بسم الله الرحمن الرحيم
"الواسع" هو الذي لا حدود لمدلول أسمائه وصفاته ، فاسم الرحيم ليس له حدود ، اسم الكريم ليس له حدود ، اسم الغني ليس له حدود ، اسم القوي ليس له حدود ، وهذا هو معنى التكبير ، الله أكبر مما عرفت ، طبعاً أكبر من كل شيء بديهة ، أما المعنى الدقيق لله أكبر ، مهما عرفت الله فهو أكبر ، وكل ما خطر بالك فالله بخلاف ذلك . ومن معاني الواسع أيضا الذي لا يشغله معلوم عن معلوم، ولا شأن عن شأن، ولا مسموع عن مسموع، ولا دعاء عن دعاء.وهو اسم يستخدم لتوصيف طلاقة القدرة في هذه الصفة. و فيما يلي أمثلة على ذلك:
الغفور:
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ( سورة النجم الآية: 32 ).
"وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ" هنا تعنى كثير المغفرة. ولكن ما هي حدود كلمة كثير؟ اقرأ معي هذا الحديث لتعلم انه لا حدود لمغفرته.
قال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة "(رواه الترمذي).
فالحمد لك على انك أنت ربى. والحمد لك على انك واسع المغفرة.
الملك:
لَهُ مَا فِي السَّمَوَتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ( سورة طه الآية: 6 )
يا الله و أي ملك هذا؟؟؟؟؟ وهل يمكن أن يقع أي كائن خارج حدود هذا الملك الواسع؟؟؟؟
القدير:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً .
( سورة الطلاق الآية: 13 ).
"أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" أي لا تعلو على قدرته أي قدرة. بمعنى آخر القدرة المطلقة "القدرة الواسعة".
العليم:
وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ( سورة طه الآية: 7 )
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ .( سورة غافر )
و "الواسع" هنا هو الذي لا يغيب عنه أثر الخواطر في الضمائر، أي لا يوجد قوة في الأرض يمكن أن تكشف ما الذي يدور بخاطرك لكن الله أقرب إليك من حبل الوريد.
المنعم:
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ ( سورة إبراهيم الآية : 34 ) .
هل المفرد يمكن أن يعد ّ؟؟؟ أي إن تعدوا فضائل النعمة الواحدة أنتم عاجزون عن إحصائها، وبالتبعية عاجزين عن شكرها. فالنعمة الواحدة واسعة.
فسبحان من لا تحصى نعمه
السميع:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ( سورة المجادلة ) .
وقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها في الغرفة المجاورة ولم تسمع شيئا. و لكن الله سمعها من فوق سبع سموات. ولكن الواسع هنا لا تعنى فقط انه يسمع كل شيء. اسمع معي الحديث التالي:
( يا عبادي ، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجِنَّكم ، قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ ذلك لأن عطائي كلام ، كن فيكون ، وأخذي كلام ، زل فيزول فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ) .[ أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ] .
إن الإنسان لا يتسع إدراكه لسماع شخصين ، ولا يستطيع أن ينصرف إلى جهتين ، فهو غير واسع ، أما ربنا جلّ جلاله واسع لا يشغله معلوم عن معلوم ، ولا شأنٌ عن شأن ، لو أن كل العباد دعوه في وقت واحد يسمعهم جميعاً .
فسبحان من لا يشغله سمع عن سمع
الخالق, البارئ, المصور:
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ .( سورة المؤمنون ) .
إذا نظرت إلى الخلق, لوجدتهم جميعا لا يشتركون أبدا في قزحية العين أو نبرة الصوت أو رائحة الجلد أو بصمة الأصبع. هذا لأنه واسع في خلقه.
البديع:
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . ( سورة البقرة الآية : 117 ) .
إذا نظرت إلى الأسماك و أوراق الشجر, لوجدت ملاين ملاين الأشكال و الألوان و الأحجام. هل تستطيع أن تحصيها؟؟ هذا لأنه واسع في إبداع خلقه.
و لكن كيف نتخلق بهذا الاسم؟؟
(( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم )) .[أخرجه أبو يعلى عن أبي هريرة ] .
بإمكانك أن تكون لطيفاً مع الجميع ، كان عليه الصلاة والسلام لا يطوي بشره عن أحد ، ابتسامته ، ترحيبه ، تألق وجهه.
(( تَبَسُّمُكَ في وجه أخيك صدقة )) .[أخرجه الترمذي عن أبي ذر الغفاري ] .
المصدر: حلقات أسماء الله الحسنى-لدكتور محمد راتب النابلسي