اعلم أن صاحبك الذي لا يفارقك في
حضرك
وسفرك
ونومك
ويقظتك ،
بل في حياتك
وموتك
هو ربك وسيدك ومولاك وخالقك ،
ومهما ذكرته فهو جليسك ، إذ قال الله تعالى: (أنا جليس من ذكرني) ،
ومهما انكسر قلبك حزنا على تقصيرك في حق دينك فهو صاحبك وملازمك ،
إذ قال الله تعالى: (أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي).
فلو عرفته حق معرفته لاتخذته صاحبا وتركت الناس جانبا ،
فإن لم تقدر على ذلك في جميع أوقاتك فإياك أن تخلي ليلك ونهارك عن وقت تخلو فيه لمولاك وتلذ معه بمناجاتك له ،
وعند ذلك فعليك أن تتعلم آداب الصحبة مع الله تعالى.
وآدابها:
إطراق الرأس ،
وغض الطرف ،
وجمع الهم ،
ودوام الصمت ،
وسكون الجوارح ،
ومبادرة الأمر ،
واجتناب النهي ،
وقلة الاعتراض على القدر ،
ودوام الذكر ،
وملازمة الفكر ،
وإيثار الحق على الباطل ،
والإياس عن الخلق ،
والخضوع تحت الهيبة ،
والانكسار تحت الحياء ،
والسكون عن حيل الكسب ثقة بالضمان ،
والتوكل على فضل الله تعالى معرفة بحسن الاختيار.
وهذا كله ينبغي أن يكون شعارك في جميع ليلك ونهارك ،
فإنها آداب الصحبة مع صاحب لا يفارقك ،
والخلق كلهم يفارقونك في بعض أوقاتك.
العلاقة بالاخوان والأصدقاء فعليك فيهم وظيفتان
الوظيفة الأولى: مراعاة شروط الصحبة
إحداهما: أن تطلب أولا شروط الصحبة والصداقة فلا تؤاخ إلا من يصلح للاخوة والصداقة ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل).
فإذا طلبت رفيقا ليكون شريك في التعلم ، وصاحبك في أمر دينك ودنياك ،
فراع فيه أولا : الصدق أما باقى الصفات فسوف نكتبها كل فى مقالة على حده لعدم الاطالة على الاخوة والاخوات الصدق
فلا تصحب كذابا فإنك منه على غرور ، فإنه مثل السراب يقرب منك البعيد ويبعد منك القريب.
ولعلك تعدم اجتماع هذه الخصال في سكان المدارس والمساجد ،
فعليك بأحد أمرين:
إما العزلة والانفراد فيها سلامتك..
وإما أن تكون مخالطتك مع شركائك بقدر خصالهم
بأن تعلم أن الاخوة ثلاثة:
1 – أخ لآخرتك: فلا تراع فيه إلا الدين.
2 – وأخ لدنياك: فلا تراع فيه إلا الخلق الحسن.
3 – وأخ لتأنس به: فلا تراع فيه إلا السلامة من شره وفتنته وخبثه.
والناس ثلاثة:
أحدهم: مثله مثل الغذاء لا يستغنى عنه.
والآخر: مثله مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت.
والثالث: مثله مثل الداء لا يحتاج إليه قط ، ولكن العبد قد يُبتلى به ، وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع ، فتجب مداراته إلى الخلاص منه ، وفي مشاهدته فائدة عظيمة إن وفقت لها ، وهو أن تشاهد من خبائث أحواله وأفعاله ما تستقبحه فتجتنبه ، فالسعيد من وُعظ بغيره ، والمؤمن مرآة المؤمن ، وقيل لعيسى عليه السلام: من أدبك فقال: (ما أدبني أحد ولكن رأيت جهل الجاهل فاجتنبته) ، ولقد صدق على نبينا وعليه الصلاة والسلام – فلو اجتنب الناس ما يكرهونه من غيرهم لكملت آدابهم واستغنوا عن المؤدبين.