التصنيفات
منتدى اسلامي

خطبة:لم الخوف من الشريعة .للشيخ/محمد حسان

الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ند له ولا ضد له ولا والد له ولا زوج له ولا ولد له:{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)}.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله البشير النذير السراج المزهر المنير خير الأنبياء مقاماً وأحسن الأنبياء كلاماً لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الإصر والأغلال الداعي إلى خير الأقوال والأحوال والأعمال الذي بعثه ربه جل وعلا بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فختم به الرسالة وعلم به من الجهالة وهدى به من الضلالة وفتح به أعين عمياً وآذاناً صُماً وقلوب غلفى وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً وأسأل الله الكريم جل وعلا الذي جمعني بحضراتكم في هذا البيت الحبيب إلى قلبي على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله..:
لما الخوف من الشريعة؟
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك وحتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم جوابي على هذا السؤال المهم الآن في العناصر والمحاور التالية:
أولاً: الشريعة لغة واصطلاحا.
ثانيا: خصائص الشريعة
وأخيراً رسالة مهمة إلى الإسلاميين.
فأعيروني القلوب والأسماع والله اسأل أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
أولا: الشريعة لغة واصطلاحاً:
الشريعة في اللغة لها أكثر من معنى، من بين هذه المعاني (الابتداء)
تقول العرب: شرع فلان في الحديث أي ابتدأ فيه.. شرع فلان في السير أي ابتدأ فيه.
فالمعنى الأول من معاني الشريعة في اللغةـ الابتداء.
وسأبين العلاقة الوطيدة والوثيقة بين هذا المعنى اللغوي وبين المعنى الاصطلاحي الآن فانتبه معي أيها الحبيب اللبيب.
المعنى الثاني من معاني الشريعة في لغة العرب: الظهورـ والبيان ـ والوضوح.
وهو مأخوذ من قول العرب شق الإهاب.
أي الجلد حتى ظهر اللحم وبان واتضح.
والمعنى الثالث من معاني الشريعة في اللغة: تطلق العرب اسم الشريعة على الماء المورود الكثير الدائم الجريان.
والمعنى الرابع من معاني الشريعة في اللغة: نهج الطريق الواضح.
هذه هي معاني الشريعة في لغة العرب. فما هو المعنى الشرعي والاصطلاحي للشريعة؟
قال ابن الأثير الشريعة والشرع: هو ما شرعه الله لعباده من الدين.
انتبه لهذا المعنى الاصطلاحي لأن الحرب الآن شرسة وأخطر ما في الحرب أنها حرب اصطلاحات ومصطلحات قد لا يعرف كثير ممن يروجونها حقيقة المصطلح لا لغة ولا اصطلاحا.
الشريعة اصطلاحاً: هي ما شرع الله انتبه ما شرع الله لا أقول ما شرع مجلس الشعب ولا مجلس الشورى ولا اللجنة التأسيسية التي ستشكل لوضع الدستور كلا.
بل الشريعة: هي ما شرع الله.
الله الملك الذي له الخلق والأمر الذي له الخلق والحكم { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ..}[الأعراف:54.
أنا أخاطب الأمة كلها ..
الشريعة: هي ما شرع الله لعباده من الدين فكل ما ثبت في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقيدة والعبادة والعمل والأخلاق فهو من الشريعة بمعناها الواسع.
أكرر
كل ما ثبت في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور العقيدة أو العبادة أو التشريع أو الأخلاق أو المعاملات أو العمل أو غير ذلك فهو من الشريعة بمعناها الواسع.
أظن أن العلاقة بين المعاني اللغوية والمعنى الاصطلاحي صارت واضحة بينة لحضراتكم جميعاً.
فأول معنى من معاني الشريعة في لغة العرب الابتداء والشريعة كذلك أول من شرعها ابتداء هو الله.
هذا هو معنى الابتداء فالشريعة ابتداء أنزلها الله جل وعلا كما سأبين لحضراتكم الآن.
والمعنى الثاني: الظهورـ والوضوح ـ والبيان.
وكذلك شريعة الملك الرحمن شريعة واضحة بينة لأهل العلم والفضل يعرفون هذه الشريعة يعرفون ما هو قطعي الدلالة وما هو ظني الدلالة ويعلمون ما ثبت فيها من كتاب أو سنة أو إجماع.
فهي واضحة بينة كالماء المورود أي كالماء العذب الذي يتدفق في نهر جار لا يشوبه كدر من باطل ولا شوب من هوى أو ضلال وكذلك هي نهج الطريق الواضح .
فهي الطريق الواضح البين لسعادة الخلق في الدنيا ولنعيم الله الدائم الأبدي في الآخرة.
ولما لا وهي شريعة الرب العلي الذي خلق الإنسان والكون والحياة وهو وحده جل علاه الذي يعلم ما يسعد الخلق وما يشقيهم. قال سبحانه:{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14].
فهو سبحانه يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون حتى لا يقول إنسان متعجل لا يعرف مقام الأدب مع الله سبحانه وتعالى ولا مع شريعته المحكمة حتى لا يقول هذا الجاهل أننا نعيش الآن عصر الذرة وعصر الفضائيات وعصر الانترنت وهذه الشريعة التي تتحدث عنها لا تصلح إلا لبيئة الصحراء لبيئة الجمال والبغال والحمير والله لا يقول ذلك إلا جاهل بشرع الملك القدير.
فتعالى معى بعد هذا التعريف اللغوي والاصطلاحي لنقف على خصائص شريعة
الرب العلي.
والخصيصة الأولى أيها المسلمون: أنها شريعة ربانية منزلة من عند رب البرية.
استهل خصائص الشريعة في محورنا الثاني بربانيتها لأقطع الطريق مباشرة على أولئك الذين يريدون أن يعقدوا مقارنات ساذجة بين شريعة الملك وبين قوانين البشر
فالفرق بين شريعة الملك وبين قوانين البشر التي يضعها البشر حين يُعرضون عن منهج الله جل وعلا الفرق بينها وبين شريعة البشر والفارق بينها وبين شريعة رب البشر كالفرق بين الله وبين خلقه وكفضل الله على كل خلقه.
فصنع البشر يعتريه تلك السمات التي يتسم بها البشر من جهل وقصور وضعف وعجز فالإنسان يا إخواني ولو كان عبقريا فذا إن عاش في زمان فوضع القوانين لهذا الزمان بحسب رؤيته لا يعيش هذا الإنسان الواضع لهذا القانون في زمان غيره ومن ثم يأتي قانونه قد يصلح لزمانه الذي يعيش فيه من جانب ولا يصلح من جوانب أخرى.
وإن عاش الإنسان في مكان فهو لا يرى في نفس الوقت ما يجري في مكان غيره فهو محكوم بقصر عمره ـ محكوم بجهله ـ محكوم بضعف إدراكه ـ محكوم بشهواته ونزواته ورغباته.
ومن ثم محال أن يضع البشر لبني البشر منهجا ينبغي أو يجوز أن نقارنه بمنهج خالق البشر الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون.
فشريعة الله شريعة ربانية منزلة من رب البرية سبحانه وتعالى قال جل وعلا:{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}[المائدة:49:50].
من أحسن من الله حكما؟ من أحسن من الله تشريعاً؟ من أحسن من الله حكماً وتشريعاً؟ من الذي يجرؤ أن يزعم ويدعي أن الله علم أشياء وغابت عنه أشياء؟
من الذي يجرؤ أن يزعم ويدعي أن الله جل وعلا لم يكن يعلم ما يحتاج إليه البشر في قرننا الحادي والعشرين فالله جل جلاله اللطيف الخبير العليم الحكيم الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو قدر له الملك أن يكون لعلم كيف كان يكون { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}[الأنعام:59]. {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}.
الله جل وعلا هو العليم الذي يعلم ما كان وما هو كائن الآن وما سيكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال الله جل وعلا حكاية عن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم:{ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ..} لمن..؟ لمن..؟ لمن..؟ {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}[يوسف:39:40].
فشريعة الله أيها الأفاضل شريعة ربانية المصدر..
انتبه لكل لفظة ربانية الغاية ربانية الوسيلة.
شريعة الله ربانية المصدر ومصدرية الشريعة دليل جمالها وجلالها وكمالها.
والله لا تنسى مني هذه العبارة..
أنا لا احتاج بعد أن أقول إن الشريعة مصدرها من عند الله ربانية المصدر لا أحتاج أن أتحدث بعد ذلك عن خصائص ومحاسن الشريعة يكفى أن تعلم أنها من عند الله لتكون على يقين مطلق أنها شريعة لها كل الجلال والجمال والكمال.
فمصدرية الشريعة دليل جمالها ودليل جلالها ودليل كمالها ولم لا وهي شريعة الملك العلي الأعلى جل في علاه.
قال الله جل وعلا{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}[الشورى:52].
فالشرع: روح. الشرع: نور. الشرع: هدى. الشرع: رحمة. الشرع: حكمة. الشرع: مصالح. الشرع: شفاء.
قال شيخي ابن القيم: (الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد فهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها)
تدبروا هذا الكلام الغالي قال جل وعلا{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الشورى:52].
قال جل وعلا:{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
ليس لكل الخلق وليس لكل الناس بل لمن يقر ويذعن ويعتقد أنه شرع العلي الأعلى{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
وقال جل وعلا:{ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:54].
فالشريعة ربانية المصدر ربانية الغاية ربانية الوسائل
نعم ليس عندنا ما يسمى بالمذهب الميكافيللي الغاية تبرر الوسيلة أبدا
بل الوسائل عندنا في شرعنا المُحكم لها نفس أحكام المقاصد ولذلك قلت وأقول انتبهوا معي لا يجوز أن ننحرف عن الإسلام وسيلة ونحن نتجه إلى الإسلام غاية بل يجب أن تكون الوسيلة منضبطة بالإسلام ومنضبطة بشرع الله جل وعلا
أنا لا أريد أن أطيل النفس في كل خصيصة من خصائص الشريعة لأن الموضوع طويل جليل.
إذن الخصيصة الأولى وهي تقطع قول كل خطيب أنها ربانية المصدر إلهية المصدر شريعة الله جل وعلا شريعة من عند الله تبارك وتعالى المؤمن والمسلم مع شرع الله المنزل شعاره السمع والطاعة ولو خرج عليه أبناء الفرقة الماسية الذين يدخلون فضائية ويخرجون منها إلى فضائية أخرى يعلنون الحرب بلا هوادة على شرع الله وعلى دين الله جل وعلا.
المسلم لا يتأثر بهذا الطرح الرخيص.
المسلم لا تزعزعه هذه الحرب الهوجاء على كتاب ربنا وعلى سنة نبينا وعلى شرع ربنا أبداً.
بل لا تزيده الحرب إلا قوة ولا تزيده الحرب إلا ثباتاً ولا تزيده الحرب إلا إصرارا على نصرة دين الله ولو ولو قُطعت من الحلقوم وسفكت منا الدماء فلن نفرط في شريعة رب الأرض والسماء وشرع إمام الأنبياء وسيدالأتقياء وليعلم هذه الحقيقة أولئك الذين يعلنون الحرب بلا هوادة على ديننا وإسلامنا وعلى المنتسبين إلى شرع ربنا جل وعلا.
لا ينبغي أن نحمل الشريعة خطأ محمد حسان محمد حسان في الوحل والطين والتراب إن أخطأ فليتحمل هو نتيجة خطأه أما أن تحمل شريعة ربنا خطأ محمد حسان أو غيره فهذا لا يجوز بحال من الأحوال وهم أنفسهم لا يقبلون هذا لو أخطأ واحد منهم وعممنا الخطأ على الجميع لقامت الدنيا ولم تقعدبإعلان الحرب على أولئك المنغلقين والمتطرفين والأصوليين والرجعيين والفضوليين والفوضويين والرجعيين والمتخلفين والمتأخرين إلى آخر هذه التهم المعلبة التي سئمنا منها طيلة السنوات الثلاثين الماضية ولازالت تعلن الحرب بنفس الكلمات وبنفس الطريقة الرخيصة على الإسلاميين والقصد أنها معلنة على الإسلام أقول ذلك بلا مواربة بلا لف أو دوران.
المرحلة لا تحتمل اللف والدوران بل توجب علينا جميعاً أن نكون صادقين في الطرح وأن نكون واضحين في الطرح.
وأنا أقول دوماً لا ينبغي أن نمارس الآن لغة الاتيكيت الفكري أو ما يعرف عند أولئك بدبلوماسية الحوار
بل يجب علينا أن نكون صادقين صرحاء واضحين مؤدبين.
فأنا لا أحب العنترية الجوفاء قط. بل اطرح ما عندي بكل عز وبكل استعلاء { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران:139].
لكن بلا كبر إنما بتواضع بانكسار لله جل وعلاوبتواضع لإخواننا جميعا بل ولأي مسلم مهما كان انتماؤه وأي كان توجهه بل ورب الكعبة نمد أيدينا أيضاً لأهل المعاصي بل ورب الكعبة ندعو أيضاً غيرنا من غير المسلمين لأن ربنا بعث نبينا رحمة للعالمين لا للمسلمين فحسب.
ثانياً: من أهم خصائص الشريعة انها شريعة عالمية.
عالمية؟
نعم..
يعني ليس للمسلمين فقط؟
أبداً..
ما أدلتك؟
خذوا سيلا من الأدلة على أن شريعتنا ليست شريعة العرب فقط وليست شريعة المسلمين فحسب بل هي شريعة محكمة أنزلها ربنا جل وعلا على قلب نبينا لتسعد بها البشرية كلها فوق ظهر الأرض.
الإنسانية أيها الأفاضل تربطها خصائص واحدة ولا فرق بين إنسان وإنسان في هذه الإنسانية العامة إلا بالتقوى.
{يا أيها الناس} انظروا إلى هذا النفير العام { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} هذه هي الغاية {لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13].
وفي مسند أحمد بسند صحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم خطب الصحابة في أوسط أيام التشريق فقال:[أيها الناس آلا ربكم واحد آلا إن أباكم واحد آلا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم].
لذلك أول آية في كتاب الله كلنا يحفظها في سورة الفاتحة:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]. ولم يقل الحمد لله رب المسلمين الحمد لله رب المؤمنين الحمد لله رب الموحدين بل { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]
فالله رب الكافر ورب المؤمن على السواء
أنزل شريعة محكمة على قلب نبينا لتكون مصدر سعادة للعالمين على السواء.
تدبر معي قول الله جل وعلا:{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1].
تدبر معي قول الله جل وعلا:{ قُلْ} قل يا محمد {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}
تدبروا القرآن:{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف:158].
وتدبر قول الله جل وعلا:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ:28]. وقال جل وعلا:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107].
فشريعة الله رحمة للعالمين رحمة لكل أهل الأرضإن فاءوا إلى ظلالها
فورب الكعبة أنا أقول لن تشعر البشرية المنكودة الآن بالأمن والأمان وبالرقاء والاستقرار وبراحة البال وانشراح الصدر واستقرار الضمير إلا إذا عادت لشرع خالقها الملك القدير.
آلا ترون البشرية كلها الآن إلا من وحد الله وآمن برسوله..
آلا ترون أن البشرية تهذي كالسكران وتضحك كالمجنون وتجري كالمطارد تئن من الألم تبحث عن أي شيء وهي في الحقيقة تملك من أمور الدنيا كل شيء ولكنها حين انحرفت عن شرع ربها فقدت كل شيء.
{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى(123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا(124)}[طه:123:124].
إنه الضنك حرمان من نعمة الأمن وقد صنعت البشرية القنبلة الذرية والجرثومية
الأمن تحرم البشرية منه وقد صنعت من وسائل الحرب الحديثة ما يطير له العقل واللب معا ومع ذلك فقدت البشرية مع كثرة هذه الأسلحة فقدت نعمة الأمن فقدت نعمة الأمان البشرية فقدت نعمة الرخاء مع كثرة الأسواق المشتركة وغير المشتركة مع كثرة البنوك التي ترونها في أبنية فخمة ضخمة حرمت من نعمة الرخاء.
أزمة تهدد العالم كله..
لا أقول تهدد اليونان ولا أقول تهدد أوربا ولا أقول تهدد أمريكا بل تهدد العالم كله.
وآخر الإحصائيات تقول بأن ثلث سكان العالم يتعرضون للجوع.
هذه البشرية { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:124]. وربنا تبارك وتعالى أنزل هذه الشريعة المحكمة لا أقول الصالحة لكل زمان ومكان فحسب بل أنزلها لتصلح كل زمان ومكان.
فشريعة ربنا شريعة عالمية واسمع لسيد البرية وهو يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة:[فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب] وفي لفظ البخاري [ونصرت بالرعب مسيرة شهر].
[وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة وخُتم بي النبيون].
[وأرسلت إلى الخلق كافة] لذا يقول نبينا في صحيح مسلم:[والذي نفسي بيده لا يسمع بي] فاشترط السماع وهذه تحملنا أمانة كبيرة آلا وهي أمانة الدعوة والبلاغ لنقيم حجة الله على خلق الله في أرض الله [والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار].
فيجب على أمة النبي المختار أن تحمل الأمانة وأن تحمل مشعل الهداية وأن تتحرك في الأرض لتقيم حجة الله على خلقه بالبلاغ والبشارة والنذارة وأسأل الله أن لا يحرمنا وإياكم شرف الدعوة إليه وكرامة البلاغ عنه ودلالة الخلق عليه بحق إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فمن أعظم خصائص شريعتنا أيها الأفاضل أنها شريعة عالمية أنزلها على قلب نبينا لتسعد البشرية بها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ثالثاً: من أهم خصائص الشريعة أنها شريعة تتسم بالتكامل والشمول
هذه ميزة من أعظم خصائص شريعتنا
أي قانون على وجه الأرض إن صلح لزمان لا يصلح لغيره وأنتم ترون هذه التفسيرات للمواد القانونية وهذه التوضيحات وهذه التعديلات الدستورية إلى غير ذلك قد يصلح قانون في زمان ولا يصلح في آخر ٌقد يصلح قانون لمكان ولا يصلح لآخر لأن واضع القانون وهو الإنسان محكوم
أما واضع الشرع ومنزل الشرع هو الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون فهو { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14]. فشريعة الله شريعة كاملة شريعة شاملة قال جل وعلا :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا }[المائدة:3].
شريعة الله جل وعلا تدبر معي لها حكم واضح وتصور كامل شامل في كل جزئيات الحياة حتى لا يتوهم مسلم أن شريعة الله تحكم العبادات فقط لا بل شريعة الله تتسم بالشمول وبالتكامل علاقة العبد بربه شريعة الله لها في هذه العلاقة لها حكم واضح وتصور كامل شامل.
علاقة العبد بالكون والحياة حكم شريعة الله لها حكم واضح وتصور كامل شامل.
العلاقات الاجتماعية العلاقات الاقتصادية العلاقات السياسية العلاقات الأسرية كالزواج والطلاق وأحكام المرأة وأحكام الطفل إلى غير ذلك.
شريعة الله لها أحكام واضحة ولها تصور شامل كامل في كل جزئية من هذه الجزئيات ومن ثم لا يجوز للمسلم على الإطلاق أن يأخذ حكم من هذه الأحكام من مجلس شعب أو من مجلس شورى أو من هيئة أو من برلمان.
وإنما يجب عليه أن يذعن لشرع الله جل وعلا في كل جزئية من جزئيات حياته في أكلك في شربك في حبك في بغضك في جلوسك في قيامك في عطاءك في منعك في زواجك في تطليقك في حبك في ولائك وبرائك في موالاتك ومعاداتك لا تتوهم أبداً أن شرع الله بمنأى عنك بل شريعة الله تصونك وشريعة الله تحوطك.
بل اسمح لي أن أقول..
حتى اللحظات التي يقضيها المسلم في الخلاء وفي دورة المياه شريعة الله جل وعلا لها في هذه اللحظات حكم وتصور شامل كامل.
فأنا أعجب.!
كيف تضع شريعة الله أحكام لحظات يمكثها المرء في الخلاء أو في دورة المياه لقضاء حاجته..
نعم كيف تدخل وبأي قدم تدخل وكيف تخرج وبأي قدم تخرج وهل تستقبل القبلة أم تستدبر القبلة وماذا تقول وأنت جالس وما هي آداب الجلوس في هذا المكان
أنا أتساءل مع العقلاء ومع أحبابي من أهل الدين أتضع شريعة الله أحكام واضحة شاملة كاملة للحظات يقضيها الإنسان في الخلاء لقضاء حاجته وتنسى شريعة الله أن تضع هذه الأحكام الواضحة وهذا التصور الشامل الكامل لأمور العقيدة وأمور العبادة وأمور الدين وأمور الدنيا وأمور الدولة؟
شريعة الله خلق ومعاملة وسلوك شريعة الله دنيا وآخرة شريعة الله لها حكم في كل شيء قال جل وعلا:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً}[البقرة:208]. أي في الإسلام بمجموع حياتكم.
لا تأخذوا من شرع الله ما ترغبونه وتتركوا من شرع الله ما لا ترغبونه حتى لا تقع فيما عابه ربنا جل وعلا على بني إسرائيل { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة:85].
لا تأخذ من سورة البقرة قول الله تعالى:{ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} لتقرأها ولتستشف بها ولتتبرك بها ثم تترك في نفس السورة في آخرها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} لا تأخذ من سورة البقرة في أمر الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وتترك في نفس السورة قول الله جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}. {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ}. لا تأخذ من سورة المائدة قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة:6]. لا تأخذ هذا الأمر من هذه السورة الكريمة وتضيع في ذات الوقت قوله تعالى في نفس السورة:{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
لا تأخذ شيئاً من الشرع وتترك أشياء أخرى وأنت مختار ليس مكرها ولا مضطرا بل المؤمن شعاره مع شرع الله المحكم السمع والطاعة فوق أي أرض وتحت أي سماء قال جل جلاله:{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء:65]. قال جل وعلا:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلالا مبينا}. قال جل وعلا:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ } وما أكثر هؤلاء!!{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا(60)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61)}[النساء:60:61]
هذا حكم الرب العلي جل جلاله وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله من شريعة ربانية المصدر ربانية الغاية ربانية الوسائل تعالوا إلى ما أنزل من شريعة عالمية تعالوا إلى ما أنزل الله من شريعة متكاملة شاملة { تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61)}هذا حكم الرب العلي جل جلاله ليس اجتهاداً مني ولا من عالم من العلماء فالذي يصد ويعرض عن شرع الله بشهادة القرآن إنما هو منافق خبيث ولو ظل يهتف بلسانه ألف مرة بأنه آمن بالله وآمن برسوله بل وبما أنزل الله على الرسل من قبل رسوله { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ } وما أكثر هؤلاء!!{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا(60)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61)}[النساء:60:61]
شريعة الله جل وعلا شريعة تتسم بالتكامل والشمول في كل جزئية من جزئيات الحياة وكتب الفقه تأكد هذا المعنى بجلاء تقفون على مجلدات ضخمة في كل جزئيات الحياة ومن يتغنون الآن بأن الشريعة ليست مقننة أي لم تحول مواد الشريعة إلى مواد قانونية هم أنفسهم يعلمون أن كل مواد الشريعة مقننة وقد وضعت في أدراج مجلس الشعب من سنوات طويلة من أيام الدكتور صوفي أبو طالب وقد قننت كل مواد الشريعة أي تحولت إلى مواد قانونية لكنها حبيسة الإدراج لا تحتاج فقط إلا إلى التطبيق.
شريعة الله شريعة كاملة شريعة شاملة لها حكم في كل جزئية من جزئيات الحياة ولا يجوز لمسلم البتة أن يحيد عن شرع الله ليأخذ قانون البشر الذي يتسمبالضعف والعجز وقلة الإدراك لأن سمات القانون من سمات واضعه ولا شك ولا ريب أن الذي انزل الشريعة له كل جلال وله كل جمال وله كل كمال ومن ثم تتسم شريعته سبحانه وتعالى بالجلال والجمال والكمال
رابعاً: شريعة الله تتسم بالتوازن والاعتدال لا إفراط ولا تفريط
ربما يتجه قانون من قوانين البشر إلى تقديس الجانب المادي في حياة الإنسان فترون الماديات تحكم كل العلاقات في مجتمع ما
ومنطق هؤلاء كمنطق القدامى{ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}[المؤمنون:37].
سوق هنا فقط تربح فيه وحصل فيه من المكاسب ما استطعت فإنه لا جزاء ولا حساب فهم يهتمون بجانب البدن بجانب الشهوات بجانب الدنيا ويغلبون هذا الجانب في حياة الإنسان جدا
ترى في ذات الوقت فريقاً آخر يقدس جانب الروح ويعلي شأن الروح ترى في ذات الوقت فريقاً ثالثاً يعلي شأن العقل فهذا الفريق فهذا الفريق الأول يعلي شأن المادة حتى ترى الإنسان لا يعيش إلا من أجل شهواته ونزواته ورغباته كما قال ربنا:{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّيَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف:179].
وترى الفريق الثاني يعلي جانب الروح حتى يصير الإنسان كائنا مشلولا لا علاقة له بالدنيا ولا بعمارة الكون ويفرض على نفسه رهبانية ابتدعها من عند نفسه ما أنزلها ربنا وما افترضها عليه.
وترى فريقاً ثالثاً يعلي جانب العقل ويصبح العقل طاغوت جديد يحكم على النصوص ولو كانت في القرآن والسنة ليصبح الإنسان بإعلائه هذا الجانب العقلي بلا ضوابط وبلا قيود كائنا مغرورا يحكم على أي نص فيقبل ما يريد أو ما يوافق عقله وهواه ويرد ما لا يريد ما لم يتفق مع عقله ولا مع هواه.
لكن شريعة الملك جل علاه شريعة تتسم بالتوازن والاعتدال لأن الذي شرعها هو من خلق الإنسان هو الذي يعلم أن الإنسان مزدوج الطبيعة فيه الطين وفيه نفخة من روح رب العالمين قال الله جل وعلا للملائكة:{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)}[ص:71:72].
فالإنسان بدن وروح طين وروح لا يستطيع أن يعيش بالبدن وحده ولا يملك أن يعيش بالروح فقط لا يمكن لطائر جبار أن يحلق في أجواء الفضاء بجناح واحد ولو نجح في ذلك لفترة ولو طالت فإنه حتماً سيسقط لينكسر جناحه الآخر ومن ثم لا يمكن أبدا أن يظل الإنسان يعيش من أجل نزواته وشهواته ورغباته.
والدليل على ذلك ما تسمعونه من حالات الانتحار الفردي والجماعي عند أولئك الذين أعطوا البدن كل ما يشتهيه.
ولا يستطيع الإنسان أيضاً أن يعيش بالروح منقطعا عن الدنيا بعيدا عن النساء وبعيداً عن الطعام والشراب والطيبات فيأتي الإسلام ليمنح الإنسان هذا التوازن والاعتدال بلا إفراط ولا تفريط بين الروح والبدن بين الدين والدنيا بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية بين العمل للدنيا والعمل للآخرة.
{ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}[القصص:77].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9)}[الجمعة:9].
طيب إذا انتهت الصلاة{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10)}[الجمعة:10].
هذا هو الإسلام يقول سيدنا رسول الله مبيناً هذا التوازن والاعتدال في دعائه النبوي الجميل في صحيح مسلم:[اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها ميعادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر].
وكان كثيراً ما يدعوا الله بهذا الدعاء القرآني الجميل:{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)}[البقرة:201].
هذا هو التوازن والاعتدال في شريعة الكبير المتعال ولا يتسع الوقت للتفصيل في كل جزئية من جزئيات الحياة ترى هذه السمة بل أنا أؤكد لكم أن التوازن والاعتدال ليست سمة في شريعة الله فقط ! بل التوازن والاعتدال سمة في الكون كله لأن خالقه هو الله ليل ونهار ظلام ونور حر وبرد ماء ويابس هذا هو التوازن هذا هو الاعتدال
فالتوازن ليس سمة شريعة ربانية فحسب بل هو سمة الكون الذي أبدعه الخالق سبحانه وتعالى :{ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ(3)ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ(4)}[الملك:3:4] ولما لا وهو إبداع وخلق الملك القدير سبحانه وتعالى.
مضى الوقت سريعا لكن أختم بهذه الخصيصة وأقول من أعظم خصائص الشريعة أيضاً:أنها شريعة تتسم باليسر ورفع المشقة والحرج.
لا حرج فيها إن وجدت تعنتاً مني فاعلم بأنه لا علاقة له بالشريعة بل هو فهم خاطئ مني للشريعة.
أرجوا أن تنتبهوا لهذا..
لا تحكموا على الشريعة بالعنت لضيق أفق بعض المنتسبين للشريعة لا
الشريعة عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها
فإن وجدت شيئا يخالف العدل والرحمة والمصلحة والحكمة بضوابط الشرع فاعلم بأنه ليس من شريعة الرب العلي الأعلى وليس من شريعة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم
لذا أخاطب إخواني من أهل العلم ومن طلبة العلم وأقول لهم
يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا
إن أردت أن تلزم نفسك بالشدة فلا تلزم بها غيرك
إن أردت أن تأخذ بالأحوط فلا تلزم بهذا الأحوط غيرك فشريعتنا لا حرج فيها
بل إذا ضاق الأمر فيها اتسع ألم تسمع قول ربي :{ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:286]. ألم تدبر قول ربي :{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا(7)}[الطلاق:7]. ألم تستجب لدعاء علمنا إياه ربنا:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَاعَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} ما أن فرغ الصحابة مع نبيهم الكريم من هذا الدعاء إلا وقال ربنا: (نعم قد فعلت)
والحديث رواه مسلم نعم وفي لفظ (قد فعلت).
فلا حرج في شريعة ربنا أبدا
ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا واختار أيسرهما ما لم يكن إثما قال:[إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين]. قال:[ إنما بعثتم مبشرين ولم تبعثوا منفرين].
قال صلى الله عليه وسلم حين جاء الرهط الثلاثة والحديث في الصحيحين من حديث أنس:[جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة فلما أخبروا عنها كأنهم تقالوها وأين نحن من رسول الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال أحدهم: أما أنا أصلي الليل ولا أرقد أبدا. وقال الآخر: أما أنا أصوم الدهر ولا أفطر أبدا. وقال الثالث: وأما أنا اعتزل النساء ولا أتزوج أبدا. فجاء بأبي وأمي وروحي وقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني]
إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
والحديث في الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة وفي الصحيحين أيضاً:[أنه دخل المسجد النبوي يوماً فوجد حبلاً مربوطاً بين ساريتين بين عمودين قال: ما هذا؟ قالوا: حبل لزينب يا رسول الله إذا فترت تعلقت به. تقف تصلي بين يدي الله إذا تعبت تتعلق بالحبل لتكره نفسها على القيام بين يدي الله فقال النبي: حلوه. ثم قال فليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد].
قال للمريض صلي قائما فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب أيها الصائم إن لم تستطع الصوم لظروف المرض أو لسبب السفر فأفطر { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:184].
يا من لم تجد الماء وتريد رفع الجنابة أو الوضوء تيمم { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة:6].
بل يا من كنت تصلي من الليل وحبسك المرض لا تخف إن استطعت أن تصلي إن فاتتك صلاة الليل بالليل وقد أعدت عليها فصلي بالنهار اثنتي عشر ركعا فإن لم تستطع فاعلم أن أجرك ثابت لا ينقص
كما في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري:[إذا مرض العبد أو سافر كُتب له من الأجر ما كان يعمل وهو مقيم صحيح]
أي يسر هذا؟
أي يسر هذا والأدلة على ذلك لا تحصى ولا تعد؟
فشريعتنا ليست منغلقة وأنا أخاطب أولئك الذين يعزفون على وتر الرعب والتفزيع والتخويف من شريعة الملك أخاطبهم وأقول لهم الذي يحترم نفسه ويحترم قلمه ويحترم عقول من يخاطبهم ويحترم عقول الشعب المصري العبقري الذكي
لا تختزل شريعة الله في الحدود
وهل نخجل من الحدود لا ورب الكعبة
ورب الكعبة لا نخجل من الحدود
ورب الكعبة لا نخجل من جزئية شرعها ربنا ونبينا
بل نعلنها ورؤوسنا تعانق كواكب الجوزاء
تختزل الشريعة الغراء في الحدود للتخويف للرعب الذي أصاب الناس الآن
ألحق لو وصل الإسلاميون إلى الحكم كارثة مصيبة.
ستجلد الظهور وستقطع الأيدي وسيلقى ماء النار على وجوه النساء السافرات
مهلا مهلا يا سادة
ما هذه السذاجة؟
حدود الله حين تطبق لابد أن نطبق لها الضمانات وأن نهيئ لها القلوب والعقول والبيئة وأنا أعلنها ومن أراد أن يُراجع ذلك فليراجعه في كتاب شيخنا بن القيم (إعلام الموقعين).
لقد أوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه الملهم المسدد الموفق المؤيد الذي انزل الله القرآن موافقا رأيه من فوق سبع سموات أوقف حد السرقة في عام المجاعة
بل لما جاءوا له بصبيان وفتيان لحاطب بن أبي بلتعه وقد سرقوا ناقة فسألهم عمر وعلم أنهم ما سرقوا الناقة إلا ليأكلوا كاد الجوع أن يقتلهم في الصحراء فسرقوا هذه الناقة وذبحوها ليأكلوا منها فما أقام عمر الحد عليهم بل هدد حاطب ابن أبي بلتعة وقال له لو سرقوا لأقمت الحد عليك
لا تخافوا لا تخافوا من أولئك الذين يريدون أن يخوفوا الناس من الدين لا تخشى من الدين أبداً
الشريعة أمن ورب الكعبة لا أقول كلاماً بلاغياً ولا إنشائياً الشريعة أمن الشريعة أمان الشريعة روح الشريعة نور الشريعة شفاء الشريعة هدى الشريعة رخاء الشريعة سعادة الشريعة نماء الشريعة سعادة في الدنيا ونجاة في الآخرة.
شرع الله سبحانه وتعالى لا تفرطوا فيه ولا تضيعوه فالحرب شرسة والمرحلة خطيرة ولابد لكل مؤمن أن يتخلص من السلبية وأن يعبر بإيجابية بكلمة مهذبة وبسلوك حضاري إسلامي رائع ليثبت للدنيا كلها أنه لن يُفرط أبداً في دينه ولن يفرط أبداً في شريعة ربه ولا في شريعة نبيه وسيضحي بأغلى ما يملك وبكل ما يملك من أجل نصرة هذا الدين
والله تعالى أسأل أن يقر أعيننا جميعاً بنصرة الإسلام وعز المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله إمام الغر الميامين اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد..
فأود أن أوجه رسالة مهمة إلى الإسلاميين على ما يطلق عليهم في وسائل الإعلام وإلا فأنا لا أفرق أبداً بين المسلمين وددت رب الكعبة أن لو تخلصت الأمة من هذه المسميات ومن هذه الرايات في الوقت الذي أقر فيه بأن هذه المسميات لا حرج في وجودها ما لم تتحول إلى عصبية بغيضة فلقد وجدت هذه المسميات في عهد النبوة وجد المهاجرون وجد الأنصار وجد أهل الصفة وجد أهل بيعة الرضوان كل فصيل من هذه الفصائل كان له مسمى وكان الصحابة يعرفونه ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المسميات إلا حينما تحولت إلى نعرة وإلى عصبية حين نادى المهاجرين يا للمهاجرين ونادى الأنصاري يا للأنصار قال النبي: دعوها فإنها منتنة.
واسمحوا لي أن أقول أيضاً لإخواننا الإسلاميين دعوا العصبية فإنها منتنة
أنا أتألم غاية الألم ما كنت أود وأنا أقولها لله وأنا عاهدت الله أن لا أجامل مخلوق على وجه الأرض على حساب ديني أبداً كنت أود أن لا أرى منافسة في الإعادة بين إخواننا الإسلاميين أيا كان حزبهم الذي ينتسبون إليه وينتمون إليه
لما المنافسة ليتفتت الصوت الإسلامي لصالح الغير
هل هي الدنيا؟
هل هو الكرسي؟
إذن ما هي الغاية التي من أجلها دخلت هذا المجلس وبذلت المال والجهد؟
أنا أقول لك أخي ووالله أنا لك ناصح أمين فأنا لا أنتسب لأي حزب ولا أنتمي لأي جماعة بل جماعتي التي اشرف بالانتماء لها هي جماعة المسلمين
فأنا أنصحك صادقا خالصا لله إن كانت نيتك الآن قد تحولت وصار دخولك للبرلمان من أجل كرسي زائل أو من أجل دنيا فاتخذ القرار الآن بقوة ورجولة واترك هذا المنصب وهذا المجلس ولا تخرج من بيتك حتى تصحح النية وتطهر السريرة والطوية واعلم بأن الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى
اخلص النية لو أخلصت النية في دخول البرلمان لو رأيت أستاذ من إخواني الأفاضل ممن يجيدون التجربة ممن يشهد لهم بالدين والكفاءة والله الذي لا إله غيره لو قدمت نفسي عليه وأنا أعلم يقينا أنه أفضل للدين وللأمة مني اسمع الحكم لو قدمت نفسي وأنا أعلم أن أخي أفضل دين وأمانة وكفء للمكان مني فقد خنت الله ورسوله والمؤمنين
يا اخوانا القضية مش قضية كراسي
والله بكيت بالدمع على موقفين على موقف يتنافس فيه إخواننا من المسلمين والإسلاميين في مكان ما ليسقط أحدهما الآخر
أين التجرد أين الإخلاص أين صحة النية طهارة السريرة والطوية أين العمل لصالح للدين ثم لصالح مصر
أنا أريد أن تسأل نفسك في حجرتك الخاصة أنا داخل البرلمان ليه منظرة عشان يتقال النائب لدنيا
أسألك بالله إن كانت نيتك هذه فلا تدخل أنت أدرى بنفسك مني لا النية أشهد الله لله ثم لنصرة دين الله ثم لصالح مصر وإلا فأنت أعلم أيها الشيخ أننا كنا لا نريد هذه الأماكن ولم نسعى لها قط.
كانت نيتك كذلك فتوكل على الله وأسأل الله أن يقدر لك ما يرضيه عنك مش ما ترضى عنه أنت. بل ما يرضيه عنك
لكن هذا التنافس الذي لا أراه شريفا هذا يفتت الصوت المسلم أو الصوت الإسلام وقد وقع هذا بالفعل
ثم أنا أقول لإخواني واحفظوها مني الابتلاء بالتمكين أخطر من الابتلاء بالتعذيب والتهويل
كنا نطرد ونحارب ونمنع من المساجد وكلكم يعلم هذا لا نقول ذلك دعاية رخيصة فنحن لا نحتاج إلى هذه الدعايات الرخيصة ورب الكعبة
فأنا أقول الآن كنا نبتلي بهذه الألوان من الابتلاءات وكنا نصبر لأن الابتلاء بالشدة يستجمع الإنسان فيه قواه ويستعين فيه بربه وسيده ومولاه على الصبر فيصبره ربه.
أما الابتلاء بالتمكين والنعيم فيلهي وينسي ويطغي فأنتم الآن مبتلون بأشد ابتلاء وأخطر ابتلاء آلا وهو ابتلاء التمكين ومكمن الخطر أن العيون والقلوب والعقول متعلقة بكم الآن ويتصور كثير من آبائنا وإخواننا وأمهاتنا وبناتنا أنه بمجرد وصول الإسلاميين للحكم في نفس الشهر من كان يأخذ ألف جنيه سيصل راتبه إلى خمسة آلاف جنية
إنها فتنة .. فتنة شديدة.
أنتم مبتلون الآن بالتمكين اسأل أن يتم علينا وعليكم الفضل والنعمة
فاحذروا عليكم مسئولية عظيمة وأمانة كبيرة جددوا النية وأخلصوا السريرة وطهروا الطوية وابتغوا بعملكم وجه رب البرية ولا تحيدوا أبداً عن منهج سيد البشرية ولا تميعوا ولا تتنازلوا عن الأصول ولا تضيعوا الثوابت والأركان من أجل الحصول على كرسي زائل أو منصب فان.
بل تمسكوا بأصولكم وحافظوا على ثوابتكم وحافظوا على منهجكم ولا تميعوا القضايا فإن الأعين ترصد أقوالكم وحركاتكم وتضخم الخطأ الصغير لتجعله كبيرة من كبائر الذنوب
لا يتسع الوقت لضرب بعض الأمثلة عن التجرد لأني أخشى أن أطيل على حضراتكم أكثر من ذلك
وأوجه رسالة أخيرة إلى أولئك الذين يعلنون الحرب الآن بضراوة على وصول الإسلاميين ومنهم من أصبح يشكك الآن في اختيار الشعب وفي إرادة الشعب ويصر على اتهام الشعب بالجهل وهو ورب الكعبة الجاهل
أنا قلت أن الشعب المصري شعب عبقري أنا لا أقول ذلك دغدغة للمشاعر فلست من هواة المناصب ولا من أهلها
الشعب المصري شعب عبقري أنا أشبهه ببذور الزهور . بذور الزهور توضع في الأرض ويوضع عليها التراب ويوضع عليها الطمي لكن بذور الزهور لم تستسلم تراها بعد أيام قد شقت الطمي وخرجت من تحت أطباق التراب لترى زهرة جميلة أخاذة المنظر أخاذة الشذى والعبير
هذا هو الشعب الذي يدهش العالم كله ويفاجئ العالم بمواقفه
الشعب الذي رد ردا عمليا عبقريا صامتا بدون جعجعة فأرجوا أن لا تتصور النخبة في الفضائيات أنها تعبر بكلماتها عن طموحات شعبنا انزلوا إلى الشارع انزلوا إلى الأرض الإسلاميون الذين من الله عليهم في المرحلة الأولى كانوا ولا زالوا في الشارع على الأرض لسنوات طويلة على مع المرضى مع الجوعى على قدر إمكانياتهم وعلى قدر استطاعتهم فلا ينبغي أبداً أن تجهلوا الشعب لا يجوز أبدا أن نحكم على شعبنا بالجهل ولا يجوز أن نتهم الشعب بأنه أعطى الصوت بكيس سكر وزجاجة زيت عيب هذا عيب
شعبنا شعب عبقري يصمد حين يعلم أن صمته هو الواجب لأنه لا قيمة لكلمته ويتكلم حين يعلم أن كلمته صارت واجبة لأنه يعلم تأثيراً لكلمته
المرحلة المقبلة نريد لشعبنا المسلم الذكي العبقري أن يحافظ على نجاحها أيضا وأنا اشكر للمرة الثانية الجيش والقضاء الذي جعلهم الله سبحانه وتعالى سببين رئيسين في نجاح المرحلة الأولى لكن الشكر الأول بعد شكري لله عز وجل لشعب مصر الذي صبر ووقف في طوابير طويلة تمتد إلى 2 كيلوا من أجل أن يثبت لأولئك الذين تكلموا كثيراً وصدعوا الرؤوس أن هذا الشعب لا يستطيع أحد أن يضحك عليه والله ولو كان عالما من العلماء وأنا اقسم بالله وأنا أقسم بالله ولو كان عالماً من العلماء.
حافظوا على نجاح هذه العملية حتى يعود الأمر إلى الاستقرار شكلوا لجان شعبية لأنني أخشى في المرحلتين المقبلتين من بعض المشاكل لأنه يراد الآن أن لا تتم هذه المرحلة وأرجوا أيضا من إخواننا في المجلس العسكري ألا يتحدث كل واحد منهم بما يريد بما يخالف القوانين ونصوص الدساتير
لأننا لا نريد كل أسبوع أو كل يوم فتنة تحدث
أنا أناشد المجلس العسكري الآن أن ينتدب واحد منهم ليتحدث واحد فقط باسمهم ليصبح فلان هو المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى أما أن يخرج كل يوم لواء من المجلس الأعلى ليتكلم بتصريحات وليصدر قرارات تصطدم مع القوانين ومع الدساتير وتثير فتنة مصر لا تحتمل هذه الفتن كل يول وليلة أو كل أسبوع وأسبوع
والله أسأل أن يحفظ مصر وأن يجعلها أمناً أماناً سخاءا رخاء وجميع بلاد المسلمين وأن يختار لها الولاية الصالحين المصلحين في الولاية العامة والخاصة
اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا
اللهم اجعل مصر أمنا أمانا سخاء رخاء اللهم انزل على مصر من رحماتك اللهم انزل على مصر من بركاتك اللهم احمي مصر الخونة والخائنين وقيض لمصر الصالحين المصلحين اللهم ارزق بلادنا الرخاء والاستقرار
اللهم أحفظ نساءنا واستر بناتنا وأصلح شبابنا واحفظ أولادنا يا أرحم الراحمين
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع المبارك ذنباً إلا غفرته ولا مريضا إلا شفيته ولا ديناً إلا قضيته ولا ميتا لنا إلا رحمته ولا عاصياً بيننا إلا هديته ولا طائعا بيننا إلا زدته وثبته يا رب العالمين ولا حاجة هي لك رضى ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين
يا رب اجعل جمعنا هذا مرحوما وتفرقنا من بعده معصوما ولا تجعل فينا شقياً ولا محروما
اللهم احقن دماء المسلمين في سوريا اللهم احقن دماء المسلمين في اليمن وفي كل مكان يا أرحم الراحمين اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وهذا وما كان من مدد وتوفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويرمى به في جهنم ثم أعوذ بالله أن أذكركم به أن أذكركم به وأنساه.




بارك الله فيك



خليجية



التصنيفات
منوعات

حكم من جلس يشاهد فيلما يُسَبّ فيه الدين أو يستهان فيه بالشريعة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم من جلس يشاهد فيلما يُسَبّ فيه الدين أو يستهان فيه بالشريعة . .

لا شك أن مشاهدة الفيديو كليب أو المسلسلات أو برامج الغناء : حرام ، لكن هل لك نفس إثمهم أم إنك تأثم فقط ؛ فهل مثلا إدا شاهدت فيلما يسب الدين تعتبر كافرا للمشاهدة فقط ، أم إنك آثم؟

الجواب :
الحمد لله
حرمت نصوص الشريعة المطهرة كل معصية ، وسدت أبواب الوسائل إليها ، ونهت عن التعاون على الإثم والعدوان ، وعن التشبه بالعصاة ، وبينت أن من أحب قوما حشر معهم ، ومن تشبه بقوم فهو منهم .
وكان مما حرمته الشريعة مشاهدة تلك الأفلام والمسلسلات وبرامج الغناء والترفيه المتضمنة لغير لون من ألوان المعصية .
ومشاهدة مثل هذه الأمور إقرار لأصحابها على باطلهم ، ومن رأى المنكر فأقرّ به ورضيه ولم ينكره كان في حكم فاعله .
قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء / 140 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك ، فقد ساويتموهم في الذي هم فيه " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (3 / 278)
وقال السعدي رحمه الله :
" أي : إن قعدتم معهم في الحال المذكورة فأنتم مثلهم ؛ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم ، والراضي بالمعصية كالفاعل لها ، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به ، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة ، أو القيام مع عدمها " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 210)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
" لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ الْمُنْكَرِ بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ ) وَرُفِعَ لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْمٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَأَمَرَ بِجَلْدِهِمْ فَقِيلَ لَهُ : إنَّ فِيهِمْ صَائِمًا . فَقَالَ : ابْدَءُوا بِهِ ، أَمَا سَمِعْتُمْ اللَّهَ يَقُولُ : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ ) .
بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ حَاضِرَ الْمُنْكَرِ كَفَاعِلِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ : إذَا دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْخَمْرِ وَالزَّمْرِ لَمْ يَجُزْ حُضُورُهَا ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، فَمَنْ حَضَرَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِتَرْكِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ إنْكَارِهِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي يَحْضُرُ مَجَالِسَ الْخَمْرِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ هُوَ شَرِيكُ الْفُسَّاقِ فِي فِسْقِهِمْ فَيَلْحَقُ بِهِمْ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (28 / 221-222)
وقد روى مسلم (1854) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ ) .

فمن جلس يستمع لمثل هذا المنكر أو يشاهده فهو شريك أصحابه في الإثم ، وإذا تضمّن كفرا – والعياذ بالله – كسبّ الدين أو الطعن في الرسالات أو المرسلين أو الاستهانة بأحكام الدين وشرائعه والسخرية منها كاللحية والنقاب – كما يصنع كثير من الضلال اليوم – فجلس يصغي إليهم ، ولا يغضب لله ، وهو راض بما يقولون فهو مثلهم .
قال الله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة / 65 ، 66.

فمن أتى بكلمة الكفر أو بفعل استوجب الكفر وهو يعلم أنه كفر فهو كافر ، سواء أتى به جادا أو هازلا ، ومن أصغى إليه ولم ينكر عليه ، ورضي بما قال أو فَعَل : فهو كافر مثله .
بل لو لم يرض بذلك المنكر ، وكرهه بقلبه ، ثم لم يقم من مكانه ، وهو قادر على ذلك : كان آثما بمجرد الجلوس ؛ فلو سلم من الكفر ، لم يسلم من الوقوع في إثم الجلوس في ذلك المكان.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
أنا شاب ملتزم وأجلس في هذه الليالي المباركة في استراحة مع بعض الشباب، لكن قد يأتي من يدخن وقد يأتي من يشرب الشيشة، فماذا أصنع في هذه الحالة؟
فأجاب : " قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) فإذا حضر إلى مجالسكم حاضر وشرب الدخان فانصحه أولاً، فإن انتهى فهذا خير لك وله، وإن لم ينته وأنت قادر على إخراجه من المكان فأخرجه لأنك تقدر على تغيير المنكر بيدك، وإن لم تقدر بأن كان المكان لغيرك فاخرج؛ لأنك لم تستطع بلسانك ولا تستطيع بفعلك، ما الذي بقي؟ القلب. القلب لا يمكن أن ينكر شيئاً ويبقى مع صاحبه أبداً ، فاخرج ، قال بعض الناس : إنه يجلس معهم وهو كاره بقلبه . نقول : سبحان الله العظيم ! هذا تناقض ، لو كنت كارهاً بقلبك فمن الذي أجبرك ؟ لا يوجد إجبار ، فكل إنسان ينكر الشيء بقلبه فلا بد أن يفارق مكانه ، وإن ادعى أنه منكر بقلبه وهو باق في مكانه فهو كاذب " .
"اللقاء الشهري" (3 / 45) .
راجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (1107) .

والحاصل :
أن من شاهد ذلك وسمعه ورضي به فحكمه حكم الفاعل له، وأما إذا كره ذلك بقلبه ولكنه استمر في المشاهدة والاستماع فهو على خطر عظيم ، وإن سلم من الكفر لم يسلم من الوقوع في الإثم والمعصية .
والله تعالى أعلم .




خليجية



شكراً ع الرد



التصنيفات
منوعات

أثر الهوى في تأويل أحكام الشريعة

الحمد لله حمد الشاكرين، وصلواته على سيد المرسلين، محمد النبي الأمي وآله وصحبه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
إن الله سبحانه وتعالى قد بعث الأنبياء بشريعته ليكونوا أدلاء إلى الخير والصواب، فمن سلك غير سبيلهم فقد ضل عن الصراط السوي الذي ارتضاه الله {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}[النساء: 115]، ذلك لأن الدين منهج الله، ولا يطبق إلى على وفق ما أراده الله تعالى، ليس للعقل اعتراض عليه ولا استدراك عليه بنزعة الهوى أو حجة التعديل الموافق للمصلحة أو العقل أو العصر أو غير ذلك.
فاتباع الهوى في مقابلة الشرع مذموم شرعاً وعقلاً وذلك لمحظورين اثنين:
الأول: أن في ذلك إعراضاً وميلاً عن الشرع، وتمسكاً بغير المشروع، ولو كان شيئاً دون الهوى لهان ولكنه تمسك بالهوى الذي هو مصبُّ كل فتنة، ورأس كل مصيبة، وهذا يوصل إلى الشرك والعياذ بالله.

الثاني: أن فيه اعتراضاً على الشرع واستدراكاً وزيادة عليه، وقد أتم الله نعمته وأكمل دينه فلا مجال لهوى النفس في شيء قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}[المائدة: 3]، وهذا سبيل البدعة والفرقة.
ولهذا قال ابن الجوزي رحمه الله: "فمطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في عاقبة، ويحث على نيل الشهوات عاجلاً وإن كانت سبباً للألم والأذى في العاجل ومنع لذات الآجل، فأما العاقل فإنه ينهى نفسه عن لذة تُعقب ألماً، وشهوةٍ تورث ندماً وكفى بهذا القدر مدحاً للعقل وذماً للهوى، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ما ذكر الله عز وجل الهوى في موضع من كتابه إلا ذمه، وقال الشعبي: إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه".(ذم الهوى لابن الجوزي: (ص 18).

ولا شك أن اتباع الهوى ذريعة إلى الضلال والانحراف عن الدين، حيث وقد ذمه الله تعالى في كثير من الآيات في كتابه الكريم: فذم عالِم بني إسرائيل بقوله: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}[الأعراف: 176]، وقال: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28]. أي وكان أمره ظلماً واعتداء(التحرير والتنوير: (8/364).، فبهذا يكون سباقًا في الشر، غافلاً عن دواعي الخير، وقد لا يستشعر ذلك فكأنما هواه أعماه وأصمه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمُّه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في الأمر ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، ويكون مع ذلك معه شبهة دين أن الذي يرضى له ويغضب له أنه هو السنة، وهو الحق، وهو الدين، فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام، ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء، ليعظَّم هو ويثنى عليه، أو لغرض من الدنيا لم يكن لله(منهاج السنة النبوية: (5/256).

إن الهوى آفة تعتري المسلم فتفسد عليه معتقده ودينه بميلانه إلى ما تستلذه نفسه من الشهوات، وينبسط إليه من أمور الدنيا ما يخالف شرع الله، ولهذا يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}[الأنعام: 159]، قال بعض المفسرين: صاروا فرقاً لاتباع أهوائهم، وبمفارقة الدين تشتتت أهواؤهم فافترقوا وهو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا} ثم برأ الله نبيه بقوله: {لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} وهم أصحاب البدع والكلام فيما لم يأذن الله فيه ولا رسوله (الموافقات للشاطبي: (4/111)..

وقال علي رضي الله عنه: إن أخوف ما أتخوف عليكم اثنتان: طول الأمل، واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة، والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل(فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: (2/362).

نعم عباد الله، إن الهوى يصد عن الحق، ويعمي البصيرة ويغوي المرء حتى لا يرى عمله إلا خيراً وإن كان مخالفاً للهدى، وإن كان مجانباً للصواب، ويؤيد هذا ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث منجيات، وثلاث مهلكات، فأما المنجيات: فتقوى الله في السر والعلانية، والقول بالحق في الرضا والسخط، والقصد في الغنى والفقر، وأما المهلكات: فهوىً متبع، وشحٌّ مطاعٌ، وإعجاب المرء بنفسه، وهي أشدهن) (شعب الإيمان للبيهقي: (15/300) وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم: (3039) ..
وهذا منه صلى الله عليه وسلم تصريح بنجاة العبد أوهلاكه في تلك الأمور، وقد قدم الهوى المتبع في أول المهلكات؛ لما له من الخطر العظيم، والله عز وجل قد بين أن اتباع الهوى سبب في الهوي في الشهوات والانغماس في وحل الضلال وترك الحق، كما قال جل شأنه في أولئك المشركين الذين أعرضوا عن دين الله الذي جاء به سائر الأنبياء: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ* قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص: 47- 50].

وبهذا البيان من الله يتضح مدى انحراف الناس عن الحق ومجانبتهم إياه، وأنهم لو أصابتهم مصيبة برروا لأنفسهم بأنه لم يُرسَل إليهم رسولٌ، ولو أرسل لآمنوا، فلما جاءهم الحق من عند الله والقرآن العظيم اعترضوا واشترطوا أن يكون كما كان الذي مع موسى! أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل؟! وهاهم يقولون في القرآن والتوراة هما سحران تعاونا في إضلال الناس!

سبحان الله! فثبت بهذا أن القوم يريدون إبطال الحق بما ليس ببرهان، وينقضونه بما لا ينقض، ويقولون الأقوال المتناقضة المختلفة، وهذا شأن كل كافر. ولهذا صرح أنهم كفروا بالكتابين والرسولين، ولكن هل كفرهم بهما كان طلباً للحق، واتباعاً لأمرٍ عندهم خير منهما، أم مجرد هوى؟ قال تعالى ملزماً لهم بذلك: {فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا} أي: من التوراة والقرآن {أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ولا سبيل لهم ولا لغيرهم أن يأتوا بمثلهما، فإنه ما طرق العالم منذ خلقه اللّه، مثل هذين الكتابين، علماً وهدىً وبياناً، ورحمةً للخلق.

وهذا من كمال الإنصاف من الداعي أن قال: أنا مقصودي الحق والهدى والرشد، وقد جئتكم بهذا الكتاب المشتمل على ذلك، الموافق لكتاب موسى، فيجب علينا جميعاً الإذعان لهما واتباعهما، من حيث كونهما هدىً وحقاً، فإن جئتموني بكتاب من عند الله هو أهدى منهما اتبعته، وإلا فلا أترك هدىً وحقاً قد علمته لغير هدىً وحقٍ {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} فلم يأتوا بكتاب أهدى منهما {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} أي: فاعلم أن تركهم اتباعك، ليسوا ذاهبين إلى حق يعرفونه، ولا إلى هدى، وإنما ذلك مجرد اتباع لأهوائهم. {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ} فهذا من أضل الناس، حيث عرض عليه الهدى، والصراط المستقيم، الموصل إلى الله وإلى دار كرامته، فلم يلتفت إليه ولم يقبل عليه، ودعاه هواه إلى سلوك الطرق الموصلة إلى الهلاك والشقاء، فاتبعه وترك الهدى، فهل أحد أضل ممن هذا وصفه؟ ولكن ظلمه وعدوانه، وعدم محبته للحق، هو الذي أوجب له أن يبقى على ضلاله ولا يهديه اللّه، فلهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (تفسير السعدي: (1/617).

ولا نزاع في أن من اتبع الهوى صار مخالفاً للشرع؛ لأن العقل إذا لم يكن متبعاً للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة، وأنتم تعلمون ما في اتباع الهوى وأنه ضلال مبين، ألا ترون قول الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[سورة ص: 26]. فحصر الحكم في أمرين لا ثالث لهما عنده وهو الحق والهوى وعزل العقل مجرداً إذ لا يمكن في العادة إلا ذلك، وقال: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}[الكهف: 28]. فجعل الأمر محصوراً بين أمرين: اتباع الذكر، واتباع الهوى، وقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ}[القصص: 50]. وهي مثل ما قبلها، وتأملوا هذه الآية فإنها صريحة في أن من لم يتبع هدى الله في هوى نفسه، فلا أحد أضل منه، وهذا شأن المبتدع؛ فإنه اتبع هواه بغير هدى من الله، وهدى الله هو القرآن وما بينته الشريعة وبينته الآية أن اتباع الهوى على ضربين:

أحدهما: أن يكون تابعاً للأمر والنهي فليس بمذموم ولا صاحبه بضال، كيف وقد قدم الهدى فاستنار به في طريق هواه، وهو شأن المؤمن التقي.
والآخر: أن يكون هواه هو المقدم بالقصد الأول، كان الأمر والنهي تابعين بالنسبة إليه أو غير تابعين وهو المذموم، وهذا هو اتباع الهوى في التشريع، إذ حقيقته افتراء على الله، وقد قال جلَّ شأنه: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ}(23) سورة الجاثية. أي لا يهديه دون الله شيءٌ وذلك بالشرع لا بغيره وهو الهدى الاعتصام للشاطبي: (1/51 – 52) بتصرف.

وأختم بكلام لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله حيث قال: وأضلُّ الضُلاَّل: اتباعُ الظن والهوى كما قال الله تعالى في حق من ذمَّهم: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى}[النجم: 23]، وقال في حق نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 1-4] فنزهه عن الضلال والغواية اللذين هما الجهل والظلم، فالضالُّ هو الذي لا يعلم الحق، والغاوي الذي يتبع هواه. وأخبر أنه ما ينطق عن هوى النفس، بل هو وحي أوحاه الله إليه فوصفه بالعلم ونزهه عن الهوى.( مجموع فتاوى ابن تيمية: (3/384).

أيها الحريصون على اتباع الهدى، إذا كان الأمر بهذه الحال من أنه إما شرع وإما هوى، ومن اتبع الهوى فلا أضل منه، علم قطعاً أن العقل ليس له مجال في:
تشريع أحكامٍ تخالف ما شرع الله، ولا بوضع قانون مقابل لحكم الله، ولا قبول لتنازل في معلوم من الدين بحجة مصلحة، ولا زيادة في أمر من أمور العبادة ، أو تحريف لكتاب الله، أو تغيير لحدود الله، أو استدراك على شرع الله، أو تفسير كتاب الله وفق الهوى، أو تطبيق للشريعة بما يوافق انحرافات العصر، أو تهوين شأن المبادئ الإسلامية وتقليلها وتسهيل أمرها.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا ابتاعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه…
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين
______________________________ __________
موقع إمام المسجد ( بتصرف يسير ).




جزاكي الله خيراً عنا




شكرلكم



التصنيفات
منتدى اسلامي

من يستهزئ بالمسلم أو المسلمة من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافر سواء

من يستهزئ بالمسلم أو المسلمة من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافر سواء كان

ذلك في احتجاب المسلمة احتجاباً شرعياً أم غيره لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله

عنهما قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا

أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء ، فقال رجل : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزل القرآن فقال عبد الله

بن عمر : وأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تنكبه الحجارة

وهو يقول : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن

نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) التوبة/65،66 ، فجعل

استهزاءه بالمؤمنين استهزاء بالله وآياته ورسوله وبالله التوفيق .

اللجنة الدائمة في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 813
:bye1:




بارك الله فيكي ..

اللهم اهدي امة محمد




خليجية



خليجية[/IMG]جزاكى الله كل خير



مشكورة اختي على الطرح الرائع ….. والابداع
وبانتظار جديدك … المميز

تقبلي مروري




التصنيفات
منوعات

ابتكار المسلمين عقائد خاصة بالشريعة


م تهتمَّ أُمَّة بدينها مثلما اهتمَّت الأُمَّة الإسلامية، وقد تجسَّد ذلك في ابتكار علوم إسلامية خالصة، لم يوجد مثيل لها عند أمة من الأمم، وعلم أصول الحديث، هو علم يَتَعَلَّق بالسُّنَّة النبوية المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، والتي تتجلَّى أهميتها فيما بَيَّنَتْهُ من مُجْمَل القرآن وفَصَّلَتْهُ، وقد كان الرسول-بأقواله وأفعاله وتقريراته- يُبَيِّن القرآن ويشرحه، ويُرْشِد إلى كيفية تطبيق الإسلام، وتنفيذ أحكامه.

أقسام علم أصول الحديث

يُعْرَفُ علم الحديث بأنه: علم يُعْرَفُ به أحوال سند الحديث (أي: سلسلة الرواة)، ومَتْنُه (أي: نص الحديث ومضمونه)، وغايته معرفة الحديث الصحيح من غيره، وهو بذلك قسمان:

علم الحديث رواية: وهو الذي يشتمل على النقل المجرَّد الدقيق لكل ما أُضِيفَ إلى النبيمن قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خَلْقيَّة أو خُلُقِيَّة.

علم الحديث دراية: وهو الذي يبحث في أصول وقواعد يُتَوَصَّل بها إلى معرفة معنى الصحيح والحَسَنِ والضعيف من الحديث، وأقسام كلٍّ منها، وما يَتَّصِلُ بذلك من معرفة معنى الرواية وشروطها وأقسامها، وأحوال الرواة وشروطهم، والجرح والتعديل، وتاريخ الرواة، ومواليدهم، ووفَيَاتهم، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومختلِف الحديث وغريبه، إلى غير ذلك من المباحث، فهو باختصار: معرفة القواعد المعرِّفة بحال الراوي والمرويّ، أو أحوال السند والمتن؛ من حيث القَبُول والرَّدِّ، وهو ما يُطْلَقُ عليه اسم علم أصول الحديث، أو علم مصطلح الحديث.

وقد نشأ هذا العلم صيانةً لحديث رسول اللهمن الكذب والاختلاق، ومعرفة ما تصحُّ نسبته إلى الرسولوما لا تصحُّ.

ويُعْتَبَرُ الرامـهرمزيُّ[1] أول مَنْ أَلَّف كتابًا ضمَّنه كثيرًا من قواعد المحدِّثين ومصطلحاتهم، وسَمَّى كتابه: (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي)، ثم تبعه الحاكم النيسابوري[2] في كتابه: (معرفة علوم الحديث)، ثم أبو نعيم الأصبهاني[3] في كتابه: (المستخرج على معرفة علوم الحديث)، ثم الخطيب البغدادي في كتابه: (الكفاية في علم الرواية)، ثم القاضي عياض في كتابه: (الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد الأسماع)، إلى أن جاء الحافظ ابن الصلاح فألَّف كتابه المشهور: (علوم الحديث)، فكان كتابًا جامعًا مهذِّبًا لما سبقه من مصنفات، فلقي القبول من العلماء، وأصبح أصلاً لأغلب ما كُتِبَ بعده؛ فمِنْ مُخْتَصِر له، أو شارح، أو مُنْكتٍ عليه (مُشير)، أو ناظم له. ومن أهمِّ ما أُلِّفَ بعد كتاب ابن الصلاح مُسْتَقِلاًّ عنه رسالة مختصرة للحافظ ابن حجر العسقلاني[4] سَمَّاها (نخبة الفكر)، ثم شرحها بشرح سَمَّاه (نزهة النظر)، وهناك مصنفات أخرى كثيرة أُلِّفَتْ في الأزمان التالية يطول ذِكْرُها[5].

أنواع علوم الحديث

تتعدَّد أنواع علوم الحديث تَبَعًا للزاوية التي يُنظر منها إلى الحديث:

فمن حيث موضوع الحديث يُقَسَّم الحديث إلى: السند (الرواة الذين رَوَوْا لفظه)، والمتن (ألفاظ الحديث الدالة على معانيها والتي ينتهي إليها السند).

ومن حيث نسبة الحديث إلى قائله يُقَسَّمُ الحديث إلى ثلاثة أقسام؛ الأول: المرفوع؛ وهو ما أُضِيفَ إلى النبيمن قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة. والثاني: الموقوف؛ وهو الذي انتهى سنده إلى الصحابي. والثالث: المقطوع؛ وهو الذي انتهى سنده إلى التابعي.

ومن حيث وصول الحديث إلينا يُقَسَّم الحديث إلى قسمين، الأول: الحديث المتواتر؛ وهو ما رواه جمعٌ عن جمعٍ يَمنع العقل والعادة تواطؤهم على الكذب، عن جمعٍ في طبقات الإسناد كلها، وهو إمَّا متواتر بلفظه أو متواتر بمعناه. والثاني: حديث الآحاد، أو إخبار الآحاد؛ وهو كل حديث لم تتوفَّر فيه شروط المتواتر؛ وهو يُقَسَّم إلى ثلاثة أقسام: مشهور، وعزيز، وغريب، أمَّا المشهور فهو الحديث الذي يرويه ثلاثة رواة فأكثر في كل طبقة من طبقات الإسناد المستفيض. وأمَّا العزيز فهو الحديث الذي لا يقلُّ عدد رواته عن اثنين في كل طبقة، ويمكن أن يَزِيد عددهم في بعض الطبقات. وأمَّا الغريب فهو الحديث الذي ينفرد بروايته راوٍ واحدٌ في كل الطبقات أو بعضها، ويسمَّى الحديث الفَرْد أيضًا.

ومن حيث قَبُول الحديث وردِّه، يُقَسَّم الحديث إلى ثلاثة أقسام: الحديث الصحيح، والحديث الحَسَنُ، والحديث الضعيف. وقد تفرَّع عن القسمين الأوَّليْن: الصحيح لذاته والصحيح لغيره، والحسن لذاته والحسن لغيره. كما يتفرَّع عن القسم الثالث أنواع أخرى كثيرة؛ فهناك المعلَّق، والمُرْسَل، والمُدلَّس، والمرسل الخفي، والمنقطع، والمُعْضَل، وهناك الموضوع، والمتروك، والمطروح، وهناك الشاذُّ، والمُنْكَر، والمضطرب، والمقلوب، والمُدْرَج، والمزيد، والمصحَّف، والمحرَّف.

وإنه ليَحِقُّ لأُمَّة الإسلام أن تفخر بهذا العلم، وتَعْتَزَّ بقواعده؛ ذلك الذي أرادتْ به أن تنقل لنا كلام رسول الله، وأفعاله، وتقريراته واضحة جليَّة، خالية من كل شبهة وشائبة.

2- علم الجرح والتعديل

لما كان من الأمور المعلومة بداهةً أنه لا سبيل إلى معرفة ما جاء عن النبيمن أحاديث وأخبار إلاَّ عن طريق الرواة والنقلة، فقد كان الاطّلاع على أحوال هؤلاء الرواة والنقلة، وتتبُّع مسالكهم، وإدراك مقاصدهم وأغراضهم، ومعرفة مراتبهم وطبقاتهم، وتمييز ثِقاتهم من ضعافهم، هو الوسيلة الأهم لمعرفة صحيح الأخبار من سقيمها.

وهذا هو موضوع (علم الجرح والتعديل) أو (علم الرجال)، أو (علم ميزان أو معيار الرواة)، والذي لا نظير له عند أُمَّة أخرى من أمم الأرض، وقد وُضِعَت له القواعد، وأُسِّسَت له الأسس والضوابط، فكان مِقْيَاسًا دقيقًا ضُبِطَتْ به أحوال الرواة؛ من حيث التوثيق والتضعيف، والأخذ والرَّدِّ، وقد عُدَّ نصفَ علم الحديث؛ فهو ميزان رجال الحديث، ومعيار الحكم عليهم، وهو الحارس للسُّنَّة من كل زيفٍ ودخيل!

أسباب تأسيس علم الجرح والتعديل

أما عن أسباب تأسيسه، فقد قام علماء الحديث يَذُبُّونَ عن حديث رسول الله-خوفًا من الدسِّ والتزوير والكذب والوضع؛ إمَّا بسبب الخلافات السياسية، أو الأغراض الحزبية، أو الأهداف الفكرية، أو الآراء المذهبية، أو القصص التي تجذب السامعين، أو التملُّق إلى الحكَّام، أو الكيد للإسلام- باتِّبَاع منهجية خاصَّة عُرِفَتْ بعلم الجرح والتعديل، والذي يقوم على دراسة أسانيد الحديث، أي سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث عن النبي، باعتبار أن الإسناد هو الطريق الموصِّل إلى المتن، أي إلى نصِّ الحديث ومستواه، ولا يُستدلُّ على أكثر صدق الحديث وكذبه إلاَّ بصدق المُخْبِر وكذبه، وإنه لولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء، ولولا طلبُهُ والمواظبة على حفظه لدَرَسَ منار الإسلام، ولتَمَكَّن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث[6].

تعريف الجرح والتعديل

الجرح في الاصطلاح يعني: وصف الراوي، أو الطعن فيه بما يقتضي رَدَّ روايته. أمَّا (التعديل) فيعني: وصف الراوي بما يقتضي قَبُول روايته. وعلى هذا فعلم الجرح والتعديل هو: علم يُبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة، وعن مراتب تلك الألفاظ، وهو يَسْتَمِدُّ شرعيته من باب صون الشريعة قصدًا للنصيحة، وبيانًا لحال مَنْ يُؤْخَذُ عنه هذا العلم؛ فإنه الدِّين لا طعنًا في الناس[7].

فلم يكن الحاملُ في ذلك أهواءَ أو حظوظ النفس أو غيره؛ ولذلك لم تراهم يُجَامِلون أحدًا، حتى ولو أقرب الأقربين، فكان منهم مَنْ يُضَعِّف والده، وقد سُئِل علي بن المديني[8] عن أبيه؛ فقال: اسألوا غيري. فقالوا: سألناك. فأطرق ثم رفع رأسه، وقال: "هذا هو الدِّين، أَبِي ضعيفٌ"[9]. وكان منهم مَنْ يُضَعِّف ولده وأخاه، قال زيد بن أبي أنيسة[10]: "لا تأخذوا عن أخي يحيى"[11]!

شروط الجارح والمعدل

هناك شروط مُعَيَّنة لا بُدَّ من توافرها في الجارح والمعدِّل، منها:

1- أن يتَّصِفَ بالعلم والتقوى والورع والصدق.

2- أن يكون عالمًا بأسباب الجرح والتعديل.

3- أن يكون عالمًا بتصاريف كلام العرب؛ لا يضع اللفظ لغير معناه، ولا يجرح بنقله لفظًا هو غير جارح[12].

مصطلحات وألفاظ علماء الحديث

اصطلح علماء الحديث على مصطلحات وألفاظ مُعَيَّنَة يصفون بها الرواة؛ ليُمَيِّزُوا بها بين مراتب أحاديثهم من حيث القَبُول والرَّدِّ؛ وهذه الألفاظ كما يلي:

أولاً: ألفاظ التوثيق أو التعديل

1- ما دلَّ على المبالغة في التوثيق، وأصرح ذلك التعبير بأفعل؛ كأوثق الناس، أو أثبت الناس، أو إليه المنتهى في التثبُّت.

2- ما كُرِّرَتْ فيه صفة التوثيق لفظًا؛ كثقةٍ ثقة، أو معنًى، كثقةٍ حافظ، وثَبْت حُجَّة، وثقة متقن.

3- ما انفرد فيه لفظ التوثيق؛ كثقة، أو ثبت، أو إمام، أو حجة، أو تعدَّد ولكن بمعنى المفرد، مثل: عدل حافظ، أو عدل ضابط.

4- ما قالوا فيه: لا بأس به، أو ليس به بأس – عند غير ابن معين[13] – أو صدوق، أو خيار، وأمَّا ابن معين فإنه قال: إذا قلتُ لك: ليس به بأس فهو ثقة.

5- ما قالوا فيه: محلُّه الصدق، أو إلى الصدق ما هو (أي أنه ليس ببعيدٍ عن الصدق)، أو شيخ، أو مقارب الحديث، أو صدوق له أوهام، أو صدوق يَهِمُ (أي له أوهام)، أو صدوق إن شاء الله، أو أرجو أنه لا بأس به، أو ما أعلم به بأسًا، أو صُوَيلح، أو صالح الحديث.

وفي الحكم على هذه المراتب: فمَن قِيلَ فيه من الرواة لفظٌ من ألفاظ المراتب الثلاث الأولى، فحديثه صحيح، وبعضه أصحُّ من بعض، وأمَّا أهل المرتبة الرابعة فحديثهم حَسَنٌ، وأمَّا أهل المرتبة الخامسة فلا يُحْتَج بحديثهم، بل يُكتَب حديثهم للاعتبار، فإن وافقهم غيرهم قُبِلَ، وإلاَّ رُدَّ.

ثانيًا: ألفاظ الجرح

1- الوصف بما دلَّ على المبالغة في الجرح، وأصرح ذلك التعبير بأفعل؛ كقولهم: أكذب الناس، أو إليه المنتهى في الكذب، أو هو ركن الكذب.

2- ما قيل فيه: وضَّاع، أو كذَّاب، أو يضع الحديث، أو يختلق الحديث، أو (لا شيء) عند الشافعي.

3- ما قيل فيه: متَّهم بالكذب، أو بالوضع، أو يسرق الحديث، أو ساقط، أو هالك، أو ذاهب الحديث، أو متروك الحديث، أو تركوه، أو فيه نظر، أو سكتوا عنه (عند البخاري في اللفظتين الأخيرتين فقط)، أو ليس بثقةٍ.

4- ما قيل فيه: ردُّوا حديثه، أو ضعيف جدًّا، أو واهٍ بمَرَّة، أو تالف، أو لا تَحِلُّ الرواية عنه، أو لا شيء، أو ليس بشيء عند غير الشافعي، أو مُنْكَرُ الحديث عند البخاري.

5- ما قيل فيه: ضعيف، أو ضَعَّفُوه، أو مُنْكَر الحديث عند غير البخاري، أو مضطرب الحديث، أو لا يُحْتَجُّ به، أو واهٍ.

6- ما قيل فيه: فيه مقال، أو فيه ضعف، أو ليس بذلك، أو ليس بالقوي، أو ليس بحجة، أو ليس بالمتين، أو سيِّئ الحفظ، أو ليِّن، أو تَعْرِفُ وتُنْكِر، أو ليس بالحافظ.

والحكم في المراتب الأربع الأولى أنه لا يُحتَجُّ بواحد من أهلها، ولا يُستشهد به، ولا يُعتبر به؛ فأهل المرتبة الأولى والثانية حديثهم موضوع، وأهل الثالثة حديثهم متروك، وأهل الرابعة حديثهم ضعيف جدًّا. وأمَّا أهل المرتبة الخامسة والسادسة فيُكتَب حديثهم للاعتبار، ويَرْتَقِي إلى الحَسَنِ إذا تَعَدَّدَتْ طُرُقُه[14].

هذا، وقد استوعب العلماء نتائج دراستهم للرواة في كتب الجرح والتعديل، فجعلوا الضعفاء منهم في كتب حملت اسم (الضعفاء)؛ ككتاب (الضعفاء الكبير)، و(الضعفاء الصغير) للبخاري، وكتاب (الضعفاء والمتروكين) للنسائي[15]، وجعلوا الثقات منهم في كتب حملت اسم (الثقات)؛ ككتاب (الثقات) لابن حبان. وهناك كتب جمعت بين الثقات والضعفاء، ومن أشهرها (الطبقات الكبرى) لابن سعد، و(التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) للحافظ ابن كثير[16].

وإنَّ هذا كُلَّه لَيَكْشِفُ عمَّا قام به العلماء المسلمون من أَجْلِ توثيق السُّنَّة النبوية الشريفة، وحراسة حديث الرسول، وأنهم ما تركوا سبيلاً للتيقُّن من ضبط صحَّة السُّنة إلاَّ طرقوه؛ حيث ابتكروا هذا العلم وأنشئوه إنشاءً؛ مما جعله قصرًا على الأُمَّة الإسلامية، وليس له في تاريخ البشرية القديم ولا الحديث نظير.

فكانت كتب الصحاح -الست وغيرها، وعلى رأسها صحيح البخاري ومسلم- من أوثق الكتب التي عرفها التاريخ.

3- علم أصول الفقه

في طور تعدُّد مآثر حضارة الإسلام لا بُدَّ من التنويه بعلم أصول الفقه، ذلك العلم الذي تفرَّدت به الأُمَّة الإسلامية من دون سائر الأمم السابقة، بل واللاحقة أيضًا، فلم يكن لغيرها علم مستقل كعلم أصول الفقه في تكامُله ودقَّته تستطيع به ضبط قوانينها ودساتيرها!

تعريف علم أصول الفقه وغرضه

فهو -كما أشار ابن خلدون- من العلوم المستحدَثَة في الملَّة، ويُعَدُّ من أعظم العلوم الشرعية، وأَجَلِّها قَدْرًا، وأكثرها فائدة، ويعني: النظر في الأدلَّة الشرعية من حيث تُؤْخَذ منها الأحكام والتآليف[17]، وبعبارةٍ أخرى: معرفة القواعد والأدلَّة التي يُتَوَصَّل بها إلى الأحكام الشرعية.

والغرض من تأسيس هذا العلم العظيم خدمة الإسلام، وخدمة أحكامه الضابطة لسلوك العباد الاختياري.

وقد كانت بدايته لَـمَّا ظهرت جدليات حول اعتماد بعض الفقهاء في تقرير الأحكام الفقهية أو استنباطها على بعض مناهج وأصول خالفهم فيها آخرون، فَدَعَتِ الحاجة إلى إقامة البراهين والأدلَّة المقبولة شرعًا على صحَّة ما هو صحيح، وعلى ترجيح ما هو الأرجح منها على غيره، مع بعض اختلاف في وجهات النظر؛ فظهرت مكتوبات أُولى على شكل رسائل تتضمَّن قواعد تأصيليَّة لما يجب الاعتماد عليه، ولما يجوز الاعتماد عليه، ولما لا يجوز الاعتماد عليه[18].

الشافعي مؤسس علم أصول الفقه

ويُعَدُّ الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي أَوَّل مَنْ كتب في علم أصول الفقه ووضع أسسه ومؤسسه، وقد دَوَّنَ فيه كتابه الشهير (الرسالة)، و(جُماع العلم)، و(إبطال الاستحسان)، و(اختلاف الحديث)، وعلى يديه وُلِدَ ونشأ هذا العلم.

قال ابن خلدون: "وكان أَوَّل مَنْ كَتَبَ فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه (ت 204هـ)، أملى فيه رسالته المشهورة، تَكَلَّم فيها في الأوامر والنواهي، والبيان والخبر والنسخ، وحكم العلَّة المنصوصة من القياس، ثم كَتَبَ فقهاء الحنفية فيه، وحَقَّقُوا تلك القواعد، وأوسعوا القول فيها… فكان لفقهاء الحنفية فيها اليد الطولى من الغوص على النُّكت الفقهية، والتقاط هذه القوانين من مسائل الفقه ما أمكن، وجاء أبو زيد الدبوسي[19] من أئمتهم فكتب في القياس بأوسع من جميعهم، وتمَّم الأبحاث والشروط التي يُحْتَاجُ إليها فيه، وكَمُلتْ صناعة أصول الفقه بكماله، وتهذَّبت مسائله، وتمهَّدت قواعده، وعني الناس بطريقة المتكلِّمين فيه، وكان من أحسن ما كَتَب فيه المتكلِّمُون كتاب (البرهان) لإمام الحرمين الجويني، و(المستصفى) للغزالي (ت 505هـ)، وهما من الأشعرية، وكتاب (العهد) لعبد الجبار[20]، وشرحه (المعتمد) لأبي الحسين البصري[21]، وهما من المعتزلة، وكانت الأربعةُ قواعدَ هذا الفنِّ وأركانه، ثم لخَّص هذه الكتب الأربعة فحلان من المتكلِّمين المتأخِّرين؛ وهما: الإمام فخر الدين بن الخطيب (ت 606هـ) في كتاب (المحصول)، وسيف الدين الآمدي[22] في كتاب (الإحكام)"[23].

اجتهد علماء المسلمين من كل المذاهب الفقهية يستخرجون القواعد التأصيلية التي تُحَدِّد منهاج الفقيه الذي يَتَوَجَّه لاستنباط أحكام السلوك الإنساني الإرادي من مصادر التشريع الإسلامي؛ لئلاَّ يكون عمل المجتهدين الذين يستنبطون أحكام الفروع عملاً فوضويًّا، لا يخضع لقواعد مُحَرَّرة، ونجم عن هذا التوَجُّه السديد ابتكار علمٍ غاية في العمق والنظر العقلي، وغاية في تحرير القواعد الأصول، وبيان المنهاج الذي يجب على مستنبِط أحكام الفروع أن يسير عليه، وهو (علم أصول الفقه)، الذي لم يُوجَدْ نظيره في أُمَّة من الأمم السابقة[24]!

هذا، ولم يجد واضعو القوانين التي تعتمد على الآراء البشرية، وعلى أهوائهم ومصالحهم، مَنْدُوحةً من أن يعترفوا بمجد (علم أصول الفقه) عند المسلمين، وأن يستفيدوا من بعض قواعده في بحوث الألفاظ، وبعض مسائله في القياس، وفي المصالح المرسلة، وفي الاهتمام ببعض الكُلِّيّات الخمس، التي تُعْتَبَرُ المحافظة عليها من مقاصد الشريعة الإسلامية؛ وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال. فكلُّ ما يحفظ هذه الكليات أو شيئًا منها فهو مصلحة، وكل ما يُخِلُّ بواحد منها فهو مفسدة، على اختلاف المراتب والدرجات فيما بينها؛ فمنها ما هو من مرتبة الضروريات، وهي المرتبة العليا، ولها درجات متعدِّدَة، ومنها ما هو من مرتبة الحاجيّات، وهي المرتبة الوسطى، ولها درجات متعدِّدة، ومنها ما هو من مرتبة التحسينيات، وهي المرتبة الدنيا، ولها أيضًا درجات متعدِّدَة[25].

فعلم أصول الفقه ابتكار إسلامي، وظاهرة حضارية عظمى!




التصنيفات
منوعات

تطبيق الشريعة

تطبيقنا للشريعه

تطبيق الشريعة في حياتنا

راق لي فنقلته لكم

أرسل الله رسوله الكريم لا لتأسيس دولة إسلامية فحسب؛ بل لبناء قواعد دولة تتناول شئون الدولة،وكان الرسول الكريم مؤسس أول حكومة إسلامية، وهنا نؤكد أن الدين الإسلامى ينظم العلاقات بين العبد وخالقه، وبين الإنسان وأخيه، وبين الناس جميعا …ومسائل الدين جاءت نقلية من السماء ،ومسائل الدنيا تحتمل التطور بتطور الزمان والمكان، لذا كان الرسول الكريم يستشير أصحابه فى الشئون الدينية، اعتمادا على إعمال العقل، وعلى قاعدة الشورى، فالأحكام الدينية تتطور فالإسلام دين شامل فى تعاليمه، فالدين والدولة فى الإسلام شيئان مجتمعان، ومع ذلك فالتمييز بينهما له ضروراته وذلك واضح فى الفقه الإسلامى.

والمتأمل لمصادر التشريع الإسلامى يجد أن الفقهاء فسحوا مجالا عظيما لإعمال العقل المسلم مثل الإجتهاد، والقياس ،والإستحسان وهذا كله يفضى إلى أن الفقهاء المسلمين أدركوا حقيقة الشمولية الإسلامية، واتساع دائرة التشريع بإعمال العقل فى دائرة النص الإسلامى ،ولو فرقوا بين أمور الدين والدنيا لتوقفوا عند حدود النصوص النقلية.

فالاعتقاد بأن الله وحده الخالق الرازق، وأنه وحده القائم بتدبير نظام هذا الكون يستلزم أن يكون التشريع والمنهج الذى تقوم عليه شئون الحياه بأمره وحده ،كذلك فإن الخلق والرزق والإحياء وتسخير الشمس والقمر، والحكم والملك والأمر كل هذه وجوه مختلفة بسلطان الله وقيوميته على أمور خلقه.

ووجوب العمل بالشريعة وتحكيم شرع الله هو حق وواجب ، فالله سبحانه وتعالى ما أرسل رسوله بهذا الدين القيم إلا ليطاع فى دعوته، ويحتكم إلى شريعته، والاحتكام إلى غير شريعته هو ارتضاء لحكم الجاهلية (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )}المائدة :50.{وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) } النساء :60{
وقد أخرج الله اليهود من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر عندما جحدوا نور الله فى التوراة (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)المائدة:44.والنص ارى كذلك اعرضوا عن تحكيم الإنجيل (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)}المائدة :44.{
ومن مقتضى اناطة الحكم به وحده (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)} يوسف:40{
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)} الأنفال: 24 {( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) }الجاثية :18{
والإسلام دين كامل أتم الله به نعمته على البشر فقال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ




شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز ..

أتمنــــى لكـ من القلب .. إبداعـــاً يصل بكـ إلى النجـــوم ..

بارك الله فيك على جهودك …

ننتظر منك الكثير من خلال إبداعاتك المميزة ..

لك منـــــــ إجمل تحية ــــــــــى ..




التصنيفات
السياحة و المغتربات

سحر و روعة الثلوج في مرتفعات الشريعة بالجزائر

الكثير من الاخوة العرب لا يعرفون الكثير عن السياحة في الجزائر لذلك جبتلكم اليوم صور مرتفعات الشريعة
اجمل مناطق الجزائر في فصل الشتاء
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية

في هذا المكان سوف لن تشعر الا بروعة الحب مادام ان

الجمال و الجمال وحده هو كل ما يحيط بنا.

خليجية
خليجية
خليجية
خليجية

ختاما اقول ان الشيئ الوحيد الذي ينقص المنطقة هو الاستثمار في المجال السياحي ، و بهذا ستنافس هذه المنطقة الأخاذة الجمال المناظر الطبيعية في اروبا
و هذا رأي العديد من السياح خاصة الأوربين الذين تحدثوا عنها بأنها أحد أهم الأماكن الطبيعية في هذه المنطقة.




خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
خليجية
اتمنى ان تكون هذه الجولة القصيرة قد نالت استحسانكم و رضاكم.

و انتظروني – ان شاء الله – مع مدينة اخرى من مدن الجزائر.




اولا انا سعيدة جدا اني حكون اول وحدة ترد على موضوعك

بصراحة منطقة رائعة جدا جدا

انا بدي اجي اعيش عندكم

كتير المنظر جميل ورومنسي والمكان خيال

يالله هذه جنة الدنيا ويارب تجعلنا من اهل جنة النعيم

تسلم ايدك حبيبتي على الصور الكتير حلوين

عرفتينا عل بلادك

الله يديم عزكم فيها يارب

ويكتب لنا نصيب بفلسطين ان تكون بلد خالية من الاستعمار




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سندس القدس خليجية
اولا انا سعيدة جدا اني حكون اول وحدة ترد على موضوعك

بصراحة منطقة رائعة جدا جدا

انا بدي اجي اعيش عندكم

كتير المنظر جميل ورومنسي والمكان خيال

يالله هذه جنة الدنيا ويارب تجعلنا من اهل جنة النعيم

تسلم ايدك حبيبتي على الصور الكتير حلوين

عرفتينا عل بلادك

الله يديم عزكم فيها يارب

ويكتب لنا نصيب بفلسطين ان تكون بلد خالية من الاستعمار

ان شاء الله يارب تزورينا ياسندس وتنور الجوائر بيكي ياقمر




مشورة ياعمري موضوع مميز
فايف ستارز لعيونك



التصنيفات
التربية والتعليم

بحث حول الشريعة الاسلامية

السلاام عليكم ورحمة الله وبركاته

انا اريد بحث حول الخصائص الشريعة الاسلامية
وارجو ان تفيدوني
هو انني اريد بحث كامل
مكون من
المقدمة
تعريف الشريعة لغة واصطلاحا
احكام الشريعة
و خصائص الشريعة الاسلامية

وادا في عناوين اخرى تفييد

والخاتمة

هذا اجباري من شان يكون بحثي جميل ارجوو ان تفيدوني في اقرب وقت وارجو

لانني احتاجه يوم الخميس

ارجووووكم يا اعضاااااااااء
خليجيةخليجيةخليجية




تمتاز الشريعة الإسلامية بخصائص [i] ترفعها إلى أرقى درجة من العظمة والكمال لا يرقى إليها أي قانون وضعي، وأهم خصائصها ما يلي:

أولا: ربانية المصدر:

بمعنى أن مصدر الشريعة هو الله سبحانه و تعالى، كما أن أحكامها تهدف إلى ربط الناس بخالقهم، وبناء على ذلك يجب على المؤمن أن يعمل بمقتضى أحكامها، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ…﴾ [سورة الأحزاب، الآية 36]، وقال أيضا: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة النساء، الآية 65].

وقد نتج عن خاصية الربانية عدة نتائج، أهمها:

– خلو أحكام الشريعة الإسلامية من أي نقص، لأن شارعها هو الله صاحب الكمال المطلق.

– عصمتها من معاني الجور والظلم تأسيسا على عدل الله المطلق.

– قدسية أحكامها عند المؤمن بها إذ يجد في نفسه القدسية والهيبة تجاهها.

ثانيا: الشمولية (زمانا، مكانا، إنسانا وأحكاما)

أ. من حيث الزمان: بمعنى أنها شريعة لا تقبل نسخا أو تعطيلا، فهي الحاكمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ب. من حيث المكان: فلا تحدها حدود جغرافية، فهي نور الله الذي يضيء جميع أرض الله.

ج. من حيث الإنسان: فالشريعة تخاطب جميع الناس بأحكامها، لقوله تعالى:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [سورة سبأ، الآية 28].

﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا…﴾ [سورة الأعراف، للآية 158].

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأنبياء، الآية 107].

﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [سورة الفرقان، الآية 1].

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة).

د. من حيث الأحكام: إن أحكام الشريعة تناولت جميع شؤون الحياة، فقد رسمت للإنسان سبيل الإيمان وبينت شروط وتبعات استخلافه، وتخاطبه في جميع مراحل حياته، وتحكم جميع علاقاته بربه وبنفسه وبغيره.

ثالثا: الواقعية

تتجلى في اعتبار واقع المكلفين عند تشريع الأحكام وفي التعامل معها، ومن مظاهر ذلك:

– تقرير أنواع التخفيفات مثل: تخفيف إسقاط كإسقاط القبلة عن أصحاب الأعذار، وتخفيف إبدال كالتيمم بدل الوضوء عند تحقق موجباته، وتناول المحرم للضرورة في مثل قوله تعالى: ﴿…فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ…﴾ [سورة البقرة، للآية 173].

رابعا: الوسطية

يُراد بها التزام أحكام الشريعة الإسلامية لنقاط الاتزان بين جميع المتقابلات، فهي وسط بينها، هذا ما يكسبها القوة والدوام.

فقد نصت الشريعة على التملك الفردي المنضبط وسطا بين إلغائه وتحريره من كل القيود، وحثت على الشجاعة وهي وسط بين الجبن والتهور، وأمرت بالإنفاق وهو وسط بين البخل والتبذير في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [سورة الإسراء، الآية 29].

خامسا: الجمع بين الجزاء الدنيوي والأخروي

تتفق الشريعة مع القانون الوضعي في توقيع الجزاء على المخالف لأحكامها في الدنيا، في حين لا تمتد يد القانون الوضعي إلى معاقبة الإنسان في آخر ته بينما تعاقب الشريعة مخالفيها في الآخرة، فهي تجمع بين الجزاءين معا.
………………………… …..اخوكم ………………… محمدشلتوت………………… .mfsh0@.com…. .يا رب ينول اعجابكم ………………………لكم جزيل الشكر ……………………..على المتابعة…………………. ………………..

سادسا: الجمع بين الثبات والمرونة

تجمع الشريعة بين عنصري الثبات والمرونة، ويتجلى الثبات في أصولها وكلياتها وقطعياتها، وتتجلى المرونة في فروعها وجزئياتها وظنياتها، فالثبات يمنعها من الميوعة والذوبان في غيرها من الشرائع، والمرونة تجعلها تستجيب لكل مستجدات العصر.

سابعا: الموازنة بين مصالح الفرد والجماعة

إن الشريعة – على خلاف القوانين الوضعية – توازن بين مصالح الفرد والجماعة فلا تميل إلى الجماعة على حساب الفرد، ولا تقدس الفرد على حساب الجماعة.

………………………… ……………….. ..




شكرا لك حبيبتي



العفو حنونتي