النظام الغذائي وهشاشة العظام
نظرية تربط الأسباب بالأغذية الحديثة
تقرير “مبادرة الصحة النسائية”
التي وردت في مقالة بمجلة
“نيوإنجلاند جورنال أوف ميديسن” بعنوان
“الكالسيوم مع فيتامين ومخاطر الكسور”
قالت
“الجمعية الأمريكية القومية لهشاشة العظام” إنه في الوقت الذي
تفيد فيه نتائج المبادرة
أن الكالسيوم وفيتامينd
يلعبان دوراً مهماً في المحافظة على صحة العظام
تذكر الجمعية بأن هناك خطوات أخرى يجب أن تتخذ إلى جانب ذلك.
وتواصل الجمعية
دعوة النساء إلى الالتزام بخمس خطوات للمحافظة على صحة عظامهن وهي تناول الجرعة اليومية
المنصوح بها من الكالسيوم
وفيتامين D
وممارسة التمارين الرياضية
وعدم التدخين
أو تناول الكحول
واستشارة الطبيب حول صحة العظام ومناقشة عوامل الخطورة
والتاريخ العائلي المرضي
وإجراء اختبار كثافة العظام مع تناول الأدوية عند اللزوم.
وأفادت الجمعية بأنها لا تعتزم تغيير
دليل تعليماتها بشأن الكالسيوم وفيتامين .
وقد أثنى الدكتور إيثل سيريس، رئيس الجمعية القومية لهشاشة العظام، على نتائج المبادرة التي تشير إلى
أن الأطباء مقتنعون بضرورة أن تتناول النساء الكمية المناسبة
من الكالسيوم وفيتامينd
مدى الحياة.
مع أن ممارسة التمارين الرياضية
عدة مرات أسبوعيا
وتناول الكثير من الأغذية الغنية بالكالسيوم ومشتقات الألبان قليلة الدسم
تلعب دورا مهما في المحافظة على قوة وتماسك العضلات لعقود قادمة
إلا أن عدم الالتزام بهذه الأشياء لا يشكل سبباً رئيسياً برأي مجموعة صغيرة ولكنها متنامية
من خبراء الأغذية.
ووفقا لنظريتهم المثيرة للجدل التي كشفوا عنها النقاب قبل بعض سنوات، فإن ترقق العظام والعضلات
الذي يحدث مع التقدم بالعمر
ما هو إلا ظاهرة حديثة العهد
سببها الأغذية الحديثة
التي تبدو ظاهريا صحية ولكنها في الواقع تحضر لإطلاق
مرحلة الشيخوخة التي تشتمل على أعراض لا مفر منها
مثل تقوس الظهر وضعف الحوض والعضلات.
ويقول أصحاب النظرية الجديدة
ان ما يثير القلق في هذا الخصوص ليس نقص الكالسيوم
بل ان المشكلة تكمن في الأغذية الغنية بالمواد التي يفترض
انها معززة للصحة
مثل الحبوب والخبز، والأغذية الغنية بالبروتين ومن ضمنها
الأجبان المعززة بالكالسيوم
وكذلك الأنظمة الغذائية التي تفتقر إلى الفواكه والخضار.
ويزعم هؤلاء الخبراء أن مثل هذه الأغذية تنتج كمية كبيرة
من الحمض في أجسامنا
فتسبب تآكل الأنسجة.
وقال الدكتور أنطوني سيباستيان من جامعة كاليفورنيا في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية الذي يقود دراسة للتحقيق
في الأدلة المتعلقة بالعظام والعضلات والأحماض الغذائية، إن
“ الأمر أشبه بانسياب الماء على صخرة، فالماء لا يبدو انه
يلامس الصخرة ولكنه مع مرور الزمن يتسبب في تآكلها”.
فكرة قديمة
والواقع أن الفكرة التي تقول
إن الغذاء الغني بالحمض
قد يلحق أضراراً بالعظام والعضلات
تعود إلى عشرينات القرن الماضي.
ففي تلك الفترة
لاحظ الأطباء ان المرضى الذين
يعانون من فشل كلوي
يمتلكون هياكل عظمية هشة بدرجة غير عادية.
ولكن عندما قام الأطباء بإعطاء مرضاهم البيكربونات بهدف التخلص
من انتفاخ المعدة الناجم عن تراكم الحمض
وهو أحد أعراض الفشل الكلوي
تبين أن عظامهم أصبحت أقوى تدريجياً.
وفي عام ،1968 نشر طبيبان من جامعة هارفرد دراسة لم تلفت الانتباه كثيرا في مجلة لانسيت الطبية المرموقة
أشارا فيها إلى ان الأشخاص الأصحاء الذين يتناولون اغذية
تنتج كميات كبيرة من الحمض في أجسامهم
ربما يعرضون عظامهم للخطر.
وقد انبثقت الفكرة عن المفهوم الأساسي لكيفية تعامل الجسم
مع الحمض وعن حسابات لم تكتمل بعد وما تزال بحاجة
إلى مزيد من الدراسة.
ومن أجل منع جزيئات كالانزيمات
على سبيل المثال
من التصرف على نحو غريب، يحافظ الجسم على درجة حموضة
تقترب من 7،4
وتقوم الكليتان بالتخلص من نسبة الحموضة الزائدة عن طريق البول
ولكن إذا ما انخفضت نسبة الحموضة إلى 7،38
عندها يجب ان يولد الجسم استجابة أعنف
تتلخص في قيامه بتعويض النقص عن طريق تفكيك العظام
والعضلات لإنتاج الكربونات والفوسفات والأمونيا التي تعمل
على تحقيق التوازن
بين الحموضة والقلوية.
وقد تبين أن العظم ليس مجرد سقالة يستند الجسم إليها
كي لا يتلوى كقنديل البحر
بل ان دوره كنظام تخزين للمعادن
التي تعمل على معادلة الحمض
لا يقل أهمية.
وعليه، رأى الطبيبان في هارفرد
أن الأغذية التي فيها نسبة حموضة تكفي لسرقة 60 ميلجراماً
من البيكربونات من الهيكل العظمي يوميا
سوف تؤدي إلى فقدان 15% من الكتلة المعدنية للهيكل العظمي
في غضون عقد من الزمن.
والواقع ان سياسة سلب شخص
لدفع الدين المترتب لشخص آخر
كانت معتمدة من قبل أجسام أفراد مجتمع الصيادين في الماضي
للتعامل مع الكميات الزائدة من الحمض لفترات قصيرة
بسبب مشاكل مختلفة تشمل مثل الجوع والإسهال ونقص النباتات والخضراوات خلال فصول الشتاء القاسية.
وبينما كانت الكمية الزائدة
من الحمض مشكلة قصيرة الأمد في أجسام مجتمع الصيادين
فإنها تمثل بالنسبة للعديد من الناس في الغرب الآن مشكلة مزمنة
نتيجة الأغذية المنتجة لكميات كبيرة من الحمض
حسب قول سيباستيان وزميلته ديبورا سيلمير الذي يعمل أيضا
في جامعة كاليفورنيا في
مدينة سان فرانسيسكو.
الحموضة الاستقلابية
ومن جهته
قال خبير علم التطور البيولوجي الدكتور لورين كوردين في جامعة
ولاية كولورادو في فرونت كولينز
“ نتناول في الغرب كميات كبيرة من الجبن الخبز واللحوم
وهي مواد تسبب حموضة استقلابية. لقد كان أفراد مجتمع الصيادين
يتناولون الكثير من اللحوم ولكن مصادر الكربوهيدرات
بالنسبة لهم كانت الفاكهة والخضار التي تعمل على تحييد نسبة الحموضة”.
ولكن حتى الفاكهة والخضراوات
التي تبدو حمضية مثل الليمون
تنتج كميات كبيرة من المكونات الأساسية لأنها تحتوي على الكثير
من الأملاح العضوية كالنيترات التي يتم تحويلها إلى بيكربونات بالاستقلاب.
وفي المقابل
فإن الأطعمة المصنوعة من الحبوب مثل الباستا
وهما من المكونات الرئيسية للغذاء في الغرب
تنتج كميات كبيرة من الحمض لأنها غنية بالفوسفور
الذي يحوله الجسم إلى حمض الفوسفوريك.
وعلاوة على ذلك
فقد ازداد استهلاك البروتين المنتج للحمض بنسبة 50%
خلال العقود الأربعة الماضية.
كما ان تناول وجبات كبيرة من اللحوم من دون ان تكون مصحوبة بالخضار المنتجة القواعد
(القاعدة هي مركب كيميائي تتفاعل مع الحمض لتشكيل الأملاح)
سوف تحول ورقة عباد الشمس الداخلية
( تستخدم ورقة عباد الشمس لمعرفة ما اذا كانت المادة المعنية حمضية أم قلوية )
إلى اللون الأحمر القاتم
ناهيك عن أن تفكيك البروتين في العضلة ذاتها له تأثير عكسي.
وهناك مساران كيميائيان منخرطان
في هذه العملية.
فهناك المسار الذي يفكك العضلات ويطرح الامونيا الأساسية
والمسار الذي يهضم اللحم ويطرح حمض الكبريتيك.
ولكن أهم الاغذية المثيرة للقلق
حسب قول سيباستيان وسيلمير،
هي الجبن الصلب التي تكون متخمة بالكالسيوم
وغالبا ما ينصح بها كوسيلة لحماية العظام، أو يشار إليه كمصدر أساسي للحمض في الجسم
الأمر الذي يجعلها المشتبه به الأساسي لتآكل العظام والعضلات.
ويقول توماس ريمر في معهد
أبحاث تغذية الطفل في دورتمونت
في ألمانيا
إن جذور هذه الفكرة تعود إلى كيفية تحويل الحليب إلى جبن.
وكان ريمر قد أجرى اختباراً على
كمية الحمض التي تطرح في الجسم من انواع عديدة من الأغذية
بدءاً من الكيوي وانتهاء برقائق الذرة.
والمعروف ان الحليب
يحتوي كميات متساوية تقريبا من الحمض والمكونات المنتجة للقواعد ولكن لتصنيع الجبن
تتم إزالة السائل الذي يحتوي
على المكونات المنتجة للقواعد.