إن حدوث نزيف أثناء الحمل يسبب ذعراً للحامل. سواءً كنت فى الشهر الأول أو الأخير من الحمل، فأنت تعرفين أن النزيف أمر غير طبيعى، فأولى علامات الحمل عادةً هى عدم نزول دم! لكن لا يعنى النزيف فى جميع الأحوال نهاية الحمل. اسألى صديقاتك، فغالباً ستجدين على الأقل بعضهن قد تعرضن لتجارب مشابهة. لكن من الضرورى اللجوء لطبيبك فى الحال واتباع إرشاداته بدقة.
الجئى لطبيبك فى الحال
يجب أن تؤخذ مسألة النزيف أثناء الحمل بجدية. تؤكد د. نيفين الحفناوى – أستاذة أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة – وتقول: "أى حامل يحدث لها نزيف يجب أن تتصل بطبيبها فى الحال، وإذا لم تجده، يجب أن تذهب مباشرة إلى قسم الطوارئ. غالباً سيتم هناك عمل أشعة موجات فوق صوتية لمعرفة الحالة ووضع الجنين، وأحياناً يتم عمل كشف و/أو تحاليل لمعرفة سبب النزيف."
هناك العديد من الأسباب التى قد تكون وراء النزيف وطبيبك سيستطيع معرفة هذه الأسباب. تقول د. نيفين: "هناك أسباب كثيرة قد تؤدى إلى حدوث نزيف أثناء الحمل وقد تختلف مدى خطورة هذه الأسباب. لكى تساعد الحامل الطبيب على معرفة سبب النزيف، يجب أن تصفه له بدقة." سيحتاج طبيبك لمعرفة شكل النزيف (كميته، هل حدث مرة واحدة أم هو مستمر؟) ولونه (بمبة، أحمر فاتح، بنى). إذا كانت قد نزلت أنسجة أو كتل دموية، خذيها معك وأنت ذاهبة للطبيب. يجب أن تخبرى الطبيب أيضاً إذا ما كان النزيف قد صاحبه ألم، وإن كان قد صاحبه ألم، فهل كان الألم قبل النزيف أم أثناءه أم بعده، كما يجب أن تصفى له شكل الألم.
تشير د. نيفين إلى أن الأطباء يصنفون النزيف إلى نوعين: نزيف يحدث خلال الثلاث شهور الأولى من الحمل، ونزيف يحدث فى الفترة ما بين منتصف الحمل إلى آخره. يتم هذا التصنيف لأن لكل مرحلة أسباب مختلفة هى التى تؤدى لحدوث النزيف. خلال الثلاث شهور الأولى من الحمل تترواح أسباب النزيف من نزيف قد يحدث نتيجة انخفاض مستوى هرمونات الحمل فى موعد نزول الدورة الشهرية التالية، إلى نزيف يدل على احتمال حدوث إجهاض. أما النزيف الذى يحدث فى الفترة ما بين منتصف إلى نهاية الحمل، فمشاكل المشيمة هى أكثر الأسباب شيوعاً فى حدوثه.
نزيف الثلاث شهور الأولى
أغلب حالات الإجهاض تحدث قبل الأسبوع ال13 من الحمل، لكن لا يعنى هذا أن كل نزيف يحدث خلال هذه الفترة يعنى أن الحمل سيجهض. تقول مصادر طبية أن نسبة تصل إلى 10% من السيدات الحوامل تصبن بنزيف خلال الثلاث شهور الأولى من الحمل، خاصةً الحوامل فى توائم، وأغلب هؤلاء السيدات تكملن حملهن بسلام.
نزول بعض نقط الدم البسيطة يحدث أحياناً نتيجة الفحص الداخلى أو ممارسة العلاقة الزوجية. فى بعض الأحيان يكون السبب فى النزيف وجود زوائد لحمية فى عنق الرحم، وعادةً هذا النوع من الزوائد لا يتطلب علاج أثناء الحمل.
فى حالات أخرى قد يكون النزيف خلال الشهور الثلاث الأولى خطيراً. من الحالات الخطيرة التى يتم اكتشافها عند 10 أسابيع أو قبل ذلك هو الحمل خارج الرحم حيث تزرع البويضة المخصبة خارج الرحم، عادةً فى أحد قناتى فالوب. الحمل خارج الرحم يرتبط عادةً باستخدام اللولب. هذه الحالة يصاحبها عادةً ألم. حالات الحمل خارج الرحم تتطلب تدخل جراحى لأن الحمل لا يمكن أن يكتمل. يجب الانتباه واكتشاف هذه الحالة مبكراً لأن البويضة لو تركت لتكبر قد تسبب ضرراً لقناة الفالوب لا يمكن علاجه بعد ذلك.
من الحالات الخطيرة الأخرى التى تكتشف خلال الثلاث شهور الأولى من الحمل هو الحمل العنقودى حيث يحتوى الرحم على أنسجة غير طبيعية بدلاً من الجنين، وبويضة غير ملحقة.
النزيف فى المراحل التالية
أحياناً يحدث الإجهاض بعد الثلاث شهور الأولى، لكن أكثر أسباب النزيف شيوعاً فى هذه المراحل هو مشاكل المشيمة. أحياناً تغطى المشيمة عنق الرحم وعندما يبدأ عنق الرحم ينحف ويتسع استعداداً للولادة، يحدث نزيف. السيدات اللاتى حملن عدة مرات أو اللاتى ولدن ولادات قيصرية هن الأكثر عرضة لهذه الحالة.
انفصال المشيمة أيضاً هو أحد الأسباب التى تسبب حدوث نزيف حيث تنفصل المشيمة مبكراً عن جدار الرحم فتمتلئ هذه المساحة بالدم. من العوامل التى تسبب حدوث هذه الحالة ارتفاع ضغط الدم، التعرض لإصابة أثناء الحمل عند وقوع حادث سيارة على سبيل المثال، والتدخين أثناء الحمل. كلا الحالتين السابقتين يمكن أن تسبب خطورة على صحة الحامل وكثيراً ما تحتاج لدخول المستشفى.
هناك بعض الحالات النادرة التى تسبب نزيف فى المراحل الأخيرة من الحمل مثل انفجار الرحم حيث يفتح الرحم ويطرد الجنين إلى البطن، أو حدوث تمزق فى أوعية الجنين حيث يخرج دم من الجنين.
فى الفترة الأخيرة من الحمل، قد يعنى خروج بعض الدم المصحوب بإفرازات مخاطية أن صمام عنق الرحم قد تحرك بسبب لين عنق الرحم استعداداً للولادة. بالرغم من أن هذا شئ طبيعى فى المخاض، لكن يجب أن تبلغى به طبيبك خاصةً إذا لم تكونى فى المرحلة النشطة من المخاض – حيث تنقسم مرحلة المخاض إلى 3 مراحل، المرحلة المبكرة ثم المرحلة النشطة ثم المرحلة الانتقالية – لأنه قد يكون له ملاحظات أو توجيهات خاصة.
العلاج
سيخبرك طبيبك بما يجب أن تفعليه. الحوامل اللاتى تعانين من نزيف غالباً ما يُنصحن بالبقاء فى الفراش وهو أمر قد يسبب لهن ضيق خاصةً لو كن تعملن أو لديهن أطفال آخرين. إذا نصحك طبيبك بالراحة فى الفراش، ابذلى كل ما بوسعك لاتباع تعليماته بدقة – حاولى التصرف فى أعباء البيت سواء بالاستعانة بأحد يعمل أو حتى الاستعانة بصديقة أو قريبة لك، سلى نفسك بقراءة كتاب أو مشاهدة فيلم، اشغلى نفسك باختيار اسم طفلك أو افعلى أى شئ يشغل تفكيرك عن كونك حبيسة الفراش (انظرى القائمة لتجدى أفكاراً تسليك وتجعل الوقت يمر سريعاً.
إذا حدث نزيف فى مرحلة متأخرة من الحمل وكان مرتبطاً بمشاكل فى المشيمة، قد يطلب منك طبيبك دخول المستشفى وقد يقرر أن يولدك ولادة قيصرية إذا كان موعد ولادتك قد اقترب.
فى حالات أخرى، قد يرى بعض الأطباء الاكتفاء بالتوقف عن ممارسة العلاقة الزوجية وعن الرياضة وتجنب حمل أشياء ثقيلة وأخذ الأمور ببساطة. فى بعض الحالات، قد يصف لك الطبيب دواء، لكن لا تأخذى أى دواء لم يصفه لك الطبيب.
وماذا بعد؟
رغم أن النزيف فى الثلاث شهور الأولى قد يؤدى أحياناً إلى الإجهاض، لكن حتى لو أجهضت، اعلمى أن أغلب السيدات اللاتى أجهض حملهن لديهن فرصة كبيرة فى حمل ناجح بعد ذلك. إذا كان النزيف قد حدث نتيجة حالة معينة تحتاج إلى علاج، احرصى على المتابعة الدقيقة مع طبيبك حتى يتم العلاج.