ربما لا تستدعي القلق تلك الصعوبات التي قد يُواجهها البعض أحياناً، ومن آن لآخر، أثناء محاولات بلع الطعام.
إذْ ربما تكون ناجمة عن السرعة في تناول الطعام أو عدم مضغه جيداً وبصفة كافية.
إلا أن الشكوى من صعوبات متكررة في البلع، وحتى عند تناول السوائل، يحتاج إلى اهتمام للبحث عن أسبابه، والعمل على معالجتها.
التعريف الطبي لحالة “صعوبة البلع” dysphagia، يتضمن أن عملية البلع تأخذ وقتاً وتتطلب جهداً لتحريك الطعام أو السوائل من الفم إلى المعدة، أي للمرور بالحلق والمريء.
ولدى البعض قد تكون تلك الصعوبة في البلع مصحوبة بألم، إما في الحلق أو مكان ما في منتصف الصدر.
وقد تكون أيضاً مستحيلة لدرجة عدم القدرة التامة على إتمام بلع أي شيء، حتى اللعاب.
من الملاحظ أنه بالرغم من أن حالة الصعوبة في البلع قد تُصيب الإنسان في أي عمر، إلا أن الغالب إصابة المتقدمين في العمر بها.
ولأن الأسباب المحتملة للمعاناة من صعوبة البلع متعددة، فإن وسائل المعالجة قد تختلف من مريض لآخر.
وقد لا يُدرك البعض أن "صعوبة البلع" من الحالات الشائعة. وتشير الإحصائيات في الولايات المتحدة أن الشكوى من "صعوبة البلع" ومتابعة حالتها، تبلغ حوالي 10 ملايين حالة سنوياً.
مراحل عملية البلع…
حينما يضع أحدنا لقمة من الطعام في فمه أو يتناول كأساً من الماء ليشربه، فإنه غالباً لا يُفكر في عملية البلع، بل تجري لديه العملية تلقائياً.
ولكن بالنسبة للبعض، ممن يُواجهون صعوبات في البلع، تُمثل عملية الأكل أو الشرب تحدياً عليهم التغلب فيه كل مرة.
والبلع عملية معقدة، بكل ما تعنيه الكلمة. والعنوان الأبرز لنجاح بلع لقمة من الطعام أو جُرعة من الماء، هو التناغم في ما بين التنسيق والسيطرة للجهاز العصبي من جهة وبين الاستجابة والعمل لعشرات من العضلات في الفم والبلعوم والمريء.
وتتطلب السيطرة من المراكز العصبية العليا في الدماغ، والمراكز العصبية المحلية، من النوع اللاإرادي، في مسرح العمليات، العملَ سوياً لاستشعار وجود ما يجب بلعه، ولتوجيه عشرات العضلات على البدء في العمل بتناغم لتنسيق أداء عمليات مقطعية متعاقبة من الانقباض والانبساط، كي يتم دفع الكتلة من الفم إلى الحلق، ثم دفع الكتلة على طول المريء، وصولاً إلى المعدة.
وبالمراجعة، تتم عملية البلع وفق المراحل التالية:
– مرحلة التهيئة والدفع من الفم: ويتم فيها مضغ قطع الطعام ومزجها بسائل اللعاب، وجعل بنيتها وحجمها مناسبة للمرور عبر البلعوم pharynx والمريء esophagus .
ثم يتم دفع اللقمة إلى مؤخرة اللسان. وهنا تبدأ مستقبلات عصبية، موجودة في البلعوم، بالإحساس أن ثمة لقمة من الطعام قد دفعها اللسان إلى خلفية الفم بغية بلعها.
وترسل هذه المستقبلات العصبية رسائل لمناطق عدة في الدماغ بوصف ما هو حاصل من أخبار في الفم والبلعوم.
وتأتي التوجيهات من مناطق الدماغ المختلفة، عبر العصب الدماغي الخامس والسابع والثاني عشر، كي تقوم عدة عضلات في الفم بقفل أعلى الحلق، لمنع دخول اللقمة إلى خلفية الأنف، وبتيسير دفع اللقمة عميقاً إلى جزء الفم من البلعوم.
– مرحلة البلعوم: وتتم في هذه المرحلة عدة خطوات.
الأولى، اتساع البلعوم لاستيعاب لقمة الطعام القادمة، ومن ثم دفعها إلى مدخل المريء بحجم أصغر.
والثانية، قفل المجرى الذي يُؤدي إلى الحنجرة والحبال الصوتية والقصبة الهوائية، كي لا تدخل اللقمة أو أجزاء منها إلى الجهاز التنفسي.
والثالثة، توقف التنفس لبرهة يسيرة خلال مرور لقمة الطعام في تلك المنطقة الحساسة.
وتتم هذه العمليات الثلاث وفق رسائل عصبية واضحة، يحملها العصب الدماغي الخامس والعاشر والحادي عشر والثاني عشر، إلى مجموعات من العضلات الصغيرة في منطقة البلعوم والتراكيب المتصلة به كي تقوم بالمهام الثلاث في تناسق وتناغم.
– مرحلة المريء: تبدأ العضلة العاصرة العلوية لبداية المريء بالارتخاء كي يُسمح للقمة الطعام بدخول المريء.
ثم تبدأ مرحلة ممتعة من تتابع الحركات الدودية peristalsis، ذات التناوب ما بين ارتخاء مقطع وانقباض آخر، على طول المريء.
والذي بمحصلته النهائية تمر كتلة الطعام بسهوله حينما ترتخي أولاً حلقة عضلية لتستقبل كتلة اللقمة، ثم تنقبض تلك الحلقة بمجرد ارتخاء الحلقة العضلية التي تحتها، وهكذا دواليك إلى حين وصول اللقمة إلى أسفل المريء، حيث ترتخي العضلة العاصرة هناك لتصل كتلة الطعام إلى فوهة المعدة وتدخل إلى تجويفها.