التصنيفات
الطب النفسي و المساعدة في المشاكل والضغوط النفسية

التوتر النفسي سبب كل الازمات

التوتر النفسي سبب كل الازمات

مشاكل الحياة لم تعد قليلة ولم يعد ما يمكن احتسابها بغير المهمة منها فقطاع كبير من الناس يكاد يكونون في حالة اصطدام شبه يومي مع ما يعترضهم مما لا يخطر على بال ولكن تسبيب ذلك للتوتر العصبي ما قد يجعل المرء غير حكيم في معالجة المنغصات وعلى أكثر من صعيد.
ولأن مسألة الصراع لا تُحلَّ حلاً اجوداً إلا بواسطة الفرد ذاته، من حيث يدري أو لا يدري فرغم أن مشورة الآخرين واجبة وتعتبر من الأمور الموضوعية كما يتمسك في ذلك بعض الناس بأقوال وأحاديث وحكم جمعت ضمن صفحات تاريخ حكماء الماضي إلا أنه من الغريب حقاً أن بعض أو أغلب المشورات مع الغير لا تعطي نتائج مثمرة سريعة ولأن أي مشكلة لا تتشابه مع حال ترميم موقع أثري (مثلاً) فإن حسم الصراع مع الآخر يبقى هو الصعب أحياناً لكن حسمه الأكبر يبقى مع الذات. وبعض المتابعون يعتبرون مثل هذا الكلام هو من باب (عدّ النجوم) بعد أن أصبحت النخبة القائدة للعمل أينما تواجد تبجحها لا تعيش على مبدأ تأسيس فاضل يأخذ مثلاً أن الموضوع (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وضرورة اللاسكوت عنه هو تقرباً من الواقع الاجتماعي العام المرير… المتطلع نحو الأفضل.
إن أمامنا ونحن ننظر إلى المشاكل الكبرى في العالم ما يمكن تسميته بالهجرة من الواقع إلى الخيال إذ تكاد أكثر مشاريع (الآمال الشخصية) منتظرة فرجاً قادماً ومجرد امتلاك مثل هذا الشعور الذي يدخل على باب (النرجسية) كافٍ للقول عنه أن تراكمه في النفس البشرية يراكم لديها شيئاً من التوتر الذي لا تبدو بوادره ظاهرة بأحيان كثيرة ولعل من أول مسببات ذلك أن التوجس من تحقيق أمل ما أو مكتسب طبيعي ووضع الصدفة أحياناً للعراقيل أمامه يؤدي بالمرء للإصابة بأمراض نفسية غير خطرة أحياناً مثل حالة (أحلام اليقظة).. إضافة لأمراض بيولوجية أيضاً.
من جانب آخر يقال أن للتوتر النفسي فوائد جمة فلولاه لما أستطاع الإنسان حل مشاكله حيث أن أي مشكلة صغيرة كانت أم كبيرة تكسب المرء شيء من الخبرة لمعرفة الآخر ودروس الحياة ضمن احتمالات تكون له بمثابة الدرع الواقي في معاركه المعنوية القادمة متى ما بدأت. إلا أنه ومن الطبيعي جداً فإن امتلاك رهافة من الأحاسيس تجعل المرء في حالة تحفز من القادم المجهول الذي ينظر له بحذر من درجة (بين بين!).
والعوامل التي تلعب دوراً في تسبيب التوتر النفسي عديدة وعدم العمل لإزالة آثارها تجعله يعيش حتى مشاكله اليومية الطفيفة وكأنها أثقالاً كبيرة على صدره متناسياً أن المسبب للمشاكل له قد يكون من ذاته وضمن ما يعانيه من التفكك النفسي ولم يستطع هو تقويم نفسيته، فيلجأ إلى (الكفر بالحياة) وكأنه قد أصبح في الموقع اللدود لنفسه ذاتها حيث يعتقد اعتقاداً جازماً أن في أي موقف لا مبالاة فيه اتجاه مشاكله العائلية (مثلاً) ما يؤازي ليس رفض العلاج بل وعدم الثقة بأي دواء وفي مثل هذه النظرة اللاموضوعية للأمور قسوة على النفس أكثر مما هي قسوة على الآخر.
إن معرفة المرء لموقعه في الحياة مع الإيمان بقدر الله سبحانه وتعالى يوفر شيئاً من سكينة النفس والرضى بالقدر وامتلاك مثل هذه الأنفاس السجية تجعل من الإنسان أكثر قدرة على التحكم بأموره اليومية وبالتالي امتلاكه النظرة القريبة السيطرة بحكمة على معضلات الحياة.
وبمعنى آخر فإن كل التجارب الحيوية تشير إلى أن في الإيمان بالله (قلباً وقالباً) مساهمة عظيمة في تغيير دفة الأمور لصالح التصورات الإنسانية النابعة من العقل والضمير. ومعروف أن قلة من أصحاب الفكر الوضعي يحاولوا أن ينكروا على الناس إيمانهم الفطري بالله سبحانه وتعالى وكأن تلك القلة تحاول إقناع البشرية أنها بغير أوساط التخبط والتهميش لن تكون هناك حياة بمعنى الحياة السامية.
وهكذا فـ(المبالغة) هنا قد أقحمت أكثر مجالات التعامل الاجتماعي حيوية ولأن الإنسان لا يعرف مما يخبؤه الغد له من أنباء وحالات فإنه ومن جانب تبريري يعيش على الأمل المفقود أو الأمل شبه المفقود إذ أن أكثر دراسات علم النفس الحديث تشير بعبارات واضحة أن الإنسان يعيش بنسبة ما خوفاً من المجهول القادم الذي ربما سيخرب حتى حياته الحالية أكثر إن لم تكن قد جرت عليها عملية التخريب البطيئة.
ولأن من النادر بهذا الزمن حفظ السر الشخصي بعد أن دخلت (مفردة الديمقراطية) بتجرد على عالم العلاقات بحيث شاع اليوم بين الناس أن السر الممكن أن يخفى اليوم سيظهر حتماً قريباً إذ لا أحد يمكنه أن يحفظ السر دوماً والحجة هنا أن الكثير من الأمور التي تحتفظ بطابع السرية في وصفها هي ليست سرية تماماً. ومثل هذه الحالة تسبب لإنسان القرن (21) قلقاً دائماً لأنها تتطلب منه المزيد من الاعتماد على محاكاة ذاته على حساب شرح ما في صدره للآخرين المقربين إليه الذي يفضله أطباء النفس لمعايديهم من المرضى وأشباه المرضى.
إن الطب النفسي بقدر ما تقدم وظهرت له فروع وتخصصات عديدة لكن الحقيقة المرة التي ينبغي أن تقال أن مشاكل الإنسان في المجتمع المتطور أو المقدم على التطور تكثر وتتعقد فروعه أيضاً والإنسان المعروف أنه ذو طاقة محدودة لتحمل أبعاد مشاكل الحياة ممكن أن تقوى أو تضعف هذه الطاقة لديه وفقاً لعوامل معينة ويبقى المهم والمهم جداً أن يحيى المرء حياته وهو على يقين تماماً بأنه لم يظلم أحداً.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.