الاعتكاف بمعنى الخلوة إلى الله في المساجد ، هي فترة تجرد لله ،
تنسلخ فيه النفس من كل شيء ، و يخلص فيه القلب من كل شاغل ،
و هو سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) في العشر الأواخر من رمضان ،
فعن أمنا عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : كان النبي ( صلى الله عليه و سلم )
" إذا دخل العشر شد مئزره ، و أحيا ليله ، و أيقظ أهله" .
[ صحيح ، الألباني – صحيح الجامع : 4713 ] .
و من أقوال العلماء في معنى شد المئزر ، أنه كناية عن الجد و التشمير في العمل .
إن ظل هذه الليلات العشر يشعرنا و كأنها ذوات أرواح ،
تعاطفنا و نعاطفها ، ففي جوها تلتقي
و تتجاوب الأرواح العابدة الخاشعة مع أرواح هذه الليالي المختارة ،
فترفرف إلى عليين ، فيا لأنس هذا المشهد .. و يا لنداوة هذا الجو ..
و يا للنجوى المؤنسة للروح .
هذا المعنى الرائق للاعتكاف ، و هذا الجو الندي في هذه الليالي العشر ،
و هذا الجد و التشمير في العبادة ،
أصبح عند كثير من نساء اليوم جد و تشمير و لكن في المطبخ في التحضير لحلويات العيد ،
و في الأسواق لشراء ملابس العيد !! ..
و لو كن حريصات على اغتنام هذه النفحات الربانية ،
لما أضعنها في مثل هذه الأمور ،
فهناك متسع من الوقت لها في غير هذه الأيام المباركة ،
فرمضان لا يأتي إلا مرة في كل عام ، و العشر الأواخر تجرد لله عما سواه ،
و لكن يبدو أن الماديات طغت في زماننا هذا و ما عاد للروحانيات مكان !! ،
فصلاتنا لا تعدو عن كونها ركعات جوفاء ،
و صيامنا امتناع فقط عن الطعام و الشراب ، و لكن أين راحة القلب ، و سمو الروح ؟! .
أنا أشعر بأن في الاعتكاف أسراراً و عجائباً ، لا يدركها إلا من تدبرها و تفكر فيها ،
و لا يستشعر حلاوتها إلا من ذاقها ، و لمس أثرها في نفسه ،
فللاعتكاف تأثير واضح في القلب و في الفكر ، و في صفاء الذهن ،
و في إدراك الأمور و فهم الحياة ، و في تصحيح السلوك ،
و هذا يحتاج إلى جلسة متأنية و فاحصة مع النفس ، و اعتزال الخلق ،
و فراغ القلب و الفكر من كل الملهيات و الشواغل الدنيوية ،
حتى يتسنى للروح أن ترتقي و تحلق في آفاق الكمال و النور ، فتتصل بخالقها ..
و لكن ربما يعجز القلم و اللسان عن وصف مثل هذه الإحساسات ،
فمن المعاني زهور ربيع ، يُشَمُّ و لا يُفرك .
فيا أخواتي المسلمات المعتكفات في المطابخ و في الأسواق ،
مضمار السباق قد انعقد ،
و الجنة فُتحت لمن جد ، و الجائزة أُعدت لمن جد ،
فشمِّرن عن ساعد الجد ، و قلن .. لن يسبقنا إلى الله أحد .
اللهم أكرمنا بليلة القدر ، و أسعدنا بالأجر ، و شرف أمتنا بالنصر …
اللهم آمين ، و الحمد لله رب العالمين .
لاتنسوا تقيمونى بطريقة الميزان
دمتم بود
تحياتى
.
اللهم بلغنا ليلة القدر
واعنا على القيام وقراءة القران والدعاء