هذه قصة واقعية حدثت لفتاة عمانية سكنت في عمان .
والذين روا القصة هم أقرب الناس إليها وبعض أفراد عائلتها …
.
بدأت القصة عندما تزوج شاب عماني من امرأة أجنبية ، حيث ظلت المرأة على ديانتها المسيحية لكنها ذهبت لتعيش في عمان مع زوجها ..
وكان الرجل ذا منصب مرموق و مال .. أنجبوا أطفالاً ولكنهم افتقروا التربية …
هذه قصة محزنة لأنها تروي الحقيقة … تروي حقيقة أحد بنات هذا الرجل … وسأطلق على هذه الفتاة اسم (ملاك) ولا يوجد اسم أفضل من ذلك لأنها بالفعل أصبحت ملاكا … !!
عاشت ملاك عيشة مترفة ، وكانت تملك كل ما يتمناه المرء من أشياء … كان لديهم بيت فخم ، المال الكثير ، السيارات ، الملابس … وكل ما يخطر على البال … وفي معظم الأوقات كانت تفعل ما يحلو لها في أي وقت شاءت ..
كان الأب كثير السفر ، والأم غير جديرة بأسم "أم" … وكانت الفتاة تفتقد الحنان … كانت تريد أن تجد من يسمعها ويقضي الأوقات معها … من يفهما و تثق به …
فتوجهت للفتيا اللاتي في نفس مستوى معيشتها (الأغنياء) وكانت تقضي أوقاتها مع أصدقائها أو سماع الموسيقى … بشكل عام … الاستمتاع بالوقت كما يطلقون عليه …
و لم يكن هناك من يمنعهم .. فكانوا يفعلون ما يحلو لهم …
في إحدى العطلات … قروا قضاء بضع أيام في (صلالة) ..
كانوا ( ملاك وصديقاتها وستة شبّان ) .. أخذوا غرفتين … غرفة للشبا و غرفة للبنات …
وكانوا جميعاً يجلسون في غرفة واحدة أو يذهبون للملاهي إلى الساعة الثانية صباحًا ثم يخلدون للنوم ..
هذه مدى الحرية التي كانت تتمتع بها ملاك و صديقاتها !!
على الأقل .. هذا ما كانوا يطلقون عليه ( الحرية ) !!
كان لملاك و صديقتها صديقان ( Boy Friends ) وذهبوا للتمشي ، ثم قروا الذهاب إلى بيت صديقتها لخلوّه … وجلسوا في الصالة لبعض الوقت …
ثم قررت صديقة ملاك الذهاب إلى حجرة مع صديقها وقالت لملاك أنها أيضا باستطاعتها الذهاب إلى أي غرفة شاءت مع صديقها … لكنها فضّلت البقاء في الصالة والحديث معه …
بعد لحظات … نادت الفتاة صديقتها ملاك لتأتي إليها …
فلما ذهبت ملاك و صديقها لينظروا ، إذ الفتاة مع صديقها في منظر يخل بالأدب والحياء !! كانوا مصعوقين !!
صفعت ملاك صديقتها و قالت ( كيف تجرئين !؟ )
ثم خرجت من البيت مسرعة و هي تبكي ..
أحست بشعور غريب لم تشعر به قط .. ولأول مرة في حياتها شعرت أن حياتها بلا معنى أو مغزى ..
كانت تبحث فقط عن مكان يريحها .. كرهت كل شيء كانت تتمتع به في الماضي .. كرهت الموسيقى .. كرهت اللوحات … كرهت البيت و المال .. الملابس … عائلتها … كل شيء .. كرهت كل شيء لأنها لم تجلب لها غير البؤس و العار …
ذهبت لمنزلها لسماع الموسيقى الصاخبة وأصوات إخوتها وهم يلعبون مع أصدقائهم …
كم كرهت تلك الأشياء التي حدثت في منزل صديقتها …
ذهبت لترتاح في غرفتها …
لكنها وجدت تلك الصور و الملصقات و هي تحدق بها .. بدأت بتقطيع الملصقات و تكسير الصور … شعرت بالتعب .. ولكنها أفرغت ما بداخلها ..
والآن حان وقت الصلاة .. ذهبت للصالة لهدوئها كي تصلي ..
أرادت أن تصلي .. لكنها لم تعرف كيف !
ذهبت إلى الحمام واغتسلت لأنها لم تعرف كيف تتوضأ !! ثم وقفت على سجادة صلاة جدتها ..
لم تعرف ما تفعل … فوجدت نفسها ساجدة عليها تبكي وتدعو الله …
ظلت على هذه الوضعية ما يقرب من ساعة …
أفرغت ما بقلبها لخالقها ..
شعرت بارتياح ..
لكن كان هناك المزيد …
ثم تذكرت عمها الذي لم تره من زمن بعيد .. لضعف العلاقات العائلية … كان هو من يستطيع مساعدتها ..
قررت الذهاب إليه ولكنها لم تجد ملابس مناسبه لهذه الزيارة … كانت ملابسها تظهر مفاتنها وأجزاء من جسمها …
حينها تذكرت أن عمتها قد أهدتها عباءة و حجاب وقرآن … لبست ما يليق بهذه الزيارة و نادت سائق جدتها ليوصلها إلى بيت عمها … عندما طرقت الباب خرجت زوجة عمها فارتمت في حضنها باكية … فهمت زوجة عمها بالأمر …
وحضر عمها .. فعلت نفس الشيء ….
لم يعرفها عمها في بادئ الأمر …
لكن بدأ يطمئنها حالما عرف أنها ابنة أخيه وبدأ بالحديث معها … قالت ملاك فيما بعد أن هذه هي أول مرة لها تشعر بالحنان و الحب والاهتمام …
ثم طلبت أن ترى إحدى بنات عمها لتعلمها الصلاة و الوضوء وما يتعلق بالدين …
ثم طلبت منهم عدم الدخول عليها و سألت عمها عن المدة اللازمة لحفظ القرآن …
فقال خمس سنين … فحزنت ..
وقالت … ربما أموت قبل أن تنقضي خمس سنين !
وبدأت في رحلتها … بدأت في حفظ القرآن الكريم …
كانت ملاك سعيده بهذا النمط الجديد من الحياة .. كانت مرتاحة له كليا .. وبعد حوالي شهرين ..
علم الأب أن ابنته ليست في البيت !!! أي أب هذا !!! ذهب الرجل إلى بيت أخيه ليأخذ ابنته فرفضت … ثم وافقت على أن تعيش في بيت جدها لحل الخلافات …
حققت ملاك حلمها بحفظ القرآن … لكن ليس في خمس سنين … و لا ثلاثة سنين .. ولا سنه .. إنما في ثلاثة أشهر … !!!
سبحان الله .. أي عزيمة وإصرار هذا !! نعم حفظته في ثلاثة أشهر …
ثم قروا أن يحتفلوا بهذه المناسبة فدعت الجميع للحضور … كان الجميع فرحين مبتهجين … وعندما وصلوا …
قالوا لهم أنها تصلي في غرفتها … طال الانتظار و لم تخرج !! فقروا الدخول عليها …
وجدوها ملقاة على سجادة الصلاة وهي تحتضن القرآن الكريم بين ذراعيها و قد فارقت الحياة …
فارقت الحياة و هي محتضنة القرآن بجانب القلب الذي حفظه …
كان الجميع مذهولين لوفاتها …
قروا غسلها ودفنها …
اتصلوا بأبيها …
وقد أوصت ملاك جدها بمنع أمها من الحضور إذا لم تغير ديانتها للإسلام … وحضر إخوانها وأخواتها … وبدأوا بغسلها …
كانت أول مرة لابنة عمها أن تغسل ميت … ولكنهم فعلوا .. وقالوا بأنهم أحسوا أن هناك من كان يساعدهم في الغسيل … كانوا غير مرئين !!!
جهزوا الكفن … وعندما أرادوا أن يكفنوها .. اختفى الكفن .. بحثوا عنه فلم يجدوه !! …
ظلوا يبحثون فلم يجدوا غير قماش أخضر في ركن البيت تنبعث منه أروع روائح العطر … فلم يجدوا غيره ليكفنوها به …
إخواني أخواتي تذكروا أن هناك يوم بعث وحساب …
فإما الجنة أو النار …
اعتنوا بأبنائكم وأهلكم و أعطوهم الحب و الاهتمام …
مثل ملاك .. بالرغم من كل ما كانت تملك … لم تشعر بالسعاده قط إلا عندما وجدت طريقها إلى الله …
فعلاً .. لا سعادة بلا إيمان …