بسم الله الرحمن الرحيم
* تعريف آلام الرقبة:
المعظم منا – وإن لم يكن الكل – يعانى تقريباً من آلام الرقبة، وإما أن تكون آلام الرقبة هذه حادة تستمر لعدة ساعات أو حتى لعدة أشهر أو قد تكون مزمنة.
والآلام التي تستمر لعدة أسابيع أو أكثر تعتبر آلام رقبة مزمنة.
وغالبية الأسباب التي تؤدى إلى هذه الآلام هي أسباب غير خطيرة أو تدعو للقلق، ومن بينها الوضع الخاطئ للجسم وخاصة عند الجلوس والقيام بالأعمال المكتبية أو العمل على الكمبيوتر لفترات طويلة من الزمن أو أثناء ممارسة الهوايات حيث لا يتم الحفاظ عل استقامة الرقبة أو ميلها لفترات طويلة بدون استرخاء مما يعرضها للإجهاد .. وهذا هو السبب الشائع لآلام الرقبة.
لكنه فى بعض الأحيان قد تشير الآلام إلى وجود اضطراب أكثر خطورة، وإذا كانت الآلام حادة بحيث لا يستطيع الشخص الوصول بذقن الوجه إلى الصدر .. على الرغم من تقديم العناية الذاتية فى المنزل على مدار أيام قليلة لابد حينها من اللجوء إلى العناية الطبية المتخصصة على الفور
* أعراض ألم الرقبة:
تأخذ آلام الرقبة أنماطاً متعددة، والعلامات والأعراض قد تتضمن على:
– ألم فى الرقبة حاد.
– تيبس فى الرقبة.
– الصعوبة فى أداء المهام اليومية نتيجة للألم والتيبس.
– آلام فى الكتف بالإضافة إلى آلام الرقبة (فى بعض الحالات).
– ألم الظهر بالإضافة إلى ألم الرقبة (فى بعض الحالات).
المزيد عن آلام الظهر ..
* الأسباب:
تتعدد الأسباب المؤدية إلى آلام الرقبة:
1آلام الرقبة- الإجهاد العضلي:
الاستخدام المفرط للعضلات لوقت طويل مثل الإمالة (الانحناء) فى الغالب ما يحفز على إجهاد العضلات، وخاصة العضلات التي توجد خلف الرقبة تتعرض للإجهاد سريعاً. فى حالة استخدام عضلات الرقبة على نحو متكرر لفترة طويلة من الزمن يظهر الألم المزمن .. بل وتوجد بعض العوامل البسيطة جداً التي تحفز على ظهور آلام الرقبة مثل القراءة فى الفراش أو الإطباق على الأسنان.
2- المفاصل الملتهبة:
مفاصل الرقبة مثلها مثل أية مفاصل أخرى فى الجسد تتعرض للالتهاب، والتي بدورها تؤدى إلى شعور بالألم والتيبس.
3- اضطراب الفتق للأقراص البينية بين الفقرات:
كلما تقدم العمر بالإنسان تصبح الوسائد التى تحتوى على الألياف القوية (Cushioning disk) التى توجد بين الفقرات جافة ومتيبسة مما يؤدى إلى ضيق المسافات فى العمود الفقري، وعند الإصابة بالفتق فهذا يعنى أن المادة الداخلية الجيلاتينية للوسائد تتسرب وتضغط على الأعصاب .. ويحدث ألم الرقبة.
وهناك نموات من العظم أو من الأنسجة قد تضغط أيضا على الأعصاب عند خروجها من الحبل الشوكى مسببة الألم.
4- الإصابات:
وهى الإصابات التي تنتج من تعرض الرأس للهزة العنيفة للأمام ثم إلى الخلف مما تؤدى إلى الاستطالة الزائدة للأنسجة اللينة للرقبة.
* الذهاب إلى الطبيب:
آلام الرقبة لا تتطلب فى الغالب عناية طبية، ونادراً ما تكون حالة طبية طارئة.
أ- متى تبحث عن الرعاية المنزلية فقط؟
آلام الرقبة التي تتسبب فى استثارة العضلات عادة ما تكون سهلة للتشخيص الذاتي، وتتحسن فى خلال بضعة أيام. هذا النوع من آلام الرقبة يحدث بعد الانغماس فى نشاط مفرط، أو الاستمرار فى العمل لفترة طويلة من الزمن أو فى مجهود ما، أو الاستخدام المفرط لعضلات الرقبة أو الوضع الذي يتخذه الشخص مما يمثل حملاً عل عضلات الرقبة .. وإذا لم تتحسن الحالة (آلام الرقبة) فى خلال أسبوع أو اثنين لابد حينها من اللجوء إلى الطبيب المتخصص.
ب- متى تبحث عن الرعاية الطبية المتخصصة؟
الذهاب الفوري إلى الطبيب، إذا ظهرت إحدى الأعراض التالية والمتصلة بآلام فى الرقبة:
1- ألم حاد من إصابة ما:
بعد التعرض لإصابة فى الرأس أو الرقبة مثل الهزة العنيفة للأمام ثم إلى الخلف مما يعرض الأنسجة اللينة التي توجد فى الرقبة إلى الاستطالة بشكل زائد عن الحد أو تعرض الرأس للطمة قوية .. لابد من اللجوء الفوري إلى الطبيب.
فالألم الحاد فوق العظم قد يشير إلى كسر أو إصابة فى الأربطة.
2- ألم ممتد إلى أعضاء أخرى:
فالألم الذي يمتد أو يصل إلى الكتف أو قد يمتد إلى الذراع مع أو بدون تنميل أو وخز فى أصابع اليد قد يشير إلى استثارة فى الأعصاب. والألم الذي يظهر من استثارة الأعصاب قد يستمر من أسابيع إلى ستة أشهر أو أطول. وهناك اختبارات متطورة وعلاجات متاحة لهذا النوع من الاستثارة العصبية المستمرة لذا لابد من رؤية الطبيب.
3- فقد القوة:
الضعف فى الذراع أو الرجل أو المشي بالرجل متيبسة أو قدم بطيئة فى المشى (Shuffling feet) قد تشير إلى مشكلة عصبية (متصلة بالأعصاب) وتحتاج إلى تقييم فوري.
4- تغيير عادات الإخراج أو التبول:
أى تغير ملحوظ وخاصة مع حالات الاحتباس المفاجئة قد يشير إلى وجود مشكلة عصبية.
* الاختبارات والتشخيص:
الطبيب هو الشخص الوحيد القادر على تشخيص سبب ألم الرقبة، ويوصى بالعلاج لكن بعد سؤال المصاب عدة أسئلة عن:
– نوع الألم الذي شعر به.
– مكان الألم.
– متى بدأت أعراضه.
وإذا لم يستطع الطبيب تلقى إجابة قاطعة أو واضحة من الشخص الذي يشكو من الآلام، سوف يقوم بطلب إجراء إحدى اختبارات الأشعة التشخيصية التالية، مثل:
– الأشعة السينية.
– الرنين المغناطيسي .. المزيد
– الأشعة المقطعية .. المزيد
– التخطيط الكهربائى للعضلات (Electromyography).
* العلاج والعقاقير:
غالبية أنواع آلام الرقبة تستجيب لإجراءات العناية المنزلية، وإذا استمر الألم فإن الطبيب قد يوصى بإتباع نظام علاجي آخر.
أ- العناية الذاتية بآلام الرقبة:
من أساليب العناية الذاتية من جانب الشخص المصاب نفسه، إتباع التالى:
1- أخذ مسكنات الألم المتاحة:
تتوافر فى الصيدليات بدون وصف من قبل الطبيب مثل الأسبرين، الأيبوبروفين والأسيتامينوفين.
2- المناوبة بين الكمادات الساخنة والباردة:
يتم تخفيف الالتهاب بوضع كمادات باردة أو ثلج ملفوف بمنشفة لما يقرب من 20 دقيقة عدة مرات فى اليوم الواحد. ثم وضع كمادات ساخنة وأخذ حمام دافىء إن أمكن. فالحرارة ترخى العضلات المحتقنة بالالتهاب لكنها فى بعض الأحيان تزيد من حدة الالتهاب لذا يتم استخدامها بحرص.
3- الراحة:
النوم من وقت لآخر على مدار اليوم، لإعطاء الفرصة للرقبة للحصول على الراحة مثلها مثل باقي أعضاء الجسم من المجهود الذي تبذله فى حمل الرأس. مع تجنب الاستغراق فى الراحة لفترات طويلة لأن الاسترخاء الزائد عن الحد (عدم بذل أى نشاط) يُسبب تيبس متزايد فى عضلات الرقبة.
4- الاستطالة البسيطة:
تحريك الرقبة برفق على جانب واحد، البقاء على وضع الإطالة لمدة 30 ثانية، على أن تتم حركات الإطالة فى عدة اتجاهات حسبما يسمح به حدود الألم، وهذا يساعد على تخفيف البعض من الآلام.
5- كريمات للألم:
الكريمات أو الجيل المتاح فى الصيدليات من أجل تخفيف آلام العضلات أو المفاصل قد يساهم فى بعض الراحة المؤقتة من آلام الرقبة، مع البحث عن المنتجات التي تحتوى على مركبات الكافور أو المينتول.
ب- علاج ألم الرقبة المستمر:
للآلام التي لا يظهر معها أى تحسناً ملحوظاً من خلال ما تم إتباعه من الإجراءات المنزلية البسيطة، يقوم الطبيب بوصف إحدى أنواع العلاج التالية:
1- تمارين الرقبة أو الإطالة:
قد يوصى الطبيب باللجوء إلى أخصائي علاج طبيعي لتعلم تمارين الرقبة وكيفية الإطالة الصحيحة لها حتى يستطيع الشخص ممارستها بمفرده فى المنزل.
فالتمارين تحسن الألم وذلك من خلال استعادة العضلات لوظائفها الطبيعية وزيادة قوة تحملها.
2- التحفيز الكهربائى للعصب عن طريق الجلد (Transcutaneous electrical nerve):
الإلكترود الذي يتم وضعه على الجلد بالقرب من المناطق المسببة للألم تتلقى نبضات كهربائية بسيطة تؤدى إلى تخفيف الألم.
3- الحقن بالأدوية:
الحقن بالأدوية فى الرقبة قد يساعد فى تخفيف الألم، حيث يقوم الطبيب يحقن الرقبة بأدوية "كورتيكوستيرويد" بالقرب من جذور الأعصاب أو بالقرب من مفاصل الرقبة الصغيرة أو فى عضلات الرقبة. كما أن الأدوية التي تعمل على تخدير الألم يتم استخدامها لهذه الآلام بالمثل مثل (Lidocaine).
4- أدوية الآلام:
قد يصف الطبيب أدوية أقوى للآلام عن تلك المتاحة للاستخدام فى الصيدليات.
5الرقبة الطبية- عدم ممارسة الحركة على المدى القصير:
الرقبة الطبية التي يتم استخدامها لتدعيم الرقبة، قد تساهم فى تخفيف الألم بإبعاد الضغط عن هيكل الرقبة.
6- الجراحة:
اللجوء إلى الجراحة يكون من الخيارات النادرة لتخفيف آلام الرقبة، مع ذلك قد تكون الحل الوحيد لتخفيف الضغط على جذور الأعصاب أو الحبل الشوكى.
* الوقاية من آلام الرقبة:
معظم حالات الألم التي تصيب الرقبة متصلة بالوضع غير الصحيح لها، والتي لا تتضح إلا مع تقدم الإنسان فى العمر للتآكل الذي قد يحدث بعظامها. ومن أجل تجنب آلام الرقبة لابد وأن يحرص الشخص على أن يكون وضعها فى استقامة مع العمود الفقري حتى تعمل الجاذبية مع الرقبة وليس ضدها، كما أن تغيير الشخص لروتين حياته اليومي قد يساعد بالكثير أيضاً.
لذا يجب إتباع التالى:
– أخذ فترات للراحة على نحو متكرر، فإذا كان الشخص يقود لمسافات طويلة أو يعمل لساعات طويلة على الكمبيوتر لابد وأن تكون الرقبة فى نقطة مركزية على العود الفقري من أجل تخفيف تعريضها للإجهاد مع تجنب إطباق الأسنان على بعضها .. فهذا يسبب آلام الرقبة بالمثل.
– تعديل وضع المكتب والكرسي وجهاز الكمبيوتر، لابد وأن تكون شاشة الكمبيوتر عند مستوى العينين والركبتان أقل قليلاً من مستوى الحوض مع استخدام الكرسي الذي يوجد على جانبيه مسند للذراعين لإرخائها عليه.
– عدم إمالة الرأس عند التحدث فى التليفون للإمساك بالسماعة بينها وبين الكتف إذا كانت الأيدي منشغلة بشيء آخر، وبدلاً من ذلك استخدام السماعة التي توضع على الرأس لتجنب الإمالة للرقبة.
– الإطالة المتكررة، إذا كان العمل مكتبي لابد من تحريك الكتف لأعلى ولأسفل، أو شد عضلات الكتفين سوياً ثم إرخائهما، جذب الذراعين لأسفل عند إمالة الرأس إلى كل جانب عند إطالة عضلات الرقبة.
– العمل على اتزان قاعدة الرقبة، إطالة العضلات الأمامية للصدر، وتقوية العضلات التي توجد حول الكتفين وخلفهما، وعادة ما تعمل هذه الخطوات على اتزان القاعدة التي تدعم عضلات الرقبة.
– تجنب النوم على المعدة، هذا الوضع يضع ضغطاً على الرقبة، لذا لابد من اختيار وسادة تدعم الانحناء الطبيعي للرقبة.
* الطب البديل لآلام الرقبة:
التحدث إلى الطبيب إذا كان الشخص مهتماً بالطب البديل كعلاج لآلام الرقبة، وسوف يقوم الطبيب بمناقشة عوامل الخطورة والفوائد الخاصة بهذا العلاج التكميلي.
المزيد عن الطب البديل ..
من أنواع علاجات الطب البديل للرقبة:
1- الوخز بالإبر:
وذلك بإدخال إبرة رفيعة فى مناطق متعددة بالجسم. وقد توصلت الدراسات أن الوخز بالإبر قد يكون مساعداً للعديد من أنواع الألم لكن الأمر يحتاج إلى أكثر من جلسة واحدة، ويعتبر العلاج بالوخز آمناً ويتم إجرائه بواسطة ممارس معتمد باستخدام إبر معقمة … وهذا العلاج ممنوع للأشخاص التي تأخذ أدوية مسيلة للدم.
2تدليك الرقبة- التدليك (المساج):
خلال المساج يقوم متخصص باستعمال الأيدي لتدليك عضلات الرقبة من أجل إرخائها. وهناك القليل من الأدلة الطبية التي أوضحت فاعلية المساج مع آلام الرقبة، إلا أنها تكون أكثر فاعلية إذا كانت معها أنواع من العلاج أخرى.
والمساج آمن بوجه عام لغالبية الأشخاص التى تعانى من إجهاد بسيط للرقبة طالما يتم ممارسته بواسطة متخصص، أما إذا كان الشخص يعانى من ألم رقبة مزمن بسبب إصابة أو التهاب لابد من سؤال الطبيب أولا