عند عودة عنترة بن شداد من عند النعمان بن المنذر بنوق العصافير بعد القصة الطويلة التي وقعت له مع كسرى بن شروان ، إستقبله مالك إبن الملك زهير ملك بني عبس وصديقه ألح عليه أن يقول قصيدة لايفتخر فيها كاللتي يقولفيها : إن يذكرا فلقد تركت آباءهم ..جزر السباع وكل نسر قشعم …فطلب من الحاضرين إحضار إبنة عمه ، بعد حضورها أنشد وهو يوجه لها الكلام فقال :
تذللت في الأوطان حين سبيتني وبت بأوجاع الهوى أتعـــــذب
لو كان لي قلبان لعشت بواحــــد وتركت قلبا في هواك يتعذب
لاكـــن لي قلبا تملـــــكه الهــوى فلا العيش يهنولي ولا الموت أقرب
كعصفورة في كف طـفل يضمها تذوق أنواع الموت والطفل يلعب
لا الطـفل ذو قـلب يحن لما بها ولا الطير ذو ريش يطير فيذهب
أحقا تسميت بالجنون من ألم الهوى وصارت بيا الأمثال في الحي تضرب
يفتخر بقومة في المعارك وفي الكرم
عـفـت الـديـار وبـاقـي الأطـــلال ===== ريــح الصـبـا وتقـلـب الأحـــوال
وعـفـا مغانيـهـا فأخـلـق رسـمـهـا ===== تـرداد وكـف الـعـارض الهـطـال
فلئن صرمت الحبل يا ابنـة مالـك ===== وسـمـعـت فـــي مـقـالـة الـعــذال
فسـلـي لكيـمـا تخـبـري بفعـائـلـي ===== عنـد الوغـى ومـواقـف الأهــوال
والخيـل تعثـر بالقنـا فــي جـاحـم ===== تهـفـو بــه ويجـلـن كـــل مـجــال
وأنا المجرب فـي المواقـف كلهـا ===== مـن آل عـبـس منصـبـي وفعـالـي
منـهـم أبــي شــداد أكـــرم والـــد ===== والأم مــن حــام فـهــم أخـوالــي
وأنـا المنيـة حـيـن تشتـجـر القـنـا ===== والطـعـن مـنـي سـابــق الآجـــال
ولـرب قـرن قـد تـركـت مـجـدلا ===== ولـبـانــه كـنـواضــح الـجــريــال
تنتـابـه طـلـس الـسـبـاع مـغــادرا ===== فــي قـفـرة مـتـمـزق الأوصـــال
ولـرب خيـل قـد وزعـت رعيلهـا ===== بـأقــب لا ضــغــن ولا مـجـفــال
ومسـربـل حـلـق الحـديـد مـدجـج ===== كاللـيـث بـيـن عـريـنـة الأشـبــال
غـادرتـه للجـنـب غـيــر مـوســد ===== متثـنـي الأوصــال عـنــد مـجــال
ولرب شرب قـد صبحـت مدامـة ===== لـيـســوا بـأنـكــاس ولا أوغــــال
وكواعـب مثـل الـدمـى أصبيتـهـا ===== ينظـرن فـي خـفـر وحـسـن دلال
فسـلـي لكيـمـا تخـبـري بفعـائـلـي ===== وسلـي الملـوك وطـيء الأجـيـال
وسلـي عشائـر ضبـة إذ أسلـمـت ===== بـكــر حلائـلـهـا ورهـــط عـقــال
وبـنـي صـبـاح قــد تركـنـا منـهـم ===== جـزرا بـذات الرمـث فـوق أثــال
زيـدا وسـودا والمقطـع أقـصـدت ===== أرماحـنـا ومجـاشـع بـــن هـــلال
رعنـاهـم بالخـيـل تـــردي بالـقـنـا ===== وبـكـل أبـيـض صـــارم فـصــال
من مثل قومي حيـن يختلـف القنـا ===== وإذا تــــزل قــوائـــم الأبــطـــال
والطـعـن مـنـي سـابــق الآجـــال ===== صـدق اللـقـاء مـجـرب الأهــوال
عنـد الوغـى ومـواقـف الأهــوال ===== نفسـي وراحلـتـي وسـائـر مـالـي
قومي صمام لمـن أرادوا ضيمهـم ===== والقـاهـرون لـكـل أغـلـب صــال
والمطعـمـون ومــا عليـهـم نعـمـة ===== والأكـرمـون أبــا ومحـتـد خـــال
نحن الحصى عددا ونحسب قومنا ===== ورجالنا في الحـرب غيـر رجـال
منـا المعيـن علـى الـنـدى بفعـالـه ===== والبـذل فــي اللـزبـات بـالأمـوال
إنا إذا حمس الوغـى نـروي القنـا ===== ونـعــف عـنــد تـقـاسـم الأنــفــال
نأتي الصريـخ علـى جيـاد ضمـر ===== خمـص البطـون كأنـهـن سعـالـي
مـن كـل شـوهـاء اليـديـن طـمـرة ===== ومقـلـص عـبــل الـشــوى ذيـــال
لا تأسـيـن عـلـى خلـيـط زايـلــوا ===== بـعـد الألــى قتـلـوا بــذي أغـيـال
كانوا يشبـون الحـروب إذا خبـت ===== قــدمــا بــكــل مـهـنــد فــصـــال
وأنا المجرب فـي المواقـف كلهـا ===== وسـمـعـت فـــي مـقـالـة الـعــذال
تـرداد وكـف الـعـارض الهـطـال ===== طـعـنـا بــكــل مـثـقــف عــســال
يعطـي المئيـن إلـى المئيـن مـرزأ ===== نــاج مــن الـغـمـرات كالـرئـبـال
يعطى المئين إلـى المئيـن مـرزءا ===== حـمــال مفـظـعـة مـــن الأثــقــال
وإذا الأمـــور تـحـولـت ألفيـتـهـم ===== عصـم الهوالـك سـاعـة الـزلـزال
وهـم الحمـاة إذا النسـاء تحسـرت ===== يـوم الحـفـاظ وكــان يــوم نــزال
يقصـون ذا الأنـف الحمـى وفيهـم ===== حـلـم ولـيـس حـرامـهـم بـحــلال
المطعـمـون إذا السـنـون تتابـعـت ===== مـحـلا وضــن سحابـهـا بسـجـال
شعر اخر
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبَى العَلَمَ السَّعدي طَفا بَردُها حَـرَّ الصَّبَابَـةِ وَالوَجـدِ
وَذَكَّرَنِـي قَومـاً حَفِظـتُ عُهودَهُـم فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهـدي
وَلَـولا فَتـاةٌ فِـي الخِيـامِ مُقيمَـةٌ لَمَا اختَرتُ قُربَ الدَّارِ يَوماً عَلى البُعدِ
مُهَفهَفَـةٌ وَالسِّحـرُ مِـن لَحَظاتِهـا إِذا كَلَّمَت مَيتـاً يَقـومُ مِـنَ اللَّحـدِ
أَشارَت إِلَيها الشَّمسُ عِندَ غُروبِهـا تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُّجَى فَاطلِعِي بَعـدي
وَقالَ لَها البَدرُ المُنيـرُ أَلا اسفِـري فَإِنَّكِ مِثلِي فِي الكَمالِ وَفِـي السَّعـدِ
فَوَلَّـت حَيـاءً ثُـمَّ أَرخَـت لِثامَهـا وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِـبَ الـوَردِ
وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِهـا كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَـفِ الحَـدِّ
تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَـدٌ وَمِـن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ فِـي الغِمـدِ
مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَـةُ الحَشـا مُنَعَّمَـةُ الأَطـرافِ مائِسَـةُ الـقَـدِّ
يَبيتُ فُتاتُ المِسـكِ تَحـتَ لِثامِهـا فَيَـزدادُ مِـن أَنفاسِهـا أَرَجُ الـنَـدِّ
وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحـتَ جَبينِهـا فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجَى شَعرِها الجَعـدِ
وَبَيـنَ ثَناياهـا إِذا مـا تَبَسَّـمَـت مُديرُ مُدامٍ يَمـزُجُ الـرَّاحَ بِالشَّهـدِ
شَكا نَحرُهـا مِـن عَقدِهـا مُتَظَلِّمـاً فَواحَرَبا مِـن ذَلِـكَ النَّحـرِ وَالعِقـدِ
فَهَل تَسمَحُ الأَيّـامُ يـا ابنَـةَ مالِـكٍ بِوَصلٍ يُدَاوي القَلبَ مِن أَلَـمِ الصَّـدِّ
سَأَحلُمُ عَن قَومي وَلَو سَفَكوا دَمـي وَأَجرَعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ المَلا وَحدي
وَحَقِّـكِ أَشجانِـي التَباعُـدُ بَعدَكُـم فَهَل أَنتُمُ أَشجاكُمُ البُعدُ مِـن بَعـدي
حَذِرتُ مِـنَ البَيـنِ المُفَـرِّقِ بَينَنـا وَقَد كانَ ظَنِّـي لا أُفارِقُكُـم جَهـدي
فَإِن عايَنَت عَينِي المَطايـا وَرَكبُهـا فَرَشتُ لَدى أَخفافِها صَفحَـةَ الخَـدِّ
اشعار اخرى
رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ
مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ
فاغتالني سقمِى الَّذي في باطني أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت أعْطَافَه ُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
ورنتْ فقلتُ غزالة ٌ مذعورة ٌ قدْ راعهَا وسطَ الفلاة ِ بلاءُ
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَة َ تِمِّهِ قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ
بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ لجلالهِا أربابنا العظماءُ
يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ
إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني في هَّمتي لصروفهِ أرزاءُ
دُمْتُ مُرْتَقياً إلى العَلْيَاء حَتَّى بَلَغْتُ إلَى ذُرَى الجَوْزَاءِ
فَهُنَاكَ لا أَلْوِي عَلى مَنْ لاَمَنِي خوْفَ المَمَاتِ وَفُرْقَة ِ الأَحْياءِ
فلأغضبنَّ عواذلي وحواسدي ولأَصْبِرَنَّ عَلى قِلًى وَجَوَاءِ
ولأَجهَدَنَّ عَلى اللِّقَاءِ لِكَيْ أَرَى ما أرتجيهِ أو يحينَ قضائيِ
ولأَحْمِيَنَّ النَّفْسَ عَنْ شهَوَاتِهَا حَتَّى أَرَى ذَا ذِمَّة ٍ وَوَفاءِ
منْ كانَ يجحدني فقدْ برحَ الخفا ما كنتُ أكتمهُ عن الرُّقباءِ
ما ساءني لوني وإسمُ زبيبة ٍ إنْ قَصَّرَتْ عَنْ هِمَّتي أعدَائي
فَلِئنْ بَقيتُ لأَصْنَعَنَّ عَجَائِباً ولأُبْكمنَنَّ بَلاَغَة َ الفُصحَاءِ
لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني ومَا لِسوادِ جِلدي منْ دواء
وَلَكِنْ تَبْعُدُ الفَحْشاءُ عَني كَبُعْدِ الأَرْضِ عَنْ جوِّ السَّماء
سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُ وأصبحَ لا يشكو ولا يتعتبُ
صحا بعدَ سُكْرٍ وانتخى بعد ذِلَّة ٍ وقلب الذي يهوى ْ العلى يتقلبُ
إلى كمْ أُداري من تريدُ مذلَّتي وأبذل جهدي في رضاها وتغضبُ
عُبيلة ُ! أيامُ الجمالِ قليلة ٌ لها دوْلة ٌ معلومة ٌ ثمَّ تذهبُ
فلا تحْسبي أني على البُعدِ نادمٌ ولا القلبُ في نار الغرام معذَّبُ
وقد قلتُ إنِّي قد سلوتُ عَن الهوى ومَنْ كان مثلي لا يقولُ ويكْذبُ
هَجرتك فامضي حيثُ شئتِ وجرِّبي من الناس غيري فاللبيب يجرِّبُ
لقدْ ذلَّ منْ أمسى على رَبْعِ منْزلٍ ينوحُ على رسمِ الدَّيار ويندبُ
وقدْ فاز منْ في الحرْب أصبح جائلا يُطاعن قِرناً والغبارُ مطنبُ
نَدِيمي رعاكَ الله قُمْ غَنِّ لي على كؤوسِ المنايا مِن دمٍ حينَ أشرَبُ
ولاَ تسقني كأْسَ المدامِ فإنَّها يَضلُّ بها عقلُ الشُّجَاع وَيذهَبُ