السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سنن الوضوء
تعريف الوضوء : لغة : مأخوذ من الوضاءة وهي النظافة والحسن .
اصطلاحاً : التعبد لله بغسل الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة مع النية الوَضوء بالفتح : المراد به الماء الذي يتوضأ به , الوُضوء بالضم : المراد به فعل المتوضئ وهو إمرار الماء على أعضاء الوضوء .
الأصل في الوضوء : الكتاب , السنة , الإجماع , وهو من محاسن الإسلام وجماله وكماله ونظافته .
فضل الوضوء :
1- أنه سبب لتكفير السيئات : قال ابن القيم رحمه الله , في مفتاح دار السعادة : فلما كانت هذه الأعضاء هي أكثر الأعضاء مباشرة للمعاصي كان وسخ الذنوب ألصق بها فشرع أحكم الحاكمين الوضوء عليها ليتضمن نظافتها وطهارتها من الأوساخ الحسية و أوساخ الذنوب و المعاصي , وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله : ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده تحت تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم .
2- أنه سبب لدخول الجنة : عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة ) رواه مسلم .
فائدة : قال ابن حجر : كتب الفضائل أودية الأحاديث الموضوعة .
تعريف السنة : لغة : الطريقة , وسن الشيء إذا شرعه , والمراد بها سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وهي ما أمر به الشارع ليس على وجه الإلزام حكمها : يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها , ويشمل ذلك السنن القولية و الفعلية و التقريرية .
سنن الوضوء : تنقسم سنن الوضوء إلى ثلاثة أقسام : سنن قبل الوضوء و سنن أثناء الوضوء و سنن بعد الوضوء .
أولاً : سنن قبل الوضوء :
1- التسمية : وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم التسمية على قولين والصحيح أن حكمها سنة وهو اختيار الجمهور , قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى ( لا يصح في التسمية شيء ) .
فائدة : لم ينقل لنا أحد ممن روى صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم , أنه سمى عند وضوءه .
مسائل متفرقة في التسمية :
1- لفظ التسمية أن يقول : [ بسم الله ] ولا يزيد .
2- ماذا يفعل إذا نسيها ثم ذكرها في أثناء الوضوء ؟
يسمي ثم يكمل أما إذا ذكرها بعد الوضوء فلا يذكرها لأنه قد فات محلها .
3- الفرق بين التسمية و البسملة : البسملة تكون كاملة بسم الله الرحمن الرحيم و التسمية تكون ناقصة بسم الله .
4- هل يحل محل التسمية غيرها كأن يقول بسم الملك , بسم الغفور ؟
الصحيح أنه لا يحل محلها غيرها وينبغي الاقتصار فقط على قول [ بسم الله ] .
2- السواك : لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ? قال : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ) رواه أحمد و صححه الألباني قوله ( عند ) أي قبل الشروع بالوضوء قال الشيخ / عبد الله بن صالح الفوزان : ( الأظهر من ناحية استقراء هدي النبي صلى الله عليه وسلم , أن يكون السواك قبل الوضوء , لأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تسوك أثناء المضمضة . ( منحة العلام ج1/ ص 142 ) .
سنن أثناء الوضوء :
- غسل الكفين ثلاثاً : لما روى حمران : أن عثمان ابن عفان رضي الله عنه [ دعا بوضوء فتوضأ , فغسل كفيه ثلاثا ] . قال النووي : وفي هذا دليل على أن غسلهما في أو الوضوء سنة وهو كذلك باتفاق العلماء .
- فائدة : قال الشيخ / محمد بن عثيمين – رحمه الله تعالى – [ لأنهما آلة الغسل , فإن بهما ينقل الماء , وتدلك الأعضاء , فكان أليق أن يتقدم تطهيرها ] . الممتع ص : 169ج/1
– مسألة : حكم غسل الكفين بعد القيام من النوم ؟ سنة و يأثم لو ترك غسلها , وهو قول الجمهور لحديث رفاعة بن رافع في حديث المسيء في صلاته , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :[ توضأ كما أمرك الله عزوجل , ثم تشهد فأقم ثم كبر فإن كان معك قرآن فاقرأ به , وإلا فاحمد الله وكبره وهلله .. وقال فيه وان انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك ] قالوا : ليس في الحديث ذكر غسل اليدين في ابتداء الوضوء .
- البداءة بالمضمضة و الاستنشاق قبل غسل الوجه لفعله عليه الصلاة والسلام كماء جاء في حديث عثمان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنه :
- ( فتمضمض و استنثر ثم غسل وجهه ثلاثاً ) متفق عليه . مسألة : لو قدم غسل الوجه على المضمضة و الاستنشاق أجزأه ذلك لأنهما من الوجه ولم يكن مخلاً بالترتيب .
- المبالغة بالمضمضة و الاستنشاق لغير الصائم لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) . قال النووي : المبالغة في المضمضة و الاستنشاق سنة بغير خلاف .
- فائدة : قال ابن عثيمين ( وتكره في حق الصائم لأنها قد تؤدي إلى ابتلاع الماء و نزوله من الأنف إلى المعدة ) . الممتع : ص 172ج/1
- التيامن : لحديث : عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ) . متفق عليه .
قال النووي : أجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين و الرجلين في الوضوء سنة لو خالفها فاته الفضل وصح وضوءه . فائدة : قال ابن عثيمين ( التيامن خاص بالأعضاء الأربعة فقط , وهما اليدان و الرجلان ) . الممتع ص : 176ج/1 .
– تخليل اللحية : لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه وفيه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته ) .
– واللحية لا تخلو من حالتين : إما أن تكون خفيفة وهي التي لا تستر البشرة فهذه يجب غسلها و ما تحتها لأن هذه البشرة جزء من الوجه فيجب غسلها كبقية الوجه . وإما أن تكون كثيفة وهي التي تستر البشرة فهذه يجب غسل ظاهرها فقط .
– فائدة : كيفية تخليل اللحية قال ابن عثيمين : التخليل له صفتان : الأولى : أن يأخذ كفا من ماء , و ويجعله تحتها ويعركها حتى تتخلل به . الثانية : أن يأخذ كفا من ماء , و يخللها بأصابعه كالمشط . الممتع ص : 173ج/1
– تخليل الأصابع : استحسنه بعض أهل العلم لحديث لقيط بن صبرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع ) . رواه أبو داود وصححه الألباني ولكن ليس من السنة المداومة على ذلك , أما إذا احتاج إلى التخليل من أجل إيصال الماء إلى باطن الأصابع فإنه يجب عليه الإسباغ لا لأجل التخليل بذاته .
– مسألة : كيفية تخليل أصابع اليدين و الرجلين : قال الشيخ بن عثيمين : وتخليل أصابع اليدين أن يدخل بعضهما ببعض . وأما الرجلان فقالوا : يخللهما بخنصر يده اليسرى , مبتدئا بخنصر رجله اليمنى من الأسفل إلى الإبهام , ثم الرجل اليسرى يبدأ بها من الإبهام لأجل التيامن , لأن يمين الرجل اليمنى الخنصر , ويمين اليسرى الإبهام , ويكون بخنصر اليد اليسرى تقليلاً للأذى , لأن اليسرى هي التي تقدم للأذى . الممتع ص : 175ج/1
– الغسلة الثانية و الثالثة : ولها عدة صفات : ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثلاثا ثلاثاً كما في حديث عثمان بن عفان , وهذا الأكثر . رواه البخاري و مسلم . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرتين مرتين كما في حديث عبدالله بن زيد , رواه البخاري . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة كما في حديث عبدالله بن عباس , رواه البخاري .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خالف في الوضوء , فتوضأ في بعض الأعضاء ثلاثاً و في بعضها مرتين , كما في حديث أبي حسن . رواه البخاري و مسلم . فائدة : أجمع أهل العلم على أن الواجب في الوضوء مرة واحدة , وأن من توضأ مرة واحدة فإن وضوؤه صحيح .
سنن بعد الوضوء :
ويمكن تقسيمها إلى قسمين قوليه و فعلية .
أولاً : القولية : وهي الذكر الوارد بعد الوضوء عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدالله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ). رواه مسلم وفي رواية لمسلم أيضا ( من توضأ فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمداً عبده ورسوله ) .
زاد الترمذي ( اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين ) صححه الالباني .
وعن ابي سعيد قال : من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك , كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة . صححه الالباني .
ثانياً : الفعلية : صلاة ركعتين بعد الوضوء : عن أبي هريرة رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الغداة : يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة؟ فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة. قال بلال: ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي". رواه البخاري، ومسلم .
فائدة : هذه الركعتان من ذوات الأسباب وعليه يجوز لمن توضأ في وقت من أوقات النهي صلاتها .
متفرقات :
- قال ابن القيم : الأذكار التي تقولها العامة على الوضوء عند كل عضو لا أصل له .
- لايصح رفع البصر عند الذكر بعد الوضوء و كذلك رفع أو الإشارة بالاصبع السبابة و لا استقبال القبلة , لأنه لم يثبت ذلك كله عنه صلى الله عليه وسلم .
- هل الوضوء من خصائص هذه الأمة : الصحيح أنه ليس من خصائص هذه الأمة , وإنما الذي اختصت به هذه الأمة هي الغرة والتحجيل .
تم بحمد الله ,,سبحان الله وبحمده
المصدر موقع ياله من دين