قديماً كان يُعتقد أن الذكاء الذهني هو وحده المسؤول عن التفوّق البشري، وأنه شيء فطري، يُخلق الإنسان به، ولا يمكن تعلّمه أو اكتسابه. ولكن الدراسات والأبحاث الحديثة أثبت أن الذكاء الذهني وحده غير كافٍ لتحقيق النجاح والتفوّق، بل يجب أن يتوفر إلى جانبه الذكاء العاطفي، أي قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين، بحيث يتعامل مع عواطفه بما يحق قدراً ممكناً من السعادة لنفسه ولمن حوله، وهذا الذكاء يمكن اكتسابه وتنميته والتدرّب عليه.
ويشتمل "الذكاء العاطفي" على مجموعة من الصفات العاطفية التي تظهر أهميتها في تحقيق النجاح، ومنها:
– القدرة على فهم مشاعرنا ومشاعر الآخرين.
– القدرة على تحقيق محبة الآخرين والقدرة على التعامل معهم.
– القدرة على التعبير عن المشاعر والأحاسيس وفهمها.
– القدرة على تكوين علاقات (القابلية للتكيف).
– القدرة على الانضباط الذاتي والسيطرة.
– النجاح الأكاديمي والعلمي والعملي.
– القدرة على اتخاذ القرار (الاستقلالية).
– المثابرة والإصرار على العمل الجاد.
– حل المشاكل القائمة بين الناس.
– احترام الذات واحترام الآخرين.
ولكن كيف ندرب الطفل على اكتساب مهارات الذكاء العاطفي؟
تُعدّ الفترة المتدة من الولادة إلى سن الخامسة، فترة نمو سريع، لذا من الأفضل أن يعيش الأطفال تجارب تعليمية ذات نوعية عالية، وأن يتعلموا التصرف كأفراد في مجموعة اجتماعية أكبر خارج العائلة، وتطوير قدراتهم كي يواجهوا التحديات العاطفية والجسمية والفكرية في المجتمع.
ويمكن تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال، من خلال الأساليب التالية:
– مساعدة الأبناء في الاعتماد على أنفسهم عند اتخاذ قراراتهم، كي يتمكنوا من اتخاذ قرارات مصيرية في المستقبل، مثلاً: دعوهم يختاروا ملابسهم بأنفسهم، وكذلك ألوان غرف نومهم، وألعابهم، والكتب التي يحبون قراءتها، وليكن دوركم كأهل هو الإرشاد ومساعدتهم على انتقاء الأفضل.
– تعليمهم احترام من هم أكبر منهم سناً، بغض النظر عن صلة القرابة بهم، فالاحترام سينمو معهم وسيساهم في نجاحهم المستقبلي.
– تعليمهم فن الاستماع للغير بتعاطف، بمعنى أن يتجاوبوا معه ويتحاوروا إذا كانوا أهلاً لذلك، فهذا ينمّي مهارات التخاطب عندهم.
– تدريبهم على التعلّم من أخطائهم وأخطاء الآخرين، فكلٌّ منا يخطئ ويتعثر، ولكن علينا أن نتخذ من الإخفاق فرصة لتعلم الصواب، وأن نهض من جديد.
– تنمية النظرة التفاؤلية عندهم؛ لأن الشخص المتفائل هو الذي يكون قادراً على تخطي المشاكل والمصاعب في المستقبل.
– تعليمهم أن يعتذروا إذا أخطؤوا، وكونوا قدوتهم في ذلك؛ فالاعتذار لا ينقص من قدر الإنسان، وإنما يعوّده على التسامح.
– هيّئوا الأبناء لتحمّل مسؤوليات بسيطة تناسب عمرهم، مثل تحمّل جزء من الأعباء المنزلية للفتاة أو إحضار بعض المتطلبات المنزلية للشبا.
– تهيئة الأبناء على أن يكونوا اجتماعين، من خلال إقامة علاقات اجتماعية مع الجيران مثلاً، لينسجموا مع من حولهم.
– تدريبهم على التعاطف والاهتمام بالآخرين، كمشاركة أصدقائهم في أفراحهم وأحزانهم، مثلاً: زيارة صديق مريض، تقديم هدية بسيطة عند نجاح أحد الأصدقاء في المدرسة.