مع ازدياد عهود الصالحين من زمننا بُعداً . .
ومع ازدياد موعد قيام الساعة من زمننا اقتراباً . .
تشتد الفتن وتزداد معها معاناة المؤمنين!!
فتبحث النفوس الصادقة عن دليل مرشد؛ تهتدي به وسط تلك الأجواء الشاحبة على أمل السلامة بالدين . .
دليل يستوحي كل توجيهاته على ضوء من كتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
متى تتكلم؟ . . ومتى تصمت؟ . . متى تعتزل؟ . . ومتى تخالط؟
قال تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الإسراء
فللملتزم أجواء يكون فيها وحده . .
وحده . .
إذا اختلى بنفسه يسترجع أعمال يومه . . ما أصاب فيه وما أخطأ . . فيستغفر عما وقع فيه من الخطأ والزلل . . ويحمد الله على ما وفقه من حسن العمل . . ويحرص على تجديد النية لإخلاص العمل . . راجياً من الله حسن القبول . .
وحده . .
إذا اختلى بنفحات الثلث الأخير من الليل . . يبكي . . يتذلل . . يدك الأرض دكاً تحت جبهته من خشية ربه . . يسأله كفاية الدنيا وسلامة الآخرة . . رغبة ورهبة . . خوفاً ورجاءً . . فتلهب دموعه بحرارتها مسالك الوصال بين تنهدات قلبه ومدامع عينه!!
وحده . .
إذا سنحت له فرصة تفريج كرب دون الحاجة للتعريف بنفسه!! فيقضيها وينصرف مطأطأ رأسه تواضعاً لمن يسر له ذلك الخير ووفقه إليه!!
وحده . .
إذا انفرد بالدعاء بين الأذان والإقامة . . أو في الساعات التي ترجى فيها الإجابة . . يسأل الله لنفسه ولأمته الخير
والنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن . .
وحده . .
إذا اجتمع الناس على الباطل . . فيكون أبعد ما يكون عنهم . . خوفاً من مشاركتهم وزر أعمالهم . . ونجاة بنفسه أن يراه الله حيث نهاه . .
كما أن للملتزم أجواءً تتحتم فيها عليه المخالطة، ويكون دائماً مع الناس . .
مع الناس . .
إذا هموا بفعل الخيرات . . فيكون رائد مؤازرتهم . . ومرشد سعيهم . . ليكون العمل على النحو الذي يرضي عنهم ربهم . .
مع الناس . .
إذا ألمت بهم الشدائد . . فيملأ النفوس أملاً في رحمة الله . . ويلملم الجراح احتساباُ لوجه الله . . ويحث المكلومين على الصبر أملاً في نيل ثواب الله . .
مع الناس . .
إذا أحاطت الفتن بالأفهام . . وحاول أهل الزيغ الحيد بالعقول إلى طريق الزيف والأوهام . . فيجلي الحقيقة للعقول . . ويصدح بالحق في كل قول . . كي تنجلي الغمة عن الأفهام . .
مع الناس . . مصلحاً . . ومع الناس . . داعياً . . ومع الناس . . معلماً . .
وهكذا حال الملتزم بين العزلة والاختلاط . . يصب كله في رصيد آخرةٍ . . يرجى لها من الله الفوز والفلاح