البنائية كمفهوم ظهرت قديماً ولعبت دوراً في العلوم الطبيعية ، إلا أن الالتفات لها كمنهج للتطبيق في كافة العلوم لم يتبلور إلا في عصرنا الحديث ، وكان أحدث مجال غزته البنائية هو مجال التربية ، حيث برزت فيه بثوب جديد يتمثل في التطبيق العملي والاستراتيجيات التدريسية التي تهدف إلى بناء المعرفة لدى المتعلم .
تشتق كلمة البنائية Constructivism من البناء Construction أو البنية Structure، والتي هي مشتقة من الأصل اللاتيني Sturere بمعنى الطريقة التي يقام بها مبنى ما. وفي اللغة العربية تعني كلمة بنية ما هو أصيل وجوهري وثابت لا يتبدل بتبدل الأوضاع والكيفيات.
الوسم: البنائية
من أهم مبادئ التعلم في هذه النظرية: التعلم لا ينفصل عن التطور النمائي للعلاقة بين الذات والموضوع؛ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه؛ الاستدلال شرط لبناء المفهوم، حيث المفهوم يربط العناصر والأشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين الأفعال التي تجري في لحظات مختلفة، وعليه فإن المفهوم لايبنى إلا على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل؛ الخطأ شرط التعلم، إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة؛ الفهم شرط ضروري للتعلم؛ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين؛ التعلم هو تجاوز ونفي للاضطراب.
مفهوم التكيف: التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي عن طريق استدماجها في مقولات وتحويلات وظيفية، والتكيف هو غاية عملية الموازنة بين الجهاز العضوي ومختلف حالات الاضطراب واللاإنتظام الموضوعية أو المتوقعة والموجود في الواقع، وذلك من خلال آليتي التلاؤم (بالفرنسية: l’accommodation) والاستيعاب (بالفرنسية:
l’assimilation):- التلاؤم هو تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن.
- الاستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات، والملائمة هي تلاؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي.
مفهوم الموازنة والضبط الذاتي: الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوز الاضطراب، والتوازن هو غاية اتساقه.
مفهوم السيرورات الإجرائية: إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة وكل أشكال التكيف، تنمو في تلازم جدلي، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية أي الأنشطة العملية الملموسة.
مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل، عند جان بياجي، ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والأشياء، وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية، كاللغة والتقليد المميز واللعب الرمزي… والرمز يتحدد برابط التشابه بين الدال والمدلول أما التمثل فهو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبا.
اللعب عند النظرية البنائية
نظرية جان بياجيه في اللعب :
إن نظرية جان بياجيه في اللعب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء، ويعتقد بياجيه أن وجود عمليتي التمثيل والمطابقة ضروريتان لنمو كل كائن عضوي. وأبسط مثل للتمثل هو الأكل، فالطعام بعد ابتلاعه يصبح جزءاً من الكائن الحي بينما تعين المطابقة توافق الكائن الحي مع العالم الخارجي كتغيير خط السير مثلاً ويبدأ اللعب في المرحلة الحسية الحركية، إذ يرى بياجيه أن الطفل حديث الولادة لا يدرك العالم في حدود الأشياء الموجودة في الزمان والمكان، فإذا بنينا حكمنا على اختلاف ردود الأفعال عند الطفل فإن الزجاجة الغائبة عن نظره هي زجاجة مفقودة إلى الأبد، أي أنه يؤمن فقط بما يراه، أو يدرك استمرارية الأشياء مما يراه دائماً، وحين يأخذ الطفل في الامتصاص لا يستجيب لتنبيه فمه وحسب بل يقوم بعملية المص وقت خلوه من الطعام.
وتضفي نظرية بياجيه على اللعب وظيفة بيولوجية واضحة بوصفه تكراراً نشطاً وتدريباً يتمثل المواقف والخبرات الجديدة تمثلاً عقلياً وتقدم الوصف الملائم لنمو المناشط المتتابعة.
لذلك نجد أن نظرية بياجيه في اللعب تقوم على ثلاثة افتراضات رئيسية هي:
.1. يسير النمو العقلي في تسلسل محدد من الممكن تسريعه أو تأخيره ولكن التجربة وحدها لا يمكن أن تغيره وحدها.
.2. إن هذا التسلسل لا يكون مستمراً بل يتألف من مراحل يجب أن تتم كل مرحلة منها قبل أن تبدأ المرحلة المعرفية التالية.
.3. وهذا التسلسل في النمو العقلي يمكن تفسيره اعتماداً على نوع العمليات المنطقية التي يشتمل عليها.