فهو كالماء الزلال السلسبيل لا نروى منه أبدا, فهو يخاطب فينا الكثير من الأفكار والرؤى
ويجعلنا أكثر قربا من الأهل والأحبة والأصدقاء وأكثر نجاحاً في مجالات العمل والتجارة وأكثر تألقا في ميادين التربية والتعليم والتدريب وبناء الإنسان وتمكينه في الأرض , إنه ولا شك السحر الحلال الذي لا شبهة فيه ولا ظلالة.
يحتاجه الأب والأم والصديق والقريب والبائع والمشتري والداعية والمفكر والكاتب والإعلامي
والمدير والموظف والزوج والزوجة والأبناء والبنات, انه الكنز الذي لا مفر من البحث عنه وبذل الجهد والغالي والنفيس للحصول عليه واقتنائه والحفاظ عليه.
فاقده شخص لا يرى ولا يعرف وقد لا يذكر وربما يكون منفياً اجتماعياً فهو بكل آسف نكرة ولكن بمعاير المجتمع وليس بمعاير النحو والصرف , فهو فاقد لمهارات التواصل المهمة لأي مشروع من مشاريع الحياة وأي فكرة من أفكار العمل والانجاز , بل هي المهارة الأساسية في علاقاتنا الحميمية والعاطفية والوجدانية المطمئنة والدافئة في من حولنا .
أسالوا أنفسكم الآن وبلا تردد هل تستطيعون العيش من دون الناس الذين حولكم وحواليكم ,
من غير الأقارب و الأصدقاء والأحبة, من غير الوالدين والإخوة والعائلة والعزوة, من غير زوج وزوجة وأبناء يفتخر بهم, من غير عملاء, من غير زعماء أو حكماء وأهل رأي سديد أو نصيحة رشيدة.
إن الجواب كما ترون بكل تأكيد لا, فهذا العالم أقامه الله وخلقة بأسلوبه المتفرد لك
يعيش الناس حالة من التكامل بينهم والتعاون الدائم في كل شئون الحياة فلن تستطيع
عزيزي القارئ أياً كان جنسك وجنسيتك , وقدرك وقدرتك , ومكانك وإمكانياتك أن تعيش وحيداً وتسعد وحيداً وتنجح وحيداً وترتقي وحيداً وتحصد الانجازات تلو الانجازات وحيد على الإطلاق ..
فأعمل عقلك وتعاون مع الجميع بذكاء ذو طابع اجتماعي وأتقن هذه الفنون تحصد النجاح والتألق في جميع الميادين والمجالات الشخصية والأسرية والعملية والمالية والنفسية والروحية واكتشف كيف يرتقي نجوم المجتمع والأمة والوطن ويعتلون المنصات ويرتدون أعلى الميداليات لقاء أعمالهم وأفعالهم وإحسانهم الذي لا يتوقف أجره ومثوبته حتى بعد الممات وتوقف العمل وفناء العمر ونهاية الرحلة فأعمالك خالدة والألسنة تلهث بالدعاء لك .
* أتقنوا أبعاد ومهارات الذكاء الاجتماعي الساحرة الآن
هناك عدة أنواع للذكاء يذكرها علماء التنمية البشرية والإدارة وخبراء علم النفس والاجتماع والتربية ومنها الذكاء اللغوي والمالي والحسابي والعاطفي والاجتماعي وغيرها.
ولكن حديثي اليوم عن أهم سبل التمكن من مهارات وأسرار الذكاء والاجتماعي الذي لو أتقنته عزيزي القارئ سوف تكون على مقربة من أهدافك المختلفة وطموحاتك المتعددة ورغباتك المشروعة وعندها تحس بالرضا والارتياح عن نفسك فأنت تسير في الطريق الصحيح والذي في نهايته منصة المجد التي سوف تقف عليها أيها البطل.
1 الابتسامة المشرقة
تدرب من الآن على أن يكون لديك ابتسامة مشرقة جذابة فهي صدقة في المقام الأول, وجواز سفر إلى قلب وروح وجدان من أمامك ثانياً , تزرع فيها الارتياح والانبساط الكامل ناهيك عن أسرار كبيرة للابتسامة فلها مفعول كبير في إنجاح التفاوض والإقناع والدخول في دائرة اهتمام الطرف المقابل وجذبها إلى دائرة اهتماماتك كما أن للابتسامة أثر كبير في صياغة الود بين الناس وتقريب الهوة وإنهاء الحواجز وتدمير كل العقبات التي من شأنها تحجيم علاقاتنا مع الآخرين أو توتيرها .
وعلى المستوى الإعلامي مهما كان الضيف حاملاً من علم وخبرة وتجارب فإن لم يكن يحمل إطلالة مبتسمة مشرقة ومشعة فلن يصل إلى قلوب ملاين الجماهير خلف الشاشة .
2 اللمسات الحانية والسلام الحار
تؤكد الدراسات أن الشعوب التي تستخدم اللمسات الحانية مع الطرف المقابل أكثر متانة في العلاقات وأعظم تواصلاً وأعمق أواصراً من غيرها من الشعوب التي لا تستخدمها , كذلك كن مفشياً للسلام و ذو مصافحة حارة واقبض يد الشخص الآخر في حال السلام بكل ثقة وكن محتفيا به ومرحباً ثم ضع يدك الأخرى على يده لك تعبر عن صدق عاطفتك تجاهه , ولا تنسى أن تضع عينيك في عينيه مع ابتسامة جميلة فعندها تلتقي الأرواح .
3 كن منصتاً ولا تكن مستمعاً
كن منصتاً وبعانية شديدة للطرف المقابل وكن معه بكل حواسك وعقلك فهناك فرق بين الإنصات والاستماع , وجل الناس ممن يخلطون هنا فنحن نعني أن لا تعطي المتحدث أذنك فقط وهو الاستماع , ولكن أعطه كل انتباهك وتركيزك وأشعره بالاهتمام والاستمتاع بحديثه وطرحه وكن صادقاً في التعاطي مع رسالته التي يريد إيصالها إليك.
4 حسس الآخر بقدره وقيمته العالية
من أجمل فنون الذكاء الاجتماعي هي إنزال الناس منازلهم وإعطائهم القدر والاحترام الكامل والقيمة العالية وتقبيل رؤوس كبارهم وأطفالهم وإجادة فنون الدعاء الطيب لهم والشكر المستمر على أي سلوك أو تصرف إيجابي منهم مما له عظيم الأثر في توطيد العلاقة وزرع الدفء والسكينة .
5 تحدث بصوت منخفض ولغة رقيقة تكن مقنعاً
في كل حواراتك ورسائلك الصوتية تجنب الحديث بصوت عالي
أو مرتفع أو لغة حادة مع الطرف الآخر وحافظ على وتيرة الصوت الطبيعية في كل الأحوال مهما كان الحوار جاد أو يحوي على نقاط اختلاف, واستخدام لغة الجسد لتعزيز فكرتك وتدعيمها وإقناع من أمامك.
6 اطرح الأفكار الايجابية وتفاعل معها
من أهم إسرار الذكاء الاجتماعي هو طرحك للكثير من الأفكار الايجابية والإبداعية والمتميزة والتفاعل معها فالناس من حولك يتفاعلون وينجذبون للأشخاص الايجابين والفعالين والمبادرين ويستوطنون في قلوبهم وقد يتبعونه وتكون قائدهم في اغلب الأحيان فكن متعاوناً مع الجميع .
7 تقبل النقد بروح رياضية
لا تكن منزعجاً من النقد وتقبله بروح مشرقة وابتسامة عريضة وخذ منه ما ينفعك واطرح جانبك ما كان تجريحاً أو تجاوزا أخلاقياً عليك ورد على منتقدك في ما جانبهم فيه الصواب بكل وضوح وصراحة ولكن بقالب دبلوماسي مهذب لا يخلو من الصراحة .
8 كن صادقأ ومنصفأ
كشفت الكثير من الدارسات أن الصفة الأولى التي يرجوها الناس
من القائد وهي الأهم بالنسبة للسواد الأعظم منهم هي المصداقية
وهي من أكثر ما يجعل للإنسا قيمة وقدراً في قلوب الناس وأفئدتهم , وعلى العكس فما أكثر من سقطوا واحتقروا وهمشوا وحوربوا اجتماعياً واسرياً بسب الكذب والمراوغة والتدليس على الناس .
9 طبق ما تقول ولاتكن منظراً
هنا تكون قد كسبت ثقة من حولك بكل قوة فالتطبيق خير برهان لكل النظريات والأفكار التي تطرحها والمنطلقات التي تؤمن بها , وهو حجر الزاوية لأي عمل فالناس لا تؤمن بالمنظر فقط رغم أهمية التنظير ولكن يكمل لمعان هذا القصر الشامخ حينما تتعانق النظرية مع التطبيق .
10 تمتع بالتواضع والهدوء
كن متواضعا وتعامل بساطة مع الجميع خصوصاً مع الأطفال وكبار السن وخاصتك من الأهل والأولاد وأهل الضعف والحاجة , وانكسر لهم وتبع احتياجاتهم وكن سند لهم ومعين في هذه الحياة , وأتقن آلية ضبط النفس من أي استفزاز قد تواجه به هنا أو هناك فانفراط عقد الطمأنينة النفسية والهدوء العصبي علامة ضعف ولا شك و الإنسان المتماسك والضابط لانفعالاته هو دائما الأقدر على الوصول دوماً إلى مبتغاه وهدفه , وابتعد عن الكبر والغطرسة ومدح الذات والغرور فهي مظنة كره الناس والنفور منك وإقصائك اجتماعياً .
11 أتقن فنون التحفيز والتشجيع الدائم
فهي ترياق النجاح والتألق وهي وقود العلاقات مع الناس على اختلاف أعمارهم وأجناسهم فهم يتفاعلون معها كثيراً ويقدرون صاحبها ويضعونه في قائمة أولوياتهم , واحرص على التخلص من كثير اللوم والنقد الغير هادف والاستخفاف بالآخرين أو استخدام صيغ الأمر معهم أو الإجبار فهو مرض عضال يفسد العلاقات ويزيد من توترها فحاذروا فهي للأسف ثقافة شائعة .
12كن محتوياً لمن حولك
تعلم فنون الاحتواء لمن حولك فالأخطاء البشرية الغير مقصودة كثيرة والناس يقدرون من يحتويهم ولا يرصد عثراتهم أو أخطائهم فهو القائد المتسامح الذي لا يضّيق على الآخرين بل يأخذ بأيديهم .
13 أجد فنون التواصل والتفاعل مع الجميع
فنحن الآن في عالم سهل فيه أن نتواصل مع الآخرين فلا تترك مناسبة أو حدث أو لقاء إلا ولك فيه بصمة وحضور , فتجاهلك للأفراح أو الأتراح أو المناسبات علامة سلبية سوف تؤثر على علاقاتك وسير حياتك وتجعلك في خانة السلبين والبلداء أو المتعالين , واحذر من تجاهل أي رسالة أو دعوة فإن لم تستطع الحضور فبادر بالاعتذار والمشاركة الهاتفية على الأقل , ولا تنسوا فضل صلة الرحم و قدرها العالي والخير العميم الذي سوف تجنونه منها .
14 حدث الآخرين عن أنفسهم ولا تحدثهم عن نفسك !!
كثير ما نقع في هذا الخطأ ونكثر الحديث عن أنفسنا وعن أعمالنا وصولاتنا وجولاتنا , بنما لك نكسب الآخرين علينا أن نحدثهم عن أنفسهم وعن إنجازاتهم وأعمالهم الجليلة وجهودهم المختلفة وأفكارهم المشرقة وهذا من أسرار التمكين الاجتماعي والعاطفي وكسب ود الآخرين وحبهم .
" الذكاء الاجتماعي في رحاب السيرة "
طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم مهارات الذكاء الاجتماعي في فتح مكة العظيم , حيث قال كلمته الشهيرة "من دخل بيت أبا سفيان فهو آمن " رغم أن أبا سفيان كان كافراً في ذلك التوقيت ومن صفوف الأعداء , ولكن إنزال الناس منازلهم وتقدريهم وتوقيرهم واحترامهم جعل أبا سفيان زعيم قريش يفهم الرسالة المبطنة ويأتي معلناً إسلامه بعد هذا التعامل الراقي والحضاري والاحتواء من رسول السلام عليه اجل وأطهر الصلاة والسلام.
" تأصيل"
قال تعالى( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً)
قال صلى الله عليه وسلم (ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وأن الله يبغض الفاحش البذيء )
أخرجه الإمام الترمذي بسند صحيح
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب