من الغريب حقا أن المقبلين على الزواج يهتمون ببناء وتجهيز الشقة التي سوف يتخذونها مسكنا لهم بعد زواجهم ، في الوقت الذي لا تعنيهم صحتهم بنفس القدر .. وهل هم قادرين بالفعل على إنجاب نسل صحيح وقوي أم لا ؟…ولاشك أن الزوجة هي التي يقع عليها تبعه هذا الأمر أكثر من الزوج
لأن الأم هي التي تستقبل الجنين بذرة صغيرة ثم تقوم على رعايتها حتى يكتمل عودها ..وهنا تبرز أهمية صحة الأم قبل عملية الإخصاب نفسها وخلال الأسابيع الأولى من عمر الجنين ..إن هذه الأسابيع الأولى بالغة الأهمية في تكوين الجنين بل نقول – دون مبالغة – إنها بالغة الأهمية لحياته ومستقبله بعد ذلك ..فالمعروف أن الجنين خلال هذه الأسابيع الأولى ينمو ويتطور بسرعة كبيرة وأن كل أعضائه وأجزاء جسمه تكون قد تكونت تماما عند بلوغ الجنين أسبوعه الثاني عشر أو ما يمكن تسميته بالثلاثة اشهر الأولى من الحمل .. وقد دلت أبحاث كثيرة على أن الأم التي لا تحصل على غذاء متنوع وصحي خلال هذه الأشهر فإن طفلها قد يولد وبه تشوهات خطيرة أو يكون ناقصا في وزنه معتلا في صحته ، وفي أحيان قليلة يولد الطفل مبكرا عن موعده مما يعرضه لمخاطر كثيرة
إن الجنين يحصل على غذائه من الأم مباشرة ، ومن خلال الحبل السري الذي هو نهاية لكتلة معقدة ومتشابكة من الأوعية الدموية تسمى " المشيمة ".. وهذه المشيمة والتي يكتمل نموها هي الأخرى عند نهاية الشهر الثالث من الحمل ، تكون هذه المشيمة ملتصقة بجدار الرحم.. ومن خلال تيار الدم يحصل الجنين على احتياجاته من الغذاء اللازم لنموه وتطوره .. وعندما تقصر الأم في تناول الغذاء الصحي واللازم لها فإن الجنين لا يجد أمامه ما يحتاجه من مواد غذائية هامة لنموه ، وهنا لا يتردد الجنين في الحصول على احتياجاته من جسم الأم نفسها أو بمعنى آخر من المخزون في جسمها
من هنا تكون لفترة ما قبل الحمل مباشرة أهميتها .. لان الجنين – كما قلنا – سوف يحصل على احتياجاته من المخزون لدى الأم خاصة ما يحتاجه من الحديد والكالسيوم .. ومن الغريب أن نقول أنه عندما يكون رصيد الأم قليل من هذه المواد الغذائية الهامة فان الجنين يحصل على ما يحتاجه تاركا الأم فريسة للأنيميا والضعف وتخلخل الأسنان …إن الأمر يبدو كما لو كانت هناك أفضلية للطفل للحصول على ما يحتاجه من مواد لازمة لنموه وتطوره في بطن الأم ، حتى ولو تجاوزت هذه الأفضلية صحة الأم نفسها ..إنه حقيقة أمر يدعو للدهشة أن يكون لذلك الضيف الجديد كل هذا الاستثناء والمحاباة
ولكن ما ذا يحدث إذا لم تهتم الأم بغذائها وصحتها في الأشهر الأولى من الحمل ، بل فلنقل وما قبل الحمل مباشرة ؟.. كما رأينا فإنه بالإضافة إلى الضعف والإعياء الذي سوف يصيب الأم فإن الطفل نفسه قد يولد مبكرا عن موعد ولادته أو يكون ناقصا في وزنه أو يكون معرضا للعدوى عند ولادته ولعلنا بعد ذلك نستطيع أن نؤكد أن الأطفال الذين يولدون في مجتمعات متقدمة يكونون أكثر صحة وذكاء من الأطفال الذين يولدون في مجتمعات نامية أو متخلفة ..ولعل الفرق الوحيد يكمن في كلمة واحدة …الغذاء
إذن ما هو الغذاء المناسب لي في فترة الحمل ؟
كما قلنا فإن الفترة الأولى من الحمل وهي التي تبلغ الثلاثة أشهر يكون نمو الجنين فيها سريعا وتطوره يبلغ أكمله – تقريبا – في نهاية هذه الفترة ..ومن المصادفات الغير سعيدة أن الأم الحامل تلقى في هذه الفترة متاعب الحمل المعروفة من قيئ وقلة الشهية للطعام والصداع ووجع الظهر .. وكل هذه الأعراض قد تدفع الحامل لعدم الإقبال على الطعام .. فالأمر إذن كما لو كان معادلة صعبة .. ففي الوقت الذي تكون الحامل بحاجة إلى أنواع مختلفة ومتوازنة من الطعام تجد أن شهيتها للطعام تسير في الطريق المعاكس
ولكن .. هل ما يهم هنا هو كمية ما تتناوله الحامل من طعام ؟ .. هذا بالطبع لا صحة له على الإطلاق ..فالمهم هنا هو تنوع ما تأكله الحامل وتوازنه ..ثم كيفية تناول هذا الغذاء غير أننا نحب أن نقول – بداية – أن الفكرة التي يجب أن تستقر لدى الحامل أنها لا تأكل لفرد واحد بل لاثنين ..وإن صحة وليدها بل ومستقبله كله متوقف على ما تمده به من غذاء في بطنها
والآن نحدد أربعة نصائح هامة تبين ملامح ما يجب أن تتناوله الحامل بصفة عامة
يجب شراء الخضروات والفواكه طازجة ما أمكن . وتتناول الحامل الفواكه بكثرة لغناها بالفيتامينات والأملاح والأحماض الضرورية
تناول هذه الخضروات والفواكه فور شراؤها وعدم تركها في الثلاجة فترة ثم تناولها بعد ذلك
تناول الخضروات دون طهيها طهيا كاملا وباستعمال القليل من الماء ..وتناول اللبن ومنتجاته من الجبن والزبادي . فمنتجات اللبن تحتوي على قدر كبير من الكالسيوم
تناول الحبوب مثل الغلة (البليلة ) بقشورها ، وتناول الخبز الأسمر أكثر من الخبز الأبيض ..إن هذه الأغذية -خاصة ما يحتوي منها على قشور – تحتوي على فيتامين "ب" المركب وغيره من المواد المنشطة والهامة لتطور الجنين ونموه
إن الحامل حتى يكون غذاؤها صحيا وكاملا لا بد أن يحتوي على عناصر متنوعة ومتوازنة من الأنواع المختلفة من الأطعمة، وذلك يعني أن الحامل يجب أن تتناول يوميا خضروات وفواكه طازجة ما أمكن ذلك ، مع أحد منتجات الألبان إضافة إلى تناول بروتين حيواني سواء كان لحوم أو أسماك أو بيض، ذلك بالطبع مع تناول الخبز أو أحد الحبوب كما أوضحنا ذلك . ومن ذلك يمكن القول أن الطعام الطبيعي هو الأكثر فائدة من الأطعمة المطبوخة أو المصنوعة ( المعلبة )..فعسل النحل أفضل كثيرا من المربى ، وقشدة اللبن أكثر فائدة من الزبد..وهكذا كلما تناولت الحامل طعاما طازجا طبيعيا ناضجا شهيا ، كلما حفظت لنفسها ولجنينها الصحة والسعادة
من الضروري – إذن – أن تتناول المرأة الحامل يوميا من كل هذه المجموعات الأربعة . فمثلا يمكن أن تتناول قطعة من اللحم أو السمك ( حوالي 150 جرام في اليوم ) مع الخبز الأسمر وتشرب كوب من اللبن مع سلطة خضراء أو ثمرتين من الطماطم أو البرتقال أو تفاحة ..هذا على سبيل المثال
ولا نقول بالطبع أن هذه الأغذية تؤكل في وجبة واحدة ولكن يحدث التنوع على مدار اليوم كله بحيث أن غذاء الحامل يحتوي في النهاية على واحد أو أكثر من كل مجموعة من المجموعات الأربعة المذكورة
والحقيقة أن الحمل لا يغير من عادات الحامل الخاصة بغذائها فحسب بل أن الحمل ينعكس على حياة المرأة وسلوكها بصفة عامة ، وقد تتساءل الحامل ..هل هناك عادة أقوم بها يمكن أن تؤثر على الجنين ..؟ وتمضى الحامل متسائلة ..هل للتدخين اثر ؟ وإذا أصابني مرض ..فما تأثير ذلك على الجنين ؟…وهل تؤثر الأدوية هي الأخرى على الجنين ؟ إن أسئلة كثيرة تدفع الحامل إلى دائرة من الحيرة والقلق . لكن قبل أن نتناول هذه الأسئلة شرحا وتفصيلا . فإننا نسأل سؤالا تقليديا نرى أن كل حامل تردده في البداية وقبل أي شيء آخر
كيف اعرف اني حامل
بعض النساء لا يصدقن أنهن حوامل حتى بعد أن يخبرهن الطبيب بذلك . بل إن البعض منهن قد يمضي غير مصدق حتى تبدأ حركة الجنين وتكبر البطن . غير أننا نقول أن معرفة المرأة لحقيقة حملها في وقت مبكر له أثره في ابتعاد المرأة الحامل عن كل ما يسبب الضرر لها أو لطفلها المنتظر
وتستطيع المرأة أن تعرف حملها باختبار معملي بسيط تجريه على عينة من بول الصباح بحيث لا تكون قد تناولت مشروبا أثناء الليل أو الصباح الذي سوف تجري فيه التحليل
والمرأة لا تذهب إلى المعمل لإجراء مثل هذا التحليل إلا بعد انقطاع الدورة الشهرية . والحقيقة أن إجراء مثل هذا الاختبار قد لا يكون مؤكدا ويرجع ذلك إلى عدة أسباب قد تتدخل في عملية التحليل نفسها مما يؤدي إلى فساد اليقين بحقيقة الحمل . لذلك كان من الضروري أن تنتظر المرأة إلى ما بعد انقطاع دورتين شهريتين ،ثم تذهب إلى الطبيب لإجراء فحصا طبيا للتأكد من نتيجة التحليل المعملي
ولعلنا نضيف إلى ذلك بعض التغيرات التي تلاحظها الحامل على جسمها وهي التي يطلق عليها أعراض الحمل
وتكون هذه الأعراض – عادة – أشد ما تكون عند الحمل الأول بينما تكون أقل في وضوحها في المرأة التي كانت لها ولادات سابقة . ويمكن إجمال هذه الأعراض في النقاط التالية
تلاحظ الحامل أن هناك زيادة في وزنها وقد تشعر أن جسمها قد امتلأ قليلا . وهذا حقيقي ، ففي بداية الحمل يحدث احتباس لسوائل الجسم وهذا يسبب الزيادة في الوزن .لكن مع مرور عدة شهور أخرى تكون زيادة الوزن راجعة لعوامل أخرى منها وزن الجنين والمشيمة والسائل الذي يحيط بالجنين وازدياد الدهون في جسم الحامل وغير ذلك من الأسباب
كذلك تلاحظ الحامل ظهور بقع سمراء داكنة على وجهها وفي مناطق أخرى من جسمها
أما التغيرات التي تحدث للثديين فهي أهم أعراض الحمل . فالحامل تلاحظ زيادة حجم الثديين زيادة ملحوظة مما يؤدي بدوره علامات تمدد على جلد الثديين وتبدو الأوردة الصغيرة زرقاء شاحبة على سطح الجلد
كما يزداد لون حلمة الثدي والهالة المحيطة بها غمقا ، فيتحول من اللون الفاتح إلى اللون البني أو الغامق قليلا . كما تظهر نتوءات صغيرة بارزة حول الحلمة . كل هذه التغيرات السطحية التي تحدث للثديين يقابلها تغيرات داخلية تتمثل في تهيئة الثديين لوظيفة الإرضاع بعد الولادة . وتبدأ الغدد المسئولة عن إفراز اللبن في عملها منذ اليوم الأول للحمل . ولعل السبب في هذه التغيرات يعود إلى بعض الهرمونات التي يفرزها المبيض ثم المشيمة ( الخلاص ) بعد ذلك
وبعد مرور الشهور الأولى من الحمل واقتراب الحامل من الموعد المنتظر للولادة فإن هناك أعراض أخرى تشكو منها الحامل تعود كلها إلى كبر حجم البطن وضغطها على أنسجة الجسم المختلفة
ويمكن تحديد هذه الأعراض في النقاط التالية
تشعر الحامل بثقل في ساقيها وقد يكون مصحوبا بتورم خفيف . وهذا التورم إذا كان مصحوبا بارتفاع في ضغط الدم فإن الأمر يستحق تدخل طبي
يمكن للحامل أن تلاحظ – أيضا – أن هناك ألما خفيف أسفل البطن والظهر
تزداد الإفرازات المهبلية . وهذه الإفرازات طبيعية إذا لم يكن لها رائحة أو سببت تهيجا وحكة فذلك يعني أن هناك التهابا وهو يحتاج إلى علاج طبي
ومع اقتراب الحامل من الشهور الأخيرة للحمل فإنها تشكو من حرقان وألم في منطقة المعدة . وعموما فالحمل يؤدي إلى حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي وهذه الاضطرابات تعود ازدياد حجم الجنين داخل الرحم وضغطه إلى أعلى عبر الحجاب الحاجز مما يدفع معه جدار المعدة إلى أعلى فيسبب الحرقان الذي ينتج بفعل أحماض المعدة والحقيقة فإن هذا الضغط على المعدة بالإضافة إلى تأثير بعض الهرمونات مثل هرمون " البروجستيرون "
الحقيقة أن ذلك يؤدي إلى صعوبة الهضم وحدوث كسل في الأمعاء
إلا أننا وبعد استعراض هذه الأعراض كلها سواء تلك التي تحدث في بدايات الحمل و تلك التي تشكو منها الحامل في شهور الحمل الأخيرة
وبعد ذكر هذه الأعراض فإننا نقول لكل حامل نصيحة في الثلاثة اشهر الأخيرة من الحمل ، يجب أن تقوم الحامل بالآتي
تدلك أعلى الفخذين من الداخل واسفل البطن بالزيت الدافئ وذلك لزيادة مرونة العضلات والأنسجة التي سوف يقتضي تمددها عند المخاض والولادة .
يجب دهن الحلمتين مرة أو مرتين في اليوم بمزيج من السبرتو ( الكحول الأبيض ) وحامض البوريك المخفف بنسبة متساوية ويترك هذا المزيج على الحلمة حتى يجف مدة خمس دقائق ثم يدهن الثديان والحلمتان
بزيت اللوز الدافئ . وكل ذلك من شانه منع بشقق الحلمتين وما يرافقه من ألم عند الرضاعة
علامات تظهر على جلد البطن والثديين . لماذا تظهر وكيف تزول ؟
مع مرور عدة أشهر بعد بداية الحمل وبعد أن يتضخم البطن ويكبر الثديان ، تلاحظ الحامل أن هناك علامات بدأت تظهر على جلد الثديين والبطن . وتأخذ هذه العلامات شكل خطوط بيضاء اللون شاحبة إلى حد ما . وهذه العلامات لا تسبب أي ألم كما أنها ليست مظهرا لأي مرض أو علة ،لكنها إن يمكن أن تؤثر في الشكل الجمالي للجسم وهذا ما يمكن أن يسبب القلق لدى بعض السيدات ممن يهتمن بصورة واضحة بمظهرهن
ونسأل في البداية عن سبب ظهور هذه الخطوط أو العلامات ؟
كما قلنا إن حجم الثديين يزداد كلما اقتربت الحامل من الشهور الأخيرة للحمل . والحقيقة أن غرض كبر حجم الثديين يعود إلى تراكم الدهن وتمدد غدد اللبن وامتلاءها وذلك بالطبع لتهيئة الثديين لمهمتهما العظيمة وهي إرضاع الطفل . نقول أن هذه الزيادة في حجم الثديين لا يقابلها بالمثل زيادة في سطح الجلد ليناسب هذا الحجم الجديد للثديين . وكنتيجة لذلك فان الجلد يأخذ في التمدد مما يؤدي في النهاية إلى انسلاخ طبقات الجلد عن بعضها مما يكون من نتيجة ظهور هذه العلامات التي تظهر على سطح الجلد
وهذا نفسه هو ما يحدث لجلد البطن بفعل كبر حجم الجنين داخل البطن . وتكون هذه العلامات اكثر وضوحا بعد الولادة بينما يكون الجلد نفسه قد انكمش إلا أن العلامات لا تزول . والآن نسأل ثانية
وكيف يمكن إذن التخلص من هذه العلامات أو الخطوط وإزالتها ؟
إن التخلص من هذه الخطوط أو العلامات والحيلولة دون ظهورها يكون بمنع تمدد الجلد أو بمعنى آخر بزيادة مرونة الجلد . ويمكن للحامل زيادة هذه المرونة بتدليك جلد البطن والثديين اعتبارا من الشهر الرابع للحمل
أما كيفية هذا التدليك فيكون باستلقاء الحامل على ظهرها ثم تضع طبقة رقيقة من أي كريم جيد على جلد البطن كله ثم تدعك بلطف حتى تتشبع به الطبقات السطحية للجلد ، ثم تبدأ في تدليك بطنها من الخارج
(من محيط البطن) غلى الداخل باتجاه الصرة ويكون التدليك برفع طبقات الجلد بلطف وتدليكها بين اليدين ونفس الشيء يمكن عمله بالنسبة لجلد الثديين