قام كل واحد منهما وهو يشعر بنشاط كبير وحماس للذهاب إلى النادي، توضأ كل منهما وصليا صلاة الضحى ثم ذهبا إلى والدتهن التي كانت استيقظت قبل منهما وأعدت لهما الإفطار..
وعلى مائدة الإفطار دار هذا الحوار بين لؤي ومنة ووالدتهما:
قال لؤي: أمي العزيزة، أنت بالطبع تعرفين أن اليوم هو أول أيام الإجازة الصيفية..
ابتسمت الأم لأنها كانت تفهم ماذا يريد أن يقول لؤي
أكملت منة: ونحن بالطبع نريد الذهاب إلى النادي ومقابلة أصدقائنا بعد إذنك بالطبع..
وقال لؤي: فهل من الممكن يا أمي أن تصحبينا إلى النادي؟
احتضنت الأم كل من لؤي ومنة وقبلت كل واحد منهما وهي تقول: أنا ليس لدي مانع بالطبع يا أطفالي الأحباء ولكن لي طلب عندكما قبل أن نذهب جميعا إلى النادي..
قاطعها لؤي بحماس: طبعا طبعا يا أمي.. ولكن ما هو هذا الطلب؟
قالت الأم: أن تساعدونني في ترتيب وتنظيف المنزل كي أنتهي سريعا من واجباتي حتى نستطيع الخروج..
تعجبت منة وسألت والدتها: وهل عندك واجبات يا أمي؟
قالت الأم: بالطبع يا حبيبتي.. فليس هناك أحد في الدنيا ليس لديه واجبات في الحياة.. ولكن كل واحد تختلف واجباته عن الآخر.. فأنتم مثلا واجباتكم تتمثل في مذاكرتكم واجتهادكم في المدرسة.. وواجب والدكم العمل بجد وتوفير حياة كريمة لنا جميعا.. أما واجبي أنا فهو الاعتناء بكما وبوالدكم والحفاظ على نظافة منزلنا واعداد الطعام لنا جميعا.. فقد خلقنا الله جميعا ولكل واحد منا دور في الحياة وعليه تترتب باقي الأدوار ولا يمكن أن تستمر الحياة بانضباط إذا تخلى أحد منا عن دوره..
ردت منة: نعم الآن فهمت..
قال لؤي: حسنا يا أمي، بالطبع نحن الآن سنساعدك كي ننتهي من هذه المهام، فقط أخبرينا ما تريدينه بالضبط..
قالت الأم: كل ما أطلبه منكما هو تنظيف وترتيب حجرة كل واحد منكما، وبعدها نكون على استعداد للذهاب إلى النادي كما تريدان.
تحمس لؤي ومنة، ووعدا أمهما بتنفيذ ما طلبت منهما، واتفقا على أن يساعد كل منهما الآخر في تنظيف وترتيب حجرته لينتهيا سريعا مما طلبته الأم.
دخل لؤي ومنة إلى حجرة لؤي أولا، وبدأ كل واحد منهما في عمل شئ، ولكنهما شعرا أن الأمر سيستغرق وقتا أطول مما كانا يتوقعا..
وهنا فكر لؤي في فكرة.. وأخبر أخته بها..
لؤي: منة، بهذه الطريقة لن ننتهي سريعا من تنظيف وترتيب الحجرتين..
منة: نعم وربما نتأخر على أصدقائنا بالنادي، ولكن ما الحل؟
لؤي: اسمعي، فلنخفي كل ما هو غير مرتب أو ليس نظيف في الدولاب مثلا أو تحت السجادة، وبهذا ننتهي سريعا من كل شئ وتبدو الغرفتين مرتبتين ونظيفتين من الخارج، وبهذا ستفرح أمي.
منة: ولكن يا لؤي إذا عرفت أمي الحقيقة لن تفرح، وقد تغضب منا.
لؤي: يا منة فلنفعل هذا الآن وعندما نعود نقوم بتنظيف وترتيب الحجرة بالفعل.
منة: حسنا، فلنبدأ كي ننتهي سريعا.
عمل الاثنان بفكرة لؤي، وقاما بوضع كل شئ في الدولاب دون ترتيب وإخفاء بعض الأشياء تحت السجادة، وعند انتهائهما كانت كل غرفة في الظاهر تبدو أنها مرتبة ونظيفة ولكن الحقيقة أن حالها لم يتغير فهي لم تنظف ولم ترتب وإنما تم إخفاء هذا فقط.
سارع لؤي ومنة بإخبار أمهما بانتهائهما مما طلبت منهما، وهنا تعجبت الأم كثيرا من سرعة انتهائهما من تنظيف وترتيب الحجرتين، وطلبت منهما أن تذهب لرؤية الغرفتين، وفي هذه اللحظة دق جرس الباب وذهبت الأم لتفتح.
وجدت الأم في انتظارها على الباب سيدة أنيقة ومعها رجل يحمل كاميرا للتصوير، فاندهشت الأم وقبل أن تتكلم كانت السيدة تخرج لها بطاقة تعريف لها وتخبرها أنها مندوبة لشركة شهيرة، وأن هناك مسابقة لاختيار أفضل منزل مرتب ونظيف وأن المنزل الفائز ستحصل عائلته على رحلة مجانية إلى أكبر الملاهي في العالم “ديزني لاند”.
وما أن سمع لؤي ومنة بهذا الأمر حتى أخذا يقفزان من الحماس والأمل في الفوز..
دعت الأم المندوبة وزميلها الذي أتى لتصوير المنزل الفائز للدخول وكانت تشعر أنها ستفوز بإذن الله لأنها تولي عناية شديدة لنظافة وترتيب منزلها..
بدأت المندوبة بتفقد المنزل وشعرت بالفعل بالمجهود الذي بذلته الأم فقالت لها: يبدو بالفعل أنكم ستكونون الفائزين معنا، ولكن هل تسمحين لي بتفقد غرف النوم أيضا؟
قالت الأم بترحاب: نعم بالطبع فقد انتهى أبنائي حالا من تنظيفهما وترتيبهما.
دخلت المندوبة وتفحصت غرفة لؤي أولا، وابتسمت وهي تقول: نعم فعلا كل شئ يبدو على ما يرام، يبدو أن أبناءك فعلا مرتبين مثلك، وأتوقع فعلا أن يكون هذا الدولاب مرتب مثل باقي الغرفة..
قالت هذا وهي تفتح الدولاب ففوجئت بأشياء تتساقط عليها ونظرت للدولاب فوجدت أشياء كثيرة موضوعة بإهمال ودون ترتيب..
نظرت الأم إلى ابنها وهي غير مصدقة، وشعرت المندوبة بالموقف فقالت: ربما لم ينتهي الأبناء من هذه الغرفة بعد، فلنرى الغرفة التالية..
أتجه الجميع إلى غرفة منة.
قالت المندوبة وهي تدخل الغرفة: نعم، هذه غرفة تبدو…
لم تكمل المندوبة الكلام فقد تعثرت في شئ في الأرض عند السجادة..
دققت المندوبة وشعرت بأن هناك شئ أسفل السجادة فقامت برفعها وهنا فوجئ الجميع وبخاصة الأم بما وجدوا من الأتربة والقاذورات المخبأة أسفل السجادة..
نظرت المندوبة للأم وقالت: أنا آسفة جدا، أنتم لا تستحقون الجائزة، فليس هذا هو البيت المرتب والنظيف الذي نبحث عنه.
كست ملامح الخيبة والحسرة وجه كل من الطفلين لؤي ومنة، ثم سرعان ما تبدلت بنظرات قلقة من رد فعل أمهما تجاه ما حدث.
ودعت الأم المندوبة وزميلها ثم عادت لتتحدث مع طفليها، وقبل أن تبدأ الكلام قالت منة: أمي أرجو ألا تغضبي منا..
قاطعها لؤي قائلا: صدقيني يا أمي كل ما أردناه أن ننتهي سريعا من العمل كي نستطيع الذهاب إلى النادي..
نظرت الأم إلى طفليها وصمتت لحظات قبل أن تقول: أبنائي الأحباء، لقد كان بيننا اتفاق ولكنكما لم تلتزما به، ولم يتسبب عدم التزامكما بخسران الجائزة فقط ولكنكما أيضا خسرتما عمل شئ كما يحبه الله.
بدت الدهشة على وجهي لؤي ومنة وقالت منة: وكيف هذا يا أمي؟
قالت الأم: أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث له (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) والمقصود أنه إذا كان علينا القيام بشيء كان من اللازم القيام به على أكمل وجه، فمثلا إذا كان لدينا واجبا مدرسيا وجب علينا تأديته كاملا وبنظام وترتيب، وإذا كان علينا ترتيب وتنظيف المنزل يجب أن ننظفه ونرتبه بحيث يكون في أحسن صورة وأحسن حال من الظاهر والباطن..
شعر لؤي ومنة بالخجل من أنفسهما، وذهب كل واحد منهما وقبل والدتهما ثم اعتذرا لها عما بدر منهما ثم قال لؤي: أمي إننا لا نريد الذهاب إلى النادي اليوم
قالت منة: نعم، سنقضي اليوم في إعادة ترتيب وتنظيف غرفتينا
قال لؤي: ولكن هذه المرة سنقوم بهذا بإتقان ليرضى الله عنا ويحبنا..
ابتسمت الأم وهي سعيدة بطفليها وشعرت أنهما صادقان في وعدهما.
وفي منتصف اليوم كان كل من لؤي ومنة قد انتهيا من تنظيف وترتيب حجرة كل منهما على أكمل وجه ورأت الأم أن تأخذهما إلى النادي مكافأة لهما