واجهت العشرينية سهام، العديد من المشاكل أيام الخطبة، أول ما اعترضتها العادات والتقاليد، وتزمت الأهل الذين لم يسمحوا لها بالخروج مع خطيبها طيلة ستة أشهر منذ عقد القران بينهما.
كانت سهام تتوقع بأن تكون هذه الفترة كفيلة لمعرفة طباع وشخصية خطيبها عبر خروجهما معاً، وجلوسهما بمفردهما فترات طويلة، ما كان يلقى رفضاً مستمراً من قبل عائلتها، حتى تبخرت أحلامها في ان تكون أجمل أيام العمر بالنسبة لها.
وتعد سهام التي مر على زواجها سنة واحدة، انها فشلت في تجربتها، مفسرة ذلك بأنه يعود إلى عدم امتلاكها الوقت الكافي للتعرف على زوجها، فهي تحمل المسؤولية إلى والديها، اللذين لم يمنحاها هذه الفرصة بسبب العادات والتقاليد.
عدم معرفة الزوجة بطبيعة الزوج واكتشافها لأمور لم تكن تدركها في فترة الخطبة يؤدي إلى ازدياد حالات الطلاق، ودلت النسبة ان أكثر حالات للطلاق قد حدثت قبل الدخول وبلغت ( 34.3 % ) من إجمالي واقعات الطلاق لسنة 2022، بحسب آخر إحصائية لجمعية العفاف الخيرية.
ولمنى قصة خلال فترة الخطبة، فهي تستغرب تصرفات والدها الذي لا يرفض خروجها برفقة خطيبها، الذي عقدت قرانها عليه، إنما يرفض جلوسهما مفردا في البيت، وأحيانا كثيرة يبدي استياءه وانزعاجه في حال جلست في مكان قريب منه، أو ارتدت ملابس غير مناسبة، ويخبرها بأنها لا تملك أي حس من الحياء.
تقول منى "لقد كنت مع خطيبي طوال فترة دراستنا في الجامعة، وكنا نجلس معا بشكل مستمر، الآن وبعد أن أصبح خطيبي لا أستطيع الخروج معه أو التحدث إليه بحرية".
اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي يرى أن المجتمع تناقل هذا السلوك عبر الأجيال واستمر فيه ويعد بالنسبة للأسر الأردنية سلوكا متعارفا ومتفقا عليه، وذلك نتيجة لعدة أسباب أولها خوف الأهل من عدم إتمام الزواج، وكثرة المشاكل التي تحدث في فترة الخطبة، إلى جانب تزايد حالات الطلاق، إذ إن نصف حالات الطلاق في الأردن هي قبل الدخول، لافتاً الى أن الأهل يخافوا من اندفاع الخاطبين نحو بعضهما البعض بحيث تصدر منهما سلوكيات تؤثر على الفتاة، وعلى مستقبلهما الزواجي، ما يدعهم يحرصون على عدم إطالة الخطبة.
ويشير إلا أنه بعد الزواج يعترف الطرفان أن أهلهم كان لديهم الحق في ذلك، ومستقبلاً سيقومون بعمل الشيء نفسه مع بناتهم.
ويذهب الخزاعي إلى أن كثيرا من الحالات على علاقة قبل الخطبة، حيث يخرج الشاب والفتاة معا، وبعد الخطبة يفرض عليهم الأهل رقابة معينة، لافتا الى أنه لا بد من السماح لهما وإعطائهما الحرية لكن مع توجيه وإرشاد ومن دون اندفاع.
يرى الخمسيني إبراهيم أنه لا يجب لوم الأهل على تلك التصرفات بتاتاً فبالرغم من أن ذلك محلل شرعاً، إلا أن المجتمع لا يتقبله على الإطلاق، والفتاة لا بد من أن تحافظ على نفسها وسمعتها حتى الرمق الأخير.
ويقول لو تركت الفتاة على راحتها مع خطيبها سوف يتحدث الناس عنها، وفي حال لم تتم الخطبة – لا سمح الله- سيقال إنها كانت تمضي كل وقتها برفقته، الى جانب أنه يرى أن الشيطان شاطر، خصوصا في فترة الخطبة ويجب حماية الخطيبين من نفسيهما أول شيء، حتى لا يحدث أمر يتسبب بالضرر للفتاة .
ويرى اختصاصي الشريعة د.منذر زيتون، أنه في حال عقد القران، فإن الفتاة تعد زوجة، وليس هناك أي خطأ في ذلك، وشرعاً مباح، إلا أن ما يحدث هو احترام للعرف، الذي لا يبيح تلك التصرفات، معتبراً ان الزفاف هو الذي يبيح المعاشرة الزوجية فقط.
ويضيف أنه لا يجوز الحجر على أي اثنين خاطبين من الجوانب الأخرى، فذلك يعد تخلفا حضاريا حيث يجوز لهما الخروج والجلوس مع بعضهما البعض وحدهما، إلا أن ما يحدث هو أن الأهل والناس يخافون من أن يحدث طلاق قبل الزفاف، وأن تكون الفتاة أصبحت حاملا من دون حدوث زفاف، وبالتالي سينظر للفتاة من قبل المجتمع نظرة سلبية جدا، وتصبح فرصها قليلة وتتجه أصابع الاتهام لها من المجتمع.
اختصاصي الطب النفسي د.أحمد الشيخ يرى أن فكرة كتب الكتاب (عقد الزواج) هي حصانة يستخدمها الأهل من أجل التعارف بين الخطيبين، إلا أنها ترتبط بعدم ثقة من قبل الأهل، وهذا يخلق عدم حرية في التعامل والتعارف.
ويشير إلى أنه في حال تم قرار عقد القران يجب أخذ فرصة للتعارف، وإذا لم تعط الفرصة، وتتوفر البيئة الصحية للتعارف فلا حاجة له.
الاختصاصي الأسري أحمد عبدالله يرى أن مرحلة التعرف على بعضهما البعض لا تكون في فترة كتب الكتاب وهي ليست مرحلة تعارف إنما هي بداية حياة وهذه تقع مسؤوليتها على الأهل أكثر من الشخصين نفسيهما.
ويضيف أن هذا أمر مبرر للأب لكمية الأخطاء التي تقع وما يترتب عليها من مشاكل لافتا الا أن الغيرة مبررة عندما تكون قيود تمنع فعلا الطرفين من التعرف على بعضهما كون مرحلة كتب الكتاب يمكن التخلي عنها بأقل الخسائر.
ويشير إلا أنه لا يجب ترك الأمور كثيرا ولا التشدد بها وإعطاؤهما مساحة من الحرية للتعرف على بعضهما كونها مسألة بحاجة الى توازن بين الطرفين