كثيرة هي الخرافات والأساطير التي أخذت تروى وتجدد في كل قرن وجيل..
وكثيرة هي الأوقات التي أخذنا فيها نختبئ تحت أغطية السرير في صغرنا خوفاً من قدوم الزومبي والمذؤبين..
ونتجنب النظر كثيراً إلى المرآة خوفاً من ظهور ميدوسا برأسها البشع المليء بالأفاعي من خلفنا على حين غرة..
خزعبلات وكوابيس شيطانية.. كانت وما تزال سبب أرق البعض.. و تسلية البعض الآخر..
كثير من الناس يصدقها.. وكثير منهم يكذبونها..
بعضها يحتمل الصواب.. كما يحتمل الخطأ والتحريف في الوقت نفسه..
والبعض الآخر صعب التصديق والفهم..
بالنسبة لي..
لست مصدقة بأي من الأساطير.. كما أني لست مكذبة بها..
لذلك..
لم أكن أعلم.. أو أتوقع ما سيقابلني..
ولم أكن في حياتي أتصور بأني ذات يوم سأصدق مثل هذه الخرافات تصديقاً كاملاً..
كنت مكذبة لها تماماً.. إلى أن قابلته..
هو
هو
هو
***
السلاآم عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
كيف الحال والأحوآل.. أتمنى أن تكونوا جميعا في تمام الصحة والعافية..
أعذروني على سوء التنسيق إن كان موجوداً..~
كالعادة لمن يعرف ريني.. لست من النوع الذي يزين مواضيعه وكلامه بالمقدمات أبدا..
لذلك سأدخل في صلب الموضوع..
——–
أحب وبكل سعادة أن أشاركم قصتي
***
أنا وهو الذي يمشي في الظلام..
نوعها: رعب-خيآل
تصنيفها: لمن يملك القدرة على النجاة فقط…!!
………….
هذا كل ما لدي ^^ أتركم الآن مع سطور قصتي والتي أتمنى من كل قلبي أن تحوز على رضاكم..~
إلى قصة أخرى بإذن الله تعالى..~
جآني..~
في آمآن الكريم..~
" سأقوم بوضع القصة هنا فصلا تلو الآخر بإذن الله تعالى "..
فترقبوهآ..~
الجزء الأول: الفصل 1..~
كثيرة هي الخرافات والأساطير التي أخذت تروى وتجدد في كل قرن وجيل..
وكثيرة هي الأوقات التي أخذنا فيها نختبئ تحت أغطية السرير في صغرنا خوفاً من قدوم الزومبي والمذؤبين..
ونتجنب النظر كثيراً إلى المرآة خوفاً من ظهور ميدوسا برأسها البشع المليء بالأفاعي من خلفنا على حين غرة..
خزعبلات وكوابيس شيطانية.. كانت وما تزال سبب أرق البعض.. و تسلية البعض الآخر..
كثير من الناس يصدقها.. وكثير منهم يكذبونها..
بعضها يحتمل الصواب.. كما يحتمل الخطأ والتحريف في الوقت نفسه..
والبعض الآخر صعب التصديق والفهم..
بالنسبة لي..
لست مصدقة بأي من الأساطير.. كما أني لست مكذبة بها..
لذلك..
لم أكن أعلم.. أو أتوقع ما سيقابلني..
ولم أكن في حياتي أتصور بأني ذات يوم سأصدق مثل هذه الخرافات تصديقاً كاملاً..
كنت مكذبة لها تماماً.. إلى أن قابلته..
فمنذ ذلك الوقت.. تغيرت أمور كثيرة في حياتي..
لم أعد أشعر بما حولي.. كنت محاطة تماماً بال..
لحظةً واحدة..!! أعتقد بأني قد اسهبت كثيراً في الكلام ونسيت ما أنا بصد روايته عليك..
لا أريد حرق الأحداث قبل أوانها..
لذا أحب أن أبدأ من الصفر.. أي قبل أن أتعرف على ذلك المدعو ب (( هو ))..
و أرجو أن لا يخطر على بالك ما اسم هذا ال (( هو )) أو أن تحاول حتى التفكير في اسمه..
لأنك بذلك تكون قد جنيت على نفسك بدون علمك بلعنة (( هو )) المؤكدة..!!
كما جنيت أنا على نفسي مسبقاً..!!
قد تضحك أو تسخر من كلماتي السابقة.. ولكن احذر.. فلقد كنت أشد سخرية منك..
وحصل لي ما جعلني أعض أصابعي ندماً بعدها..
قبل أن أبدأ بسرد قصتي عليك..
أرجو أن تطفأ ذلك النور.. اترك تلك الشمعة مكانها في ركن الغرفة..
آآه جو الغرفة أصبح موترا للأعصاب. لا لاعليك.. هذا ما أريده أنا تماماً..
في بعض الأحيان أشعر بأن هذه الأجواء رومانسية للغاية.. وفي أحيان أخرى أشعر بأنها كفيلة لجعلي أموت رعباً.. أتوافقني الرأي..؟؟
حسناً.. تعال اجلس أمامي هنا.. حتى تكون على علم بتعابير وجهي..
ممتاز.. هل أبدأ الآن.. ؟
أريدك فقط أن تنسى ما تمليه عليك قوانين الطبيعة من المقايس التي يستوعبها عقلنا البشري..
وأن تنسى كلمة مستحيل..
ولعلمك..!! كل كلمة أقولها كفيلة بقتلك وكفيلة بجعلك تموت بطئ..
لا تستغرب هكذا.. مجرد سؤالك عن أشياء ليست واضحة أو غير مفهومة من خلال كلامي عما جرى لي يعرضك للعن.!
ألم أخبرك مسبقاً..
إن كل شيء يجرؤ على السخرية أو التطفل على ما يخص (( هو )) سيحصل له ما حصل لي..!!
والآن..
خذ نفساً عميقاً..
ولنبدأ.. بدايةً أرجو من الله أن يهدينا نهايتها..
-1-
(( مجرد هواجس ))
( لا يجب أم يكون كل ما تراه حقيقة.. كما أنه لا يجب أن يكون خيالاً..!! )
كعادتي..
أخذت أتناول فطوري واضعةً أمامي شيئاً أقرأه للتسلية ريثما أنتهي من الطعام..
وكالعادة..
المواضيع نفسها سواء في الجرائد أو المجلات..
اعتزال الممثل الفلاني.. اعتقل المجرم يوم كذا.. طفل نابغة يخترع جهازا معيناً..
إلخ إلخ إلخ..!!
مدت يدي إلى غلاف المجلة كيف أغلقها.. ولكن..
لفت إحدى الصفحات نظري.. كانت ذات لون أسود.. وحروفها بلون أحمر غريب..
لا أعلم لما لم أتجاهل ذلك النداء الغريزي الغريب الذي يدعوني إلى فتح المجلة والبحث عن تلك الصفحة مرة أخرى..
كنت أشعر بالخوف من اللاشيء..!! لكن رغبة النفس البشرية إلى الرعب كانت هي الدافع لي حتى أكمل بحثي..
و أخيراً.. وجدتها.. قبل أن أعيد المجلة إلى مكانها معلنة الاستسلام..
أمم حسناً لنرى.. (( غريب..!! جزء كبير قد مزق من الصفحة الأولى.. لايهم..!! ))
كانت هناك فقرات عديدة بخطوط مختلفة كتبت بذات الون الأحمر الغريب,,
و عنوان بأعلى الصفحة كتب بالخط العريض (( شاركونا كوابيسكم..))!!
شعرت لوهلة بأن هناك بعض الغموض والتشويق..
أكملت القراءة لأكتشف بأن هذا الركن من المجلة ما هو إلا عبارة عن رسائل بعض الأشخاص يرون فيها ما حصل معهم من أمور خارقة للطبيعة.
لا أنكر أني أحب قراءة قصص الرعب المتعلقة بالخوارق الطبيعية..
كما أني لاأنكر الإشمئزاز الشديد الذي شعرت به بسبب تلك الرسائل..
(( جني خرج من بالوعة الحمام اخترق جسدي ولم أتأذى ))
بالتأكيد أطلت الجلوس في الحمام لوحدك.. بعد مشاهدتك فيلماً مرعبا..!!
(( مخالب حادة تجرح بطني عندما أنام ليلاً..))
أعتقد بأنك قد تناولت وجبة عشاء دسمة جداً قبل خلودك إلى النوم.. كما يبدو بأنك تنام على بطنك..
ثم.. لما لا تجرب أن تنام نهاراً فقد تشفق المخالب عليك..!!
ههه
أخذت أضحك على ما قرأته.. بدى لي بأني أقرأ قصصا لأناس ذي خيال واسع أخذ ينسج لهم ويملي عليهم ما يرسلوا من خزعبلات..!!
صحيح أني ذات خيال واسع.. واسع جداً.. ولكني لم أسخر خيالي في أشياء كهذه..!!
شعرت بأني قد أضعت الكثير من وقتي على لاشيء..
لكن.. وقبل أن أغلق المجلة.. لفت نظري إحدى الرسائل..
كانت طويلة نوعاً ما.. لذا.. أخذت أقتبس من سطورها المجمل المفيد.. لم أكن أعلم بأنها ستجبرني على أن أبدأها من أولها..
ربما لأنها أثارت اهتمامي حقاً.. ولأني شعرت حينها بأنها الوحيدة من بين الرسائل الأخرى في تلك الصفحة التي تستحق أن أقرأها..
وقد كان من نصها :
(( أعزائي في مجلة (( ……)).. تحية طيبة..
أكتب لكم كلماتي هذه في الحظات الأخيرة من حياتي (( ماذا يعني بالحظات الأخيرة..؟؟ )) ..
كلماتي التي أرجو أن تنقذ أحد بعدي قبل أن يصل إلى ما وصلت إليه.. و أنا متأكد تماما أنكم تقرؤون رسالتي هذه بينما أنا مجرد كومة من الحم لا تقوى على الحركة.. (( هل هذا يعني أنه ميت الآن..؟؟ يا إلهي..!! لم أفهم جيداً )) ..
كنت رجل عادي كأي رجل في مثل عمري.. مسيرة يومي كانت من العمل إلى البيت ثم من البيت إلى العمل.. حياة عادية لا ترجو من ورائها أي تجديد..
في يوم كنت عائدا فيه إلى منزلي بعد عمل مرهق استوقفتني امرأة عجوز.. احدودب ظهرها بطريقة بشعة..
لمست يدي فتوقعت أنها ترغب بمساعدتي في شيء ما.. سألتها (( أ أنت بخير ؟؟ ))
نظرت لي نظرة كئيبة.. و الدموع أخذت تملئ عينيها الحمراوتين.. ثم قالت (( لقد كان بمثل عمرك.. ثم.. ثم..!! )) انهارت تبكي..
لم أعرف طريقة أخرها لتهدئتها غير أن أجلسها على كرسي الطريق العام الذي كان بجوارنا..
ثم طلبت منها أن تهدأ.. وتروي لي كل شي.. فقالت وعينها تنظران إلى الأرض (( لم يكن مصدقاً بالخرافات.. ولم يكن يحب سماعها أبداً.. حتى حصل له من إحداها ما حصل)) قلت مستغرباً (( كيف.؟؟!! )) فأكملت (( أرجوك.. صدق ما أقول حتى لا تصاب بلعنته ))
سألتها بنفاذ صبر (( لعنة من..؟؟ )) صرخت قائلة (( لا تسأل.. آآآآه حلت العنة.. حلّت العنة..!! ))
أخذت أنظر إليها متعجباً لا أملك ما أقوله.. بينما نهضت هي وأخذت تمشي إلى غير هدف مستمرة في كلامها
(( نهايتك محتمة.. سنقتل كلنا من قبله..))
ما تريد من رجل مثلي أن يفعل..؟؟ بالتأكيد نهضت عائداً إلى منزلي لأتناول عشائي.. آخذ حماماً ثم أخلد إلى النوم..
لكني لا أدري السبب الذي جعلني أفكر في ما قالته مراراً.. لايمكن أن تكون تلك الدموع مكذوبة ومصطنعة خصوصاً من عجوز في مثل سنها..
بت ليلتها أفكر حتى غفوت دون علمي.. ولم أكن على دراية بأنها المرة الأخيرة التي أنام فيها بسلام..
لأني لن أستيقظ أبداً..
………………………… ………….))
آآه لماذا..؟؟!!
أخذت أقلب صفحات المجلة باحثةً عن الجزء المقطوع والذي يحمل تكملة الرسالة..
ولكني لم أجده للأسف.!
لقد أردت معرفة النهاية من كل قلبي.. أريد أن أعرف مالذي جرى له بعدها..؟؟!!
لم أرهق نفسي بالتفكير حتى لا يصيبني الفضول القاتل لمعرفة باقي الرسالة بالجنون..!!
وضعت المجلة مع بقية المجلات والجرائد التي كنت أطلع عليها وصعدت إلى غرفتي..
كانت الساعة عندها الثانية عشرة والنصف..
ضوء الشمس الدافئ أخذ يداعب أركان غرفتي جاعلاً شكلها مريحاً يثير الأمان والطمأنينة في النفس.. مما ألهمني أن آخذ حماماً منعشاً أخرج بعده للتنزه مشياً على الأقدام..
دخلت الحمام.. وخلعت ساعة يدي واضعةً إياها أمامي على المرآة.. حتى أنتبه جيداً للوقت. فأنا لا أريد أن أقضي وقتاً كثيراً في الإستحمام..
قطرات الماء الفاترة أخذت تنصبّ على رأسي المليء بالأسئلة والأفكار..
لماذا كتب (( لحظاته الأخيرة من حياته )).. هل من الممكن فعلاً أن يكون الآن ميتاً..؟؟
ثم.. مالذي جعل تلك العجوز تصرخ وعيداً بالعن..؟!!
ومالذي جعلها ينام ولا يستيقظ بعدها..؟؟ مالذي جرى له ياترى..
هل فعلاً أصيب بلعنة ما..
أو.. لم لا يكون مجرد كاذب مختلق لل كغيره من الهواة الماهرين في سرد خيالهم واعتقاداتهم..؟؟
لا.. لا أظن ذلك.. شعورٌ قوي بداخلي يخبرني بصدقه..
آه لو أجد الجزء المقطوع فقط..!!
مرت نصف ساعة وأنا لا أزال تحت الماء محنية رأسي ولم أنتهي من الاستحمام بعد..!!
أخذت أضع الصابون على رأسي في عجلة حتى أنتهي بسرعة.. و لكن..
ما ذلك الصوت..!!
تك تك تك..!!
هاه.؟؟!!
تك تك تك..!!
لا أعلم مالذي جعلني أوجه نظري مباشرة إلى المرآة حيث ساعتي..
هل هذا صوت دقات عقرب الساعة.. أم أن الصوت قادم من المرآة نفسها..
لا أعلم..
ليس من عادتي أن استمع لمثل هذه الوساوس..
ولكني أنهيت حمامي من فوري وخرجت من الحمام.. هاربة..!!
هاربة من ماذا..؟؟ لا أدري..
أنه ذلك الهروب من اللاشيء.. الهروب الذي تؤديه تلقائياً عندما تمشي لوحدك في ممر مظلم ليلاً من شخص صنعه خيالك..!!
ولكني اكتشفت فيما بعد أني لم أهرب من لاشيء..
ويا ليتني لم أكتشف..!!
……
نهآآية الفصل الأول من الجزء الأول..
ترقبوا الفصل الثاني..
الجزء الأول: الفصل2:
-2-
(( فضول ))
(سألتها بنفاذ صبر (( لعنة من..؟؟ )) صرخت قائلة (( لا تسأل.. !!)) )
أخذت أمشي إلى غير هدف..
متأملة في طريقي أطفال يداعبون كلبا صغيرا.. لقد كان منظرهم لطيفاً جداً..
لطيفاً إلى درجة أني قد نسيت ما كانت به نفسي من توتر.. وفضول..
حاولت قدر الإمكان أن أستمتع بنزهتي هذه.. وأن لا أخوض في التفكير فيما قرأته صباح اليوم.. أو ما جرى معي في الحمام..
في طريقي قابلتني إحدى المنشورات الورقية.. حملتها لأرى محتواها..
فإذا به بلاغ عن اختفاء رجل في الخامسة والثلاثين من عمره..
اختفى من أسبوع في ظروف غامضة.. متزوج ولدي بنتان..
أعسر.. توجد ندبة صغيرة على رقبته.. وله..
لم أكمل قراءة بقية التفاصيل.. ليس برغبتي..
وإنما خضوعاً لمشاعري التي أخذتني بعيداً لنجول في عالم أفكاري..
لوهلة شعرت بارتباط بين اختفاء هذا الرجل ورسالة ذاك الآخر في تلك المجلة..
أيمكن أن يكون هو.. ولكني لا أملك إثباتاً يدل على ذلك..
وإن كان هو لتعرّفه أهله..
ثم إني لا أعلم متى أصدرت تلك النسخة من المجلة..
آآآه وما شأني أنا..
ألقيت بالورقة بعيداً عني في الهواء و عدت أدراجي إلى البيت..
شعرت وكأن الهواء يزيدني ضيقاً بدل أن يزيدني انتعاشاً كما كنت قبل خمس دقائق..
ولكني هذه المرة لن أتنازل عن معرفة ما حصل معي في الحمام.. بالتأكيد هناك تفسير..
الساعة الآن العاشرة تماماً..
أخذت أبحث في شبكة الإنترنت عن جميع النسخ من المجلة التي قرأتها صباح اليوم..
والحمد لله وجدت النسخة التي أردت..
أخذت أتصفحها سريعاً حتى أصل إلى صفحتي المنشودة..
وأخيراً وجدتها..
أول ما قمت به هو أني قرأت اسم المرسل..
لقد كان (( ت. أ )) فقط..!!
ثم كتب بجانبه اسمه المستعار (( لم يتم عرض البلد تلبية لرغبة المرسل ))..!!
لماذا لم يرغب في عرض اسم البلد.. غريب..!!
إذاً فاحتمال كونه ذلك الرجل المفقود وارد وبقوة.. ولكن..
أخذت أراجع تاريخ اختفاء الرجل بتاريخ إصدار هذا العدد من المجلة..
فوجدت بأنها تسبق اختفاء الرجل بأسبوع.. هذا يعني أن صديقنا صاحب الرسالة مفقود من أسبوعين..
لذا.. لا أعتقد بأنه قد يكون هو..
خطر على بالي بعد أن اطمأنت إلى عدم إثبات صحة أفكاري أن أكمل الجزء الذي لم أتمكن من قرائته..
ولكن..
آآه مالذي يجري..
دخل أخي الصغير غرفتي حاملاً معه بطارية يدوية مخبراً إياي بإنقطاع التيار الكهربائي..
لا مشكلة في ذلك عندي لأني كنت سأخلد للنوم.
أخذت منه البطارية شاكرة إياه على إخباري..
لم أجد مهرباً من أن أعود إلى فراشي لأنام..
واضعةً لنفسي بعض الأعمال المعينة والتي أرغب بعملها غداً..
كما أني أتمنى..
وعلى حين غرة اضطرت إلى قطع حبل أفكاري حين لفت نظري منظر ساعتي التي وضعتها أمام المرآة..
كيف لم أنتبه لهذا منذ البداية..
لماذا..؟؟!!
لماذا ساعتي حمراء كالجمر..؟؟!!
………
بقيت واجمة في مكاني أتأمل منظر ساعتي المرعب..
لا أدري هل أهرع إليها لأرى مابها..
أم أتركها وأنتظر ما سيحدث..؟؟
لم أعطي نفسي فرصة الإجابة على هذه الأسئلة..
نزلت من السرير.. وبخطوات بطيئة اتجهت إلى المرآة..
كانت ساعتي تزيد توهجاً بذات الون الأحمر المرعب كلما اقتربت منها..
رفعت يدي حتى أحملها..
ولكن منظر المرآة استوقفني وقتها..
فقد كانت سوداء تماماً لا تعكس شيئاً.. سوداء بطريقة كابوسية تشعرك وكأن شيئاً ما سيخرج من خلالها فوراً..
لا أعلم بأي قوة استطعت أن آخذ الساعة وأضمها إلي وأنا أشاهد هذا المنظر..
ولا أعلم كيف انتهي هذا الموقف..
كل ما أذكره هو أني منذ أن حملت ساعتي خارت قواي كلها..
فسقطت على الأرض مغشياً علي..
…….
فتحت عيني مستيقظةً بسبب حرارة الشمس على وجهي..
آآه.. أشعر بألم رهيب في جسدي..
وفي جزء من الثانية تذكرت ما عشته ليلة البارحة..
فتحت يدي لأرى ساعتي فلم أجدها..
نظرت تجاه المرآة فإذا بها طبيعية لا يعيبها شيء.. وساعتي أمامها كما وضعتها..
كيف هذا..؟؟
هل كنت أتوهم.. لكن.. الساعة.. لقد كانت تشع احمراراً فعلاً..
والمرآة..
تحاملت على نفسي لأقف..
واتجهت إلى حيث المرآة والساعة أتفحصهما..
يا إلهي.. إنهما سليمتين تماماً.. لا أثر لأي شيء يثبت تغيرهما..!!
إذاً.. مالذي جرى لي ليلة البارحة..؟؟
لقد كان كل شيء محسوساً فعلاً.. أنا متأكدة بأني لم أكن أتوهم..
هل لما حصل معي في الحمام علاقة بما حصل معي ليلة أمس..؟؟
لن أسكت على ما يحصل لي..
يجب أن أجد أجوبة لكل سؤال يدور في رأسي.. وفي أسرع وقت قبل أن أجن..
وبكدآ يكون أنتهي الفصل2 من الجزء الأول..
^^
ترقبوا البآقي بإذن الله,..~
في آمآن الكريم..~
الجزء الأول : الفصل 3+4
-3-
(( حقيقة ))
(صرخت قائلة (( لا تسأل.. آآآآه حلت العنة.. حلّت العنة..!! )) )
بنفاد صبر أخذت أبحث في نفس المجلة عن عنوان ذلك الركن منها..
(( شاركونا كوابيسكم ))..!!
للحظة شعرت بأني تافهة لدرجة لا يعلمها إلا الله..
وكم كنت مستغربة لما أفعله..
أنا التي كنت حتى لا أضيع وقتي في قراءة مثل هذه الأشياء.. أبحث الآن عن طريقة لتوصلني إليها..
وأخيراً وجدته..
كتبت العنوان في ورقة صغيرة بسرعة..
طويتها في يدي وأعدت المجلة إلى مكانها و صعدت إلى غرفتي بسرعة..
قد كان الوقت عصراً.. البيت هادئ بطريقة موترة للأعصاب. إضافة إلى توتر أعصابي لما أنا بصد كتابته..
أمسكت الورقة والقلم وبدأت أخط ما بالي بعقل مشت التفكير تماماً..
كتبت فيها بالتفصيل الممل ما جرى معي في الحمام وفي غرفتي..
طريت الورقة بطريقة مرتبة و وضعتها في ظرف مناسب لها..
وفي أثناء كتابتي لعنوان المجلة.. كانت تدور في رأسي فكرة أن الرسالة قد لا تصلهم.. أو أن لا تقرأ من قبل مشرفي ذلك الركن أبداً..
ولكن لم لا أحاول..
و ضعت الظرف في حقيبتي و نويت الخروج لأرسله..
……
في أثناء طريقي إلى حيث صندوق البريد..
لفت نظري امرأة عجوز..
احدودب ظهرها بطريقة مرعبة.. كانت تمشي وهي تنظر إلي مبتسمة..
إبتسامة تحمل خلفها معنى أجهله تماماً..
توقفت وناظري موجه إليها تماماً.. أما هي فأخذت تكمل طريقها معطيةً إياي ظهرها دون أنم تلتفت لي..
لا أدري لماذا ولكني.. أشعر بأني قد قابلت هذه من قبل..
أو أني سمعت عنها..؟؟
هل حصل ذلك فعلاً..؟؟
………
مر أسبوعٌ الآن بلا مشاكل على موعد إرسالي للرسالة.
فلقد كنت في كل ليلة أضع الساعة بجانبي..
أتأكد من صحة المرآة وأخلد إلى النوم والرعب يملئ قلبي..
واليوم هو موعد إصدار المجلة..
خرجت مبكرةً من البيت متجهة إلى أقرب متجر لأحصل على نسخة منها..
من حظي أن المتجر كان خالياً تقريباً من المشترين..
مما أتاح لي فرصة الإطلاع على المزيد من المجلات ريثما يحضر لي البائع النسخة التي طلبتها..
ولكن الهدوء الذي عشته ما لبث أن تلاشى حين رأيتها..!!
رأيتها واقفةً أمامي من خلال زجاج المتجر.. نفس العجوز.. إنها هي بعينها..!!
كانت تنظر إلي نفس النظرة المرعبة المصحوبة بابتسامتها الغامضة..
لم تترك لي فرصة النطق بحرف واحد..
أشارت بإصبعها لي قاصدة أن أسكت..
و أعطتني ظهرها لتذهب..
ألقيت ما كان بيدي من مجلات و هرعت إلى خارج المتجر لأراها..
ولكنها لم تكن موجودة هناك أبداً..
ذهبت إلى نفس المكان الذي كانت واقفة فيه.. فلم أجدها هناك أيضاً..
حتى بعد أن بحثت عنها في نطاق ذلك المتجر.. كانت وكأنها قد تبخرت تماماً ولم يعد لها وجود..
تباً.. مالذي تريده تلك العجوز..؟؟
أخشى أنها تقصد شيئاً بتلك الحركة.. مالذي دفعها لتشير إلي بها..؟؟
ترى.. هل هناك شيء أجهله أنا..؟؟
لا أعلم لماذا ولكني متأكدة بأني قد قابلتها مسبقاً في مكان ما..!!
في هذه الأثناء كان البائع يناديني ملوحاً بالنسخة التي طلبتها من المجلة..
أخذتها منه شاكرة إياه على جهده.. أعطيته ثمنها
وأخذت أجري في طريقي عائدةً إلى البيت..
أخذت أجري لأني لم أكن أريد أن أرى تلك العجوز تعترض طريقي مرة أخرى.. لم أكن أحتمل أن أرى وجهها المرعب المليء بالتجاعيد ولا حتى أن أتذكره..
لا أريد.. لا أريد..!!
…….
تناولت طعام العشاء بغير شهية..
أعتقد أن الجميع قد لا حظ كثرة وجومي وعدم رغبتي في الكلام..
أخبرت أمي بأنها مجرد أعمال تشغل بالي مؤقتاً وستزول وتعود إلي شهيتي مرة أخرى..
استأذنت منها أن أنصرف إلى غرفتي لأني متعبة بعض الشيء..
وما إن سمحت لي حتى صعدت إلى غرفتي بسرعة ..
أمسكت بالمجلة و رحت أقلب صفحاتها على عجل..
حتى وصلت إلى الركن الذي أريده..
أخذت أقرأ على عجل الرسائل المرسلة و أسماء أصحابها على أمل أن أحد رسالتي بينهم..
آآه وأخيراً وجدتها..
جيد.. لأقرأ الرد الآن..
كانت صدمتي بالرد أشد من صدمتي بما تحتويه رسالتي نفسها..!!
فلقد كان نصه:
(( عزيزتي إنه ليسعدنا مدى ثقتك بمجلتنا.. ودليل ذلك إرسالك لنا لما عشتيه من أوقات مثيرة ومشوقة (( ترى أيستهزؤون بي..؟؟ )) .. و إنه ليؤسفنا أشد الأسف.. عدم وحود أي تفسير لدينا لما كتبتيه من ظواهر غريبة..
ولا تنسي.. أنه قد يكون لخيالك الخصب أكبر مساعد في ما جرى لك.. لأنه من الواضح أنك ذات خيال خصب جداً (( هم فعلاً يستهزؤون بي..!! ))..
نتمنى أن نقرأ المزيد من رسائلك المشوقة.. آملين أن تجدي حلاً وتفسيراً لما كتبته..!! ))
تباً..!!
كم كنت غبية حين فكرت في إرسال شيء لهم..
فعلا..
هذه الأركان من المجلات تافهة وستظل تافهة للأبد.
لا أعلم كيف سمحت لنفسي للحظة في الثقة بهم .. مجرد التفكير في ذلك يشعرني بالخجل من نفسي..!!
آآه..
رميت بالمجلة جانباً مفكرةً في أنه يجب علي أن أنسى ما عشته وأن أبدأ حياةً جديدة بدأً من الغد..
استلقيت على السرير محاولة النوم..
ولكن ذلك الشعور الغريزي الذي يشعرك بحلول كارثة ما أخذ يجول في خاطري..
مما أدى إلى هروب رغبتي في النوم..
نظرت إلى ساعتي والتي كنت قد وضعتها بجانب السرير كالعادة منذ تلك الحادثة..
الحمد لله أنها سليمة..
ثم نظرت إلى المرآة وقد كانت بأفضل حال..
طمأنت نفسي أنه لن يحدث شيء..
أغمضت عيني و ذهبت في سبات عميق…
…….
مرة يومين الآن..
ولا أزال بنفس التوتر وخيبة الأمل مما حصل معي في تلك المجلة..
مهما حاولت أن أنسى تعاودني فكرة أن أبدأ البحث عن تفسير مقنع من جديد..
إلى أن طرق باب منزلنا..
فتح له أخي الباب..
حياه بأدب وسأله عما إذا كان هذا بيتي أم لا..
جريت إلى حيث الباب و وقفت خلف أخي قائلة..
(( نعم.. أنا هي.. ماذا تريد يا سيدي..؟؟ ))
حياني بأدب و سألني:
(( هل لي بعض من وقتك يا آنسة..؟؟ ))
أجبته بأن يتفضل..
دخل إلى صالة الضيوف وهو ينظر إلى شي كان ممسكاً به.. لم أكن أعلم ما هو ولكني شعرت بأنه مهم..
جلس يحاول إيجاد مقدمات لموضوع ما..
لم أكن أدري ما يريده بالضبط..
فسارعت بسؤاله (( خيراً إن شاء الله..؟؟ ماذا هناك يا سيدي.؟؟ ))
فأجابني بسرعة وكأني قد أنقذته من مشكلة البحث عن أي مقدمات :
(( لقد قرأت قبل يومين رسالتك في مجلة (…….) وقرأت وردهم عليك.. أعتقد أنه من الفظاظة أن يردوا عليك بمثل تلك الطريقة..))
أومأت له برأسي موافقة لكلامه..
فأكمل :
(( أنا مهتم جداً برسالتك وما حدث معك يا آنسة.. أنا فعلاً أريد مساعدتكِ من كل قلبي..))
قاطعته قائلة:
(( إعذرني ولكن.. هل تريد أن تفهمني بأنك تملك تفسيراً لما جرى لي.. وتفسيراً مقنعا…؟؟ ))
أكمل بأسلوب واثق متأكد من كلامه :
(( أجل آنستي.. لأن ما حدث معك حصل معي تماماً.. إن ما تعيشينه الآن إن هو إلا بداية فقط..!!))
قال كلماته تلك وهو ممسك بورقة صفراء توحي بالقدم بين يديه.. أعتقد بأنها ذات الشيء المهم الذي كان يمسكه حين دخل..
سألته بتخوف : (( بداية ماذا.؟؟))
نظر إلى الورقة التي بيده ثم أكمل :
(( بداية لعنة هو..!! ))
…….
-4-
(( مصير ))
(أخذت تمشي إلى غير هدف مستمرة في كلامها
(( نهايتك محتمة.. سنقتل كلنا من قبله..)) )
……..
في جزء من الثانية تذكرت تلك الرسالة الغريبة في تلك المجلة..
منشورات ذلك الرجل المفقود..
العجوز.. وما جرى في غرفتي..
كل هذه الأشياء أخذت تعرض أمامي بسرعة.. منذ أن تفوه هذا الرجل الغريب بآخر كلماته..
هل من الممكن أن أكون على حق..
جميع ما مررت به وشاهدته مرتبط بعضه البعض..؟؟ تجمعهم علاقة غريبة لم أفقها بعد..!!
يا إلهي أرجو أن يكون كل ما فكرت به خاطئاً..
سألني بهدوء : (( أ أكمل كلامي ..؟ ))
أومأت برأسي موافقة.. وعيني لا تغادران منظر رقبته البشع..!!
كان يحمل ندبة عميقة عليها توحي بأنها ظهرت إثر جرح خطير.. لقد كانت مقزة ومرعبة في نفس الوقت..
أيمكن أين يكون هو ذات الرجل المفقود..؟؟
ولكن إن كان هو.. فكيف لم يتعرفه أهله..؟؟
حاولت وقتها أن أستعيد تركيزي لأستمع لما يقوله هذا الآخر لأنتهي من هذه المشكلة..
فوجوده هنا لا يطمئني أبداً..
(( سأشرح لك كل شيءٍ من البداية.. ولكن..
أرجو منك ألا تقاطعيني.. أو تسألي عن أي شيء.. لأنك بذلك ستعرضين نفسك للخطر.)
نظرت له نظرة إستغراب فأشار لي بإصبعه ليسكتني مكملاً:
(( وتأكدي بأن شرحي لك سيكون وافياً تماماً.. وسأحاول أن أوضح لك كل غامض بما أستطيع..))
فتح الورقة التي كانت بيده وبدأ يقرأ علي ما كتب فيها..
…….
فرانشسكا 1876 م..
الثامن والعشرين من أبريل..
الساعة الثانية عشرة ليلاً..
العينة (1 )
اليوم هو اليوم الأول من ظهور نتائج التجربة..
العلامات الحيوية طبيعية جداً.. ولا يوجد أي تغيرات توحي بتدهور الحالة الصحية..
العينة ( 2 )
اليوم سأقوم بتر الجزء السفلي من الجسم.. و زرع قلب جديد..
العينة ( 3 )
لم تحتمل التغيرات الجديدة ( مات )..
كين ورمان..
في السادسة والأربعين من عمره..
عالم مجنون إعتزل الناس في بيت مهجور فوق إحدى الجبال البعيدة..
من إحدى اهتماماته المرعبة خطف الصغار وزرع قلوب وعقول الكبار داخلهم.. معتقداً بأن ذلك كفيل في خلق جيل صغير الحجم بعقول أناس ناضجين..
ناهيك عن خياطة أعينهم وأنوفهم ليختنقوا حتى الموت..
…
لم تمنعه اهتماماته البشعة بأن يجد غيرها..
فقد كان مهوساً بأساطير الرعب القديمة وقصصها وكتب السحر الأسود..
وما يفعله الوحوش فيها بضحاياهم..
بالتأكيد كان يعشق القراءة والتطبيق على ضحاه كما يفعل وحوش تلك الأساطير..
كما أنه مجنوناً بجمع الساعات صغيرها وكبيرها.. بجميع أنواعها..
إذ جعل كل ساعة منها عمل خاص بها..
فهذه لتوقيت زمن العمليات الجراحية البشعة التي يقوم بها على ضحاياه..
وتلك لتوقيت زمن جلب المزيد منهم..
وهكذا..
صحيح أنه كان مجنونا.. ولكنه مجنون عرف كيف ينظم وقته..
ومن أحب الأوقات إلى قلبه حين يبدأ طقوسه المرعبة..
حين يدق جرس المنبه معلناً حلول منتصف اليل..
( وقت الاحتفال )
في الثانية عشرة تماماً..
تبدأ وحوشه الآدمية المرعبة بالصراخ خشية منه..
ويبدأ ضحاياه الصغار بالبكاء والإستنجاد.. ولكن..
لا مجيب ولا منقذ لهم للأسف.
وعندها يبدأ عالمنا المخبول باحتفاله اليلي البغيض..
…….
في إحدى اليالي و قبل أن يبدأ طقوسه اليومية..
والتي بدأ يملها فعلاً..
أخذ يطالع أحد كتبه الكابوسية المتعلقة بالسحر الأسود..
بالتحديد أخذ يقرأ عن كيفية دمج روح واحدة في جسدين.. وكيفية تكوينهما..
فكر لبرهة ثم قر ما سيحتفل به في هذه اليلة..
وقبل أن يدق المنبه معلناً موعد الحفل..
كان مخبولنا قد جهز كل شيء.. وهو الآن على أتم الإستعداد لبداية حفلة ستكون من أروع حفلاته المقيتة..
كانت منضدة المعمل مليئة بالأشياء المقزة..
فخذ بسرى مبتورة.. جناح لخفاش.. أعشاب سوداء مقرفة.. دم لا يتضح لأي مخلوق هو غير أن شكله مقرف..
أما شكل العالم نفسه فقد كان أشد رعباً مما سبق.. بابتسامته الشريرة تلك والتي توحي بالإستمتاع والرغبة في المزيد..
و..
دونج…..!! دونج..!!
بدأ الإحتفال..!!
……..
مضت إلى الآن خمس ساعات.. و الفجر قد اقترب..
(( وأخيراً…!! ))
صرخ المجنون قائلاً:
(( وأخيراً تمكنت من إنتاجه.. ههههه..!! لا أحد يفقه من أكون أنا..!! أنا عبقري.. أنا أذكى الأذكياء ..!! ))
وتوجه ضاحكاً بذات الضحكة المرعبة إلى مرآة كبيرة قج صدأت بعض أركانها كانت قد احتلت جزءاً من جدار المعمل ليهتف قائلاً:
(( والآن يا كين.. بقي الروح فقط.. ماهي إلا كلمتين وتكون الروح عندي..!! ))
ثم هرع إلى كتابه المشؤوم ليتلو تعاويذ استحضار الروح..
ثم بدأ..
وأخذ يردد في تلك الكلمات الملعونة دون توقف..
وفجأة.. بدأ محيط الغرفة بالتغير..
سعد حضرة العالم كثيراً.. فأصبح يعيد تلاوة التعاويذ بصوت أعلى وطريقة أكثر رعباً..!!
أخذت تلك الشمعة الصغيرة التي وضعها بجانب المرآة تفقد شعلتها تدريجياً..
وصوت الرياح في الخارج تحول إلى برق ورعد..
و وحوشه الآدمية أصبحت تصرخ بكل ما أوتيت من قوة..
صوت ذئب يعوي عواء العذاب بالخارج..
إنها أجواء رائعة لمخبول مثله..
ثم هتف :
(( أيتها الروح التائهة.. في ظلمات …..)) (( لن أكمل كلماته خشية أن أقع في مصيبة ما ))..!!
أكمل تلاوته لتلك التعويذة الأخيرة..
ثم سكت.. فهدأ كل شيء معه..
أخذ ينظر إلى الجسد المشوه الذي أنتجه ليكون عائلاً لتلك الروح..
ولكن لحظة..!!
أنسي بأن التعويذة لدمج روح واحدة في جسدين..؟؟
وهو قد أنتج جسداً واحداً فقط فمن أين له بالثاني بعد أن أتم طلاسم هذا السحر البشع..؟!!
لم يكن يعلم مقدار حظه السعيد ..
والذي أتي له بالإجابة في التو والحظة..!!
ما هي إلا لحظات ثم هوى فوقه ذلك الشيء الذي يجهل كنهه..
شيءُ جعله يسقط على الأرض مغشياً عليه..
لا يرى ويرعبه غير منظر ساعة المنبه التي كانت مقابلة للمرآة. بلونها الأحمر كالجمر.. ومنظر المرآة بلونها الأسود الكابوسي..
صرخ صرخته الأخيرة.. صرخةً آتية من قلب الجحيم..
وصمت بعدها إلى الأبد…
…………..
ومنذ ذلك الحين..
أخذت الإشاعات والكوابيس تتولد حول ذلك البيت فوق الجبل..
يقال أن روح ذلك العالم المجنون قد سكنت المرآة.. وبعض يقول أنها سكنت في البيت كله..
أما بالنسبة لمخلوقاته الغريبة في سكنت أرواحها داخل الساعات الموجودة في البيت..
ومن أقوى تلك الإشاعات إرعاباً لأهل المدينة..
(( حين تضع ساعتك أمام المرآة.. عند تمام الثانية عشرة.. فإنك تفتح بذلك الباب له حتى يدخل عالمنا.. فيصيب كل من يتحداه ولا يصدق به بلعنته.. فيعيش في دوامات زمنية متخبطة حتى يموت رعباً أو انتحاراً.. وتكون تلك الساعة هي مفتاح بوابته إليك للأبد.! ))
وعندما يسأل أحدهم مستفسراً
يسكتونه بسرعة قائلين
(( أش..!! اسكت وإياك أن تسأل.. وإلا أصبت بلعنته رغماً عنك..!! ))
أصبت بلعنة (( هو ))..!!
………………………..
آرآئكم تهمني أكيد ^^..~
……….
-5-
(( بدايتي معه.. ))
( (( إن ما تعيشينه الآن إن هو إلا بداية فقط..!! )) )
……..
أنهى الرجل كلامه ثم نظر إلي قائلاً:
(( هل كلامي واضح بالنسبة لك يا آنسة..؟؟ ))
كانت ملامح الخوف والمفاجأة قد ظهرت تماماً على وجهي الذي أصبح لون مائلاً إلى الإصفرار..
بقيت واجمة إلى أن أعاد الرجل سؤاله علي:
(( كلامي واضح يا آنسة..؟؟ ))
أجبته مستدركة:
(( آه.. أعني.. أنا.. ))
استجمعت قواي وأكملت : (( أنا.. مصابة بلعنته الآن..؟؟ ))
أجابني من فوره :
(( بما أنك قد بلغت ما حكيت عنه في رسالته فأنت بذلك في بداية طريقكِ معه..
أحب أن أنوه لك عن أن لعنته تصيب كل من استهزأ به أو بأساطيره ))
لم أعقب على كلامه..
بقيت فقط واجمة فاغرة فيّ ناظرة إلى الأرض..
ثم قال (( اسمحي لي بالإنصراف ولكن قبل أن أخرج..))
مد يده لي بورقة صغيرة تحمل رقماً من الواضح بأنه قد كتب بعناية..
وأكمل (( هذا هو رقمي ان احتجتي لأي مساعدة.. ))
سألته مقاطعة:
(( هل أنت مصاب لعنة هذا ال (( هو )) يا سيدي..؟؟ وإلا لماذا أراك مهتماً وعلى علم كبير به..؟؟))
توقف برهة ثم أكمل مشيه دون أن ينظر إلي..
فأكملت قائلة: (( بالتأكيد مصاب بلعنته.. وإلا لما استطعت أن تروي لي تلك القصة وتفوه عن كلام يخصه..))..
فتح الباب ليخرج.. ولكنه توقف لحظة ليقول :
(( عليك أن تعرفي أنه لايمكنك أن تحصلي إجابة لكل أسئلتك.. هناك أمور لايمكنك معرفتها.. لأنك لن تفهمي كنهها أبداً ))
أومأ برأسه محياً إياي.. ثم خرج وأغلق الباب خلفه..
تاركاً إياي في حالة يرثى لها..
…….
مرت ساعتين إلى الآن و أنا لا أزال بنفس الحالة..
جالسة وحدي في غرفتي.. فوق سريري..
ضامَّةً ساقي إلي..
جلست أفكر فيما قاله ذلك الرجل..
شعرت بالرعب يتسل إلى عمودي الفقري ليخرج من جسدي على شكل قشعريرة رهيبة..
(( حسناً.. وإن كنت الآن ملعونة من قبل ذلك ال (( هو )).. أما من وسيلة تنقذني منه..؟؟!! ))
نظرت إلى ساعتي فإذا بها تشير إلى الثانية عشرة..!!
آآه لماذا.. لماذا أبكي..؟؟
في حياتي لم أشعر بمثل هذا الخوف من وقت معين..!!
لم أتمكن من كتم الدموع التي بداخلي.. أمسكت بوسادتي وانفجرت فيها باكية..!!
لكن..
ماهذا الخدر الغريب الذي أشعر به في أطراف جسدي..
أن ا… خ..ا..ئ..ف..
………………………… …
……
أستيقظت في اليوم التالي لأجد نفسي نائمةً أمام المرآة..
موجهة ساعتي إليها..!!
ماذا..؟!!
كيف حدث هذا..؟؟!!
و منذ متى..؟؟!! أعني..
نظرت إلى وجهي الذي بدت عليه علامات التعب والإرهاق..
و إلى ساعتي التي ذهلني منظرها.. ليس مرعباً ولكن الغموض الذي يحيط بها هو ما يجعلها مرعبة جداً..
فلقد كانت ساعتي.. بلا أرقام..!!
و خصوصاً مكان الرقم 12.. اختفى تاركاً أثراً كأثر حرق ما..
لا أعلم من أي جحيم خطرت على بالي فكرة أن لعنة ذلك ال (( هو )) قد جعلتني أفعل ما فعلت..
ولكن لماذا..؟؟
هل ياترى..
هل يا ترى قمت بفتح بوابته.. بوابة (( هو ))..؟؟
لم أحتمل المزيد..
فتحت الباب خارجةً من غرفتي أبحث عن أحد لأخبره بكل شيء.. كل شيء..
فلعله يلعن مثلي فنساعد بعضنا على تخطي ما نحن به.. أو يشاركني الموت فلا أشعر بالغربة..!!
ولكن لحظة..!!
يبدو أنه لا أحد في البيت.. هل خرجوا وتركوني لوحدي..؟؟ لا أعتقد..!!
ذهبت إلى المطبخ.. فغرفة أمي.. غرفة المعيشة..
لا أحد في البيت فعلاً.. لا أحد..
انطلقت مسرعة إلى الخارج لأبحث عنهم..
ويا ليتني مت قبل أن أفعل ذلك..
فلقد اكتشفت لا حقاً أن أهل المدينة كلهم قد اختفوا..!!
لم يبقى سواي أنا..!!..
ترى..
هل يريد هذا ال (( هو )) قتلي بسبب الإكتئاب.. أم يريد قتلي بطئ ليستمتع بتعذيبي..؟؟
آآآه سواءً أردا قتلي مباشرة أو بطئ..
هو لا يعلم أني سأموت رعباً قبل أن يقوم (( هو )) بذلك..!!!…………
بدآية الجزء الثاني : الفصل 6
-6-
(( هذه نهايتي..!! سأموت بالتأكيد ))
( (( لعلمك..!! كل كلمة أقولها كفيلة بقتلك وكفيلة بجعلك تموت بطء..!! )) )
………………………… ……….
أعلم تماماً أنه من المضحك أن أختبئ داخل الدولاب حاملة في يدي سكيناً كبيرة..
خصوصاً في مدينة خالية تماماً من السكان..
ولكني فعلت ذلك..
كنت أبكي وأتمتم بأذكار كثيرة.. وأدعو الله أن يجنبني الخطر والشر..!!
لا أعلم مما كنت أريد حماية نفسي..
أعلم أن (( هو)) لن يؤذيني ما دمنا نهاراً.. أو.. قد يستطيع من يعلم..!!
ولكنه الخوف من المجهول..
أشعر وكأن أحداً سيظهر لي وسط هذا السكون القاتل ليقضي علي.. سأكون له من الشاكرين فعلاً على إراحته لي بسرعة..
فهو بطريقة قتله لي كيفما كانت أرحم عندي من البقاء في جحيم السكون هذا..
يا إلهي.. حتى العصافير والقط لا أثر لها..!!
مالذي جرى يا ترى..؟؟
……….
مرت خمس ساعات على اختبائي بهذه الطريقة..
بالتأكيد شعرت بالجوع الشديد.. و لكني لا أزال خائفةً تماماً..
لامشكلة من أن أحضر بعض الطعام وأعود إلى مخبئي من جديد.. أليس كذلك..؟؟
تحركت في حذر شديد وفتحت الدولاب..
أوه لم أكن أتوقع أن تغرب الشمس بمثل هذه السرعة..!!
خرجت من غرفتي مسرعةً لأشتم رائحة طعام مطبوخ .. تلك الرائحة المحبة إلى النفس.. إنها أمي..!!
آآآه وصوت التلفاز الذي يوحي بأن إخوتي موجودون في غرفة المعيشة..
يا إلهي لم أكن أعرف مدى حبي لهذا الصوت المزعج..!!
أسرعت إلى الطابق السفلي راجية من الله أن أقف أمام المطبخ لأرى أمي الحبيبة أمامي..
نزلت.. وقفت أمام المطبخ..
ههه هل عرفت ما وجدت..؟؟ لا لا.. ليس وحشاً..
لأني لم أجد شيئاً على الإطلاق..!!!
………….
وقفت واجمة للحظات أمام المطبخ.. فإذا به فارغ تماماً إلا مني ومن ظلي..
ومثله غرفة المعيشة..
يكسوهما ذلك الون البنفسجي الذي يدل على أن شمس اليوم سترحل.. وتركني وحيدة في ظلمة اليل القاسية..
اتجهت إلى الثلاجة لأحضر شيئاً آكله.. لأني أبداً لا أرغب في البقاء وحدي في البيت دون أن أختبئ..
حتى وإن كان إختباءً من لاشي.. على الأقل سأشعر بعض الأمان..
فتحت الثلاجة..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ..!!
آآآه.. آآه.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآه..
أخذت أصرخ وأجري خارجةً من البيت.. تعثرت في طريقي عدة مرات واصطدمت بالعديد من الأشياء التي أجهل كنهها.. كنت أركض.. أركض بجنون إلى اللامكان من هول ما رأيت..!!
حتى سقطت مرة أخرى مغشياً علي..!!
لقد كانت الثلاجة فارغة.. فارغة تماماً من الأشياء الطبيعية التي نعهدها داخل الثلاجات الطبيعية..
ولكنها كانت مليئة تماماً.. تماماً..
بأوصالٍ بشريةٍ كاملة..!!
…….
هاه..!!…
فتحت عيني لأجد نفسي في غرفتي.. التي اكتست بلون أشعة الشمس الدافئة..
تحركت قليلاً فوق السرير لأتمكن من رؤية الغرفة بوضوح..
كل شيء سليم في مكانه..
ما عدا جسدي الذي يحمل بعض الرضوض في عدة مناطق منه..
رضوض.. من أي..
تذكرت فجأة كل ما مررت به مسبقاً..
المدينة الخالية من السكان.. الأطراف البشرية التي كدت أموت بسببها..
لم أنتظر لحظة أخرى..
هرعت إلى النافذة لأرى ما يدور بالخارج..
غريبة..!! كل شيء طبيعي..
الأطفال يلعبون والسيارات تروح وتجيء.. إذاً دورة الحياة تمشي بشكل طبيعي..!!
تذكرت أمي وإخوتي..
خرجت من غرفتي صارخة (( أم ي..!!! ))
فردت علي مستغربة من صراخي..
آآه ما أروع صوتها الحنون وهو يوبخني على صوتي العالي..
أخذت أجري متجهة إلى الطابق السفلي لأراها..
كانت جالسة كعادتها في ذلك الكرسي المحب إليها..
ارتميت بين أحضانها باكية.. وهممت أقبل يديها ورأسها في نهم شديد..
بينما أخذت هي تهون علي وتسألني عن سبب بكائي الذي تجهله..
آآه يا غالية.. لو لا خوفي عليك مما أعيشه لأخبرتك.. لا أريد لك أن تعذبي مثلي الآن..
لم أكن أعلم لماذا ولكني.. شعرت بان هذه هي آخر مرة أرى فيها أمي..
هل.. هل أقول لها وداعاً.. لا.. ستشعر بأن شيئاً غريباً يحدث لي عندها..
لذلك اكتفيت بترك دموعي وأفعالي تودعها كل بطريقته..
آآه يا أمي.. ليتني أموت هنا.. بين أحضانك.. أموت فلا أحيا أبدا..
…………
طلبت من أمي أن تنام معي اليلة.. على أمل أن تمنعني إن قام ((هو)) بأمري بفعل شيءٍ غريب..!!
وفقت هي أمام إلحاحي الشديد عليها.. مقنعة إياها أني اشتقت إلى أيام الطفولة وحسب..!!
آآه لو تعلم السبب الحقيقي..!!
شعرت وهي نائمةٌ إلى جانبي وكأن أمان وطمأنينة العالم كله معي الآن..
فعلاً.. كنت أشعر بقوة غريبة لا يقوى حتى ((هو )) على سلبها مني..
إن للأمهات طاقة غريبة لها قدرة عجيبة على طرد الأرواح الشريرة والشياطين المرعبة و إعطائنا الأمان والطمأنينة منذ صغرنا..
أغمضت عيني في سعادة..
وغفوت.. غفوت كما يغفو الطفل الصغير..
………
(( بابين كبيرين يخفيان خلفهما النهاية.. أحدهما يقود إلى نهايته.. والآخر يقود إلى نهايتك ))
دونج..!! دونج..!!
(( ههاه..!! ))
فتحت عيني و أنا أشهق فزعة..
ما هذا الصوت العالي..؟؟!!
أين أنا..؟؟..
أخذت أتلفت يمنة ويسرة لأتعرف معالم المكان أكثر..
كانت غرفة من الطراز القديم.. القديم جداً..
تلك التي تشعرك بجو القلاع القابض للنفس.!
الون الأحمر يكسو معالم الغرفة كلها تقريباً..
التي أخذ الظلام يسيطر على أركانها مداعباً الظلال التي تتولد من تراقص اللهب داخل تلك المدفئة الكبيرة..
شهرت بقشعريرة رهيبة سرت في جسدي كله جعلتني أضم نفسي لأخف من قوتها..!
يارب.. أين أنا..؟؟
نزلت من فوق ذلك السرير.. متجهة إلى الباب الوحيد الموجود في الغرفة
(( يا إلهي لا أزال بثياب نومي كما أنا .!! ))
فتحته..
ثم عدت لأغلقه قبل أن أكتشف ما خلفه من عالم أجهله تماماً..
سألت نفسي عدت مرات إن كنت فعلاً أملك القوة الكاملة لفتحه..
فتوصلت إلى أني إن كنت سأموت خارجاً فسأموت هنا أيضاً رعباً من تلاعب الظلال بأعصابي.. وأنا ذات خيال واسع جداً..
لذا.. أفضل أن أموت وأنا أحاول..!!
وفتحت الباب لأكتشف ما خلفه..
((ألم يكن من الأفضل لي أن أموت رعباً من الظلال داخل الغرفة..؟؟!!))
—————————————-
——————————————————————————–
الجزء الثآني.. الفصل 7
-7-
(( متى ستكون نهايتي..؟؟!! ))
( أنا مجرد دمية يلعب بها ((هو)) كيفما شاء..!! )
أخذ الباب يفتح عما خلفه مصدراً أزيزاً ثقيلاً وكأنه يبكي ألم مفاصله..
كان الجو العام معتماً تماماً وعطناً إلى درجة الإختناق..!!
مشيت خطوتين خارج حدود الغرفة على أطراف أصابع قدمي المرتجفتين..
ما لبثت أن نزلت كلتا قدمي على الأرض حتى سمعت..
(( بست..!! ))
(( هه..!! ))
تلفت حولي إلى أن وقع نظري عليها..!!
(( بست..!! ))
(( آآآه..!! ))
صرخت فزعة من شكلها القبيح..
إنها..!! إنها..!!
تلك العجوز.. تحمل نفس الإبتسامة الخبيثة على وجهها..
ولكنها هذه المرة كانت قد أظهرت شعرها ولم تغطيه كالعادة..
وكانت تحمل في يدها شمعة كبيرة.. أدت إلى إظهار ملامحها بطريقة مميتة في تلك الظلمة الشيطانية..!!
كان شعرها أشعثًاً أبيضاً بطريقة بشعة..!! والتجاعيد كانت وكأنها حفرت بقوة على وجهها الذي امتلئ بقع غريبة أراها لأول مرة..
رفعت إصبعها إلي تشير أي اقتربي..
ولكني ما لبثت أن هرعت إلى داخل الغرفة مغلقة الباب خلفي بكل قوتي..
(( آآه..آآه..هاه..!!))
اسندت ظهري إلى الباب.. حتى أمنعها من الدخول إن حاولت..
أخذت أجول بنظري سريعاً في أرجاء الغرفة حتى أتبين أي شيء يمكني أن أصرع تلك العجوز منكوشة الشعر به..!!
ولكني للأسف لم أجد شيئاً سواي.. أنا والشمعة وتلك المدفئة المقيتة والسرير الضخم..
المخرج الوحيد من هذه الغرفة هو الباب من خلفي..
(( مستحيل..!! ))
لن أستخدمه ما دامت تلك الشيطانة المتجسدة خلفه..!!
طق طق طق طق..!!
((هاه..!! ))
إنها.. إنها.. تدق الباب علي..
طق طق..!!
يا إلهي ماذا عساني أفعل..
(( قلبي.. قلبي.. آآآه كم يؤلمني..!! ))
طاخ..طأاخ.. طاخ..!!
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآه هه..!! ))
جريت لأقفز متجهة إلى ركن السرير لأحتمي بالجدار خلفي..
وطرقها الكابوسي الملح ما يزال مستمراً..!!
طاخ طاخ..!!
أخذت تضرب بطريقة مفزعة جداً..
رباه.. كيف لتلك العجوز أن تضرب بمثل هذه القوة.. و..!!
ربما ليست العجوز هي من يضرب على الباب..!!
أخذت جميع أطرافي ترتجف بلا توقف..
ودموعي تنهمر من عيني كالشلال..
لكني لم أشعر بهذا كله.. أصبت بالخدر تماماً تماماً..
عندما سقطت الباب هاوياً على الأرض مستسلماً لطرق من كان خلفه..!!
لأسقط أنا ((كالعادة )) مغشياً علي دون سابق إنذار..!!
………………………
استيقظت لأجد نفسي أمام مرآة غرفتي (( إذا فأنا في منزلي ))
كنت جالسة أمام ممسكة بساعتي التي كانت موجهة إليها تماماً..
كما في السباق..
الأرقام كلها مختفية و خانة الرقم 12 محترقة تماماً..
ولكن شكل المرآة لم يكن كعادته..
فلقد كان مكسورة من المنتصف.. وكأن أحدً قد رماها بشيءٍ تقيل..
كان الزجاج منتشراً في كل مكان.. وقفت بحذر لأستطيع الحركة دون أن يؤذيني الزجاج..
مشيت إلى وسط الغرفة قاصدة بقعة كانت أشعة الشمس مركزة عندها طالبة للدفء.
فلقد كان جسدي بارداً كالثلج.. كالثلج فعلاً..
و لوهلة جلست أتذكر ما حصل لي..
كلما تذكرت شيئاً جديداً أخذ جسدي يرتجف تلقائياً بطريقة مفزعة..
وكلما تذكرت أنه لا أحد يقدر على مساعدتي أخذت عيناي تذرفان الدموع بغزارة..
هذه المرة.. أخذت أبكي بحرقة..
(( مالذي فعلته لأجني هذا المصير.. مالذي فعلته حتى أجلب لنفسي هذا الكابوس اللا منقطع ..!! ))
لا أعلم مالذي ذكرني برقم هاتف ذلك الرجل الغريب الذي زارنا قبل يومين.. أو هو كان بالأمس.. أم.. أم..!!
وقفت متجهةً إلى التقويم السنوي لأعرف كم التاريخ اليوم..
ولكني تفاجأت لكون أوراق التقويم جميعها كان بيضاء فارغة.. فارغة تماماً من أي شيء..!!
(( أوه..لا ..!! ))
أخذت أتمتم بعبارات كمتقطعة في أثناء تقليبي لصفحات التقويم.. آملة أن أجد أي حرفٍ يهديني إلى طلبي..
ولكني لم أجني سوى الصفحات البيضاء التي أخذت تستهزء بملامح الأسى والإستسلام على وجهي كلما قلبت صفحةً فارغة لأتجه إلى غيرها.. وهكذا..!!
أمسكت بالتقويم قاذفةً إياه على الأرض بكل قوتي..
ولكنه لم يصدر صوتاً يوحي بآرتطامه بالأرض.. أو تمزق صفحاته..
لأنه…..
لأنه اختفي فجأةً وكأن شيئاً لم يكن..!!
((……….. ))..!!
وقفت أتلفت حولي إلى أرجاء الغرفة..
(( مم..م.. من.. من فعل هذا..؟؟!! ))..
بسرعة اتجهت إلى رقم ذلك الرجل الغريب الذي وضعته في درج المرآة..
فتحت الدرج بحذر..
أمسكت بالورقة محاولةً تبين الرقم منها.. لأكتشف بأني أحاول قراءة الأرقام من ورقة
محترقة..!!
(( كيف هذا..؟؟!! ))
كانت الورقة سلمية إلا من جزء احترق فيها وهو الجزء الذي حمل الأرقام..!!
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آ……))
صرخت صرخةً أجبرني بعدها ذلك الصوت على الخرس..!!
إنه ذلك الص..ص..وت..!!
ذلك الصوت من قبل..!!
تك تك تك تك تك..!!
ولكن من أين..؟؟
تحركت بتحفز شديد داخل الغرفة لاكتشف مصدر الصوت..
ولكني لم أحصل على نتيجة..
لم يبقى غير مكان واحد لاشك في أن الصوت قادمٌ منه..
هل حزرت ما هو..؟؟!!
سأريحك من التفكير وأخبرك بالإجابة..
لقد كان الصوت صادراً من الحمام.. حمام غرفتي..
من المرآة بالتحديد..!!
الجزء الثآني الفصل 8
………………………… …
-8-
(( لا يزال الوقت مبكراً.. ))
( ((هو)) لا يريد غيري الآن ليقضي عليه.. )
مشيت باتجاه الحمام ضامة ساعتي إلى صدري..
شاعرةً بدقات قلبي الشديدة..
أمسكت مقبض الباب وفتحته..
كم أكره شعور الترقب ذاك الذي ينتابك لما خلف الأشياء المغلقة..
لوهلة تخيلت نفسي واقفة أمام وجه تلك العجوز البشعة..!!
حاولت جاهدةً منع نفسي من الإسترسال في خيالي.. و دخلت الحمام..
كانت المرآة سوداء تماماً.. سوداء بطريقة كابوسية توحي وكأن شيئاً سيخرج منها في التو والحظة..
لاحظت أني كلما اقتربت من المرآة ازداد ذلك الصوت..
الصوت الذي كان يصدر من المرآة والساعة معاً في نفس الوقت..!!
تك.. تك تك تك..!!
ألا يشبه صوت عقارب الساعة.. أو.. ربما يكون هو ذاته..
تك.. تك تك تك تك تك ..!!
بلى إنه هو..
اقتربت أكثر من المرآة ليزداد بذلك الصوت الموتر المخيف..
(( بالتأكيد.. إنها بوابته الثانية إلي.. ))
أسرعت الخروج من الحمام.. بدلت ملابسي و خرجت من البيت..
هناك فكرةً لا بأس بها تدور في رأسي قد تخف بعضاً من الذي أعيشه الآن..
على الأقل قد تخف تذبذبي مع الوقت..
اتجهت إلى شاطئ البحر.. ممسكة الساعة في يد.. و شريط لاصق قوي في يد..
أخذت أبحث عن صخرة مناسبة لربطها مع الساعة..
الحمد لله لم يكن الأمر عسيراً.. فلقد وجدت ما أحتاجه وبسرعة..
……….
أمسكت بالساعة العينة.. والتي كانت أحب ساعة إلى قلبي..
وربطها بشدة إلى الصخرة التي وجدتها..
ومن ثم رميتهما بكل قوتي في البحر..
لكم كانت سعادتي كبيرة حين أخذت أنظر إلى الصخرة وهي تغرق بالساعة إلى الظلمات..
ما لبثت أن إطمئنت إلى أن الساعة قد اختفت تماماً عن ناظريّ..
حتى عدت مسرعة إلى البيت..
(( أنا فعلاً أريد أن أعرف ما سيحدث لي في هذه اليلة..!! ))
………..
وأخيراً وصلت..
كان المنزل هادئاً كما تركته.. خالياً مثله مثل المدينة من أي مخلوق سواي..!!
صعدت مسرعة إلى غرفتي لأكمل ما بقي لي من الوقت هناك.. استعد لما قد أواجهه اليلة..
فتحت باب غرفتي لأفاجئ بمنظر مرآتي المكسورة..
منظرها الذي أوقف سريان الدم في عروقي ..
وجعلني أقف مدهوشة للحظات لا أوقى على الحركة..!!
((منذ متى كانت المرآة تنزف…؟؟!! ))
لا تصدقني إن شئت..
لكن إياك أن تقول بأني كاذبة..
فلقد كانت تنزف بحق..!!
تنزف بطئ شديد وكأنها تبكي بصمت..!!
وكانت كلما سال منها المزيد من قطرات الدم كلما ازدادت التشققات فيما تبقى من زجاجها..
(( إيه..!! لن أستطيع المشي داخل الغرفة بهذه الطريقة ))..!!
فلقد كان مدخل الغرفة كله غارقاً تقريباً في الدماء.. ليست كالدماء العادية..!!
بل كانت تملك لزوجة مقرفة..!!
……………….
أخذت أخطو بحذر خارجة من غرفتي متجهةً إلى غرفة أمي..
بالتأكيد لن أتمكن من البقاء في الغرفة مع هذه المرآة الملعونة..
((آآه لماذا الأرض باردة هكذا..؟؟!!))
وما أن خرجت من غرفتي حتى تنفست الصعداء أني لم أدس على تلك الدماء المقرفة..
الآن يجب علي أن
(( بست..!! ))
(( واه..!!!! ))
كانت هي.. العجوز منكوشة الشعر نفسها.. تقف أمامي عند باب غرفة أمي…!!
ممسكة في يدها بفأس مغطى تماماً بالدماء..!! وهي تنظر إلي مبتسمة تلك الإبتسامة الخبيثة التي لا تغادر وجهها البشع..!!
أخذت تقترب مني وتوجه الفأس اتجاهي كلما خطت خطوة إلى الأمام..
(( هه..!! ههاهههها..!! ))
ما بالها..؟؟ مالذي ستفعله معي هذه المجنون..؟
ودون أن أفعل شيئاً أعطيتها ظهري متجهة بكل قوتي نحو باب البيت لأهرب منها..
لا أعلم بأي قوة تمكنت من الحاق بي..
صحيح أني لست بتلك السرعة.. ولكن من البديهي جداً أن أي عجوز لن يقدر على الحاق بي..!!
ولكنها فعلت..!!
لوهلة من الزمن شعرت بأنها قد توقفت عن الحاق بي..
تاركةً العنان لصوتها البشع في نشر ضحكاتها الشيطانية من مكانها..
(( وما شأني أنا بها ..؟؟!! ))
تجاهلتها و أكملت الجري نحو الباب..
(( آآه اقتربت ))..!!
وه..!!
(( أين هو الباب ))..؟!!
يستحيل أن أخطأ في معرفة مكان باب الخروج لبيتي.. ولكني فعلاً لم أجده..
لم يكن مكانه غير جدار خال تماماً كخلو عقلي من الأفكار الآن..
(( بست..!! ))
التفت بطئ لأجدها واقفةً خلفي ممسكة بذات الفأس ولكنها لم تكن مبتسمة هذه المرة..
بل كانت فاغرة فاها لا تغلقه أبداً.. ولعابها يسيل منه إلى الأرض..
مصدرة أصواتا وهمهمات شيطانية لا معنى لها..!!
(( ههه..هههها .. هممها…!! ))
حاولت الهرب ولكنها كانت تحاصرني أينما ذهبت..
رافعة ذلك الفأس المرعب في وجهي..
(( منذ متى كانت تلك الساعة هناك..؟ ))
أخذت أباغتها حتى هربت من محاصرتها لي.. وانطلقت مسرعة إلى سطح البيت..!!
كنت أسمعها خلفي تصرخ بوحشية..
(( وكأني لمحت ساعة أخرى عند الدرج..!! ))
فتحت الباب المؤدية إلى السطح بقوة لأخرج إلى..
(( هاوية..؟!!! ))
لاشيء خلف الباب..!! غير الظلام التام..!!
لا شيء غير هاوية مرعبة… لا يوجد حدود لعمقها و بشاعتها..!!
(( بست..!! ))
(( هه..!! ))
لوهلة نسيت أمر تلك العجوز وأخذت أتأمل النتيجة التي انتهيت بها..
(( هل سأموت الآن ياترى..؟ ))
قبل أن أجد إجابة على سؤالي كانت قد دفعتني.. إلى تلك الهاوية..
إلى اللانهاية منها..!!
(( سأغمض عيني الآن حتى أرتاح للأبد. وأخيراً..))
سأرتاح..
(( …………. ))..!!
………………………… ……………….. ………..
——————————————————————————–
الجزء الثآني الفصل 9
-9-
(( هل سأنجو..؟؟ ))
(هذا هو رقمي ان احتجتي لأي مساعدة )..
…….
(( أآه..ه ه…. ))
فتحت عيني بطئ..
(( آآه كم تؤلماني..!! ))
هاه..!!
(( مالذي جاء بي إلى هنا..؟؟ ))
كنت مستليقةً على إحدى أسرة المستشفيات..
وقد وضعت على جسدي العديد من الرباطات والأشرطة..
لم أكن أجرؤ على الحركة.. فلقد كان جسدي يؤلمني بشدة..!!
حاولت رفع يدي لأمسك برأسي الذي كاد ينفجر من الصداع..
حتى رأسي لم يسلم من هجوم الأربطة عليه..
(( أتشو..!! ))
آآآآآه لم أكن أعلم بأن العطاس مؤلم إلى هذه الدرجة..!!
(( هل استيقظتِ أخيراً..؟ ))
(( هه..؟ ))
كان واقفاً أمامي تماماً.. بنفس هيئته السابقة..
ولكنه هذه المرة كان مبالغاً في اخفاء وجهه بتلك القبعة الغريبة موجهاً وجهه إلى الأرض.. ولا أعلم لماذا..
إنه ذات الرجل الذي أتى لزيارتنا تلك اليلة.. وقام بشرح قصة ((هو)) لي..!!
مالذي جاء به إلى هنا…؟!!
(( لماذا لم تطلبي مساعدتي..؟ ))
حركت فمي لأتكلم ولكن أشار إلي بالسكوت وأكمل:
(( لم تجدي الرقم الذي اعطيتك إياه.. صحيح..؟؟ ))
نظرت إليه مندهشة غير قادرة على الكلام..
بطريقة أو بأخرى.. أنا أشعر بالخوف منه هذه المرة.. على عكس أول مرة قابلته فيها.. كنت أشعر بأنه قد يساعدني على الخلاص مما أنا فيه..
أخذ يكمل كلامه دون أن ينظر إلي مباشرة..:
(( ها أنا أتيت لأرى إن كنت تحتاجين للمساعدة. وأعتقد بل موقن بأنك تحتاجينها.. وحالك الآن أكبر دليل على ذلك .. ))
أخذت أتكلم بصعوبة قائلة:
(( أنا لاأعلم مالذي أتى بي إلى هنا أصلاً.. كل ما أذكره هو أني.. ))
(( بست..!! ))
(( آآآآها آآآآه,, ))
كانت تقف إلى جانبي ممسكة بمشرط كبير في يدها..!!
أخذت أشير إليها وأصرخ إلى ذلك الرجل قائلة:
(( إنها هي.. هي من دفعتني من عند الباب ))
قاطعني وهو لايزال ينظر إلى الأرض
(( وأنا من جلبك إلى هنا.. ))
((هاه..؟!! ))
أخذت أنظر إليهما ورأسي يكاد ينفجر من الأفكار التي تدور به..
(( هل هما متفقان ياترى,..؟؟!! ))
(( بست..!! ))
(( آآآه توقفي أيتها ال.. ))
لم أستطع أن أكمل كلامي.. لأنها وقبل أن أكمل..
وضعت المشرط أمام عيني.. وأخذت تحركه بطئ وهي تضحك ضحكتها الشيطانية البشعة..!!
(( كوني مطيعة وإياك أن تحاولي الهرب ))
(( ماذا..؟ أأنت معي أم ضدي..؟ مالذي تحاول فعله بي..!! أكنت تكذب علي…؟؟!! ))
لم يجبني..!!
وإنما ابتسم ابتسامة صفراء مرعبة وأعطاني ظهره وخرج..
تاركاً إياي وحدي مع هذه العفريتة الآدمية..!!
ما إن استقر ستار السرير من بعده..
حتى خرجت تلك العجوز ضاحكة بطريقة توحي بالشر..
أصبحت وحدي الآن..
إنها فرصتي الوحيدة للهرب..
ولكني لا أستطيع تحريك جسدي.. فعلاً لاأستطيع..!! يبدو وكأن سقوطي ذاك قد قضى على أعضاء كلها..
لدرجة عدم قدرتي على الكلام..
(( هل هذا هو ما أراده ((هو))..؟؟ ))
أن أموت مشرحة مقطعة إلى أجزاء على يد تلك القبيحة..؟!!
(( لن أسمح له.. ))
استجمعت قوتي وحاولت الجلوس على الأقل.. ولكني فعلاً لم أستطع تحريك جسدي..
فلقد كنت على الرغم من عدم قدرتي على تحريك أطرافي..
مربوطة إلى السرير بواسطة حبل متين.. متين جدا..!!
(( آآآآآآه.. ))
أطلقتها وكلي أمل في أن ينقذني أحدهم..
ولكن لا أمل.. لا أمل أب..
(( هههآآ… إهههآآهآآهآآهآآآآ..!! ))
(( وآآه..!! ))
لقد كانت تلك العجوز تقف إلى جانبي.. ولكن.. منذ متى..؟ كيف لم أشعر بها وهي تدخل.؟؟
كما أنها لا تزال تحمل ذلك المشرط المرعب..
(( هل كان مغطى بالدماء مسبقاً.؟؟ ))
أخذت تلوح بالمشرط فوق وجهي.. ثم أخذت تمرر به فوق جسدي بطريقة عشوائية
وهي تقتل ما تبقي في عقلي من أعصاب بضحكاتها الهستيرية المجنونة..
(( ههآآآآ يهآآآآههههه,,!!! ))
(( ابتعدي عني..!!! ))
هذا كل ما استطعت الصراخ به بكل قوتي في تلك الحظات التي أخذت أفكر فيها بجميع أنواع التعذيب الشيطانية التي يمكن لهذه العجوز والتي لا أشك بتخلفها العقلي ولو للحظة أن تطبقها على جسدي باستخدام مشرط مغطى بالدماء..!!
لماذا يجب علي أن أتحمل كل ه..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآ ..!!! ))
لقد فعلتها..!! لقد..
طعنت بطني بذلك المشرط..
(( هه ههه هههآآآآآ..!! ))
أخذت تخرج المشرط وتعيد طعني به بكل قوتها..
وما لبثت أن قامت بطعن قلبي..
(( هههي ههههأأ..!! ))
جسدي ينزف بغزارة.. ورائحة دمي أخذت
تعم المكان..
ولكني..
(( هههه ههآآأأأ هههههأأأ ))
ولكني لا أشعر بالألم أبداً..!!
(( ههه ههههه هه.. ))
بدأ صوت ضحكاتها يبتعد عن مسامعي أكثر فأكثر..
هل ذهبت وتركتني..؟
أم أني مت حقاً.؟؟
(( هذا ما أرجوه ))..
………………………..
ترن.. ترن..
(( هاه..!! ))
فتحت عيناي على صوت رنين الهاتف العالي..
(( منذ متى هذا الهاتف موجود في غرفتي..؟ أأ.. منذ متى أنا في غرفتي أصلاً..؟!! ))
(( أ..ألو..؟ مرحبا..؟ ))
(( وشا……زويتو… ش ))
(( ألو.. من يتكلم..؟ ))
(( ش.. ال …..ي…….و…م… شا… ))
(( ماذا..؟!! ))
(( تيت.. تيت.. تيت.. ))
قطع الخط..!!
كل ما تمكنت من سماعه هو كلمة (( اليوم ))
(( آآآآه..!! مالذي سيحصل لي اليوم أيضاً.. يا إلهي خلصني.. ))
رميت بسماعة الهاتف بعيدا عني.. ضممت جسدي إلي..
أرخيت رأسي وأخذت أبكي بشدة..
(( دموعك غالية.. ))
(( هاه,,.؟ ))
رفعت رأسي بسرعة لأجده أمامي.. ذلك الرجل بشحمه ولحمه..
ولكني.. كدت أصاب بالجنون عندما أدركت أن غرفتي وبطريقة ما.. قد أصبحت حمراء الون.!!
أخذ يكمل كلامه وهو لا يزال معطيا إياي ظهره ((أليس طويلا بشكل مخيف .؟!!))
(( لماذا تبكين..؟ أتبكين بسببه.؟.. يجب عليك الشعور بالامتنان لأنه اختارك.. اختارك أنتِ.. ))
(( اختارني لماذا…؟ ولماذا أنا بالذات..؟ ))
(( لا يحق لك أن تسألي.. هذا أمر يخصه وحده.. ))..!!
(( هاه..؟!! ومن هو ليختارني دون أن يسألني..؟!! ))
(( وهل سألته قبل أن تناديه ..؟!! ))
(( من..؟ أنآآ..؟!! أناديه..؟!! ولأي حاجة أريده.؟ ثم.. هل تراني أحب ما يفعله بي الآن.؟!! ))
(( هذا شيء يخصه.. له الأحقية بفعل ما يريد.. أما أنتِ.. فمجرد دمية يتسلى بها هو.. ))
لم أعرف بماذا أرد.. أخذت أنظر إلى جسدي الشاحب ولباسي المهترئ المغطى بالدماء..
لا أعلم مقدار الدموع التي بكيتها حتى وصلت إلى هنا.. ولكن الدموع التي أبكيها أصبحت بالنسبة لي.. متشابهة..
لوهلة تذكرت ما حدث بالأمس.. أو.. اليوم.. كلا لقد كان قبل قليل في ال.. لايهم..!!
(( لماذا تركتني وحدي مع تلك المجنونة..؟ ))
(( من.. أتقصدين شيرازكا.؟ خادمة الظلام .؟ ))
لم أجبه.. لأني وبمجرد أن عرفت اسمها أصابني الذهول..
كيف لتلك المخبولة أن تملك اسماً ..!!
أكمل كلامه قائلاً:
(( لقد كانت معي منذ أن تركتك لوحدك ))
(( ولكنها قد… ))
(( إنه ((هو))….. ))
(( ……………. ))
……………………
——————————————————————————–
نهاية الجزء الثآني.. الفصل 10
-10-
(( حياتي أو موتي كلاهما أصبحا واحداً بالنسبة لي ))
((يجب عليك الشعور بالامتنان لأنه اختارك.. اختارك أنتِ.. ))
(( ………… ))
(( ما بكِ.؟ هل أرعبتكِ.؟ ))
يا إلهي ما أغبى سؤاله..!! ثم.. هل يجدني في حال تسمح لي بالإجابة..
لقد كنت خائفة بطريقة جنونية.. أدت إلى إصابتي بالصمم..!!
لم أعرف ما أقوله.. لا أتذكر كم بقينا صامتين على هذا الحال..
ولكن لحظات صمتنا تلاشت عندما سمعتها..
(( تك.. تك.. تك .. تك.. ))
بكل هدوء وثقة.. وكأنها تحاول التلاعب بما تبقى فيّ من عقل..
(( تك.. تك.. تك.. تك.. ))
نظر إلي نظرة ذات معنى مبتسما ابتسامته الصفراء المعتادة..
لم أنتظر حتى يفتح فمه ليخبرني ما هو مصدر الصوت..
هرعت مسرعة لأفتح باب الحمام..
لأجدها أمام المرآة.. تشع لونا أحمر كالدم..
إنها ساعتي..!! التي ألقيتها في البحر.. ولكن كيف ع..
(( آآآه..!! ))
لقد.. لقد انفجرت ساعتي.. أو.. تحطمت..!! لا أدري..!! لقد تلاشت من أمامي تاركة خلفها بعض القطع الصغيرة إثر تفتها.. هذا لم يلفت نظري بقدر ما لفتني منظر مرآة الحمام التي أخذت تنزف دماً..!!
خرجت مسرعة لأرى ما إذا كان ذلك الرجل لا يزال في مكانه.. ولكنه اختفى هو الآخر..!!
هل لاختفاء ساعتي علاقة باختفائه.؟ هل من الممكن أن يكون هو.. ((هو))..؟
لم أستطع الوقوف مكتوفة اليدين.. أردت فعلا أن أعرف مالذي يحصل هنا.. إن كنت سأموت..
فافضل الموت وأنا أحاول على الأقل..
(( لا وجود لمرآة سليمة هنا ))
مرآة غرفتي والحمام.. متحطمتان تنزفان الدم..
لوهلة تذكرت الساعات الكبيرة التي رأيتها حين هروبي من تلك المجنونة قبل أن أسقط في الهاوية..
فتحت باب غرفتي لأجد إحداها أمامي.. لأول مرة أفرح حين رؤيتي لساعة منذ بداية هذا الكابوس..!!
أخذت أسحبها على الأرض بكل قوتي.. أردت أن أوصلها إلى أقرب مرآة مني..
سحبتها وضعتها أمام مرآة غرفة أمي.. ((هل كل الغرف ذات لون أحمر.؟! ))
ثم وقفت أنتظر أمام المرآة بكل ترقب..
(( هه..؟!! لم يحدث شيء..!! ))
بالتأكيد لن يحدث شيء.. الساعة تشير إلى العاشرة والنصف..
وكابوس ما يسمى ب ((هو)) لن يبدأ إن لم تكن تشير إلى الثانية عشر تماما.. لا أعلم إن كان يبدأ أو ينتهي.. فلا فرق معي.. منذ أن حلت علي هذه العنة وأنا لا أستطيع التفريق بين الماضي والحاضر.. الأمس واليوم..
لحظة..!!
خرجت مسرعة أتفحص الساعة الأخرى التي رأيتها بالأسفل عند بداية الدرج.. ((جميع أركان البيت ذات لون أحمر..!!))
نظرت إليها فإذا بها تشير إلى الخامسة والنصف.. صباحا أم مساء لا يهم.. المهم أنها بتوقيت مختلف عن الأخرى..
رائع يمكني الآن أن أغير عقرب الساعة إلى منتصف اليل.. وبذلك أكون قد نجح..
(( طاخ..!! ))
(( هه..؟ ما هذا ..؟!! ))
صوت زجاج يتحطم..!! وبقوة..!!
عدت إلى الغرفة التي وضعت بها الساعة أمام المرآة.. كنت أركض وأدعو الله في قلبي لا يكون ضر قد أصاب الساعة.. فهي أملي الوحيد لمعرفة نهاية هذا الكابوس..
ولكن حصل ما توقعته..!!
الساعة محطمة إلى أشلاء تماما أمام المرآة التي أخذت تنزف الدم من بين زجاجها المكسور..
أخذت تنزف بطئ شديد..
(( لكن.. لماذا الدم.؟!! ))
(( تسألين لماذا الدم..؟ ))
(( هاه..؟ ))
شهقت ناظرة خلفي لأجده واقفا وبكل ثقة..
(( ((هو)) يريد منك العبور بنفسك.. ))
(( وكيف لي أن أعبر.. ثم.. ما أدراك أنت بما يريده ((هو))..؟!! ))
(( مادام قد اختاركِ فهو يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك.. ))
(( بدمي..؟!! ))
نظرت إلى المرآة المحطمة.. رعبني منظرها الدامي جداً..
(( وكيف..؟ ))
اقترب مني وأمسك بيدي اليسرى دون أي تحفظ..
قربها إليه.. ثم قام بقطع وريدها بسرعة بسكين حادة لا أدري من أين أخرجها..
لم أشعر بنفسي إلا عندما لامس الدم وجهي.. وتطايرت قطرات دمي بغزارة شديد..
(( لماذا..؟ ))
أخذ ينظر إلى الأرض المبلة بالدماء وهو لازال يبتسم ابتسامته الخبيثة..
(( ل.. م..ذ..ا .. ))
بدأت الرؤية تصبح صعبة بالنسبة لي.. أعلم تماما بأني ملقية على الأرض الآن..
لا أرى سوى الظلام.. لا أمل بأن أعيش بعد هذا الجرح العميق في وريدي..
أصبح التنفس صعبا بالنسبة لي.. استسلمت وتوقفت عن الحركة تمام..
هأنا أفقد وعي بطئ شديد..
(( ………………. ))
………..
(( مفتاح واحد فقط سيوصلك إلى الحقيقة.. روحك التائهة في هذا المكان ستجد مستقرها إن عثرت عليه.. و (( هو )) سيعذب بلعنته إلى الأبد ))
……
(( هاه.!! ))
استيقظت مرعوبة.. أتنفس بسرعة جنونة..
(( أين أنا..؟ ))
أخذت أنظر حولي لأتبين معالم المكان..
إنها هي.. نفس الغرفة السابقة.. بطرازها القديم.. الذي يوحي بجو القلاع القابض للنفس
(( هل هي قلعة فعلا.؟ ))
والمدفأة التي أخذت النيرآن تتراقص داخلها.. لتكون ظلالا مرعبة تلعب في أنحاء الغرفة..
أغطية السرير المخملية الحمراء.. وستائره التي أخذت تتدلى من فوق أركانه..
ولباسي..!! ((منذ متى أرتدي هذا القميص..؟!ّ!))
كان ذي لون أبيض لؤلؤي.. وملمس حريري رائع..!!
كل الأشياء في هذه الغرفة بما فيها أنا.. كل شيء.. لا يدل على خير أبدا..
(( أشعر أن شيئا ما سيحصل قريبا.. قريبا جدا ))..
تحركت لأنزل من فوق ذلك السرير الكبير.. ((آه كم الأرض باردة ))
نظرت إلى ذات الباب الكبير..
في أول مرة جئت إلى هذه الغرفة كنت خائفة جدا من فتحه..
أما الآن.. فلقد فتحته دون أي تردد أو خوف..
فلا سبيل آخر للنجاة غيره.. أنا موقنة بأني سأجد حلا لما أنا عليه إن خرجت من هذه الغرفة..
فتحت الباب بطئ.. بصراحة..
كنت أحاول تهدئة نفسي حتى لا أفزع إن سمعت كلمة (( بست..!! )) فجأة قبل أن أنهي فتحي للبا.!
ولكني أحمد الله أني خرجت من الغرفة وقفت أتأمل ما وراء بابها دون أن أسمع تلك الكلمة..
الجو ضبابي بشدة.. كما أن هناك الكثير من الأركان التي لم تكن واضحة بالنسبة لرؤيتي.. فلقد كان الظلام قد إلتهمها كلها..
كان هناك درج يؤدي إلى نهاية مجهولة.. فلم تكن نهايته واضحة بسبب الظلام الذي أخذ يكسوها..
وحول هذا الدرج.. مساحة كبيرة تتخا بعد الممرات المظلمة وأبواب بعض الغرف التي أجهل ما بداخلها..
أنفاسي تتحول إلى بخار كلما تنفست.. وقدماي باردتان تماما..
لا أدري.. هل الجو بارد حقا..؟ أم أني مرعوبة إلى درجة أن أعصابي قد مات فلم أعد أشعر بشي إلى أن تجمدت.؟
أخذت أمشي أول خطوتين لي بعد خروجي من تلك الغرفة.. قاصدة بداية الدرج (( لماذا اخترت الدرج..؟ لا أدري))..
لم أكمل خطوتي الثالثة حتى سمعت صراخها
(( آآآهآآ.. آآآآآآآآآآآه… ))
كانت تصرخ بشدة..
(( آآهآآهآآهآآآآآآآآآآ..!!! ))
لا أعلم كيف ركضت بكل سرعتي وفتحت باب إحدى الغرف التي أمامي..
وجدتها جالسة على ركبتيها محنية رأسها إلى الأرض.. تبكي..!! تبكي بشدة..
(( آآآهآآهآآآآآآآآ ))
اقتربت منها بطىء.. ما إن أمسكت كتفها حتى رفعت رأسهأ بسرعة وأخذت تصرخ..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآع.. ! ))
أخذت تتقيأ دما أسود الون بغزارة..!! كان يخرج من فمها وكأنه يضخ ضخاً إلى الأعلى..!!
(( أأعأأع,,!! ))
وقفت على ساقيها المتهالكتين لتمشي متجهة إلي بخطوات سريعة.. وهي لا تزال تتقيأ.
(( آآآآآآآه ))..!!
أخذت أبتعد عنها بسرعة..!!
رأسها أخذ يتدلى فوق جسمها النحيل يمنة ويسرى.. لم أستطع أن أرى وجهها بوضوح فقد كان شعرها يغطيه تماما..
(( إيع إي. آآآآآع..!! ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآه ))
صرخت مبتعدة عنها.. أردت أن أخرج بسرعة لأعود إلى تلك الغرفة.. لا يهمني ماهي ومن تكون..!!
أريد أن أخرج من هنا حالا..
و.. ولكن..
(( أين الباب..؟ ))..!!!
……..
الجزء الثآلث.. الفصل 11..~
-11-
((مادام قد اختاركِ فهو يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك.. ))
(( بدمي..؟!! )) ..
………………………… ………….
(( يا إلهي مالذي سأفعل.. ))
(( آآآآآآآع ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآهآآآآآآآآآآآآآآ آآآآ ))
أخذت تتقيأ علي..!!
لأول مرة أقابل فيها قيئا يحرق ما يلامسه كهذا.. جسدي أخذ يحترق بطيء..
(( آآآآه ))
أخذت أصرخ من كل قلبي وأنا أحاول أن أهرب منها.. أن أجد أي باب لم ألاحظه سابقا..
ولكن المصيبة هي أن هذه الغرفة خالية من كل شي تمام.. غيري أنا وهذه المسخ ونافذة زجاجية مكسورة.!!
لحظة..!! نافذة..
هرعت إليها أحاول فتحها بسرعة قبل أن تلحق بي تلك الوحش..
(( هيآآآ ))..
حاولت بكل قوتي فتحها.. ولكنها كانت عالقة تماما.. (( آآه ))..
رائع..!! لقد تمكنت فتحها.. بعد أن سقطت أرضا..!!
قد تظن بأنه لا مشكلة في ذلك.. لأقف وأكمل لأرى ما خلف تلك النافذة صحيح..؟
المشكلة التي منعتني من ذلك ستخيب ظنك تماما.. أتسأل لماذا.؟
لأني لم أتمكن من الوقوف على قدمي مطلقاً..!!!
……..
ساقاي متضرتان تمام إثر تقيؤ تلك المسخ علي.. كما أن بعض أجزاء الحم بها قد تفت..
إقتربت هي مني بكل سرعتها لاهثة ..
(( إيه إيه.. ))
(( آآه ))
أحنيت رأسي لأغطيه بذراعي..
ما أن تهيأت لتلقي بما تبقى في جوفها من قيء فوق رأسي لتقتلي..
أخذ برق هائل يضرب بكل قوته.. شعرت وكآن الأرض ستشق تحتي لشدة صوته..
(( دوم ))
رفعت رأسي نحوها..
لأرى وجهها القبيح ولأول مرة.. (( إنهآ بلا أعين..!! ))
تنظر إلى النافذة
فاغرة فمها الكبير.. ومخرجة لسانها الأسود..
لترفع وجهها إلى السقف..
تنبهت حينها إلى ظل شي يكمن خلف النافذة.. ((إنها تمطر بغزارة شديدة..!! ))
أدرت نفسي اتجاه النافذة بسرعة لأرى ذلك الشيء .. ولكنه كان قد اختفى..
(( هه..؟!! ))
توقف البرق فجأة..!! والمطر أيضاً..!!
(( ولكن كي.. )) نظرت خلفي لأجد الغرفة خالية تماما من أي شيء سوانا نحن الإثنين..
الباب.. وأنا..!!
تلفت حولي لأتأكد من عدم وجود تلك المسخ.. نظرت إلى ساقاي فإذا بهما سليمتان تماما..!!
(( آآه ))..
تنهدت بغرابة..!! لم أكن أعرف هل تنهدت بسبب الحزن.. أم القلق.. أم الغضب..
أعتقد أني قد تنهدت بسبب كل شي..!!
مشيت بطئ نحو الباب الذي دخلت منه..
فتحت الباب لأنظر بترقب لما خلفه.. من الجيد أن كل شي قد كان كسابق عهدي به..
(( طآآآآآآآآآآآآآخ ..!! ))
(( هآآه..!! ))
ما إن وضعت قدماي خارج الغرفة حتى أغلق الباب نفسه خلفي بقوة شديدة..
تاركا بقوته صدى مرعبا أخذ يدوي في أرجاء المكان..
……….
مشيت بضع خطوات متجهة نحو أول غرفة كنت بها..
الخوف الذي تملك قلبي إثر آخر شيء رأيته.. سلب مني قدرتي وإرادتي على الإستمرار..
(( أريد أن أموت هناك.. ))
هذا ما أردته..
ما إن اقتربت من الباب لأفتحه.. حتى سمعت أصواتهم..
(( هههههههه ))..!!
(( هه..!! من هنا ؟!! ))
تركت مقبض الباب وتراجعت حتى أجعله خلفي..
(( ههههههههه ))..!!
(( من..؟!! ))
أخذت أتلفت حولي.. محاولة العثور على شيء يدلني إلى مصدر هذه الضحكات الطفولية..
ولكن الظلام كان يتلاعب بأعصابي كما أخذت الظلال تتلاعب بأركان ذلك المكان..
(( هههههههههههه..!! ))
أخذت ألهث خائفة في مكاني أحاول التفكير بطريقة للهرب..
بينما كنت أحدث نفسي..
(( إنها المرة الأولى التي أخاف فيها صوت الأطفال وضحكاتهم..!! ولكن هذه المرة.. ليست كل مرة..!! هناك شي غريب في أصواتهم..!! ))
اقتربت من بداية الدرج..
(( إنهم هناك.. بالأسفل.. !! ))
نظرت حولي.. إلى باب الغرفة التي كنت فيها..
(( هل أنزل يا ترى.؟))
لم أستطع أن أجيب لنفسي إجابة مرضية.. ولكنها لم تتعبني في النهاية..
هل تعلم حب النفس البشرية لمعرفة المجهول.؟ حبها لتعذيب نفسها حتى تموت رعبا..؟!!
أنا (( نفسي..!! )) قد أصبت بهذا الداء في تلك الحظة..!!
خطوت وبكل حذر أولى خطواتي نازلة إلى حيث لا أعلم..
الدرج من فوقه إلى تحته كان مظلما.. مظلما تماما.. ما عدا الدرجتين الأولى التي خطوت عليهما بخوف شديد..
ما أن استقرت قدماي على الدرجة الثانية حتى امتدت يد صغيرة إلي مخترقة سواد الظلام..!!
……….
-5-
(( بدايتي معه.. ))
( (( إن ما تعيشينه الآن إن هو إلا بداية فقط..!! )) )
……..
أنهى الرجل كلامه ثم نظر إلي قائلاً:
(( هل كلامي واضح بالنسبة لك يا آنسة..؟؟ ))
كانت ملامح الخوف والمفاجأة قد ظهرت تماماً على وجهي الذي أصبح لون مائلاً إلى الإصفرار..
بقيت واجمة إلى أن أعاد الرجل سؤاله علي:
(( كلامي واضح يا آنسة..؟؟ ))
أجبته مستدركة:
(( آه.. أعني.. أنا.. ))
استجمعت قواي وأكملت : (( أنا.. مصابة بلعنته الآن..؟؟ ))
أجابني من فوره :
(( بما أنك قد بلغت ما حكيت عنه في رسالته فأنت بذلك في بداية طريقكِ معه..
أحب أن أنوه لك عن أن لعنته تصيب كل من استهزأ به أو بأساطيره ))
لم أعقب على كلامه..
بقيت فقط واجمة فاغرة فيّ ناظرة إلى الأرض..
ثم قال (( اسمحي لي بالإنصراف ولكن قبل أن أخرج..))
مد يده لي بورقة صغيرة تحمل رقماً من الواضح بأنه قد كتب بعناية..
وأكمل (( هذا هو رقمي ان احتجتي لأي مساعدة.. ))
سألته مقاطعة:
(( هل أنت مصاب لعنة هذا ال (( هو )) يا سيدي..؟؟ وإلا لماذا أراك مهتماً وعلى علم كبير به..؟؟))
توقف برهة ثم أكمل مشيه دون أن ينظر إلي..
فأكملت قائلة: (( بالتأكيد مصاب بلعنته.. وإلا لما استطعت أن تروي لي تلك القصة وتفوه عن كلام يخصه..))..
فتح الباب ليخرج.. ولكنه توقف لحظة ليقول :
(( عليك أن تعرفي أنه لايمكنك أن تحصلي إجابة لكل أسئلتك.. هناك أمور لايمكنك معرفتها.. لأنك لن تفهمي كنهها أبداً ))
أومأ برأسه محياً إياي.. ثم خرج وأغلق الباب خلفه..
تاركاً إياي في حالة يرثى لها..
…….
مرت ساعتين إلى الآن و أنا لا أزال بنفس الحالة..
جالسة وحدي في غرفتي.. فوق سريري..
ضامَّةً ساقي إلي..
جلست أفكر فيما قاله ذلك الرجل..
شعرت بالرعب يتسل إلى عمودي الفقري ليخرج من جسدي على شكل قشعريرة رهيبة..
(( حسناً.. وإن كنت الآن ملعونة من قبل ذلك ال (( هو )).. أما من وسيلة تنقذني منه..؟؟!! ))
نظرت إلى ساعتي فإذا بها تشير إلى الثانية عشرة..!!
آآه لماذا.. لماذا أبكي..؟؟
في حياتي لم أشعر بمثل هذا الخوف من وقت معين..!!
لم أتمكن من كتم الدموع التي بداخلي.. أمسكت بوسادتي وانفجرت فيها باكية..!!
لكن..
ماهذا الخدر الغريب الذي أشعر به في أطراف جسدي..
أن ا… خ..ا..ئ..ف..
………………………… …
……
أستيقظت في اليوم التالي لأجد نفسي نائمةً أمام المرآة..
موجهة ساعتي إليها..!!
ماذا..؟!!
كيف حدث هذا..؟؟!!
و منذ متى..؟؟!! أعني..
نظرت إلى وجهي الذي بدت عليه علامات التعب والإرهاق..
و إلى ساعتي التي ذهلني منظرها.. ليس مرعباً ولكن الغموض الذي يحيط بها هو ما يجعلها مرعبة جداً..
فلقد كانت ساعتي.. بلا أرقام..!!
و خصوصاً مكان الرقم 12.. اختفى تاركاً أثراً كأثر حرق ما..
لا أعلم من أي جحيم خطرت على بالي فكرة أن لعنة ذلك ال (( هو )) قد جعلتني أفعل ما فعلت..
ولكن لماذا..؟؟
هل ياترى..
هل يا ترى قمت بفتح بوابته.. بوابة (( هو ))..؟؟
لم أحتمل المزيد..
فتحت الباب خارجةً من غرفتي أبحث عن أحد لأخبره بكل شيء.. كل شيء..
فلعله يلعن مثلي فنساعد بعضنا على تخطي ما نحن به.. أو يشاركني الموت فلا أشعر بالغربة..!!
ولكن لحظة..!!
يبدو أنه لا أحد في البيت.. هل خرجوا وتركوني لوحدي..؟؟ لا أعتقد..!!
ذهبت إلى المطبخ.. فغرفة أمي.. غرفة المعيشة..
لا أحد في البيت فعلاً.. لا أحد..
انطلقت مسرعة إلى الخارج لأبحث عنهم..
ويا ليتني مت قبل أن أفعل ذلك..
فلقد اكتشفت لا حقاً أن أهل المدينة كلهم قد اختفوا..!!
لم يبقى سواي أنا..!!..
ترى..
هل يريد هذا ال (( هو )) قتلي بسبب الإكتئاب.. أم يريد قتلي بطئ ليستمتع بتعذيبي..؟؟
آآآه سواءً أردا قتلي مباشرة أو بطئ..
هو لا يعلم أني سأموت رعباً قبل أن يقوم (( هو )) بذلك..!!!…………
بدآية الجزء الثاني : الفصل 6
-6-
(( هذه نهايتي..!! سأموت بالتأكيد ))
( (( لعلمك..!! كل كلمة أقولها كفيلة بقتلك وكفيلة بجعلك تموت بطء..!! )) )
………………………… ……….
أعلم تماماً أنه من المضحك أن أختبئ داخل الدولاب حاملة في يدي سكيناً كبيرة..
خصوصاً في مدينة خالية تماماً من السكان..
ولكني فعلت ذلك..
كنت أبكي وأتمتم بأذكار كثيرة.. وأدعو الله أن يجنبني الخطر والشر..!!
لا أعلم مما كنت أريد حماية نفسي..
أعلم أن (( هو)) لن يؤذيني ما دمنا نهاراً.. أو.. قد يستطيع من يعلم..!!
ولكنه الخوف من المجهول..
أشعر وكأن أحداً سيظهر لي وسط هذا السكون القاتل ليقضي علي.. سأكون له من الشاكرين فعلاً على إراحته لي بسرعة..
فهو بطريقة قتله لي كيفما كانت أرحم عندي من البقاء في جحيم السكون هذا..
يا إلهي.. حتى العصافير والقط لا أثر لها..!!
مالذي جرى يا ترى..؟؟
……….
مرت خمس ساعات على اختبائي بهذه الطريقة..
بالتأكيد شعرت بالجوع الشديد.. و لكني لا أزال خائفةً تماماً..
لامشكلة من أن أحضر بعض الطعام وأعود إلى مخبئي من جديد.. أليس كذلك..؟؟
تحركت في حذر شديد وفتحت الدولاب..
أوه لم أكن أتوقع أن تغرب الشمس بمثل هذه السرعة..!!
خرجت من غرفتي مسرعةً لأشتم رائحة طعام مطبوخ .. تلك الرائحة المحبة إلى النفس.. إنها أمي..!!
آآآه وصوت التلفاز الذي يوحي بأن إخوتي موجودون في غرفة المعيشة..
يا إلهي لم أكن أعرف مدى حبي لهذا الصوت المزعج..!!
أسرعت إلى الطابق السفلي راجية من الله أن أقف أمام المطبخ لأرى أمي الحبيبة أمامي..
نزلت.. وقفت أمام المطبخ..
ههه هل عرفت ما وجدت..؟؟ لا لا.. ليس وحشاً..
لأني لم أجد شيئاً على الإطلاق..!!!
………….
وقفت واجمة للحظات أمام المطبخ.. فإذا به فارغ تماماً إلا مني ومن ظلي..
ومثله غرفة المعيشة..
يكسوهما ذلك الون البنفسجي الذي يدل على أن شمس اليوم سترحل.. وتركني وحيدة في ظلمة اليل القاسية..
اتجهت إلى الثلاجة لأحضر شيئاً آكله.. لأني أبداً لا أرغب في البقاء وحدي في البيت دون أن أختبئ..
حتى وإن كان إختباءً من لاشي.. على الأقل سأشعر بعض الأمان..
فتحت الثلاجة..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ..!!
آآآه.. آآه.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآه..
أخذت أصرخ وأجري خارجةً من البيت.. تعثرت في طريقي عدة مرات واصطدمت بالعديد من الأشياء التي أجهل كنهها.. كنت أركض.. أركض بجنون إلى اللامكان من هول ما رأيت..!!
حتى سقطت مرة أخرى مغشياً علي..!!
لقد كانت الثلاجة فارغة.. فارغة تماماً من الأشياء الطبيعية التي نعهدها داخل الثلاجات الطبيعية..
ولكنها كانت مليئة تماماً.. تماماً..
بأوصالٍ بشريةٍ كاملة..!!
…….
هاه..!!…
فتحت عيني لأجد نفسي في غرفتي.. التي اكتست بلون أشعة الشمس الدافئة..
تحركت قليلاً فوق السرير لأتمكن من رؤية الغرفة بوضوح..
كل شيء سليم في مكانه..
ما عدا جسدي الذي يحمل بعض الرضوض في عدة مناطق منه..
رضوض.. من أي..
تذكرت فجأة كل ما مررت به مسبقاً..
المدينة الخالية من السكان.. الأطراف البشرية التي كدت أموت بسببها..
لم أنتظر لحظة أخرى..
هرعت إلى النافذة لأرى ما يدور بالخارج..
غريبة..!! كل شيء طبيعي..
الأطفال يلعبون والسيارات تروح وتجيء.. إذاً دورة الحياة تمشي بشكل طبيعي..!!
تذكرت أمي وإخوتي..
خرجت من غرفتي صارخة (( أم ي..!!! ))
فردت علي مستغربة من صراخي..
آآه ما أروع صوتها الحنون وهو يوبخني على صوتي العالي..
أخذت أجري متجهة إلى الطابق السفلي لأراها..
كانت جالسة كعادتها في ذلك الكرسي المحب إليها..
ارتميت بين أحضانها باكية.. وهممت أقبل يديها ورأسها في نهم شديد..
بينما أخذت هي تهون علي وتسألني عن سبب بكائي الذي تجهله..
آآه يا غالية.. لو لا خوفي عليك مما أعيشه لأخبرتك.. لا أريد لك أن تعذبي مثلي الآن..
لم أكن أعلم لماذا ولكني.. شعرت بان هذه هي آخر مرة أرى فيها أمي..
هل.. هل أقول لها وداعاً.. لا.. ستشعر بأن شيئاً غريباً يحدث لي عندها..
لذلك اكتفيت بترك دموعي وأفعالي تودعها كل بطريقته..
آآه يا أمي.. ليتني أموت هنا.. بين أحضانك.. أموت فلا أحيا أبدا..
…………
طلبت من أمي أن تنام معي اليلة.. على أمل أن تمنعني إن قام ((هو)) بأمري بفعل شيءٍ غريب..!!
وفقت هي أمام إلحاحي الشديد عليها.. مقنعة إياها أني اشتقت إلى أيام الطفولة وحسب..!!
آآه لو تعلم السبب الحقيقي..!!
شعرت وهي نائمةٌ إلى جانبي وكأن أمان وطمأنينة العالم كله معي الآن..
فعلاً.. كنت أشعر بقوة غريبة لا يقوى حتى ((هو )) على سلبها مني..
إن للأمهات طاقة غريبة لها قدرة عجيبة على طرد الأرواح الشريرة والشياطين المرعبة و إعطائنا الأمان والطمأنينة منذ صغرنا..
أغمضت عيني في سعادة..
وغفوت.. غفوت كما يغفو الطفل الصغير..
………
(( بابين كبيرين يخفيان خلفهما النهاية.. أحدهما يقود إلى نهايته.. والآخر يقود إلى نهايتك ))
دونج..!! دونج..!!
(( ههاه..!! ))
فتحت عيني و أنا أشهق فزعة..
ما هذا الصوت العالي..؟؟!!
أين أنا..؟؟..
أخذت أتلفت يمنة ويسرة لأتعرف معالم المكان أكثر..
كانت غرفة من الطراز القديم.. القديم جداً..
تلك التي تشعرك بجو القلاع القابض للنفس.!
الون الأحمر يكسو معالم الغرفة كلها تقريباً..
التي أخذ الظلام يسيطر على أركانها مداعباً الظلال التي تتولد من تراقص اللهب داخل تلك المدفئة الكبيرة..
شهرت بقشعريرة رهيبة سرت في جسدي كله جعلتني أضم نفسي لأخف من قوتها..!
يارب.. أين أنا..؟؟
نزلت من فوق ذلك السرير.. متجهة إلى الباب الوحيد الموجود في الغرفة
(( يا إلهي لا أزال بثياب نومي كما أنا .!! ))
فتحته..
ثم عدت لأغلقه قبل أن أكتشف ما خلفه من عالم أجهله تماماً..
سألت نفسي عدت مرات إن كنت فعلاً أملك القوة الكاملة لفتحه..
فتوصلت إلى أني إن كنت سأموت خارجاً فسأموت هنا أيضاً رعباً من تلاعب الظلال بأعصابي.. وأنا ذات خيال واسع جداً..
لذا.. أفضل أن أموت وأنا أحاول..!!
وفتحت الباب لأكتشف ما خلفه..
((ألم يكن من الأفضل لي أن أموت رعباً من الظلال داخل الغرفة..؟؟!!))
—————————————-
الجزء الثآني.. الفصل 7
-7-
(( متى ستكون نهايتي..؟؟!! ))
( أنا مجرد دمية يلعب بها ((هو)) كيفما شاء..!! )
أخذ الباب يفتح عما خلفه مصدراً أزيزاً ثقيلاً وكأنه يبكي ألم مفاصله..
كان الجو العام معتماً تماماً وعطناً إلى درجة الإختناق..!!
مشيت خطوتين خارج حدود الغرفة على أطراف أصابع قدمي المرتجفتين..
ما لبثت أن نزلت كلتا قدمي على الأرض حتى سمعت..
(( بست..!! ))
(( هه..!! ))
تلفت حولي إلى أن وقع نظري عليها..!!
(( بست..!! ))
(( آآآه..!! ))
صرخت فزعة من شكلها القبيح..
إنها..!! إنها..!!
تلك العجوز.. تحمل نفس الإبتسامة الخبيثة على وجهها..
ولكنها هذه المرة كانت قد أظهرت شعرها ولم تغطيه كالعادة..
وكانت تحمل في يدها شمعة كبيرة.. أدت إلى إظهار ملامحها بطريقة مميتة في تلك الظلمة الشيطانية..!!
كان شعرها أشعثًاً أبيضاً بطريقة بشعة..!! والتجاعيد كانت وكأنها حفرت بقوة على وجهها الذي امتلئ بقع غريبة أراها لأول مرة..
رفعت إصبعها إلي تشير أي اقتربي..
ولكني ما لبثت أن هرعت إلى داخل الغرفة مغلقة الباب خلفي بكل قوتي..
(( آآه..آآه..هاه..!!))
اسندت ظهري إلى الباب.. حتى أمنعها من الدخول إن حاولت..
أخذت أجول بنظري سريعاً في أرجاء الغرفة حتى أتبين أي شيء يمكني أن أصرع تلك العجوز منكوشة الشعر به..!!
ولكني للأسف لم أجد شيئاً سواي.. أنا والشمعة وتلك المدفئة المقيتة والسرير الضخم..
المخرج الوحيد من هذه الغرفة هو الباب من خلفي..
(( مستحيل..!! ))
لن أستخدمه ما دامت تلك الشيطانة المتجسدة خلفه..!!
طق طق طق طق..!!
((هاه..!! ))
إنها.. إنها.. تدق الباب علي..
طق طق..!!
يا إلهي ماذا عساني أفعل..
(( قلبي.. قلبي.. آآآه كم يؤلمني..!! ))
طاخ..طأاخ.. طاخ..!!
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآه هه..!! ))
جريت لأقفز متجهة إلى ركن السرير لأحتمي بالجدار خلفي..
وطرقها الكابوسي الملح ما يزال مستمراً..!!
طاخ طاخ..!!
أخذت تضرب بطريقة مفزعة جداً..
رباه.. كيف لتلك العجوز أن تضرب بمثل هذه القوة.. و..!!
ربما ليست العجوز هي من يضرب على الباب..!!
أخذت جميع أطرافي ترتجف بلا توقف..
ودموعي تنهمر من عيني كالشلال..
لكني لم أشعر بهذا كله.. أصبت بالخدر تماماً تماماً..
عندما سقطت الباب هاوياً على الأرض مستسلماً لطرق من كان خلفه..!!
لأسقط أنا ((كالعادة )) مغشياً علي دون سابق إنذار..!!
………………………
استيقظت لأجد نفسي أمام مرآة غرفتي (( إذا فأنا في منزلي ))
كنت جالسة أمام ممسكة بساعتي التي كانت موجهة إليها تماماً..
كما في السباق..
الأرقام كلها مختفية و خانة الرقم 12 محترقة تماماً..
ولكن شكل المرآة لم يكن كعادته..
فلقد كان مكسورة من المنتصف.. وكأن أحدً قد رماها بشيءٍ تقيل..
كان الزجاج منتشراً في كل مكان.. وقفت بحذر لأستطيع الحركة دون أن يؤذيني الزجاج..
مشيت إلى وسط الغرفة قاصدة بقعة كانت أشعة الشمس مركزة عندها طالبة للدفء.
فلقد كان جسدي بارداً كالثلج.. كالثلج فعلاً..
و لوهلة جلست أتذكر ما حصل لي..
كلما تذكرت شيئاً جديداً أخذ جسدي يرتجف تلقائياً بطريقة مفزعة..
وكلما تذكرت أنه لا أحد يقدر على مساعدتي أخذت عيناي تذرفان الدموع بغزارة..
هذه المرة.. أخذت أبكي بحرقة..
(( مالذي فعلته لأجني هذا المصير.. مالذي فعلته حتى أجلب لنفسي هذا الكابوس اللا منقطع ..!! ))
لا أعلم مالذي ذكرني برقم هاتف ذلك الرجل الغريب الذي زارنا قبل يومين.. أو هو كان بالأمس.. أم.. أم..!!
وقفت متجهةً إلى التقويم السنوي لأعرف كم التاريخ اليوم..
ولكني تفاجأت لكون أوراق التقويم جميعها كان بيضاء فارغة.. فارغة تماماً من أي شيء..!!
(( أوه..لا ..!! ))
أخذت أتمتم بعبارات كمتقطعة في أثناء تقليبي لصفحات التقويم.. آملة أن أجد أي حرفٍ يهديني إلى طلبي..
ولكني لم أجني سوى الصفحات البيضاء التي أخذت تستهزء بملامح الأسى والإستسلام على وجهي كلما قلبت صفحةً فارغة لأتجه إلى غيرها.. وهكذا..!!
أمسكت بالتقويم قاذفةً إياه على الأرض بكل قوتي..
ولكنه لم يصدر صوتاً يوحي بآرتطامه بالأرض.. أو تمزق صفحاته..
لأنه…..
لأنه اختفي فجأةً وكأن شيئاً لم يكن..!!
((……….. ))..!!
وقفت أتلفت حولي إلى أرجاء الغرفة..
(( مم..م.. من.. من فعل هذا..؟؟!! ))..
بسرعة اتجهت إلى رقم ذلك الرجل الغريب الذي وضعته في درج المرآة..
فتحت الدرج بحذر..
أمسكت بالورقة محاولةً تبين الرقم منها.. لأكتشف بأني أحاول قراءة الأرقام من ورقة
محترقة..!!
(( كيف هذا..؟؟!! ))
كانت الورقة سلمية إلا من جزء احترق فيها وهو الجزء الذي حمل الأرقام..!!
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آ……))
صرخت صرخةً أجبرني بعدها ذلك الصوت على الخرس..!!
إنه ذلك الص..ص..وت..!!
ذلك الصوت من قبل..!!
تك تك تك تك تك..!!
ولكن من أين..؟؟
تحركت بتحفز شديد داخل الغرفة لاكتشف مصدر الصوت..
ولكني لم أحصل على نتيجة..
لم يبقى غير مكان واحد لاشك في أن الصوت قادمٌ منه..
هل حزرت ما هو..؟؟!!
سأريحك من التفكير وأخبرك بالإجابة..
لقد كان الصوت صادراً من الحمام.. حمام غرفتي..
من المرآة بالتحديد..!!
الجزء الثآني الفصل 8
………………………… …
-8-
(( لا يزال الوقت مبكراً.. ))
( ((هو)) لا يريد غيري الآن ليقضي عليه.. )
مشيت باتجاه الحمام ضامة ساعتي إلى صدري..
شاعرةً بدقات قلبي الشديدة..
أمسكت مقبض الباب وفتحته..
كم أكره شعور الترقب ذاك الذي ينتابك لما خلف الأشياء المغلقة..
لوهلة تخيلت نفسي واقفة أمام وجه تلك العجوز البشعة..!!
حاولت جاهدةً منع نفسي من الإسترسال في خيالي.. و دخلت الحمام..
كانت المرآة سوداء تماماً.. سوداء بطريقة كابوسية توحي وكأن شيئاً سيخرج منها في التو والحظة..
لاحظت أني كلما اقتربت من المرآة ازداد ذلك الصوت..
الصوت الذي كان يصدر من المرآة والساعة معاً في نفس الوقت..!!
تك.. تك تك تك..!!
ألا يشبه صوت عقارب الساعة.. أو.. ربما يكون هو ذاته..
تك.. تك تك تك تك تك ..!!
بلى إنه هو..
اقتربت أكثر من المرآة ليزداد بذلك الصوت الموتر المخيف..
(( بالتأكيد.. إنها بوابته الثانية إلي.. ))
أسرعت الخروج من الحمام.. بدلت ملابسي و خرجت من البيت..
هناك فكرةً لا بأس بها تدور في رأسي قد تخف بعضاً من الذي أعيشه الآن..
على الأقل قد تخف تذبذبي مع الوقت..
اتجهت إلى شاطئ البحر.. ممسكة الساعة في يد.. و شريط لاصق قوي في يد..
أخذت أبحث عن صخرة مناسبة لربطها مع الساعة..
الحمد لله لم يكن الأمر عسيراً.. فلقد وجدت ما أحتاجه وبسرعة..
……….
أمسكت بالساعة العينة.. والتي كانت أحب ساعة إلى قلبي..
وربطها بشدة إلى الصخرة التي وجدتها..
ومن ثم رميتهما بكل قوتي في البحر..
لكم كانت سعادتي كبيرة حين أخذت أنظر إلى الصخرة وهي تغرق بالساعة إلى الظلمات..
ما لبثت أن إطمئنت إلى أن الساعة قد اختفت تماماً عن ناظريّ..
حتى عدت مسرعة إلى البيت..
(( أنا فعلاً أريد أن أعرف ما سيحدث لي في هذه اليلة..!! ))
………..
وأخيراً وصلت..
كان المنزل هادئاً كما تركته.. خالياً مثله مثل المدينة من أي مخلوق سواي..!!
صعدت مسرعة إلى غرفتي لأكمل ما بقي لي من الوقت هناك.. استعد لما قد أواجهه اليلة..
فتحت باب غرفتي لأفاجئ بمنظر مرآتي المكسورة..
منظرها الذي أوقف سريان الدم في عروقي ..
وجعلني أقف مدهوشة للحظات لا أوقى على الحركة..!!
((منذ متى كانت المرآة تنزف…؟؟!! ))
لا تصدقني إن شئت..
لكن إياك أن تقول بأني كاذبة..
فلقد كانت تنزف بحق..!!
تنزف بطئ شديد وكأنها تبكي بصمت..!!
وكانت كلما سال منها المزيد من قطرات الدم كلما ازدادت التشققات فيما تبقى من زجاجها..
(( إيه..!! لن أستطيع المشي داخل الغرفة بهذه الطريقة ))..!!
فلقد كان مدخل الغرفة كله غارقاً تقريباً في الدماء.. ليست كالدماء العادية..!!
بل كانت تملك لزوجة مقرفة..!!
……………….
أخذت أخطو بحذر خارجة من غرفتي متجهةً إلى غرفة أمي..
بالتأكيد لن أتمكن من البقاء في الغرفة مع هذه المرآة الملعونة..
((آآه لماذا الأرض باردة هكذا..؟؟!!))
وما أن خرجت من غرفتي حتى تنفست الصعداء أني لم أدس على تلك الدماء المقرفة..
الآن يجب علي أن
(( بست..!! ))
(( واه..!!!! ))
كانت هي.. العجوز منكوشة الشعر نفسها.. تقف أمامي عند باب غرفة أمي…!!
ممسكة في يدها بفأس مغطى تماماً بالدماء..!! وهي تنظر إلي مبتسمة تلك الإبتسامة الخبيثة التي لا تغادر وجهها البشع..!!
أخذت تقترب مني وتوجه الفأس اتجاهي كلما خطت خطوة إلى الأمام..
(( هه..!! ههاهههها..!! ))
ما بالها..؟؟ مالذي ستفعله معي هذه المجنون..؟
ودون أن أفعل شيئاً أعطيتها ظهري متجهة بكل قوتي نحو باب البيت لأهرب منها..
لا أعلم بأي قوة تمكنت من الحاق بي..
صحيح أني لست بتلك السرعة.. ولكن من البديهي جداً أن أي عجوز لن يقدر على الحاق بي..!!
ولكنها فعلت..!!
لوهلة من الزمن شعرت بأنها قد توقفت عن الحاق بي..
تاركةً العنان لصوتها البشع في نشر ضحكاتها الشيطانية من مكانها..
(( وما شأني أنا بها ..؟؟!! ))
تجاهلتها و أكملت الجري نحو الباب..
(( آآه اقتربت ))..!!
وه..!!
(( أين هو الباب ))..؟!!
يستحيل أن أخطأ في معرفة مكان باب الخروج لبيتي.. ولكني فعلاً لم أجده..
لم يكن مكانه غير جدار خال تماماً كخلو عقلي من الأفكار الآن..
(( بست..!! ))
التفت بطئ لأجدها واقفةً خلفي ممسكة بذات الفأس ولكنها لم تكن مبتسمة هذه المرة..
بل كانت فاغرة فاها لا تغلقه أبداً.. ولعابها يسيل منه إلى الأرض..
مصدرة أصواتا وهمهمات شيطانية لا معنى لها..!!
(( ههه..هههها .. هممها…!! ))
حاولت الهرب ولكنها كانت تحاصرني أينما ذهبت..
رافعة ذلك الفأس المرعب في وجهي..
(( منذ متى كانت تلك الساعة هناك..؟ ))
أخذت أباغتها حتى هربت من محاصرتها لي.. وانطلقت مسرعة إلى سطح البيت..!!
كنت أسمعها خلفي تصرخ بوحشية..
(( وكأني لمحت ساعة أخرى عند الدرج..!! ))
فتحت الباب المؤدية إلى السطح بقوة لأخرج إلى..
(( هاوية..؟!!! ))
لاشيء خلف الباب..!! غير الظلام التام..!!
لا شيء غير هاوية مرعبة… لا يوجد حدود لعمقها و بشاعتها..!!
(( بست..!! ))
(( هه..!! ))
لوهلة نسيت أمر تلك العجوز وأخذت أتأمل النتيجة التي انتهيت بها..
(( هل سأموت الآن ياترى..؟ ))
قبل أن أجد إجابة على سؤالي كانت قد دفعتني.. إلى تلك الهاوية..
إلى اللانهاية منها..!!
(( سأغمض عيني الآن حتى أرتاح للأبد. وأخيراً..))
سأرتاح..
(( …………. ))..!!
………………………… ……………….. ………..
الجزء الثآني الفصل 9
-9-
(( هل سأنجو..؟؟ ))
(هذا هو رقمي ان احتجتي لأي مساعدة )..
…….
(( أآه..ه ه…. ))
فتحت عيني بطئ..
(( آآه كم تؤلماني..!! ))
هاه..!!
(( مالذي جاء بي إلى هنا..؟؟ ))
كنت مستليقةً على إحدى أسرة المستشفيات..
وقد وضعت على جسدي العديد من الرباطات والأشرطة..
لم أكن أجرؤ على الحركة.. فلقد كان جسدي يؤلمني بشدة..!!
حاولت رفع يدي لأمسك برأسي الذي كاد ينفجر من الصداع..
حتى رأسي لم يسلم من هجوم الأربطة عليه..
(( أتشو..!! ))
آآآآآه لم أكن أعلم بأن العطاس مؤلم إلى هذه الدرجة..!!
(( هل استيقظتِ أخيراً..؟ ))
(( هه..؟ ))
كان واقفاً أمامي تماماً.. بنفس هيئته السابقة..
ولكنه هذه المرة كان مبالغاً في اخفاء وجهه بتلك القبعة الغريبة موجهاً وجهه إلى الأرض.. ولا أعلم لماذا..
إنه ذات الرجل الذي أتى لزيارتنا تلك اليلة.. وقام بشرح قصة ((هو)) لي..!!
مالذي جاء به إلى هنا…؟!!
(( لماذا لم تطلبي مساعدتي..؟ ))
حركت فمي لأتكلم ولكن أشار إلي بالسكوت وأكمل:
(( لم تجدي الرقم الذي اعطيتك إياه.. صحيح..؟؟ ))
نظرت إليه مندهشة غير قادرة على الكلام..
بطريقة أو بأخرى.. أنا أشعر بالخوف منه هذه المرة.. على عكس أول مرة قابلته فيها.. كنت أشعر بأنه قد يساعدني على الخلاص مما أنا فيه..
أخذ يكمل كلامه دون أن ينظر إلي مباشرة..:
(( ها أنا أتيت لأرى إن كنت تحتاجين للمساعدة. وأعتقد بل موقن بأنك تحتاجينها.. وحالك الآن أكبر دليل على ذلك .. ))
أخذت أتكلم بصعوبة قائلة:
(( أنا لاأعلم مالذي أتى بي إلى هنا أصلاً.. كل ما أذكره هو أني.. ))
(( بست..!! ))
(( آآآآها آآآآه,, ))
كانت تقف إلى جانبي ممسكة بمشرط كبير في يدها..!!
أخذت أشير إليها وأصرخ إلى ذلك الرجل قائلة:
(( إنها هي.. هي من دفعتني من عند الباب ))
قاطعني وهو لايزال ينظر إلى الأرض
(( وأنا من جلبك إلى هنا.. ))
((هاه..؟!! ))
أخذت أنظر إليهما ورأسي يكاد ينفجر من الأفكار التي تدور به..
(( هل هما متفقان ياترى,..؟؟!! ))
(( بست..!! ))
(( آآآه توقفي أيتها ال.. ))
لم أستطع أن أكمل كلامي.. لأنها وقبل أن أكمل..
وضعت المشرط أمام عيني.. وأخذت تحركه بطئ وهي تضحك ضحكتها الشيطانية البشعة..!!
(( كوني مطيعة وإياك أن تحاولي الهرب ))
(( ماذا..؟ أأنت معي أم ضدي..؟ مالذي تحاول فعله بي..!! أكنت تكذب علي…؟؟!! ))
لم يجبني..!!
وإنما ابتسم ابتسامة صفراء مرعبة وأعطاني ظهره وخرج..
تاركاً إياي وحدي مع هذه العفريتة الآدمية..!!
ما إن استقر ستار السرير من بعده..
حتى خرجت تلك العجوز ضاحكة بطريقة توحي بالشر..
أصبحت وحدي الآن..
إنها فرصتي الوحيدة للهرب..
ولكني لا أستطيع تحريك جسدي.. فعلاً لاأستطيع..!! يبدو وكأن سقوطي ذاك قد قضى على أعضاء كلها..
لدرجة عدم قدرتي على الكلام..
(( هل هذا هو ما أراده ((هو))..؟؟ ))
أن أموت مشرحة مقطعة إلى أجزاء على يد تلك القبيحة..؟!!
(( لن أسمح له.. ))
استجمعت قوتي وحاولت الجلوس على الأقل.. ولكني فعلاً لم أستطع تحريك جسدي..
فلقد كنت على الرغم من عدم قدرتي على تحريك أطرافي..
مربوطة إلى السرير بواسطة حبل متين.. متين جدا..!!
(( آآآآآآه.. ))
أطلقتها وكلي أمل في أن ينقذني أحدهم..
ولكن لا أمل.. لا أمل أب..
(( هههآآ… إهههآآهآآهآآهآآآآ..!! ))
(( وآآه..!! ))
لقد كانت تلك العجوز تقف إلى جانبي.. ولكن.. منذ متى..؟ كيف لم أشعر بها وهي تدخل.؟؟
كما أنها لا تزال تحمل ذلك المشرط المرعب..
(( هل كان مغطى بالدماء مسبقاً.؟؟ ))
أخذت تلوح بالمشرط فوق وجهي.. ثم أخذت تمرر به فوق جسدي بطريقة عشوائية
وهي تقتل ما تبقي في عقلي من أعصاب بضحكاتها الهستيرية المجنونة..
(( ههآآآآ يهآآآآههههه,,!!! ))
(( ابتعدي عني..!!! ))
هذا كل ما استطعت الصراخ به بكل قوتي في تلك الحظات التي أخذت أفكر فيها بجميع أنواع التعذيب الشيطانية التي يمكن لهذه العجوز والتي لا أشك بتخلفها العقلي ولو للحظة أن تطبقها على جسدي باستخدام مشرط مغطى بالدماء..!!
لماذا يجب علي أن أتحمل كل ه..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآ ..!!! ))
لقد فعلتها..!! لقد..
طعنت بطني بذلك المشرط..
(( هه ههه هههآآآآآ..!! ))
أخذت تخرج المشرط وتعيد طعني به بكل قوتها..
وما لبثت أن قامت بطعن قلبي..
(( هههي ههههأأ..!! ))
جسدي ينزف بغزارة.. ورائحة دمي أخذت
تعم المكان..
ولكني..
(( هههه ههآآأأأ هههههأأأ ))
ولكني لا أشعر بالألم أبداً..!!
(( ههه ههههه هه.. ))
بدأ صوت ضحكاتها يبتعد عن مسامعي أكثر فأكثر..
هل ذهبت وتركتني..؟
أم أني مت حقاً.؟؟
(( هذا ما أرجوه ))..
………………………..
ترن.. ترن..
(( هاه..!! ))
فتحت عيناي على صوت رنين الهاتف العالي..
(( منذ متى هذا الهاتف موجود في غرفتي..؟ أأ.. منذ متى أنا في غرفتي أصلاً..؟!! ))
(( أ..ألو..؟ مرحبا..؟ ))
(( وشا……زويتو… ش ))
(( ألو.. من يتكلم..؟ ))
(( ش.. ال …..ي…….و…م… شا… ))
(( ماذا..؟!! ))
(( تيت.. تيت.. تيت.. ))
قطع الخط..!!
كل ما تمكنت من سماعه هو كلمة (( اليوم ))
(( آآآآه..!! مالذي سيحصل لي اليوم أيضاً.. يا إلهي خلصني.. ))
رميت بسماعة الهاتف بعيدا عني.. ضممت جسدي إلي..
أرخيت رأسي وأخذت أبكي بشدة..
(( دموعك غالية.. ))
(( هاه,,.؟ ))
رفعت رأسي بسرعة لأجده أمامي.. ذلك الرجل بشحمه ولحمه..
ولكني.. كدت أصاب بالجنون عندما أدركت أن غرفتي وبطريقة ما.. قد أصبحت حمراء الون.!!
أخذ يكمل كلامه وهو لا يزال معطيا إياي ظهره ((أليس طويلا بشكل مخيف .؟!!))
(( لماذا تبكين..؟ أتبكين بسببه.؟.. يجب عليك الشعور بالامتنان لأنه اختارك.. اختارك أنتِ.. ))
(( اختارني لماذا…؟ ولماذا أنا بالذات..؟ ))
(( لا يحق لك أن تسألي.. هذا أمر يخصه وحده.. ))..!!
(( هاه..؟!! ومن هو ليختارني دون أن يسألني..؟!! ))
(( وهل سألته قبل أن تناديه ..؟!! ))
(( من..؟ أنآآ..؟!! أناديه..؟!! ولأي حاجة أريده.؟ ثم.. هل تراني أحب ما يفعله بي الآن.؟!! ))
(( هذا شيء يخصه.. له الأحقية بفعل ما يريد.. أما أنتِ.. فمجرد دمية يتسلى بها هو.. ))
لم أعرف بماذا أرد.. أخذت أنظر إلى جسدي الشاحب ولباسي المهترئ المغطى بالدماء..
لا أعلم مقدار الدموع التي بكيتها حتى وصلت إلى هنا.. ولكن الدموع التي أبكيها أصبحت بالنسبة لي.. متشابهة..
لوهلة تذكرت ما حدث بالأمس.. أو.. اليوم.. كلا لقد كان قبل قليل في ال.. لايهم..!!
(( لماذا تركتني وحدي مع تلك المجنونة..؟ ))
(( من.. أتقصدين شيرازكا.؟ خادمة الظلام .؟ ))
لم أجبه.. لأني وبمجرد أن عرفت اسمها أصابني الذهول..
كيف لتلك المخبولة أن تملك اسماً ..!!
أكمل كلامه قائلاً:
(( لقد كانت معي منذ أن تركتك لوحدك ))
(( ولكنها قد… ))
(( إنه ((هو))….. ))
(( ……………. ))
……………………
-10-
(( حياتي أو موتي كلاهما أصبحا واحداً بالنسبة لي ))
((يجب عليك الشعور بالامتنان لأنه اختارك.. اختارك أنتِ.. ))
(( ………… ))
(( ما بكِ.؟ هل أرعبتكِ.؟ ))
يا إلهي ما أغبى سؤاله..!! ثم.. هل يجدني في حال تسمح لي بالإجابة..
لقد كنت خائفة بطريقة جنونية.. أدت إلى إصابتي بالصمم..!!
لم أعرف ما أقوله.. لا أتذكر كم بقينا صامتين على هذا الحال..
ولكن لحظات صمتنا تلاشت عندما سمعتها..
(( تك.. تك.. تك .. تك.. ))
بكل هدوء وثقة.. وكأنها تحاول التلاعب بما تبقى فيّ من عقل..
(( تك.. تك.. تك.. تك.. ))
نظر إلي نظرة ذات معنى مبتسما ابتسامته الصفراء المعتادة..
لم أنتظر حتى يفتح فمه ليخبرني ما هو مصدر الصوت..
هرعت مسرعة لأفتح باب الحمام..
لأجدها أمام المرآة.. تشع لونا أحمر كالدم..
إنها ساعتي..!! التي ألقيتها في البحر.. ولكن كيف ع..
(( آآآه..!! ))
لقد.. لقد انفجرت ساعتي.. أو.. تحطمت..!! لا أدري..!! لقد تلاشت من أمامي تاركة خلفها بعض القطع الصغيرة إثر تفتها.. هذا لم يلفت نظري بقدر ما لفتني منظر مرآة الحمام التي أخذت تنزف دماً..!!
خرجت مسرعة لأرى ما إذا كان ذلك الرجل لا يزال في مكانه.. ولكنه اختفى هو الآخر..!!
هل لاختفاء ساعتي علاقة باختفائه.؟ هل من الممكن أن يكون هو.. ((هو))..؟
لم أستطع الوقوف مكتوفة اليدين.. أردت فعلا أن أعرف مالذي يحصل هنا.. إن كنت سأموت..
فافضل الموت وأنا أحاول على الأقل..
(( لا وجود لمرآة سليمة هنا ))
مرآة غرفتي والحمام.. متحطمتان تنزفان الدم..
لوهلة تذكرت الساعات الكبيرة التي رأيتها حين هروبي من تلك المجنونة قبل أن أسقط في الهاوية..
فتحت باب غرفتي لأجد إحداها أمامي.. لأول مرة أفرح حين رؤيتي لساعة منذ بداية هذا الكابوس..!!
أخذت أسحبها على الأرض بكل قوتي.. أردت أن أوصلها إلى أقرب مرآة مني..
سحبتها وضعتها أمام مرآة غرفة أمي.. ((هل كل الغرف ذات لون أحمر.؟! ))
ثم وقفت أنتظر أمام المرآة بكل ترقب..
(( هه..؟!! لم يحدث شيء..!! ))
بالتأكيد لن يحدث شيء.. الساعة تشير إلى العاشرة والنصف..
وكابوس ما يسمى ب ((هو)) لن يبدأ إن لم تكن تشير إلى الثانية عشر تماما.. لا أعلم إن كان يبدأ أو ينتهي.. فلا فرق معي.. منذ أن حلت علي هذه العنة وأنا لا أستطيع التفريق بين الماضي والحاضر.. الأمس واليوم..
لحظة..!!
خرجت مسرعة أتفحص الساعة الأخرى التي رأيتها بالأسفل عند بداية الدرج.. ((جميع أركان البيت ذات لون أحمر..!!))
نظرت إليها فإذا بها تشير إلى الخامسة والنصف.. صباحا أم مساء لا يهم.. المهم أنها بتوقيت مختلف عن الأخرى..
رائع يمكني الآن أن أغير عقرب الساعة إلى منتصف اليل.. وبذلك أكون قد نجح..
(( طاخ..!! ))
(( هه..؟ ما هذا ..؟!! ))
صوت زجاج يتحطم..!! وبقوة..!!
عدت إلى الغرفة التي وضعت بها الساعة أمام المرآة.. كنت أركض وأدعو الله في قلبي لا يكون ضر قد أصاب الساعة.. فهي أملي الوحيد لمعرفة نهاية هذا الكابوس..
ولكن حصل ما توقعته..!!
الساعة محطمة إلى أشلاء تماما أمام المرآة التي أخذت تنزف الدم من بين زجاجها المكسور..
أخذت تنزف بطئ شديد..
(( لكن.. لماذا الدم.؟!! ))
(( تسألين لماذا الدم..؟ ))
(( هاه..؟ ))
شهقت ناظرة خلفي لأجده واقفا وبكل ثقة..
(( ((هو)) يريد منك العبور بنفسك.. ))
(( وكيف لي أن أعبر.. ثم.. ما أدراك أنت بما يريده ((هو))..؟!! ))
(( مادام قد اختاركِ فهو يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك.. ))
(( بدمي..؟!! ))
نظرت إلى المرآة المحطمة.. رعبني منظرها الدامي جداً..
(( وكيف..؟ ))
اقترب مني وأمسك بيدي اليسرى دون أي تحفظ..
قربها إليه.. ثم قام بقطع وريدها بسرعة بسكين حادة لا أدري من أين أخرجها..
لم أشعر بنفسي إلا عندما لامس الدم وجهي.. وتطايرت قطرات دمي بغزارة شديد..
(( لماذا..؟ ))
أخذ ينظر إلى الأرض المبلة بالدماء وهو لازال يبتسم ابتسامته الخبيثة..
(( ل.. م..ذ..ا .. ))
بدأت الرؤية تصبح صعبة بالنسبة لي.. أعلم تماما بأني ملقية على الأرض الآن..
لا أرى سوى الظلام.. لا أمل بأن أعيش بعد هذا الجرح العميق في وريدي..
أصبح التنفس صعبا بالنسبة لي.. استسلمت وتوقفت عن الحركة تمام..
هأنا أفقد وعي بطئ شديد..
(( ………………. ))
………..
(( مفتاح واحد فقط سيوصلك إلى الحقيقة.. روحك التائهة في هذا المكان ستجد مستقرها إن عثرت عليه.. و (( هو )) سيعذب بلعنته إلى الأبد ))
……
(( هاه.!! ))
استيقظت مرعوبة.. أتنفس بسرعة جنونة..
(( أين أنا..؟ ))
أخذت أنظر حولي لأتبين معالم المكان..
إنها هي.. نفس الغرفة السابقة.. بطرازها القديم.. الذي يوحي بجو القلاع القابض للنفس
(( هل هي قلعة فعلا.؟ ))
والمدفأة التي أخذت النيرآن تتراقص داخلها.. لتكون ظلالا مرعبة تلعب في أنحاء الغرفة..
أغطية السرير المخملية الحمراء.. وستائره التي أخذت تتدلى من فوق أركانه..
ولباسي..!! ((منذ متى أرتدي هذا القميص..؟!ّ!))
كان ذي لون أبيض لؤلؤي.. وملمس حريري رائع..!!
كل الأشياء في هذه الغرفة بما فيها أنا.. كل شيء.. لا يدل على خير أبدا..
(( أشعر أن شيئا ما سيحصل قريبا.. قريبا جدا ))..
تحركت لأنزل من فوق ذلك السرير الكبير.. ((آه كم الأرض باردة ))
نظرت إلى ذات الباب الكبير..
في أول مرة جئت إلى هذه الغرفة كنت خائفة جدا من فتحه..
أما الآن.. فلقد فتحته دون أي تردد أو خوف..
فلا سبيل آخر للنجاة غيره.. أنا موقنة بأني سأجد حلا لما أنا عليه إن خرجت من هذه الغرفة..
فتحت الباب بطئ.. بصراحة..
كنت أحاول تهدئة نفسي حتى لا أفزع إن سمعت كلمة (( بست..!! )) فجأة قبل أن أنهي فتحي للبا.!
ولكني أحمد الله أني خرجت من الغرفة وقفت أتأمل ما وراء بابها دون أن أسمع تلك الكلمة..
الجو ضبابي بشدة.. كما أن هناك الكثير من الأركان التي لم تكن واضحة بالنسبة لرؤيتي.. فلقد كان الظلام قد إلتهمها كلها..
كان هناك درج يؤدي إلى نهاية مجهولة.. فلم تكن نهايته واضحة بسبب الظلام الذي أخذ يكسوها..
وحول هذا الدرج.. مساحة كبيرة تتخا بعد الممرات المظلمة وأبواب بعض الغرف التي أجهل ما بداخلها..
أنفاسي تتحول إلى بخار كلما تنفست.. وقدماي باردتان تماما..
لا أدري.. هل الجو بارد حقا..؟ أم أني مرعوبة إلى درجة أن أعصابي قد مات فلم أعد أشعر بشي إلى أن تجمدت.؟
أخذت أمشي أول خطوتين لي بعد خروجي من تلك الغرفة.. قاصدة بداية الدرج (( لماذا اخترت الدرج..؟ لا أدري))..
لم أكمل خطوتي الثالثة حتى سمعت صراخها
(( آآآهآآ.. آآآآآآآآآآآه… ))
كانت تصرخ بشدة..
(( آآهآآهآآهآآآآآآآآآآ..!!! ))
لا أعلم كيف ركضت بكل سرعتي وفتحت باب إحدى الغرف التي أمامي..
وجدتها جالسة على ركبتيها محنية رأسها إلى الأرض.. تبكي..!! تبكي بشدة..
(( آآآهآآهآآآآآآآآ ))
اقتربت منها بطىء.. ما إن أمسكت كتفها حتى رفعت رأسهأ بسرعة وأخذت تصرخ..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآع.. ! ))
أخذت تتقيأ دما أسود الون بغزارة..!! كان يخرج من فمها وكأنه يضخ ضخاً إلى الأعلى..!!
(( أأعأأع,,!! ))
وقفت على ساقيها المتهالكتين لتمشي متجهة إلي بخطوات سريعة.. وهي لا تزال تتقيأ.
(( آآآآآآآه ))..!!
أخذت أبتعد عنها بسرعة..!!
رأسها أخذ يتدلى فوق جسمها النحيل يمنة ويسرى.. لم أستطع أن أرى وجهها بوضوح فقد كان شعرها يغطيه تماما..
(( إيع إي. آآآآآع..!! ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآه ))
صرخت مبتعدة عنها.. أردت أن أخرج بسرعة لأعود إلى تلك الغرفة.. لا يهمني ماهي ومن تكون..!!
أريد أن أخرج من هنا حالا..
و.. ولكن..
(( أين الباب..؟ ))..!!!
الجزء الثآلث.. الفصل 11..~
-11-
((مادام قد اختاركِ فهو يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك.. ))
(( بدمي..؟!! )) ..
………………………… ………….
(( يا إلهي مالذي سأفعل.. ))
(( آآآآآآآع ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآهآآآآآآآآآآآآآآ آآآآ ))
أخذت تتقيأ علي..!!
لأول مرة أقابل فيها قيئا يحرق ما يلامسه كهذا.. جسدي أخذ يحترق بطيء..
(( آآآآه ))
أخذت أصرخ من كل قلبي وأنا أحاول أن أهرب منها.. أن أجد أي باب لم ألاحظه سابقا..
ولكن المصيبة هي أن هذه الغرفة خالية من كل شي تمام.. غيري أنا وهذه المسخ ونافذة زجاجية مكسورة.!!
لحظة..!! نافذة..
هرعت إليها أحاول فتحها بسرعة قبل أن تلحق بي تلك الوحش..
(( هيآآآ ))..
حاولت بكل قوتي فتحها.. ولكنها كانت عالقة تماما.. (( آآه ))..
رائع..!! لقد تمكنت فتحها.. بعد أن سقطت أرضا..!!
قد تظن بأنه لا مشكلة في ذلك.. لأقف وأكمل لأرى ما خلف تلك النافذة صحيح..؟
المشكلة التي منعتني من ذلك ستخيب ظنك تماما.. أتسأل لماذا.؟
لأني لم أتمكن من الوقوف على قدمي مطلقاً..!!!
……..
ساقاي متضرتان تمام إثر تقيؤ تلك المسخ علي.. كما أن بعض أجزاء الحم بها قد تفت..
إقتربت هي مني بكل سرعتها لاهثة ..
(( إيه إيه.. ))
(( آآه ))
أحنيت رأسي لأغطيه بذراعي..
ما أن تهيأت لتلقي بما تبقى في جوفها من قيء فوق رأسي لتقتلي..
أخذ برق هائل يضرب بكل قوته.. شعرت وكآن الأرض ستشق تحتي لشدة صوته..
(( دوم ))
رفعت رأسي نحوها..
لأرى وجهها القبيح ولأول مرة.. (( إنهآ بلا أعين..!! ))
تنظر إلى النافذة
فاغرة فمها الكبير.. ومخرجة لسانها الأسود..
لترفع وجهها إلى السقف..
تنبهت حينها إلى ظل شي يكمن خلف النافذة.. ((إنها تمطر بغزارة شديدة..!! ))
أدرت نفسي اتجاه النافذة بسرعة لأرى ذلك الشيء .. ولكنه كان قد اختفى..
(( هه..؟!! ))
توقف البرق فجأة..!! والمطر أيضاً..!!
(( ولكن كي.. )) نظرت خلفي لأجد الغرفة خالية تماما من أي شيء سوانا نحن الإثنين..
الباب.. وأنا..!!
تلفت حولي لأتأكد من عدم وجود تلك المسخ.. نظرت إلى ساقاي فإذا بهما سليمتان تماما..!!
(( آآه ))..
تنهدت بغرابة..!! لم أكن أعرف هل تنهدت بسبب الحزن.. أم القلق.. أم الغضب..
أعتقد أني قد تنهدت بسبب كل شي..!!
مشيت بطئ نحو الباب الذي دخلت منه..
فتحت الباب لأنظر بترقب لما خلفه.. من الجيد أن كل شي قد كان كسابق عهدي به..
(( طآآآآآآآآآآآآآخ ..!! ))
(( هآآه..!! ))
ما إن وضعت قدماي خارج الغرفة حتى أغلق الباب نفسه خلفي بقوة شديدة..
تاركا بقوته صدى مرعبا أخذ يدوي في أرجاء المكان..
……….
مشيت بضع خطوات متجهة نحو أول غرفة كنت بها..
الخوف الذي تملك قلبي إثر آخر شيء رأيته.. سلب مني قدرتي وإرادتي على الإستمرار..
(( أريد أن أموت هناك.. ))
هذا ما أردته..
ما إن اقتربت من الباب لأفتحه.. حتى سمعت أصواتهم..
(( هههههههه ))..!!
(( هه..!! من هنا ؟!! ))
تركت مقبض الباب وتراجعت حتى أجعله خلفي..
(( ههههههههه ))..!!
(( من..؟!! ))
أخذت أتلفت حولي.. محاولة العثور على شيء يدلني إلى مصدر هذه الضحكات الطفولية..
ولكن الظلام كان يتلاعب بأعصابي كما أخذت الظلال تتلاعب بأركان ذلك المكان..
(( هههههههههههه..!! ))
أخذت ألهث خائفة في مكاني أحاول التفكير بطريقة للهرب..
بينما كنت أحدث نفسي..
(( إنها المرة الأولى التي أخاف فيها صوت الأطفال وضحكاتهم..!! ولكن هذه المرة.. ليست كل مرة..!! هناك شي غريب في أصواتهم..!! ))
اقتربت من بداية الدرج..
(( إنهم هناك.. بالأسفل.. !! ))
نظرت حولي.. إلى باب الغرفة التي كنت فيها..
(( هل أنزل يا ترى.؟))
لم أستطع أن أجيب لنفسي إجابة مرضية.. ولكنها لم تتعبني في النهاية..
هل تعلم حب النفس البشرية لمعرفة المجهول.؟ حبها لتعذيب نفسها حتى تموت رعبا..؟!!
أنا (( نفسي..!! )) قد أصبت بهذا الداء في تلك الحظة..!!
خطوت وبكل حذر أولى خطواتي نازلة إلى حيث لا أعلم..
الدرج من فوقه إلى تحته كان مظلما.. مظلما تماما.. ما عدا الدرجتين الأولى التي خطوت عليهما بخوف شديد..
ما أن استقرت قدماي على الدرجة الثانية حتى امتدت يد صغيرة إلي مخترقة سواد الظلام..!!
الجزء الثالث.. الفصل 12..~
-12 –
(( نهايتي.. ))
(( هل تصاب معي بلعنته..؟ ))
…………
(( آآآآآآه..!! ))
صرخت فزعة ..!! لم أتوقع أن يحصل لي شيء كهذا فجأة..!!
كانت بيضاء شاحبة.. شاحبة تماما..
أخذت أنظر إلى اليد في انتظار أن يكشف صاحبها عن وجهه.. ولكنه لم يفعل..
(( هه..!! ))
إنها تلوح لي..!! اليد تلوح لي بالإقتراب..
لم أجد مهربا من أن أقترب لأضع يدي بها.. ما أن لمستها حتى..
(( أوه..!! إنها باردة جد… آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه..!! ))
لقد.. لقد سحبتي..!!
بقوة مذهلة..!! لا أعلم مالذي يحصل لي الآن.. ولكني أسقط.. أسقط إلى المجهول..
واليد لا تزال ممسكة بي بقوة.. أعشر وكأنها ستظل ممكسة بي هكذا إلى الأبد,,
وفجأة..
(( آآآآه..!! ))
ها قد هبطنا بسلام..!! صحيح أني ارتطمت بالأرض بقوة فظيعة.. حتى كدت أجزم أن صوت الإرتطام ذاك ما كان إلا صوت تحطم عظام جسدي.. ولكن..
هل تسمح لي بالقول بأني أظن أني قد ظنت في تلك الحظة أني ميتة منذ زمن..؟
لم أشعر بأي ألم.. أليس رائعا,..؟!! أن أعيش كل هذه الحظات القاتلة دون أن أشعر بوخزة دبوس..
أهي بلادة مني أن برود.. أم أن أعصابي قد مات قبلي.؟
أعني.. آآ.. هل فهمت شيئا..؟!!!
على كل حال..
لقد تركتي تلك اليد الآن.. تاركة في يدي أثرا واضحا لأصابعها..
لقد كانت أصابع صغيرة جدا.. ولكنها قوية بطريقة غريبة لا تصدق.. لم أعد أستغرب شيئا على كل حال..!!
حاولت الوقوف وإعادة التوازن إلى جسدي المحطم..!!
(( واه..!! ))
يالها من قاعة كبيرة.. كبيرة جدا..
لا شي فيها غيري وغير كرة صغير بالوسط..
لم أتبين نهايتها بسبب الظلام الذي كان قد استولى على معظم أركانها كالعادة..
اقتربت بطء نحو تلك الكرة.. لأكتشف في جزء من الثانية أنها قد بدأت تتحرك..!!
تقفز وتدحرج..!!
كانت تتحرك أمامي وكأنها تطلب مني أن أتبعها..
أخذت أقترب منها شيئا فشيئا.. فوجدت أنها كلما اقتربت منها.. كانت تتحرك باتجاه الأمام..
(( إلى أين تأخذني يا ترى ))
أخذت أتبعها وكلي قناعة بأنه لا شي آخر أفعله.. غير أن شعورا ما داخل قلبي كان يشعرني بأن شيئا ما سيحصل قريبا.. قريبا جدا..
لم ألبث أن أسافر في عالم أفكاري حتى قطعت علي تلك الكرة رحلتي..
لأنها كانت قد دخلت في إحدى البقع المغطاة تمام بالظلام واختفت داخلها..!!
(( طراخ..!! ))
(( آآآآآآآآه ..!! ))
صرخت من كل قلبي إثر ذلك الصوت الهائل..
لقد كان الصوت صادرا من أمامي.. من المكان الذي دخلت إليه تلك الكرة الصغيرة..
هل هو مدفع..؟ لاآآ هل هو انفجار..؟ لاآآآآآآ
هل هو باب..؟ هه..؟!!
اقتربت مسرعة إلى حيث دخلت الكرة.. مدت يدي لأشعر بمقبضه.. ما أن أحكمت قبضتي عليه حتى أشتعلت جميع الشموع في تلك القاعة الكبيرة..
( هه..!! )
لقد كانت كبيرة جدا ذات قبة مزخرفة بطريقة شيطانية في سقها الهائل..
كما أن ضوء الشموع الكثيف أعطاها طابعا سوداويا مثل الذي نراه في أفلام الرعب بالسنيما..
أما ذلك الباب.. أعني.. البوابة..!!
فلقد كانت ضخمة إلى حد لا يمكني وصفه.. بل إني تسائلت للحظة كيف سأفتحه..
أحكمت فبضتي على مقبضها مرة أخرى وأخذت أحاول فتحه
(( لا تفتحيه..)) ..!!
صوت ما بداخلي أخذ يلح علي بعدم فتحه..
(( إنه يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك ))
(( هآه..!! ))
تركت مقبض البوابة ما أن تذكرت تلك الكلمات..
أخذت القشعريرة تجري في سائر جسدي المتهالك..
(( لماذا..؟ ))
تسائلت بيني وبين نفسي..
(( لماذا.. أنا..؟ ))
أخذت أنظر إلى تلك البوابة الكبيرة.. ثم تأملت منظر القاعة من حولي..
(( لا أريد البقاء وحدي في هذا المكان ))..
أردت أن أفتح البوابة من كل قلبي.. أريد أن أخرج من هنا.. أو أجد حلا لما أنا عليه..
أن أموت وأنا أحاول أفضل لي من أن أم..
(( بست..!! ))
(( آآآآه..!! ))
إنها هي.. تلك الشيطانة العجوز.. شيرازكا..!!
كانت تنظر إلي بنصف وجهها القبيح من خلف تلك البوابة..
ملوحة لي بتلك الكرة الصغيرة وعلى وجهها إبتسامتها الشيطانية التي لا تزول عنه أبدا..
ما رعبني أكثر هو منظر الكرة..
لقد كانت ممزقة تنزف دما..!! كيف هذا..؟!!
((آآآآه…!! ))
رمت بالكرة علي.. ثم مشت من خلف البوابة وهي تضحك بأعلى صوتها النشاز..
ثم.. ما هذا الصوت..؟
( آآآآآآآآهآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآ ))
رميت بالكرة بعيدا عني..!!
أخذت أصرخ وأبكي كالمجنونة..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآهههه هآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآ ))..!!
فلقد كانت تلك الكرة تبكي بكاء طفل صغير..!!
ما أن رميتها على الأرض حتى أخذ بكاء ذلك الطفل يزداد
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآ ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآهآ آآآآآآآآآ ))
لم أجد مهربا من صوت بكائه الحاد المرعب.. كلما حاولت سد أذني حتى لا أسمع شيئا.. يزداد الصوت ارتفاعا..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآ ))
(( آآآآآآآآههآآآآآآآآآآآآآآآ ))
أخذت أصرح بكل قوتي. لا أريد أن أستمع إلى صوت بكائه.. ولكنه كان يزداد سوءا كلما حاولت الصراخ بشدة أكبر..
ارتميت على الأرض من شدة الألم الذي اعترى أذني..
لم أعد أسمع سوى صراخ ذلك الطفل الحاد..!!
(( آه.. آآه.. ))
أخذت أتنفس بطء.. أشعر بخدر في أجزاء جسدي.. لم أعد أشعر بشي غير برودة الأرض من تحتي..
حتى صوت بكاء ذلك الطفل اختفى.. اختفى تماما.. ثم..
اختفى كل شي..
((………………………. ….. ))
………
-13-
(( إنه.. (( هو )).. ))
(( لماذا أنا ..؟ ))
………..
(( مفتاح واحد فقط.. سيكون مفتاحا لنهايتك.. نهايتك التي سبقك إليها الكثيرين.. نهايتك على يد (( هو )) ))
…………
فتحت عيناي إثر لمسات يدها الصغيرة.. شديدة البرودة..
كانت تنظر إلي بكل برود بينما تتحس وجهي بأصابعها الشاحبة الون..
(( شاحبة..؟!! ))
نهضت لأكتشف بأني في تلك الغرفة نفسها.. ذات الستائر الحمراء والمدفئة.. لكن النار بداخلها كانت مطفئة هذه المرة..
كانت لا تزل تنظر لي بالبرود ذاته.. كانت عينانا ملتقيتان تماما..
كنت أنظر إليها بكل خوف.. فملامح وجهها لم تكن تدل على الأمان والطمأنينة بالرغم من أنها طفلة..!!
كانت ترتدي قميصا مماثلا للذي أرتديه.. غير أنه ذي لون أحمر كالدم..
عيناها شفافتان كالزجاج.. شعرها أسود كاليل.. شفتاها ذات لون أزرق مائل للسواد.!
هممت أن أسألها من تكون.. ومالذي تفعله هنا..
ولكنها قطعت علي حبل أفكاري حين سحبتني من فوق السرير بكل رفق..
(( أأ.. لحظة.. إلى أين.؟ ))
لم ترد علي.. بل استمرت بسحبي.. أتريد أن تريني شيئا ما يا ترى.؟
ما إن فتحت باب الغرفة حتى صدمت لما رأيته خارجها..
إن جميع الشموع مضاءة..!! يمكني رؤية ملامح المكان بطريقة جيدة..
كنت أتأمل ما حولي مستسلمة لتلك الصغيرة.. فلتسحبني أينما تشاء..
كانت تقودني إلى حيث الدرج.. تريد مني النزول..
توقفت للحظة. تذكرت فيها ما حصل لي من قبل عندما نزلت خلف تلك الكرة..
أخذت أنظر إليها والقلق يملئ قلبي.. (( لا أريد النزول ))
ولكن تعابير وجهها لم تتغير. ظلت كما هي تنظر إلي بعينيها الشفافتين ممسكة بيدي تسحبها وتحثني على النزول..
لم أجد مهربا من أن أتبعها..
نزلت خلفها الخطو تلو الخطوة أدعو الله أن لا يحصل شي مفاجئ يقضي على ما تبقي لدي من أعصاب..
أريد أن أنجو من هذا الكابوس وأنا بكامل قواي العقلية..
أنهينا نزول ذلك الدرج الكبير.. وصلنا إلى تلك البوابة الكبيرة السابقة..
لازالت تمسك يدي بنفس الإصرار.. تمسكها بطريقة تجعلني أشعر وكأنها لن تتركها أبدا..
اقتربت من البوابة و وضعت يدي على مقبضها.. و وقفت تنظر إلي نظرات ذات معنى..
(( أ أفتحها .؟ ))
سألتها وأنا متأكدة من أنها تعني ذلك.. ولكنها لم تبدي أي فعل يدل على الإيجاب أو النفي..
بل استمرت في النظر إلي..
أحكمت قبضتي على مقبض تلك البوابة.. أغمضت عيني.. تحليت بالقوة وفتحتها..
صحيح أنها ثقيلة بعض الشيء.. ولكني لم أجد تلك الصعوبة أثناء فتحها..
غير صوت الصدأ الذي أخرج يصرخ بين مفاصلها.. لقد كان بشعا جداً..
ما أن فتحت تلك البوابة تماما حتى أطفئت جميع الشموع التي كانت تنير المكان خلفنا.. لتشعل الشموع في المكان خلف البوابة.. و..
(( هه.. لحظة إنتظري.. إلى أين أنتي ذاهبة..؟ عود..))
لم أكمل كلماتي حتى اختفت عن ناظريّ تماما.. لقد هربت تلك الصغيرة ولا أدري لماذا..
أهناك شي مآ سيحصل..؟ أم أنها أوصلتني إلى هنا لأنها مكلفة بالقضاء علي..؟
(( آآآآه ياربي..!! ))
الرعب الذي اجتاحني تلك الحظة جعلني أدخل مسرعة إلى ماوراء تلك البوابة لأغلق بابها على نفسي..
أردت أن أشعر بالأمان ولو لحظة.. صحيح أنه مستحيل في مثل هذا المكان.. ولكني أردت أن أشعر نفسي بذلك..
ما أن أغلقت الباب علي.. وأدرت ظهري إلى حيث محتوى ذلك المكان..
حتى فوجئت تماماً..
هروب تلك الفتاة و إطفاء تلك الشموع شغلني عن معرفة محتوى هذا المكان قبلا..
بالنسبة للإضاءة. فلا شيء غير الشموع طبعا ولكن محتوى هذه الغرفة فاجئني إلى حد كبير..
فلقد كانت مكتبة.. مكتبة كبيرة جداً..
مكتبة تحوي ألاف الكتب والمجلدات..
(( يا لهذا المكان ..!! ))
أوراق مرمية هنا وهناك.. كتب قد مزقت إلى صفحاتها وتطايرت في أرجاء المكان..
مجلدات بلا أغلفة.. إن الفوضى تعم هذا المكان تماما..
أشعر وكأنه لا مكان يسع كعب قدمي..
أخذت أمشي بحذر محاولة الدخول أكثر والتعرف على أرجاء تلك المكتبة..
رفعت أحد الكتب الملقاة أمامي.. أردت أن أتبين بأي لغة قد كتب..
ولكنه لم يكن يحتوي على شيء.. صفحاته فارغة تماما.. رميته كما كان و أخذت أتصفح غيره..
أغلب الكتب كانت تحمل لغة غريبة وطلاسم لم أرى مثلها في عمري..
وعلى الأرجح أنها تتكلم عن السحر..
هناك العديد من صور الأعضاء البشرية ودمى القش.. وحيوانات غريبة لا وجود لها على الإطلاق..
أيمكني القول أنها تتحدث عن السحر الأسود بالتحديد..؟
أو بالأحرى..
أيمكني القول أن جميع الكتب هنا على مثل هذا المنوال..؟؟!!!
لوهلة تملكني الرعب والرغبة في الهروب من هنا.. أصبحت أشعر بعدم الطمأنينة أبدآ..
وقفت لأخرج مسرعة من تلك المكتبة حتى لفت نظري منظر ذلك الكتاب الضخم..
كانت في آخر المكتبة.. في زاوية مظلمة تماما لا تنيرها غير شمعة صغيرة لا تكاد تنير غير ملامح الكتاب فقط..
راودني ذلك الصوت الغريزي الملح في الاقتراب من ذلك الكتاب.. لا أعلم لماذا..!!
كنت خائفة جدا من الأجواء المحيطة به..
أسرعت إلي أقرب شمعة مني وحملتها..
من الجيد بأنها قد وضعت على شمعدان صغير.. أعتقد بأنها المرة الأولى التي أمتدح فيها شيئا ما منذ أتيت إلى هذا الكابوس..
أمسكت بشمعتي جيدا وأخذت أمشي بطء شديد وترقب أشد إلي حيث كان ذلك الكتاب..
كلما اقتربت منه كلما تعرفت على المزيد من معالمه أكثر..
كان غلافه ذي لون أحمر قاتم.. وعليه رسومات وزخارف لتنانين التفت حول بعضها بطريقة شيطانية..
وقد كان يحيط به سلسلة معدنية صدئة كبيرة جدا..
تيقنت من أمر السلسلة عندما وجدت نفسي أقف أمام ذلك الكتاب الضخم..
مدت يدي أحاول إبعاد تلك السلسلة الضخمة.. ولكني لم ألبث أن وضعت يدي عليها حتى سقطت على الأرض لتتحطم إلى أشلاء صغيرة بسبب الصدأ..
أصبح منظر الزخارف والتنانين المرسومة على غلاف الكتاب أكثر وضوحا..
لقد كانت عبارة عن تنينين أرتبط طرف كل منهما بفم الآخر.. والزخارف المحيطة بهما عبارة عن شعل نارية..
مجرد النظر إلى غلاف الكتاب يصيبك بالهلع والخوف من تصفحه..!!
ولكن بالنسبة لي.. وأنا بهذه الحالة.. فلا مانع لدي إن كان سيساعدني على الخروج من هنا..
أغمضت عيني وفتحت الكتاب..
في البداية.. لم أنتبه إلى ما كتب بقدر ما لفت نظري لون الحبر المستخدم في الكتابه.. لقد كان هو أيضا ذي لون أحمر قاتم.. و.. (( إف..!! )) هناك رائحة مقزة تصدر من صفحات الكتاب..
لحظة..!! أيمكن أن..
(( هاه..!! ))
شهقت خوفا من أن يكون تفكيري صحيحا..!! لم أستطع منع نفسي من دفع الكتاب بعيدا عني حتى سقط أرضاً.. شعرت بالدوار لوهلة ثم تقيأت من شدة القرف..!!
(( أيمكن أن يكون دماً..!! ))
مستحيل..!! كيف لذلك أن يحدث..!! بالدم…!! من أين لهم بكل هذا الدم الذي ملئوا به تلك الصفحات..؟!!
هذا أولاً.. ثانياً..
أيهيأ لي أم أن الشموع داخل المكان قد بدأت تطفأ واحدة تلو الأخرى بالتدريج..؟
في جزء من الثانية قفزت إلى الكتاب وحملته لأحاول تصفحه مرة أخرى خوفا من أن يلتهمني الظلام قبل أن أنتهي من معرفة ما بداخل الكتاب..
فتحته.. حاولت قدر الإمكان إيقاف دموعي التي أخذت تنهمر لتلك الرائحة المقزة..
مجرد التفكير في أنه قد يكون دماً بشريا يشعرني بالرعب..!!
كان الكتاب يروي قصص معينة بتواريخ عديدة..
كل صفحة كانت تحمل تاريخا معينا كتب تحته بضع سطور..
ولكن ما أجبرني على التوقف عنده كان كالتالي..:
((فرانشسكا 1876 م..
الثامن والعشرين من أبريل.. ))
إنه..
((كين ورمان..
في السادسة والأربعين من عمره.. ))
إنه..
((صرخ صرخته الأخيرة.. صرخةً آتية من قلب الجحيم..
وصمت بعدها إلى الأبد… ))
(( إنه (( هو )) ))..!!!!!
وبالطبع ارائكم تهمني………………..
……..