تولد الفتيات، ويولد معهن الأمل، والجمال. رغم كل شيء، تبقى الفتاة مميزة عن الشاب، تضفي على البيت سحراً مميز، فيسكنها الأهل مقلة العينين، ويسهرون على رعايتها بحرص وعناية حتى يأتي الربيع، وتتفتح براعمها، فتتشامخ بين كل تلك الأزهارإلى حين وصول فارس الأحلام على حصانه الأبيض، ليقطفها من بين جميع الورود في الحقل
قد تبدو المسألة سهلة، ولكن خوف الأهل أعظم، فماذا لو هبت رياح الشمال، ومزقت أوراق وردتهم قبل يوم القطاف، وماذا لو قطفها أحد المارة الا مبالين ثم رماها عند تلاشي عبيرها ال نضر، فتذبل مع الزمان حتى تضمحل مع التراب وتتلاشى.
لذلك يحرص الأهل على حماية بناتهن من نسمة الهواء، إلى حد أن بعد الأهل يختارون الشخص الذي يرونه مناسباً لتكتمل مهمتهم.
كل هذا التلخيص سعيد وجميل، إلا أنه غالباً ما تتحول النهاية السعيدة، إلى بداية كوابيس عنيفة، غير متناهية. والأفظع أن مجتمعاتنا تغض النظر عنه، زاعمةً أن كل ما يحدث في حرمة الحياة الزوجية محلل.مما يعني، للرجل كل الحق بإتخذ أي تدبير يراه مناسباً، حتى لو إستلزم الأمر إستعمال العنف.
حين نذكر العنف، لا نقصد فقط العنف الجسدي، فالعنف يمكن أن يكون أيضاً نفسي. يظن البعض أن العنف الجسدي هو الأقوى والأفظع، ولكن غالباً ما يكون العنف النفسي أفجع بكثير من العنف ألجسدي، و في أكثر ألأحيان يترك جروحاً أعماق من الجروح و ألكدمات التي تصيب الجسد
التعسف المنزلي يظهر اجملاً في العلاقات الحميمة أو في الحياة الزوجية، حين يحول أحد الطرفين الهيمنة، أم السيطرة على الشخص الأخر.
عادةً الطرف الموستغل لا يؤمن بالمساواة، ويتبع عدة وسائل ليفرض سلطته المطلقة في العلاقة. قد تشمل هذه الوسائل: التخويف، الإحباط، الإذلال، الإتهام، أو يخلق اتكالية مطلقة، لتعجيز الطرف الأخر. كما أنه غير مستبعد أن يقوم بتهديد سلامة الطرف الأخر، أم سلامة الناس الذين يحيطون به، لتحقيق اهدافه.
إن التعسف المنزلي لا يستثني أي إنسان، أي كان عمره، اخلاقياته، أم طبقته الإجتماعية. يجدر الإشارة إلى أن الإستغلال غالباً يكون خلال فترة إنفصل أم طلاق. وخلافاً عن ما يعتقده الأغلبية، بإن العنف المنزلي هو نتيجة فقدان السيطرة على الأعصاب، في الواقع إنه خيار حر وواعٍ من قبل الطرف الأخر بحنف أن يفرفض هيمنته. الذي يدل على ذلك:
-هو ينتظر الوقت المناسب، حين يغيب كل الشهود.
-حين تتساور الشكوك نحوه، يتظاهر بالهدوء والرصانة، ويحاول أن يظهر أن الطرف الأخر هو الذي يعاني من توترات.
-غالباً ما يواجه قدمتاه في أماكن مخفية من الجسد، كالورك، والبطن…
-الشخص المتعسف بحاجة إلى الإحساس بأنه المسيطر على العلاقة؛ يتخذ القرارات عن جميع أفراد المنزل وينتظر أن يطيعه الجميع. هو قد يعاملك كخادمة، كطفلة، أو حتى كغرض من مجمل اغراضه الخاصة.
– يتبع المتعسف ستراتيجية الإذلال المستمر؛ هو يستغل أي فرصة لإذلالك وجعلك تحسين أنك بلا فائدة، وأنك منبوذة.
-بهدف تقوية اتكالك عليه، يعمل على عزلك عن العلم الخارجي، حتى أنه قد يمنعك من رؤية أهلك وأصدقائك.
– التهديد المستمر بأذية من تحبين إذا لم تطعي.
-التخويف الدائم، عبر إستعمال السلاح، تحطيم اغراض المنزل، أم أذية الحيوانات الألفية…
-نكران الذنب؛ فهم بارعون في خالق الأعذار والحجج. وغالباً ما يبررون تصرفاتهم بالقول أنهم مروا بطفولة قاسية، أم أن يومهم كان صعب، أم ببساطة يلقون اللوم على الضحية.
إن العنف المنزلي لا يبدأ دائماً بالضرب، ولكنه يخضع إلى دائرة متكاملة، أو يجدر القول، إلى مراحل مترابطة. تبدأ بالتعسف والمعاملة السيئة، ثم بإلقاء الذنب عليك، بعدها إختلق الأعذار، من ثم التصرف بشكل طبيعي، بعدها تشغيل المخيلة، كي يتفنن بإختلق ال مزيد من وسائل التعذيب واللوم، وأخيراً تبرير نفسه بعد إلصاق ال تهم فيها.
أحياناً يعتذر المعتدي، ويحاول أن يرضي ضحيته، بعد أن يكون قد برحها ضرباً أم شتائماً. قد يشتري لها زهوراً أم هداية جميلة، يقول لها كلام جميل، ولكن هذا كله ليعرقل لها قرار الرحيل، وليس بدفع الندم والحب.
كما ذكرنا أعلاه، العنف المنزلي ليس فقط جسدي، بل يمكن أن يكون جسدياً، نفسياً، جنسياً، أو مادياً.
العنف الجسدي يتمثل بإستعمال القوة دائماً، إن كان بالضرب أم الأذية ال جسدية، حتى أنه قد يصل إلى القتل
العنف النفسي يكمن في تدمير نفسية الشخص الأخر، والقضاء على ثقته بالنفس.
العنف الجنسي يكون بارغم الشخص الأخر على ممارسة الجنس، حتى لو لم يكن الشخص الأخر مؤهل، أو مستعد.
العنف المادي يتلخص بحرمان الشخص الأخر من الإمدادات المالية. حتى أنه قد يحثه على ترك عمله، إذا كان يعمل.
ما أصعب عن تحمي الزهور نفسها من خطر العلم ووحشيته، كله لتشرق في يوم القطاف. ولكن ما أبشع أن يكون ذاك اليوم هو يوم انتهائها..
يوم تسلم نفسها للوحش بيدها.
أهناك أفظع من أن تغتصب إمرأة؟ ولكن هل من أروع من أن تغتصب في وسط دارها، وعلى يد زوجها؟
لا أحد يستحق هذا العذاب، أول خطوة عليك اتخذها لتتحرري من علاقة مؤذية هو عبر ادرك وضعك. عندما تدركين وضعك لا تترددي بطلب المساعدة. أما إذا كنت تعلمين بوضع أحد صدقتك، من واجبك أن تبلغ عن وضعها.
في مجتمعنا العربي، نشهد ملايين من الحالات المشابهة. وكون مجتمعاتنا ذكورية، فهي تعطي الرجل كامل ألحق بإتخاذ أي تدابير تعسفية تجاه مرأته.
أما ال مرأة فهي دائماً مستضعفة، حتى لو أدركت وضعها، هي عاجزة عن الوقوف بوجه زوجها،هي لا تتجرأ حتى على هجره، مدركةً أن المجتمع لن يقبلها مجدداً، وأن ال قضية محسومة لصالح الرجل.
مؤخراً ظهرت جمعيات عديدة تطالب بحقوق ، وتعمل على الدفع عن النساء الوتي يتعرضن للعنف المنزلي