بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد..
قال الله تبارك وتعالى( سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجِد الأقصى الذي باركنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ من ءاياتِنَا إنّهُ هوَ السميع البصير )
(سورة الإسراء )
عندما جاءَهُ جبريلُ عليه السلام ليلاً َ وهو نائمٌ
فتَحَ سَقْفَ بيتِهِ ولم يهبِطْ عليهِم لا ترابٌ ولا حجرٌ ولا شىءٌ
وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم حينَها في بيتِ بنتِ عمّه أمّ هانىءٍ بنتِ أبي طالبٍ أختِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ في حيّ اسمه أجياد بمكة
كان هو وعَمّه حمزةُ وجعفرُ بنُ أبي طالب نائمين والرسولُ صلى الله عليه وسلم كانَ نائماً بينهما
فأيقظَهُ جبريلُ عليه السلام ثم أركبَهُ على البُراقِ خلفَهُ وانطلقَ بهِ.
والبُراقٌ دابةٌ من دوابِّ الجنّةِ وهو أبيضٌ طويلٌ يضَعُ حافِرَهُ حيثُ يَصِلُ
نظرُهُ ولما يأتي على ارتفاعٍ تطولُ رجلاهُ ولما يأتي على انخفاضٍ تقصُرُ رجلاه.
واستعداد لهذه الرحلة المباركة اتجه جبريل عليه السلام بنبينا صلوات ربى عليه
الى الكعبة فقام بشق صدره من غير ان يشعر الرسول صلى الله عليه وسلم بأى الم يذكر
ليملأه ايماناً وحكمة إعداداً لهذه الرحلة المباركة ثم صار حتى وصلا ارض المدينة ِ
فقالَ له جبريلُ عليه السلام " انزِل "
فنزل فقالَ له "صلِّ ركعتينِ" فَصَلّى ركعتين، ثم انطلَقَ فوصَلَ بهِ الى بَلَدٍ
اسمُها مَدْيَن وهي بلدُ نبيِ اللهِ شُعَيب عليه السلام فقال له انزِل فَصَلِّ
ركعتينِ فعَلَ مثل ذلِكَ في بيتِ لحمٍ حيث وُلِدَ عيسَى ابنُ مريمَ عليهِ السلام.
ثم أتى بيتَ المقدِسِ فربَطَ البُراقَ بالحَلَقَةِ التي يَرْبِطُ بها الأنبياءُ عليهم
السلام ثم دخلَ المسجدَ الأقصى فصلَّى فيهِ ركعتين.
وصلّى بالأنبياء عليهم السلام إماماً
جمَعَهم له هُناك كلّهم تشريفاً له، ليجعله الله الميثاق الذي يأخذه على رسله ليؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم
ويونه ويؤيدوه, وتكون إمامته صلى الله عليه وسلم لجميع الرسل
إعلانا لعالمية الإسلام وبيانا لوجوب الإيمان به حيث آمن واقتدى به جميع الرسل عليهم السلام
ثم يخرج عليه جبريلُ عليه السلام بإناءٍ من خمرِ الجنةِ لا يُسكِرُ وإناءٍ من
لبَنٍ فاختَارَ النبيُ صلى الله عليه وسلم البنَ فقال لهُ جبريل عليه السلام
اخترتَ الفِطرةَ ( أي تمسَّكْتَ بالدين)
أن هذه البقعة المباركة التي اجتمع بها الرسل عليهم السلام جميعا
لها مكانة عظيمة في قلب كل مسلم , هي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم.
ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج.
فرأى اللهَ بقلبهِ ولم يَرَهُ بعينَيْ رأسِهِ لأنَّ اللهَ لا يُرَى بالعينِ الفانِيَةِ في الدنيا
وإنما يُرى بالعينِ الباقيةِ في الآخرةِ كما نصَّ على ذلك الإمامُ مالِكٌ رضي اللهُ عنه
ثم إنّ نبينا صلى الله عليه وسلم لما رجَعَ من ذلِكَ المكانِ
كان من جملةِ ما فَهِمَهُ من كلامِ اللهِ الأزليِ أنّهُ فُرِضَ عليه خمسون صلاة ثم
رجع فوجد موسى عليه السلام في السماءِ السادسةِ
فقال له:
ماذا فرضَ اللهُ على أُمَّتِكَ" قال: خمسين صلاة
قال :ارجع وسل التخفيف
فإني جرَّبْتُ بني اسرائيلَ فُرِضَ عليهم صلاتان فلم يقُوموا بهما"
فرجعَ فَطَلَبَ التخفيفَ مرةً بعد مرَّةٍ إلى أن صاروا خمسَ صلواتٍ.
ثم رجع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى قومه
وحكى لهم ما حدث
إلا انها رحلة تعجز عن تصديقها غير القلوب النقية المؤمنة فمنهم من
كذبه ومنهم من أخذ يناظره بالاسئلة ويسأله "كم باباً بيت المقدس "
فلما كانت الرحلة ليلاً كشف الله له فآراه ، فصار يحكى لهم عن وصف
الابواب وعددها واحداً واحداً فسكتوا
وعندما قالوا لصديقه"ابوبكر "صاحبك يدعى أنه أسرى به "
فقال ابو بكر مقولته المأثورة "إنه صادق فى ذلك أنا اصدقه فى خبر
السماء فكيف لا اصدقه عن خبر الأرض "
وبذلك تكون هذه الرحلة الربانية تذكير دائم للأمة العربية والإسلامية إلى
التعاون والالتحام معا يدا واحدة لإنقاذ المسجد الأقصى وحماية الأرض
المقدسة ورد الحق لأصحابه، خاصة وأنها أرض الإسراء وارض المحشر
التي تتعرض الآن لأخطر الانتهاكات والعدوان.
يتبع