التشخيص المتطوّر والأدوية الفعّالة غيّرا مفاهيم كثير
أوجاع في المعدة، غثيان، عسر هضم، حموضة، حرقة… كلها دلائل تشير الى خلل في المعدة قد يكون حصيلة التهاب بسيط أو حتى تقرّح شديد يمكن أن يتحول في بعض الحالات الى مرض سرطاني في حال عدم علاجه ومتابعته عن كثب.
أفضل الطرق لعلاج أمراض المعدة تبدأ بالوقاية كما أشار البروفسور جورج الحاج بطرس الاختصاصي في أمراض المعدة والجهاز الهضمي، ورئيس قسم الجهاز الهضمي ومنسّق في قسم الأمراض الداخلية في المستشفى العسكري المركزي، في حديث الى مجلة "الجيش" تناول المرض المذكور بمختلف أشكاله وجوانبه.
أنواع المرض وأعراضه
■ ما هي أبرز أنواع أمراض المعدة؟
– أمراض المعدة متعددة وهي يمكن أن تبدأ بالإلتهاب البسيط (Gastritis) وصولاً الى سرطان المعدة، مروراً بالقرحة (Ulcer) ، وفتاق المعدة (Hiatel Hernia) .
وتعتبر القرحة أكثر أمراض المعدة إنتشاراً علماً أن هذا المرض في انخفاض منذ بداية السبعينات حيث اكتشفت أدوية فعّالة جداً لمكافحته من شأنها تخفيف إفرازات الحامض الأسيدي(Chloridric Acid) في المعدة.
■ فلنبدأ بالتهاب المعدة البسيط، ما هي أبرز أسبابه؟
– ينتج الإلتهاب عن خطأ في النظام الغذائي يظهر عبر ثلاثة أوجه:
• أولاً: النظام الغذائي غير المنتظم، بمعنى عدم احترام أوقات الوجبات.
• ثانياً: طريقة تناول الطعام، خاصة لجهة الإسراع في الأكل.
• ثالثاً: نوعية الطعام، إذ تشكل بعض أصنافه عاملاً أساسياً في التهاب المعدة، نذكر من بينها: الصلصات، المخللات، المشروبات الروحية والغازية، التدخين، والإكثار من القهوة.
■ كيف تظهر أعراض الإلتهاب المذكور؛ وما هي السبل المعتمدة في علاجه؟
– أبرز دلائل المرض هي الأوجاع في محيط المعدة، والغثيان، والحرقة، أما طريقة علاجه فتبدأ أولاً بالوقاية والحماية خاصة لجهة إتباع نظام غذائي صحيح يراعي العوامل المذكورة سابقاً في ما خص أوقات الوجبات وأنواع الأطعمة المستهلكة. كما يتم العلاج عبر عدد من الأدوية التي تخفض إفرازات المعدة، وأخرى من شأنها تقوية غشاء المعدة.
■ هل يستدعي المرض علاجاً طويل الأمد؟
– يتم العلاج عادة خلال فترة شهرين. إلا أن الوقاية والحماية يجب أن يستمرا لفترة طويلة، مع الإشارة الى أن إهمال العلاج يعرّض الى ازدياد الإلتهاب، الذي يمكن أن يؤدي بدوره الى القرحة وفي بعض الحالات الى سرطان المعدة.
القرحة وأسبابها
■ كيف تتكوّن القرحة، وإلام تؤدي؟
– القرحة هي نوع من الجرح الذي يظهر إما في غشاء المعدة أو في الإثني عشر، وهو يمكن أن يكون عميقاً أو سطحياً. يتكوّن الجرح عادة في الطبقات الداخلية من غشاء المعدة، كما يمكن في بعض الأحيان أن يصيب طبقات عدة من الغشاء المذكور أو حتى جميعها ما يؤدي الى حدوث ثقب فيه (Perforation) .
■ غالباً ما نسمع أن النظام الغذائي هو المسؤول الرئيسي عن تقرّح المعدة، فما مدى صحة ذلك؟ – ساد هذا الإعتقاد لفترة زمنية طويلة، كما رُدّت القرحة أيضاً الى أسباب عصبية، إلا أن هذه المفاهيم تبدلت إثر اكتشاف البكتيريا المعروفة بـ"Helicobacter Pyloriس التي تعتبر الآن المسؤولة عن القسم الأكبر من تقرّح المعدة والإثني عشر، يضاف إليها العاملان الغذائي والعصبي.
■ ما هي الدلائل التي تشير الى وجود قرحة في المعدة؟
– تتشابه أعراض القرحة مع تلك الخاصة بالتهاب المعدة على صعيد الغثيان والحرقة، في حين تتميز بألم في المعدة يزداد بشدة عند الإحساس بالجوع وفي منتصف الليل، ويخمد بعد تناول الطعام. ومن الأعراض التي تصيب المريض أيضاً، الحموضة والحرقة وعسر الهضم.
■ كيف يتم تشخيص المرض؟
– بعد معاينة المريض، يلجأ الطبيب المعالج الى التشخيص عبر إجراء منظار المعدة الذي يخوّله الكشف الدقيق عن حالة غشاء البلعوم والمعدة والإثني عشر. والفحص المذكور سهل جداً إذ يستغرق ما بين أربع وخمس دقائق لا أكثر، كما أن خطورته شبه معدومة. ويسمح المنظار، علاوة عن دراسة غشاء المعدة، بسحب عينات منه وأخرى من الإثني عشر وفحصها، وذلك لتحديد نوع الإلتهاب وحدّته من جهة، وإيجاد البكتيريا المسببة من جهة أخرى، الأمر الذي يحدد نوعية العلاج. إضافة الى المنظار، هناك طرق أخرى للتشخيص أبرزها تصوير المعدة، إلا أن فحص المنظار يبقى الأكثر شمولية ودقة.
■ هل يمكن علاج القرحة بالأدوية أم أنها تستدعي عملية جراحية؟
– تطوّر علاج القرحة بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاثين الأخيرة متأثراً باكتشافين مهمين، أولهما اكتشاف أدوية فعّالة للغاية في تخفيض إفرازات الحامض في المعدة (Chloridric Acid) ، والثاني اكتشاف البكتيريا التي أشرنا إليها سابقاً، بحيث ساهم العاملان المذكوران في التخفيف من مضاعفات القرحة وبالتالي في تخفيض عدد العمليات الجراحية التي كان يستوجبها العلاج سابقاً. حالياً، يقوم علاج القرحة على عنصرين هامين هما الأدوية التي تخفض إفرازات المعدة (Anti Pomp H+) من جهة ومضادات حيوية (Antibiotics) ضد الجرثومة من جهة أخرى. وقد أحدث هذا المزيج ثورة في علاج القرحة الذي بات يتم في وقت قصير جداً. كما أصبح بالإمكان الإستغناء عن العمليات الجراحية في أكثر من 98 بالمئة من الحالات، إضافة الى تخفيض اشتراكات القرحة من نزيف وثقب وتسطّم المعدة.
■ أشرتم الى نوعين من القرحة: قرحة المعدة، وقرحة الإثني عشر، فما الفرق بينهما؟
– تتشابه الأعراض وطرق العلاج في كلا النوعين، إلا أن قرحة المعدة معرّضة لتحوّل سرطاني في بعض الحالات، ولذلك يجب مراقبتها بواسطة المنظار دورياً بمعدل مرة في الشهر لحين شفائها، بينما هذا الخطر غير موجود تقريباً في قرحة الإثني عشر.
فتاق المعدة
■ ذكرت في تعدادك لأمراض المعدة "فتاق المعدة"، فهل له علاقة بأي من الإلتهاب أو القرحة؟
– "فتاق" المعدة هو نوع من الإرتخاء في الصباب الموجود بين البلعوم والمعدة. ومهمة هذا الصبّاب فتح الطريق أمام الطعام للعبور من البلعوم الى المعدة ثم إغلاقها بعد إنتهاء العملية. أما في حال الإرتخاء فيعجز عن الإغلاق، ما يؤدي الى ارتداد الطعام الى البلعوم (Reflux) . من أعراض الفتاق المذكور الحرقة والحموضة وارتداد الطعام. أما طرق الوقاية والعلاج فتشمل اعتماد نظام غذائي صحيح بما فيه الإمتناع الكلي عن المشروبات الغازية، وتناول وجبات صغيرة، إضافة الى عدم النوم مباشرة بعل الأكل. وتساعد الأدوية المعتمدة في العلاج على تفريغ البلعوم وتشغيل المعدة وتقوية الصبّاب إضافة الى تخفيف إفرازات المعدة. والجدير ذكره أن هناك بعض الحالات التي تستدعي إجراء عملية جراحية يتم بموجبها تصغير المجرى.