرجل وخرج، فأرسل الله جبريل الى سيدنا ابراهيم:" يا ابراهيم لم لم تتحمّله ساعة وأنا أتحمّله ستين عاما" فجرى خلفه سيدنا ابراهيم، وقال له: هلم الى الطعام، فقال الشيخ: لما؟ فقال ابراهيم: لقد عاتبني ربي فيك. فقال الشيخ: اله رحيم لا بدّ أن يعبد، وأسلم الرجل.

وانظر الى سيدنا ابراهيم حينما قال:

{ واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات} البقرة 126.

(ثم اشترط شرطا) {من آمن منهم بالله واليوم الآخر} البقرة 126، ولكن انظر الى رحمة الله:{ ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطرّه الى عذاب النار} البقرة 126.

اقرأ الآية مرة أخرى.. وافهمها.

رحمات مخصومة

وهناك رحمات نخصومة للمؤمنين، تتنزل على أهل المساجد تحيط بكل واحد منهم، وتدعو لهم الملائكة بالرحمة:" ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم الا غشيتهم الرحمةو.." رواه مسلم 6793 وأبو داود 1455.

انها رحمات خاصة بالمؤمنين { وكان بالمؤمنين رحيما} الأحزاب 43.

{فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته} الجاثية 30.

ولذلك لا بد أن تستشعر أن المؤمنين في رحمة الله.

{فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} البقرة 38.

هل ذقت هذا الشعور من قبل؟.. هيا تذوقه الآن؟..

(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)

انني كنت أقرأ هذه الآية ولا أفهمها {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} يونس 58. وأقول: كيف أفرح برحمة الله، ولكن أيها الأحبة مجرد شعوركم بأن رحمة الله تعمّكم، هذا الشعور كفيل بأن يجعلك تفرح.. لا تفرح بالمال ولكن افرح حينما تجد نفسك في رحمة الله.. حينما تجد نفسك تصلي في المسجد افرح، حينما تصلي ركعتين بالليل افرح:" رحم الله رجلا قام من الليل فصلى.." رواه أبو داود 1308 والنسائي 1609 وابن ماجه 1336.

حينما تجدي نفسك أنت وزوجك تصليان ركعتين بالليل فافرحا، فأنتما من المرحومين يوم القيامة.

هل عرفت الآن بماذا تفرح..!؟

ليس المطلوب المعرفة فقط، ولكن المطلوب هو العمل والتنفيذ أليس كذلك؟؟

نريد أن نفهم..!!

سبحان الله!! اذا كان الله يرحمنا كل هذه الرحمات، فلماذا اذن نعذب في هذه الدنيا؟ ولماذا نتعرض للمشاكل؟ فلانة طلقت، فلانة ابنها توفى، فلانة.. وفلان لا يجد عملا، فلان رسب في الامتحان، فلا..

طالما أن الله يريد أن يرحمنا، فلماذا يحدث كل هذا لنا في الدنيا..!؟

واليك الجوابن حتى تتضح الصورة، وتفهم.. ان الرحمة تقتضي توصيل المنفعة، أو دفع الضرر، ولكن أحينا لا نعرف أين المنفعة وأين الضرر، وقد يكون توصيل المنفعة لك أمر غير طبيعي، فأنت تكرهها، مثل الابن الذي يرفض الدواء المر، فادراك عقله ما زال قاصرا، فلا يدرك أن هذه المرارة التي في الدواء فيها شفاء، ولكن الأب يسقيه الدواء فينظر الابن الى أبيه ولسان حاله يقول: لماذا تعذبني؟! ولله المثل الأعلى.

فالمنفعة الحقيقية أن تصل الرحمة اليك، حتى وان كنت تكرهها.

وما رأيك بأب يدلل ابنه عند خطئه ويقول رحمة به..!! ماذا ننتظر من هذا الولد بعد فترة.. انه سيفسد.. هل وضحت الصورة؟

انظر الى سيدنا موسى تربية القصور، تربى في بيت فرعون.. وفجأة تتغيّر حياته..

يهرب خارج مصر 10 سنوات، يرعى الغنم في مدين… يا الله لماذا كل هذا!؟

لأنه فيما بعد سيقود بني اسرائيل، وما أدراك ما هم!؟ فكان لا بد له من هذا..؛ لأن الأمر عظيم.. فهذا رحمة به " أحيانا يحدث لك أمر أراد الله به أن يرحمك ولكنك لا تفهم".

يا حبيبي يا رسول الله أنت أعظم رحمات الله

ان من أعظم رحمات الله أنه أرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

يقول الله تعالى:{ وما أرسلناك الا رحمة للعالمين} الأنبياء 107، ولم يقل الله: ( للمؤمنين)، ولم يقل: (للمسلمين) بل قال (للعالمين) لتشمل المؤمن والعاصي، الطائع والكافر، الانسان والحيوان، الانس والجن.

ويقول صلى الله عليه وسلم:" انما بعثت رحمة.." رواه مسلم 6556.

تخيّل نفسك الآن من غير النبي صلى الله عليه وسلم..!!

وحتى تدرك ما أقصد.. انظر الى رجل عظيم مثل غاندي، انه عقلية فذة بكل المقاييس نعترف بذلك، ولكن أنظر اليه حينما تمر أمامه بقرة تجده يسجد لها!!

هل ترضى أن تكون هكذا.. ترضى أن تقول: أنا لا اعتقد في أي شيء!! الحمد لله على هذه الرحمة.

ان المواطن الأميركي لا يستغني عن الطبيب النفسي، لا عن المحامي.. انظروا الى الخواء العاطفي الذي لديهم وحالات الانتحار والشذوذ.

حقا ان رسول الله من أعظم الرحمات.

فبه عرفت لماذا خلقت؟ وما غايتك؟ وعرفت الجنة والنار..

أسئلة سهلة ولكن الغرب لا يعرفها، وليست سهلة عنده هكذا..

لن يشعر بهذا الكلام الا من أحب النبي من كل قلبه واقتدى به، وأحس أنه لولا النبي لكنا ضائعين تائهين عاصين.. ويوم القيامة تبرز الرحمة في شفاعته صلى الله عليه وسلم.

انها رحمة الله بنا.. واي رحمة تلك!!

والآن جاء وقت التطبيق

والآن بعد أن رأينا رحمات الله ورأينا أثرها في حياتنا.. جاء وقت التطبيق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من لا يرحم لا يرحم" رواه البخاري 5997 ومسلم 5982 والامام أحمد 2241. ويقول أيضا:" لا تنزع الرحمة الا من شقي أبو داود 4942 والترمذي 1923 والامام احمد 2310. ولذلك، وبعد كل هذا، نريد أن نسأل سؤالا..

هل تشعر الآن أنك من الذين يرحمون الناس..!؟

أم أنك ممن اذا قدر على الناس أفرغ عليهم شرور كبته وغله؟

واذا رايت انسانا في موقف ضعيف، هل ترحمه أم لا؟

واذا رأيت انسانا بامكانك ستره، فهل تستره أم تفضحه..؟

والآن هيا نطبق خلق الرحمة، ونأخذ جانبا جانبا في حياتنا ونطبق فيه خلق الرحمة… هيا بنا.

أولا: الرحمة بالوالدين

وأول هذه الرحمات التي نحب أن نطبقها هي الرحمة بالوالدين.

ان الذي يصل بأبيه وأمه الى مرحلة البكاء.. هل هكذا رحمهم!؟

البنت التي وصلت بأبيها وأمها لمرحلة تعب الصدر، ووجع القلب.. هل هكذا رحمتهم!؟

الذي يرسب رغم أنه يعلم أن هذا سيتعب أبا ه وأمه تعبا شديدا.. هل فكّر أنه بعدم مذاكرته أنه ليس رحيما بهما!؟ البنت التي تمشي مع ولد.. هل تدري أنها هكذا ليست رحيمة فهل تعرف ما الذي سيحدث لأبيها ان عرف ذلك!؟

ألا تخاف اذا نزلت من بيتك وأغلقت الباب بقوة في وجه أبيك وأمك، ثم ماتا في هذه اللحظة وهما قد غضبا عليك.. فكيف ستقضي بقية عمرك وأي مصير ينتظرك..؟

ان الذي يدخل البيت ثم يغلق على نفسه الغرفة، ألم يعلم بأنه بهذا فاقد للرحمة بأمه وأبيه؟

ان سيدنا ابراهيم رغم أن أباه كافر،، الا أنه كان رحيما به، وكان حديثه له يبدأ: ( يا أبت).. تعلم من سيدنا ابراهيم.

اياك أن تجعل أباك وأمك يغضبان عليك، فهذا والله غاية الجفاء لهما والقسوة عليهما..

هل وصلك المقصود؟ أظنه قد وصل.

وان لم يصل ففيك مشكلة.. أنت بعيد فعلا عن الرحمة.

ثانيا: الرحمة بالأقارب

والنوع الثاني من الرحمات التي نريد أن نطبّقها ونجيدها هي الرحمة بالأقارب، ورحمتك بهم أن تزورهم يقول تعالى:" أنا الله الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته". رواه أبو داود 1694 والترمذي 1907.

ان زيارة الأقارب لها اسم آخر ألا وهو: صلة الرحم..

فهل سنزور أقاربنا ونصل رحمنا ونكون من الرحماء؟

ثالثا: الرحمة بالأطفال

والنوع الثالث من الرحمات هو الرحمة بالأطفال، وهيا نتعلم كيف نرحم الأطفال!! جلس النبي صلى الله عليه وسلم وكان عنده الأقرع بن حابس فجاء الحسن بن علي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وهشّ وبش للحسن وحضنه وقبّله، فقال الأقرع بن حابس: ان لي عشرة من الولد كا قبّلت أحدا منهم قط، فنظر اليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال:" من لا يرحم لا يرحم".

من قال ان ديننا دين معقّد.. دين التجهّم.. من قال: اننا لا بدّ أن نعبس في وجوه الناس.. لا والله انظروا وتعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم؟

والآن أيها الأب الحبيب هل تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا…؟

بل أكثر من ذلك.. فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل في الصلاة فيريد أن يطيل فيها فيقول:" فأسمع بكاء الصبي فأخفف الصلاة.." رواه البخاري 709 ومسلم 1056. انظروا الى الرحمة وتعلموا.

حتى يشجع الأمهات أن يأتين بأولادهن الى المسجد.

وينظر أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبّل أولاده.. فيقول الأعرابي: أتقبلون أولادكم..!؟ فنظر اليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:" ما أملك أنّ نزع الله من قلبك الرحمة" رواه الامام أحمد 556.

انظر كيف نقل رسول الله هذه الأمة من الظلام الى النور.

واليك هذه الحكاية.. كان هناك طفل صغير في المدينة اسمه: عمير، كان دائما معه عصفور يلعب به.. النبي صلى الله عليه وسلم سمّى هذا العصفور: النغير فكان النبي صلى الله عليه وسلم كلما رأى عميرا يقول له:" يا عمير ما فعل النغير؟" وفي يوم من الأيام رأى النبي صلى الله عليه وسلم عميرا يبكي فقال:" ما يبكيك يا عمير" فقال: يا رسول الله لقد مات النغير.

فجلس النبي صلى الله عليه وسلم ساعة يلاعبه.. فمرّ الصحابة فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب عميرا، فنظر اليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال:" مات النغير فأردت أن ألاعب العمير". رواه البخاري 6203 والامام أحمد 3115و119.

هل تستطيع أن تغيّر معاملتك للأطفال وتجعلها هكذا..!؟

هل ستتعامل مع الأطفال بهذه الرحمة..!؟

فان لم يكن لك أطفال فاكفل يتيما، اذهب الى ملجأ وامسح على رأس يتيم، فان المسح على رأس اليتيم يرقق القلب.

يقول صلى الله عليه وسلم:" أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار باصبعيه وشبك بينهما. رواه البخاري 6005 وأبو داود 5150 والترمذي 1918.

رابعا: الرحمة بالنساء

ومن الرحمات التي نريد أن نطبّقها في حياتنا.. هي الرحمة بالنساء. خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وكان معهم الحمال يركب عليها الصحابيات، وكان من ضمن الصحابة صحابي اسمه: أنجشه، كان يقود الابل، وكان له صوتا جميلا، فبدأ ينشد الأناشيد الاسلامية بصوت عذب رقيق، من حلاوة الصوت بدأت تتمايل الجمال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير" رواه البخاري 6149 و6161 و6202 و6209 ومسلم 5990 والامام أحمد 3254.. القارورة: قطعة الزجاج.

وانظر الى وصف النبي للمرأة بالقارورة.. من يقول بعد ذلك أن الاسلام لم يحترم المرأة.. كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا رأى ابنته السيدة فاطمة كان يقوم ويقبّلها بين عينيها…

من رحمتنا بالنساء ألا نغلظ في معاملتهن؛ بل تكون معاملة طيبة كلها رحمة، فما ضرب رسول الله امرأة ولا أهانها..

اياك أن تتعامل مع أختك أو أمك أو ابنتك أو زوجتك بمنطق اللا رحمة، فمن يتعامل هكذا فليغير معاملته من فوره، وليقتد برسول الله.

كان آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت:" أوصيكم بالنساء خيرا".

ونصيحة أوجهها للشاب.. من رحمتك بالنساء أن لا تصاحب البنات حفاظا على هذا القلب الرقيق (القارورة).. فانك غالبا لن تتزوجها فحرام عليك هذا القلب أن ينكسر، وحرام عليك أن تتعلق بك وتنشغل بك، وهي متزوجة من شخص آخر، أو تظل تقارن في عقلها الباطن بينك وبين زوجها، وحرام عليك أن تعدها بالزواج ثم تخلف وعدك، فهذا من أكبر الأشياء التي فيها ترك للرحمة بالنساء.

وكذلك نصيحة للآباء: لا تضرب بناتك.. لا تؤذي مشاعرهن، عاملهن بالرحمة..

ليس معنى هذا أننا نترك التربية: فاياك أن تفهم الظاهر..

وتقول: انني أفدت من خلق الرحمة أنني لن أضرب أبنائي…!

لقد قلنا فيما سبق: أننا أحيانا نشق على الآخرين رحمة بهم أليس كذلك!؟

وكذلك نصيحة للمراقبين في الامتحانات: اياك أن تقول: اتركوا الأولاد يغشوا رحمة بهم حتى لا يرسبوا.. ان هذه رحمة في غير موضعها.. هذا فهم خاطئ..!!

خامسا: الرحمة بالخدم

ومن أنواع الرحمة.. الرحمة بالخدم وهذا الموضوع موجه خاصة للنساء.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تبلسون، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فان كلفتموهم فأعينوهم". رواه أبو داود 5158 وابن ماجه 3690 والامام أحمد 5158.

يا الله..!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الخدم أنه اخواننا.. بعد قراءتك لهذه الكلمة أما شعرت بالرحمة.. لن يشعر بها الا امرأة صالحة طيبة تحب رسول الله، وتنفذ تعليماته وسترحم الخدم..

سادسا: الرحمة بالحيوان

وكذلك من أنواع الرحمة.. الرحمة بالحيوان.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" بينما رجل يمشي اشتد عليه العطش، فنزل بئرا وشرب، ثم خرج، فاذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: قد بلغ هذا مثل الذي بلغ مني، فنزل فملأ خفه، ثم صعد فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له". رواه البخاري 2363 و2466 و6009 ومسلم 5820 والامام أحمد 1378.

هل فعلت ذلك من قبل..!؟ رأيت كلبا في الشارع فأحضرت له طعاما ليأكل، أو أحضرت له ماء.. انها والله رحمة الحيوان.

وكلنا يعلم حكاية المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من حشائش الأرض.

سبحان الله!! كيف لا نفخر بديننا، وكيف لا نفخر بأننا مسلمون.. دين يحافظ على الحيوان ويرحمه، فكيف يكون الحال مع الناس..!!

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من ذبح عصفورا أو قتله في غير شيء، سأله الله عنه يوم القيامة". رواه الامام أحمد 2166.

وبينما عبدالله بن عمر في الطريق، فوجد مجموعة من الشباب يمسكون بدجاجة ويربطونها ويرمون عليها، فقال لهم: لعن رسول الله من فعل هذا.

سبحان الله.. فما بالكم بمن يصوب في الأندية على الحمام بدلا من الأطباق..؟

الموضوع ليس مسألة قطة أو عصفور أو حمامة أو كلب..!!

الموضوع أساسه أن القلب نوعت منه الرحمة.

سابعا: الرحمة بالعصاة

واليك هذه الرحمة العجيبة.. وهي الرحمة بالعصاة: يقول الله تبارك وتعالى:{ كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم} النساء 94. اياك أن تنسى ماضيك.. هل نسيت ماذا كنت من قبل؟ ستهزأ بالناس الآن وتسخر منهم لمعاصيهم، ونسيت نفسك، فنصيحتي لك أن تبدأ مع الناس من حيث بدأت لا من حيث انتهيت فعامل العصاة.. برفق..وكن رحيما بهم، واياك أن تدعو عليهم، بل ادعوا لهم بالهداية كما هداك الله.

وتعلم من رحمة مؤمن يس.. الذي دعا قومه كثيرا ولكنهم قتلوه {قيل ادخل الجنة} يس 26، فكانت أول كلمة يقولها:{ قال ياليت قومي يعلمون} يس 26، سبحان الله أي رحمة هذه..

تعلم منه واعلم أن الناس بداخلها الخير رغم معصيتهم ويبعدهم عن الله، واجعل شعارك {ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} النحل 125.

واياك أن تقول: لا أمل فيهم.. وتذكر أن الصحابة كانوا يقولون: لو آمن حمار الخطاب ما آمن عمر!!.

ثامنا: الرحمة بالمسلمين المضطهدين في بقاع الأرض

ومن أنواع الرحمة.. الرحمة بالمسلمين المضطهدين في بقاع الأرض.. في الشيشان.. في كشمير.. في فلسطين.. في الهند، فرحمتنا بهم أن ندعو لهم ليل نهار.. في كل وقت.. ليس في أيدينا الا هذا.

ومن رحمتنا بهم أن نكون موصولين بالله طائعين له، حتى لا تتكرر هذه المآسي في اي بلد آخر.

تاسعا: الرحمة بجسدك

ومن أنواع الرحمة.. الرحمة بجسدك.. كيف ذلك!؟ بأن تترك التدخين، فهل من المعقول أن ترحم الناس وتنسى نفسك؟ نحن الان لا نتكلم في الحلال والحرام.. اننا نتكلم عن الرحمة بهذا الجسد بأن تمتنع عن التدخين.

بالله عليكم.. امتنعوا عن التدخين.

هناك مؤتمرات تقيمها وزراة الصحة لمحاربة التدخين، فاني أناشدكم، وأطالبكم بكل مقترحاتكم لمحاربة التدخين، فأنتم ثروة المجتمع، فهيا عاونوا المجتمع ليتخلص من هذه العادة السيئة (التدخين).

عاشرا: الرحمة بالناس أجمعين

هيا افتح لي قلبك..

آخر نوع من أنواع الرحمات التي نريد أن نطبقها في حياتنا؛ بل نجيدها: الرحمة بالناس أجمعين.. كيف ذلك!؟ ما عليك الا أن تفتح لي قلبك الآن.. عامل الناس برقة، وحاول أن تنتهز الفرص: تعطف على مسكين، تعفو عمن ظلمك، تبتسم لولد فقير مسكين.. والله انها أشياء كثيرة تستطيع بها أن ترحم الناس كل الناس، فهي من علامات رحمة لقلب، أما جرّبت يوما أن تنزل ومعك بعض النقود لتعطيها لمسكين، أما جرّبت وأنت في البيت تأكل طعاما طيبا، فمن رحمتك أنك أخذت جزءا من هذا الطعام، ونزلت من بيتك لتعطيه لفقير.. ان من رحمتك بالناس أنك تبحث عن هذه الفرص.. انسان يحتاج منك مالا فمن رحمتك به أن تفرّج عنه هذه الكربة..

قال صلى الله عليه وسلم:" من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة" رواه البخاري 2442 و6951 ومسلم 6521 والامام أحمد 292.

هيا.. ارحم الناس، اياك ان تضرب أحدا على وجهه، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه ولم يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما ولا امرأة الا أن يجاهد في سبيل الله أو تنتهك حرمة من حرمات الله فينتقم للله تعالى.. انه لم ينتقم لنفسه قط.

من رحمتك بالناس أنك تستر من أخطأ ولا تفضحه، واياك أن تعرف نقطة ضعف صديقك وتذله بها، فان ذلك كم دلائل قسوة القلب.

وعليك الرحمة بالناس في انتقاء الألفاظ معهم والتودد اليهم.

يقول أبو ذر: أمرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرحم المساكين وأجالسهم.

ومن رحمتنا بالناس ألا نعذب أحدا.. يقول صلى الله عليه وسلم:" أشدّ الناس عذابا يوم القيامة أشدّهم عذابا للناس في الدنيا".

ومن الرحمة بالناس: الرحمة بكبار السن، ايك أن تكون جالسا في المواصلات وترى رجلا كبيرا أو امرأة كبيرة، أو امرأة أيّا كانت، ولا تقوم فهذا ليس من الرحمة يقول صلى الله عليه وسلم:" ما أكرم شاب شيخا لسنه الا قيّض الله له من يكرمه عند سنّه". رواه الترمذي 2022.

وهكذا قد عرفت أنه لا بد أن نرحم الوالدين والأقارب والأطفال والنساء، والخدم والجيران، والعصاة والمسلمين المضطهدين والجسد والناس جميعا.

فهل بعد كل هذا ترحم الجميع وتنسى نفسك أن ترحمها وتخاف عليها من دخول النار؟

فكيف ترحم نفسك؟ بأن تطيع الله عز وجل..

اسأل نفسك الآن: كم ستأخذ من عشرة؟ واحدا، أم اثنين، أم خمسة، أم تسعة..؟

اخشى أن تكون قد رحمت الجميع وأدّيت حق الجميع، ولكنك مقصّر في الرحمة بوالديك فهذه تكون الطامة الكبرى..

فبالله عليك ابدأ بأبيك وأمك ولا تنسهما.

هنيئا لك رقة القلب ودمعة العين

انك لو طبقت كل هذه الرحمات وأجدتها واتقنتها ستجد شيئا عجيبا ألا وهو.. أن دمعة عينيك ستصبح ثريبة جدا وقلبك سيصبح رقيقا وحساسا، سبحان الله.. علاقة غريبة بين المسح على رأس اليتيم وكفالته والدعاء للمستضعفين والرحمة بالفقراء والمساكين والرحمة بالحيوان، وبين رقة القلب.

هنيئا لك يا من نويت الآن أن تطبق الرحمة.. هنيئا لك رقة القلب ودمعة العين فانها ستغسل الذنوب باذن الله.

الدموع رحمة يجعلها الله في قلوب عباده

وانظر الى النبي صلى الله عليه وسلم كيف كانت دموعه قريبة: بعثت اليه احدى بناته بأن ابنها يموت، فمن رحمته صلى الله عليه وسلم أرسل اليها:" ان لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر وتحتسب" فأرسلت اليه تقسم عليه ليأتيّنها فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت ورجال. فرفع الى رسول الله الصبيّ ونفسه تتقعقع_ قال: حسبته أنه قال: كأنها شن_ ففاضت عيناه، فقال: يا رسول الله ما هذا؟ فقال:" هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده انما يرحم الله من عباده الرحماء". رواه البخاري 1284 ومسلم 2132.

وانظر الى سيدنا عمر بن الخطاب حينما كان يمشي في الطريق فسمع طفلا يبكي فبكى عمر.. لماذا تبكي يا عمر؟" أخشى أن أحاسب عليه يوم القيامة"..

متى كانت آخر مرة بكيت فيها من خشية الله..!؟

متى كانت آخر مرة بكيت فيها لرؤية منظر مؤثر لانسان يستحق الرحمة!!؟

هل دمعتك قريبة..!؟ أم أن قلبك قاس غليظ!؟

اللهم ارزقنا قلبا خاشعا رقيقا وعينا دامعة الله آمين..

وانظر الى رقة قلب عمر بن الخطاب

جاء رجل لسيدنا عمر بن الخطاب وقال له شعرا، قال له:

يا عمر الخير جزيت الجنة اكسوا بناتي وأمهنّ

أقسم بالله لتفعلنّ

فقال له عمر: واذا لم أفعل يكون ماذا؟ قال: ان لم تفعل اذا أبا حفص لأمضين، قال عمر: وان مضيت يكون ماذا؟ فقال: والله عنهن لتسألن يوم تساق اما الى نار واما الى جنة، فبكى عمر بن الخطاب وسقط وهو يبكي، ثم قام مسرعا الى بيته يبحث عن كساء فلم يجد، فخلع رداءه وأعطاه للرجل، وقال له: خذ هذا ليوم تكون الأعطيات أمنا، لعلي أساق لا الى نار ولكن الى الجنة.

أخشى أن يتعلق قلبك ببلاغة الكلام فقط.

ولكني أدعوك لترى رحمة سيدنا عمر بن الخطاب ورقة قلبه ودمعته القريبة.. هل تستطيع أن تكون كذلك..!؟

وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة

ان الناظر الى حال العالم الآن لا يلاحظ شيئا في غاية الخطورة.. الا وهو كلما زاد العلم الحديث كلما قلت في العالم الرحمة.. تجد قنابل ذرية يموت بها ملايين، وقنابل جرثومية وقنابل عنقوديةو.. ولكن لماذا تقل الرحمة بزيادة العلم الآن!؟

لأن علما بدون رحمة كارثة.. مصيبة، ولذلك انظر الى القرآن.. حقا انه شفاء ورحمة.. لا يمكن أن تجد في القرآن كلاما عن العلم الا وتجده مقرونا بالرحمة.. سبحان الله..

يقول تعالى:{ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما} غافر 7 ويقول أيضا:{ فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنّا علما} الكهف 65.

أراك الآن تقول: أولا مرة ألاحظ هذا.. لكن لو أننا نقرأ القرآن بتدبّر سنجد أسرار هذا القرآن قد دخلت قلوبنا وفهمتها عقولنا.. حقا انه شفاء لنا.

علم معه رحمة اذا انتظر خيرا كثيرا، وتقدما كبيرا وسعادة وطمأنينة واستقرار، ولكن علم بدون رحمة..!!!

وختامه مسك:

يا الله.. حتى ابليس!!!

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ان الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة أمسك عنده تسعة وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه رحمة واحدة تتراحم بها الخلائق الى يوم القيامة، فاذا جاء يوم القيامة ضمّ الله هذه الرحمة الى التسعة وتسعين، ثم نشرها وبسطها على كل خلقه، كل رحمة منهم كما بين السماء والأرض فلا يهلك يومها الا هالك".

رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تمسك بولدها فقال:" أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار" فقالوا: لا، قال:" فالله أرحم بعباده من هذه بولدها" رواه البخاري 5999 ومسلم 6912. حتى ان العلماء يقولون:" حتى أن ابليس يتطاول لتدركه رحمة الله وأنّى له ذلك، ولكن من رحمة الله يخيّل له ذلك".

يقول الامام علي بن أبي طالب: لو قيل لي يوم القيامة سنجعل حسابك لأبيك وامك لرفضت؛ لأن الله سيكون ارحم بي من امي وأبي.

حقا " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"..

ان يوم القيامة ليوم تشتد حاجتنا فيه لرحمة ربنا.. فهيا قدّموا لأنفسكم وابذروا الحب تحصدوا الحب.

" أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي"

وآخر رحمات يوم القيامة.. يوم يدخل أهل الجنة الجنة ويدخل أهل النار النار، ولكن هناك ما زال مجموعة من عصاة المسلمين في النار لم ينقوا بعد، فيقف النبي صلى الله عليه وسلم ويشفع لهم وينادي: يا رب عصاة أمتي، فيقول الله تبارك وتعالى: اذهب يا محمد فأخرجهم من النار، ويحد له حدا ويعد له عددا، فذهب النبي فيخرجهم من النار ويدخلهم الجنة، ثم يعود مرة أخرى، فما زال هناك عصاة من المسلمين في النار، فيحدث ما حدث في السابق، ثم مرة ثالثة، ثم رابعة وهكذا. ثم تشفع الملائكة ثم يشفع المؤمنون، ولكن ما زال هناك بقية في النار فيقول الله عز ودل: شفع الأنبياء ةشفع المرسلون وشفعت الملائكة، وشفع المؤمنون، وشفع حبيبي محمد، أفلا أعفو أنا، فيحم الله عز وجل فيضع قبضته في جهنم فيخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من لا اله الا الله محمد رسول الله فيخرجون وقد تفحمّوا، فيضعهم الله في نهر يسمى: نهر الحياة، فكأنهم ينبتون نباتا أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: وآخر الرحمات دخول الجنة. رواه البخاري 4581 و7439 ومسلم 453.

يقول الله تبارك وتعالى للجنة:" أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي".

هل عرفتم الآن لماذا ادّخر الله تسعا وتسعين رحمة عنده؟ لأن الدنيا لا تستحق الا رحمة واحدة، ولكن الجنة تستحق مائة رحمة.. اللهم اقذف في قلوبنا الرحمة واجعلنا نتصف بها دائما وأبدا.. اللهم آمين




جزاك الله الخير



التصنيفات
منوعات

خطب جامع الشيخ محمد في عنيزة : علم الساعة وثواب المؤمن – وجزاء الكفار بعد موتهم

خطب جامع الشيخ محمد في عنيزة :
علم الساعة وثواب المؤمن – وجزاء الكفار بعد موتهم

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وهو على كل شيء شهيد قدر ما شاء بحكمته وهو الفعال لما يريد وقسم عباده إلى قسمين منيب إلى ربه وعاصي مريد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الولي الحميد وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة العبيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم ومن تبعهم بإحسان في هديهم الرشيد وسلم تسليما…
أما بعد
فقد قال الله عن نفسه قال سبحانه عن نفسه عالم الغيب (فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رقدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم واحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا) إن العالم نوعان عالم حسي مشموم أو مسموع أو مدرك بغير ذلك من قوى الحس فهذا يشترك بالإحاطة به كل من له قوة حاسة تدركه ولا ينكره إلا مكابر أو مجنون وعالم غيبي لا يعلمه إلا الله أو من أطعله الله من رسوله على من شاء على ما شاء منه لحكمة اقتضت ذلك فمن العلوم الغيبية التي أختص الله بها ولم يطلع عليها أحداً من خلقه لإنتهاء الحكمة في إطلاع الخلق عليها من هذه العلوم علم الساعة إنه لا يدري أحد متى تقوم الساعة إلا الله عز وجل يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفيٌ عنها قل إنما علمها عند الله ) ولقد سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما المسئول عنها بأعلم من السائل فمن أدعى من أدعى أنه يعلم متى تقوم الساعة فهو كاذبٌ كافر ومن صدقه في ذلك فقد كذب الله ورسوله فهو كافر وإذا كنا لا نعلم متى تقوم الساعة فإننا لا نعلم بأي سبب تكون سواء أنها من آيات الله وقدرته (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله علي كل شئ قدير ) فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة فيومئذٍ وقعت الواقعة ومن المعلوم الغيبية التي أطلع الله عليها رسله وبلوغها إلى الناس لمصلحتهم في ذلك ولا طريق إلى العلم بها إلا من طريق الرسل من هذه العلوم الغيبية علم ما يجري على الناس بعد موتهم ومفارقة أرواحهم لأجسادهم فإن الناس قد علموا ذلك عن طريق الوحي الذي نزل على الرسل من الخلاق العليم بكل شيء فقد أخبر الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بما يشفي ويكفي وتصلح به أمور ديننا ودنيانا أخبرنا عما يجري للمؤمن وما يجري للكافر فأما المؤمن الذي استقام على دين الله فله السرور والفرح والنعيم قال الله عز وجل ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها مما تدعون نزل من غفور رحيم) وقال تعالى (كذلك يجزئ الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يبشر عند موته فيقال لروحه أخرجي أيتها الروح الطيبة راضية مرضية أخرجي إلى روح وريحان وركب غير غضبان وأنه يفسح له في قبره مد بصره ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفرش له من الجنة ويلبس منها فيكون ما أنتقل إليه من النعيم خير من الدنيا وما فيها أيها المؤمنون أن الناس يظنون أن الناس إذا انتقلوا إلى القبور فإنما ينتقلون إلى قبور ضيقة وهي وإن كانت ضيقة بحسب ما يراه الناس في الدنيا فإنها ليست ضيقة على المؤمن أنه يفسح له في قبره مد بصره ليس ذراعاً ولا ذراعين ولا متراً ولا مترين وإنما هو مد البصر يفسح له ويفتح له باب إلى الجنة أما الكافر الذي لا يدين بدين الإسلام سواء كان يهودياً أم نصرانياً أم مجوسياً أم وثنياً أم ملحداً لا يعلن بدين أو مرتداً عن دين الإسلام ينتسب إلى الإسلام وهو يسخر بالإسلام أو يسخر بشعائر الإٍسلام فإن له الغم والحزن والعذاب عند موته وفي قبره أسمعوا قول الله عز وجل (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطي أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون)فأما قوله (أخرجوا أنفسكم) إنه يدل على أنهم شحيح في أنفسهم لا يريدون أن تخرجوا من أبدانهم لأنهم يبشرون بالعذاب فلا يريدون العذاب ويقول الله تعالى (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد) ويقول تعالى (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم أتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه ) أتبعوا ما يسخط الله وكرهوا ما يرضيه وقال تعالى عن آل فرعون (وحاط بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدواً وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحدٍ من هذه الأمة يعني أمة الدعوة يهوديٌ ولا نصرانيٌ ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار أستمع أيها الجاهل أستمع يا من تظن أن دين اليهودية والنصرانية باقي مرضي عنه استمع إلى جزاء من يتمسك بدين اليهود والنصارى بعد أن يسمع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به أستمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه إلا كان من أصحاب النار وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة وصح عنه صلى الله عليه وسلم في الكافر أنه إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة يجيئه ملك الموت فيبشره بالعذاب يقول لروحه أخرجي أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده لسوء ما بشرت به فينتزعها كما ينتزع الدبوس من الصوف المبلول المتشبث به ولا تفتح أبواب السماء لها وتعاد إلى جسده فيسأل عن ربه ودينه ونبيه فيحال بينه وبين الجواب وإن كان يعرفه في الدنيا ثم يضيق عليه القبر حتى تختلف عليه أضلاعه ويفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضرب بمطارق من حديد فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين هذا أيها المؤمنون ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من عذاب الكافرين وحزنهم عند موتهم وفي قبورهم وإلى أبد الآبدين إنه لكل كافر سواء كان يهودياً أم نصرانياً أم مجوسياً أم وثنيا أم مرتداً عن الإسلام يسخر به أو بشئ من شعائره أو يأتي بشيء من أسباب الردة فليس له بعد الموت نعيم ولا سرور ولا تخفيف من العذاب ويقول الله عز وجل (إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال إنكم ماكثون ) وقال تعالى (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون ولياً ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول ) وقال الذين في النار لخزنة جهنم أدعوا ربكم يخفف عنا يوم من العذاب أما النعيم والسرور والفرح والحبور بعد الموت فإنه للمؤمنين المستقيمين على أمر الله ورسوله (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنات نعيم وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين ) أسال الله أن يجعلني وأياكم منهم بمنه وكرمه أساله أن يجعلنا من المقربين الذين ينعمون بالروح والريحان وجنة النعيم فاتقوا الله عباد الله وأمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم لأن لا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل لله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآياته والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم…

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد
أيها الناس أتقوا الله تعالى وأعلموا أنكم تنتقلون من هذه الدنيا إلى دار الجزاء والثواب من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد إن الميت إذا مات أتبعه ثلاثة أتبعه أهله وماله وولده أتبعه أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع المال والأهل ويبقى العمل العمل هو قعيدك في قبرك أنيسك في وحشتك فإن كنت من المؤمنين فأعمل يا أخي صالحاً لذلك اليوم لعلك تكون من السعداء ولا تكون من الأشقياء إن المؤمن من أسباب المغفرة أن يكثر المصلون عليه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من مات فقام عليه أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه إي جعلهم شفعاء فقبل شفاعتهم به أي فقبل شفاعتهم له ولهذا ينبغي لمن يصلى على الميت أن يخلص له الدعاء والتكبيرات على الميت أربع وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر خمساً قال العلماء وله أن يكبر ستاً وسبعا لأن ذلك ورد عن الصحابة رضي الله عنهم والمعلوم للجميع أن التكبيرة الأولى تقرأ فيها الفاتحة وإن قرأ معها سورة فلا بأس وفي الثانية يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وفي الثالثة يدعوا بما ورد إن كان يعرف ما ورد وإلا دعا للمسلمين وللميت وبعد الرابعة قال بعض العلماء يسكت وقال بعض العلماء يدعو ثم إنه ينبغي لمن حمل الجنازة أن يحملوها على أعناقهم لأن ذلك هو السنة ولأن ذلك أبلغ في الموعظة فإن الناس إذا رأوا الميت محمولاً رقت قلوبهم وتذكروا الموت والآخرة ولأن ذلك قد يو قد يوجب لبعض الناس الذين يشاهدونه أن يتبعوه إلى المقبرة ويصلوا عليه ويشاركوا في دفنه وهذه مصلحة للميت وللمشيعين أيضاً أما ما زاده الناس اليوم من كونهم يحملون الأموات على السيارات ثم تتبعهم سيارات كثيرة كأنما هم في وليمة عرس فإن هذا خلاف السنة بلا شك ولهذا كرهه أهل العلم حتى إني رأيت بعض المعاصرين قال إنه موروث عن الكفار الكفار هم الذين يفعلون ذلك لأن لا يذكروا الناس بالموت فتتكدر عليهم دنياهم فيذهبون على هذا الوجه حتى لا يشعر بالجنازة ولا تشاهد وعلى هذا فالسنة أن تحمل الجنازة على الأعناق إلا أن يكون هناك حاجة لكونه مطراً أو برداً شديداً أو حراً شديداً أو كان المشيعين قليلين يتعبهم حملها إلى المقبرة ونحو ذلك من الحاجات فلا بأس أن تحمل حينئذٍ وينبغي أن يشارك الإنسان إذا حضر الدفن في الدفن فيحثوا ثلاثة حثايات على القبر وينبغي أن يرفع القبر عن الأرض قدر شبر وأن يكون مسنماً لا مسطحاً وكثيرٌ من الناس يظنون أن التسطيح أفضل ولكن هذا من جهلهم فالتسنيم بأن يكون له حد هذا هو الأفضل وهو الأولى وهو الذي كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم وهو أنفع حتى لا يبقى المطر على ظهر القبر فربما يروى من الماء ثم يتهدم اللبن على الميت أما إذا كان مسنماً فإن الأمطار تنحدر يميناً وشمالاً ولا تكون على نفس القبر ومن المؤسف أن كثيراً من الذين يدفنون الناس يكونوا جاهلين بهذا الأمر فيسطحونها ولا يسنمونها ولكني أعتقد أن كل إنسان يسمع بالحق من المؤمنين فإنه سوف يتبعه إنشاء الله وينبغي إذا فرغ الإنسان من دفن الميت أن يقف عنده وأن يسأل الله المغفرة له والتثبيت لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم وأسالوا له التثبيت فإنه الآن يسأل أن يسأله الملكان عن ربه ودينه ونبيه وأما العزاء فإنه يعزى من أصيب بالميت إي من حزن بموته سواء كان قريباً للميت أم بعيداً عنه لأن المقصود بالتعزية تقوية قلب المصاب حتى يصبر على المصيبة وليس لها لفظ معين وأحسن ما يعزى به ما عزى به النبي صلى الله عليه وسلم إحدى بناته حين أرسلت إليه رسولاً تطلب منه أن يحضر لأن عندها طفلٌ محتضرٌ في سياق الموت فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرسول مرها مرها فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شئ عنده بأجل مسمى هذه خمس جمل من أحسن ما يعزى به تقول له أصبر واحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شئ عند بأجل مسمى هذه تؤثر على قلب المصاب تأثيراً بالغاً أما العبارة التي يقولها الناس وهم لا يدرون عن معناها وإنما أخذوها كابر عن كابر عظم الله أجرك وأحسن عزاك وغفر لك ولميتك فهذه قالها بعض العلماء ولكنها لا تتعين بل أفضل ما يعزى به ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن التعزية لا يسن فيها التقبيل فإن التقبيل عند التعزية لا أصل له ولا ينبغي أن يقبل الناس بعضهم بعضاً عند التعزية لأن ذلك لم يرد أما المصافحة فارجوا أن لا بأس به لأن الإنسان إذا قابل أخاه المسلم فإنه يصافحه فيكون ذلك مصافحة من أجل المقابلة لا من أجل التعزية وأما الاجتماع للتعزية في البيت وانتظار من يأتي إلى البيت فإن هذا من المكروه وقد ذكر كثيرٌ من أهل العلم أنه من البدع ولذلك لا ينبغي لأهل الميت أن يصنعوه نعم لو أن أحدهم ألجأهم فقرع عليهم الباب فلا حرج أن يفتحوا له ويعزى ويمشي وأما الجلوس لاستقبال الناس فإن هذا لا أصل له من السنة فلا ينبغي أن يفعل المهم أنه ينبغي لنا أن نكون بصيرين في دين الله نتبع ما جاءت به السنة في كل أحوالنا لنعبد الله على بصيرة حتى لا نكون في أعمالنا مقلدين بلا دليل لأن المرجع كله كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة أسال الله تعالى أن يرزقني وإياكم الاستقامة على دينه وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح والرزق الطيب الحلال الوافر وأساله أن يتم علينا جمعياً نعمته وأن يزيدنا من فضلنا وأن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يجعل ما أنزل علينا من المطر في هذه الأيام مقدمة خير لأمطار غزيرة نافعة غير ضارة وأن يعم بها أوطان المسلمين وأن ينزل فيها البركة إنه على كل شئ قدير وبعباده رؤوف رحيم وأعلموا أيها المؤمنون أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صلى وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أصلح ولاة أمورنا اللهم أصلح ولاة أمورنا اللهم أصلح ولاة أمورنا صغيرهم وكبيرهم اللهم أصلح رعيتنا شبابها وشيوخها وكهولها وذكورها وإيناثها يا رب العالمين اللهم أصلح لنا جميع أمورنا في ديننا ودنيانا إنك على كل شئ قدير اللهم حقق لنا الخيرية في هذه الأمة حتى نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وندعو إلى الحق ونتواصى به وبالصبر وبالمرحمة يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان إيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون…




نفع الله بك احتاه
جزاك الله خيرا