التكامل مهم في بناء الحياة السعيدة، لكن هل من التكامل أن يكون الرجل شبيه زوجته أو المرأة شبيهة زوجها؟ لا، ليس بالضرورة؛ بل لابد من وجود الاختلاف في الطبع والطبيعة بين كل اثنين يتجهان نحو بناء تكاملي سواء في الأسرة.
في الحياة العامة قد يكون من الأجدى للزوجين أن تختلف طبيعتهما كمًّا وكيفًا، وأن يكون التشابه فقط في الرغبات والاهتمامات؛ بحيث يتشابهان في هذا الجانب أو قد لا يتشابهان، بل يتم التنازل من قبل أحد الشريكين عن رغبة مخالفة نزولًا عند رغبة الآخر، وهنا يكمن الانسجام.. تتنازل هي مرة ليتنازل هو مرات، كل ذلك في سبيل بناء التكامل في الحياة الزوجية.
وهو ما يفتقده كثير من الأزواج حين يتمسك كلٌّ برغبته، وتتصادم الرغبات، مما يقلل العطاءات؛ يقل عطاء الزوج لزوجته ويقل عطاءها له.
لابد لبناء تكاملي ناضج أن ينسجم العطاء مع الرغبة التي قد تكون مجرد جنوح محض لمخالفة رغبة أخرى قصدًا.
أو عن غير قصد عنادًا أو مكابرة، وكل ذلك يسمِّم العلاقات الزوجية شيئًا فشيئًا، حتى ينتهي بانفصال روحي أو جسدي. وفي نظري القاصر أن عواقب الانفصال الروحي بين متلازمين أشد ضررًا من الانفصال الجسدي الذي يبدأ بالطلاق وينتهي بالنسيان، لكن الانفصال الروحي مع بقاء العلاقة الجسدية فحسب له أثره السلبي على النفس والغير؛ فهو يثير الشجن في روحين يستحيل التقاؤهما ويحرك كوامن البغض والكراهية ويزرعها في الأبناء أيضًا، فمن المناسب جدًا أن يكون الانفصال الجسدي قبل أن يستشري مرض التسمم العاطفي في العلاقة الزوجية، وهو الخيار الأفضل.
في رأيي المتواضع أن التكامل في الحياة الزوجية يبدأ بالانسجام بين اثنين يتبعه مزيج من مشاعر الحب والود والرحمة التي توفر غطاءً جيــدًا لبيت سعيد، وبدون ذلك لا قيمة لحياة زوجية روتينية لا تحظى بالرضا من الطرفين.
كثير من الأزواج والزوجات على السواء لا يسعى نحو التكامل والانسجام في الحياة الزوجية، وهو ما يمكن بالبحث أولًا عن الشريك المناسب، ليس شكلًا فحسب، وهو ما ترتكز عليه كثير من العلاقات الفاشلة؛ بل الشكل والجوهر على السواء.. قد يكون لقاء واحد بين رجل وامرأة كفيلًا بمعرفة مدى الانسجام بينهما، وقد لا يكون ذلك كافيًا في التقييم. صحيح، قد يتم التقييم النفسي الشعوري بحيث يقيِّم الشريك شعوره تجاه الآخر ثم يأتي بعد ذلك قياس الاهتمامات والرغبات والطبائع والصفات ويستحيل تقدير ذلك بساعة أو ساعتين.. بيوم أو يومين، بل بلقاءات متعددة وجلسات فيها لون من الحوار والتعامل أيضًا.
كثير من العلاقات، لاسيما في مجتمعاتنا الخليجية، لا تحظى بالقدر الكافي للتقييم؛ نظرًا للتشدد في هذا الجانب، بحيث يكتفي الخاطب بنظرة لا تغني ولا تسمن من جوع، وبعض العادات والتقاليد البالية تتشدد لتمنع أن يرى الخاطب خطيبته، وهو ما كفله ـ وأكثر منه ـ الشارع الحكيم، فالشارع الحكيم لم يمنع أن يتكلم الخاطب مع خطيبته، وأن يلتقي بها أكثر من مرة مع وجود محرم، لكن النظرة القاصرة والغيرة التي طبعت عليها مجتمعاتنا العربية جعلت هناك فجوة كبيرة تمنع الانسجام والتكامل في العلاقات الزوجية، لذا كثر الطلاق بشكل ملفت للنظر مما سبب إشكاليات كثيرة وكبيرة في علاقات المجتمع بعضه ببعض، لأن الطلاق لا يفسد علاقة اثنين فحسب؛ بل علاقات كثيرة ارتبطت مع اقتران زوجين.
من المهم في العلاقة الزوجية التي تسعى نحو التكامل الجانب الاستشاري، وهو ما تهمله مجتمعاتنا العربية في الغالب، وتهتم به كثيرًا المجتمعات الغربية. إن استشارة طبيب متخصص في العلاقات الإنسانية والاستشارات الاجتماعية حتى بعد الزواج مهم لقيام بناء متين من الانسجام والتكامل نحو حياة سعيدة، وهو ما ننشده لكل أسرة في مجتمعاتنا الكبيرة وحياتنا الأسرية الصغيرة.
منقول
لكي احلى باقة ورد يالغلا
مواضيعك دائما مميزه تسلمين