ظل أستاذ التربية لسنوات طويلة ينظر لطرائق التدريس الحديثة في مجال العلوم الكونية، وألف كتبا نظرية عن الحديث في تدريس العلوم وكنا نتمنى تطبيق ما يقوله في مدارسنا الحكومية وعندما كلفنا بتأليف كتب العلوم سارعنا بطلب مشاركته لنا في تأليف الكتب وإعداد كراسات النشاط، وسعدنا بقبوله المشاركة في ذلك وبعد مدة أتانا الأستاذ بالجزء الذي كلف بإعداده، فوجدنا العجب العجاب ما ألفه الأستاذ لا يخرج عن كونه صورة مكررة لما كنا ندرسه في مدارسنا منذ عشرات السنين دهشنا وانتابتنا حالة عجيبة من الإحباط، وتكررت المأساة مع أستاذ آخر تم التعقد معه للمعاونة في إعداد وتطوير الكتب في مجال تخصصه، فكانت المفاجأة إعداده لموضوعات ملخصة من الكتب المدرسية وأراد آخر تطوير الكتاب فأعد كتابا في نقاط من الكتاب الأصلي مع وضع النقاط في إخراج جميل وبألوان جذابة، نظرت إلى الكتاب فقلت إنه كالمغني الشعبي الشهير الذي يرتدي المبهرج من الثياب والساعات وعندما يسال يضحك ويقول كلاما يضحك الصبيان، ومنذ أيام وجدت كتابا في إحدى المكتبات عن أحد المقررات، الكتاب بغلاف جميل وبمحتوى تلخيصي للمقرر في نقاط .
وقد تعمدت تدريس أحد الكتب التي ألفتها بطريقة إبداعية، فكانت النتيجة مأساوية، الطلاب يطلبون نقاطا ملخصة تلخص الكتاب حتى يحفظوه، رفضت الفكرة وقاومتها في البداية ولكن النهاية تأكدت إنني سأجني على هؤلاء الطلاب في ظل بيئة مدرسية لا مكان فيها للمبدعين، فكتبت يومها مقالا اصف فيها مدارسنا الحالية بعنوان " ولا مكان فيها للمبدعين "، فما يتم في مدارسنا من اختبارات مركزية، وإجابات نموذجية لأسئلة تقيس الحفظ والصم والاستظهار وتركز على استرجاع المعلومات يهدر كل قيمة للتعلم الحقيقي وتربية الإبداع، وما يتم هذه الأيام من إعداد براشيم مصغرة ومصورة من الكتب للغش منها في المدارس والجامعات مأساة فالطلاب يقفون في طوابير في مكاتب التصوير لإعداد تلك البراشيم، ومع كل المأساة نجد تدريبات وورش عمل عن الإبداع وتربية الإبداع وصفات الطالب المبدع، وكتاب تربية الإبداع، وصفوف الإبداع ومراكز الإبداع وكل هذا لا مكان له في الواقع العملي المدرسي، والمأساة الجديدة هي استبدال السبورة التقليدية بالسبورة الإلكترونية والكتب الورقية بالكتب الحاسوبية والمعلم يطبق الدروس بالطريقة التقليدية نفسها التي خطط لها دنلوب المعتمد البريطاني لإفساد التعليم في البلاد العربية هذه هي شعارات الإبداع، وورش الإبداع .
الإبداع الحقيقي أن يتم التدريس بالحوار والنقاش، والبحث والتجريب، وأن تتغير طريقة التقويم لتقيس المستويات العليا في التفكير، وهذا يستدعي إلغاء الاختبارات المركزية، والتصحيح المركزي وترك عملية التقييم للمعلم، ولكن الطامة الكبرى إن هذا الأسلوب أدى إلى التحيز في الدرجات لأبناء الطائفة والأقارب، ومن يأخذون الدروس الخصوصية عند المعلمين، لدرجة أن بعض الدول العربية ألغت تماما أعمال السنة والاختبارات العملية تحقيقا للعدالة واتقاء لشر المفسدين من المعلمين الذين حولوا العملية التعليمة التربوية إلى تجارة وبوتيكات للتدريس الخصوصي، ورفعت إعلانات تقول : أستاذ الصواريخ الامتحانية وأستاذ التوقعات للأسئلة، وأستاذ المراجعة المفيدة ليلة الامتحان .
إذا أردنا تربية الإبداع علينا تحويل تلك الدراسات النظرية والبحوث الجامعية، والكتب النظرية إلى واقع معاش في المدرسة والبيت، وهذا يستلزم تربية المعلمين وأولياء الأمور على تربية الإبداع والتدريس الإبداعي واختيارات الإبداع، وهذا يحتاج إلى خطة علمية شاملة تتعاون فيها الجامعات، ووزارة التربية والمجتمع والأسرة ومن دون ذلك سنظل نردد شعارات الإبداع وكتابات الإبداع مع غياب تربية الإبداع، ودفن المبدعين في مدارسنا الحالية، وتحويل مدارسنا إلى تخريج موظفين للوظائف الإدارية والمكتبية وهي نفس الخطة الاستعمارية التي وضعها المعتمد البريطاني دنلوب منذ عشرات السنين لإفساد التعليم في ديارنا العربية والإسلامية.
والله مدري عمري حياج
دُعي آينشتين إلى حفل اقامته أحدى السيدات، وفي أثناء الحفل، طلبت أليه أحداهن أن يشرح لهن النظرية النسبية، فروى القصة التالية:
سرت مرة مع رجل مكفوف البصر، فذكرت له أني أحب البن، فسألني: ما هو البن؟
فقلت: أنه سائل أبيض.
فقال: أني أعرف ما هو السائل، ولكن ما هو الون الأبيض؟
قلت: أنه لون ريش البجع.
قال: أما الريش فأني أعرفه، ولكن ما هو البجع؟
قلت: انه طائر برقبة ملتوية.
قال: أما الرقبة فأني أعرفها، ولكن ما معنى ملتوية؟
عندئذ أخذت ذراعه ومدتها، ثم ثنيتها، وقلت له: هذا معنى الألتواء، فأقتنع، وقال: الآن عرفت ما هو البن!!
عندما درس نيوتن طبيعة الكون الذي نعيش فيه على أساس قانونه للجاذبية وصل إلى أن الكون يتكون من كل النجوم و السدم مركزة في مركز الكون، و الفضاء الذي حولها خاو لا يحتوي على شيء من المادة. أي إن الكون يبدو كما لو كان جزيرة محدودة في وسط محيط لا نهائي من الفضاء. و بالقياس إلى الأمثلة السابق توضيحها يمكن أن نقول بأن الكون من وجهة نظر نيوتن (( منته و محدود )).
و كان هناك الكثيرون ممن لم يقبلوا فكرة نيوتن عن الكون، على أس فلسفية فقط، إذ أنها كانت تعني أن الضوء و الطاقة التي تشعها النجوم بصورة مستمرة تنتشر في الفضاء بعيداً عن النجوم و لا تعود أبداً. و قد بدا أنه من غير المعقول أن الكون يبد طاقته تدريجياً بهذه الكيفية إلى أن يصل إلى الفناء. كما أنه لم يكن من المقبول عقلاً التسليم بهذا الفضاء فيما وراء النجوم دون أن نعلم شيئا عن ماهيته أو عما وراءه هو نفسه.
و لقد استطاع آينشتاين باستخدام النظرية النسبية العامة أن يبين، لأسباب رياضية، بأن الكون كما تصوره نيوتن غير محتمل الحدوث إن لم يكن مستحيلاً. و على وجه التحديد، أثبت آينشتاين أن متوسط كثافة المادة في مثل هذا الكون لا بد و أن تنعدم. فقد بنيت قوانين نيوتن على أساس أن الضوء يسير في خط مستقيم بينما ثبت في النسبية العامة أن أشعة الضوء تنحرف بتأثير الكتل الجاذبة ( ليس لهذه الحقيقة أية علاقة بالنتيجة التي توصل إليها آينشتاين بخصوص الكون الذي تصوره نيوتن). و لقد استنبط آينشتاين مبدئياً على أساس النظرية النسبية العامة أن الكون الذي نعيش فيه (( منته و غير محدود )).
فالكون يشبه السطح الكروي ذا البعدين فهو منته و غير محدود، إذ لو سرنا في خط مستقيم على سطح كرة (كالأرض مثلاً) فإننا سوف نعود في النهاية إلى النقطة التي بدأنا منها دون أن نشعر بأي دوران أثناء الرحلة. فالخط المستقيم على الأرض هو الخط الذي يتبع سطح الأرض. و نحن نعلم أن سطح الأرض مستدير، و لكن لا يمكننا إدراك ذلك بسهولة بأعيننا لأن مقدار الانحناء ضئيل جداً.
أما في الفضاء الخارجي فإن الخط المستقيم يحدده المسار الذي يتخذه شعاع الضوء. و الأشعة الضوئية حينما تسير بعيدا عن أي من الكتل الجاذبة فإنها لا تتأثر بها، و لكنها إذا مرت على مقربة منها فإنها تنحني أو تنحرف نحوها. و من أجل ذلك فإنه يقال بأن الفضاء نفسه (( منحن )). و من هنا نشأت عدة اصطلاحات مثل (( منحنى الفضاء ))، (( انحناء الفضاء )). و يجب ألا نتصور أن الفضاء منحن على الصورة التي يتضمنها المعنى العادي للكلمة، و لكن بمعنى أن الفضاء يحتوي على كتل جاذبة (النجوم و المجرات الشمسية الأخرى التي يحتمل وجودها) تعمل على انحراف الأشعة الضوئية التي تمر على مقربة منها.
و ظاهرة انحراف الأشعة الضوئية. بواسطة الكتل الجاذبة تفسر لنا كيف أن الكون غير محدود. لأنه على الرغم من أن الأشعة الضوئية تسير في خطوط مستقيمة في الأصقاع السحيقة في الفضاء بين النجوم، إلا أنها تنحرف عندما تمر بالقرب من النجوم. و إذا تكرر انحراف الأشعة الضوئية لعدد كاف من المرات فإنه من الممكن أن تدور وتجه في الاتجاه المضاد تماماً، كما يحدث تماماً لمسافر حول الأرض عندما يصل إلى منتصف رحلته. و كما أن المسافر على الأرض يعود إلى نفس النقطة التي بدأ منها إذا سار في خط مستقيم على سطح الأرض، كذلك أيضاً المسافر في الفضاء في الكون الذي نعيش فيه فإنه يجد نفسه ثانية على سطح الأرض إذا سار فيما يبدو له أنه خط مستقيم في الفضاء.
و لن يزيد إدراكه للدائرة الهائلة التي يقطعها عبر الفضاء عن شعور المسافر على الأرض بالدائرة التي يراها على سطحها. و على العموم فالخط المستقيم في الفضاء هو إذاً المسار الذي يتخذه شعاع ضوئي و قد يكون مستقيماً أو منحنياً أو مزيجاً منهما. و لكي نتفادى الخلط بينه وبين ما نعنيه عادة بالخط المستقيم فسوف نطلق على الخطوط التي يسير فيها الضوء في الفضاء اسم ((خطوط الفضاء )) بدلاً من الخطوط المستقيمة في الفضاء.
و على ذلك إذا كانت فكرة آينشتاين عن الكون صحيحة فإن (( رحالة الفضاء )) الذي يترك الأرض و يسير باستمرار في خط من خطوط الفضاء سينتهي دائماً بأن يعود إلى الأرض مهما كان اتجاهه الأصلي بعيداً عن الأرض. ومثل رحالة الأرض لن يقابله أي عائق من أي نوع في أثناء رحلته حول الكون. و على ذلك فإن الكون الذي نعيش فيه غير محدود.
إن الكون منته، لأنك إذا كنت تسافر باستمرار في خط من خطوط الفضاء و تنتهي آخر الرحلة بعد بعض من الوقت عند نقطة الابتداء فإنك بذلك تكون قد مررت خلال جزء محدود من الفضاء، و هنا أيضاً كما في حالة السطح الكروي، هذا الجزء من الفضاء يمكن قياسه.
إن الصورة الفيزيائية للكون هي صورة محيط متسع من الفضاء موسدة فيه مجموعات النجوم (مضافاً إليها كل ما يمكن أن يكون هناك من المادة السماوية) في توزيع يكاد يكون منتظماً مثل الزبيب في كعكة الزبيب. (و بعضهم يشير إلى الكتل الجاذبة على أنها (( دمامل في الفضاء )) أو (( تجعدات )) أو (( تموجات )) على سطح الفضاء). و فضلاً عن ذلك فإنه ليس هناك حافة خارجية للكون، فقد رأينا أن السفر المستمر في خط من خطوط الفضاء يعود بك ثانية عند نقطة الابتداء. إن الكون الذي نعيش فيه (( مقفلُ على نفسه )).
فيه ترى الأرض في الوسط (يجب ألا نستنتج من ذلك أن الأرض هي فعلاً مركز الكون؛ إذ لا يوجد هناك شيء مثل ذلك، كما هو الشأن في حالة السطح الكروي ذي البعدين). فإذا سرت مبتدئاً من الأرض في المركز متجهاً إلى الخارج على أحد خطوط الفضاء (التي تمثلها أنصاف الأقطار الممتدة إلى الخارج من الأرض إلى المركز) فإنك ستأخذ في الابتعاد عن الأرض أكثر فأكثر.
و هذا ما يناظر على السطح الكروي ذي البعدين أن تبتعد أكثر فأكثر عن نقطة البداية عندما تسير في خط مستقيم على سطح الأرض. و على بعد معين، تمثله الدائرة الكبيرة، يكون (( رحالة الفضاء ))، أبعد ما يمكن عن الأرض، بنفس الطريقة التي يصبح بها المسافر على سطح الأرض أبعد ما يمكن عن نقطة الابتداء عندما يصل إلى الطرف الآخر للقطر المار بنقطة الابتداء.
و إذا استمر (( رحالة الفضاء )) في السير على خط فضائه فإنه يجد نفسه يقترب من الأرض ثانية. و يوضح ذلك تلك الأجزاء من خطوط الفضاء الموجودة خارج الدائرة و تنتهي بالكرات الأرضية الأخرى. و هذه الكرات الأرضية تمثل فعلاً أرضنا التي في وسط الشكل، إلا أنه بالنسبة إلى مسافر الفضاء الذي لا يعرف طبيعة كوننا فإنها تظهر كأنها صور أخرى مكررة لأرضنا إلى أن ينزل فعلاً على سطح الأرض و يجد أنها حقيقة نفس الأرض التي بدأ منها رحلته.
و هذا أيضاً هو ما يحدث على السطح الكروي ذي البعدين، فإن المسافر على الأرض يرى في النهاية أن نقطة الابتداء تقع أمامه في حين أنه يعلم أنه قد تركها خلفه. و هو أيضاً، إذا لم يكن يعرف طبيعة عالمه الذي يسير فيه، فإنه يظن أنه يرى صورة أخري لنقطة البداية.
و حيث إنه يوجد حد أقصى للبعد عن الأرض، فإنه يمكننا اعتبار هذا البعد على أنه (( نصف قطر الكون )). و هذا أيضاً يناظر ما حدث على السطح الكروي، إذ أن كل نقطة عليه تقابلها نقطة أخري المسافة بينهما تكون نهاية عظمى وتقع عند الطرف الآخر للقطر المار بالنقطة الأولى. و المسافة بين النقطتين تتوقف طبعاً على نصف قطر الكرة، فكلما زاد نصف القطر زادت المسافة بين النقطتين. في حالة كرة في حجم الأرض مثلاً تكون أبعد نقطة عن القطب الشمالي هي القطب الجنوبي.
و في الشكل السابق يعين نصف قطر الدائرة الكبيرة نصف قطر الكون. و لقد تمكن آينشتاين من إيجاد نصف قطر الكون، و قد وجد أنه يتوقف على متوسط كثافة المادة في الكون (و بالتعبير الرياضي: وجد آينشتاين أن نصف قطر الكون يتناسب عكسياً مع الجذر التربيعي للكثافة). و باستعمال أحسن التقديرات لمتوسط كثافة المادة في الكون يكون التقدير الحالي لنصف قطر الكون هو:
200,000,000,000,000,000,000,00 0 ميل
و يمكننا أن نستنتج، على حسب النظرية النسبية العامة، أن الكون (( منته و غير محدود ))، و لا يمكن التحقق عملياً عما إذا كان حقيقةً كذلك أم لا. و مع كل فقد يلذ لنا أن نتأمل فيما يمكن أن يحدث بعد سنين عديدة من الآن.
فربما يتمكن أحد الفلكين يوماً ما من بناء تلسكوب كبير بعيد المدى و نستطيع أن نتخيل ما يمكن أن يحدث عندما ينظر خلاله. ربما يرى جسما لامعاً مضيئاً يشبه القمر، و ينمو على سطحه شجرة منحنية غريبة المنظر. و قد تمضي ساعات طويلة من البحث و التدقيق قبل أن تشرق عليه الفكرة بأنه ينظر إلى صلعته اللامعة و قد أتم الضوء الصادر عنها دورته حول الكون و عاد ثانية مؤخرة رأسه .
البنائية كمفهوم ظهرت قديماً ولعبت دوراً في العلوم الطبيعية ، إلا أن الالتفات لها كمنهج للتطبيق في كافة العلوم لم يتبلور إلا في عصرنا الحديث ، وكان أحدث مجال غزته البنائية هو مجال التربية ، حيث برزت فيه بثوب جديد يتمثل في التطبيق العملي والاستراتيجيات التدريسية التي تهدف إلى بناء المعرفة لدى المتعلم .
تشتق كلمة البنائية Constructivism من البناء Construction أو البنية Structure، والتي هي مشتقة من الأصل اللاتيني Sturere بمعنى الطريقة التي يقام بها مبنى ما. وفي اللغة العربية تعني كلمة بنية ما هو أصيل وجوهري وثابت لا يتبدل بتبدل الأوضاع والكيفيات.
من أهم مبادئ التعلم في هذه النظرية: التعلم لا ينفصل عن التطور النمائي للعلاقة بين الذات والموضوع؛ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه؛ الاستدلال شرط لبناء المفهوم، حيث المفهوم يربط العناصر والأشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين الأفعال التي تجري في لحظات مختلفة، وعليه فإن المفهوم لايبنى إلا على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل؛ الخطأ شرط التعلم، إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة؛ الفهم شرط ضروري للتعلم؛ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين؛ التعلم هو تجاوز ونفي للاضطراب.
مفهوم التكيف: التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي عن طريق استدماجها في مقولات وتحويلات وظيفية، والتكيف هو غاية عملية الموازنة بين الجهاز العضوي ومختلف حالات الاضطراب واللاإنتظام الموضوعية أو المتوقعة والموجود في الواقع، وذلك من خلال آليتي التلاؤم (بالفرنسية: l’accommodation) والاستيعاب (بالفرنسية:
l’assimilation):مفهوم الموازنة والضبط الذاتي: الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوز الاضطراب، والتوازن هو غاية اتساقه.
مفهوم السيرورات الإجرائية: إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة وكل أشكال التكيف، تنمو في تلازم جدلي، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية أي الأنشطة العملية الملموسة.
مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل، عند جان بياجي، ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والأشياء، وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية، كاللغة والتقليد المميز واللعب الرمزي… والرمز يتحدد برابط التشابه بين الدال والمدلول أما التمثل فهو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبا.
نظرية جان بياجيه في اللعب :
إن نظرية جان بياجيه في اللعب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء، ويعتقد بياجيه أن وجود عمليتي التمثيل والمطابقة ضروريتان لنمو كل كائن عضوي. وأبسط مثل للتمثل هو الأكل، فالطعام بعد ابتلاعه يصبح جزءاً من الكائن الحي بينما تعين المطابقة توافق الكائن الحي مع العالم الخارجي كتغيير خط السير مثلاً ويبدأ اللعب في المرحلة الحسية الحركية، إذ يرى بياجيه أن الطفل حديث الولادة لا يدرك العالم في حدود الأشياء الموجودة في الزمان والمكان، فإذا بنينا حكمنا على اختلاف ردود الأفعال عند الطفل فإن الزجاجة الغائبة عن نظره هي زجاجة مفقودة إلى الأبد، أي أنه يؤمن فقط بما يراه، أو يدرك استمرارية الأشياء مما يراه دائماً، وحين يأخذ الطفل في الامتصاص لا يستجيب لتنبيه فمه وحسب بل يقوم بعملية المص وقت خلوه من الطعام.
وتضفي نظرية بياجيه على اللعب وظيفة بيولوجية واضحة بوصفه تكراراً نشطاً وتدريباً يتمثل المواقف والخبرات الجديدة تمثلاً عقلياً وتقدم الوصف الملائم لنمو المناشط المتتابعة.
لذلك نجد أن نظرية بياجيه في اللعب تقوم على ثلاثة افتراضات رئيسية هي:
.1. يسير النمو العقلي في تسلسل محدد من الممكن تسريعه أو تأخيره ولكن التجربة وحدها لا يمكن أن تغيره وحدها.
.2. إن هذا التسلسل لا يكون مستمراً بل يتألف من مراحل يجب أن تتم كل مرحلة منها قبل أن تبدأ المرحلة المعرفية التالية.
.3. وهذا التسلسل في النمو العقلي يمكن تفسيره اعتماداً على نوع العمليات المنطقية التي يشتمل عليها.