السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
تعريف الخاطرة:
في اللغة :الخاطرة هي مؤنث كلمة الخَاطِرُوهذه تعريفات الخاطر :
أ.الخاطر : النفْس أو القلب؛ اضطرب خاطره لما سمع من
أنباء / مرّ بالخاطر أي جال بالنفس أو القلب / عن طيب
خاطر أى براحة بال / هو سريع الخاطر أي سريع البديهة.
-: ما يمرّ بالذهن من الأمور والآراء .
ب. الخاطِرُ: الهاجِسُ .
ج. الخاطِرُ ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ . والجمع
الخواطر وقد خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ و يَخْطُرُ بالضم ; الأَخيرة
عن ابن جني , خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان . و أَخْطَرَ الله
بباله أَمْرَ كذا , وما وَجَدَ له ذِكْراً إِلاَّ خَطْرَةً ; ويقال : خَطَر ببالي
وعلى بالي كذا وكذا يِخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك ووَهْمِك
عام : نثر أدبي صيغت فيه الكلمات ببلاغة ويمتاز بكثرة المحسنات البديعية من صور واستعارات وتشبيه.
موقع الخاطرة في الأدب العربي : تصنف الخاطرة في موقع بين القصة القصيرة والشعر الحر .
ذكر سيد قطب قي كتابه النقد الأدبي أصوله ومناهجه:
"هناك نوعان من العمل الأدبي نطلق عليهما لفظ ( المقالة)
وهما يتشابهان في الظاهر ويختلفان في الحقيقة . فأحدهما
انفعالية وهي الخاطرة والأخرى تقريرية وهي المقالة.
وتختلف الخاطرة عن المقالة من حيث الحجم
بأن الخاطرة مختصرة جداً وعباراتها قليلة لكنها مركزة."
يقول الدكتور عز الدين اسماعيل في كتابه ( الأدب وفنونه ) عن ( فن الخاطرة) :
"وهذا النوع الأدبي يحتاج في الكاتب إلى الذكاء , وقوة الملاحظة , ويقظة الوجدان" .
من أنواع الخاطرة :-
– الخاطرة الرومانسية : وتعني بما يمر به الإنسان في مواقف الحب ( لقاء –فراق-خيانة-عتاب-اشتياق..).
-الخاطرة الإنسانية : وتعني بالقيم الإنسانية الجميلة ( الصداقة – الأخلاق الفاضلة- التضحية -الوطنية ).-
الخاطرة الوجدانية: تعني بوصف الحالة الداخلية للكاتب أو نظرته لشئ ما، وقد تشطح في الخيال كثيرا (سريالية).
– الخاطرة الإجتماعية : هي وصف أو نقل لما يمر من مواقف في محيط الكاتب تختص بمعاني (الأسرة – المجتمع-الدولة).
من أشكال الخاطرة :-
الخاطرة المركبة: وتعني بنقل الموقف مع احاسيس الكاتب .( كالخاطرة الرومانسية )
الخاطرة المجردة : تعني بنقل أحاسيس الكاتب فقط دون ذكر الموقف ( مثل الخاطرة الوجدانية).
مكونات الخاطرة المركبة :
-الوضوح والترابط بين الجمل والمعاني.
– تأخذ في بعض الأحيان أسلوب القصة القصيرة .
– تقل فيها المحسنات البديعية ، والصور البلاغية.
– التنوع في المفردات بين لغة الواقع ، وعالم الأحاسيس والخيال.
مكونات الخاطرة المجردة:
– الإبهام والغموض وعدم وضوح المعاني.
– تكثر فيها المحسنات البديعية.
– ترد فيها جمل غريبة جدا وغير واقعية.
– تعمق الكاتب في عالم الخيال ، فلا تجده يلمس أرض الواقع أبدا.
متى تكتب الخاطرة :
تكتب الخاطرة عندما يتعرض الإنسان لموقف ( عاطفي مثلا) فتتحرك أحاسيسه ،
ويبقى هاجس الموقف يلهب خياله ، فيكتب أحاسيسه تجاه الموقف .
تكتب الخاطرة معظم الأحيان عند حدوث الموقف ، وقد تكتب بعد فترة
عندما تستيقظ أحاسيس القلب نظرا لإثارة مشابهة أو موقف مشابه يمر به الكاتب.
الفرق بين الخاطرة ، القصيدة العمودية ، الشعر الحر، القصة ، المقالة، القصة
الشعر العمودي : يحوي الوزن والقافية والمعنى . ذو شطرين ( الصدر والعجز )
الشعر الحر :
يحوي التفعيلة ، ولا يعتمد على طول محدد .
سمات الشعر الحر :
1- الشكل محدد يعتمد على طول التفعيلة وتكرارها .
2- يعتمد على السطر الشعري بدل البيت الشعري .
3- يعتمد على أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي والتفاعيل الخليلية .
4- لابد من وجود موسيقى داخلية في القصيدة .
من سمات الخاطرة :
1. هي نص أدبي أقصر من المقالة يخلو من كثرة التفصيلات، لا تحتاج إلى إعداد مسبق، ولا إلى أدله وبراهين عقلية أو نقلية.
2. تعتمد على الانفعال الوجداني والتدفق العاطفي وليست بها فكرة تحتمل الاتفاق أو الاختلاف ، ولكنها لمحة ذهنية بمناسبة حادث عرضي.
3. لا يشترط بها قافية ولا تتقيد بوزن، وتتميز بالإختزال في الكلمات.
الفرق بين الخاطرة والقصة :
في القصة والمقال والرسائل تنعدم الرمزيات بينما هي من سمات الخواطر.
الفرق بين الخاطرة والشعر الحر :
عندما نرى سمات الشعر الحر الأربعة (المذكورة أعلاه)في خاطرة أدبية نقول بأن هذه الخاطرة قصيدة حرة وليست خاطرة .
نصائح في كتابة الخاطرة
1. اختيار العنوان الموفق للخاطرة ، بحيث يعكس موضوعها.
2. تقسيم الخاطرة : ضع خاطرتك على شكل فقرات أو وقفات متسلسلة ، مثال (المقدمة – العرض أو العقدة- الخاتمة) .
3. وضوح الهدف: اذا كانت الخاطرة تحمل هدف معين ، فيجب أن يتضح الهدف سواء في المقدمة أو الخاتمة وأن لا تشذ أحداث الخاطرة ومفرداتها عن خدمة الهدف المرجو منها.
4. لغة الخطاب :عندما تكون الخاطرة بلسان الكاتب عليه مراعاة ضمير المتكلم ، وعندما تكون تعبيرا عن الغير يراعى استخدام ضمير الغائب.
5. حاول التنويع في مواضيعك ، مثل ، الصداقة ، العلاقات الإجتماعية ، المواضيع الإسلامية وغيرها.
6. الإيجاز فن يتقنه القليل من الناس ، فتعلم الإيجاز ، لأن الخاطرة هي فن الإيجاز لا التطويل الممل.
7. تذكر الفرق بين الخاطرة والشعر الحر ، وتجنب النزوح للقصيدة النثرية في خاطرتك.
8. استخدم الإسقاط الفني: إنزال مجموعة الرموز داخل النص لتعطي الدلالة على أشياء من الواقع. تجد الكاتب يستغني عن التصريح بالتلميح ، ويكتفي بالإشارة عن العبارة.
9. أنت مميز. نسيج وحدك. اكتب بنفسك. عن نفسك. ولاتقلد فتخسر. لأن ذلك يجعل الخاطرة نسخة مشوهه.
أخطاء وأفعال يمكن تجنبها :
1. أن تتكلف الأحاسيس. لاتتجمل بالكذب ، كن نفسك ….تجد نفسك…فيحبك الآخرون.
2. التكرار الذي يخدش النص.
3. الحديث بأسلوب الكلام اليومي ( السرد العادي جدا للمفردات ).
4. نقل خواطر أخرى ، ونسبتها إليك ، فهي بالإضافة لكونها سرقة أدبية ، لا تضيف لك شيئا .
5. الإطالة المملة ، فالبلاغة هي في الإيجاز والإختزال.
6. استخدام الكلمات الغريبة الصعبة الفهم. استخدم العبارات البليغة السهلة الجامعة التي ترسخ في الذاكرة.
7. التسرع بنشر الخاطرة بمجرد كتابتها ، راجع الخاطرة وتأكد من سلامتها لغويا.
8. تغطية عدة مواضيع في الخاطرة ، فيتشتت القارئ ولا يستطيع التركيز.
9. قلة الأدب تحت مسمى حرية الأدب. خطأ شائع ، يعمد إليه من يريد الشهرة بأي وسيلة.
تنبيه مهم للكاتب المسلم :
1. تجنب الشهرة بالمخالفة. ( الخروج على الدين ، الأخلاق ، الفطرة السليمة ) فتنطفأ بسرعة اتقادك.
2. تجنب وضع آيات قرآنية وتحويرها في النص كدليل بلاغة ، فتكون بذلك حرفت القرآن ولو بغير قصد.
3. تجنب الدعوة للسفور والرذيلة والفاحشة سواء بالتصريح أو التلميح ، وتجنب الحديث عن العلاقات الغرامية وتسمية الأشخاص سواء بقصد أو بغير قصد.
4. اعلم أنك محاسب على ماتقول. سواء كتبت الخاطرة أو وضعت ردا على خاطرة. فاتق الله في نفسك.
5. تجنب التعالي على الناس بتسفيه مقالاتهم ، والرد الجارح اللاذع باسم النقد البناء حتى لو كنت محقا.
6. كن لطيفا أثناء نقدك خاطرة ما ( ضع الإيجابيات ، ثم السلبيات ) ، وان كان نقدك مطولا ، أرسله على الخاص.
مثال للخاطرة:
الصخور
"بيني وبين الصخور مودة لا أستطيع تفسيرها , ولا تحديد الزمان الذي نشات فيه , ولكن أحسها عميقة ووثيقة , بعيدة الغور والقرار , فلعلها تعود إلى يوم كنت طينة في يد الله . وكأن النسمة التي جعلت من الطينة إنسانا ما كانت لتزيد تلك المودة غير تأصل وجمال ونقاوة , حتى أنها تبلغ بي في بعض الأحاوين درجة الهيام" ميخائيل نعيمة.
***********************
***********************
الخاطرة في ميزان الإسلام:
( للعلم هذا الموضوع منقول ، وإنما أوردت أجزاء منه لتعم الفائدة ).
إن ما يسمى ب الكلمة السريعة أو (الخاطرة) الآن كان موجوداً من ناحية معناه وحقيقته وإن كان غير معروف بهذه التسمية.
"الخاطرة:
"هي كلمة موجزة قصيرة يلقيها المتكلم خطيباً أو واعظاً من أجل التنبيه على قضية أو مسألة محددة خطرت بباله، أو أعدها مسبقاً في زمن قصير دون استطراد أو إطالة أو مداخلة".
نماذج نبوية للكلمة القصيرة (المسماة: بالخاطرة):
سأتكلم عن فن ( الكلمة القصيرة أو الخاطرة) عند المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعندما أريد أن أتكلم عنها عند المصطفى أشعر بحرج خشية أن يفهم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم بخواطر غير معصومة، كما يخطر في بال أحدنا، فأردت أن أنبه لأمر وهو معلوم من الدين بالضرورة وهو أن ما يتكلم به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم معصوم؛ إما لأنه ابتداءً من الوحي، "إن هو إلا وحيٌ يوحى" وإما لأن النبي تكلم به بدون الوحي ابتداءً، ثم أقره الله، فكلام النبي وقوله وفعله – بأبي وأمي هو- معصوم ولو وقع شيء لنزل الوحي مصححاً ومبيناً كما حدث في وقائع متعددة كما هو في سورة "عبس"، وكما في "أسرى بدر" وغير ذلك مما هو مذكور في كتب الأصول والعقائد وغيرها. فإذا كان ذلك كذلك، فإن رأيي أن النبي الكريم استخدم الكلمة السريعة القصيرة في مناسبات عديدة وكثيرة، وتحققت بها نتائج باهرة، وما زالت هذه الكلمة السريعة القصيرة نتعلم منها في ديننا، وهي تمثل نسبة كبيرة من الأحاديث النبوية الشريفة، وهاك نماذج من فنون وتنوع الكلمة القصيرة، واستخدام المصطفى صلى الله عليه وسلم لها:
1- ضرب الأمثال:
وضرب المثل يوضح المبهم، ويكشف اللبس ويقع في النفس خير موقع.
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذُبُّهُّن عنها وأنا آخذٌ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي)) رواه مسلم.
2- انتهاز فرصة الحادثة للتعليق عليها:
عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلامٌ يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم) فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري.
3- أسلوب القصة:
في فطرة الإنسان ميل إلى القصة، ولها تأثير ساحر على القلوب، سواء كانت تاريخية أم معاصرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً، فخر عليه رِجْلُ جرادٍ من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربُّه عز وجل: يا أيوبُ، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟! قال: بلى وعزتك، ولكن لاغنى بي عن بركتك) رواه البخاري.
4- مطايبة الصغار والضعفاء والنساء بالكلمة القصيرة:
عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنها قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك) متفق عليه.
5-أسلوب مزج القول بالعمل:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: (رب اغفر وتب علي إنك أنت التواب الرحيم). رواه أبو داود والترمذي.
6-أسلوب السؤال:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما تعدون الشهيد فيكم؟" قالوا :يا رسول الله ,من قتل في سبيل الله ,فهو شهيد. قال :" إن شهداء أمتي إذا لقليل !" قالوا :فمن هم يا رسول الله؟ قال :" من قتل في سبيل الله فهو شهيد , ومن مات في سبيل الله فهو شهيد , ومن مات في الطاعون فهو شهيد , ومن مات في البطن فهو شهيد , والغريق شهيد " رواه مسلم.