بسم الله الرحمن الرحيم
…✿,✿,✿..
[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ]
كبدٌ في طلب الرزق
كبدٌ في صبر الإنسان على اللأواء,
والإنسان بين أحد حالتين:
إما أن يُعمّر فيفجع بمن يُحب…
وإما أن لا يعمّر فيفجع بنفسه…
وهو مع ذلك يرى من تقلب الأيام بأهلها
وأحوالها ما يجعله على يقين
من قول ربنا تبارك وتعالى:
[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ]
…,✿
– حتى يكون للإنسان قدرة على كبد الأيام
لا بد له أن يتحلى بأُمورٍ من أعظمها:
(المعين الاولى)
أن يعلم يقيناً أنه لا راحة للمؤمن دون لقاء الله,
فلا يمنك أن تكون هناك راحة إلا إذا خلفنا جسر جهنم وراء ظهورنا
ووضعت أقدامنا في الجنة ولقينا ربنا تبارك وتعالى
دون ذلك أن يطلب الإنسان راحةً بمعناها الحقيقي الخالد
فهذا طلبٌ للمحال ولا يمكن أن يقع أبدا.
..
(المعين الثاني)
أن يعلم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطأه
وما أخطأه لم يكن ليصيبه..
وأنه كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم:
" جفت الأقلام وطويت الصحف "
لكن هذا لا يعني الإتكال على ما هو قادم
لكن المهم أن لا يحزن الإنسان على ما قد فات
ولا يمكن الكلم في الشيء الفائت أن يرده
فيجعله الإنسان وراء ظهره, كما أنه ليس من العقل
ولا من الحكمة أن يتوقع الإنسان الحوادث
فإن توقع الحوادث ممات قبل أن يحين الممات.
وهذا من معاني قول الله جل وعلا
[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ]
..
(المعين الثالث)
من المعين على ذلك التريث والحلم والأناة
فإنها تجعل الإنسان أكثر قدرة على مكابدة الأيام
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج بني عبد القيس:
"إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة"
والله جل وعلا لما أثنى على الخليل إبراهيم قال:
[إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ]
فكلما رزق الإنسان حلماً انتصر به شيئاً كثيراً على كبد الأيام
وقد ضربت العرب المثل في حق معن بن زائده في حلمه وهو شيباني
عرف بالامرة والسخاء..
وهو احد افراد الدره في زمن بني اميه وزمن ابن عباس
ويرمون ان رجل اعرابي جاء اليه متنكر يختبر حلمه
فدخل عليه ومعن على كرسي امرته على عرش امرته
فقال له أتذكر إذ لحافك جلد شاة ٍ و إذ نعلاك من جلد البعير
فلم يتحرك ساكنا
قال : اذكره ولاانساه.
فقال فسبحان الذي اعطاك ملك وعلمك الجلوس على السرير
فقال معن : سبحانه على كل حال
فقال الاعرابي :
فلست مُسَلّماً ما عشت دهراً على معن بتسليم الأمير ِ
اي انني لااقبل ان اقول السلام عليك ايها الامير
اقول : السلام عليك يامعن
فلست مُسَلّماً ما عشت دهراً على معن بتسليم الأمير ِ
قال يا اخي العرب ان السلام سنة
تأتي به كيفما شئت
فقال الرجل
فجد لي يا ابن ناقصةٍ بشي فإني قد عزمت على المسيرِ
وهو يعلم ان اسمه معن ابن زائدة لكن اراد
ان يقول ابن ناقصة ليستثيره لكن معن يعلم ان الله افا عليه بالاماره
فلا حاجة ليجعل عقله موازي لعقل اعرابي عارض و عابر له
فقال ياغلام اعطه الف دينار
فقال الاعرابي قليل مااتيت به واني لااطمع منك بالمال الوفير
قال يااعرابي زده الف
ففرح الاعرابي.
قال الاعرابي والله ماجئتك الا مختبر حلمك
لما بلغني عنك
ولقد اعطاك الله حلم لو وزع على الناس لكفاهم
فقال معن للاعرابي كم اعطيته على نظمه قال كذا وكذا
فقال اعطه على نثره مااعطيته على نظمه
موضع الشاهد منه..
ان الحلم يعين على كون الانسان يتخلص من كبد الايام..
..
(المعين الرابع)
أن يكون حوله من أهل الرأي والمشورة
ممن يغلب على الظن فهمهم ومحبتهم:
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءةٍ
يواسـيـك أو يسـلـيـك أو يـتـوجـعُ
مع أن العقل يقول: مُحال أن يبوح الرجل بكل شيء إلى كل أحد, هذا بعيدٌ جداً:
تموت الرجال بأوصابهـا
ولا يدري روادُها ما بها
لكن غالب ما يحمله الإنسان من هم لا حرج عليه
أن يستشير فيه غيره, وأن يبث شكواه إلى من يحب
حتى لو كان يعلم أن ذلك المحب لا يستطيع أن ينهض بذلكم الأمر
لكنه شيءٌ يعين مع الأيام على كبدها.
قال الله جل وعلا:
[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ]
(المعين الخامس)
أن يكثر الإنسان من الدعاء,
وأن يلجأ إلى قول الله جل وعلا:
[حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ]
وقول:[لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ]
ودعاء: ( اللهم إن في تدبيرك ما يغني عن الحيل)
وأضراب ذلك مما ثبت في الآثار الصحيحة.
مما يعين على كبد الايام ومشقتها ولا نستطيع ان نستطرد اكثر من هذا
عند قول الله جلا وعلا:[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ]
..
من هنا اسعدكمـ الله.
http://www.youtube.com/watch?feature…&v=AMJ2flkaIUE