التصنيفات
منتدى اسلامي

العِزةُ بالإثم : خلُقٌ مذموم !!!

يُروى أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه منع بعض العطايا عن المسلمين، فصعد المنبر ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، اسمعوا وأطيعوا، فقام أبو مسلم الخولاني فقال: لا سمع ولا طاعة يا معاوية، فقال معاوية: ولم يا أبا مسلم ؟ فقال: لِمَ تمنع العطايا عن المسلمين وإنه ليس من كدِّك ولا من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أمك ؟ فغضب معاوية، ولكنه كان وقَّافاً عند حدود الله، فقال للناس: مكانكم، ثم ذهب فاغتسل، فلما ذهب عنه الغضب رجع إلى الناس فقال لهم: صدق أبو مسلم إنه ليس من كدِّي ولا من كدِّ أبي ولا من كدِّ أمي هلمُّوا إلى عطاياكم.

وفي قَولِهِ تَعَالَى : وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ

هَذِهِ صِفَةُ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ الذَّاهِبِ بِنَفْسِهِ زَهْوًا ، وَيُكْرَهُ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُوقِعَهُ الْحَرَجُ فِي بَعْضِ هَذَا . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَخُوهُ : اتَّقِ اللَّهَ ، فَيَقُولُ : عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ ، مِثْلُكَ يُوصِينِي! وَالْعِزَّةُ : الْقُوَّةُ وَالْغَلَبَةُ ، مِنْ عَزَّهُ يَعُزُّهُ إِذَا غَلَبَهُ .
وَمِنْهُ :وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ

وَقِيلَ : الْعِزَّةُ هُنَا الْحَمِيَّةُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :


أَخَذَتْهُ عِزَّةٌ مِنْ جَهْلِهِ فَتَوَلَّى مُغْضَبًا فِعْلَ الضَّجَرِ

وَقِيلَ : الْعِزَّةُ هُنَا الْمَنَعَةُ وَشِدَّةُ النَّفْسِ ، أَيِ اعْتَزَّ فِي نَفْسِهِ وَانْتَحَى فَأَوْقَعَتْهُ تِلْكَ الْعِزَّةُ فِي الْإِثْمِ حِينَ أَخَذَتْهُ وَأَلْزَمَتْهُ إِيَّاهُ . وَقَالَ قَتَادَةُ : الْمَعْنَى إِذَا قِيلَ لَهُ مَهْلًا ازْدَادَ إِقْدَامًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ ، وَالْمَعْنَى حَمَلَتْهُ الْعِزَّةُ عَلَى الْإِثْمِ . وَقِيلَ : أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِمَا يُؤْثِمُهُ ، أَيِ ارْتَكَبَ الْكُفْرَ لِلْعِزَّةِ وَحَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ .
وَنَظِيرُهُ : بَلِالَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ
وَقِيلَ : الْبَاءُ فِي بِالْإِثْمِ بِمَعْنَى اللَّامِ ، أَيْ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ وَالْحَمِيَّةُ عَنْ قَبُولِ الْوَعْظِ لِلْإِثْمِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ ، وَهُوَ النِّفَاقُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ عَرَقَ النَّاقَةِ :


وَكَأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلًا مُعْقَدًا حَشَّ الْوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقِمُ

أَيْ حَشَّ الْوَقُودُ لَهُ وَقِيلَ : الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ ، أَيْ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ مَعَ الْإِثْمِ ، فَمَعْنَى الْبَاءِ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ التَّأْوِيلَاتِ . وَذُكِرَ أَنَّ يَهُودِيًّا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ عِنْدَ هَارُونَ الرَّشِيدِ ، فَاخْتَلَفَ إِلَى بَابِهِ سَنَةً ، فَلَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ ، فَوَقَفَ يَوْمًا عَلَى الْبَابِ ، فَلَمَّا خَرَجَ هَارُونُ سَعَى حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَنَزَلَ هَارُونُ عَنْ دَابَّتِهِ وَخَرَّ سَاجِدًا ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ أَمَرَ بِحَاجَتِهِ فَقُضِيَتْ ، فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، نَزَلْتَ عَنْ دَابَّتِكَ لِقَوْلِ يَهُودِيٍّ! قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ تَذَكَّرْتُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى :
وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ

حَسْبُهُ أَيْ كَافِيهِ مُعَاقَبَةً وَجَزَاءً ، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ : كَفَاكَ مَا حَلَّ بِكَ! وَأَنْتَ تَسْتَعْظِمُ وَتُعْظِمُ عَلَيْهِ مَا حَلَّ . وَالْمِهَادُ جَمْعُ الْمَهْدِ ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ لِلنَّوْمِ ، وَمِنْهُ مَهْدُ الصَّبِيِّ . وَسَمَّى جَهَنَّمَ مِهَادًا لِأَنَّهَا مُسْتَقَرُّ الْكُفَّارِ . وَقِيلَ : لِأَنَّهَا بَدَلٌ لَهُمْ مِنَ الْمِهَادِ ، كَقَوْلِهِ :
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
وَنَظِيرُهُ مِنَ الْكَلَامِ قَوْلُهُمْ : لِلشَّاعِرِ مَعْدِي كَرِبَ


وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بَخَيْلٍ تَحِيَّةً بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ وَجِيعٌ

وصدق اللهُ تعالي القائِل في مُحكَمِ التَّنزيل من سورة البقَرَة :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ &1754 إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ 208

فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
209

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ &1754 وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ 210

دمتم بحفظ الرحمن

أذا أعجبكم موضوعي لا تنسون تقيموني:101xv6:

المسك




خليجية



نورتي موضوعي بطلتك الرائعه