تعرف بأنها إحساس فطري لا إرادي بعيد عن المنطق يمكّن صاحبه من معرفة المجهول والتنبُّؤ بالمستقبل، وأغلب الناس يمتلكون مثل هذه الحاسة وبدرجات متفاوتة، وبما أن الإنسان العادي ليس له وسيلة اتصال بالمستقبل فإنه من المرجح أن يعتمد على الروح لاكتشاف المستقبل المجهول، فهي نفحة من الله ولها قدرات عظيمة لا تدركها العقول، وكان قديمًا يعتقد بأن تلك الحاسة خرافة وليس لها تفسير علمي، ولكن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن الحاسة السادسة لدى كل إنسان وتظهر بصورة واضحة عند الشعور بالخطر، وتوجد فعليًا في جزء من المخ يتعامل مع حل الصراعات.
منذ زمن طويل شغف الناس وعلماء النفس والمهتمون بالماورائيات بما اصطلح على تسميته بـ"الحاسة السادسة"، التي يفترض أنها شعور غير ناتج عن أي مشاهدات أو تحليل أو تبرير منطقي بل هي خارقة لجميع حواس الإنسان وقوانين الطبيعة فهي تتجاوز المكان والزمان لتقود صاحبها إلى التوقع الصحيح عن ماهية الأشياء والحوادث.
ولكن هل يمكن أن يكون لهذه الظاهرة تفسير علمي ومنطقي ؟، هل يمكن أن ندرسها بشكل يفصل الظاهرة الحقيقية عن الخرافات والمبالغات التي نسبت لها، التي طالما استغلها المشعوذون لإيهام وخداع البسطاء؟.
لوحظ قديمًا وحديثًا أن ثمة أعدادًا متزايدة من البشر من مختلف الأعمار تبرز لديهم قدرات تمكنهم من القيام بأعمال يعجز عنها الآخرون وتتجاوز المدى الحسي المتعارف عليه وتحدث من غير وسائط حسية، منها القدرة على التواصل مع الآخرين تخاطريًا ورؤية أحداث خارج المدى الحسي العادي ومعرفة أمور تحدث في المستقبل، والتأثير في الناس والأشياء الأخرى والاستشفاء وتحريك الأشياء وإلحاق الأذى بالآخرين وتعطيل وتدمير الأشياء الأخرى.
يعرف كل منا حواسه الخمس الأساسية (الإحساس، الرؤية، الشم، السمع والتذوق)، ولكنه في خضم ظروف الحياة القاسية ينسى أو يتناسى الحاسة السادسة التي تعتبر الخيط الرفيع الذي يربطه بالعالم الآخر غير المنظور، ويؤكد الباحثون أن تلك الحاسة تعمل بدون الاعتماد على الحواس الفيزيائية الأخرى، حيث يمكن الاتصال بين شخصين في مكانين منفصلين بواسطة الاتصال الروحي أو كما يطلق عليه البعض التخاطر.
والحقيقة أن الحاسّة السادسة هي جزء منك سواء أردت أم لم ترد، فهي جزء طبيعي من العقلية البشرية، وليست حكرًا على الأشخاص الموهوبين، وقد زُود كل إنسان منذ اللحظة الأولى التي يخرج فيها للحياة بما يمكنه من الاتصال بالعالم الروحي، الذي يتخلص فيه من الجسم المادي ويسمو بروحه التي تحركه حيثما تشاء، وهي نفس النظرية التي استخدمت الإلكترون في نقل المعلومات عبر الأجهزة مثل التلفزيون والراديو.
وقد توصل باحثون بجامعة واشنطن، مؤخرًا، إلى أن الحاسة السادسة موجودة تحديدًا في قشرة المخ، وهي مسؤولة عن إطلاق إنذار عند شعـور الإنسان بالخطر الذي يزيد في حالة المرأة أكثر من الرجل.
وأوضح الباحثون أنّ تلك القشرة مرتبطة ببعض الاضطرابات العقلية، مثل الشيزوفرينيا والاضطراب العدواني القهري.
تقول د. لميس الراعي، رئيس قسم طب الأمراض النفسية بكلية طب قصر العيني، إن الحاسة السادسة تتبع "الباراسيكولوجي"، وهو علم النفس الذي يرصد ظواهر لم يتم تحقيقها من خلال النظريات العلمية، إنّما لوحظت في الحياة، ومنها الاستشعار عن بعد، كذلك الفكرة التي تذهب من شخص إلى آخر أو ما يسمى توارد الخواطر أو "التيليباثي".
ويقول د. علي رمضان، استشاري الطب النفسي، إن المخ يقوم بإطلاق إنذار ناحية الأخطار، حيث يزيد نشاط المنطقة المسؤولة عن هذه الحاسة بالمخ وقت وقوع الإنسان في خطر أو خطأ ما أو لحظة اتّخاذ الشخص قرارات مصيرية مهمّة، مما يجعل هذه المنطقة تدرك، من تلقاء نفسها، وقت حدوث الخطر وتبدأ بالشعور به.
فيقوم المخ بتخزين جميع المعلومات المرتبطة بحدوث أحداث مختلفة وتخزينها به. وحين تتكرّر ملابسات تلك الأحداث السابقة، يقوم العقل باستنتاج منطقي لما يحدث من خلال ما لديه من معلومات مخزنة عن الأحداث السابقة.
ويستطيع الإنسان أن يرسل إشارات حسية إلى الغير، كما يمكنه أن يستقبل منه إشارات، ممّا يتيح له أن يشعر بالأحداث أثناء أو قبل وقوعها. هذه العمليّة تعتبر نوعًا من أنواع التخاطب عن بعد، وتحدث بشكل لا إرادي ولا علاقة لها بصفة ما أو بسنّ ما أو شخص محدّد وتنبع الحاسة السادسة من قوة ووظائف وروح الإنسان، وهي بذلك تنمو مثلما ينمو الوعي والضمير.
تشير د. كاملة إبراهيم، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، إلى أنّ الحاسة السادسة لها أنواع متعدّدة، فمنها ما هو قائم على الاستبصار عند شعور الفرد بأنّه قد رأى هذا المكان أو الشخص أو عايش الموقف ذاته، الذي يحدث أمامه في تلك اللحظة.
ويفسّر ذلك د. وليد فؤاد، أستاذ المخ والأعصاب بطب الأزهر، حيث يقول "إنّ هناك ما يسمى بالفص الصدغي بالمخ، وهو المسؤول عن تخزين الذكريات والعواطف والأحاسيس، وحينما يحدث به سوء استقبال للمعلومات، يرى الفرد أنّ المواقف والأماكن التي هو موجود بها في تلك اللحظة، قد عاشها ورآها من قبل".
أما النوع الثاني من الحاسة السادسة، فهو التنبُّؤ بما سيحدث، كالشعور نحو إنسان ما بعدم الارتياح والقدرة على التكيف لمجرد رؤيته ودون حتى التعامل المباشر معه. كما تشمل الحاسة السادسة قراءة أفكار ومشاعر الغير، بالإضافة إلى إدراك أمور من الماضي وإعادة تذكرها مرة أخرى.
ويرى العلماء أن أغلب الناس لديهم حاسة سادسة، حيث تنشط في الشخص ذاته أحيانًا وتصاب بالخمول في أوقات أخرى، والأمر هنا يرتبط بالمحيط النفسي والاجتماعي الذي يعيش فيه الإنسان، فكلّما كان الفرد يعيش في حالة صفاء ذهني ومزاجي وكانت أعصابه هادئة دون أيّة مشكلات تؤرّق مخّه، كانت حاسته السّادسة قوية.
ولا تتأثر قوة عمل الحاسة السادسة بأي مرض عضوي، لأنها قائمة على الحالة النفسية لا على الحالة العضوية، لذا نجد أن الإصابة بمرض نفسي، هي أكبر مؤثر في عمل هذه الحاسة.
ويبيّن د. وليد أن إصابة الفص الصدغي المسؤول عن الحاسة السادسة بأية جلطات أو صرع أو نتيجة الحرمان من النوم، تؤثر بالسلب في استقبال المعلومات، وبالتالي على عمل هذه الحاسة.
ويتميز أصحاب الحاسة السادسة القوية بالاستقرار الوجداني والنفسي والسعادة الداخلية، والثقة بالنفس، واتساع علاقاتهم الاجتماعية ونجاحها، وحب التعايش والتعاون مع الغير، بالإضافة إلى الإيمان بالله والقضاء والقدر.
ويشير د. محمد صلاح، أستاذ الطب النفسي، إلى أن المرأة دائمًا ما تعاني شعورًا دائمًا بالقلق والخوف من المستقبل، وهي دائمًا في حالة بحث عما سيحدث، لتعد العدة لمواجهته، وذلك لكونها لا تحب ولا تتحمل الصدمات مثل الرجل الذي يحب مواجهة الأمور مهما بلغت خطورتها أو عدم توقع عواقبها بشجاعة دونما خوف.
الأم مثلاً تشعر أن ابنها مريض حتى عندما يكون في بلاد بعيدة عنها، كذلك قد تستيقظ الأمّ منزعجة وتجد أنّ ابنها، الذي بجانبها، بصدد السقوط على الأرض، وبالتالي تنقذه قبل سقوطه.
وقد أجرى العلماء تجارب على الأرانب الأمهات، حيث أخذوا أرنبًا في غواصة تحت البحر وركّبوا جهاز قياس ذبذبات المخ على مخها وأمسكوا بصغارها وذبحوهم، فوجدوا أن الأم تصاب بذبذبة بالمخ في كلّ مرّة يتمّ فيها ذبح أحد صغارها.
ومن ثمة نجد ارتباطًا بين الأم والصغار، رغم البعد المكاني، وتفسير ذلك أن الكون مليء بالموجات الكهرومغناطيسية التي تتردد ونحن لا نسمعها، لكن يسمعها فقط من يضبط مخه على هذه الموجات، كما يحدث في الراديو والتلفاز.
انا النوع التاني من اصحاب الحاسة السادسة
جزاك الله خيرا حبيبتي على روعة الطرح