ليس هذا فقط، بل ويشمل الموضوع نصائح يقدمها المختصون في مجال الصحة الجنسية، والتي تعدّ مكلفة مقارنة بما تحققه من فائدة مرجوة، لكن المشكلة لاتزال قائمة، بل وفي ازدياد، وبحسب آخر إحصائية نشرتها مجلة الصحة الجنسية الصادرة من أميركا في مايو 2022، أوضحت أن أكثر من ثلثي الأشخاص المرتبطين بعلاقة حميمة مستمرة يشعرون بنوع من الملل، حتى في عدم وجود أي اضطرابات أخرى، ولكن لا يعرفون الطريقة الصحيحة لاستعادة الحيوية في العلاقة.
الحالة:
الرسالة التالية سأعرضها كما وردتني، وباللغة التي كتبت بها، وتعبر عن مدى الألم والخوف على مستقبل الزواج، فالسيدة (فتحية. ص) تقول في رسالتها: أرجوكِ أن تساعديني، فقد وصلت إلى مرحلة من اليأس أن أجد حلاً لما أمر به، وأرجو المعذرة على أسلوبي البسيط في الكتابة، فتعليمي لا يتعدى المرحلة المتوسطة، وأنا حالياً في أوائل الثلاثينيات من عمري، متزوجة، ولديّ 5 أطفال، كلهم بخير والحمد لله، وزوجي يعمل في القطاع التجاري والحال مستور، وما حدث أنني بدأت أشعر بأن زوجي كلما طلب حقه الشرعي أشعر بتأنيب الضمير؛ لأنني أصاب بالتعب والصداع، مع العلم أن كل تحاليلي سليمة، وهو أيضاً بدأ يمل من الطلب، وحتى أحياناً كثيرة يقول معك حق، بلاش الليلة، وهنا بدأت أخاف أن يغضب أو أن ينظر لامرأة أخرى، والغريب أننا نتفاعل بصورة جيدة عندما نشاهد اللقطات المثيرة، وهو ما جعلني أطلب الاستشارة من أحد الأطباء، والذي أعطاني منشطاً، ولكن للأسف لم يساعد في أي شيء. ما هذه الحالة؟ وهل فعلاً هي نتيجة طول فترة الزواج؟ فأنا متزوجة منذ 18 عاماً، وماذا سيحدث عندما أصل للخمسين من عمري؟ وهل الطلاق هو الحل؟.
الإجابة:
وجد أن أكثر النساء يعبرن عن هذه المشكلة بطرق لفظية مثل العبارات الشهيرة «ليس الليلة، فأنا أعاني من صداع»، وهي العبارة التي قد يفهمها الزوج بأنها إشارة إلى أن يبدأ في التفكير في الأخرى.
ونجد أن التفسيرات التي تحاول توضيح هذه المشكلة غير كافية، ولا تعرض طرق المعالجة الصحيحة للوضع. فقد يتم تفسير هذه الحالة خطأ ضمن حالات البرود لدى النساء، أو حالات فقدان الرغبة عند الرجال، وما يترتب عليه من إعطاء أدوية قد تزيد الحالة سوءاً، ومن المهم هنا أن نوضح السبب أو الأسباب وراء حدوث هذه الظاهرة، ومنها:
1- يختلف المحرك الأساسي للرغبة بحسب مرور فترات من الزمان على الزواج؛ ففي البداية يكون المحرك والدافع لهذه الرغبة جسدياً وهرمونياً مع التحكم الصادر من الدماغ، ثم تبدأ الرغبات الحميمة في الاستجابة للعوامل النفسية، وتأخذ العلاقة نمطاً محدداً، وقد يصل إلى مرحلة التوقع والتعود لدى الفرد، وهنا تأتي أهمية معرفة ما يحبه الشريك من مؤثرات متغيرة مع مرور الوقت، وهنا تبدأ المشكلة التي تسبب الملل؛ حينما يصبح هم الشريك أن يرضي الطرف الآخر فقط، من دون الاهتمام بتحقيق القدر اللازم لراحته ورضاه، أو بمعنى آخر عندما يصبح الشخص أقل أنانية وحباً لذاته في حقه في الحصول على الرضا في العلاقة الحميمة كما يتمنى، وهذه هي البداية لظهور المشكلة، ما يجعل الشخص يشعر بتأنيب الضمير أو حتى نتيجة الخوف من فقدان الشريك الزوجي، وليس الجانب الحميم فقط، وتصبح العملية ضمن دائرة مغلقة من عدم القدرة، وقد تنتج عنها العديد من الاضطرابات الجسدية ذات المنشأ النفسي.
وللعلاج يجب أن يبدأ الزوجان في التفاهم حول وجود المشكلة في الناحية التفاعلية، وليس كما يعتقد البعض في الشخص نفسه، بمعنى قد يميل الرجل إلى اتباع بعض النصائح بتغيير الشريكة لعل في ذلك ما يعيد له الحيوية في العلاقة، والحقيقة العلمية أن المسألة ستتكرر مع الشريكة الجديدة، وهكذا إلى أن يتم معالجة النقطة الفاصلة في موضوع التواصل الصادق حول الرغبات الحميمة، والتي تمر بتغيرات مثلها مثل أي علاقة حية.
2- المرحلة الثانية تتعلق بدور المشاركة في النشاطات الحلال بين الزوجين، سواء على مستوى الأداء الحميم أو حتى تحقيق الفانتازيا بينهما، حتى لو لم تكن هناك علاقة حميمة بالطريقة التقليدية التي تعودا عليها.
3- قد يكون التوقف عن الممارسة الحميمة لفترة من الأمور التي تساعد على إعادة شحن الرغبات، وخاصة مع المصارحة الهادفة والهادئة بين الزوجين بأن الموضوع ليس له علاقة بالشخص وذاته، وإنما هو خلل في التناغم والإثارة الحميمة بالأداء، وقد يستغرب البعض عندما نجد كما ذكرنا سابقاً أن عدم الشعور أو التخلي عن الأنانية يعدّ من أهم الأسباب للحالة التي تتحول إلى ملل وضجر، وتصبح العلاقة الحميمة مجرد «أداء واجب».
والأهم من هذا هو التواصل الصريح بعيداً عن الشعور بالخوف من التفسيرات الخاطئة المحتملة بين الزوجين.
ولذلك عزيزتي أرجو أن تعيدي قراءة الإجابة بتمعن مع زوجك؛ لإيجاد الطريقة الأفضل لكما؛ للتغلب على هذه المشكلة، والتي يمكن علاجها بإذن الله.
نصيحة
العلاقة الحميمة يكمن المحرك الرئيس لها في الناحية النفسية والدماغ، وليس في الأعضاء، والتي تعدّ مجرد أدوات للحصول على الراحة، ولذلك يجب ألا نتحول إلى مجرد زبائن لشركات الأدوية أو المصانع المنتجة للألعاب المحفزة، من دون أن يكون لدينا الوعي الصحيح لمدى فعالية مثل هذه الطرق لعلاج ما نعانيه من الملل والضجر في العلاقة.