تتسابق العديد من مصانع الأغذية على جذب المستهلك وإغرائه لشراء منتجاتها عبر عدد من الطرق، التي تبدو لنا بسيطة، ولكن لها تداعيات بالغة الأثر في عالم التسويق، مستغلين بحث الناس عن المنتجات الصحية، أو قليلة السعرات، أو ما يعرف بمنتجات (Diet) الخاصة بالأشخاص الأصحاء أو المرضى الذين يتبعون حميات متعددة، لتخفيف الوزن، أو المحافظة على أوزانهم أو حميات مرضى السكري، وإرتفاع الدهنيات والكوليسترول، وإرتفاع الضغط وغيرها من الحميات.
وهذه الطرق تتمثل بتغليف منتجاتها بأغلفة ذات ألوان زاهية براقة، وملصقات تحتوي على "إرشادات" غذائية صحية من شأنها ان تشعرك بالرضى عن نفسك عند شرائها.
وهنا بعض هذه السلع، عبر جولة صغيرة في المتاجر التي تخصص ركناً معيناً لمنتجات (Diet):
أولاً: أطعمة خالية من الدهون المهدرجة أو – المتحولة (Trans Fat Free):
الدهون المتحولة، أو المهدرجة، هي زيوت نباتية سائلة تدخل في سلسلة من العمليات الصناعية لتخرج بعدها صلبة جزئيا، بسبب إضافة الهيدروجين إلى جزيئاتها. وهذه العمليات الصناعية تنتج دهونا متحولة غير مشبعة في الزيت. والدهون المتحولة لا يمكن أن تتواجد بشكل طبيعي، فهي نتاج هذه العمليات الصناعية، لذا يواجه الجسم معاناة في هضمها، وتبقى فيه مدة طويلة، تضر خلالها كل أعضاء الجسم.
لكن عند وجود عبارة أطعمة خالية من الدهون على المنتجات، فهي تعني أن كل حصة غذائية من هذا المنتج تحتوي على (Less than 0.5 gram (gm) of trans-fat per serving) أقل من 0.5 غم من الدهون المهدرجة، وليس لكل العبوة. فإذا إستهلكت العديد من الحصص الغذائية من هذا المنتج، فأنت بذلك أخذت كمية من الدهون المهدرجة انت بغنى عنها. ولكي تتفادى ذلك ما عليك إلا ان تقرأ البطاقة التغذوية الموجودة خلف العبوة، أو على جانبها، والتي تحتوي على مكونات هذا المنتج بالتفصيل من الدهون بأنواعها والكربوهيدرات والبروتينات وغيرها، مع توضيح كمية السعرات الحرارية للحصة الواحدة، أو للمنتج بأكمله، أو لكل 100 غم منه. فما عليك إلا عمل حسابات بسيطة لتعرف كم من الغرامات من الدهون المتحولة إستهلكت وكم عدد السعرات التي تناولتها.
ثانياً: مخفض أو قليل المحتوى من السكر والدهون والصوديوم (Reduced or Lowered Fat, Sugar or Sodium):
عندما نرى عبارة (Reduced Fat ,Sugar or Sodium) فهي تعني بأن هذا المنتج يحتوي على 25% أقل في مكوناته من الدهون، أو 25% أقل من السكريات أو 25% أقل من الصوديوم، مقارنة بنفس المنتج الذي تنتجه الشركة، دون كتابة هذه العبارة. ولكن هذا الفرق يكون بالعادة غير ملحوظ وغير دقيق لأصحاب الحميات. فعلى سبيل المثال هناك نوع من صلصات الصويا تقدر الحصة الواحدة منها بنصف أونصة، أو ما يقارب ملعقة طعام كبيرة 15غم تحتوي 920 ملغم صوديوم. اما المنتج الذي كتب عليه (Reduced Sodium) فتحتوي ملعقة الطعام منه على 575 ملغم صوديوم. ويعتبر هذا أقل من المنتج الأول، ولكنه يعتبر أكثر من كمية الصوديوم التي يجب ان يأخذها شخص يتبع حمية منخفضة الصوديوم.
وأود ان أضيف لذلك أن أقل مستوى من تقليل الصوديوم، هو ملعقة شاي 5-6غم ملح طعام تحتوي على ما يقرب 2.4غم صوديوم، ويساوي 2400ملغم صوديوم.
والآن عزيزي القارئ لاحظ معي الفرق فعند قراءة عبارة (low sodium ,Fat ,Sugar) فإن هذا يعني أن كل حصة من هذا المنتج تحتوي على أقل من 3% من الدهون، وأقل من 140ملغم من الصوديوم. وهذا يعني ان كلمة (Low) تعطي تحديداً أدق في الكمية مقارنة بكلمة (Reduce) لذلك لتحري دقة أكبر عند الشراء على أصحاب الحميات إختيار المنتج المكتوب عليه كلمة (Low) .
ثالثاً: خفيف (Light or Lite):
إن وجود هذه العبارة على الملصق الغذائي تعني ان هذا المنتج أقل بـ1/3 محتواه من السعرات والدهون والصوديوم، مقارنة بنفس المنتج وبنفس المكونات. ولكن عليك أن تقرأ البطاقة التغذوية لكي تحسب كم بالضبط سوف تعطيك الحصة الواحدة.
فعلى سبيل المثال، عند مقارنة نوع من بوظة الشكولاته المكتوب عليه كلمة (Light) بنفس النوع غير المخفض وجد أن النوع المخفض أقل بنصف الدهون من نفس النوع. ولكن فرق السعرات كان حوالي 30 سعرة للحصة الواحدة، والتي تقدر بـ ½ كوب. فإذا أخذنا كوب اكبر فإننا نعيد فرق السعرات، وربما أكثر. لذلك نعود ونكرر أن علينا عمل حساب بسيط للحصة وليس العبوة كاملة، حتى نقدر ما نأكل بالضبط.
رابعاً: طبيعي (Natural) :
عندما نقرأ هذه العبارة على المنتج فإن هذا يعني أن هذا المنتج خالٍ من المواد الحافظة والمواد المضافة، أو أي مواد مصنعة. ومن ناحية أخرى هذا لا يعني بأنه صحي فهو ما زال عالياً من جهة الدهون والسكر والسعرات والصوديوم.
وعليه إنتبه عزيزي المستهلك ولا تدع عبارة (Natural Sugar) أو مصنوع من سكر طبيعي تخدعك. فمثلاً قد يكون مكتوباً على ملصق العبوة أن هذا المنتج حُضِر من سكر مكرر طبيعي نقي، بدلاً من سكر الفركتوز المستخرج من الذرة، أو ما يسمى بسكر الفاكهة. والحقيقة العلمية أن إستهلاك كمية كبيرة من كلا النوعين يسبب نفس الضرر.
خامساً: مصنوع من (…Made with):
عندما تكتب هذه العبارة على الملصق الغذائي، فإن هذا يعني أن هذا المنتج يحتوي على مكونات خاصة. فمثلاً عندما يكتب على منتج أنه مصنع من مواد عضوية (Made with organic) دون تحديد النسبة، فهذا يعني أن هذا المنتج مصنع من مكونات طبيعية، وخالٍ من المواد المضافة والكيميائية والملونة وغيرها. ولكن، لأنه لم يحدد النسبة، فإن ذلك يعني أن المكونات الطبيعية هي بنسبة 70% و30% مواد مصنعة.
إن المنتج المصنع من مواد طبيعية بشكل كامل يكتب عليها (made with organic 100%)فعلى سبيل المثال منتجات كتب عليها مصنوع من حبوب كاملة (made with whole grains) وهي في الحقيقة ليست حبوباً كاملة، بل مخلوطة بنسبة 30% بطحين القمح غير الكامل الأبيض.
إذن إبحث عن المنتج المكتوب عليه 100% made with whole grains وإن لم تجده فابحث عن منتج آخر.
سادساً: الإدعاءات الصحية Healthy claim :
لا يتوقف خطر الخدع والإدعاءات ولعبة التسويق عند هذا النحو فحسب، بل تتعداها إلى عبارات وصور تدعي القدرة على تخفيف بعض الأمراض الخطيرة الصامتة، مثل أمراض القلب، وإرتفاع ضغط الدم والدهنيات، والسكري، بإستخدام المكونات الصحية في منتجاتها مثل، زيت الزيتون أوميجا3 والألياف وغيرها، وصور مثل صورة قلب سليم، لكن في نفس الوقت تخفي كميات من السكر والدهون والصوديوم والسعرات الحرارية أثناء التصنيع.
لذا عليك عزيزي المستهلك أن تختبر هذا الإدعاء، وأن لا تأخذ كل ما تروج له وسائل الإعلام، وكل ما تراه مكتوباً أو مرسوماً على المنتجات الغذائية مسلماً به، بل خصص وقتاً للتسوق واقرأ البطاقة التغذوية جيداً، وقم بحسابات بسيطة من شأنها أن تحدث تغيراً ليس بقليل في نظام حياتك الصحي.
وسائل التنحيف التجارية
ولأن الشيء بالشيء يذكر، لذلك أود أن نسلط الضوء على بعض وسائل التنحيف التجارية، وهي أكاذيب ودعايات تجارية متعلقة بطرق التنحيف:
أولاً: شاي الأعشاب، أو الشاي الصيني، أو خلطات العطارين للتنحيف والعقاقير:
تعمل هذه الأعشاب وفق مبدأ الريجيم السريع، وتخدع الناس بقولها أن الأعشاب إن لم تفيد لن تضر وهي تقوم بشكل عام على مبدأ الملينات، حيث تسبب لشاربها كثرة إدرار البول والإسهال، ما يؤدي إلى فقدان السوائل والأملاح والفيتامينات بأنواعها، وإختصار مراحل هضم وإمتصاص الدهون، حيث تؤدي إلى التبرز الدهني. ويوصي كثير منها بشربها بعد الوجبة مباشرة. أما العقاقير فتوصى قبل الوجبة، وهذا يرهق الكلية والأمعاء والمعدة ويسبب حالات الإلتهاب والفشل الكلوي لكثير من الناس الذين يسرفون في إستخدامها. أو أخذ أنواع من العقاقير تؤدي إلى القيء، وهي وسيلة أخرى لإعاقة عملية هضم وإمتصاص الدهون. ولكن هذا يعرض المعدة والمريء إلى الإصابة بالتقرحات نتيجة التعرض لحمض المعدة.
ثانياً: الرابط العجيب بين عمل كمادات من أوراق بعض أنواع الخضار مثل الملفوف وحزام Sauna belt:
يقوم كثير من مدعي العلم بخصائص الأعشاب، بإرشاد الناس لعمل كمادات من ورق الملفوف أو الخس أو الزهرة، وشيها ووضعها على الجزء المراد تنحيفه، بغرض تذويب بعض السنتيمترات من الدهون، وذلك لإيهام الناس بأن العرق أو الماء المتبخر الناتج عن وضع أوراق الملفوف الساخن يذيب الدهون المتراكمة في تلك المنطقة. وليت الضرر يقف عند ذلك الحد فقط، بل وتسابق الناس بشواء الملفوف بدرجات حرارة عالية لحرق المزيد من الدهون، وكانت النتيجة حروق من الدرجة الثانية والثالثة، مما سبب مشكلة أكبر للناس تتمثل بزيادة الوزن وتجميل المنطقة المتضررة.
وفي الختام أنصح القارئ بأن لا يصدق كل ما يسمعه أو يراه ولا يترك نفسه فريسة للمكاسب التجارية، وعليه أن يعلم أن تعديل نظام حياته وإتباع إسلوب صحي يتألف من إختيار طعام صحي وشرب الماء وممارسة الرياضة اليومية هي وحدها الطريق الأمثل للوصول لوزن مرغوب.