يقال إنّ الأُم تشعر بإبنها، وتعرف بغريزتها متى يكون مريضاً، ولكن في بعض الأحيان قد تبدو الأمور محيرة لها. كما يحدث على سبيل المثال عندما ترتفع درجة حرارة الطفل في المساء، ويبدو مطيعاً وهادئاً على غير عادته، فتعطيه خافضاً للحراة وتودعه الفراش، وأغلب الظن لديها أنّه لن يكون قادراً على الذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي، لتفاجأ به صباحاً في كامل نشاطه، ولا يبدو عليه المرض على الإطلاق.. من الطبيعي هنا أن تصيبها الحيرة، ولا تعرف إن كان ينبغي عليها إبقاؤه في المنزل لتراقبه، أم ترسله إلى مدرسته؟ إنّه أمر محير حقاً!
في بعض الأحيان تكون أعراض المرض واضحة للغاية، كما يحدث عندما تظهر على الطفل المصاب بالحمى أعراض تشمل القيء أو السعال، وفي مثل هذه الحالة ليس من الصعب إتّخاذ القرار المناسب. ولكن في أحيان أخرى، تكون الأعراض غامضة أو لنقل غير محددة ما يجعل القرار صعباً.
في ما يلي نقدم نصائح خبراء طب الأطفال لمساعدتك في الحكم على حالة طفلك ومعرفة متى بإمكانه مواصلة يومه على النحو المعتاد، ومتى يكون بحاجة إلى البقاء في المنزل ليتلقى الرعاية الصحية.
الحمى:عندما ترتفع درجة حرارة الطفل، ينبغي الإعتماد فقط على مقياس الحرارة لمعرفة مستوى إرتفاعها، حيث يقول الأطباء إنّه إذا كانت درجة الحرارة لدى الطفل فوق عمر 4 شهور أقل من 38 درجة مئوية، يمكنه أن يخرج من المنزل ويذهب إلى حضانته لكنّه سيكون بحاجة إلى تناول السوائل.
ولكن سواء كان عمر الطفل دون أو فوق الأربعة شهور، ينبغي الإتِّصال بالطبيب إذا إرتفعت درجة حرارته إلى 38 درجة مئوية فأكثر، أو طرأ تغيير مفاجئ على سلوكه، ولا ينصح بذهابه إلى دار الحضانة.
أمّا الأطفال الأكبر سناً، فهؤلاء يكونون بحاجة إلى المكوث في المنزل إذا إرتفعت درجة الحرارة إلى أعلى من 38 درجة مئوية ونصف. وعلى الرغم من أنّ الحمى ليست معدية، إلا أنّه يكون منهك القوى لدرجة تعوقه عن استيعاب دروسه والمشاركة مع المعلمة. لذا من الأفضل له أن يبقى في المنزل لمدة 24 ساعة إلى أن تزول الحرارة ويستعيد نشاطه المعتاد.
القيء:لو حدث وتقيأ الطفل لمرة واحدة في اليوم، فهذا لا يعني أنّه مصاب بفيروس، وليس عرضة لخطر الجفاف. فبعض الأطفال يتقيؤون بسبب جفاف البلغم في صدورهم إثر إصابتهم بنزلة برد، وفي مثل هذه الحالات لا داعي للتغيب عن المدرسة أو الحضانة.
أمّا إذا تقيأ الطفل لأكثر من مرّتين في اليوم، فسوف يكون بحاجة إلى المراقبة، فإذا تبين أنّه يتبول أقل من المعتاد، وأن لون بوله أصفر داكن، وأن عينيه لا تذرفان دموعاً عند البكاء، أو أن فمه جاف من العاب، فهذا يعني أنّه مصاب بالجفاف، ويحتاج إلى تناول الكثير من السوائل. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه لا داعي لإرسال الطفل إلى المدرسة لدى توقفه على القيء. إذ من الأفضل التريث قليلاً ليستعيد قواه ولتأكد من أنّه تحسن بالفعل.
احمرار العينين:ربّما لا يستطيع الطفل المصاب بتحسس في العينين متابعة دراسته كما ينبغي، ولكن إذا كان التحسس يقتصر على احمرار طفيف في بياض العينين، فإنّ هذا يعني تحسساً بسيطاً ولا داعي للقل وإبقائه في المنزل.
على عكس الحال لو أفاق من نومه وعيناه ملتصقتان بعضهما بعضاً، ولون بياض العينين تحول إلى أحمر فاتح، أو أصفر أو أخضر. فإنّ هذه الأعراض تدل أنّه مصاب بالتهاب الملتحمة "الرمد"، وينبغي أن يراه الطبيب، وحتماً سينصح بإبقائه في المنزل، لأنّ هذا النوع من الإلتهاب سهل الإنتشار، وسوف يكون هناك خوف كبير من إنتقال المرض لبقية رفاقه في الصف، فضلاً عن أنّه يكون بحاجة إلى علاج بالمضادات الحيوية.
الإسهال:إذا لاحظت الأُم أن غائط طفلها يبدو خفيفاً بعض الشيء من دون أن يطرأ أي تغيير على عدد مرّات دخوله الحمام، فلا داعي للخوف واحتجازه في المنزل، فهذا الأمر كثيراً ما يحدث مع الأطفال من كثرة ما يشربون من عصائر.
ولكن إذا تجاوز عدد مرّات التبرز أكثر من ثلاث مرّات في اليوم، وكان إخراجه خفيفاً مثل الماء، يجب بالفعل إبقاؤه في المنزل، تحسباً لأن يكون مصاباً بفيروس من النوع المعدي فينقله إلى رفاقه. وفي حال لاحظت الأُم إختلاط البراز بالدم أو المخاط، ينبغي عليها أن تعرض طفلها على الطبيب، ليجرى له مزرعة ويتأكد من نوع الفيروس أو البكتيريا المسببة للإسهال. وإذا ترافق الإسهال مع قيء، فينبغي مراقبة علامات الجفاف، وتطبيق النصائح المتعارف عليها للحيلوة دون إصابته بالجفاف.
إلتهاب الحلق:إذا أصيب الطفل بالتهاب حلق يرافقه رشح بسيط، فهذا لا يستدعي تخلفه عن …حلق يرافقه رشح بسيط، فهذا لا يستدعي تخلفه عن مدرسته، فطالما لم ترتفع درجة حرارته لا داعي للخوف. ولكن إذا رافق الشكوى من التهاب الحلق انتفاخ في الغد، وحمى، وصداع، أو وجع في البطن، سيكون بحاجة إلى التغيب عن مدرسته من أجل العرض على الطبيب، خاصة إذا كان عمره 3 سنوات أو أكثر، ليتم التأكد من نوع الإلتهاب، (الإلتهاب البكتيري غير شائع لدى الأطفال الأصغر سناً)،ويحتاج الطفل المصاب بالتهاب الحلق إلى تناول المضاد الحيوي ليوم أو يومين على الأقل قبل إرساله إلى المدرسة من جديد.
آلام البطن:إذا اشتكى الطفل من ألم أو وجع في البطن من دون ظهور أي أعراض أخرى، وكان لايزال نشيطاً، يمكن إرساله إلى المدرسة. إذ قد يكون وجع البطن ناجماً عن إصابته بالإمساك، أو لسبب نفسي مثل الغيرة من شقيقه الأصغر، فيحاول جلب الإنتباه لنفسه، لذا فإن منحه بعض الإهتمام والحب قد يكونان كافين لشفائه من علته.ولكن عندما يترافق ألم البطن مع قيء وإسهال وحمى، وعدم الرغبة باللهو والعب، ينبغي عرضه على الطبيب، تحسباً لأن يكون مصاباً بإمساك شديد، أو الزائدة الدودية، أو الإنسداد المعوي.
نزلة البرد:إذا ظهرت على الطفل أعراض برد بسيطة لا تتضمن حمى أو سعالاً قوياً، فلا داعي لإبقائه في المنزل، فلو تغيب كل طفل مصاب بالرشح أو الزكام عن المدرسة لخلت المدارس من تلاميذها،ولكن بالطبع ينصح بإبقائه إذا كان مصاباً بسعال لا يتوقف، يرافقه أزيز أو صعوبة في التنفس أو حمى، إلى أن تستقر حالته.
الطفح الجلدي:إذا ظهر على الطفل نوع من الطفح الجلدي فيجب أن يتغيب عن المدرسة ويتم عرضه على الطبيب على الفور، تحسباً لأن يكون الطفح ناتجاً عن مرض معد مثل "الحصف الجلدي"، وهو عبارة عن ظهور إفرازات صديدية حمراء في مناطق مختلفة من الجلد، لا تلبث أن تتيبس وتكون قشرة صفراء الون، يصاحبها شعور بالألم وحرقان بالجلد. وتطلب الأمراض الفيروسية التي تصيب الجلد عادة العلاج بالمضادات الحيوية تحت إشراف طبيب، ولا يعود الطفل إلى المدرسة قبل موافقة الطبيب المعالج.
إلتهاب الأذن الوسطى:التهاب الأذن مشكلة شائعة نسبياً عند الأطفال ما بين الخامسة والسادسة، ويصابون بها بسبب عدوى في الجهاز التنفسي، إذ يؤدي الرشح أو الحسّاسية إلى الاحتقان، وبالتالي ينسد أنبوب "بوق استاخيو" في أذن الطفل، وهو أنبوب صغير في الأذن الوسطى، ومن الممكن أن يصبح السائل العالق في الأذن الوسطى سبباً لتكون الفيروسات أو البكتيريا. قد يكون من الصعب التفريق بين إلتهاب الأذن بسبب البكتيريا وإلتهابها بسبب الفيروس، لكن التفريق بينهما أمر ضروري، لأنّ المضادات الحيوية تعالج الإلتهابات البكتيرية ولا تعالج الإلتهابات الفيروسية، وقد يؤدي إستخدام المضادات الحيوية في غير محلها إلى عواقب خطيرة مثل ظهور سلالات من البكتيريا تقاوم أنواعاً كثيرة من الأدوية التي تحارب الإلتهاب، لذلك يفضل الأطباء التريث إلى أن يختفي إلتهاب الأذن وحده، فإن لم يحدث ذلك يصفون المضادات الحيوية،وبشكل عام لا يستطيع الطفل المصاب بالتهاب في الأذن أن يستوعب دروسه، ويفقد القدرة على التركيز، لذا ينصح بإبقائه في المنزل إلى أن يزول الإلتهاب، وأيضاً لكي لا ينشر العدوى بين رفاقه.