تنزيل كتب مجانا
الان التنزيل المجاني لكتب تعليم الفوركس متاح في الموقع
شكرا لكم
تحياتى للجميع …
بس الرابط لا يعمل
تنزيل كتب مجانا
الان التنزيل المجاني لكتب تعليم الفوركس متاح في الموقع
شكرا لكم
تحياتى للجميع …
يمكن أن يؤدي الإندفاع إلى العديد من المشاكل السلوكية، مثل ترك المدرسة، إستخدام المواد المخدرة ، السلوك غير الاجتماعي والبطالة ، والآن أضاف الباحثون خطر المقامرة.
تقول الباحثة الرئيسية لندا أس باجني ، بروفيسورة في مركز البحوث التابع لمستشفى جامعة سانت جستين، وجامعة مونتريال ، "هناك عامل خفي مشترك بين الأندفاع والمقامرة. في سن الرشد، تعتبر المقامرة جزءا من اضطراب السلوك الاندفاعي."
في أغلب الأحيان يمكن أن يميز المعلمون وجود مشكلة محتملة في الأطفال الذين يتشتت انتباههم بسهولة، أو يصابون بالقلق والغفلة، هناك عدة تصرفات تعتبر مشكلة للأطفال في سن الروضة.
الأطفال في الدراسة لم يعانوا من مشكلة في التعلم ، مثل عجز إنتباه اضطراب النشاط المفرط (أي دي إتش دي) بل أطفال ينمون بشكل نموذجي.
تقول باجني، بأنّ حوالي 15 بالمائة من الأطفال يعانون من مشاكل الإندفاعِ، خصوصاً الأولاد الذكور. "نحتاج للتركيز على إيجاد طرق لتحسين إنتباههم في سنوات الطفولة المبكرة.
شملت الدراسة 163 طفل في سن الروضة. حيث طلب الباحثون من معلمات الطلاب تقدير سلوكهم من حيث الانتباه، السهو، النشاط المفرط على مقياس من واحد إلى تسعة. بعد ستّة سنوات، عندما اصبح الأطفال بسن الحادية عشر وفي الصف السادس، سأل الباحثون الأطفال كم مرة لعبوا القمار للحصول على المال، إشتروا تذاكر يانصيب، لعبوا البوكر على الفيديو أو استعملوا أي ألعاب تهدف لربح المال، أو حتى المراهنة على الألعاب الرياضية.
فوجد الباحثون بأنه لكل وحدة نشاط مفرط أو اندفاع في سن الروضة ، كان هناك 25 بالمائة خطر متزايد للقمار في الصف السادس.
تقول باجني، يمكن للمعلمات أن يعملن مع الأطفال لتحسين قدرتهم على الانتباه وبالتالي تخفيض نسبة اتجاه الأطفال إلى المقامرة لاحقا.
عندما يكون الأطفال في سن صغيرة، يمكنهم التعلم أفضل، خصوصا السيطرة على أندفاعهم، مما يساعدهم على التركيز. كذلك يجب على الآباء والأمهات ملاحظات مؤشرات قلة الانتباه عند الأطفال
:010:
يقول الله تعالى:
{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها ا لذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}
لن تكلفك شيئا لو بلغتها لكل من تحب
الحملة العالمية للصلاة على النبي محمد وعلى آله وسلم
في إطار الحملة العالمية للصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم
الرجاء أن تصلي عليه إذا وصلتك هذه الرسالة 10 مرات، وأن تبعث بها لأكبر عدد ممكن من العناوين الإلكترونية المتوفرة لديك
نريد أن نصل إلى رقم مليار صلاة على النبي
ساهم في الحملة العالمية للصلاة على النبي
يكن لك أجرك وأجر من عمل به
لشكرآ عزيزتي
مرورك أسعدني
دمتي بود"
شكرآ عزيزتي
مرورك أسعدني
دمتي بود"
اقدم لكم موضوع لابد من وجوده معنا
وهــــــو : ، الأسـرار السـبـع لإتقان اللغة الإنجليزية ،
تفضلوا زيدوا معلوماتكم
السر الأول : Learn about word stress
أي تعلم نبرة الكلمات .
نبرة الكلمات والمقصود بها التشديد على بعض الحروف في الكلمة الواحده ، وتعتبر المفتاح الذهبي للتحدث بالإنجليزي وفهم هذه اللغة .
وهي أفضل الطرق لفهم المتحدثين بها خاصة إذا صادفت أحد يتكلم اللغة الإنجليزية بسرعة .
مثال لو أخذنا ثلاث كلمات :
photograph , photographer , photographic
هل نطقها متشابه ؟
لا ، إنما مختلف والإختلاف يكون في النبرة يعني في التشديد على بعض الحروف في الكلمة الواحدة ، حيث أن الكلمة الواحدة أحيانا تحتوي على مقطعين أو عدة مقاطع وبعض هذه المقاطع عند نطقها نشدد عليها أكثر من غيرها .
بالنسبة للمثال السابق الحروف اللي بأكتبها بالكابيتل ليتر هي اللي بنشدد عليها
PHOtograph
phoTOgrapher
photoGRAPHic
يعني لإتقان نطق الكلمات لازم نعرف أي الحروف في الكلمة هي اللي نشدد عليها ونعرف مقاطع الكلمة الواحدة مع العلم إن بعض الكلمات تكون قصيرة ولا تتقسم إلى مقاطع .
عادة يوضح القاموس مقاطع الكلمات وكيفية نطقها والمطلوب منا الحين إننا نحاول نسمع كيفية نطق الكلمات والتشديد على بعض الحروف دون الآخر في الراديو أو من خلال الأفلام .
خطوتنا الأولى إننا نسمع ونتعرف على النطق الصحيح بعد كذا نستطيع نطقها زي ما ينطقها أهلها
السر الثاني : Sentence Stress
التشديد في الجملة .
التشديد على بعض الكلمات في الجملة الواحدة هو المفتاح الذهبي الثاني لفهم اللغة الإنجليزية والتحدث بها .
كيف يكون التشديد في الجملة ؟
المقصود فيه إن بعض الكلمات في الجملة الواحدة نقرأها بصوت أعلى من الكلمات الأخرى .
مثال الجملة التالية :
We want to go
هل نقرأ كل كلمة في هذه الجملة بنفس القوة أي بنفس مستوى الصوت ؟
لا ، إنما نقرأ الكلمات المهمة بصوت أعلى من الكلمات الأخرى .
بالنسبة للمثال الكلمات المهمة فيه نعرفها حسب معنى الجملة وهي : want / go
في هذه الجمل الكلمات المهمة والتي ستقرأ بصوت أعلى ستكون بالكبيتل لتر :
We WANT to GO
We WANT to GO to WORK
We DON’ T WANT to GO to WORK
We DON’ T WANT to GO to WORK at NIGHT
السر الثالث : Listen ! Listen ! Listen !
استمع ! استمع ! استمع !
البعض يقول أحيانا : أنا لا أستمع إلى أخبار BBC على الراديو لأنهم يتحدثون بسرعة ولا أستطيع فهم ما يقولون .
عندما تجدهم يتحدثون بسرعة ولا تفهم لكلامهم هذا بالضبط يوضح حاجتك للاستماع إليهم.
كيف تتطور و أنت لا تستمع ولا تتدرب ؟
عندما كنت طفل رضيع هل كنت تفهم لغتك الأم ؟ عندما كان عمرك ثلاثة أسابيع أو شهران أو حتى سنة واحدة هل كنت تفهم كل شيء ؟
بالطبع لا ، لكن لكي تتعلم فهم اللغة يجب أن تستمع إليها .
فكر بهذا ، أنت تعلمت اللغة العربية وذلك بالاستماع إليها 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام بالأسبوع بعد هذا كله تعلمت كيف تتحدث ثم تعلمت كيف تقرأ وأخيرا كيف تكتب
السر الرابع : Don’ t listen !
لا تستمع .
في السر الثالث قلنا استمع بس الحين نقول لا تستمع ؟
(( أقول لا تعصبون اسمعوني أول ))
ما المقصود بهذا ؟
في البداية هل تعرفون الفرق بين الفعل ( to listen ) والفعل ( to hear ) ؟
To listen : يعتبر صيغة المعلوم معناه بالعربي ( يستمع )
To hear : يعتبر صيغة المجهول معناه بالعربي ( يسمع )
أحيانا يكون الاستماع صعب جدا ويحتاج لجهد ، وفي بعض الأوقات يكون من الأفضل أن نسمع فقط .
كيف يعني ؟ نترك الراديو يعمل أو نشغل أي شريط باللغة الإنجليزية بس طبعا مايكون أغاني ولكن لا نستمع فقط نسمع في هذه الحالة نجد أن اللاوعي يستمع بدلا منا وسنظل نتعلم ، إذا استمعنا وحاولنا أن نفهم يمكن مانلقط إلا كلمة وحده بس ويخيب أملنا .
لاتخافون بس اسمعوا ، صدقوني بنستمر نتعلم بهذه الطريقة الشيء المهم إننا نترك الراديو يعمل أو الشريط أو التلفزيون و نسمع للمحادثات باللغة الإنجليزية وأنت لا تسوي شي المخ هو اللي راح يشتغل ويسمع واللاوعي عندنا هو اللي بيسمع ويتعلم .
السر الخامس : Improve your vocabulary with 5 words a day .
طور مخزونك في الكلمات وذلك بخمس كلمات في اليوم الواحد
زيادة معلوماتك في الكلمات شيء سهل …… كيف تابعوا معي
كم يوما في السنة ؟ عادة 365 يوم ، فلو تعلمت في كل يوم خمس كلمات جديدة بيصير الناتج النهائي في السنة حوالي 1825 كلمة يعني كم كبير من المعلومات هذا غير الكلمات التي من الممكن تعلمها بطرق أخرى بواسطة القراءة أو المحادثة أو الإستماع أو غيره.
اشتر دفتر ملاحظات وسجلي فيه خمس كلمات جديدة في كل يوم وتعلمها وقريبا بيكون مستوى الكلمات عندك ممتاز
.
السر السادس : 30 Minutes A Day Better Than 3.5 Hours A We ek .
ثلاثون دقيقة باليوم الواحد خير من ثلاث ساعات ونصف الساعة بالأسبوع .
في الحقيقة فإن دراسة اللغة الإنجليزية نصف ساعة في اليوم الواحد خير من ثلاث ساعات ونصف بالأسبوع ، فالدراسة المنتظمة واليومية أفضل بكثير من الدراسة من وقت لآخر وتكون بالإضافة لهذا أسهل .
فإنه لمن السهل إيجاد نصف ساعة باليوم للدراسة وتكون ثابتة بحيث لو خصصنا لها أن تكون بالعصر تكون بنفس الوقت من كل يوم فالانتظام بالدراسة هو المهم .
و أخيرا السر السابع :
السر السابع : Revise ! Revise ! Revise !
راجع ! راجع ! راجع
!
إذا راجعت ستطور من تعليمك 100 %
ما معنى المراجعة ؟
تعني أن تنظر مرة أخرى ، يجب أن تكوني منظم بشأن هذا .
فإذا تعلمت شيء يجب أن تدونه بعد ذلك يجب أن تنظر إليه ثلاث مرات :
بعد يوم واحد .
بعد أسبوع .
بعد شهر .
وبعد كل مراجعة اختبر نفسك …
تعلم ، مراجعة ، اختبار
:rolleyes::rolleyes::rolleyes: :rolleyes:
’’’ منقووووول,,,
يقال عندنا مثل ان اكثر من يصيب الناس بالعين هم الوالدان
جزاكم الله خيرا اختي فالله
وكم محزن ان تحضى بنعمة وتخسر اخرى
وكان لعمران زوجة لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..
واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.
وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.
سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم.
ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
كفالة زكريا لمريم:
أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.
قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.
وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.
ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..
قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.
قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.
وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.
وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..
كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله..
وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.
ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟
فتجيب مريم: إنه من عند الله..
وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.
دعاء زكريا ربه:
كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال.. ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.
سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!
مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).
قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.
سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).
فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..
(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..
وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيي..
ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.
ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل.
منقوله للأمانه
وبه نستعين
اليوم أقدم لكم رواية جديدة
( رواية ذاكرة الجسد )
رواية رائعه
للكاتبة : أحلام مستغانمي
صدرت رواية ذاكرة الجسد سنة 1993 في بيروت. بلغت طبعاتها حتى فبراير 2022, 19 طبعة. بيع منها حتى الآن 130000 نسخة (عدا النسخ المقرصنة في عدة دول عربية مثل الاردن – فلسطين- سوريا- مصر – لبنان). اعتبرها النقّاد أهم عمل روائي صدر في العالم العربي خلال العشر سنوات الأخيرة وبسبب نجاحاتها أثيرت حولها الزوابع مما جعلها الرواية الأشهر والأكثر إثارة للجدل. ظلّت لعدة سنوات الرواية الاكثر مبيعاً حسب إحصائيات معارض الكتاب العربية (معرض بيروت – عمّان- سوريا- تونس- الشارقة). حصلت على جائزة "نجيب محفوظ" للرواية سنة 1997. وهي جائزة تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة لأهم عمل روائي بالّلغة العربية. جائزة "نور" عن مؤسسة نور للإبداع النسائي القاهرة 1996. جائزة "جورج طربيه للثقافة والابداع " سنة 1999 لأهم إنتاج إبداعي (بيروت). صدرت عن الرواية ما لا يحصى من الدراسات والأطروحات الجامعيّة عبر العالم العربي في جامعات الأردن, سوريا, الجزائر, تونس, المغرب مرسيليا, البحرين. اعتمدت للتدريس في عدة جامعات في العالم العربي وأوروبا منها: جامعة السوبورن.. جامعة ليون و(إيكس ان بروفنس) و(مون بوليه) الجامعة الأمريكية في بيروت.. جامعة اليسوعية.. كلّيّة الترجمة.. الجامعة العربية بيروت.. كما اعتدمت في البرنامج الدراسي لعدة ثانويات ومعاهد لبنانية. كانت نصوصها ضمن مواد إمتحانات الباكلوريا في لبنان لسنة 2003. إشترت شركة أفلام مصر العالمية سنة 1998 حقوق الرواية لإنتاجها سينمائياً.. لكن بطلب من المؤلفة ألغي العقد سنة 2001. أبدى الممثل العربي القدير نور الشريف أكثر من مرّة أمنيته في نقل هذا العمل الى السينما في فيلم ضخم, وعد بإيصاله الى مهرجان "كان" العالمي. كما تداولت الصحافة العربية لعدة سنوات أسماء ممثلات رشحّن لأداء الدور النسائي في هذا الفيلم. ترجمت الى عدّة لغات عالمية منها: – الانكليزية. صدرت الطبعة الثانية سنة 2022. الفرنسية سنة 2022 عن دار Albin Michel تصدر الطبعة الثانية هذا العام في سلسلة كتاب الجيب. الايطالية.. الصينية.. الكرديّة
هيا لنبدأ ….
بأسم الله ….
الفصل الأول
الفصل الأول
ما زلت أذكر قولك ذات يوم :
"الحب هو ما حدث بيننا. والأدب هو كل ما لم يحدث".
يمكنني اليوم, بعد ما انتهى كل شيء أن أقول :
هنيئا للأدب على فجيعتنا إذن فما اكبر مساحة ما لم يحدث . إنها تصلح اليوم لأكثر من كتاب .
وهنيئا للحب أيضا …
فما أجمل الذي حدث بيننا … ما أجمل الذي لم يحدث… ما أجمل الذي لن يحدث .
قبل اليوم, كنت اعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
عندما يمكن أن نلمس جراحنا القديمة بقلم , دون أن نتألم مرة أخرى .
عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين, دون جنون, ودون حقد أيضا .
أيمكن هذا حقاً ؟
نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
ولهذا نحن نكتب, ولهذا نحن نرسم, ولهذا يموت بعضنا أيضا .
– أتريد قهوه ؟
يأتي صوت عتيقة غائبا, وكأنه يطرح السؤال على شخص غيري .
معتذرا دون اعتذار, على وجه للحزن لم أخلعه منذ أيام .
يخذلني صوتي فجأة …
أجيب بإشارة من رأسي فقط .
فتنسحب لتعود بعد لحظات, بصينية قهوة نحاسيه كبيرة عليها إبريق، وفناجين, وسكريه, ومرشّ لماء الزهر, وصحن للحلويات .
في مدن أخرى تقدم القهوة جاهزة في فنجان, وضعت جواره مسبقاً معلقه وقطعة سكر .
ولكن قسنطينة مدينه تكره الإيجاز في كل شيء .
إنها تفرد ما عندها دائما .تماما كما تلبس كل ما تملك. وتقول كل ما تعرف .
ولهذا كان حتى الحزن وليمه في هذه المدينة .
أجمع الأوراق المبعثرة أمامي , لأترك مكاناً لفنجان القهوة وكأنني أفسح مكانا لك ..
بعضها مسودات قديمة, وأخرى أوراق بيضاء تنتظر منذ أيام بعض الكلمات فقط… كي تدب فيها الحياة, وتتحول من ورق إلى أيام .
كلمات فقط, أجتاز بها الصمت إلى الكلام, والذاكرة إلى النسيان, ولكن ..
تركت السكر جانبا, وارتشفت قهوتي مره كما عودني حبك .
فكرت في غرابه هذا الطعم العذب للقهوة المرّة . ولحظتها فقط, شعرت أنني قادر على الكتابة عنك فأشعلت سيجارة عصبيّة, ورحت أطارد دخان الكلمات التي أحرقتني منذ سنوات, دون أن أطفئ حرائقها مرة فوق صفحه .
هل الورق مطفأة للذاكرة؟
نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنين الأخيرة , وبقايا الخيبة الأخيرة. .
من منّا يطفئ أو يشعل الآخر ؟
لا ادري … فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر… معك فقط سأبدأ الكتابة.
ولا بد أن أعثر أخيراً على الكلمات التي سأنكتب بها, فمن حقي أن أختار اليوم كيف أنكتب. أنا الذي أخترت تلك القصة .
قصه كان يمكن أن لا تكون قصتي, لو لم يضعك القدر كل مره مصادفه, عند منعطفات فصولها .
من أين جاء هذا الارتباك؟
وكيف تطابقت مساحة الأوراق البيضاء المستطيلة, بتلك المساحة الشاسعة البياض للوحات لم ترسم بعد.. وما زالت مسنده جدار مرسم كان مرسمي ؟
وكيف غادرتني الحروف كما غادرتني قبلها الألوان. وتحول العالم إلى جهاز تلفزيون عتيق, يبث الصور بالأسود والأبيض فقط ؟
ويعرض شريطا قديما للذاكرة, كما تعرض أفلام السينما الصامتة .
كنت أحسدهم دائماً, أولئك الرسامين الذين كانوا ينتقلون بين الرسم والكتابة دون جهد, وكأنهم ينتقلون من غرفه إلى أخرى داخلهم. كأنهم ينتقلون بين امرأتين دون كلفة ..
كان لا بد ألا أكون رجلا لامرأة واحدة !
ها هوذا القلم إذن.. الأكثر بوحا والأكثر جرحا ً.
ها هو ذا الذي لا يتقن المراوغة , ولا يعرف كيف توضع الظلال على الأشياء . ولا كيف ترش الألوان على الجرح المعروض للفرحة .
وها هي الكلمات التي حرمت منها , عارية كما أردتها , موجعه كما أردتها , فَلِمَ رعشة الخوف تشلّ يدي , وتمنعني من الكتابة؟
تراني أعي في هذه اللحظة فقط ، أنني استبدلت بفرشاتي سكيناً. وأن الكتابة إليك قاتله.. كحبك .
ارتشفت قهوتك المرة, بمتعه مشبوهة هذه المرّة. شعرت أنني على وشك أن اعثر على جمله أولى, ابدأ بها هذا الكتاب .
جمله قد تكون في تلقائية كلمات رسالة .
كأن أقول مثلا :
"أكتب إليك من مدينه ما زالت تشبهك, وأصبحت أشبهها. ما زالت الطيور تعبر هذه الجسور على عجل, وأنا أصبحت جسرا آخر معلقاً هنا.
لا تحبي الجسور بعد اليوم..".
أو شيئا آخر مثل :
" أمام فنجان قهوة ذكرتك ..
كان لا بد أن تضعي ولو مرة قطعة سكر في قهوتي . لماذا كل هذه الصينية.. من أجل قهوة مرّة..؟".
كان يمكن أن أقول أي شيء …
ففي النهاية, ليست الروايات سوى رسائل وبطاقات, نكتبها خارج المناسبات المعلنة.. لنعلن نشرتنا النفسية, لمن يهمهم أمرنا .
ولذا أجملها, تلك التي تبدأ بجمله لم يتوقعها من عايش طقسنا وطقوسنا. وربما كان يوما سببا في كل تقلباتنا الجوية .
تتزاحم الجمل في ذهني . كل تلك التي لم تتوقعيها .
وتمطر الذاكرة فجأة ..
فأبتلع قهوتي على عجل. وأشرع نافذتي لأهرب منك إلى السماء الخريفية.. إلى الشجر والجسور والمارة.
إلى مدينة أصبحت مدينتي مرة أخرى . بعدما أخذت لي موعدا معها لسبب آخر هذه المرة .
ها هي ذي قسنطينة.. وها هو كل شيء أنت .
وها أنت تدخلين إليّ, من النافذة نفسها التي سبق أن دخلت منها منذ سنوات. مع صوت المآذن نفسه, وصوت الباعة, وخطى النساء الملتحفات بالسواد, والأغاني القادمة من مذياع لا يتعب …
"يا التفاحة .. يا التفاحة … خبريني وعلاش الناس والعة بيك ..".
تستوقفني هذه الأغنية بسذاجتها .
تضعني وجهاً لوجه مع الوطن . تذكرني دون مجال للشك بأنني في مدينه عربيه فتبدو السنوات التي قضيتها في باريس حلماً خرافياً .
هل التغزل بالفواكه ظاهره عربية؟ أم وحده التفاح الذي ما زال يحمل نكهة خطيئتنا الأولى, شهيّ لحدّّ التغنّي به، في أكثر من بلد عربي .
وماذا لو كنت تفاحه؟
لا لم تكوني تفاحه .
كنت المرأة التي أغرتني بأكل التفاح لا أكثر. كنت تمارسين معي فطرياً لعبة حواء . ولم يكن بإمكاني أن أتنكر لأكثر من رجل يسكنني, لأكون معك أنت بالذات في حماقة آدم !
-أهلا سي خالد..واش راك اليوم ..؟
يسلّم عليّ الجار, تسلّقت نظراته طوابق حزني. وفاجأه وقوفي الصباحي, خلف شرفة للذهول .
أتابع في نظرة غائبة, خطواته المتجهة نحو المسجد المجاور . وما يليها من خطوات, لمارة آخرين, بعضها كسلى, وأخرى عجلى, متجهة جميعها نحو المكان نفسه .
الوطن كله ذاهب للصلاة .
والمذياع يمجد أكل التفاحة .
وأكثر من جهاز هوائي على السطوح, يقف مقابلا المآذن يرصد القنوات الأجنبية، التي تقدم لك كل ليله على شاشة تلفزيونك, أكثر من طريقه _عصريه_ لأكل التفاح !
أكتفي بابتلاع ريقي فقط .
في الواقع لم أكن أحب الفواكه. ولا كان أمر التفاح يعنيني بالتحديد .
كنت أحبك أنت. وما ذنبي إن جاءني حبك في شكل خطيئة؟
كيف أنت.. يسألني جار ويمضي للصلاة .
فيجيب لساني بكلمات مقتضبة، ويمضي في السؤال عنك .
كيف أنا؟
أنا ما فعلته بي سيدتي.. فكيف أنتِ ؟
يا امرأة كساها حنيني جنوناً، وإذا بها تأخذ تدريجيا , ملامح مدينه وتضاريس وطن .
وإذا بي اسكنها في غفلة من الزمن, وكأنني اسكن غرف ذاكرتي المغلقة من سنين .
كيف حالك؟
يا شجرة توت تلبس الحداد وراثيا كل موسم .
يا قسنطينية الأثواب ….
يا قسنطينية الحب … والأفراح والأحزان والأحباب .. أجيبي أين تكونين الآن؟ .
ها هي ذي قسنطينه …
باردة الأطراف والأقدام. محمومة الشفاه, مجنونة الأطوار .
ها هي ذي .. كم تشبهينها اليوم أيضا … لو تدرين !
دعيني أغلق النافذة!.
كان مارسيل بانيول يقول:
"تعوّد على اعتبار الأشياء العادية .. أشياء يمكن أن تحدث أيضاً " .
أليس الموت في النهاية شيئا عاديا. تماما كالميلاد, والحب, والزاج, والمرض, والشيخوخة, والغربة والجنون, وأشياء أخرى ؟
فما أطول قائمة الأشياء العادية التي نتوقعها فوق العادة, حتى تحدث. والتي نعتقد أنها لا تحدث سوى للآخرين, وأن الحياة لسبب أو لآخر ستوفر علينا كثيرا منها, حتى نجد أنفسنا يوما أمامها .
عندما ابحث في حياتي اليوم, أجد أن لقائي بك هو الشيء الوحيد الخارق للعادة حقاً. الشيء الوحيد الذي لم أكن لأتنبأ به، أو أتوقع عواقبه عليّ. لأنَّني كنت اجهل وقتها أن الأشياء غير العادية, قد تجر معها أيضا كثيرا من الأشياء العادية .
ورغم ذلك ….
ما زلت أتساءل بعد كل هذه السنوات, أين أضع حبك اليوم ؟
أفي خانة الأشياء العادية التي قد تحدث لنا يوما كأية وعكه صحية أو زلة قدم.. أو نوبة جنون؟
أم .. أضعه حيث بدأ يوماً؟
كشيء خارق للعادة, كهدية من كوكب, لم يتوقع وجوده الفلكيون. أو زلزال لم تتنبأ به أية أجهزة للهزات الأرضية .
أكنتِ زلة قدم .. أم زلة قدر ؟.
أقلّب جريدة الصباح بحثا عن أجوبة مقنعه لحدث "عادي" غيّر مسار حياتي وجاء بي إلى هنا .
أتصفح تعاستنا بعد كل هذه الأعوام , فيعلق الوطن حبراً أسود بيدي .
هناك صحف يجب أن تغسل يديك إن تصفحتها وإن كان ليس للسبب نفسه في كل مرة. فهنالك واحده تترك حبرها عليك .. وأخرى أكثر تألقا تنقل عفونتها إليك .
ألأنّ الجرائد تشبه دائما أصحابها, تبدو لي جرائدنا وكأنها تستيقظ كل يوم مثلنا, بملامح متعبه وبوجه غير صباحي غسلته على عجل، ونزلت به إلى الشارع. هكذا دون أن تكلف نفسها مشقة تصفيف شعرها, أو وضع ربطة عنق مناسبة.. أو إغرائنا بابتسامة .
25 أكتوبر 1988 .
عناوين كبرى.. كثير من الحبر الأسود. كثير من الدم. وقليل من الحياء .
هناك جرائد تبيعك نفس صور الصفحة الأولى.. ببدلة جديدة كل مره .
هنالك جرائد.. تبيعك نفس الأكاذيب بطريقة أقل ذكاء كل مرّة ….
وهنالك أخرى، تبيعك تذكرة للهروب من الوطن.. لا غير .
وما دام ذلك لم يعد ممكنا, فلأغلق الجريدة إذن.. ولأذهب لغسل يدي .
آخر مره استوقفتني فيها صحيفة جزائرية, كان ذلك منذ شهرين تقريبا. عندما كنت أتصفح عن طريق المصادفة, وإذا بصورتك تفاجئني على نصف صفحه بأكملها, مرفقه بحوار صحافي بمناسبة صدور كتاب جديد لك .
يومها تسمَََََّر نظري أمام ذلك الإطار الذي كان يحتويك. وعبثا رحت أفكّ رموز كلامك . كنت أقرأك مرتبكاً، متلعثماً, على عجل. وكأنني أنا الذي كنت أتحدث إليك عني, ولست أنت التي كنت تتحدثين للآخرين, عن قصة ربما لم تكن قصتنا .
أي موعد عجيب كان موعدنا ذلك اليوم! كيف لم أتوقع بعد تلك السنوات أن تحجزي لي موعدا على ورق بين صفحتين, في مجلة لا اقرأها عادة .
إنّه قانون الحماقات، أليس كذلك؟ أن أشتري مصادفة مجلة لم أتعوّد شراءها، فقط لأقلب حياتي رأساً على عقبّ
وأين العجب؟
ألم تكوني امرأة من ورق. تحب وتكره على ورق. وتهجر وتعود على ورق. وتقتل وتحيي بجرّة قلم.
فكيف لا أرتبك وأنا أقرأك. وكيف لا تعود تلك الرعشة المكهربة لتسري في جسدي، وتزيد من خفقان قلبي، وكأنني كنت أمامك، ولست أمام صورة لك.
تساءلت كثيراً بعدها، وأنا أعود بين الحين والآخر لتلك الصورة، كيف عدتِ هكذا لتتربصي بي، أنا الذي تحاشيت كل الطرق المؤدية إليك؟
كيف عدت.. بعدما كاد الجرح أن يلتئم. وكاد القلب المؤثث بذكراك أن يفرغ منك شيئاً فشيئاً وأنت تجمعين حقائب الحبّ، وتمضين فجأة لتسكني قلباً آخر.
غادرت قلبي إذن..
كما يغادر سائح مدينة جاءها في زيارة سياحية منظمة. كلّ شيء موقوت فيها مسبقاً، حتى ساعة الرحيل، ومحجوز فيها مسبقاً، حتى المعالم السياحية التي سيزورها، واسم المسرحية التي سيشاهدها، وعنوان المحلات التي سيشتري منها هدايا للذكرى.
فهل كانت رحلتك مضجرة إلى هذا الحد؟
ها أنا أمام نسخة منك، مدهوش مرتبك، وكأنني أمامك.
تفاجئني تسريحتك الجديدة. شعرك القصير الذي كان شالاً يلف وحشة ليلي.. ماذا تراك فعلت به؟
أتوقف طويلاً عند عينيك. أبحث فيهما عن ذكرى هزيمتي الأولى أمامك.
ذات يوم.. لم يكن أجمل من عينيك سوى عينيك. فما أشقاني وما أسعدني بهما!
هل تغيرت عيناك أيضاً.. أم أن نظرتي هي التي تغيرت؟ أواصل البحث في وجهك عن بصمات جنوني السابق. أكاد لا أعرف شفاهك ولا ابتسامتك وحمرتك الجديدة.
كيف حدث يوماً.. أن وجدت فيك شبهاً بأمي. كيف تصورتك تلبسين ثوبها العنابي، وتعجنين بهذه الأيدي ذات الأظافر المطلية الطويلة، تلك الكسرة التي افتقدت مذاقها منذ سنين؟
أيّ جنون كان لك.. وأية حماقة!
هل غيّر الزواج حقاً ملامحك وضحكتك الطفولية، هل غيّر ذاكرتك أيضاً، ومذاق شفاهك وسمرتك الغجرية؟
وهل أنساك ذلك "النبي المفلس" الذي سرقوا منه الوصايا العشر وهو في طريقه إليك.. فجاءك بالوصية الحادية عشرة فقط.
ها أنت ذي أمامي، تلبسين ثوب الردّة. لقد اخترت طريقاً آخر. ولبست وجهاً آخر لم أعد أعرفه. وجهاً كذلك الذي نصادفه في المجلات والإعلانات، لتلك النساء الواجهة، المعدات مسبقاً لبيع شيء ما، قد يكون معجون أسنان، أو مرهماً ضد التجاعيد.
أم تراك لبست هذا القناع، فقط لتروّجي لبضاعة في شكل كتاب، أسميتها "منعطف النسيان" بضاعة قد تكون قصتي معك.. وذاكرة جرحي؟
وقد تكون آخر طريقه وجدتها لقتلي اليوم من جديد, دون أن تتركي بصماتك على عنقي .
يومها تذكرت حديثاً قديماً لنا . عندما سألتك مرة لماذا اخترتِ الرواية بالذات. وإذا بجوابك يدهشني .
قلت يومها بابتسامة لم أدرك نسبة الصدق فيها من نسبة التحايل:
" كان لا بد أن أضع شيئا من الترتيب داخلي.. وأتخلص من بعض الأثاث القديم . إنَّ أعماقنا أيضا في حاجة إلى نفض كأيّ بيت نسكنه ولا يمكن أن أبقي نوافذي مغلقه هكذا على أكثر من جثة ..
إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير, وننتهي من الأشخاص الذين أصبح وجودهم عبئاً على حياتنا. فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم… وامتلأنا بهواء نظيف …" .
وأضفت بعد شيء من الصمت:
" في الحقيقة كل رواية ناجحة, هي جريمة ما نرتكبها تجاه ذاكرة ما. وربما تجاه شخص ما, على مرأى من الجميع بكاتم صوت. ووحده يدري أنَّ تلك الكلمة الرصاصة كانت موجّهة إليه
والروايات الفاشلة, ليست سوى جرائم فاشلة, لا بد أن تسحب من أصحابها رخصة حمل القلم, بحجة أنهم لا يحسنون استعمال الكلمات, وقد يقتلون خطأ بها أيّ احد .. بمن في ذلك أنفسهم , بعدما يكونون قد قتلوا القراء … ضجراً !".
كيف لم تثر نزعتك الساديّة شكوكي يومها .. وكيف لم أتوقع كل جرائمك التي تلت ذلك اليوم, والتي جربت فيها أسلحتك الأخرى؟
لم أكن أتوقع يومها انك قد توجهين يوما رصاصك نحوي .
ولذا ضحكت لكلامك, وربما بدأ يومها انبهاري الآخر بك. فنحن لا نقاوم, في هذه الحالات , جنون الإعجاب بقاتلنا !
ورغم ذلك أبديت لك دهشتي . قلت :
_ كنت اعتقد أن الرواية طريقه الكاتب في أن يعيش مرة ثانيه قصه أحبها.. وطريقته في منح الخلود لمن أحب .
وكأنّ كلامي فاجأك فقلت وكأنك تكتشفين شيئا لم تحسبي له حسابا:
– وربما كان صحيحا أيضا, فنحن في النهاية لا نقتل سوى من أحببنا. ونمنحهم تعويضا عن ذلك خلودا أدبيا . إنها صفقه عادلة . أليس كذلك؟!
يتبع
من يناقش الطغاة في عدلهم أو ظلمهم؟ ومن يناقش نيرون يوم احرق روما حباً لها, وعشقاً لشهوة اللهب . وأنت, أما كنت مثله امرأة تحترف العشق والحرائق بالتساوي؟
أكنت لحظتها تتنبّأين بنهايتي القريبة، وتواسينني مسبقا على فجيعتي…
أم كنت تتلاعبين بالكلمات كعادتك, و وتتفرجين على وقعها عليّ, وتسعدين سرّاً باندهاشي الدائم أمامك, وانبهاري بقدرتك المذهلة, في خلق لغة على قياس تناقضك .
كل الاحتمالات كانت ممكنه …
فربما كنت أنا ضحية روايتك هذه, والجثة التي حكمت عليها بالخلود, وقررت أن تحنطيها بالكلمات… كالعادة.
و ربما كنت ضحية وهمي فقط, ومراوغتك التي تشبه الصدق. فوحدك تعرفين في النهاية الجواب على كل تلك الأسئلة التي ظلت تطاردني, بعناد الذي يبحث عن الحقيقة دون جدوى .
متى كتبتِ ذلك الكتاب؟
أقبل زواجك أم بعده؟ أقبل رحيل زياد .. أم بعده؟ أكتبته عني .. أم كتبته عنه؟ أكتبته لتقتليني به.. أم لتحييه هو ؟
لم لتنتهي منّا معاً، وتقتلينا معاً بكتاب واحد… كما تركتنا معاً من أجل رجل واحد ؟
عندما قرأت ذلك الخبر منذ شهرين,. لم أتوقع إطلاقاًً أن تعودي فجأة بذلك الحضور الملحِّ, ليصبح كتابك محور تفكيري, ودائرة مغلقه أدور فيها وحدي .
فلا كان ممكنا يومها بعد كل الذي حدث, أن اذهب للبحث عنه في المكتبات , لأشتري قصتي من بائع مقابل ورقه نقدية. ولا كان ممكنا أيضا أن أتجاهله وأواصل حياتي وكأنني لم اسمع به , وكأن أمره لا يعنيني تماما .
الم أكن متحرقا إلى قراءة بقية القصة؟
قصتك التي انتهت في غفلة مني , دون أن أعرف فصولها الأخيرة. تلك التي كنت شاهدها الغائب, بعدما كنت شاهدها الأول. أنا الذي كنت,. حسب قانون الحماقات نفسه. الشاهد والشهيد دائما في قصة لم يكن فيها من مكان سوى لبطل واحد .
ها هوذا كتابك أمامي.. لم يعد بإمكاني اليوم أن أقرأه. فتركته هنا على طاولتي مغلقا كلغز, يتربص بي كقنبلة موقوتة, أستعين بحضوره الصامت لتفجير منجم الكلمات داخلي … واستفزاز الذاكرة .
كل شيء فيه يستفزني اليوم .. عنوانه الذي اخترته بمراوغه واضحة.. وابتسامتك التي تتجاهل حزني . ونظرتك المحايدة التي تعاملني وكأنني قارىء, لا يعرف الكثير عنك .
كل شيء.. حتى اسمك .
وربما كان اسمك الأكثر استفزازا لي, فهو مازال يقفز إلى الذاكرة قبل أن تقفز حروفه المميزة إلى العين .
اسمك الذي .. لا يُقرأ وإنما يُسمع كموسيقى تُعزف على آلة واحدة من أجل مستمع واحد.
كيف لي أن أقرأه بحياد, وهو فصل من قصة مدهشه كتبتها الصدفة, وكتبها قدرنا الذي تقاطع يوما؟
يقول تعليق على ظهر كتابك إنه حدث أدبي .
وأقول وأنا أضع عليه حزمة من الأوراق التي سودتها في لحظة هذيان..
" حان لك أن تكتب.. أو تصمت إلى الأبد أيها الرجل . فما أعجب ما يحدث هذه الأيام !"
وفجأة.. يحسم البرد الموقف, ويزحف ليل قسنطينة نحوي من نافذة للوحشة. فأعيد للقلم غطاءه, وانزلق بدوري تحت غطاء الوحدة .
مذ أدركت أن لكل مدينةٍ الليل الذي تستحق, الليل الذي يشبهها والذي وحده يفضحها, ويعري في العتمة ما تخفيه في النهار, قررت أن أتحاشى النظر ليلا من هذه النافذة .
كل المدن تمارس التعري ليلا دون علمها, وتفضح للغرباء أسرارها , حتى عندما لا تقول شيئا .
وحتى عندما توصد أبوابها.
ولأن المدن كالنساء, يحدث لبعضهن أن يجعلننا نستعجل قدوم الصباح. ولكن …
"soirs, soirs.que de soirs pour un seul matin .."
كيف تذكرت هذا البيت للشاعر "هنري ميشو" ورحت اردده على نفسي بأكثر من لغة ..
"أمسيات .. أمسيات كم من مساء لصباح واحد "
كيف تذكرته, ومتى تراني حفظته؟ .. تراني كنت أتوقع منذ سنين أمسيات بائسة كهذه, لن يكون لها سوى صباح واحد ؟
أنقب بعض الشيء في ذاكرتي عن القصيدة التي اخذ منها هذا البيت, وإذا بعنوانها "الشيخوخة" ..
فيخيفني اكتشافي فجأة وكأنني أكتشف معه ملامح وجهي الجديدة. فهل تزحف الشيخوخة هكذا نحونا حقاً بليل طويل واحد. وبعتمة داخليه تجعلنا نتمهل في كل شيء, ونسير ببطء, دون اتجاه محدد؟
أيكون الملل والضياع والرتابة جزءا من مواصفات الشيخوخة أم من مواصفات هذه المدينة ؟
تراني أنا الذي ادخل الشخوخة.. أم ترى الوطن بأكمله هو الذي يدخل اليوم سن اليأس الجماعي؟
أليس هو الذي يملك هذه القدرة الخارقة, على جعلنا نكبر ونهرم في بضعة اشهر, وأحيانا في بضعة أسابيع فقط ؟
قبل اليوم لم أكن اشعر بثقل السنين, كان حبّك شبابي, وكان مرسمي طاقتي الشمسية التي لا تنضب, وكانت باريس مدينه أنيقة, يخجل الواحد أن يهمل مظهره في حضرتها . ولكنهم طاردوني حتى مربع غربتي, وأطفأوا شعلة جنوني … وجاؤوا بي حتى هنا .
الآن نحن نقف جميعا على بركان الوطن الذي ينفجر , ولم يعد في وسعنا , إلا أن نتوحد مع الجمر المتطاير من فوهته, وننسى نارنا الصغيرة… اليوم لا شيء يستحق كل تلك الأناقة واللياقة. الوطن نفسه أصبح لا يخجل أن يبدو أمامنا في وضع غير لائق !
لا أصعب من أن تبدأ الكتابة, في العمر الذي يكون فيه الآخرون قد انتهوا من قول كل شيء.
الكتابة ما بعد الخمسين لأول مرة … شيء شهواني وجنوني شبيه بعودة المراهقة.
شيء مثير وأحمق , شبيه بعلاقة حب بين رجل في سن اليأس, وريشة حبر بكر .
الأول مرتبك وعلى عجل… والثانية عذراء لا يرويها حبر العالم !
سأعتبر إذن ما كتبته حتى الآن, مجرد استعداد للكتابة فقط, وفائض شهوة … لهذه الأوراق التي حملت منذ سنين بملئها .
ربما غدا ابدأ الكتابة حقا .
أحب دائما أن ترتبط الأشياء الهامة في حياتي بتاريخ ما …. يكون غمزة لذاكره أخرى .
أغرتني هذه الفكرة من جديد, وأنا استمع إلى الأخبار هذا المساء واكتشف، أنا الذي فقدت علاقتي بالزمن, أن غدا سيكون أول نوفمبر … فهل يمكن لي ألا أختار تاريخا كهذا, لأبدأ به هذا الكتاب ؟
غدا ستكون قد مرت 34 سنه على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير, ويكون قد مر على وجودي هنا ثلاثة أسابيع, ومثل ذلك من الزمن على سقوط آخر دفعه من الشهداء …
كان احدهم ذلك الذي حضرت لأشيّعه بنفسي وادفنه هنا.
بين أول رصاصه , وآخر رصاصه, تغيرت الصدور, تغيرت الأهداف .. وتغير الوطن .
ولذا سيكون الغد يوما للحزن مدفوع الأجر مسبقا .
لن يكون هناك من استعراض عسكري, ولا من استقبالات, ولا من تبادل تهاني رسميه ….
سيكتفون بتبادل التهم … ونكتفي بزيارة المقابر .
غدا لن ازور ذلك القبر . لا أريد أن أتقاسم حزني مع الوطن.
أفضل تواطؤ الورق, وكبرياء صمته .
كل شيء يستفزني الليلة.. واشعر أنني قد اكتب أخيرا شيئا مدهشا, لن أمزقه كالعادة..
فما أوجع هذه الصدفة التي تعود بي , بعد كل هذه السنوات إلى هنا, للمكان نفسه , لأجد جثة من أحبهم في انتظاري, بتوقيت الذاكرة الأولى .
يستيقظ الماضي الليلة داخلي … مربكا. يستدرجني إلى دهاليز الذاكرة .
فأحاول أن أقاومه, ولكن, هل يمكن لي أن أقاوم ذاكرتي هذا المساء ؟
أغلق باب غرفتي واشرع النافذة ..
أحاول أن أرى شيئا آخر غير نفسي. وإذا النافذة تطل علي…
تمتد أمامي غابات الغاز والبلوط, وتزحف نحوي قسنطينه ملتحفه ملاءتها القديمة, وكل تلك الأدغال والجروف والممرات السرية التي كنت يوما اعرفها والتي كانت تحيط بهذه المدينة كحزام أمان, فتوصلك مسالكها المتشعبة, وغاباتها الكثيفة, إلى القواعد السرية للمجاهدين, وكأنها تشرح لك شجرة بعد شجره, ومغارة بعد أخرى .
إنّ كل الطرق في هذه المدينة العربية العريقة, تؤدي إلى الصمود.
وإنّ كل الغابات والصخور هنا قد سبقتك في الانخراط في صفوف الثورة .
هنالك مدن لا تختار قدرها …
فقد حكم عليها التاريخ, كما حكمت عليها الجغرافيا, ألا تستسلم …
ولذا لا يملك أبناؤها الخيار دائما .
فهل عجبٌ أن أشبه هذه المدينة حد التطرف ؟
ذات يوم منذ أكثر من ثلاثين سنه سلكت هذه الطرق, واخترت أن تكون تلك الجبال بيتي ومدرستي السرية التي أتعلم فيها المادة الوحيدة الممنوعة من التدريس. وكنت ادري انه ليس من بين خريجيها من دفة ثالثه, وان قدري سيكون مختصرا بين المساحة الفاصلة بين الحرية .. والموت .
ذلك الموت الذي اخترنا له اسما آخر أكثر إغراءً، لنذهب دون خوف وربما بشهوة سريه, وكأننا نذهب لشيء آخر غير حتفنا .
لماذا نسينا يومها أن نطلق على الحرية أيضا أكثر من اسم؟ وكيف اختصرنا منذ البدء حريتنا…. في مفهومها الأول ؟
كان الموت يومها يمشي إلى جوارنا, وينام ويأخذ كسرته معنا على عجل. تماما مثل الشوق والصبر والإيمان .. والسعادة المبهمة التي لا تفارقنا
كان الموت يمشي ويتنفس معنا.. وكانت الأيام تعود قاسيه دائما, لا تختلف عما سبقتها سوى بعدد شهدائها, الذين لم يكن يتوقع احد موتهم على الغالب.. أو لم يكن يتصور لسبب أو لآخر, أن تكون نهايتهم, هم بالذات, قريبه إلى ذلك الحد .. ومفجعه إلى ذلك الحد. وكان ذلك منطق الموت الذي لم أكن قد أدركته بعد .
ما زلت اذكرهم أولئك الذين تعودنا بعد ذلك أن نتحدث عنهم بالجملة. وكأنَّ الجمع في هذه الحالة بالذات، ليس اختصارا للذاكرة , وإنما لحقهم علينا
لم يكونوا شهداء.. كان كل واحد منهم شهيدا على حده. كان هناك من استشهد في أول معركة, وكأنه جاء خصيصا للشهادة .
وهناك من سقط قبل زيارته المسروقة إلى أهله بيوم واحد, بعدما قضى عدة أسابيع في دراسة تفاصيلها, والإعداد لها .
وهناك من تزوج وعاد .. ليموت متزوجا .
وهناك من كان يحلم أن يعود يوما لكي يتزوج … ولم يعد.
في الحروب, ليس الذين يموتون هم التعساء دائما, إنّ الأتعس هم أولئك الذين يتركونهم خلفهم ثكالى, يتامى, ومعطوبي أحلام .
اكتشفت هذه الحقيقة باكراً، شهيداً بعد آخر، وقصة بعد أخرى..
واكتشفت في المناسبة نفسها، أنني ربما كنت الوحيد الذي لم يترك خلفه سوى قبر طريّ لأم ماتت مرضاً وقهراً، وأخٍ فريد يصغرني بسنوات، وأب مشغول بمطالب عروسه الصغيرة.
لقد كان ذلك المثل الشعبي على حقّ "إن الذي مات أبوه لم يتيتَّم.. وحده الذي ماتت أمه يتيم".
يتبع
أكان التحاقي بالجبهة آنذاك محاولة غير معلنة للبحث عن موت أجمل خارج تلك الأحاسيس المرضية التي كانت تملأني تدريجياً حقداً على كل شيء؟
كانت الثورة تدخل عامها الثاني، ويتمي يدخل شهره الثالث، ولم أعد أذكر الآن بالتحديد، في أية لحظة بالذات أخذ الوطن ملامح الأمومة، وأعطاني ما لم أتوقّعه من الحنان الغامض، والانتماء المتطرِّف له.
وربما كان لاختفاء "سي الطاهر" من حينا بسيدي المبروك منذ بضعة أشهر، دور في حسم القضية، واستعجالي في أخذ ذلك القرار المفاجئ. فلم يكن يخفى على أحد أنه انتقل إلى مكان سري في الجبال المحيطة بقسنطينة ليؤسس من هناك مع آخرين إحدى الخلايا الأولى للكفاح المسلح.
من أين عاد اسم "سي طاهر" الليلة ليزيد من ارتباكي، ومن منكما استدرجني للآخر؟.
من أين عاد.. وهل غاب حقاً، وعلى بعد شارعين مني شارع مازال يحمل اسمه؟
هناك شيء اسمه "سلطة الاسم".
وهناك أسماء عندما تذكرها، تكاد تصلح من جلستك، وتطفئ سيجارتك. تكاد تتحدث عنها وكأنك تتحدث إليها بنفس تلك الهيبة وذلك الانبهار الأول.
ولذا .. ظلّ لاسم (سي طاهر) هيبته عندي. لم تقتله العادة ولا المعاشرة، ولم تحوله تجربة السجن المشترك، ولا سنوات النضال، إلى اسم عاديّ لصديق أو لجار. فالرموز تعرف دائماً كيف تحيط نفسها بذلك الحاجز اللامرئي، الذي يفصل بين العادي والاستثنائي، والممكن والمستحيل، في كل شيء.
ها أنذا أذكره في ليلة لم أحجزها له..
وبينما أسحب نفساً من سيجارة أخيرة، يرتفع صوت المآذن معلناً صلاة الفجر. ومن غرفة بعيدة يأتي بكاء طفل أيقظ صوته أنحاء كل البيت..
فأحسد المآذن، وأحسد الأطفال الرضّع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلِّمهم الصمت.
لا أذكر من قال "يقضي الإنسان سنواته الأولى في تعلم النطق، وتقضي الأنظمة العربية بقية عمره في تعليمه الصمت!".
وكان يمكن للصمت أن يصبح نعمة في هذه الليلة بالذات، تماماً كالنسيان. فالذاكرة في مناسبات كهذه لا تأتي بالتقسيط، وإنما تهجم عليك شلالاً يجرفك إلى حيث لا تدري من المنحدرات.
وكيف لك لحظتها أن توقفها دون أن تصطدم بالصخور، وتتحطم في زلّة ذكرى؟
وها أنت ذا، تلهث خلفها لتلحق بماضٍ لم تغادره في الواقع، وبذاكرة تسكنها لأنها جسدك.
جسدك المشوه لا غير.
وتدري أنّ هناك من يلهثون الآن من منبر إلى آخر، بحجة أو بأخرى، ليدينوا تاريخاً كانوا طرفاً فيه. عساهم يلحقون بالموجة الجديدة، قبل أن يجرفهم الطوفان. فلا تملك إلا أن تشفق عليهم.
ما أتعس أن يعيش الإنسان بثياب مبللة.. خارجاً لتوه من مستنقع.. وألا يصمت قليلاً في انتظار أن تجف!
صامتاً يأتي (سي طاهر) الليلة.
صامتاً كما يأتي الشهداء.
صامتاً.. كعادته.
وها أنت ذا مرتبك أمامه كعادتك.
لقد كانت دائماً الخمس عشرة سنة التي تفصلكما، أكبر من عمر السنوات. كانت عمراً بحد ذاتها، ورمزاً بحد ذاتها، لرجل كان يجمع إلى جانب الفصاحة التي كان يتميز بها كل من اختلط بجمعية العلماء، ودرس في قسنطينة، فصاحة أخرى.. هي فصاحة الحضور.
كان (سي طاهر) يعرف متى يبتسم، ومتى يغضب. ويعرف كيف يتكلم، ويعرف أيضاً كيف يصمت. وكانت الهيبة لا تفارق وجهه ولا تلك الابتسامة الغامضة التي كانت تعطي تفسيراً مختلفاً لملامحه كل مرة.
"إن الابتسامات فواصل ونقاط انقطاع.. وقليل من الناس أولئك الذين ما زالوا يتقنون وضع الفواصل والنقط في كلامهم".*
في سجن ( الكديا) كان موعدي النضالي الأول مع (سي طاهر). كان موعداً مشحوناً بالأحاسيس المتطرفة، وبدهشة الاعتقال الأول، بعنفوانه.. وبخوفه.
وكان (سي طاهر) الذي استدرجني إلى الثورة يوماً بعد آخر، يدري أنه مسؤول عن وجودي يومها هناك. وربما كان يشفق سراً على سنواتي الست عشرة، على طفولتي المبتورة، وعلى ( أمّا) التي كان يعرفها جيداً، ويعرف ما يمكن أن تفعله بها تجربة اعتقالي الأول.
ولكنه كان يخفي عنّي كل شفقته تلك، مردداً لمن يريد سماعه: "لقد خلقت السجون للرجال".
وكان سجن (الكديا) وقتها، ككل سجون الشرق الجزائري يعاني فجأة من فائض رجولة، إثر مظاهرات 8 ماي 1945 التي قدّمت فيها قسنطينة وسطيف وضواحيها أول عربون للثورة، متمثلاً في دفعة أولى من عدّة آلاف من الشهداء سقطوا في مظاهرة واحدة، وعشرات الآلاف من المساجين الذين ضاقت بهم الزنزانات، مما جعل الفرنسيين يرتكبون أكبر حماقاتهم، وهو يجمعون لعدة أشهر بين السجناء السياسيين، وسجناء الحق العام، في زنزانات يجاوز أحياناً عدد نزلائها العشرين معتقلاً.
وهكذا، جعلوا عدوى الثورة تنتقل إلى مساجين الحق العام الذين وجدوا فرصة للوعي السياسي، ولغسل شرفهم بالانضمام إلى الثورة التي استشهد بعد ذلك من أجلها الكثير منهم. ومازال بعضهم حتى الآن على قيد الحياة، يعيش بتكريم ووجاهة القادة التاريخيين لحرب التحرير، بعدما تكفّل التاريخ بإعادة سجلّ سوابقهم العدلية.. لعذريته الأولى. بينما وجد بعض السجناء السياسيين _ في تلك الحماقة الاستعمارية _ فرصة للتعرف على بعض، ووقتاً كافياً للتشاور والتفكير في أمور الوطن.. والتخطيط للمرحلة القادمة.
اليوم.. عندما أذكر تلك التجربة، تبدو لي لكثافتها ودهشتها، وكأنها أطول مما كانت. رغم أنها لم تدم بالنسبة لي سوى ستة أشهر فقط. قضيتها هناك قبل أن يطلق سراحي أنا واثنين آخرين لصغر سننا ولأنه كان هناك من يهمهم أمرهم، أكثر منَّا.
يتبع
تسلمين حبيبتي والله يعطيك العافيه ..,,
ايه حبيبتي كمليها حمستينا
مجهود تشكرين عليه بصراحه تسلمين حبيبتي والله يعطيك العافيه ..,, ايه حبيبتي كمليها حمستينا |
من عيوني يا عسل
وبعدين
فتح لي الكام انا لايوجد لدي كمرا
وبعدين هوه قال انه تاجر رح يعرض منتوجاته على الكمرا
وانا ماعندي اي خلفيه عن اي شئ افتكرته بنت طلع شاب
وبعدين قفلت
وقال مين اللي عندك
كانت اختي الصغيره 3 سنوات عندي تتوقعون انه فيه برنامج جديد يقدر يلقط فيه صور لينا
خايفه
اخوي بيقول ليه انت عملتي قبول لدعوته
ارحموني وطمنوني انا في قلق كبير
يارب سترك
انتبهي مره ثانيه غلاتي 🙂
دمتي بخير
مره قلقااانه بحد
مع تحياتى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المفاتيح السبعة لفهم عالم الطفل
أولا:كيف نفهم عالم الطفل؟
يظن كثير من الآباء أن مجرد اجتهادهم في تلقين الطفل قيما تربوية إيجابية، كفيل بتحقيق نجاحهم في مهمتهم التربوية، وعند اصطدام معظمهم باستعصاء الطفل على الانقياد لتلك القيم، يركزون تفسيراتهم على الطفل في حد ذاته، باعتباره مسؤولا عن ذلك الفشل ولم يكلف أغلبهم نفسه مراجعة السلوك التربوي الذي انتهجه، فأدى ذلك المآل إلى مزيد من توتير العلاقة بينهم وبين أبنائهم.
فأين يكمن الخلل إذن ؟
هل في أبنائنا ؟
أم فينا نحن الكبار؟
أم هو كامن في الوسط الاجتماعي العام ؟
وما هي تلك الحلقة المفرغة في العملية التربوية التي تجعل جهدنا في نهاية المطاف بغير ذي جدوى ؟
وباختصار: كيف نستطيع تنشئة الطفل بشكل يستجيب فيه للقيم التربوية التي نراها، ‘بأقل تكلفة’ ممكنة ؟
وهل نستطيع نحن الآباء أن نحول تربيتنا لأطفالنا من كونها عبأ متعبا ؟ إلى كونها متعة رائعة ؟
هل بالإمكان أن تصبح علاقتنا بأطفالنا أقل توترا وأكثر حميمية مما هي عليه الآن ؟
هل نكون متفائلين بلا حدود إذا أجبنا عن هذه الأسئلة بالإيجاب ؟
ماذا لو جازفنا منذ البداية ؟
وقلنا بكل ثقة: نعم بالتأكيد نستطيع.
فتعالوا إذن لنرى كيف نستطيع فعليا أن:
– نجعل من تربيتنا لأطفالنا متعة حقيقية.
– نجعل أطفالنا أكثر اطمئنانا و سعادة دون أن نخل بالمبادئ التي نرجو أن ينشؤوا عليها.
– نجعل علاقتنا بأطفالنا أكثر حميمية.
– نحقق أكبر قدر من الفعالية في تأثيرنا على أبنائنا ؟
السؤال المطروح بهذا الصدد هو: إذا أردت أن تكون أبا ناجحا، أو أن تكوني أما ناجحة، فهل عليك أن
تضطلع بعلوم التربية وتلم بالمدارس النفسية وتتعمق في الأمراض الذهنية والعصبية ؟؟؟ بالطبع لا.
ما عليك إذا أردت أن تكون كذلك إلا أن تفهم عالم الطفل كما هو حقيقة، وتتقبل فكرة مفادها: أنك
لست ‘أبا كاملا’ وأنك لست ‘أما كاملة’… فتهيء نفسك باستمرار كي تطور سلوكك تجاه طفلك، إذ ليس هناك أب كامل بإطلاق ولا أم كاملة بإطلاق..
كما عليك أن لا تستسلم لفكرة أنك ‘أب سيء’ وأنك ‘أم سيئة’، فتصاب بالإحباط والقلق فكما أنه ليس هناك أب كامل ولا أم كاملة بإطلاق، فكذلك ليس هناك أب سيء ولا أم سيئة بإطلاق.
فالآباء تجاه التعامل مع عام الطفل صنفان غالبان:
الصنف الأول: يعتبر عالم الطفل نسخة مصغرة من عالم الكبار، فيسقط عليه خلفياته وتصوراته.
الصنف الثاني: يعتبر عالم الطفل مجموعة من الألغاز المحيرة والطلاسم المعجزة، فيعجز عن التعامل معه.
إن عالم الطفل في الواقع ليس نسخة مصغرة من عالم الكبار، ولا عالما مركبا من ألغاز معجزة.
بل هو عالم له خصوصياته المبنية على مفاتيح بسيطة، من امتلكها فهم وتفهم، ومن لم يمتلكها عاش
في حيرته وتعب وأتعب فما هي إذن مفاتيح عالم الطفل التي بها سنتمكن بها من فهم سلوكه
وخلفياته على حقيقتها فنتمكن من التعامل الإيجابي معه ؟
ثانيا: هكذا نفهم عالم الطفل:
لعالم الطفل مفاتيح، لا يدخله إلا من امتلكها، ولا يمتلكها إلا من تعرف عليها، وهي:
1- الطفل كيان إنساني سليم وليس حالة تربوية منحرفة.
2- الواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذة أساسا وليس عبر الألم.
3- الزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمنا اجتماعيا.
4- العناد عند الطفل نزوع نحو اختبار مدى الاستقلالية وليس رغبة في المخالفة.
5- الفضاء عند الطفل مجال للتفكيك أي المعرفة وليس موضوعا للتركيب أي التوظيف.
6- كل رغبات الطفل مشروعة وتعبيره عن تلك الرغبات يأتي أحيانا بصورة خاطئة.
7- كل اضطراب في سلوك الطفل مرده إلى اضطراب في إشباع حاجاته التربوية.
و في ما يلي تفصيل ذلك:
1- الطفل كيان إنساني سليم وليس حالة تربوية منحرفة:أولى مفاتيح عالم الطفل، تكمن فيما ورد عن
المربي الأول صلى الله عليه وسلم: ‘ ما من مولود إلا يولد على الفطرة ‘ ليس هناك من يجهل هذه
المقولة، ولكن القليل منا من يستطيع توظيف هذا الموقف النظري في تعامله مع الطفل: لأن المتأمل
في نوع التدخل الذي نقوم به تجاه سلوك أطفالنا يدرك مباشرة أننا نتعامل معهم على اعتبار أنهم حالة تربوية
منحرفة يلزمنا تقويمها، لا باعتبارهم كيانا إنسانيا سليما، كما يقتضيه فهمنا لمعنى ‘الفطرة’
الوارد في الحديث الشريف.
فنعمل بمقتضى ذلك المفهوم المنحرف على الوقوف موقفا سلبيا ومتسرعا تجاه أي سلوك لا يروقنا ولا
نفهمه، فنحرم بذلك أنفسنا من الانسياب إلى عالم الطفل الممتع والجميل.
إن الإيمان بأن كل مولود يولد على الفطرة ليس مسألة حفظ بالجنان وتلويك باللسان، بل هو تصور عقدي
ينبني عليه التزام عملي تربوي ثابت.
فالانحراف عن هذا التصور يجعل سلوكنا تجاه أبنائنا منذ البداية محكوما عليه بالفشل الذريع.
إذ إنه من مقتضيات الإيمان بولادة الإنسان على الفطرة: الاعتقاد بأن الله تعالى قد منح الطفل من
الملكات الفطرية والقدرات الأولية ما يؤهله ليسير في رحلته في هذه الدنيا على هدى وصواب، وبذلك
التصور سيتحدد نوع تدخلنا في كيانه، والذي يتجلى في وظيفة محددة هي: الإنضاج والتنمية، لا التقويم والتسوية،
أي ستقتصر وظيفتنا تجاه الطفل على تقديم يد المساعدة للطفل حتى ينضج تلك الملكات وينمي تلكم القدرات.
بل إن من مقتضيات توظيف هذا الحديث النبوي الشريف أنه حينما نلحظ انحرافا حقيقيا في سلوك
الطفل، فعلينا أن نراجع ذواتنا ونتهم أنفسنا ونلومها ونحاسبها، لأننا سنكون نحن المسؤولين عن
تحريف تلك الفطرة التي وضعها الله تعالى بين أيدينا أمانة سوية سليمة، فلم نحسن الحفاظ عليها، ولم
نؤد حقها على الوجه المطلوب.. وبذلك سوف نشفى من أعراض النرجسية التي تصيب معظم الآباء،
حيث سنتمكن من تطوير ذواتنا باستمرار عن طريق عرضها على ميزان النقد والتقويم.
فالطفل كيان إنساني سليم وليس حالة تربوية منحرفة.
2- الواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذة أساسا وليس عبر الألم:نعم إن خوف الطفل من الألم قد يجعلك
تضبط سلوكه ولو لفترة معينة، ولكنك لن تستطيع التعويل باستمرار على تهديده بالألم إذا كنت تريد أن
تبني في كيانه قيمة احترام الواجب والالتزام به.
كما لن يمكنك تفادي الآثار السلبية لما يحدثه الألم في نفسه وشخصيته، وهو ما سنتطرق إليه بعد هذا
الجزء من الحديث لا تنتظر من الطفل أن يقوم بما عليه القيام به من تلقاء نفسه وبشكل آلي، بل وحتى
بمجرد ما تأمره به، والسبب هو أن مفهوم الواجب عنده لم ينضج بعد، وهو من المفاهيم المجردة التي ينبغي تنشئة الطفل عليها بشكل تدريجي.
فحينما تأمره أن يقوم بإنجاز تمارينه المدرسية مثلا، فإن استجابته لك لن تتحقق ما لم تربطها بمحفز يحقق له متعة منتظرة، مثل الوعد بفسحة آخر
الأسبوع أو زيارة من يحبه… حتى يرتبط فعل الواجب لديه باستشعاره للمتعة التي سوف يجنيها.
فيكون الهدف هو أن يصبح الطفل متعلقا بفعل الواجب قدر تعلقه بتحقيق تلك المتعة وما يدعم ذلك هو أن الطفل أثناء تنفيذه للواجب، فإنه يفعل ذلك
بمتعة مصاحبة، كأن يغني وهو يكتب، أو يقفز على رجل واحدة و هو ذاهب لجلب شيء ما.. وعلى أساس هذا الاعتبار تأسست مدارس تعليمية،
تعتمد اللعب وسيلة أساسية لتعليم الصغار.
ويعتقد بعض الآباء أن ربط الواجب بالمحفزات، وخاصة المادية منها، سوف يوقعهم في تدليل أبنائهم.
وهو ما نعتبره خلطا في المفاهيم قد يقع فيه الكثير، وبكلمات سريعة موجزة نقول: إن الدلال هو منح المتعة بدون ربطها بالقيام بالواجب،
وغالبا ما يكون تقديم تلك المتعة استجابة لابتزاز يمارسه الطفل على والديه، بل هي أحيانا منح المتعة مقابل اقتراف الخطأ،
وذلك انحراف كبير في السلوك التربوي تجاه الأبناء.
وما نتحدث عنه نحن بهذا الصدد مخالف كما ترى لهذه الصورة.
إن تفهم هذا الأمر عند الطفل سيجعل تعاملنا معه أثناء إلزامه بفعل الواجب تعاملا إيجابيا وخاليا من التوتر
فالواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذة أساسا وليس عبر الألم.
3- الزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمنا اجتماعيا:نعتمد نحن الكبار في تحديد الزمن على ما تعارفنا عليه من وسائل،
تطورت عبر العصور إلى أن وصلت إلى الزمن الكرونولوجي، الذي يعتمد اليوم على الأجزاء المجزأة من الثواني،
وهو في كل مراحله يُعتَبر زمنا اجتماعيا.
في حين أن مفهوم الزمن عند الطفل هو أيضا من المفاهيم المجردة التي يلزمه وقت كاف لاستيعابها والانضباط إليها والعمل ضمنها.
والزمن الوحيد الذي يعمل الطفل وفقه هو الزمن الذي يحسه هو حسب متعته أو ألمه:
فإذا كان مستغرقا في اللعب، مثلا، فإنه يعتقد في قرارة نفسه أن الكون كله سيتوقف احتراما لتمتعه بعمله ذاك،
فلا حق لأي كان حسب إحساسه أن يشوش عليه متعته تلك.
وليس المجال الآن مجال مناقشة كيفية تأهيل الطفل لإدراك الزمن الاجتماعي، ولذلك سنتكفي بالتأكيد على ضرورة استحضار هذا الأمر أثناء
إلزام الطفل القيام بواجب ما في وقت ما، وذلك بمساعدته للخروج تدريجيا من زمنه النفسي إلى زمنك الاجتماعي.
فإذا كان مستغرقا في اللعب مثلا، وكان عليه أن ينتهي منه على الساعة الخامسة لينجز واجبا ما، فما عليك إلا أن تنبهه إلى ذلك قبل الموعد بعشر
دقائق على الأقل، وإذا كان لديك الوقت الكافي أن تشاركه فيما يقوم به، حتى تدخل معه زمنه النفسي ثم تخرجه منه شيئا فشيئا.
فالزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمنا اجتماعيا.
4- العناد عند الطفل نزوع نحو اختبار استقلاله وليس رغبة في المخالفة:
عندما نأمر الطفل أو ننهاه فيخالفنا، نتهمه مباشرة: ‘ يا لك من ولد عنيد’.
ولا نتوقف للبحث عن الأسباب ‘الموضوعية’ التي دعته إلى عدم الاستجابة لنا.
يظهر العناد عادة بعد مرور سنتين ونصف، وتسمى سن العناد، ويفيدنا علماء النفس أنه كلما أظهر الطفل عنادا قبل
هذا السن كلما دل ذلك على سلامته النفسية.
نعم، فالعناد الطبيعي دليل السلامة النفسية.
ولفهم ذلك نسترجع ما يشبه قصة إدراك الطفل لما حوله:
إذ أن الطفل منذ أن تقدر له الحياة في بطن أمه يكون مرتبطا بذلك الحبل السري
الذي يغذيه بالهواء والغذاء، ويستمر شعوره بالارتباط بالحبل السري مع أمه حتى حينما يخرج إلى هذا العالم.
وحينما يشرع في إدراك الأشياء التي تحيط به ينتابه إحساس أنه عضو من أعضاء أمه، تماما مثل يديها أو رجليها، تحركه كيفما أرادت،
غير أن هذا الشعور يتعرض لأحداث بسيطة تشوش هذا الاعتقاد عند الطفل، مما يحدو به إلى اختباره، وتكون الوسيلة الوحيدة للاختبار
هي عدم الاستجابة، أو ما نسميه نحن الكبار: ‘ عنادا’.ومن المفارقات التي يؤكدها العلماء أن الطفل حينما يصل إلى حقيقة أنه
مستقل عضويا وإراديا عن أمه فإنه لا يفرح بذلك، بل على العكس يصاب بالألم.
وما يقع عادة أنه مع شعوره بألمه الذاتي فإنه يتعرض إلى ألم خارجي من قبلنا حينما نعاقبه على عناده
والمهم هنا هو أن نستحضر أن الأمر له مبرر حيوي بالنسبة للطفل، وأن كرامتنا نحن الكبار غير مستهدفة من قبله، وذلك .
2- لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه
3- من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب
4- ما أكثر العبر وأقل الاعتبــــار
5- الحلم غطاء ساتر ، والعقل حسام قاطع
6- أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما
7- وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما
8- إن الدنيا أدبرت وإن الآخرت أقبلت فكونوا من أبناء
الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا
9- كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه
10- كفى بالجهل خمولاً أنه يتبرأ منه من هو فيه
11- التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل
والاستعداد ليوم الرحيل
12- لا راحة لحسود ولا إخاء لملول ولا محب لسيء الخلق
13- سِرك أسيرك ، فإذا تكلمتَ به صرتَ أسيرَه
14- ذقت الطيبات كلها فلم أجد أطيب من العافيــة
15- وذقت مرارات الدنيا فلم أجد أمرّ من الحاجة إلى
الناس
16- عقل بلا أدب كشجاع بلا سلاح
17- ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة
18- دولة الباطل ساعة ، ودولة الحق حتى قيام الساعة
19- أخوف ما أخاف عليكم اثنتان : طول الأمل واتباه الهوى ،
فطول الأمل ينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق
20- للمرائي ثلاث علامات : الكسل إذا كان وحده –
وينشط إذا كان الناس – ويزيد في العمل إذا أثنيَ عليه
وينقص إذا ذم
جزاك اللهالخير
استغفر الله