إذا أردت الثانية فلتكن فناناً إذن !!
سئل الشيخ علي الطنطاوي – حفظه الله – عن أفضل سن للزواج فقال للسائل : قبل أن أجيبك عن هذا السؤال أريد أن أسألك : متي تأكل ؟ فقال السائل : عندما أجوع !! فقال الشيخ علي الطنطاوي : وأنا أجيبك بأن أفضل سن للزواج عندما يحتاج الإنسان إلي الزواج .
أحببت أن أكتب هذه المقدمة لموضوع شائك في مجتمعنا وهو موضوع الزوجة الثانية، أو" التعدد " وعندما يُطرح هذا الموضوع بين الرجال فدائماً يكونون بين مؤيد له ومتحفظ عليه ومعارض لإجرائه بشروط، وأما النساء فرأيهن واحد غالباً .. ولكن القضية في رأيي قد حسمتها الشريعة الإسلامية عندما أباحت التعدد للرجل، وهنا ينبغي أن نلفت النظر إلي أن الظاهرة لا ينبغي أن نتعامل معها بأسلوب هل أنت مؤيد أو معارض؟ وإنما السؤال الصحيح: هل التعدد مناسب لك أم لا ؟!
ثلاثة أنواع
في كثير من الأحيان يكون الأمر مباحاً للإنسان ولكنه لا يستطيع فعله، أو أن يكون حراماً ويضطر إلي فعله، فلا بد من مراعاة الظرف والمكان والذات عند تقديرنا للأمور، والرجال في تجربة التعدد علي ثلاثة أنواع :
· منهم من جرب وفشل فندم وتراجع وشعر بأن التجربة التي خاضها كانت أكبر من قدرته
واستطاعته، وأنه عاطفي جداً فظلم الأولي علي حساب الثانية أو ظلم الثانية علي حساب
الأولي .
· والنوع الثاني مَن جرب التعدد وما زال يعيشه رغم مشاكله، وهو علي أمل أن تستقر
الأمور وتهدأ العاصفة، وهو متحير بين مواصلة المسير أو التراجع .
· ونوع ثالث جرب ونجح وأحسن التعامل والتصرف وبدأ ينصح غيره بالتعدد .
كيف نجح ؟!
والسؤال يطرح نفسه كيف ينجح من عدد بين النساء ؟! والإجابة عن هذا السؤال تحتاج منا إلي معرفة قدرات ومواهب كل رجل بالإضافة إلي الوقت الذي يمكن أن يعطيه لهذه المسألة الاجتماعية،ولهذا فإن القرار السليم في مثل هذه المسألة أن يقيس الإنسان قدراته ومهاراته في فن التعامل مع النساء، بالإضافة إلي قياس حاجته النفسية والاجتماعية إلي التعدد، ثم معرفة الواجبات والتكاليف الجديدة التي ستجد في حياته، وهل هو قادر علي التوفيق بينهما والصرف عليهما من ماله والعدل في التعامل معهما أم لا ؟! عندما نعرف هذه المعايير الثلاثة نستطيع أن نحكم علي الرجل قبل أن يعدد إذا كان قراره في التعدد صحيحاً أم خاطئاً ؟!
نصحته بالثانية
أحدهم جاءني شاكياً من حياته الزوجية وبدأ يذكر لي كيف كان في أيامه الخالية ؟ وأنه كان يرتكب الفاحشة مع النساء بشكل مستمر لدرجة أنه لا يمر عليه أسبوع إلا وقد ارتكب الفاحشة مع ساقطة أيام دراسته بأوروبا، ثم هداه الله وتاب وتزوج وأصبح له الآن أربع سنوات في زواجه .. قال لي : المشكلة التي أعانيها أنني كنت أعدد بالحرام حتي تعودت التنويع وما عدت أصبر علي زوجة واحدة، ثم بكي واستمر قائلاً : وإني أخاف علي نفسي من الانحراف وارتكاب المنكرات مرة أخري وبدأت نفسي تحدثني كثيراً فما العمل؟!
إني أحب زوجتي ولا أريد أن أجرحها وهي لم تقصر معي في شيء، فنصحته بمصارحة زوجته بحاجاته الخاصة والوصول معها إلي حل .
ثم جاءني بعد فترة والابتسامة علي وجهه وقال لي : " زوجتي زوجتني من أخري " .. فقلت له : هذا علاجك، والعبد إذا اتقي ربه جعل الله له مخرجاً .
لا يعرف عدد أولاده !!
في إحدى القضايا التي أعالجها رفع الابن البالغ من العمر 12 سنة دعوي علي والده يطالبه فيها بالنفقة عليه، وحضر عندي الابن والأب،وسألت الأب عن حالته المادية فقال لي : لا أستطيع أن أصرف علي ابني والتزاماتي المالية كثيرة، فقلت له : كم ابناً عندك ؟ فنظر إلي السقف وأخذ يفكر – وأنا أنظر إليه مستغرباً – ثم قال لي : والله لا أذكر لكنني أعتقد أنهم ما بين 20 – 23 ولداً، فقلت له : وكم امرأة عندك ؟ فقال ثلاث نساء، فغضبت عليه وعلي قراره بالتعدد وقلت له ألا تخاف الله ؟! ألا تتقي ربك في زوجاتك وأبنائك ؟ أنت والله في حقك التعدد حرام، ليس التعدد من أجل تفريغ الشهوة الجنسية ورمي الأولاد في الشوارع، بل من أراد أن يعدد فعليه أن يتحمل تربية أبنائه ومصاريفهم وحقوقهم ومسؤولياتهم، لكنني شعرت بأنه غير مبالٍ بغضي وكلامي .. فالله المستعان .
حتي السحر !!
إن موضوع التعدد أو الزوجة الثانية قد ُظلم بين معاول هدم كثيرة، منها وسائل الإعلام وبث مفهوم أن الزواج الثاني خيانة ونقض للعهد وأنه ضد الوفاء للزوجة الأولي وكفران للعشير وعدم الشكر لها، وبين ممارسات خاطئة وظالمة لا تحترم مشاعر ونفسيتها كأن يتزوج الرجل في السر علي زوجته ثم تكتشف بعد وفاة زوجها أن شخصاً غريباً عنها بدأ يطالب بنصيبه بالإرث وأنه ابن المتوفى، ومنهم من يتزوج جهاراً نهاراً ويهجر الأولي ويهددها بالطلاق،والممارسات من الرجال كثيرة ولكل فعل خاطئ ردة فعل خاطئة، مما حدا ببعض النساء الآن للتعامل بالسحر حيث (يعقدن) علي أزواجهن حتي لا يتزوجوا بأخرى، والمشاكل في هذا الباب كبيرة وكثيرة .. ولكن لو يتعامل الإنسان مع قضية التعدد بالمنطلق السليم والعدالة المطلقة فإن الأمر سيكون علي خلاف ذلك .
يحدثني أحد أصدقائي من مدينة ( بلوشستان ) وهو من سُنة إيران بأن التعدد عندهم هو الأصل وأنه لا توجد عندهم المشاكل الزوجية التي يسمع بها عندنا .
شقاء مع واحدة
أنا أعتقد أن الموضوع ليس موضوع تعدد وإنما من وُفق للسعادة وأخذ بأسبابها، وعرف كيف يتعامل مع الخلق فهو السعيد، أعرف صديقاً متزوجاً من ثلاث زوجات وهو في غاية السعادة، وأعرف صديقاً آخر متزوجاً بواحدة وهو في شقاء ما بعده شقاء .. مرة أخري نعود إلي الزمان والمكان والحال لها الأثر في اتخاذ القرار والنجاح فيه، فليس من يعدد وهو في أوروبا أو الأمريكتين مثل من يعدد في مصر أو الجزائر أو من يعدد في الخليج، فالبيئة لها أثر والمفهوم السائد عند الناس له أثر، فكيف يتعامل من يريد التعدد مع الواقع الذي يعيشه وحاجاته الشخصية ؟