الذكر جلاء القلوب يزيل صدأ الغفلة و الذنب عن القلب و يحصنه و يحفظه و يقويه و يعينه على العبادة ، و فضائل الذكر لا حصر لها في الآيات و الأحاديث ،، و من علامات النفاق قلة الذكر ، فالمنافقين يذكرون الله
. لكن قليلا . فقد قال الله تعالى:
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}
(142) سورة النساء
فالزم أخي و أختي في الله ذكر الله لتنعم بذكر الله لك و معيته عز و جل فلا تسقط في حبائل الشيطان ، و تذكر ما كان عليه سلفنا الصالح في ذكر الله و أورد لك هنا مثالين فقط و الأمثلة أكثر من كثيرة :
– عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: ما صيد من صيد و لا قطع من شجر إلا بتضييعه التسبيح.
– و عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة و في الذكر و في قراءة القرآن ، فإن وجدتم و إلا فاعلموا أن الباب مغلق.
اخترت لك هذه المرة أحد هذه الأذكار و هو أحب الكلام إلى الله عز و جل .
الذكر غذاء الأرواح وحبيب الرحمن ورفعة العابد وجلاء الهموم
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
فقلوب المحبين لا تطمئن إلا بذكره وأرواح المشتاقين لاتسكن إلا برؤيته، قال ذو النون: ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة الا برؤيته.
فلسفة الذكر: ليس الذاكر من قال سبحان والحمد لله وقلبه مُصِر علي الذنوب، وإنما الذاكر من إذا هم بمعصية ذكر مقامه بين يدي علام الغيوب،
يقول ابن القيم: محبة الله تعالي ومعرفته ودوام ذكره والطمأنينة إليه وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة بحيث يكون هو وحده المستولي علي هموم العبد وعزماته هو جنة الدنيا والنعيم الذي لا يشبهه نعيم، وهو قرة عين المحبين وحياة العارفين.
يروي أن موسي عليه السلام قال: رب أي الأعمال أحب إليك أن
اعمل به؟ "قال تذكرني فلا تنساني"
وقال الربيع بن انس عن بعض أصحابه: علامة حب الله كثرة ذكره
فانك لن تحب شيئا الا أكثرت ذكره.
بعض فوائد الذكر:
1- يرضي الرحمن عز وجل.
2- يزيل الهم والغم عن القلب.
3- يجلب الرزق.
4- ينور الوجه والقلب.
5- يورث الإنابة والقرب من المولي عز وجل.
6- يورث الهيبة للرب عز وجل.
7- يورث ذكر الله تعالي له كما قال (فاذكروني أذكركم ) ولو لم يكن في الذكر الا هذه وحدها لكفي بها فضلا وشرفا
8- الذكر نور للذاكر في الدنيا ونور له في قبره ،ونور له في ميعاده، يسعي بين يديه على الصراط .
أحب الكلام إلى الله:
و هذا الذكر هو أحب و أفضل الكلام إلى الله و هو أحب لنبينا عليه الصلاة و السلام من الدنيا.
فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت .. .
رواه مسلم و ابن ماجه و النسائي وزاد وهن من القرآن
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس
رواه مسلم و الترمذي
الباقيات الصالحات:
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر .. أربع كلمات.
أربع كلمات لهن من الفضائل و الأجر ما لا يعد و يحصى . يكفيك تعلم أنها أحب و أفضل الكلام إلى الله عز و جل.
قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ
الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
(46) سورة الكهف
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف: الباقيات الصالحات الصلوات الخمس. وقال عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير عن ابن عباس: الباقيات الصالحات سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر ،، ثم أورد ما يوافق أنها الكلمات الأربع فيما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه و سعيد بن المسيب و قتادة و مجاهد .
و في تفسير الجلالين: (الباقيات الصالحات) هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر زاد بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
و قال العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان: وأقوال العلماء في الباقيات الصالحات كلها راجعة إلى شيء واحد، وهو الأعمال التي ترضي الله، سواء قلنا: إنها الصلوات الخمس، كما هو مروي عن جماعة من السلف. منهم ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبو ميسرة، وعمرو بن شرحبيل. أو أنها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وعلى هذا القول جمهور العلماء.
و قال عز و جل: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا}
(76) سورة مريم
و يوافق ما قاله جمهور من العلماء و طائفة من السلف كثير من الأحاديث منها:
المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خذوا جنتكم ، قالوا يا رسول الله عدو حضر ، قال: لا ولكن جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مجنبات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات
رواه النسائي واللفظ له والحاكم والبيهقي وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم و حسنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب م2
غرس الجنة:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو يغرس غرسا فقال يا أبا هريرة ما الذي تغرس قلت غراسا لي قال ألا أدلك على غراس خير لك من هذا قال بلى يا رسول الله قال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
رواه ابن ماجه و صححه الشيخ الألباني
و هذه رسالة الخليل ابراهيم عليه السلام لنا أمة محمد صلى الله عليه و سلم . فعن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
رواه الترمذي و حسنه الشيخ الألباني
و رواه الطبراني و زاد: و لا حول و لا قوة إلا بالله
زيادة للحسنات و حطة للخطايا:
عد كما تشاء . كم من الحسنات أضعت و كم من الحسنات تربح من هذا الذكر العظيم
عن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله اصطفى من الكلام أربعا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فمن قال سبحان الله كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة ومن قال الله أكبر فمثل ذلك ومن قال لا إله إلا الله فمثل ذلك ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة وحطت عنه ثلاثون سيئة
رواه أحمد وابن أبي الدنيا والنسائي واللفظ له والحاكم بنحوه وقال صحيح على شرط مسلم
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصنا فنفضه فلم ينتفض ثم نفضه فلم ينتفض ثم نفضه فانتفض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والترمذي ولفظه:
( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشجرة يابسة الورق فضربها بعصا فتناثر ورقها فقال إن الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة )
الأثقل في الميزان:
عن أبي سلمى رضي الله عنه راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخ بخ وأشار بيده
يقول بخ بخ وأشار بيده لخمس ما أثقلهن في الميزان سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه
رواه النسائي وابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم
تدوي كدوي النحل حول عرش الرحمن:
.. هل تحب أخي الحبيب بعد كل هذا الفضل الذي علمته أن ترى ذكرك حول عرش الرحمن يذكر بك عند ربك جل شأنه و يدوي ..
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها أما يحب أحدكم أن يكون له أو لا يزال له من يذكر به
رواه ابن أبي الدنيا وابن ماجه واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
هذا ما استطعت جمعه مما ورد من فضل لهذا الذكر العظيم . فاللهم اقبل هذا العمل لوجهك خالصا و لا تجعل فيه لغيرك منه شيئا و اغفر لنا اللهم إن نسينا أو أخطأنا.
و أنصح إخوتي و أخواتي باقتناء كتاب الأنس بذكر الله للشيخ محمد حسين يعقوب . فسيجدوا فيه بإذن الله ما يكفيهم . جعل الله لشيخنا كتابه هذا في ميزان حسناته يوم الدين.
باللة علي كل من يقرا هذا ان يدعولي بالتوفيق والنجاح والوصول الي اعلي مراتب العلم وان يفتح اللة كل الابواب المغلقة امامي ويرزقني بالحلال وادعو لجميع بنات المسلمين بالازواج الصالحين