ثم عوامل عدّة قد تساهم في مظهر الشعر الهرم، كالتغيّر في ملمس الشعر مثلاً، الرقة، الإفتقار إلى اللمعان، الشعر التالف وتناقص حجمه. وفي حين أن الشعر الأبيض قد يكون بالتأكيد الدّليل الأكبر على شيخوخة الشعر، فإنه بالتأكيد ليس الدّليل الوحيد. أما الأمر المطمئن فهو أن بإمكانك التحكم بالشعر الهرم أكثر بكثير من تحكمك بالبشرة الهرمة. فباستعمال مستحضرات ذات مستوى للعناية بشعرك وتلبية احتياجاته، بإمكانك مساعدة شعرك لمساعدة نفسك كي تبدي أكثر صباً.
الوسم: العلامة
الله أكبر …الله أكبر … الله أكبر
لا يخفى على أحد مرض الشيخ الحويني ( حفظه الله، وقوّاه )، وأنه سافر للعلاج في ألمانيا منذ بضعة أسابيع.
ولا يخفى أيضا الجموع التي جاءته من كل حدب وصوب، ومن أقطار أوروبة كلها، لتطمئن على الشيخ الفاضل ( أسأل الله أن يعافيه من كل بلاء ).
و وسط حزن الناس على مرضه؛ أعقبنا الله الخير، وكان سفره سببا في إسلام اثنين من الألمان.
http://alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=9122
نسأل الله أن يوقفنا لنكون دعوة لغيرنا.
أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله.
موقع العلامة الشيخ بن جبرين
نبذة مختصرة عن
العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
1347 – 1421هـ
نسبه ومولده:
هو صاحب الفضيلة الشيخ العالم المحقق, الفقيه المفسّر, الورع الزاهد، محمد ابن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن آل عثيمين من الوهبة من بني تميم.
ولد في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1347هـ في عنيزة – إحدى مدن القصيم – في المملكة العربية السعودية.
نشأته العلمية:
ألحقه والده – رحمه الله تعالى – ليتعلم القرآن الكريم عند جدّه من جهة أمه المعلِّم عبد الرحمن بن سليمان الدامغ – رحمه الله -, ثمَّ تعلَّم الكتابة, وشيئًا من الحساب, والنصوص الأدبية في مدرسة الأستاذ عبدالعزيز بن صالح الدامغ – حفظه الله -, وذلك قبل أن يلتحق بمدرسة المعلِّم علي بن عبد الله الشحيتان – رحمه الله – حيث حفظ القرآن الكريم عنده عن ظهر قلب ولمّا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره بعد.
وبتوجيه من والده – رحمه الله – أقبل على طلب العلم الشرعي، وكان فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – يدرِّس العلوم الشرعية والعربية في الجامع الكبير بعنيزة, وقد رتَّب اثنين (1) من طلبته الكبار؛ لتدريس المبتدئين من الطلبة, فانضم الشيخ إلى حلقة الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع ـ رحمه الله ـ حتى أدرك من العلم في التوحيد, والفقه, والنحو ما أدرك.
ثم جلس في حلقة شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله, فدرس عليه في التفسير, والحديث, والسيرة النبوية, والتوحيد, والفقه, والأصول, والفرائض, والنحو, وحفظ مختصرات المتون في هذه العلوم.
ويُعدّ فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – هو شيخه الأول؛ إذ أخذ عنه العلم؛ معرفةً وطريقةً أكثر مما أخذ عن غيره, وتأثر بمنهجه وتأصيله, وطريقة تدريسه، واتِّباعه للدليل.
وعندما كان الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان – رحمه الله – قاضيًا في عنيزة قرأ عليه في علم الفرائض, كما قرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – في النحو والبلاغة أثناء وجوده مدرّسًا في تلك المدينة.
ولما فتح المعهد العلمي في الرياض أشار عليه بعضُ إخوانه (2) أن يلتحق به, فاستأذن شيخَه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – فأذن له, والتحق بالمعهد عامي 1372 – 1373هـ.
ولقد انتفع – خلال السنتين اللّتين انتظم فيهما في معهد الرياض العلمي – بالعلماء الذين كانوا يدرِّسون فيه حينذاك ومنهم: العلامة المفسِّر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي, والشيخ الفقيه عبدالعزيز بن ناصر بن رشيد, والشيخ المحدِّث عبد الرزاق الأفريقي – رحمهم الله تعالى -.
وفي أثناء ذلك اتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -, فقرأ عليه في المسجد من صحيح البخاري ومن رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية, وانتفع به في علم الحديث والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها, ويُعدُّ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – هو شيخه الثاني في التحصيل والتأثُّر به.
ثم عاد إلى عنيزة عام 1374هـ وصار يَدرُسُ على شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي, ويتابع دراسته انتسابًا في كلية الشريعة, التي أصبحت جزءًا من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة, حتى نال الشهادة العالية.
تدريسه:
توسَّم فيه شيخه النّجابة وسرعة التحصيل العلمي فشجّعه على التدريس وهو ما زال طالبًا في حلقته, فبدأ التدريس عام 1370هـ في الجامع الكبير بعنيزة.
ولمّا تخرَّج من المعهد العلمي في الرياض عُيِّن مدرِّسًا في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ.
وفي سنة 1376هـ توفي شيخه العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله تعالى – فتولّى بعده إمامة الجامع الكبير في عنيزة, وإمامة العيدين فيها, والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع؛ وهي التي أسسها شيخه – رحمه الله – عام 1359هـ.
ولما كثر الطلبة, وصارت المكتبة لا تكفيهم؛ بدأ فضيلة الشيخ – رحمه الله – يدرِّس في المسجد الجامع نفسه, واجتمع إليه الطلاب وتوافدوا من المملكة وغيرها حتى كانوا يبلغون المئات في بعض الدروس, وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل جاد, لا لمجرد الاستماع, وبقي على ذلك, إمامًا وخطيبًا ومدرسًا, حتى وفاته – رحمه الله تعالى -.
بقي الشيخ مدرِّسًا في المعهد العلمي من عام 1374هـ إلى عام 1398هـ عندما انتقل إلى التدريس في كلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, وظل أستاذًا فيها حتى وفاته- رحمه الله تعالى -.
وكان يدرِّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج ورمضان والإجازات الصيفية منذ عام 1402هـ , حتى وفاته – رحمه الله تعالى-.
وللشيخ – رحمه الله – أسلوب تعليمي فريد في جودته ونجاحه, فهو يناقش طلابه ويتقبل أسئلتهم, ويُلقي الدروس والمحاضرات بهمَّة عالية ونفسٍ مطمئنة واثقة, مبتهجًا بنشره للعلم وتقريبه إلى الناس.
آثاره العلمية:
ظهرت جهوده العظيمة – رحمه الله تعالى – خلال أكثر من خمسين عامًا من العطاء والبذل في نشر العلم والتدريس والوعظ والإرشاد والتوجيه وإلقاء المحاضرات والدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى -.
ولقد اهتم بالتأليف وتحرير الفتاوى والأجوبة التي تميَّزت بالتأصيل العلمي الرصين, وصدرت له العشرات من الكتب والرسائل والمحاضرات والفتاوى والخطب واللقاءات والمقالات, كما صدر له آلاف الساعات الصوتية التي سجلت محاضراته وخطبه ولقاءاته وبرامجه الإذاعية ودروسه العلمية في تفسير القرآن الكريم والشروحات المتميزة للحديث الشريف والسيرة النبوية والمتون والمنظومات في العلوم الشرعية والنحوية.
وإنفاذًا للقواعد والضوابط والتوجيهات التي قررها فضيلته – رحمه الله تعالى – لنشر مؤلفاته, ورسائله, ودروسه, ومحاضراته, وخطبه, وفتاواه ولقاءاته, تقوم مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية – بعون الله وتوفيقه – بواجب وشرف المسؤولية لإخراج كافة آثاره العلمية والعناية بها.
وبناءً على توجيهاته – رحمه الله تعالى – أنشئ له موقع خاص على شبكة المعلومات الدولية (3)، من أجل تعميم الفائدة المرجوة – بعون الله تعالى – وتقديم جميع آثاره العلمية من المؤلفات والتسجيلات الصوتية.
أعماله وجهوده الأخرى:
إلى جانب تلك الجهود المثمرة في مجالات التدريس والتأليف والإمامة والخطابة والإفتاء والدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – كان لفضيلة الشيخ أعمال كثيرة موفقة منها ما يلي:
• عضوًا في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عام 1407هـ إلى وفاته.
• عضوًا في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العامين الدراسيين 1398 – 1400هـ.
• عضوًا في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم ورئيسًا لقسم العقيدة فيها.
• وفي آخر فترة تدريسه بالمعهد العلمي شارك في عضوية لجنة الخطط والمناهج للمعاهد العلمية, وألّف عددًا من الكتب المقررة بها.
• عضوًا في لجنة التوعية في موسم الحج من عام 1392هـ إلى وفاته – رحمه الله تعالى – حيث كان يلقي دروسًا ومحاضرات في مكة والمشاعر, ويفتي في المسائل والأحكام الشرعية.
• ترأس جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة من تأسيسها عام 1405هـ إلى وفاته.
• ألقى محاضرات عديدة داخل المملكة العربية السعودية على فئات متنوعة من الناس, كما ألقى محاضرات عبر الهاتف على تجمعات ومراكز إسلامية في جهات مختلفة من العالم.
• من علماء المملكة الكبار الذين يجيبون على أسئلة المستفسرين حول أحكام الدين وأصوله عقيدة وشريعة، وذلك عبر البرامج الإذاعية من المملكة العربية السعودية وأشهرها برنامج «نور على الدرب».
• نذر نفسه للإجابة على أسئلة السائلين مهاتفه ومكاتبة ومشافهة.
• رتَّب لقاءات علمية مجدولة, أسبوعية وشهرية وسنوية.
• شارك في العديد من المؤتمرات التي عقدت في المملكة العربية السعودية.
• ولأنه يهتم بالسلوك التربوي والجانب الوعظي اعتنى بتوجيه الطلاب وإرشادهم إلى سلوك المنهج الجاد في طلب العلم وتحصيله, وعمل على استقطابهم والصبر على تعليمهم وتحمل أسئلتهم المتعددة, والاهتمام بأمورهم.
• وللشيخ – رحمه الله – أعمال عديدة في ميادين الخير وأبواب البرّ ومجالات الإحسان إلى الناس, والسعي في حوائجهم وكتابة الوثائق والعقود بينهم, وإسداء النصيحة لهم بصدق وإخلاص.
مكانته العلمية:
يُعَدُّ فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى – من الراسخين في العلم الذين وهبهم الله – بمنّه وكرمه – تأصيلاً ومَلَكة عظيمة في معرفة الدليل واتباعه واستنباط الأحكام والفوائد من الكتاب والسنّة, وسبر أغوار اللغة العربية معانِيَ وإعرابًا وبلاغة.
ولما تحلَّى به من صفات العلماء الجليلة وأخلاقهم الحميدة والجمع بين العلم والعمل أحبَّه الناس محبة عظيمة, وقدّره الجميع كل التقدير, ورزقه الله القبول لديهم واطمأنوا لاختياراته الفقهية, وأقبلوا على دروسه وفتاواه وآثاره العلمية, ينهلون من معين علمه ويستفيدون من نصحه ومواعظه.
وقد مُنح جائزة الملك فيصل – رحمه الله – العالمية لخدمة الإسلام عام 1414هـ, وجاء في الحيثيات التي أبدتها لجنة الاختيار لمنحه الجائزة ما يلي:
أولاً: تحلِّيه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها الورع, ورحابة الصدر، وقول الحق, والعمل لمصلحة المسلمين, والنصح لخاصتهم وعامتهم.
ثانيًا: انتفاع الكثيرين بعلمه؛ تدريسًا وإفتاءً وتأليفًا.
ثالثًا: إلقاؤه المحاضرات العامة النافعة في مختلف مناطق المملكة.
رابعًا: مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كثيرة.
خامسًا: اتباعه أسلوبًا متميزًا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وتقديمه مثلاً حيًّا لمنهج السلف الصالح؛ فكرًا وسلوكًا.
عقِبُه:
له خمسة من البنين, وثلاث من البنات, وبنوه هم: عبد الله, وعبد الرحمن, وإبراهيم, وعبد العزيز, وعبد الرحيم.
وفاتـه:
تُوفي – رحمه الله – في مدينة جدّة قبيل مغرب يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال عام 1421هـ, وصُلِّي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة عصر يوم الخميس, ثم شيّعته تلك الآلاف من المصلّين والحشود العظيمة في مشاهد مؤثرة, ودفن في مكة المكرمة.
وبعد صلاة الجمعة من اليوم التالي صُلِّي عليه صلاة الغائب في جميع مدن المملكة العربية السعودية.
رحم الله شيخنا رحمة الأبرار, وأسكنه فسيح جناته, ومَنَّ عليه بمغفرته ورضوانه, وجزاه عما قدّم للإسلام والمسلمين خيرًا.
اللجنة العلمية
في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
وهناك قناه تلفزيونيه بإسم الشيخ رحمه الله
وجزى الله القائمين عليها خير الجزاء
قال أبو عبدالرحمن: هذا التفسير لا يطابق معنى الآية إلا بجعل الهداية بمعنى الإيضاح لا بمعنى اهتدائهم هداية توفيق بإعانتهم على الطاعة سلوكاً.. وتفسير الهداية هاهنا بهداية الإيضاح وحسب لا تصح؛ لأن الخبر عن صفوة الأمة الذين هداهم الله هداية توفيق وإعانة.. وإضلال الله بعد الهداية الإيضاحية لا يكون بشرع آخر يأمرهم بالسوء تعالى الله عن ذلك؛ وإنما يكون بصرفهم عن العمل بالشرع المعصوم.. كما أن إبلاغ الشرع إليهم هو قيام الحجة عليهم؛ لأن الشرع مصحوب ببراهينه.. وجمع مجاهد بين رأي ابن جرير الذي قيد المعنى بالاستغفار للمشركين (وهو قبل ابن جرير بقرنين)، وبين من جعل سبب الإضلال عموم المعصية التي يدخل فيها الاستغفار.. وجرت عادة ابن تيمية على تأكيد أن تفسير التابعين لمثل هذا اختلاف تنوع لا اختلاف تباين؛ وإنما يصح هذا إذا كانت عباراتهم متنوعة ومعناها واحد، ولا تنوع بين الخاص والعام، بل أحدهما مباين الآخر.. وفسر أبو الحسن الواحدي كلام مجاهد بقوله: «لما حرم الله الاستغفار للمشركين على المؤمنين بين أنه لم يكن الله يأخذهم به من غير أن يدلهم على أنه يجب أن يتقوه؛ فهذا أمان مما يخاف من تلك الحال.. وهذا معنى قول مجاهد.. قال الواحدي (468هـ) رحمه الله تعالى: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم) (سورة التوبة:115).. لما حرم الاستغفار للمشركين على المؤمنين بين أنه لم يكن الله ليأخذهم به من غير أن يدلهم على أنه يجب أن يتقوه؛ فهذا أمان مما يخاف من تلك الحال، وهذا معنى قول مجاهد.. قال ابن الأنباري: ((والتأويل حتى يبين لهم ما يتقونه فلا يتقونه فعند ذلك يستحقون الإضلال؛ فحذف ما حذف لبيان معناه، كما تقول العرب أمرتك بالتجارة؛ فكسبت الأموال، يريدون فاتجرت وكسبت.. قال: واختلف الناس في تفسير الإضلال هاهنا فقالت فرقة: تأويله وما كان الله ليحكم عليهم بالضلالة حتى يكون منهم ذا، واحتجوا بقول الكميت:
فطائفة قد أكفروني بحبكم
وطائفة قالوا مسيء ومذنب
أي نسبوني إلى الكفر وحكموا علي به.. وقال آخرون: وما كان الله ليوقع الضلالة في قلوبهم بعد الهدى حتى يكون منهم الأمر الذي يستحق عليه العقاب، وأبطلوا القول الأول، وقالوا: العرب إذا أرادت ذلك المعنى قالت: ضلل يضلل، واحتجاجهم ببيت الكميت باطل؛ لأنه قياس في اللغة، (واللغة لا تؤخذ قياساً)، وليس كل موضع تكلم فيه بفعل يصلح في موضعه أن يقال (أفعل) في النسبة إلى ذلك الفعل؛ فلا يقال: أكسر ولا أضرب؛ فليس علينا إلا اتباع العرب في استعمال ما استعملوا ورفض ما رفضوا)) هذا كلامه.. والآية بيان عما توجبه حال من لم يدل على ما يجب أن يجتنب من الأمر السمعي من أنه لا يطالب باجتنابه ولا يضل بإتيانه حتى يبين له أمره وتقرر عنده منزلته؛ فحينئذ يجازى به».. أي بالإضلال.
قال أبو عبدالرحمن: قول مجاهد استدل به الإمام ابن جرير وهو أعم من مذهبه، وتفسير الواحدي لكلام مجاهد غير مطابق؛ ذلك أنه روي مذهب مجاهد بعدد من الطرق عن ابن أبي نجيح وابن جريج؛ فرواية ابن أبي نجيح بهذا النص: بيان للمؤمنين في الاستغفار للمشركين خاصة، وفي بيانه طاعته ومعصيته عامة فافعلوا أو ذروا، ورواية ابن جريج مطابقة في المعنى لرواية ابن أبي نجيح، وهي أوضح في العموم؛ لأنه ذكر عموم البيان بعد خصوص التبيين، ونصه: «يبين الله للمؤمنين أن لا يستغفروا للمشركين في بيانه في طاعته وفي معصيته؛ فافعلوا أو ذروا».. وطبع مخطوط بعنوان: (تفسير مجاهد)، والواقع أن أكثره من تفسير مجاهد، وفيه تفاسير مسندة إلى غير مجاهد، وليس مؤلفه على الحقيقة مجاهد، بل ألفه أبو القاسم عبدالرحمن بن الحسن بن محمد بن عبيد بن عبدالملك الهمذاني أملاه على تلميذه ابن شاذان عام 349هـ.. ولا يغرنكم جزم ابن تيمية على (أن ابن نجيح سمع عن مجاهد) بدعوى اعتماد الشافعي والبخاري على روايته رحمهم الله تعالى، بل الثابت عند أهل الخبرة والاختصاص أنه لم يسمع منه، وهكذا ابن جريج؛ وإنما سمعا عن القاسم بن أبي مزة: عن مجاهد مع اختلاف بينهما أحياناً، ورد ابن تيمية نفي سماع ابن أبي نجيح عن مجاهد بقوله: «إن تفسير ابن أبي نجيح: عن مجاهد من أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير أصح من تفسير ابن أبي نجيح: عن مجاهد إلا أن يكون نظيره في الصحة»، وبعض طلبة العلم يتلقون مثل هذا النص بالتسليم.
قال أبو عبدالرحمن: مثل هذا الكلام نفياً أو إثباتاً بالدعوى المجردة لا يقبل، ولا يرد به علم ذوي التخصص تاريخاً وجرحاً وتعديلاً، وما صح عن مجاهد فمآله إلى القاسم ابن أبي بزة الذي يروي عنه ابن أبي نجيح.. وابن أبي نجيح رحمه الله تعالى (صالح الحديث) فلا تكون روايته أصح بإطلاق، وما جمع الله العلم بالمأثور وصحة الاستنباط والتفسير في قلب رجل أو في كتابه لا مجاهد ولا غيره، وتفسيره للقرآن إنما كان في مواضع منه، وليس هو على الصحة دائماً، ولا يسلم لأحد أبداً القطع بالصواب، بل المرجع إلى التقصي لنصوص الشرع، وتفسير العلماء ابتداءً بالصحابة رضوان الله عليهم، وتحقيق النقل ثبوتاً ودلالةً، وجمع النصوص في المسألة؛ ليكون الاستنباط على بصيرة بحضور شواهد العلم.. وكلام ابن تيمية سلوك حر لتصحيح سماع أبي نجيح عن مجاهد بالدعوى المجردة والاستدلال الخطابي، ولم يسلك مسلك أهل التخصص في النفي أو الإثبات بعلم محقق.. وقال أبو إسحاق أحمد إبراهيم الثعلبي رحمه الله تعالى: «وقال مقاتل والكلبي: لما أنزل الله تعالى الفرائض فعمل بها الناس (ثم) نسخها من القرآن وقد غاب (ناس) وهم يعملون للأمر الأول من القبلة والخمر وأشباه ذلك؛ فسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم) (سورة التوبة:115) يعني وما كان الله ليبطل عمل قوم عملوا بالمنسوخ (حتى يبين لهم ما يتقون).. قال الضحاك: ما كان الله ليضل قوماً حتى يبين لهم ما يأتون وما يذرون».
قال أبو عبدالرحمن: نص مقاتل جاء في الكتاب المطبوع باسم (تفسير مقاتل) هكذا «وذلك أن الله أنزل فرائض؛ فعمل بها المؤمنون، ثم نزل بعدما نسخ به الأمر الأول فحولهم إليه، وقد غاب أناس لم يبلغهم ذلك فيعملوا بالناسخ بعد النسخ، وذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله: كنا عندك والخمر حلال والقبلة إلى بيت المقدس، ثم غبنا عنك فحولت القبلة ولم نشعر بها فصلينا إليها بعد التحويل والتحريم.. وقالوا: ما ترى يا رسول الله؟!.. فأنزل الله عز وجل (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) المعاصي.. يقول ما كان الله ليترك قوماً حتى يبين لهم ما يتقون حين رجعوا من الغيبة وما يتقون من المعاصي (إن الله بكل شيء عليم) من أمرهم بنسخ ما يشاء من القرآن فيجعله منسوخاً ويقر ما يشاء فلا ينسخه».
قال أبو عبدالرحمن: لا يصح هذا السبب بسند ألبتة، والكلبي كذوب، وما سمي تفسير مقاتل طبع في خمسة مجلدات ليس هو تأليف مقاتل، وليس هذا التفسير خالصاً له؛ وإنما هو تأليف عبدالله بن ثابت بن يعقوب الثوري، وهو يروي بإسناده عن مقاتل وغيره إلا أن أكثره عن مقاتل، ومحققه الدكتور عبدالله محمود شحاتة قصر تقصيراً شنيعاً؛ فلم يتعن في البحث عن ترجمة مؤلفه، وقد أورد السور كاملة بلا ضرورة فتضخم الكتاب وكثر البياض، ولم تكن تحشياته ذات قيمة لا في التخريج ولا في التوثيق دلالةً وثبوتاً.
وطبع تفسير آخر بعنوان: (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس) رضي الله عنهما على أنه تأليف الفيروز آبادي رحمه الله تعالى؛ وإنما هو من تأليف أبي محمد عبدالله بن المبارك الدينوري رواه بإسناده إلى محمد بن مروان السدي: عن الكلبي: عن أبي صالح: عن ابن عباس رضي الله عنهما، والإسناد قبل ابن عباس هالك، وهو في النسخة الخطية حسب الصورة التي لدي بعنوان: (الواضح في التفسير)، ولا يؤثر لابن عباس رضي الله عنهما تفسير للقرآن كامل على النحو الذي جاء في الواضح (المقباس)، وقد جاء فيه: (وما كان الله ليضل) ليترك قوماً بمنزلة الضلال، ويقال ابن عباس لا يقول كما يقول عامة المفسرين: (ويقال): ليبطل عمل قوم (بعد إذ هداهم) للإيمان (حتى يبين لهم ما يتقون) المنسوخ بالناسخ (إن الله بكل شيء) من المنسوخ والناسخ (عليم).. وهذا القول قدمه ابن الجوزي في سياقه، ولم يذكر إسناده؛ وإنما ذكر أنه من رواية أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال السيوطي: «وأخرج ابن مردويه: عن ابن عباس (رضي الله عنهما) في قوله تعالى: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) قال: نزلت حين أخذوا الفداء من المشركين يوم الأسارى.. قال: لم يكن لكم أن تأخذوه حتى يؤذن لكم، ولكن ما كان الله ليعذب قوماً بذنب أذنبوه (حتى يبين لهم ما يتقون).. قال: حتى ينهاهم قبل ذلك».
قال أبو عبدالرحمن: أما الآية من سورة آل عمران في الاستعاذة بالله أن يزيغه فهي ضمناً دعاء الله بالتثبيت؛ لأن الله يبتلي إيمان المؤمن مدى حياته، والشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء لا يغفلون؛ فقد يغفل المؤمن كثيراً متكلاً على هداية الله له؛ فيترك الأدعية الشرعية التي هي حرز له كأدعية البراءة من الحول والقوة، وأدعية التثبيت.. وربما كان الانقطاع عن التلاوة والتدبر، والتواني في جهاد النفس؛ فيتسرب إليه كالنعاس من الأعداء الثلاثة ما يوبقه بعد الهداية من اتكال على العمل، أو إعجاب ومنة به، أو التراخي في مقاومة الغل والحسد والبغضاء والقطيعة، أو استحلاء ما يبغضه الله من الجبن في الحق والشح بالمال عن يسر والمنة بالنفقة الواجبة أو المستحبة.. وهناك داء قد يتسرب إلى العلماء الصالحين العباد، وقد يوبقهم كالتسامح بقبول البدعة وتنقص الرب بشهوة التقليد والحمية للإلف والجماعة المقلدة؛ فيكون بذلك محتاطاً لإمامه وجماعته أكثر من احتياطه لدينه وحق ربه، وأضرب مثالاً واحداً لذلك، وهو أن من أصر على أن الله خلق آدم على صورة الرحمن لحديث باطل أحسن أحواله أن الراوي أخطأ في الفهم؛ إذ ظن أن (على صورته) على صورة الرحمن، فرواه على فهمه القاصر.. فمن أصر على هذا الباطل حميةً للتقليد فعليه خطر الفتنة، وأعظم خطر أن يقبل برخص الدعوى الكاذبة الآفكة أن هذا هو مذهب الصحابة رضي الله عنهم، ولا يصح هذا عن واحد منهم، بل هو افتراء على خيرة الخلق، ثم يجعل رجال الإسناد الباطل إجماعاً كما فعل ابن تيمية في رده على أساس التقديس، ثم يستدل بما حرمه الله (من التشبيه، والبرهان التوراة المبدلة)؛ فيقول – كما استدل ابن تيمية: (نخلق بشراً يشبهنا)؛ فهذا مجاهرة بالتشبيه بلا مواربة؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله، ثم يترك النور الباهر: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (سورة الشورى:11)، ثم يستدل بإمام ثقافته قاصرة في المعارف غير الرواية إذ قال: «أي صورة لآدم قبل ذلك فيكون الضمير لآدم؟»، وهو يعلم أن النفوس تتشوف إلى معرفة صورة أخرى لآدم بعد أن كان من أهل الجنة في السماء وأهبطه ربه إلى الأرض من الجنة في السماء؛ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آدم على صورته لم تتغير، ويصر على تقليد إمام ليس ذا اختصاص في نحو العرب؛ لأنه لا يرد الضمير إلى المخبر عنه، ولا إلى أقرب مذكور، والأصل رد الضمير إلى الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، وفي غير هذه الحال يكون الأصل الرد إلى أقرب مذكور.. وهنا اجتمع الأصلان؛ فآدم عليه السلام هو المخبر عنه وهو أقرب مذكور؛ فالرد إلى غير آدم قاصمة، والقاصمة الثانية تفريقه بين الضمائر بالهوى لا بالبرهان فيجعل ضمير (على صورته) عائداً للرحمن سبحانه وتعالى وتقدس، ويجعل الضمير نفسه في (طوله ستون ذراعاً) عائداً لآدم؛ فهل في اللعب بدين الله أكثر من هذا؟!.. والإمام أحمد رحمه الله الذي قال بهذا ليس إماماً في لغة العرب، بل كان يلوم أبا عبيد القاسم بن سلام على توسعه في اللغة؛ فقبل الجملة التركيبية (على صورة الرحمن) ولا معنى لها في لغة العرب مفردةً ونحواً وبلاغة غير التشبيه المحرم؛ فمعنى الرابطة (على) تقتضي مطابقة ما قبلها لمعمولها.. فإن قالوا: (لله وجه ولآدم وجه) قلنا: وجه آدم له أشباه، ووجه الله سبحانه لا شبه له، ومآل الكلام تجزئةً: (خلق وجه آدم على صورة وجه الله)، ثم إن لآدم عليه السلام أنف يخرج منه المخاط؛ فبأي برهان يخرجون ما عند آدم من صفات لا تليق بالله عن صفات الله التي لا تليق إلا به جل جلاله ما دام النص الذي اقترفوه محكم العموم (على صورة الرحمن)؟! .
قال أبو عبدالرحمن: لئن لم ينته القوم من هذا التنقص الآثم للرب جل جلاله، ويتركوا الهوى والحمية للمذهب.. ولئن لم يجدوا في أخذ العلم عن أهل التخصص: فإنه لا يؤمن عليهم العقوبة في الدنيا إن عذرهم الله على اجتهادهم الخاطئ والإصرار على الباطل المنكر الموحش ولاسيما في حق الله جل جلاله.. على أن هذا في الأرجح منذر بزيغ القلوب.. أسأل الله السلامة، وتعالى ربي وتقدس، ويهون عند ذلك الإنكار على منكرات السلوك كالانغماس في الطرب.. ومن أتقن بالدربة على العلم أن العموم في سياق الخاص له حكم السبب في خصوصه وعموم المعنى: علم اليقين أن الاستعاذة من الزيغ متناول ما في السياق من اتباع المتشابه عام لكل ما هو زيغ مناف للهداية، وبمثل ذلك أقول عن عموم (إن الله بكل شيء عليم)، والله سبحانه يعفو عن سيئات المنيب، ولكن الإصرار على الكبائر مجلبة للزيغ بفتنة المحيا والممات.. ومن استغفر للمشركين بعد النهي المؤكد فهو في حضيض الخطر من الإزاغة؛ لأن ذلك موالاة لأعداء الله، وهذا بخلاف دعاء الله بـهدايتهم والسعي في ذلك؛ فيلعنهم على محادتهم الله، ومع هذا يسعى في دعوتهم ويدعو الله أن يهدي خلقه؛ فهذه رسالة المسلم، والله المستعان .
وكتبه لكم :
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
ـ عفا الله عنه ـ
المجلة العربية : العدد( 421 ) صفر 1443هـ – يناير 2022م
http://www.arabicmagazine.com/arabic…s.aspx?id=1596
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.
ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختيارًا أو اضطرارًا بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي، والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر، ويجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه.
والأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة قاضية بتحريم الاختلاط؛ لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
وإخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها.
فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي، ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه.
ومعلوم أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيبا خاصا يختلف تماما عن تركيب الرجال هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسه.
ومعنى هذا: أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم يعتبر إخراجا لها عن تركيبها وطبيعتها، وفي هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذكور وإناث؛ لأنهم يفقدون التربية والحنان ذو العطف، فالذي يقوم بهذا الدور هو الأم قد فصلت منه وعزلت تماما عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار والطمأنينة إلا فيها وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.
والإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه.
فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب، والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء. فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعاً للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسياً ومعنوياً وعند ذلك يصبح المجتمع شكلاً وصورة لا حقيقة ومعنى.
قال الله جل وعلا: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[1]، فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل بفضله عليها كما دلت الآية الكريمة على ذلك، وأمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك؛ لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه، وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم به.
والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}[2]، فأمر الله أمهات المؤمنين -وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد؛ لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج كما يفضي إلى شرور أخرى، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[3]، فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام -وهو المبلغ عن ربه- أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة مثلاً لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم، وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}[4]، الآيتان.
يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بغض النظر وحفظ الفرج عن الزنا ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم. ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها ولا شك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من أعظم وسائل وقوع الفاحشة، وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له. فاقتحامها هذا الميدان معه واقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارته.
وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها، وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رأسها ووجهها؛ لأن الجيب محل الرأس والوجه، فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير، كيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنباً إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما تقوم به؟
والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة، وكذلك حرم الإسلام على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلى الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[5]، يعني مرض الشهوة. فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟
ومن البدهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكلمهم وأن يكلموها، ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام، والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له، والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب، وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها، وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء، والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[6] الآية.
وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيته. وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب؛ لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر، وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي، وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدره. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه، ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم، سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكايد الشيطان، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)).
وقد يتعلق بعض دعاة الاختلاط ببعض ظواهر النصوص الشرعية التي لا يدرك مغزاها إلا من نور الله قلبه وتفقه في الدين وضم الأدلة الشرعية بعضها إلى بعض وكانت في تصوره وحدة لا يتجزأ بعضها عن بعض، ومن ذلك خروج بعض النساء مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، والجواب عن ذلك أن خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة لا يترتب عليه ما يخشى عليهن من الفساد، لإيمانهن وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهن بالحجاب بعد نزول آيته بخلاف حال الكثير من نساء العصر، ومعلوم أن خروج المرأة من بيتها إلى العمل يختلف تماما عن الحالة التي خرجن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو فقياس هذه على تلك يعتبر قياسا مع الفارق. وأيضا فما الذي فهمه السلف الصالح حول هذا، وهم لا شك أدرى بمعاني النصوص من غيرهم، وأقرب إلى التطبيق العملي لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما هو الذي نقل عنهم على مدار الزمن؟ هل وسعوا الدائرة كما ينادي دعاة الاختلاط فنقلوا ما ورد في ذلك إلى أن تعمل المرأة في كل ميدان من ميادين الحياة مع الرجال تزاحمهم ويزاحمونها وتختلط معهم ويختلطون معها؟ أم أنهم فهموا أن تلك قضايا معينة لا تتعداها إلى غيرها؟
وإذا استعرضنا الفتوحات الإسلامية والغزوات على مدار التاريخ لم نجد هذه الظاهرة، أما ما يدعى في هذا العصر من إدخالها كجندي يحمل السلاح ويقاتل، كالرجل فهو لا يتعدى أن يكون وسيلة لإفساد وتذويب أخلاق الجيوش باسم الترفيه عن الجنود؛ لأن طبيعة الرجال إذا التقت مع طبيعة المرأة كان منهما عند الخلوة ما يكون بين كل رجل وامرأة من الميل والأنس والاستراحة إلى الحديث والكلام، وبعض الشيء يجر إلى بعض، وإغلاق الفتنة أحكم وأحزم وأبعد من الندامة في المستقبل.
فالإسلام حريص جدا على جلب المصالح ودرء المفاسد وغلق الأبواب المؤدية إليها، ولاختلاط المرأة مع الرجل في ميدان العمل تأثير كبير في انحطاط الأمة وفساد مجتمعها كما سبق؛ لأن المعروف تاريخيا عن الحضارات القديمة: الرومانية واليونانية ونحوهما أن من أعظم أسباب الانحطاط والانهيار الواقع بها هو خروج المرأة من ميدانها الخاص إلى ميدان الرجال ومزاحمتهم مما أدى إلى فساد أخلاق الرجال، وتركهم لما يدفع بأمتهم إلى الرقي المادي والمعنوي.. وانشغال المرأة خارج البيت يؤدي إلى بطالة الرجل وخسران الأمة، وعدم انسجام الأسرة وانهيار صرحها، وفساد أخلاق الأولاد، ويؤدي إلى الوقوع في مخالفة ما أخبر الله به في كتابه من قوامة الرجل على المرأة. وقد حرص الإسلام أن يبعد المرأة عن جميع ما يخالف طبيعتها فمنعها من تولي الولاية العامة كرئاسة الدولة والقضاء وجميع ما فيه مسئوليات عامة لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري في صحيحه. ففتح الباب لها بأن تنزل إلى ميدان الرجال يعتبر مخالفا لما يريده الإسلام من سعادتها واستقراره. فالإسلام يمنع تجنيد المرأة في غير ميدانها الأصيل، وقد ثبت من التجارب المختلفة -وخاصة في المجتمع المختلط- أن الرجل والمرأة لا يتساويان فطرياً ولا طبيعياً، فضلاً عما ورد في الكتاب والسنة واضحا جليا في اختلاف الطبيعتين والواجبين. والذين ينادون بمساواة الجنس اللطيف -المنشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين- بالرجال، يجهلون أو يتجاهلون الفوارق الأساسية بينهم.
لقد ذكرنا من الأدلة الشرعية والواقع الملموس ما يدل على تحريم الاختلاط واشتراك المرأة في أعمال الرجال ما فيه كفاية ومقنع لطالب الحق، ولكن نظرا إلى أن بعض الناس قد يستفيدون من كلمات رجال الغرب والشرق أكثر مما يستفيدون من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام علماء المسلمين، رأينا أن ننقل لهم ما يتضمن اعتراف رجال الغرب والشرق بمضار الاختلاط ومفاسده لعلهم يقتنعون بذلك، ويعلمون أن ما جاء به دينهم العظيم من منع الاختلاط هو عين الكرامة والصيانة للنساء وحمايتهن من وسائل الإضرار بهن والانتهاك لأعراضهن.
قالت الكاتبة الإنجليزية اللادي كوك: (إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا وههنا البلاء العظيم على المرأة… إلى أن قالت: علموهن الابتعاد عن الرجال أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد).
وقال شوبنهور الألماني: (قل هو الخلل العظيم في ترتيب أحوالنا الذي دعا المرأة لمشاركة الرجل في علو مجده وباذخ رفعته، وسهل عليها التعالي في مطامعها الدنيئة حتى أفسدت المدنية الحديثة بقوى سلطانها ودنيء آرائها).
وقال اللورد بيرون: (لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها في حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة ولرأيت معي وجوب إشغال المرأة بالأعمال المنزلية مع تحسن غذائها وملبسها فيه وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير) اهـ.
وقال سامويل سمايلس الإنجليزي:(إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان الأسرة، ومزق الروابط الاجتماعية، فإنه يسلب الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم فصار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات البيتية، ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل خالية وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية، وتلقى في زوايا الإهمال وأطفئت المحبة الزوجية وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة).
وقالت الدكتورة إيدايلين:(إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق ثم قالت: إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه).
وقال أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي: (إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة حقا إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة).
وقال عضو آخر: (إن الله عندما منح المرأة ميزة إنجاب الأولاد لم يطلب منها أن تتركهم لتعمل في الخارج بل جعل مهمتها البقاء في المنزل لرعاية هؤلاء الأطفال).
وقال شوبنهور الألماني أيضا: (اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ولا تنسوا أنكم سترثون معي للفضيلة والعفة والأدب وإذا مت فقولوا: أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة)، ذكر هذه النقول كلها الدكتور مصطفى حسني السباعي رحمه الله في كتابه (المرأة بين الفقه والقانون).
ولو أردنا أن نستقصي ما قاله منصفو الغرب في مضار الاختلاط التي هي نتيجة نزول المرأة إلى ميدان أعمال الرجال لطال المقال ولكن الإشارة المفيدة تكفي عن طول العبارة.
والخلاصة: أن استقرار المرأة في بيتها والقيام بما يجب عليها من تدبيره بعد القيام بأمور دينها هو الأمر الذي يناسب طبيعتها وفطرتها وكيانها، وفيه صلاحها وصلاح المجتمع وصلاح الناشئة فإن كان عندها فضل ففي الإمكان تشغيلها في الميادين النسائية كالتعليم للنساء والتطبيب والتمريض لهن ذلك مما يكون من الأعمال النسائية في ميادين النساء كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وفيها شغل لهن شاغل وتعاون مع الرجال في أعمال المجتمع وأسباب رقيه، كل في جهة اختصاصه، ولا ننسى هنا دور أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ومن سار في سبيلهن، وما قمن به من تعليم للأمة وتوجيه وإرشاد، وتبليغ عن الله سبحانه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فجزاهن الله عن ذلك خيراً، وأَكْثَرَ في المسلمين اليوم أمثالهن مع الحجاب والصيانة والبعد عن مخالطة الرجال في ميدان أعمالهم.
والله المسئول أن يبصر الجميع بواجبهم، وأن يعينهم على أدائه على الوجه الذي يرضيه، وأن يقي الجميع وسائل الفتنة وعوامل الفساد ومكايد الشيطان، إنه جواد كريم وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
س)- هل يشرع النظر إلى المرأة قبل خطبتها؟
يجوز النظر إليها , ولو لم تعلم أو تشعر به لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ).
وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة , وهو محمد بن مسلمة الأنصاري , فقال سهل بن أبي حثمة : (رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك – فوق إجار لها – ببصره طرداً شديداً , فقلت : أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول (إِذَا أَلْقَي فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا).
وما ترجمنا به للحديث قال به أكثر العلماء , ففي فتح الباري : (وقال الجمهور :يجوز أن ينظر اليها إذا أراد ذلك بغير إذنها , وعن مالك رواية : يشترط إذنها , ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال , لأنها حينئذ أجنبية , ورد عليهم بالأحاديث المذكورة.
روى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن طاوس قال : أردت أن أتزوج امرأة ، فقال لي أبي اذهب فانظر إليها فذهبت فغسلت رأسي وترجلت ولبست من صالح ثيابي , فلما رآني في تلك الهيئة , قال لا تذهب.
قلت : ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين , لإطلاق الأحاديث المتقدمة ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ).
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له , وأيده عمل راويه به , وهو الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه , وقد صنع مثله محمد بن مسلمة , كما ذكرناه في الحديث الذي قبله , وكفى بهما حجة.
ولا يضرنا بعد ذلك مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط , لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد , وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة , لا سيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال الحافظ في التلخيص : (فائدة روى عبد الرزاق, وسعيد بن منصور في سننه وابن ابي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية : أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم , فذكر له صغرها , [فقيل له : إن ردك فعاوده] , فقال [له علي] : أبعث بها إليك , فإن رضيت فهي امرأتك , فأرسل بها إليه , فكشف عن ساقيها , فقالت لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك , وهذا يشكل على من قال : إنه لا ينظر غير الوجه والكفين).
قلت : ثم وقفت على إسناده عند عبدالرزاق فتبين أن في القصة انقطاعاً , وأن محمد بن على ليس هو ابن الحنفية , وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , أبوجعفر , في بحث أودعته في الضعيفة فراجعه فإنه مهم.
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية , قال ابن القيم في تهذيب السنن : (وقال داود : ينظر إلى سائر جسدها , وعن أحمد ثلاث روايات:
إحداهن : ينظر إلى وجهها ويديها.
والثانية : ينظر ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين ونحوهما .
والثالثة : ينظر إليها كلها عورة وغيرها , فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة).
قلت : والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث , وتطبيق الصحابة له , والله أعلم .
وقال ابن قدامة في (المغني) : ( ووجه جواز النظر [إلى] ما يظهر غالباً أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أذن في النظر إليها من غير علمها , علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة , إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , ولأنه يظهر غالباً , فأبيح النظر إليه كالوجه , ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم)
ثم وقفت على كتاب (ردود على أباطيل) لفضيلة الشيخ محمد الحامد , فإذا به يقول ( فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل).
وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه , إذ إن المسألة خلافية كما سبق بيانه , ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث , وهو لم يصنع شيئاً من ذلك , بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة , فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلاً , والواقع خلافه كما ترى , فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته , كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث: (مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا)؟ فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط , ومثله في الدلالة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث: (وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ) وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم , وهم أعلم بسنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبدالله , فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها , أفيظن بهما عاقل أنهما تخبأ للنظر إلى الوجه والكفين فقط ؟ ومثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي – إن صح عنه – فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة – أحدهم الخليفة الراشد – أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين , ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم , فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة ؟ وعهدي بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحداً من الصحابة اتباعاً للسنة الصحيحة , ولو كانت الرواية عنه لا تثبت , كما فعلوا في عدد ركعات التراويح , ومن عجيب أمر الشيخ – عفا الله عنا وعنه – أنه قال في آخر البحث : قال الله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)النساء 59 , فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية , ورد المسألة إلى السنة بعدما تبينت , والله المستعان , ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة , وقول جماهير العلماء بها – على الخلاف السابق – , فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها , فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم – ولو في حدود القول الضيق – تورعاً منهم – زعموا – ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لا بنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي , ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع.
وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم – تقليداً منهم لأسيادهم الأوربيين – فيسمحون للمصور أن يصورهن وهن سافرات سفوراً غير مشروع , والمصور رجل أجنبي عنهم , وقد يكون كافراً , ثم يقدمن صورهن إلى بعض الشبان بزعم أنهم يريدون خطبتهن , ثم ينتهي الأمر على غير خطبة , وتظل صور بناتهم معهم ليتغزلوا بها , وليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها , ألا فتعساً للآباء الذين لا يغارون , وإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم97، 98، 99.
س)- هل يحرم على الرجل ان ينظر الى عورة امرأته؟
إن تحريم النظر بالنسبة للجماع , من باب تحريم الوسائل , فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجه , فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها ؟ اللهم لا , ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة قالت (كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء بيني وبينه واحد , فيبادرني , حتى أقول : دع لي , دع لي) أخرجه الشيخان وغيرهما.
فإن الظاهر من الحديث جواز النظر , ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ؟ فقال : سألت عطاء فقال : سألت عائشة , فذكرت هذا الحديث بمعناه.
قال الحافظ : (وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته , وعكسه) ، وإذا تبين هذا , فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم195.
س)- هل يجوز للرجل ان يتزوج المرأة الزانية وكذلك المرأة؟
لا يحل للمرأة أن تتزوج من ظهر منه الزنى و كذلك لا يحل للرجل أن يتزوج بمن ظهر منها الزنى و يدل على ذلك قوله تعالى : (و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2444.
س)- ما حكم نكاح الرجل ابنته من الزنى؟
المسألة اختلف فيها السلف , وليس فيها نص مع أحد الفريقين , وإن كان النظر والاعتبار يقتضي تحريم ذلك عليه , وهو مذهب أحمد وغيره , ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فانظر ((الاختيارات)) له , وتعليقنا على الصفحة 36-39 من كتابنا ((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 387 ، 388.
س)- هل يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال؟
حديث (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح , فهو لها , و ما كان بعد عصمة النكاح , فهو لمن أعطيه , و أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته) حديث ضعيف وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال ! و هو لو صح كان دليلا ظاهرا على أنه لو اشترط ذلك لم يكن المال له بل للمرأة , قال الخطابي:
هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر , و قد اعتاد كثير من الآباء مثل هذا الشرط , و أنا و إن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه , و لكني أرى – و العلم عند الله تعالى – أنه لا يخلو من شيء , فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق , و لا أظن مسلما سليم الفطرة , لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق , كيف لا , و كثيرا ما يكون سببا للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر , و الحظ الأكبر , و إلا أعضلها ! و هذا لا يجوز لنهي القرآن عنه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1007.
س)- هل يحق للطالب المسلم الذي خرج طلبا للعلم في بلاد الكفر أن يتزوج من نصرانية وفي نفسه بيات ، تبييت وتأكييد على أن يتركها ويطلقها بعد فترة معينة محددة دون الإتفاق معها مسبقا على ذلك ولكن الأمربينه وبين نفسه لما خشي على نفسه من الفتنة؟
أولا ، لا ننصح شابا أن يتزوج كتابية اليوم . والسبب في ذلك هو أن كثير من الشباب المسلم حينما يتزوجون بمسلمات فتكتئب حياتهم وتسوء بسبب سوء أخلاق البنت المسلمة وقد ينضم إلى ذلك سوء أخلاق أهلها من أمها وأبيها وأخيها وأخواتها وو إلخ .
فماذا يقول المسلم إذا تزوج بنصرانية أخلاقها وعاداتها وغيرتها ونحو ذلك ونخوتها تختلف إن كان للغيرة وللنخوة لها ذكرعندهم فتختلف تماما عما عندنا نحن معشر المسلمين . لذلك لا ننصح بمثل هذا الزواج وإن كان القرآن صريح في إباحة ذلك ، ولكن إنما أباح الله للمسلم أن يتزوج الكتابية في حالة كون المسلمين أعزاء ، أقوياء في دينهم ، في أخلاقهم ، في دنياهم تخشى رهبتهم الدول ولذلك المسألة تختلف من زمن إلى زمن .
في الزمن الأول كان المسلمون يجاهدون الكفار ويستأسرون المئات منهم ، ويسترقونهم ويستعبدونهم فيكون استعبادهم إياهم سبب سعادتهم في دنياهم وأخراهم ، سبب سعادة المستأسرين والمسترقين والمستعبدين يصبحون سعداء في الدنيا والآخرة . وذلك لأن أسيادهم المسلمين كانوا يعاملونهم معاملة لا يجدونها في بلادهم بعضهم مع بعض وهم أحرار، بسبب التعليمات التي كان الرسول عليه السلام يوجهها إلى أصحابه من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون إلخ مما هنالك من الأحاديث الكثيرة لا أستحضر الآن سوى هذا ، وقد أشار الرسول عليه الصلاة والسلام إلى هذه الحقيقة التي وقعت فيما بعد لقوله في الحديث الصحيح :" إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة في السلاسل " " إن ربك ليعجب من أقوام أي : من النصارى ، من الكفار يجرون إلى الإسلام الذي يؤدي بهم إلى الجنة في السلاسل ، اليوم القضية معكوسة تماما القوة والعزة للمسلمين ذهبت حيث استذلوا من أذل الناس كماهوواقع مع الأسف الشديد.
فإذا فرضنا أن شابا تزوج بنصرانية وجاء بها إلى هنا ، فستبقى هذه النصرانية في الغالب على دينها وعلى تبرجها ، وسوف لا يجرفها التيار الإسلامي كما كان يجرف الأسرى فيطبعهم بطابع الإسلام ، لأن هذا المجتمع هو من حيث الإسم إسلامي ، لكن من حيث واقعه ليس كذلك . فالتعامل الموجود مثلا في البيوت الإسلامية اليوم إلا ما شاء الله منها كالتعامل الموجود في أوربا وربما يكون أفسد من ذلك ، فإذن هذه الزوجة النصرانية حينما يأتي بها سوف لا تجد الجو الذي يجرها ويسحبها إلى الإسلام سحبا هذا أولا .
ثانيا : إن تزوج من هؤلاء الشباب زوجة فليس هو بحاجة إلى أن ينوي تلك النية وهي أنه سوف يبقى في الدراسة هناك مثلا أربع سنوات فهو ليحصن نفسه وليمنعها من أن تقع في الزنا يتزوج نصرانية هناك ، وينوي في نفسه أن يطلقها إذا ما عزم على الرجوع إلى بلده .
نقول له هذه النية أولا لا تشرع لأن نكاح المتعة وإن كان صورته باشتراط اللفظ بين المتناكحين الرجل والمرأة وهذا طبعا نسخ إلى يوم القيامة حرّم إلى يوم القيامة . فالقاعدة الإسلامية التي يتضمنها الحديث المشهور : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل ما نوى تحول بين المسلم وبين أن يتزوج امرأة وهو ينوي أن يطلقها بعد أربع سنوات ، هذا لو كان بهذه الناحية فائدة له أو فيه ضرورة يضطر إليها لكن حقيقة لا ضرورة لهذا الشاب إذا ما رأى نفسه بحاجة يتزوج بنصرانية أن ينوي هذه النية السيئة لأنه هو لماذا ينوي هذه النية ؟ وهو قد أعطاه الشرع سلفا جواز التطليق حينما يشاء الرجل هذا من ناحية . من ناحية أخرى هذه النية إذا نواها وكان لها تأثيرا شرعا معنى ذلك انه ملزم بعد أربع سنوات أن يطلقها وإلا لماذا نوى هو هذه النية ، إما أن يكون لها تأثير وإما أن لا يكون لها تأثير ، نحن نعتقد أن لا تأثير لها ، فإن كان هو معنا في ذلك فلماذا ينوي هذه النية ما دام ليس لها تأثير، وإن كان لها تأثيركما في مثل هذا السؤال فحينئذ لماذا يقيد نفسه بالأولاد ،أليس له حرية التطليق إذا ما بدا له ، بعد سنة مش بعد أربع سنوات ، يعني قد يتزوج الرجل هذه الفتاة النصرانية ويجدها فتاة لا ترد يد لامس بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى المجازي فحينئذ إن كان عنده غيرة إسلامية سيضطر إلى تطليقها قبل مضي المدة التي فرضها على نفسه ، إذن لا فائدة لا شرعا ولا وضعا أن ينوي الشاب هذا، هذه النية ، وإنما يتزوج بأي فتاة وهو عارف أنه الشرع يبيح له أن يطلقها إذا وجدت المصلحة الشرعية أو الإجتماعية يطلقها ، وقد يتمتع بها أربع سنوات ، هذا يقع ، وقع مرارا وإن كان هذا نادرا فيجدها أحسن بكثير من الزوجات المسلمات فحينئذ لماذا ربط نفسه سلفا أنه بعد أربع سنوات يطلقها ، لا ، يفك نفسه من هذا القيد ، أولا يقيد نفسه بهذا القيد ، فإذا انتهت دراسته نوى في علاقته مع هذه المرأة طبيعية وصادقة أن تعود معه إلى بلاد الإسلام فحينئذ يعود بها لأنه ذلك خير.لا ، والله هذه ما تصلح هناك بسبب أو أكثر من سبب يطلقها على أنه ليست زواج كالزواج الموجود عند النصارى لا ،((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)) . فإن الأمر كذلك فأي شاب ننصحه ألا يتزوج من كتابية فإن أبى إلا أن يتزوج تأتي النصيحة الثانية : لا يقيد نفسه بأنه يطلقها بعدما تنتهي السنوات الدراسية لأن له أن يطلقها متى شاء ، فقد يعجّل التطليق ، وقد يبّطل التطليق ، وقد لا يطلق مطلقا . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . من سلسلة الهدى والنور شريط رقم002.
س)- نريد كلمة للأزواج؟
اننا نسمع في كثير من الأحيان كثيراً من الشباب يشكون من عدم انصياع زوجاتهم لأوامرهم الشرعية. وإن كنا لا ننسى أنه في كثير من الأحيان تكون المرأة عاصيةً لسوء خُلُقِها؛ لكن الذي يهمني في هذه المناسبة أن نقول: إن الزوج في كثير من الأحيان يكون عوناً لها على عدم طاعتها له، وذلك كأنْ يريد الزوج -مثلاً- من زوجته ألا تتزين ولا تتبرج أمام الرجال، لا سيما إذا خرجت من بيتها، ويريدها أن تتجلبب الجلباب الشرعي؛ ولكنه هو نفسه لا يلبس اللباس الشرعي، فلا يتَزَيَّا بزِيِّ المسلمين، وحتى لو أنها لم تكن فقيهة؛ لكنها تسمع أن هذا اللباس هو لباسٌ أفرنجي، وأن هذا التَّزَيُّن بحلق اللحى -مثلاً- أقل ما يقال فيه: أنه خلاف السنة، بل هو خلاف الواجب والفرض. فإن لم تقل هذا لزوجها بلسان مقالها فهي تقوله له بلسان حالها: الفرس مِن الفارس، اضبط حالك أنت، فأْتَمِرْ وتَشَرَّع حتى أسمع كلامك. هذا لسان حالِ كثيرٍ من النساء. لذلك فأنا أهتبلها فرصة في هذه التذكرة لأقول: يجب على الشباب أن يساعدوا نساءهم على طاعتهن لهم، بأن يكونوا هم مطيعين لربهم ومتبعين لشريعته سبحانه وتعالى
الذي نراه – إذا لم نعتد برأي أبي هريرة رضي الله عنه – أنه لا يدل على ذلك , لأن قوله : (مبلغ الوضوء) , من الواضح أنه أراد الوضوء الشرعي , فإذا لم يثبت في الشرع الإطالة , لم يجز الزيادة عليه , كما لا يخفى.
على أنه إن دل الحديث على ذلك , فلن يدل على غسل العضد , لأنه ليس من الغرة ولا التحجيل , ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في حادي الأرواح : (وقد احتج بهذا الحديث من يرى استحباب غسل العضد وإطالته , والصحيح أنه لا يستحب , وهو قول أهل المدينة , وعن أحمد روايتان , والحديث لا يدل على الإطالة , فإن الحلية إنما تكون زينة في الساعد والمعصم , لا العضد والكتف).
واعلم أن هناك حديثاً آخر يستدل به من يذهب إلى استحباب إطالة الغرة والتحجيل , وهو بلفظ : (إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) , وهو متفق عليه بين الشيخين , لكن قوله (فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ ) , مدرج من قول أبي هريرة , ليس من حديثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ , كالمنذري , وابن تيمية , وابن القيم , والعسقلاني , وغيرهم , وقد بينت ذلك بياناً شافياً في الأحاديث الضعيفة , فأغنى عن الإعادة , ولو صحت هذه الجملة , لكانت نصاً على استحباب إطالة الغرة والتحجيل لا على إطالة العضد , والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 252.
حديث (كان يسبح بالحصى) حديث موضوع يخالف ما ثبت عن عبد الله بن عمرو , قال : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه" , و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره , أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " , و صححه الحاكم و الذهبي.
فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده, إنما هو باليد , و باليمنى فقط , فالعد باليسرى أو باليدين معا , أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة , و لم يصح في العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء , خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن و المبتدعات " و غيرهما , و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على التعقيب الحثيث " , فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك , و استرواح بعض المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه , لأنه عموم لم يجر العمل به , و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين , لا يليق بمن كان من أهل العلم , فتنبه و لا تكن من الغافلين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1002.
قصة طريفة حدثت أثناء فترة الامتحانات
لأحد معلمي اللغة العربية و إسمه ( بشير) وتحكي القصة مايلي
أنه وبعد انتهاء اختبار مادة البلاغة
قام الأستاذ بشير بتصحيح أوراق الاجابة و كعادته
ما أن يمسك الورقة حتى يبدأ بتصحيح إجابة السؤال الأول ومن ثم السؤال الثاني وهكذا
و في بعض الأحيان يلحظ أن بعض الطلاب يترك سؤالا أو سؤالين بدون اجابة
و هو أمر معتاد
إلا أن الذي أثار استغرابه وأبدى دهشته
ورقة إجابة لأحد الطلاب تركها خالية و لم يجب فيها على أي سؤال !
وضع بدل الإجابة القصيدة التالية التي نظمها خلال فترة الامتحان :
أ. بشير قل لي ما العمل واليأس قد غلب الأمل
قيل امتحان بلاغة فحسبته حان الأجل
و فزعت من صوت المراقب إن تنحنح أو سعل
و أخذ يجول بين صفوفنا و يصول صولات البطل
أ بشير مهلا يا أخي ما كل مسألة تحل
فمن البلاغة نافع ومن البلاغة ما قتل
قد كنت أبلد طالب و أنا و ربي لم أزل
فإذا أتك إجابتي فيها السؤال بدون حل
دعها و صح غيرها و الصفر ضعه على عجل
فما كان من أستاذ بشير سوى إعطائه درجة النجاح في مادة البلاغة
لأن الهدف الذي يسعى لتحقيقه من خلال تدريسه لمادة البلاغة
متوفر في هذا الطالب الذي استطاع نظم هذه القصيدة الطريفة و البديعة
صح فلله
:428:
لاحظوا النقطة الحمراء
على البونتي وكذلك توجد في بعض أصناف منتجات شركة مارس العالمية مثلا مارس
وسنيكرس ….
الرجاء النظر للخلف فإن وجدت العلامة فهي تعني لاتصلح لاستهلاك المسلمين لأنها تعني أن هذا المنتج قد استخدم في صنعه الزيوت الحيوانية(الخنزير)
طبعا الشركة وضعت هذه العلامة ليست للمسلين وإنما للمسيحن النباتين اللذين لايأكلون الحوم
حسبى الله ونعم الوكيل
والله معلومة لازم نعرفها
مشكورة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمـــــــــــــي
د. عائض القرني
أكبر وأنا عند أمي صغير، وأشيب وأنا لديها طفل، هي الوحيدة التي نزفت من أجلي دموعها ولبنها ودمها، نسيني الناس إلا أمي، عقَّني الكل إلا أمي، تغيَّر عليَّ العالم إلا أمي، الله يا أمي: كم غسلتِ خدودكِ بالدموع حينما سافرتُ! وكم عفتِ المنام يوم غبتُ! وكم ودَّعتِ الرُّقاد يوم مرضتُ! الله يا أمي: إذا جئتُ من السفر وقفتِ بالباب تنظرين والعيون تدمع فرحاً، وإذا خرجتُ من البيت وقفتِ تودعينني بقلب يقطر أسى، الله يا أمي: حملتِـني بين الضلوع أيام الآلام والأوجاع، ووضعتِـني مع آهاتك وزفراتك، وضممتِـني بقبلاتك وبسماتك، الله يا أمي: لا تنامين أبداً حتى يزور النوم جفني، ولا ترتاحين أبداً حتى يحل السرور علي، إذا ابت! سمتُ ضحكتِ ولا تدرين ما السبب، وإذا تكدّرتُ بكيتِ ولا تعلمين ما الخبر، تعذرينني قبل أن أخطئ، وتعفين عني قبل أن أتوب، وتسامحينني قبل أن أعتذر، الله يا أمي: من مدحني صدقتِه ولو جعلني إمام الأنام وبدر التمام، ومن ذمني كذبتِه ولو شهد له العدول وزكَّاه الثقات، أبداً أنتِ الوحيدة المشغولة بأمري، وأنتِ الفريدة المهمومة بي، الله يا أمي: أنا قضيّتك الكبرى، وقصتكِ الجميلة، وأمنيتك العذبة، تُحسنين إليّ وتعتذرين من التقصير، وتذوبين عليّ شوقاً وتريدين المزيد، يا أمي: ليتني أغسلُ بدموع الوفاء قدميكِ، وأحمل في مهرجان الحياة نعليك، يا أمي: ليت الموت يتخطاكِ إليَّ، وليت البأس إذا قصدكِ يقع عليَّ:
نفسي تحدثني بأنك متلفي روحي فداك عرفت أم لم تعرفِ يا أمي كيف أردّ الجميل لكِ بعدما جعلتِ بطنكِ لي وعاء، وثديك لي سقاء، وحضنكِ لي غطاء؟ كيف أقابل إحسانكِ وقد شاب رأسكِ في سبيل إسعادي، ورقَّ عظمكِ من أجل راحتي، واحدودب ظهركِ لأنعم بحياتي؟ كيف أكافئ دموعكِ الصادقة التي سالت سخيّة على خدّيكِ مرة حزناً عليَّ، ومرة فرحاً بي لأنك تبكين في سرّائي وضرّائي؟ يا أمي أنظر إلى وجهكِ وكأنه ورقة مصحف وقد كتب فيه الدهر قصة المعاناة من أجلي، ورواية الجهد والمشقة بسببـي، يا أمي أنا كلي خجل وحياء، إذا نظرت إليك وأنت في سلّم الشيخوخة، وأنا في عنفوان الشباب، تدبين على الأرض دبيباً وأنا أثبُ وثباً، يا أمي أنتِ الوحيدة في العالم التي وفت معي يوم خذلني الأصدقاء، وخانني الأوفياء، وغدر بي الأصفياء، ووقفتِ معي بقلبك الحنون، بدموعكِ الساخنة، بآ! هاتكِ الحارة، بزفراتكِ الملتهبة، تضمين، تقبّلين، تضمّدين، تواسين، تعزّين، تسلّين، تشاركين، تدْعين، يا أمي أنظر إليك وكلي رهبة، وأنا أنظر السنوات قد أضعفت كيانكِ، وهدّت أركانكِ، فأتذكر كم من ضمةٍ لكِ وقبلة ودمعة وزفرة وخطوة جُدتِ بها لي طائعةً راضيةً لا تطلبين عليها أجراً ولا شكراً، وإنما سخوتِ بها حبّاً وكرماً، أنظر إليك الآن وأنتِ تودعين الحياة وأنا أستقبلها، وتنهين العمر وأنا أبتدئه فأقف عاجزاً عن إعادة شبابك الذي سكبتِه في شبابي وإرجاع قوّتكِ التي صببتِها في قوّتي، أعضائي صُنِعت من لبنكِ، ولحمي نُسج من لحمكِ، وخدّي غُسِل بدموعكِ، ورأسي نبت بقبلاتكِ، ونجاحي تم بدعائك، أرى جميلك يطوّقني فأجلس أمامك خادماً صغيراً لا أذكر انتصاراتي ولا تفوقي ولا إبداعي ولا موهبتي عندك لأنها من بعض عطاياكِ لي، أشعرُ بمكانتي بين الناس، وبمنـزلتي عند الأصدقاء، وبقيمتي لدى الغير، ولكن إذا جثوتُ عند أقدامكِ فأنا طفلكِ الصغير، وابنكِ المدلّل، فأصبح صفراً يملأني الخجل ويعتريني الوجل، فألغي الألقاب وأحذف الشهرة، وأشطب على المال، وأنسى المدائح لأنك أم وأنا ابن، ولأنك سيّدة وأنا خادم، ولأنك مدرسة وأ! نا تلميذ، ولأنكِ شجرة وأنا ثمرة، ولأنكِ كل شيء في حياتي، فائذني لي بتقبيل قدميكِ، والفضل لكِ يوم تواضعتِ وسمحتِ لشفتي أن تمسح التراب عن أقدامكِ. ربِّ اغفر لوالدي وارحمهما كما ربّياني صغيراً
إذا كنت لا تقرأ إلا ما يُعجبك فقط، فإنك إذاً لن تتعلم أبداً!
لست مجبراً على إرسالها ولن تأثم على إهمالها بإذن الله
فإن شئت أرسلها فتؤجر أو أمسكها فتحرم
:0154::0154::0154:
لاتعليق
بعـــــــــــــــــــــــــــد ي
ومشكووووووووورة على الموضوع الرائع
ولعيونش الحلوة احلى تقييم
يكفيني مرورك واعطاء رايك