ـ لقد كانت حياتنا الزوجية في أوائل سنواتها، أفضل من الآن بكثير.
ـ زوجي لا يريد أن يساعدني في أي شيء أطلبه منه، ولا يأخذ رأيي أبدًا.
ـ زوجتي معتدة برأيها، ولا تقبل النقاش والحوار.
أخي الزوج/ أختي الزوجة:
إن البيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها، بل هذا الحب بين الزوجين يجب أن يتبعه تعاون وتسامح بينهما، فالتعاون عامل رئيس في تهيئة البيت السعيد، وبغيره تضعف قيم المحبة والتسامح، ويأخذ عدة أشكال مادية وأدبية، وإننا حينما نتأمل بعض البيوت، نجد أن معظم المشاكل بين الزوجين تأتي من خلال عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الآخر.
إن حياة المشاركة بين الزوجين، لهي من أهم دعائم استقرار أي بيت يريد أن يصل إلى السعادة، ويبغي أن تكون المودة والرحمة هي عنوانه، وهذه روح المشاركة تأخذ عدة أشكال بين الزوجين، وهي:
ـ رؤية مشتركة.
ـ شورى مباركة.
ـ مشاركة وجدانية.
ـ مشاركة إيمانية.
1- رؤية مشتركة:
إن الرؤية المشتركة بين الزوجين تعني في المقام الأول، الاتفاق على أساسيات الحياة الزوجية، والنقاط الأساسية التي قد تكون ربما مجال للنزاع المستمر بين الزوجين.
وهذه الرؤية هي مستوى جديد من العمق في التواصل بين الزوجين في علاقتهما اليومية، وهي من أقوى الأساليب ليتعلم من خلالها الزوجان التغافل عن الصغائر، والأمور التافهة التي تحدث يوميًا.
وتكوين الرؤية المشتركة بين الزوجين يحتاج من الزوجين أن يسأل كل منهما نفسه:
ـ ما كمية القرب والود العاطفي التي يبغيها؟
ـ هل هو راض عن معظم أوجه زواجه؟
ـ ما الشيء الذي يسبب المشاكل في علاقته الزوجي؟
ـ هل يحب عادات وشخصية شريك حياته؟
ـ هل ما زال شريك حياته يثير اهتمامه؟
إلى آخر هذه التساؤلات التي يستوضح كلا الزوجين بها ذاته، وشريك حياته، ويجني منها السعادة الغامرة، فالزوجان إذا ألِف كل منهما (أنه لم يعد هناك ما يتحدثان عنه ويجنيان المتعة منه، فمعنى ذلك أنهما أغلقا منافذ عقليهما، والأرجح أن تستمر الحال كذلك حتى وإن سعيا إلى تغيير شريك حياتهما، وعلى الزوجين أن يعلما أنه مهما يكن من صعوبة الحياة وتعقدها، فهناك طرق كثير تبعث المتعة وتثير الاهتمام، وأحسب أن أهم رباطين يربطان بين الزوجين، برباط وثيق هما توحد الرؤية، وتوحد أسباب المتعة) [استمتع بالحياة، لورنس جولد، ص(74)، بتصرف].
2. شورى مباركة:
إن الحياة الزوجية شركة بين الزوجية، وهذه المؤسسة تحتاج إلى البذل والعطاء بين الزوجين، حتى تنجح وتتخطى العقبات التي تحول بينها وبين الوصول إلى أهدافها.
كما تحتاج أيضًا إلى (الاستشارة في كل الأمور، والحوار بالتي هي أحسن، وفيها يأخذ المستشير بالقرار الصواب، وإن خالف رأيه، صرفه عنه برفق ولباقة، وفيها يستمع كل من الزوجين إلى رأي الآخر أو حتى نقده بصدر رحب، فلقد كان نساء المعلم الأول صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهن، يراجعنه في الرأي فلا يغضب، ولذلك وجب على كل شريك أن ينصت إلى صاحبه باهتمام، فإن ذلك يساعد على تخليصه من همومه ومكبوتاته، كما يجب تحاشي الإثارة والتكذيب فإنهما من نزغ الشيطان) [نصائح للعرسان، محمد سعيد درويش، ص(48)].
إن الزوج، يجب أن يشاور زوجته في أمور الأسرة ومستقبلها، فلابد أن يطلعها ويصارحها، وينقاشها في كل ما يخص الأسرة ومستقبلها، وهذا الاهتمام بالزوجة لاشك أنه سيوفر لها الأمان، ويجعلها تحس بأهمية وجودها معه من خلال طلب مشاركتها ورأيها في كل موضوع يهم الأسرة، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويشاور زوجاته في أمور بيتهن، بل لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في أشد الأوقات في صلح حديبية يوم أن مُنع من إتمام العمرة وإصرار الكفار على عودته دون الدخول لأداء العمرة.
فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا فانحروا، ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت أم سلمة يا نبى الله، أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم، حتى فعل ذلك نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا) [رواه البخاري].
3. مشاركة وجدانية:
فكلا الزوجين لابد أن يكون له عاطفة جياشة تشعر بآلام شريكه، فإذا مرت به الأزمات، أو عانى من مشكلة ما، كان سلوكه مع حبيبه هو اللمسة الرقيقة الحانية، والنبرة المليئة بالود والمحبة والحنان التي تمسح الآلام وتجب الخاطر المكسور.
فيجب على الزوجين التفاعل مع بعضهما وبخاصة في وقت الأزمات، كأن تمرض الزوجة أو تحمل فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج لسبب ما، فيحتاج إلى عطف معنوي، وإلى من يقف بجانبه.
فيا أيها الزوج:
ـ عند عودتك للمنزل، ابحث عن زوجتك واسأل عن حالها.
ـ عندما تعد الطعام امدح طهوها.
ـ ضع أشياءك في مكانها الصحيح، ولا تنتظر أن تقوم هي بذلك.
ـ اتصل بها من العمل لتسأل عن أحوالها، أو تشاركها شيئًا ما.
ـ إذا كنت ستتأخر، فاتصل بها لتخبرها.
ـ اسألها قبل أن تخرج إذا كان هناك ما ترغب في أن تحضره معك ولا تنسى إحضاره.
ـ إذا جرحت مشاعرها، فامنحها التعاطف، قل لها: "آسف لأنني جرحتك" ثم اصمت ودعها تشعر بتفهمك، لا تمنحها حلولًا أو تشرح لها.
ويا أيتها الزوجة:
ـ تهيئي لاستقبال زوجك بترحيب حار ومظهر جميل ورائحة طيبة تنسيه همومه وعناء عمله.
ـ التزمي الهدوء عندماء يغضب زوجك، ثم صارحيه بما صدر منه وعاتبيه بود.
ـ أكثري من كلمة "أحبك- حبيبي" فهي مخصصة لك أنتِ وزوجك.
ـ حاولي باستمرار (أن تحققي التوافق والانسجام، مع شريك العمر شيئًا فشيئًا، مع الأخذ بأسباب الصبر والأناة والمثابرة في سبيل تجنب دواعي المشاحنة، وتلافي أسباب الخلاف، وخلق الجو الملائم لنمو روح التعاطف والحب) [فن العلاقات الزوجية في ضوء القرآن والسنة والمعارف الحديثة، محمد الخشت، ص(91)].
4- مشاركة إيمانية:
ونقصد بذلك التعاون على طاعة الله عز وجل، والمشاركة في العبادة من قيام وصيام وذكر وتسبيح وصلاة وصدقات، وقد كان معلمنا وحبيبنا النبي صلى الله عليه وسلم متعاونًا مع أزواجه في أمور العبادة كالصلاة والصدقة ونحوها من الفرائض والمستحبات، كالتعاون في قيام الليل، فهو القائل صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء) [حسنه الألباني].
وكذا التعاون في الصدقة فعن عائشة رضي الله عنها، تقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا) [رواه البخاري ومسلم].
فيا أيها الزوجان، قوما بأداء طاعة الله مع بعضكما، سواء كان ذلك فرضًا أم سنة، ولا تتركا شاغل يشغلكم عن تلك العبادات، (وتأملا في سر وجودكما، وفي رسالتكما في الحياة، فالعبادات رقي بالنفس في مدارج الصلاح، وهي مفاتيح التدبر والتفكر في خلق الله، وهي تُغني الروح، وتنحو بها نحو الرضاء والسكينة، ومن ثم المودة والرحمة.
وحاولا أيضًا الاجتماع على أداء العبادة، كأن تصليا وتقرآ القرآن معصا، وتتدبرا معانيه باللجوء إلى التفاسير، وصيام الأيام معًا، إن هذا الشعور المشترك يزيد من تحاببكما في الله، وما من رجل أو امرأة إلا وجعل الله سعادته مع شخص ما بقدر محبته له في الله، فالمحبة في الله عنوان الصلة الطيب) [مشكلات وحلول، عبد الواحد علواني، ص(117)، بتصرف].
ماذا بعد الكلام؟
ـ قوما أيها الزوجان، بوضع رؤية مشتركة بينكما من خلال تحديد الأهداف بينكما التي تريدا أن تتحقق.
ـ لابد من الشورى بين الأزواج، فعليك أيها الزوج ألا تهمل حق زوجتك في أخذ رأيها في الأمور، خاصة تلك التي تتعلق بالأسرة.
ـ المشاركة الوجدانية تذهب هموم الحياة، فيجب الاهتمام بالشريك من خلال السؤال عنه وتقبل مشاعره، والوقوف بجانبه.
ـ المشاركة الإيمانية، من خلال إعانة الزوجين لبعضهما على طاعة الله، من خلال الصيام معًا أو قيام الليل وغير ذلك من العبادات.