تعبيرا عن عدم تأثرهن بفقد الزوج وفشل حياتهن الزوجية تحتفل الموريتانيات بطلاقهن بطقوس تختلف بحسب الطبقة الاجتماعية والمستوى المادي لأهل المطلقة.
فمن المطلقات من يقمن حفلا أشبه بالعرس ومنهن من يكتفين باستقبال الصديقات والقريبات. بينما الغالبية وخاصة الفقيرات يحتفلن في وسط عائلي ضيق.
وتحرص الأسر لا سيما الأمهات والأخوات على استقبال المطلقة حين تعود من بيت زوجها بالزغاريد لدعمها لئلا تشعر بالنقص أو الفشل.
وتعددت الدراسات النفسية والتربوية والاجتماعية التي حاولت فهم إصرار المرأة على الاحتفال بالطلاق والإعلان عن فشل مشروع زواجها ونجاحها في التخلص من الزوج بهذه الطريقة رغم أن التحولات الهامة التي شهدتها السنوات الأخيرة والتي أثرت على طريقة تعامل المرأة الموريتانية مع الانفصال والاحتفال به بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتأثر الطبقة الوسطى حيث أصبحت فرص المطلقة في الظفر بزوج آخر تتناقص.
الاحتفال نكاية بالزوج
وتردد النسوة في حفل الطلاق أغان شعبية تحمل معاني العزاء والمواساة في حفل تغلب عليه العادات والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين. فتسمع المطلقة من قريباتها عبارات التشجيع والمساندة في هذه المحنة ويدعمنها من أجل مواصلة حياتها وعدم الاستسلام ويبدين سعادتهن بهذا الحادث وإعجابهن بانتصار المطلقة على الرجل في معركة الحصول على الحرية لأن بعض الأزواج يرفضون التطليق.
كذلك تقيم المطلقة حفلا عند انتهاء شهور العدة وتتزين وتستقبل صديقاتها نكاية بالزوج وتحرص بعضهن على أن يعلم الزوج السابق وعائلته باحتفالها بالطلاق ورغبتها في الزواج مجددا. أأما من هن من مستوى اجتماعي لا يسمح باقامة الحفل فيحرصن على الاحتفال والظهور في أبهى حلة على الأقل في يوم انتهاء العدة.
ومن التقاليد الموريتانية المرتبطة بالاحتفال بالطلاق ومساندة المطلقة إبداء أحد رجال العائلة لا سيما من أبناء العمومة والخؤولة إعجابه بالمطلقة ورغبته في الارتباط بها حيث يمضي فترة ما بعد العدة مباشرة قريبا منها وتكون هذه الفترة أشبه بفترة خطبة قد تستمر وتتطور إلى مشروع زواج وقد تتوقف حين يؤدي هذا الخطيب الصوري دوره.
ويقول الباحث الاجتماعي محمدو ولد التراد إن هذه العادة تعرف في موريتانيا بال
تحراش أو التعركيب كما يطلق عليها البعض التعراظ. وهو أسلوب لدعم المطلقة ورفع معنوياتها وتأييدها في قرار الانفصال عن الزوج. وهي عادة موريتانية أصيلة تساعد المطلقة على تجاوز المحنة والانسجام مع محيطها العائلي وتبرير الانفصال للآخرين من خلال التأكيد على أن هذه المطلقة لا ينقصها شيء ويمكنها أن تواصل حياتها بعيدا عن الرجل السابق كما يمكنها الظفر بعريس جديد يعوضها عن حياتها السابقة.
التساهل في الطلاق ودعم المطلقة
ويضيف الباحث الإجتماعي إن هذا التقليد يعود لتقبل المجتمع للطلاق وترحيبه وتساهله مع المنفصلين ما شجع المرأة على طلب الطلاق وهجر بيت الزوجية وأفقدها الإحساس بمخاطر الانفصال عليها وعلى أبنائها.
فرغم النصوص والتشريعات التي صدرت خلال السنوات الأخيرة وسعت للحد من الطلاق والتفكك الأسري إلا أن ظاهرة الطلاق داخل المجتمع الموريتاني لا تزال تسجل أرقاما عالية تصل إلى 37% حسب الإحصاءات الرسمية بينما تقدرها المنظمات المستقلة ب42%.
ويفسر ولد التراد اقتصار هذه الظاهرة على موريتانيا دون باقي الدول العربية بأن أغلب الشعوب العربية تنظر للمطلقة نظرة ظالمة تحرمها من حقها في البحث عن نصيبها ودخول تجربة جديدة بينما الوضع في موريتانيا على النقيض تماما حيث أن هناك تشجيع على الطلاق وتكريس لعادة الاحتفال به مما جعل موريتانيا تتربع على قمة هرم أرقام الطلاق في العالم العربي.
ويربط الباحث ارتفاع نسبة الطلاق بثقافة الاحتفال بالانفصال ويؤكد أن الإقلاع عن هذه العادة كفيل بالحد من هذا التفكك العائلي والمساهمة في استقرار الأسر. وينادي عدد كبير من علماء الدين والمصلحين الاجتماعيين بضرورة حظر هذه العادة حتى لا تكون سببا في تفكيك الأسر وللتشجيع على أبغض الحلال.
ووجدت دراسة رسمية أن نسبة 18% من النساء المطلقات تزوجن أكثر من 6 مرات بينما بلغت نسبة المطلقات اللواتي تزوجن بعد طلاقهن الأول 72.5% في حين تزوج نسبة 20% من المطلقات مرتين بعد طلاقهن الأول ونسبة 12% ثلاث مرات ونسبة 6% أربع مرات.
وتؤكد منظمات مستقلة أن هذه النسب لا تعكس …
منظمات مستقلة أن هذه النسب لا تعكس حقيقة وضع المطلقات لأنهن يقبلن على الزواج بنسب أعلى عما أشارت إليه الاحصاءات كما أن بعضهن يقبلن على الزواج والطلاق في السر.