الآية 4
( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )
بعد أن نزلت آية التحريم لبعض المأكولات والخبائث الضارة سأل بعض الناس عن أشياء هل هى حلال أم حرام مثل شرب البول للتداوى ، والطين وقيل أن هذه ليست من الطيبات ونزلت الآية ( قل أحل لكم الطيبات )
أى أحل لكم الطيبات من الرزق وما ذكر اسم الله عليه
وأحل لكم ما تم اصطياده بالجوارح كالكلاب والصقور والفهود وغيرها مما يستخدم للصيد
وكلمة جارح أى ما يكسب من صيد بواسطتها
( مكلبين ) : مكلب للصيد أى تقتنص بالمخالب
( تعلمونهن مما علمكم الله ) : أى تدربوا الجارح للصيد لكم وليس أقتناص لنفسه
( فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ) : مادام الجارح معلم أنه يمسك لك بالصيد فاذكر اسم الله عليه وتناوله حلالا
ويأمر الله بتقواه فى الطاعة
الآية 5
( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
يقول تعالى : بالنسبة لطعام اليهود والنصارى فإنه حلال ( ويقصد هنا الطعام بما تم ذبحه بأيديهم حيث أنهم يذكرون اسم الله ولكنهم يخالفون فى صفته )
وسبب نزول الآية أن الصحابى عبد الله بن مغفل قال : أدلى بجراب من شحم يوم خيبر فحضنته وقلت : لا أعطى اليوم من هذا أحد والتفت فإذا النبى يبتسم …فنزلت الآية
وكذلك ذبائح المسلمين حلال لهم
ثم ينتقل إلى التزوج من الحرائر من النساء ( المحصنات أى العفيفة ) ليمهد للقول عن ذلك بالنسبة للزواج من حرائر أهل الكتاب
فيحل الله الزواج منهن وهذا لا يعارض النهى عن الزواج بالمشركات
ويعتنى بأن يرشد إلى إعطائهن ( أجورهن ) مهورهن و البعد عن الزنا
( غير مسافحين )
(ولا متخذى أخدان ) أى لا تتخذوا عشيقات
الآية 6
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
يعلمنا الله الوضوءقبل الصلاةفيقول :
* قمتم إلى الصلاة تدل على وجوب النية للوضوء
* غسل الوجه … ويستحب غسل اليدين جيدا ثم المضمضة والإستنشاق ثلاثا مثل ما فعل النبى صلى الله عليه وسلم
وحد الوجه هو ما بين منبت الشعر للرأس حتى الذقن ومن الأذن إلى الأذن
* غسل اليدين إلى المرفقين مبتدئا باليمين ثم اليسار
ويستحب الزيادة عن المرفق وهو عظمة الكوع كزيادة فى التحجيل يوم القيامة
* مسح الرأس وحرف الباء معناه جزء منها
* غسل الرجلين والإهتمام بالكعبين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ويل للأعقاب من النار "
وفى حالة عدم وجود الماء أو الأذى بالماء لمرض أو السفر وعدم توفر الماء فيجب التيمم والمحافظة على إقامة الصلاة فى مواقيتها
ويوضح طريقة التيمم سبحانه بقوله :
* ضرب التراب بالكفين ثم المسح على الوجه وأخرى ثم المسح على اليدين إلى المرفقين اليمنى ثم اليسرى
وهذا للتسهيل من الله علينا ولكن للتطهير وإسباغ نعمه علينا ويجب علينا شكره على ذلك
الآيات 7
( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )
يذكر الله عباده المؤمنين بنعمته فى شرعه وإرسال رسوله الكريم
ويذكرهم بما أخذ عليهم من وعود وعهود فى الطاعة ومناصرة الرسول ومتابعته والقيام بدينه وإبلاغ عنه ومبايعته على السمع والطاعة
ويؤكد بضرورة التقوى فى جميع الأحوال وأنه يعلم ما يدور بصدورهم
الآيات 8 ـ 10
(
-
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
-
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
-
وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
-
* )
ويقول للمؤمنين كونوا قوامين بالحق ( القسط ) لله وليس لأجل السمعة بين الناس
ولا يحملكم كره قوم على أن لا تعدلوا بينهم وهذا أقرب للتقوى وسيجزيكم الله على فعلكم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا
ووعد الله المؤمنين المتقين بالمغفرة والرحمة والثواب العظيم
أما الكافرين فلهم عذاب النار والسعير
الآية 11
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق الناس فى العضاة ( شجرة ضخمة لها شوك ) يستظلون تحتها ، وعلق النبى سلاحه بشجرة ، فجاء أعرابى إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فسله ( أخرجه من غمده )
ثم أقبل على النبى صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك منى ؟ قال : " الله " عز وجل ، قال الأعرابى مرتين أو ثلاثا : من يمنعك منى ؟ والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : " الله "
فشام ( أغمد ) الأعرابى السيف فدعا النبى أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابى وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه .
والآية فى هذا المعنى
ومن يتق الله كفاه
الآيات 12 ـ 14
(
-
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ
-
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
-
وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
)
يبين الله كيف أخذ على أهل الكتاب من اليهود والنصارى العهود ولكنهم نقضوها فلعنهم الله وأخرجهم من رحمته
فقد جعل الله من اليهود اثنى عشر زعيما ( نقيبا ) على قبائلهم وعهد عليهم بطاعة الله ورسوله وكتابه التوراة وأمرهم بالصلاة والزكاة وعهد إليهم أن ينصروا الرسل ويساعدوهم على الحق ( عزرتموهم )
و( أقرضتم الله ..) وأنفقتم فى سبيل الله وجزاؤهم المغفرة وستر الخطايا وإدخالهم الجنة ومن خالف هذا الميثاق والعهد فقد ضل الطريق وله عذاب النار
ولكنهم نقضوا هذا العهد وقتلوا الأنبياء بدلا من نصرتهم وسعوا فى الفساد وحرفوا التوراة ومسحوا منها آيات التبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم فلعنهم الله وجعل قلوبهم قاسية لا تقبل موعظة وتأولوا آيات كتاب الله وحرفوها وتركوا العمل بها
( نسوا حظا مما ذكروا به )
( ولا تزال أعينهم على خائنة منهم …) لا يزال مكرهم وغدرهم لك يا محمد ولأصحابك ، فلو عفوت عنهم لكان هذا خير النصر لك
(ثم نسخت هذه الآية بعد ذلك فى سورة التوبة بالأمر بقتالهم بسبب ما زاد من أذاهم للرسول وأصحابه )
وهؤلاء النصارى الذين ادعوا أنهم أتباع المسيح وهم ليسوا كذلك فهم خالفوا ما أتى به أخذ الله عليهم أيضا المواثيق ولكنم نقضوها مثلما فعل اليهود فألقى الله بينهم البغضاء وجعلهم طوائف كل طائفة تعادى الأخرى وتخالف عقيدتها وسيظلون كذلك حتى يوم القيامة
وسوف يخبرهم الله بما عملوا ويحاسبهم على ما كذبوا على الله ورسوله