التصنيفات
منوعات

السيرة النبوية

تعريف السيرة وأهميتها

‏ تعريف السيرة النبوية

‏ – السيرة لغة :

تعني السّنة والطريقة، والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره. يُقال فلان له سيرة حسنة، وقال تعالى: (سنعيدها سيرتها الأولى) (طه:21).‏

‏ – السيرة اصطلاحًا:

السيرة اصطلاحًا تعني قصة الحياة وتاريخها، وكتبها تسمّى: كتب السير، يُقال قرأت سيرة فلان: أي تاريخ حياته. والسيرة النبوية تعني مجموع ما ورد لنا من وقائع حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته الخُلقية والخَلقية، مضافا إليها غزواته وسراياه صلى الله عليه وسلم.

‏ أهمية السيرة ومكانتها:

‏ 1- السيرة النبوية هي السبيل إلى فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد عبقري سمت به عبقريته، ولكنه قبل ذلك رسول أيده الله بوحي من عنده.

‏ 2- تجعل السيرة النبوية بين يدي الإنسان صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة، يتمسك به ويحذو حذوه، فقد جعل الله تعالى الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم قدوة للإنساية كلها، حيث قال سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) (الأحزاب:21).‏

‏ 3- السيرة النبوية تعين على فهم كتاب الله وتذوق روحه ومقاصده، فكثير من آيات القرآن الكريم إنما تفسرها وتجليها الأحداث التي مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم.

‏ 4- السيرة النبوية صورة مجسدة نيرة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه، فهي تكوّن لدى دارسها أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية، سواء ما كان منها متعلقًا بالعقيدة أو الأحكام أو الأخلاق.

‏ 5- السيرة النبوية نموذج حي عن طرائق التربية والتعليم، يستفيد منه المعلم والداعية المسلم. فقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم معلمًا ناجحًا ومربيًا فاضلاً، لم يأل جهدًا في تلمس أجدى الطرق الصالحة في التربية والتعليم، خلال مختلف مراحل دعوته.

‏ 6- من خلال السيرة نتعرّف على جيل الصحابة الفريد، الذي كان صدى للقرآن، وكان التطبيق العملي لحكم الله أمرًا ونهيًا.

‏ 7- تمتاز سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها نُقلت إلينا كاملة في كلياتها وفي جزئياتها، ولا تملك الإنسانية اليوم سيرة شاملة لنبي غير السيرة النبوية على صاحبها صلوات الله وتسليمه.

الفهرس

——————————————————————————–

حياته صلى الله عليه وسلم من مولده إلى بعثته

نَسَبُه صلى الله عليه وسلم:‏

الرسول صلى الله عليه وسلم هو: (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك ابن النَّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان) (رواه البخاري) ، وعدنان من ولد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم عليهما السلام.‏

وأبوه: عبد الله بن عبد المطلب، كان أجمل قريش (قبيلة قريش) وأحب شبابها إليها، عاش طاهرًا كريمًا حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم.‏

وأمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أبوها سيد بني زهرة.‏

وجدّه: عبد المطلب بن هاشم، هو سيد قبيلة قريش، أعطته رياستها لخصاله الوافرة، وقوة إرادته، وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر (زمزم) التي تسقي الناس بمكة المكرمة إلى يومنا هذا.‏

مولده صلى الله عليه وسلم:‏

ولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، من عام الفيل، وقصة أصحاب الفيل معروفة ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل(15)، وذلك أن أبرهة ملك اليمن أراد أن يهدم الكعبة (بيت الله الحرام في مكة) فساق إليها جيشًا عظيمًا ومعهم فيل، فردّ الله كيدهم وحفظ الكعبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال جنينًا في بطن أمه التي رأت حين وضعته نورًا خرج منها أضاءت منه قصور بُصرى من أرض الشام.‏

ومات أبوه عبد الله، وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، فلما ولد كان في حجر جده عبد المطلب يرعاه وينظر حاجته هو وأمه.‏

مرضعاته صلى الله عليه وسلم:‏

جاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالاً يرضعنهم، فكان الرضيع المبارك من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، واسم زوجها أبو كبشة، ودرّت البركات على أهل ذاك البيت الذين أرضعوه مدة وجوده بينهم، وقد مكث فيهم ما يربو على أربع سنوات.‏

وقد صحّ أن ثويبة -مولاة أبي لهب- أرضعته قبل أن تذهب به حليمة السعدية.‏

معجزة شق صدره صلى الله عليه وسلم:‏

وقعت هذه المعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين، الأولى في بادية بني سعد وهو عند مرضعته حليمة، وكان في الرابعة من عمره.‏

وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمه -أي جمعه وضم بعضه إلى بعض- ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمّه -يعني ظِئْره أي مرضعته- فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع الون. قال أنس: وقد كنتُ أرى أثر المخيط في صدره) .‏

وأما المرة الثانية التي وقعت فيها تلك المعجزة فقد كانت في ليلة الإسراء كما روى ذلك البخاري ومسلم .‏

وفاة آمنة أُمّه صلى الله عليه وسلم:‏

خافت حليمة وزوجها على محمد صلى الله عليه وسلم بعد حادثة شق الصدر، فعادا به إلى أُمِّه آمنة، فمكث عندها إلى أن بلغ ست سنين، ثم خرجت به إلى المدينة إلى أخواله بني عدي بن النجار، تزورهم به، ومعها أم أيمن تحضنه، فأقامت عندهم شهرًا ثم رجعت به إلى مكة فتوفيت بالأبواء (قرية على يمين الطريق المتجه إلى مكة المكرمة من المدينة المنورة).‏

رعاية جّده عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم:‏

ترك يُتم النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه أبلغ الأثر، إذ وُلد يتيم الأب ومات أمُّه وهو ابن ست سنين، فلما توفيت ضمّه جدُّه عبد المطلب إليه ورقّ عليه رِقةً لم يرقها على ولده، وقرّبه وأدناه، وإن قومًا من بني مدلج قالوا لعبد المطلب: احتفظ به، فإنّا لم نر قدمًا أشبه بالقدم التي في المقام منه (هي أثر إبراهيم عليه السلام في المقام الإبراهيمي بجوار الكعبة)، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، فكان أبو طالب يحتفظ به. فلما حضرت عبدَ المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالب بحفظه. ومات عبد المطلب فدفن بالحَجون (جبل بأعلى مكة)، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، ولمحمد يومئذ ثماني سنين، ولا شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أحسَّ بفقدان جده عبد المطلب لما كان يَحْبُوه به من العطف والرعاية.‏

كفالة عمه أبي طالب له صلى الله عليه وسلم:‏

أوصى عبد المطلب ابنه أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورعايته، فلما توفي عبد المطلب ضم أبو طالب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكان معه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان يحبّ محمدًا صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وكان يخصه بالطعام، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعًا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك.‏

وما يدل على شدة محبة أبي طالب إياه، صحبته له في رحلته إلى الشام، ويبدو أنه في فترة حضانة أبي طالب له ساعده محمد صلى الله عليه وسلم في رعي غنمه، وقد ثبت في البخاري ومسلم أنه عمل على رعيها لأهل مكة، مقابل قراريط. ‏

ولعل ضيق حال أبي طالب هو الذي دفع محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى العمل لمساعدته. ورعي الغنم فيه دربة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رعاية البشر فيما بعد، فقد أَلِفَ العمل والكفاح منذ طفولته، واعتاد أن يهتم بما حوله، ويبذل العون للآخرين، وربما يذكرنا رعيه للغنم بأحاديثه التي تحث على الإحسان للحيوان.‏

زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:‏

لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين سنة، تزوج خديجة بنت خويلد، وهي من سيدات قريش، ومن فضليات النساء، وكانت أرملة توفي زوجها أبو هالة، وكانت إذ ذاك في الأربعين من عمرها، وقيل في الثامنة والعشرين، وكانت امرأة تاجرة، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم بشيء تجعله لهم.‏

وخديجة رضي الله عنها أول امرأة يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها في حياتها، ولدت له كل ولده إلا إبراهيم، فولدت القاسم وعبد الله (الملقب بالطيب والطاهر)، وثلاث بنات هن: أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. أما إبراهيم فقد ولدته مارية القبطية التي أهداها له مقوقس مصر.‏

وقد مات القاسم وعبد الله قبل الإسلام، أما البنات فأدركن الإسلام وأسلمن رضي الله عنهن، وتوفيت خديجة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين.‏

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويظهر محبتها وتأثره لدى ذكرها بعد وفاتها، فقد كانت لها مواقف عظيمة في الإسلام، وفي نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به.‏

مظاهر من حفظ الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته:‏

‏ 1 – حفظه صغيرًا بداية من إرضاعه واصطفائه من أوسط النسب وأشرفه، ولادته من نكاح صحيح وليس من سفاح باطل.

‏ 2 – كفالة جده عبد المطلب -وهو سيد قريش- له طفلاً إلى أن بلغ الثامنة من عمره وتوفي جدّه، فانتقل إلى كفالة عمه أبي طالب -وهو سيد قريش أيضًا- وفي ذلك ما فيه من المنعة. والتاريخ يحدّث بحب عبد المطلب وأبي طالب الشديد للرسول صلى الله عليه وسلم.

‏ 3 – حفظه شابًا من أن يقع فيما يقع فيه الشباب من الفحش والخنا، والأدلة على ذلك كثيرة منثورة في كتب السيرة، وقد اشتهر صلى الله عليه وسلم بين قومه وهو شاب بالصدق والأمانة.

‏ 4 – حفظ قلبه طاهرًا فلم يعبد إلهًا غير الله عز وجل، ولم يسجد لصنم، ولم يتمسح بوثن، ولم يحلف بغير الله، هذا مع بغضه الشديد لآلهة قومه (الات والعُزّى وغيرهما).

‏ 5 – إعداده إعدادًا معصومًا من نزغ الشيطان ونفثه، وحفظ باطنه صحيحًا، وقد تجلى هذا في حادثة شق الصدر الأولى والثانية.

وجملة القول: إن الله تعالى هيأ لرسوله صلى الله عليه وسلم من الحفظ والرعاية ما جعله جديرًا بتلقي الرسالة الخاتمة لهداية البشر.‏

البشارات برسالته صلى الله عليه وسلم:‏

جاءت في القرآن الكريم بشارة عيسى عليه السلام لقومه بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يديَّ من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) (الصف:6).‏

وجاءت في إنجيل برنابا عبارات مصرحة باسم النبي صلى الله عليه وسلم، مثل العبارة: (163/7: أجاب التلاميذ: يا معلم! مَن عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه، الذي سيأتي إلى العالم، أجاب يسوع بابتهاجِ قلبٍ: إنه محمد رسول الله).‏

وتكررت مثل هذه العبارات في إنجيل برنابا (حرمت الكنسية تداوله في آخر القرن الخامس الميلادي وهو الآن مطبوع) ، وكذلك في إنجيل لوقا (2/14) بلفظ: (أحمد)، وفي إنجيل يوحنا جاءت البشارة بلفظ: (الفار قليط)، ومعناها الحامد أو الحمّاد أو أحمد.‏

وفي التوراة كان الإخبار والتبشير بنبوته صلى الله عليه وسلم، ولكن يد التحريف طالتها، قال الله عز وجل: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل والقرآن، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف:157).‏

قال ابن تيمية (في الجواب الصحيح) : (والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم). هذا عدا ما كانت تحدث به يهود، ورهبان النصارى، والعرب وكثير من الأم بأن نبيًا قد اقترب زمانه وآن أوانه.‏

والبشارات برسالته صلى الله عليه وسلم كثيرة، يضيق المقام عن حصرها، وتلتمس في مظانها.‏

أسماؤه صلى الله عليه وسلم: ‏

ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم : محمد , أحمد , الماحي . الذي يمحو الله به الكفر، والحاشر الذي يحشر الناس على عقبيه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي ، ونبي التوبة ، وسماه الله تعالى رؤوفا رحيماً.‏

صفته صلى الله عليه وسلم:‏

كان صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، ولا بالأبيض الأمهق (أي ليس شديد البياض) ، ولا الآدم (الأسمر) ، ولا بالجعد القط (لم يكن ذا شعر ملتو قصير) ، ولا السبط (المسترسل)، رَجَل الشعر (بين البسط والجعد) ، أزهر الون (أبيض مشرق) ، مشرباً بحمرة في بياض ساطع ، كأن وجهه القمر حسناً ، ضخم الكراديس (المفاصل) ، أوطف الأشفار (طول شعر الجفنين) ، أدعج العينين (شديد سوادها وبياضها مع اتساعها) ، في بياضهما عروق حمر رقاق ، حسن الثغر ، واسع الفم ، حسن الأنف ، إذا مشى كأنه يتكفأ (يندفع إلى الأمام) ، إذا التفت التفت بجميعه، كثير النظر إلى الأرض ، ضخم اليدين لينهما، قليل لحم العقبين، كث الحية واسعها، أسود الشعر، ليس لرجليه أخمص (باطن القدم)، إذا طوّل شعره فإلى شحمة أذنيه (أسفلها)، وإذا قصّره فإلى أنصاف أذنيه، لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبه وكان على نُغض (العظم الرقيق) كتفه الأيسر خاتم النبوة كأنه بيضة حمام، لونه لون جسده، عليه خيلان (جمع خال وهي الشامة)، ومن فوقه شعرات .‏

شهوده صلى الله عليه وسلم بنيان الكعبة: ‏

لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه فيها ، وكانوا قد اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا الأمين ، فقال: هلموا ثوباً ، فوضع الحجر فيه وقال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من نواحيه وارفعوه جميعاً ، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه.

الفهرس

——————————————————————————–

المرحلة المكية

من بعثته صلى الله عليه وسلم إلى هجرته إلى المدينة ‏

بدأ الوحي: ‏

عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت: أول ما بُدِئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه – أي يتعبّد – اليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطّني – أي ضمّني ضماً شديداً – حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطّني الثالثة، ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.) (العلق/ 1-3)، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زمّلوني – أي ضعوا عليّ غطاءً – ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع – يعني الخوف -، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ -أي المريض المتعب -، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق – يعني الموت -. ‏

فانطلقت به خديجة حتى أت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى، ابن عم خديجة، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ماشاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن العم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال له ورقة: هذا النّاموس الذي نزّل الله على موسى – يعني جبريل عليه السلام-، يا ليتني فيها جذعٌ – أي شاب -، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب – يلبث – ورقة أن توفي، وفتر الوحي – أي انقطع فترة -.(رواه البخاري ومسلم).‏

تتابع نزول الوحي وكيفيته :‏

‎‎ استمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تعبده في غار حراء، فعاد الوحي وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه الأولى قوله تعالى: (يا أيها المدثر). ثم أبطأ الوحي عدة ليال فقال المشركون: قد ودّع محمداً ربُّه، فأنزل الله عز وجل (والضحى واليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى/ 1-3). ‏

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على حفظ القرآن فيحرك لسانه به، فنزلت الآية: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) (القيامة/9).‏

‏ وقد كان يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس – وهو أشد الوحي عليه – فيفصم عنه وقد وعى عنه ما قال، وأحياناً كان يأتيه الملك على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول. والمشهور أن نزول الوحي استغرق ثلاثاً وعشرين سنة منها ثلاثة عشر عاماً بمكة، وعشر سنين بالمدينة.

أوائل المسلمين إسلاماً:‏

كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن، ثم آمن من الصبيان عليّ رضي الله عنه، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وزيد بن حارثة، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وعمرو بن عبسة السلمي، وأبو ذر الغفاري، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن مظعون، وسعيد بن زيد، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة بنت الخطاب، وخلق آخرون، ثم عمر بن الخطاب الذي قيل إن الله أتم به أربعين من الصحابة، وقبله أسلم حمزة بن عبد المطلب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ، وأسلم أيضاً المقداد بن الأسود ولكنه كان يكتم إيمانه، رضي الله عنهم أجمعين. ‏

وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ودعا قومه إلى الإسلام ولقي منهم صدوداً ، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، ولكن الرسول دعا لهم بالهداية، فهداهم الله وجاءت دوس مسلمة لله ورسوله بعد عدة سنوات . ‏

استماع الجن للقرآن وإسلامهم

‏ انطلق قوم من الجن – بعد أن حيل بين الجن وبين خبر السماء – نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة – مكان على مسيرة ليلة من مكة – وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له، فقالوا هذا الذي حال بينكم وبين خب السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً..])(الجنّ/ 1-2 )، وأوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم قولهم هذا، وقد دعا الجنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة، وذهب وقرأ عليهم القرآن ، ثم عاد وأرى أصحابه آثارهم ونيرانهم. ‏

الدعوة السرّيّة إلى الإسلام ‏

بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، من أول ما أنزلت عليه النبوة ثلاث سنين مستخفياً، ثم أُمر بإظهار الدعوة بنزول قول الله عز وجل: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (الشعراء/ 214). ‏

صبره صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على إيذاء المشركين

جاهرت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة والأذى، وكان عمه أبو طالب يمنعهم مع بقائه على دين قومه، في حين أن عمه أبا لهب كان أشد قومه وأولهم إيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، واشتركت بطون قريش ورجال منها في إيذائه كذلك، واشتدوا في هذا الإيذاء، يعذبون من لا منعة – حماية – عنده ويؤذون من لا يقدرون على عذابه، والإسلام على هذا ينتشر في الرجال والنساء، ولقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب أمراً عظيماً، ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمراً عظيماً .‏

بعض مظاهر أذى قريش للمسلين:

‏1- الضر المادي والسب العلني:

ومن ذلك وضعهم بقايا الحيوانات ودماءها ومشيمتها – غشاء رقيق يحيط بالجنين- بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. وقد خنق عقبة بن أبي معيط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في فناء مكة، وكانت قريش تسبّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول له مذم – من الذم وهو عكس الحمد -، وتسبّ القرآن ومن أنزله ومن جاء به، وقد اجتمعت قريش لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان سبباً مباشراً للهجرة إلى المدينة . ‏

ومن أذى المشركين للمسلين طعن أبي جهل للسيدة سمية أم عمار بن ياسر بحربة في فرجها فقتلها، وطرحهم لبلال بن رباح على الرمضاء في حر مكة، وإلقاؤهم صخرة عظيمة على بطنه بعد أن ألبسوه درعاً من الحديد في الحرّ الشديد. ‏

‏2- السخرية والاستهزاء والضر النفسي:

وهذا من الأساليب التي اتبعتها قريش في الإيذاء، حيث اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بالكذب وبالسحر وبالكهانة، وضعوا في عنق بلال بن رباح حبلاً وأسلموه للصبيان ليطوفوا به شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد، وغير ذلك من الأمثلة التي تبين مدى استهزائهم بالمسلمين .

‏3- الحصار الاقتصادي والاجتماعي:

لم يمنع الإيذاء البدني والنفسي الناس عن الدخول في الإسلام فتعاقد كفّار قريش على بني هاشم وبني المطلب – وهم بطن النبي صلى الله عليه وسلم من قريش – ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم، وكتبوا في ذلك صحيفة، وحصروهم في شعب أبي طالب مدة طويلة (قيل ثلاث سنوات أو أقل) وقد كان الحصار كاملاً بمعنى الكلمة، وذلك حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل، ولكن الله عصمه رغم البلاء والشدة. ‏

هجرة المسلمين الأولى والثانية إلى الحبشة

حينما اشتد البلاء والفتنة والإيذاء على المسلمين في مكة، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا بلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً ما أنتم فيه" (رواه البخاري). ‏

فخرج المسلمون حتى نزلوا بالحبشة فأكرمهم النجاشي وأمّنهم، وكان أول من هاجر من المسلمين عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعه جمع من كبار الصحابة، وكانت الهجرة الأولى سنة خمس من مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدد الذين هاجروا فيها أحد عشر رجلاً وأربع نسوة.‏

وأما الثانية فكان عدد الذين هاجروا فيها اثنين وثمانين رجلاً وثماني عشرة امرأة، وأبناؤهم ، وسببها أن المهاجرين الأوائل سمعوا بإسلام قريش فعاد بعضهم ومنهم عثمان بن عفان وزوجته فلم يجدوا قريشاً أسلمت، وجدوا المسلمين في بلاء عظيم وشدة، فهاجروا مرة أخرى ومعهم هذا العدد الكبير. ‏

وقد أرسلت قريش في أثرهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة بهدايا إلى النجاشي ليردّ المسلمين، ولكن هيهات فقد أسلم النجاشي وأبى أن يردّهم، بل أعطاهم الأمان في أرضه وأقرّهم على دينهم، وردّ رسل قريش لم ينالوا شيئاً. ‏

وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها

ما إن أعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وخروج بني هاشم من شعب أبي طالب، حتى توفي أبو طالب في أواخر العام العاشر من البعثة. وبموته فقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً كبيراً، لم يجد من يقوم مقامه من بني هاشم، ولذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل ليطلب نصرتها، ورحل إلى الطائف لأجل تلك النصرة ولكنها لم تحدث . فقد خذله أهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم فقذفوه بالحصى حتى أدموا قدميه واستهزءوا به كثيراً ولكن هذا لم يجعله يأس صلى الله عليه وسلم . ‏

وتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها في نفس العام، فقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً ثانياً من داخل كيانه الأسري. ‏

الإسراء والمعراج

في تلك الظروف الصعبة كانت المواساة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثة الإسراء والمعراج، يقول الله عز وجل: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) (الإسراء/ 1). وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: "كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل فرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب متلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا.."، وفي رواية لمسلم: "أتيت بالبراق – وهو دابة – أبيض طويل ، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل -عليه السلام- بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت البن، فقال جبريل: اخترت الفطرة، قال ثم عرج بنا إلى السماء..". ‏

وقصة الإسراء والمعراج مبسوطة في الصحاح ، وقد لقي صلى الله عليه وسلم في معراجه الأنبياء آدم، ويوسف، وإدريس، وعيسى، ويحي، وهارون، وموسى، وإبراهيم، عليهم السلام، وسمع صريف الأقلام، وفرضت عليه الصلاة، ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور في السماء السابعة، ورأى نهر الكوثر وأنهار الجنة ورأى جبريل عليه السلام على هيئته، ورأى أقواماً يعذبون على جرائمهم . ‏

ورغم أن حادثة الإسراء والمعراج كانت مواساة وتطميناً للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها كانت فتنة لبعض المسلمين ولكافرين من لم يصدقوا بها، وجمهور العلماء على أن الإسراء كان يقظة بالروح وبالجسد.‏

بيعة العقبة الأولى

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في موسم الحج على القبائل، فتعرض لستة نفر من الخزرج سنة 11 من النبوة، منهم أسعد بن زرارة، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله، ودعاهم إلى الإسلام وإلى معاونته في تبليغ رسالة ربه، فآمنوا به وصدقوه وعدوه المقابلة في الموسم القابل ، وهذه بداية إسلام الأنصار. ‏

فلما كان الموسم التالي سنة 12 من النبوة أتوا، ويقول عبادة بن الصامت: "كنا اثني عشر رجلاً في العقبة الأولى، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بيعة النساء أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي بهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فمن وفّى فله الجنة، ومن غش من ذلك شيئاً فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" (رواه البخاري ومسلم).‏

وعاد الأنصار إلى المدينة ومعهم مصعب بن عمير، يعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين ويقرئهم القرآن.‏

بيعة العقبة الثانية

قدم وفد الأنصار في موسم الحج في السنة الثالثة عشر من النبوة، واجتمع منهم في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، وجاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس – وكان لا يزال على دين قومه – وكان العباس هو أول المتكلمين في هذا الاجتماع قال: يا معشر الخزرج إن محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا من هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعة بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم والحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه من خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده. ‏

قال كعب بن مالك الأنصاري: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحبت..، وهذا الجواب من الأنصار يدل على تصميمهم وشجاعتهم وإيمانهم وإخلاصهم في تحمل هذه المسؤولية العظيمة. ‏

وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله ورغبهم في الإسلام، وقال: أبايعكم على أن تمنعوني ما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فبايعوه وتمت البيعة، وعاد الأنصار إلى المدينة يترقبون هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن جعل عليهم اثني عشر نقيباً. ‏

هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

قوي جانب المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يحث المؤمنين على الهجرة إلى يثرب، ويثرب هي دار الهجرة التي أريها الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه، وكثر دخول الأوس والخزرج – قبيلتان من يثرب المدينة – في الإسلام، وبعد إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤني بالهجرة خرج المسلمون أرسالاً – جماعات وفرادى – رغم كل العقبات والصعاب التي وضعتها قريش واعترضت بها المهاجرين. ‏

وكان أول من هاجر من مكة إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، ومن أوائل من هاجروا مصعب بن عمير، وعبد الله بن أم مكتوم، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وعمر بن الخطاب في عشرين من الصحابة، وتبعهم كبار الصحابة وصغارهم بعد ذلك، ولم يبق بمكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، وأبي بكر الصديق، ومن حبس كرهاً.‏‏

معالم من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

‏ اعتزمت قريش قتل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين) (الأنفال/30)، ولكن قريشاً فشلت في عزمها، في هذه الساعة الحرجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسجّ – أي تغطّ – بردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بينهم – أي من بين الكفار الذين اجتمعوا بابه وعلى رأسهم أبو جهل – سالماً بإذن الله .‏
‏ رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر للهجرة، وأعدّا لها عدتها وضعا لها خطتها، وانطلقا إلى غار ثور.
‏ علف أبو بكر راحلتين كانتا عنده أربعة أشهر، ودفع بهما إلى الدليل – عبد الله بن أريقط- وكان على دين الكفار، واعده غار ثور بعد ثلاث ليال بالراحلتين، وأما أسماء بنت أبي بكر – ذات النطاقين – فكانت تأتيهما بالطعام، وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما ويعو قبيل الصبح، فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها، فيتسمع لهما الأخبار، وأما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فكان يرعى غنماً يريحها عليهما ساعة من العشاء، فيأخذان منها حاجتهما من البن، (البخاري، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم )‏
‏ انطلق الركب المبارك، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر والدليل وعامر بن فهيرة، فأخذوا طريق السواحل ، وكانت قريش قد رصدت جائزة لمن يدل على محمد أو يأتي به، فلحقهم سراقة بن مالك بن جُعشم، طمعاً في الجائزة فلما قرب منهم عثرت فرسه، ثم ساخت يداها في الرض حتى بلغتا الركبتين، ورأى غباراً ساطعاً إلى السماء مثل الدخان، فنادى بالأمان، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أخف عنّا، وكتب له كتاباً بالأمان. ولقيا الزبير بن العوام قافلاً من تجارة بالشام فكساهما الزبير ثياب بياض.‏
‏ كان المسلمون بالمدينة يغدون كل غداة إلى الحرّة، ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فرآه يهودي فقال بأعلى صوته: يا معاشر العرب هذا جدّكم الذي تنتظرون، فصار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إن عدد الذين استقبلوه خمسمائة من الأنصار، فأحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر، وأهل المدينة يتنادون: جاء نبي الله، جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم، وصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون، يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابي البراء بن عازب: ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. ‏
‏ كان وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، ولبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأس المسجد الذي أُس على التقوى – مسجد قباء – وصلّى فيه، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل: هذا إن شاء الله المنزل، ثم بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجداً.
الفهرس

——————————————————————————–

المرحلة المدنية

يمكن تقسيم المرحلة المدنية إلى ثلاث فترات: ‏

‏1- فترة أثيرت فيها القلاقل والفتن من الداخل، وزحف الأعداء من الخارج لاستئصال المسلمين، وتنتهي هذه الفترة عند صلح الحديبية في سنة ست من الهجرة.
‏2- فترة الهدنة مع المشركين وتنتهي بفتح مكة سنة ثمان للهجرة، وفيها كانت دعوة الملوك إلى الإسلام.
‏3- فترة دخول الناس في دين الله أفواجاً، وتمتد هذه الفترة إلى انتهاء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة إحدى عشرة للهجرة.
أولاً: فترة القلاقل والفتن (1ه -6ه)‏

الوضع في المدينة عند الهجرة:

تمثل الهجرة تحولاً ضخماً لإقامة مجتمع جديد في بلد آمن، ولذلك كانت الهجرة قبل الفتح – فتح مكة- فرضاً على كل مسلم قادر، ليسهم في بناء هذا الوطن الجديد، ومن هنا نرى أهمية التأريخ للإسلام بالهجرة ذلك الحدث العظيم. ‏

أما مجتمع المدينة الجديد فقد كان يتألف من ثلاث فئات: ‏

‏1- من المسلمين المهاجرين الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والأنصار الذين آوا ونصروا.
‏2- ومن المشركين الذين لم يؤمنوا بعد من قبائل المدينة.
‏3- ومن اليهود، وكان في يثرب منهم ثلاث قبائل، بنو قينقاع، وبنو النّضير، وبنو قريظة.
وكانت تواجه الرسول صلى الله عليه وسلم عدة قضايا في بداية الهجرة وفي تلك الفترة بالذات منها: ‏

‏1- تكوين مجتمع إسلامي بالمدينة يمثل الدعوة الإٍسلامية ويتكامل فيه التشريع والتقنين والتربية، وتنهض فيه الحضارة والعمران والاقتصاد والسياسة ومسائل السلم والحرب.
‏2- دعوة مشركي المدينة إلى الإسلام، وإيجاد صيغة للتعايش معهم حتى يدخلوا في الإسلام ويكفّوا أيديهم عن الكيد للمسلين.
‏3- مواجهة دسائس ومؤامرات اليهود وعتّوهم وفسادهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمسلمين.
‏4- الإعداد والتجهيز للقوى المناوئة للإسلام خارج المدينة وعلى رأسها قريش، فحالة الحرب واقعة يقيناً بين هؤلاء الطغاة من أهل مكة وبين المسلمين في وطنهم الجديد.
بناء مجتمع جديد:

‏1- بناء المسجد النبوي:

‎‎ كانت أول خطوة في هذا السبيل هي بناء المسجد النبوي كما تقدم، وبنى الرسول صلى الله عليه وسلم بيوتاً إلى جانبه، هي حجرات أزواجه التي انتقل إليها فيما بعد، وقد كان المسجد جامعة للإسلام، ومنتدى للتشاور وحلّ النزاعات، وقاعدة لإدارة المجتمع وشؤونه المتعددة، كنى لفقراء المهاجرين. ‏

‏2- المؤاخاة بين المسلمين:

‎‎ ومن أهم الأعمال في سبيل بناء المجتمع الجديد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، يقول ابن القيم: ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخى بينهم على المساواة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام، إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عزّ وجلّ (وأولوا الأرحام بعضهم أولى بعض) (الأنفال/ 75) رد التوارث، وبقي عقد الأخوة. ‏

ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام، وأن تسقط فوارق النسب والون والوطن، فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه، وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأخوة عقداً نافذاً، لا لفظاً فارغاً، وعملاً يرتبط بالدماء والأموال، لا تحية تثرثر بها الألسنة ولا يقوم لها أثر. ‏

‎‎ وكانت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال.

‏3- ميثاق التحالف الإسلامي:

أضاف الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الميثاق لبنة مهمة إلى بناء المجتمع الجديد، فقد أزالت هذه الخطوة ما كان من ضغائن الجاهلية، والنزاعات القبلية، وفيما يلي نصوص الميثاق: ‏

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من محمد النبي( صلى الله عليه وسلم) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم: ‏

‏1- أنهم أمة واحدة من دون الناس.
‏2- المهاجرون من قريش على ربعتهم (الحال التي هم عليها) يتعاقلون بينهم (يدفعون ديّاتهم بعضهم مع بعض) وهم يفدون عانيهم ( أسيرهم) بالمعروف، والقسط بين المؤمنين، وكل قبيلة من الأنصار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم (ديّاتهم) الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عانيها بالعروف والقسط بين المؤمنين. ‏
‏ 3- وأن المؤمنين لا يتركون مُفَرّجاً (مُثقلاً بالدين) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.
‏4- وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ( عطية) ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين.
‏5- وأن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم.
‏6- ولا يُقتل مؤمن في كافر، ولا يُنصر كافر على مسلم.
‏7- وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم.
‏8- وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.
‏9- وإن سِلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم.
‏10- وأن المؤمنين يبيء – يرجع ويحتمل – بعضهم على بعض بما ينالهم في سبيل الله.
‏11- وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً، ولا يحول دونه على مؤمن.
‏12- وأنه من اعتبط مؤمناً (قتله بدون سبب) قتلاً عن بينة فإنه قود ( يقتل به) إلا أن يرضى ولي المقتول، وأن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه.
‏13- وأنه لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثاً – من أحدث منكراً غير معتاد – ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل (أي لا يشارك في تصريف الأمور ولا في الشهادة عليها).
‏14- وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإن مردّه إلى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم.
وهكذا أرسى الرسول صلى الله عليه وسلم قواعد المجتمع الجديد في المدينة على أس راسخة ومبادئ شامخة، من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. ‏

‏4- المعاهدة مع اليهود:

كان لابد – لتأمين سلامة المجتمع الجديد – من تنظيم العلاقة بغير المسلمين في هذا المجتمع، فكانت هذه المعاهدة مع اليهود، وأهم بنودها: ‏

‏1- إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم ولمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، وكذلك لغير بني عوف من اليهود.
‏2- وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم.
‏3- وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.
‏4- وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم.
‏5- وإنه لا يأثم امرؤ بحليفه (أي أن يكون التعاون بينهم على البر دون الإثم).
‏6- وإن النصر للمظلو.
‏7- وإن اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين.
‏8- وإن يثرب حرام جوفها (داخلها) لأهل هذه الصحيفة.
‏9- وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مردّه إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
‏10- وإنه لا تُجَار -من الجوار- قريش ولا من نصرها.
‏11- وإن بينهم النصر على من دهم يثرب .. على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.
‏12- وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم.
وبهذه المعاهدة قامت دولة المدينة الإسلامية الراشدة تحت قيادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم. ‏

بداية الجهاد المسلح:

لم تنقطع قريش عن تهديد المسلمين بعد الهجرة، بل استمرت في هذا التهديد والاستفزاز للمسلين عموماً، ولأنصار على وجه الخصوص ولمشركي المدينة، وكانت رسالة قريش للمدني من المشركين حاسمة في هذا، قالوا: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم. ‏

أما رسالتهم للمهاجرين فتقول: لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم. ‏

وفي هذه الظروف الخطيرة نزل الإذن بالقتال، قال تعالى:(أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) الحج/39، وقال تعالى: (الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) الحج/41، والإذن بالقتال كان لإزاحة الباطل وإقامة الشعائر. ‏

الغزوات والسرايا قبل بدر:

كان لهذه الغزوات والسرايا أهداف منها: ‏

‏1- الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة.
‏2- عقد المعاهدات مع القبائل التي تسكن حول هذه الطرق.
‏3- إشعار مشركي يثرب ويهودها وأعراب البادية بقوة المسلمين.
‏4- إشعار قريش بالخطر على تجارتها ومصالحها.
وهذه السرايا والغزوات هي : ‏

‏1- سرية سيف البحر في السنة الأولى للهجرة، وكان على رأسها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
‏2- سرية رابغ في السنة الأولى للهجرة، وكان على رأسها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه.
‏3- سرية الخرّار في السنة الأولى للهجرة، وكان على رأسها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
‏4- غزوة الأبواء أو ودّان في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، وهي أول غزوة غزاها صلى الله عليه وسلم، وكان حامل الواء فيها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
‏5- غزوة بواط في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه.
‏6- غزوة سفوان في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، وتسمى هذه الغزوة بدر الأولى.
‏7- غزوة ذي العشيرة في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه.
‏8- سرية نخلة في السنة الثانية للهجرة، وكان على رأسها عبد الله بن جحش في اثني عشر من المهاجرين، وقد قتلوا عمرو بن الحضرمي وهو أول قتيل في الإسلام، وأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة، وهما أول أسيرين في الإسلام، وعادوا باعير بعد أن عزلوا الخمس وهو أول خمس في الإسلام، وكان ذلك في رجب الشهر الحرام، وأنكر الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلوه، حتى نزل الوحي (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير، وصدٌّ عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام، وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل) ( البقرة/217)، فأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم الأسيرين، وأدّى دية المقتول إلى أوليائه. ‏
نزول فرضية القتال:

في تلك الفترة بعد سرية عبد الله بن جحش، فرض الله تعالى القتال، ونزلت في ذلك آيات، قال تعالى: ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (البقرة/190). ‏

وإيجاب القتال والحث عليه، والأمر بالاستعداد له، هو عين ما كانت تقتضيه تلك الفترة، وفي تلك الأيام في السنة الثانية للهجرة أمر الله عزّ وجل بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام في إشارة إلى بداية دور جديد.

الفهرس

——————————————————————————–

‏غزوة بدر الكبرى

سبب الغزوة:‏

رجوع عير قريش من الشام محملة بثروات طائلة، وإرادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوجه ضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة لقريش إذا فقدت هذه الثروة. ‏

الجيش الإسلامي في بدر:‏

استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، وكان معهم فَرَسان وسبعون بعيراً يتعاقبون عليها، ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري. ‏

وقسم الجيش إلى كتيبتين: ‏

‏1- كتيبة المهاجرين وأعطى لواءها علي بن أبي طالب.
‏2- كتيبة الأنصار وأعطى لواءها سعد بن معاذ.
وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة، أما القيادة العليا فكانت له صلى الله عليه وسلم، وانطلق الجيش يطلب عير قريش. ‏

جيش المشركين في بدر:‏

علم أبو سفيان – وكان على عير قريش – بخروج المسلمين إليه فأرسل إلى قريش يستنفرها، فتحفز الناس سراعاً ولم يتخلف من أشرافهم سوى أبي لهب، وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل، وكان معهم مائة فرس وستمائة درع، وجمال كثيرة، وقائدهم العام أبو جهل بن هشام.

وخرج هذا الجيش بعدّته وعتاده، واتجه إلى الشمال، وعندما علم المشركون بنجاة قوافلهم بعد أن توجه بها أبو سفيان ناحية الساحل، همّ الجيش بالرجوع، ولكن أبا جهل أبى إلا أن يَرِد بدراً، فعاد ثلاثمائة من بني زهرة وانطلق الباقون. ‏

الجيشان في المواجهة:‏

تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر، وأخذ برأي الحباب بن المنذر في النزول على أدنى ماء من جيش مكة حيث يشرب المسلمون ولا يشرب المشركون، وبنى المسلمون عريشاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كمقر للقيادة، بناء على مشورة سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي قاد فرقة من شباب الأنصار يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم في عريشه. ‏

وكان قد أنزل الله مطراً فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طهوراً أذهب عنهم رجس الشيطان، وطّأ به الأرض، وصلّب به الرمل وثبّت به الأقدام ومهّد به المنزل وربط به على قلوبهم. ‏

وغشّاهم النعاس فأخذوا قسطهم من الراحة، قال الله عز وجل: (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) الأنفال/11، وكان هذا في رمضان من السنة الثانية للهجرة. ‏

أما جيش المشركين فكان بالعدوة القصوى وكانوا ينزلون إلى وادي بدر دون أن يصيبوا الماء، وقامت معارضة من داخلهم تنادي بالعودة وترك المسلمين والقتال ولكنها ذهبت دون جدوى. ‏

‎‎ واصطف الجيشان وعدّل الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه، وأصدر أوامره إلى أصحابه أن لا يبدءوا القتال حتى يتلقون الأمر، ودخل إلى العريش فاستقبل القبلة ودعا: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبدي الأرض". وأنزل الله عز وجل: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني مدكم بألف من الملائكة مردفين) (الأنفال/ 9)، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وهو يردد الآية الكريمة: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (القمر/45).‏

‏ وعلى صعيد المشركين وقف أبو جهل يستفتح: "اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم"، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم، وإن تعودوا نعد، ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين ) ( الأنفال/ 19). ‏

بداية القتال في بدر وانتصار المسلمين:‏

بدأ القتال بمبارزات فردية حيث تقدم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم وطلبوا مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة وعلياً وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم، وتمكن حمزة من قتل عتبة ثم قتل عليّ شيبة، وأما عبيدة فقد تصدى للوليد وجرح كل منهما الآخر، فعاونه حمزة وعلي فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين. ‏

‎‎ أثرت نتيجة المبارزة في المشركين وبدءوا الهجوم، فرماهم المسلمون بالنبل، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصى في وجوه المشركين، والتقى الجيشان في ملحمة قتل فيها سبعون من المشركين، على رأسهم أبو جهل فرعون هذه الأمة، وأمية بن خلف رأس الكفر، وأُسر سبعون وانتصر المسلمون بفضل الله عز وجل، قال تعالى: ( ولقد نصركم الله بدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) (آل عمران/ 123).‏

‏ وما روي في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خفق خفقة في العريش ثم انتبه، فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل معتجر بعمامة (أي لفّها على رأسه) آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النّقع (الماء المتجمع في الغدير) أتاك نصر الله وعِدَتُه (وعده). وقد ثبت في القرآن والسنة مشاركة الملائكة في القتال يوم بدر. ‏

وفرّ المشركون لا يلون على شيء تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار بدر فأُلقوا فيها، وأقام بدر ثلاثة أيام ودفن شهداء المسلمين فيها وهم أربعة عشر شهيداً. ‏

الأسرى والغنائم ‏

‎‎ استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فيما يصنع بالأسرى، فأشار أبو بكر بأخذ الفدية منهم، وعلل ذلك بقوله: " فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام"، وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم "فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها".

ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر بقبول الفدية، وقبلها فعلاً، فنزلت الآية موافقة لرأي عمر، قال تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم) (الأنفال/ 67). ‏

‎‎ أما الغنائم فلم يكن فيها حكم للشرع فنزل قول الله عز وجل: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) (الأنفال/ 1)، وقوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ولرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال/ 41)، فأخرج الرسول صلى لله عليه وسلم الخمس من الغنيمة ثم قسمها بين المقاتلين. ‏

غزوة بدر في التاريخ:‏

لقد كانت موقعة بدر- رغم صغر حجمها – فاصلة في تاريخ الإسلام، لذلك سماها الله عز وجل في كتابه "يوم الفرقان"، لأنه فرق بها بين الحق والباطل، وقد استحق المقاتلون بدر أن ينالوا التقدير الكبير الذي صار يلازم كلمة "البدري"، وفي البخاري: "جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تعدّون أهل بدر فيكم؟ قال: أفضل المسلمين، قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة"، وخلاصة القول أن بدراً كانت بداية لمرحلة جديدة من السيادة والاستعلاء والعزة للإسلام والمسلمين. ‏

في أعقاب بدر:‏

حدثت في أعقاب بدر عدة غزوات صغيرة، ولكن لم يحدث فيها قتال، إما لفرار المشركين أو عدم تلاقي الفريقين أو غير ذلك، ومنها:‏

‏ 1- غزوة قرقرة الكُذر .
‏ 2- غزوة السويق.
‏ 3- غزوة ذي أمر.
‏ 4- غزوة بحران.
‏ 5- غزوة القرَدَة.
الفهرس

——————————————————————————–

غزوة أحد

‏ أين ومتى كانت ولماذا؟

‎‎ وقعت غزوة أحد عند جبل أحد في شمال المدينة، وكانت في شوال في السنة الثالثة للهجرة، ومن أسبابها أن قريشاً أرادت الثأر لقتلاها في بدر، كما أرادت إنقاذ طرق التجارة إلى الشام من سيطرة المسلمين، واستعادة مكانتها عند العرب بعد أن زعزعتها موقعة بدر

جيش المشركين: ‏

‎‎ بلغ عدد جيش المشركين ثلاثة آلاف رجل، ومعهم مائتا فرس جعلوا على ميمنتها خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل، وكان منهم سبعمائة دارع، وشاركت في هذا الجيش قريش ومن أطاعها من كنانة وتهامة.

الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه:‏

‎‎ شاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في البقاء في المدينة والتحصن فيها أو الخروج لملاقاة جيش قريش، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى عدم الخروج، ولكن أصحابه رأوا الخروج فأمضى لهم رأيهم تأصيلاً لمبدأ الشورى، وعملاً بقول الله عز وجل: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) آل عمران/ 159.‏

ولما عدلوا عن رأيهم إلى رأيه في البقاء في المدينة، رفض صلى الله عليه وسلم وعزم على الخروج، ليعلمهم عدم التردد بعد العزيمة والشروع في التنفيذ.‏

جيش المسلمين :‏

‎‎ ارتفعت الراية تتقدم ثلاثة ألوية، لواء المهاجرين يحمله مصعب بن عمير، فلما قتل حمله علي بن أبي طالب، ولواء الأوس يحمله أسيد بن حضير، ولواء الخزرج يحمله الحباب بن المنذر، واجتمع تحت الألوية ألف من المسلمين والمتظاهرين بالإسلام، ومعهم فرسان فقط ومائة دارع ولبس الرسول صلى الله عليه وسلم درعين ليعلمنا الأخذ بالأسباب .‏

انسحاب المنافقين من جيش المسلمين:‏

‎‎ خرج الجيش الإسلامي إلى أحد مخترقاً الجانب الغربي من الحرة الشرقية، حيث انسحب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول بثلاثمائة من المنافقين، وبذلك تميز المؤمنون من المنافقين، قال الله تعالى: (وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطي آل عمران/179. ‏

المواجهة بين الجيشين:‏

‎‎ نظم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش ورد صغار السن، وهم أربعة عشر صبياً منهم عبد الله بن عمر، وجعل صفوف الجيش تواجه المدينة وظهورها إلى أحد، وجعل خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير فوق جبل "عينين" المقابل لأحد، لحماية المسلمين من الخلف، وقال لهم: و رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا مكانكم) رواه البخاري.‏

‎‎ وتقدم جيش قريش وهو يواجه أحد وظهره إلى المدينة، واشتد القتال بين الجيشين وتراجع المشركون أمام بطولة المسلمين الذين شقوا هام المشركين، واستشهد الأبطال: أبو دجانة، وحمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير رضي الله عنهم، ورأى الرماة انتصار المسلمين فتركوا مواقعهم يطلبون الغنيمة ظناً منهم أن المعركة حسمت لصالح المسلمين .‏

‎‎ وهنا بدأ التحول من النصر إلى الهزيمة، فقد التف خالد بن الوليد على رأس خيالة المشركين بجيش المسلمين من الخلف وطوق المشركون المسلمين، وأخذ المسلمون يتساقطون شهداء، وشاع بينهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل فتفرق المسلمون، وبقى حوله سبعة من الأنصار رشيان، فاستشهد ة وبقي طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص يدافعان عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أصيب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المعركة فكسرت رباعيته، وشج في وجهه حتى سال الدم منه .‏

نتائج المعركة:‏

‎‎ أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم – كما تقدم – واستشهد من المسلمين سبعون ولم يؤسر أحد، وقتل من قريش اثنان وعشرون رجلاً، وأسر منهم أبو عزة الشاعر، فقتل صبراً لاشتراكه قبل ذلك في قتال المسلمين بدر

‎‎ وصبر المسلمون على هذه المصيبة، وأنزل الله عزل وجل: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) آل عمران/169.

الفهرس

——————————————————————————–

غزوة حمراء الأسد

أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش الذي شهد أحداً أن يخرج لمطاردة جيش قريش إلى حمراء الأسد رغم إصابة الكثيرين منهم بجراح، وسارع سبعون من الصحابة بالانضمام إليهم، فصار العدد ستمائة وثلاثين، وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقد مدحهم القرآن فقال: (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) آل عمران/ 172.‏

‎‎ وكان أبو سفيان ينوي التوجه بالمشركين إلى المدينة لاستئصال المسلمين فلما علم بخروجهم إلى حمراء الأسد انصرفوا عائدين إلى مكة، وعلموا بقدرة المسلمين على الدفاع ورد العدوان رغم ما أصابهم.

الفهرس

——————————————————————————–

غزوة بدر الموعد

‎‎ كانت سنة أربع للهجرة، حيث خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بألف وخمسمائة من أصحابه ومعه عشرة أفراس، وحمل لواءه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى بدر حسب الموعد المحد بعد أحد، وانتظر المسلمون ثمانية أيام بدر، ولكن أحداً من المشركين لم يأت

‎‎ وكان أبو سفيان قد خرج بألفين من المشركين ومعهم خمسون فرساً فلما وصلوا مر الظهران عادوا بحجة إن العام جدب، وبذلك تحقت للمسلين هيبتهم بين قبائل الجزيرة، واصل المسلمون إرسال سراياهم إلى مختلف الأنحاء حتى كانت غزوة بني المصطلق.

الفهرس

——————————————————————————–

غزوة بني المصطلق (المريسيع)‏

‎‎ بنو المصطلق بطن من قبيلة خزاعة، يسكنون بين المدينة ومكة، والمُريسيع بضم الميم: ماء لبني خزاعة، وقد خرج إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم سنة خمس للهجرة بعدما زادت عداوتهم للمسلين، في نحو سبعمائة مقاتل فأغار عليهم وهم غارّون (أي غافلون) فقتل من قتل منهم وسبى النساء والذرية، وكانت جويرية بنت الحارث من هذا السبي فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأطلق المسلمون السبي إكراماً لها.‏

‎‎ وفي رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة، قال عبد الله بن أبي بن سلول: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، وتبرأ عبد الله بن عبد الله بن أبي من أبيه، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله أنت والله الأعز وهو الأذل"، نع أباه من دخول المدينة حتى يأذن له النبي الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله مرني أن أقتله، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لن يسيء إلى أبيه.‏

‎‎ وفي رجوعه أيضاً كان حديث الإفك، الذي أطلقه المنافقون على السيدة عائشة زوج النبي الرسول صلى الله عليه وسلم لما تخلفت عن الجيش، ولكن الله تعالى أنزل براءتها في نحو عشرين آية من آيات سورة النور.

الفهرس

——————————————————————————–

غزوة الخندق ( الأحزاب)‏

‎‎ كانت في السنة الخامسة للهجرة بعد أن أجلى الرسول صلى الله عليه وسلم يهود بني قينقاع وبني النضير عن المدينة، فتحالف هؤلاء مع قرش وباقي الأحزاب ضد المسلمين، وبقيت قريظة في المدينة تظهر الولاء للمسلين وتبطن العداوة والبغضاء لهم

‎‎ واجتمعت القبائل في مر الظهران وانطلقوا إلى المدينة، وما أن علم المسلمون حتى اجتمعوا للشورى، فأشار سلمان الفارسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق في شمال المدينة، ليشكل حاجزاً يمنع الالتحام بين الغزاة وبين المسلمين، ويمنع اقتحام المدينة، وير للمسلين موقعاً دفاعياً جيداً يمكنهم من رشق الغزاة بالسهام من وراء الخندق، الذي يبلغ طوله خمسة آلاف ذراع، وعرضه تسعة أذرع، وعمقه من سبعة إلى تسعة أذرع، وتم حفره في ستة أيام رغم الجوع والبرد.‏

‎‎ وفي حفر الخندق حدثت آيات ودروس كثيرة تحكي عن منظومة الإيمان التي كان يعيشها المسلمون مع رسولهم صلى الله عليه وسلم، لذا لم يعبئوا وهم ثلاثة آلاف مقاتل في هذه الغزوة أن يكون عدد المشركين عشرة آلاف مقاتل، وأن تكون قريظة قد نكثت عهدها معهم

‎‎ وقد صور القرآن حال المسلمين فقال: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا – هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً ) الأحزاب/ 10-11

الحصار والرحيل:‏

‎‎ فوجئت قريش بالخندق، وكلما هموا باقتحامه أمطرهم المسلمون بالسهام، واشتد الحصار وطال أربعاً وعشرين ليلة لم يكن فيها حرب إلا الرمي بالنبال، ولكن هجمات المشركين لم تنقطع، واستشهد من المسلمين ثمانية منهم سعد بن معاذ رضي الله عنه

‎‎ وكان طول الحصار سبباً في إضعاف معنويات المشركين، وأرسل الله ريح الصبا فاقتلعت خيامهم وكفأت قدورهم وأطفأت نيرانهم ودفنت رحالهم، فنادى فيهم أبو سفيان بالرحيل، وهكذا انفض الأحزاب عن المدينة فتنفس المسلمون الصعداء، (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً) الأحزاب/ 25.

الفهرس

——————————————————————————–

غزوة بني قريظة

‎‎ وهنا انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، ورضوا بأن يحكم فيهم سعد بن معاذ (وهو على فراش الموت قبل أن يستشهد)، فحكم بأن تُقتل الرجال وتُقسّم الأموال وتُسبى الذراري والنساء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الله). ‏

‎‎ وإلى هذا الحد تنتهي فترة الفتن والقلاقل، ليدخل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون فترة جديدة تبدأ بصلح الحديبية.

الفهرس

——————————————————————————–

فترة الهدنة مع المشركين (6ه – 8ه)‏

غزوة الحديبية

‎‎ خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية، في يوم الاثنين مستهل ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة قاصداً العمرة، ونظراً لتوقع الشر من قريش فقد أخذ المسلمون سلاحهم معهم، وبلغ عدد المسلمين في الحديبية ألفاً وأربعمائة رجل. وقد صلى المسلمون بذي الحليفة ورموا بالعمرة وساقوا الهدي (سبعين بدنة).‏

وعندما سمعت قريش بمسيرتهم جمعت الجموع لصدهم عن دخول مكة، وخرج خالد بن الوليد على رأس خيالة قريش لملاقاة المسلمين، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم غير طريق جيشه تجنباً للقتال، ثم عدل عن دخول مكة فنزل على بئر قليلة الماء، فاشتكى المسلمون العطش، فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيها، فما زال يجيش بالماء حتى صدروا عنه، وهذه معجزة تكثير الماء في تلك الغزوة.‏

بيعة الرضوان:‏

‎‎ أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رسولاً إلى قريش – بعد عدة مراسلات – فأبلغهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم يريدون العمرة، وأخرت قريش عثمان فحسب المسلمون أنها قتلته، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للبيعة تحت الشجرة، فبايعوه جميعاً – إلا أحد المنافقين – وكانت البيعة على الموت.‏

‏ وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المبايعين فقال: (أنتم خير أهل الأرض) رواه البخاري، ونزل القرآن برضوان الله على أهل البيعة، قال تعالى: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذا يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكنية عليهم وأثابهم فتحاً قريباً الفتح/ 18.‏

صلح الحديبية:‏

‎‎ أرسلت قريش عدة رسل كان آخرهم سهيل بن عمرو، ليفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان صلح الحديبية نتيجة هذه المفاوضات، وهذه بعض بنوده

‏ 1- أن يعود محمد صلى الله عليه وسلم للطواف بالبيت في العام المقبل، وتخرج قريش من مكة فيدخلها بأصحابه، ويقيموا فيها ثلاثة أيام بسلاح الراكب فقط.
‏ 2- وأن لا يأتي رجل من قريش مسلماً – بغير إذن وليه – إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ردّه إلى مكة.
‏ 3- وأن من أتى قريشاً من مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردّوه.
‏ 4- أن يكون بين الطرفين صدر نقي من الغل والخداع، ينطوي على الوفاء بالصلح.
‏ 5- أنه من أحب أن يدخل عهد محمد صلى الله عليه وسلم دخل فيه -وقد دخلت فيه خزاعة- ومن أحب أن يدخل عهد قريش دخل فيه -وقد دخلت فيه بنو بكر- .
‏ 6- وضع الحرب (هدنة) لمدة عشر سنين.
وهكذا تم الصلح وتمت الهدنة، وقد رفض بعض المسلمون هذا الصلح وأظهروا غضبهم، ومنهم عمر بن الخطاب، ولكن لما علموا أنه أمر الله لم يكن منهم إلا التسليم، وعاد المسلمون إلى المدينة بعد أن نحروا الهدي وتحللوا من العمرة وأقاموا في الحديبية عشرين يوماً.‏

رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء:

لا شك أن مكاتبة الملوك خارج جزيرة العرب تعبير عن عالمية الرسالة، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء/ 107. ومن هذا المنطلق أرسل النبي صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي، إلى قيصر وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى، وعمرو بن أمية الضمري إلى نجاشي الحبشة، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس حاكم مصر، وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي في اليمامة، وذلك بين عامي ستة وسبعة للهجرة.‏

‏ نص كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل:

‎‎ بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية (دعوة) الإسلام، فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسين (أي الفلاحين) و(يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضناً بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آل عمران/64، رواه البخاري.‏

ويلاحظ أن الكتاب صريح في الدعوة إلى الإيمان بالإسلام وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا كانت باقي الكتب الموجهة إلى الملوك والأمراء. ‏

تأديب الأعراب:‏

‎‎ لم تخل فترة صلح الحديبية من أحداث شغب قام بها الأعراب، لكنها لم تؤثر على تفرغ المسلمين للدعوة ونشر الإسلام، ومن هذه الأحداث

‏ 1. غزوة ذات القرد.
‏ 2. قصة عُكل وعُرينة.
‏ 3. غزوة ذات الرِّقاع. وقد سميت كذلك لأنهم لفوا في أرجلهم الخرق بعد أن تنقبت خفافهم، وكان لكل ستة منهم بعير يتعاقبونه، وقد اقترب فيها المسلمون من جموع غطفان دون أن يقع قتال بينهم.
عمرة القضاء:‏

‎‎ كانت في ذي العقدة من السنة السابعة للهجرة، حيث خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة -حسب الاتفاق مع قريش في الحديبية-، وقد بلغ عدد من شهدها ألفين سوى النساء والصبيان، فيهم الذين شهدوا الحديبية، وطاف المسلمون بالكعبة، وأظهروا من القوة والجلد ما جعل قراً تتعجب من قوتهم، ولما انتهت الأيام الثلاثة -حسب الاتفاق- خرج الرسول صلى الله عليه وسلم عائداً إلى المدينة، وأنزل الله في هذه العمرة قوله تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً) الفتح/27.‏

غزوة مؤتة

‎‎ كانت في السنة الثامنة للهجرة في جمادى الأولى، حيث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى الشام، وعين زيد بن حارثة أميراً عليه فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة، وأما الأعداء فكانوا مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى العرب.‏

‎‎ والتحم الجيشان في مؤتة، وكانت ملحمة استشهد فيها القادة الثلاثة، واختار المسلمون خالد بن الوليد قائداً فأعاد تنظيم الجيش وبدل الميسرة بالميمنة وجعل قسماً من الجيش يتقدمون من الخلف وكأنهم أمداد جديدة، وتم الانسحاب المنظم وظهرت عبقرية خالد العسكرية، وكانت الخسائر في الانسحاب ثلاثة عشر شهيداً، مع إيلام الأعداء قتلاً وتجريحاً حتى انكسرت تسعة أسياف في يد خالد بن الوليد رضي الله عنه.‏

ومن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أصحابه باستشهاد القادة الثلاثة وعيناه تذرفان، وأخبر باستلام خالد الراية، ولا شك أن المسلمين أفادوا دروساً وخبرات عظيمة من هذا القاء الأول مع الروم.‏

غزوة ذات السلاسل ‏

‎‎ بعد عودة المسلمين من مؤتة، جهّز النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً بقيادة عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل، قريباً من ديار قضاعة، فتقدم عمرو على رأس ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، واستعان بعض فروع قضاعة، وأمده الرسول صلى الله عليه وسلم بمائتين من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وعليهم أبو عبيدة بن الجراح، وتوغل الجيش في ديار قضاعة التي هربت وتفرقت. وقد أعادت هذه الغزوة للمسلين هيبتهم بعد مؤتة.

الفهرس‏

——————————————————————————–

فتح مكة

السبب المباشر وراء الفتح:‏

‎‎ استمرت هدنة الحديبية نحو ة عشر أو الثمانية عشر شهراً، ثم نقضت قريش الهدنة حيث أعانت حلفاءها بني بكر ضد خزاعة حلفاء المسلمين على ماء الوتير قريباً من مكة، فاستنصرت خزاعة بالمسلمين، وبذلك بطلت المعاهدة، وكان ذلك سبباً مباشراً لفتح مكة

التجهيز للفتح في الطريق إلى فتح مكة:‏

‎‎ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتجهّز للغزو، ولم يعلمهم بوجهته تكتماً لأمر الفتح، واستنفر القبائل التي حول المدينة، وقد بلغ عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل، ولم يتخلف من المهاجرين والأنصار أحد

‎‎ وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في رمضان سنة ثمان للهجرة، واستخلف عليها أبا رهم كلثوم بن حصين الغفاري، وفي الطريق أسلم عدد من زعماء قريش منهم أبو سفيان بن الحارث – ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم – وعبد الله بن أبي أمية- أخو أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها – وكان العباس بن عبد المطلب قد أسلم قبل فتح خيبر ولكنه لم يهاجر إلى المدينة.‏

‎‎ وفي مر الظهران عسكر المسلمون، وخفيت أخبارهم عن قريش حتى ظنت قريش أن هذا الجيش جيش خزاعة، وفي هذه الأثناء صحب العباس – عم الرسول صلى الله عليه وسلم – أبا سفيان ليقابل الرسول صلى الله عليه وسلم فدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فتردد أبو سفيان وعاد في اليوم الثاني فأسلم، واستعرض أبو سفيان جيش المسلمين وقوتهم ثم قال للعباس: لقد أصبح ملك بن أخيك اليوم عظيماً. فقال العباس: ويحك يا أبا سفيان إنها النبوة، قال: فنِعمَ ذا. ومضى أبو سفيان إلى مكة فأخبر قريشاً بقوة المسلمين ونهاهم عن المقاومة.‏

إتمام الفتح:‏

‎‎ في مر الظهران قر النبي صلى الله عليه وسلم الزحف على مكة، فعين القادة وقسم الجيش إلى ميمنة وميسرة وقلب، فكان خالد بن الوليد على الميمنة، وكان الزبير بن العوام على الميسرة، وأبو عبيدة على الرجالة (المشاة)

‎‎ وأما قريش فقد جمعت جموعاً من قبائل شتى ومن أتباعها لحرب المسلمين، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم، وأمر قادة جيشه ألا يقاتلوا إلا من يقاتلهم وأعلن الأمان للناس سوى أربعة من الرجال وامرأتين أباح دماءهم

‎‎ ودخلت جيوش المسلمين حتى انتهت إلى الصفا في التاسع عشر من رمضان سنة ثمان للهجرة، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها من جهة كداء، ودخل خالد بن الوليد من أسفلها، وكانت المقاومة يسيرة، وبلغ عدد الشهداء ثلاثة، وعدد قتلى المشركين قريباً من أربعة ورين، ونادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) .‏

‎‎ وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف القتال عصر أول يوم من الفتح، وأصدر عفواً عاماً عن أهل مكة: (ما تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: لا تثريب عليكم، اليوم يغفر الله لكم) رواه أبو عبيد. وفي رواية أحمد قال: (نصبر ولا نعاقب). هذا العفو حفظ الأنفس من القتل أو السبي وأبقى الأموال والأراضي بيد أصحابها، وهذا خاص بمكة لقدسيتها وحرمتها.‏

تطهير مكة من الشرك والأوثان :‏

‎‎ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم خاشعاً يقرأ سورة الفتح وهو على راحلته، وطاف بالكعبة، وبيّن حرمة مكة وأنها لا تغزى بعد الفتح، وأمر بتحطيم الأصنام وتطهير البيت الحرام منها، وكان عددها ستين وثلاثمائة من الأنصاب، وشارك في ذلك بيده الشريفة، وهو يقرأ: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) الإسراء/ 81. ومحا الصور التي كانت بالكعبة، ثم دخل صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين، وأعطى عثمان بن طلحة مفتاح الكعبة، وبعد تطهير الكعبة من مظاهر الوثنية، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فذهب إلى نخلة وهدم العزى (من آلهة المشركين)، وأرسل عمرو بن العاص فهدم سواعاً صنم هذيل، وأرسل سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة (أحد الآلهة) فهدمها، وبذلك أزيلت مراكز الوثنية.‏

‎‎ ونتيجة لفتح مكة، تحول ثقل معسكر الشرك من قريش إلى قبيلتي هوازن وثقيف، التين سارعتا لملء الفراغ وقيادة المشركين لحرب الإسلام، فكانت غزوة حنين وحصار الطائف.

الفهرس

——————————————————————————–

فترة دخول الناس في دين الله أفواجا (8ه – 11ه)‏

‎‎ تم فتح مكة ودانت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف العرب أن لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته، فدخلوا في دين الله أفواجاً، خاصة بعد غزوة حنين التي كانت عقب فتح مكة مباشرة

غزوة حنين

‎‎ كانت غزوة حنين بين قبيلة هوازن -وثقيف فرع منها- التي حشدت عشرين ألفاً معهم الأموال والنساء والأبناء تحت قيادة مالك بن عوف النصري، وبين المسلمين الذين لم يمض على فتحهم لمكة سوى نصف شهر، فكانوا مستعدين تماماً وبدءوا التحرك باتجاه حنين في الخامس من شوال،صلوا إليها في مساء العاشر من شوال، وكان عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل، انضم إليهم ألفان من أهل مكة من مسلمة الفتح الذين سموا بالطلقاء (أي الذين أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم يوم الفتح)، وقد كان لهؤلاء الطلقاء تأثير سلبي على سير المعركة.

سير المعركة في غزوة حنين:‏

‎‎ سبقت هوازن المسلمين إلى وادي حنين، ورتبوا صفوفهم وضعوا خطتهم، وتقدم خيالة المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، وبقية صفوف الجيش، وتراجعت هوازن في بداية القتال لكنها عادت فرشقت المسلمين بالسهام الكثيفة بصورة دقيقة، فر الطلقاء والأعراب وبقية الجيش، ولم يبقى حول الرسول صلى الله عليه وسلم إلا فئة قليلة صمدت بصموده حتى نادى عليه الصلاة والسلام: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)، وأمر العباس فنادى في الناس، فتجمع لديه مائة أو أقل، ثم أخذ المهاجرون والأنصار بالعودة وهم يرددون لبيك لبيك، واشتد القتال من جديد، قال الله تعالى: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا) التوبة/ 26.‏

ولم تصمد هوازن طويلاً فقد فرت من الميدان، وبلغ قتلى هوازن اثنين وسبعين قتيلاً في الميدان، وثلاثمائة قتيل خلال الفرار والهزيمة، وعدد آخر من القتلى، وأما السبي فقد بلغ ستة آلاف، وبلغت الغنائم مبلغاً عظيماً. أما المسلون فقد بلغ عدد الشهداء أربعة، وأصيب عدد من الصحابة بجروح.‏

حصار الطائف:‏

‎‎ انطلق المسلمون إلى الطائف -التي تحصن فيها مالك بن عوف ومن بقي من هوازن- فحاصروها بضع عشرة ليلة، واشتد الحصار واستشهد اثنا عشر رجلاً من المسلمين مقابل ثلاثة قتلى فقط من المشركين، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم لثقيف بقوله: (اللهم اهد ثقيفاً) رواه الترمذي .‏

‎‎ وفك الرسول صلى الله عليه وسلم الحصار وعاد إلى الجعرانة حيث ترك غنائم حنين، فقسمها مراعياً تأليف قلوب الطلقاء والأعراب، وجاء وفد هوازن يعلن إسلامها فأعاد إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم السبي ورضيت نفوسهم بذلك، وجاء وفد ثقيف بعد ذلك يعلن إسلام ثقيف، فأل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة الثقفي معهم إلى الطائف ليهدما (الات) -وهي الصنم الذي كانوا يعبدونه- فهدماها، وبذلك انتهت أسطورة الات التي عبدت طويلاً من دون الله تعالى.‏

غزوة تبوك

‎‎ وقعت هذه الغزوة في رجب من عام تسع للهجرة، وفيها تحول المسلمون إلى الجهاد خارج الجزيرة بعد أن دانت الجزيرة للإسلام، وقد سارع الصحابة بتجهيز الجيش الذي سمى جيش العسرة -نظراً للضائقة الاقتصادية التي مر بها المسلمون- ، في حين تخلف المنافقون عنها وكانوا يقون: لا تنفروا في الحر.‏

‎‎ وقد بلغ عدد جيش تبوك أكثر من ثلاثين ألفاً، وهذا أكبر جيش قاده الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، وقد تخلف ثلاثة من الصحابة -وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال ابن أمية- عن الجيش بدون عذر، وقصة تخلفهم وتوبتهم مشهورة في القرآن الكريم وكتب السيرة لسنة.‏

العودة من تبوك:‏

‎‎ لم يقع قتال مع الروم في هذه الغزوة، وآثر حكام المدن الصلح على الجزية، وقد مكث الجيش عشرين ليلة ثم عاد إلى المدينة، وجاء المنافقون المتخلفون عن الغزوة فاعتذروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل منهم واستغفر لهم وبايعهم إلا ثلاثة سبق الإشارة إليهم، وكعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، وامتنع عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقاطعهم المسلمون إلى أن نزلت توبتهم في القرآن.‏

ومن نتائج هذه الغزوة أنها وطدت سلطان الإسلام في شمال الجزيرة العربية ومهدت لفتوح الشام فيما بعد .‏

عام الوفود

‎‎ سمى العام التاسع للهجرة بعام الوفود، حيث بدأت وفود القبائل العربية في التوافد على المدينة لإعلان إسلامهم ومبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر كتاب السيرة أن عدد الوفود بلغ ستين وفداً، ذكر منها البخاري وفد تميم، وفد عبد القيس، وفد بني حنيفة، وفد نجران الذي لم يسلم ورضي بالجزية، وفد الأشعرين وأهل اليمن، وفد دوس، وفد طيء، وعدي بن حاتم الطائي، وغير ذلك.‏

حج أبي بكر بالناس عام 9 ه ‏

‎‎ لم يحج الرسول صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولكنه اعتمر فقط ، وأمّر أبا بكر على الحج، فخرج في ذي الحجة إلى مكة على رأس ثلاثمائة من الصحابة ومعهم عشرون بدنة، ونزلت سورة براءة (التوبة) يوم النحر، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً برسالة إلى الناس يوم حج مفادها: (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته) رواه أحمد، وهذه مفاصلة مع المشركين آن أوانها بعد اثنين وعشرين عاماً من الدعوة والنبوة والوحي.‏

حجة الوداع

‎‎ أعلن النبي صلى الله عليه وسلم عزمه على الحج في العام العاشر، فتقاطر الناس من أرجاء الجزيرة العربية للحج معه، وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة. ولما وقف في عرفة نزل قول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة/3.‏

وقد تعلّم المسلمون مناسك الحج من النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة المباركة، التي بلغ عدد المسلمين فيها أربعين ألفاً، حيث استمعوا إلى خطبة الوداع التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفات في وسط أيام التشريق، وجاء فيها:‏

‏(إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا ،ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ هاتين موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع ربانا: ربا عباس بن عد المطلب فإنه موضوع كله. واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد) رواه مسلم. ‏

‎‎ وفي بعض خطبه في منى قال صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) رواه البخاري، وقد حفلت هذه الخطب بالأحكام والتوجيهات، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يودع الناس.

تجهيز جيش أسامة

‎‎ بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجهيز جيش إلى الشام، بعد عودته من حجة الوداع بشهرين أو أكثر، وجعل عليه أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يتوجه إلى البلقاء وفلسطين، فتجهز الناس وفيهم المهاجرون والأنصار وكان معهم أبو بكر وعمر، وبلغ عددهم ثلاثة آلاف، ون هذه الحملة تأخرت بسبب مرض الرسول صلى الله عليه وسلم.

الفهرس‏

——————————————————————————–

وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

‎‎ ألمّ المرض بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع بحوالي ثلاثة أشهر، وكان بدء شكواه في بيت ميمونة أم المؤمنين، وصح في البخاري أيضاً أن شكواه ابتدأت منذ العام السابع عقب فتح خيبر بعد أن تناول قطعة من شاة مسمومة قدمتها له زوجة سلام بن مشكم اليهودية، رغم أنه لفظها ولم يبتلعها لكن السم أثر عليه. وقد طلب صلى الله عليه وسلم من زوجاته أن يمرّض في بيت عائشة أم المؤمنين، فكانت تقرأ المعوذتين وتمسح عليه بيده هو صلى الله عليه وسلم لبركتها.‏

‎‎ ولما أثقله المرض ومنعه من الخروج للصلاة بالناس قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، وراجعته السيدة عائشة رضي الله عنها، لئلا يتشاءم الناس بأبيها، فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن. فأصرّ على ذلك، فمضى أبو بكر يصلي بهم) رواه ن كثير في البداية والنهاية.‏

‎‎ وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ على العباس وعليّ، فصلّى بالناس وخطبهم، وأثنى في خطابه على أبي بكر رضي الله عنه وبين فضله، وأشار إلى تخير الله له بين الدنيا والآخرة واختياره الآخرة، قال: (إن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، فطن أبو ب إلى أنه يقصد نفسه فبكى، وتعجب الناس منه إذ لم يدركوا ما فطن له) رواه أحمد.‏

‎‎ وعندما حضره الموت كان مستنداً إلى صدر عائشة وكان يدخل يده في إناء الماء فيمسح وجهه -من شدة الحمى- ويقول: ( لا إله إلا الله، إن للموت سكرات) رواه البخاري. وأخذته صلى الله عليه وسلم بحة وهو يقول: (مع الذين أنعم الله عليهم)، ويقول: (اللهم في الرفيق الأعلى فعرفت عائشة أنه يُخير وأنه يختار الرفيق الأعلى) رواه البخاري.‏

ودخلت عليه فاطمة فقالت: واكرب أباه، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم)، ودعاها (فأسرّ إليها بشيء فبكت، ثم دعاها فأسرّ إليها بشيء فضحكت). رواه البخاري. وأخبرت رضي الله عنها -بعد وفاته- أنه صلى الله عليه وسلم أخبرها أنه يموت فبكت، وأخبرها بأنها أول أهله لحوقاً به فضحكت.‏

‎‎ وقبض صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى -ورأسه في حجر عائشة- في يوم الاثنين، في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، ودخل أبو بكر رضي الله عنه، وكان غائباً في السنح، فكشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يقبله، وخرج إلى الناس، وهم ن منكر ومصدق من هول الموقف، فقال: أما بعد من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت، قال الله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً، وسيجزي الله الشاكرين)، فسكن الناس وجلس عمر رضي الله عنه على الأرض لا تحمله قدماه، وكأنهم لم يسمعوا الآية إلا تلك الساعة (رواه البخاري).‏

وبكت فاطمة رضي الله عنها أباها صلى الله عليه وسلم، وهي تقول:‏

‎‎ يا أبتاه أجاب ربا دعاه
‎‎ يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه
‎‎ يا أبتاه إلى جبريل نعاه
‎‎ وانتهت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تنته رسالته، فهي خالدة إلى يوم الدين، ولم تنقطع أمته فالخير فيها إلى يوم يبعثون، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الصادق الوعد الأمين، والحمد الله رب العالمين.

الفهرس

——————————————————————————–

‏شمائله صلى الله عليه وسلم

الشمائل: الخصال الحميدة والطبائع الحسنة، وأضاف إليها بعض العلماء الصفات الخِلقية الظاهرة، وجعلها تابعة لأخلاقه صلى الله عليه وسلم، وبناء على ذلك فكتب الشمائل تضم أمرين: ‏

الأول: الصفات الخِلقية:‏

‎‎ فقد وهب الله سبحانه وتعالى لرسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من كمال الخِلقة، وجمال الصورة، وقوة العقل وصحة الفهم، وفصاحة السان وقوة الحواس والأعضاء، واعتدال الحركات، وشرف النسب ما بلغ به حدّ العظمة، وقد تقدم الحديث عن بعض تلك الصفات.

الثاني: الصفات الخُلقية:‏

‎‎ الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل، والقدوة المطلقة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتحلى بالأخلاق الحميدة والآداب الشريفة، وقد بلغ حد الكمال والاعتدال فيها، حتى أثنى عليه الله سبحانه بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم/4، وقالت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم: (كان خلقه القرآن)، وهذا تصديق قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني لأتم مكارم الأخلاق، وأكمل محاسن الأفعال).‏

‎‎ وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم المكارم كلها، ولا غرابة في هذا، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً) النساء/ 113، فإذا كان الله عز وجل هو الذي علمه وأدبه، فلا بد أن يكون المتعلم على أكمل وأتم وأحسن ما يكون التع.‏

‎‎ ولذلك لم تعرف لنبينا صلى الله عليه وسلم زلة، ولا حُفظت عنه هفوة، وكان لا يزيد مع الإيذاء إلا صبراً، ولا مع إسراف الجاهل إلا حلماً، وكان كما تقول عائشة رضي الله عنها، لا ينتقم لنفسه أبداً، بل كان يدعو: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، وموقفه يوم فتح مكة مع المشركين يدل على هذا، فقد عفا عنهم، وقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).‏

‎‎ وهذه بعض صفاته التي كان يتحلى بها صلى الله عليه وسلم:

‏1- حلمه وعفوه.
2- جوده وسماحته.
3- شجاعته
‏4- حياؤه.
5- حسن عشرته وأدبه.
6- شفقته ورأفته.
‏7- وفاؤه وحسن عهده.
8- تواضعه مع علو منصبه.
9- عدله وأمانته
‏10- وقاره.
11- زهده.
12- خوفه من ربه وطاعته له.
‎‎ وسيرته عليه الصلاة والسلام حافلة بالأمثلة والشواهد على ذلك، وقد حرص العلماء على إفراد شمائله وأخلاقه صلى الله عليه وسلم بالدراسة والتأليف، وذلك لما لها من أهمية خاصة بالنسبة للمسل. فمعرفة شمائله عليه الصلاة والسلام وسيلة إلى امتلاء القلب بمحبته وتعظي، وذلك وسيلة إلى تعظيم شريعته واتباع هديه وسنته. ومن أقدم ما ألف في الشمائل كتاب الشمائل للإما الترمذي رحمه الله تعالى.‏

‏فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صّلوا عليه وسلموا تسليماً) الأحزاب/ 56، والصلاة من الله تعالى معناها الرحمة وزيادة الإحسان، وهي من الملائكة استغفار، ومن البشر دعاء، لذا فإنه يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصلاة من الرحمة وزيادة الإحسان والاستغفار والدعاء ما هو أهل له صلى الله عليه وسلم.‏

‎‎ وقد بيّنت السنة الفائدة العظيمة والفضل الكبير الذي ينتظر من يصلي على الرسول الله صلى الله عليه وسلم، من رفع الدرجات والترقي في مراتب الكمال. روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشراً)، ومن السنّة أن يجمع المسلم بين الصلاة والسلام.‏

‎‎ ولذلك كان الحث على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأن في ذلك علو منزلة لمن يأتي بها يوم القيامة، ورضاً من الله تبارك وتعالى عن قائلها. وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم من لا يصلى عليه بالبخل، فإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عنوان للشح، ودليل خبث النفس وسوء الطوية.‏

‏ والصيغة المختارة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث مسلم عن أبي هريرة: (قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)، وتستحب الصلاة والتبريك على أزواجه وذريته صلى الله عليه وسلم.

انتهى الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين…




بارك الله فيك



خليجية



جزاكم الله خيرا



واياكي



التصنيفات
منوعات

تكذيب الرؤيا المزعومة من خادم الحجرة النبوية المسمى الشيخ أحمد

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين حفظهم الله بالإسلام، وأعاذنا وإياهم من شر مفتريات الجهلة الطغام آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

فقد اطلعت على كلمة منسوبة إلى الشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف بعنوان: : (هذه وصية من المدينة المنورة، عن الشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف). قال فيها: (كنت ساهرا ليلة الجمعة أتلو القرآن الكريم، وبعد تلاوة قراءة أسماء الله الحسنى، فلما فرغت من ذلك تهيأت للنوم، فرأيت صاحب الطلعة البهية رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالآيات القرآنية والأحكام الشريفة؛ رحمة بالعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: يا شيخ أحمد، قلت: لبيك يا رسول الله، يا أكرم خلق الله، فقال لي: أنا خجلان من أفعال الناس القبيحة، ولم أقدر أن أقابل ربي ولا الملائكة؛ لأن من الجمعة إلى الجمعة مات مائة وستون ألفا على غير دين الإسلام، ثم ذكر بعض ما وقع فيه الناس من المعاصي، ثم قال: فهذه الوصية رحمة بهم من العزيز الجبار، ثم ذكر بعض أشراط الساعة… إلى أن قال: فأخبرهم يا شيخ أحمد بهذه الوصية؛ لأنها منقولة بقلم القدر من اللوح المحفوظ، ومن يكتبها ويرسلها من بلد إلى بلد، ومن محل إلى محل بُني له قصر في الجنة، ومن لم يكتبها ويرسلها حرمت عليه شفاعتي يوم القيامة، ومن كتبها وكان فقيرا أغناه الله، أو كان مديونا قضى الله دينه، أو عليه ذنب غفر الله له ولوالديه ببركة هذه الوصية، ومن لم يكتبها من عباد الله اسود وجهه في الدنيا والآخرة.

وقال: والله العظيم (ثلاثا) هذه حقيقة، وإن كنت كاذبا أخرج من الدنيا على غير الإسلام، ومن يصدق بها ينجو من عذاب النار، ومن كذب بها كفر).

هذه خلاصة ما في هذه الوصية المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد سمعنا هذه الوصية المكذوبة مرات كثيرة منذ سنوات متعددة تنشر بين الناس فيما بين وقت وآخر، وتروج بين الكثير من العامة، وفي ألفاظها اختلاف، وكاذبها يقول: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فحمله هذه الوصية، وفي هذه النشرة الأخيرة التي ذكرناها لك أيها القارئ، زعم المفتري فيها أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين تهيأ للنوم لا في النوم، فالمعنى: أنه رآه يقظة. زعم هذا المفتري في هذه الوصية أشياء كثيرة هي من أوضح الكذب وأبين الباطل، سأنبهك عليها قريبا في هذه الكلمة إن شاء الله، ولقد نبهت عليها في السنوات الماضية، وبينت للناس أنها من أوضح الكذب وأبين الباطل، فلما اطلعت على هذه النشرة الأخيرة ترددت في الكتابة عنها؛ لظهور بطلانها وعظم جرأة مفتريها على الكذب، وما كنت أظن أن بطلانها يروج على من له أدنى بصيرة أو فطرة سليمة.

ولكن أخبرني كثير من الإخوان أنها قد راجت على كثير من الناس، وتداولوها بينهم، وصدقها بعضهم، فمن أجل ذلك رأيت أنه يتعين على أمثالي الكتابة عنها؛ لبيان بطلانها، وأنها مفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يغتر بها أحد، ومن تأملها من ذوي العلم والإيمان أو ذوي الفطرة السليمة والعقل الصحيح، عرف أنها كذب وافتراء من وجوه كثيرة.

ولقد سألت بعض أقارب الشيخ أحمد المنسوبة إليه هذه الفرية عن هذه الوصية، فأجابني بأنها مكذوبة على الشيخ أحمد، وأنه لم يقلها أصلا، والشيخ أحمد المذكور قد مات من مدة، ولو فرضنا أن الشيخ أحمد المذكور أو من هو أكبر منه زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم أو اليقظة، وأوصاه بهذه الوصية- لعلمنا يقينا أنه كاذب، أو أن الذي قال له ذلك شيطان، وليس هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لوجوه كثيرة منها:

الوجه الأول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى في اليقظة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ومن زعم من جهلة الصوفية أنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، أو أنه يحضر المولد، أو ما أشبه ذلك فقد غلط أقبح الغلط، ولبس عليه غاية التلبيس، ووقع في خطأ عظيم، وخالف الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم؛ لأن الموتى إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة، لا في الدنيا، كما قال الله سبحانه وتعالى: { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } فأخبر سبحانه أن بعث الأموات يكون يوم القيامة لا في الدنيا، ومن قال خلاف ذلك فهو كاذب كذبا بينا، أو غالط ملبّس عليه، لم يعرف الحق الذي عرفه السلف الصالح ودرج عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان.

الوجه الثاني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول خلاف الحق، لا في حياته، ولا في وفاته، وهذه الوصية تخالف شريعته مخالفة ظاهرة من وجوه كثيرة- كما يأتي:- وهو صلى الله عليه وسلم قد يرى في النوم، ومن رآه في المنام على صورته الشريفة فقد رآه؛ لأن الشيطان لا يتمثل في صورته، كما جاء بذلك الحديث الصحيح الشريف، ولكن الشأن كل الشأن في إيمان الرائي وصدقه وعدالته وضبطه وديانته وأمانته، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم في صورته أو في غيرها؟، ولو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث قاله في حياته من غير طريق الثقات العدول الضابطين لم يعتمد عليه، ولم يحتج به، أو جاء من طريق الثقات الضابطين ولكنه يخالف رواية من هو أحفظ منهم وأوثق مخالفة لا يمكن معها الجمع بين الروايتين لكان أحدهما منسوخا لا يعمل به، والثاني ناسخ يعمل به حيث أمكن بذلك بشروطه، وإذا لم يمكن ذلك ولم يمكن الجمع، وجب أن تطرح رواية من هو أقل حفظا وأدنى عدالة، والحكم عليها بأنها شاذة لا يعمل بها، فكيف بوصية لا يعرف صاحبها الذي نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تعرف عدالته وأمانته… فهي والحالة هذه حقيقة بأن تطرح ولا يلتفت إليها، وإن لم يكن فيها شيء يخالف الشرع، فكيف إذا كانت الوصية مشتملة على أمور كثيرة تدل على بطلانها، وأنها مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتضمنة لتشريع دين لم يأذن به الله! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: { من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار }

وقد قال مفتري هذه الوصية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، وكذب عليه كذبا صريحا خطيرا، فما أحراه بهذا الوعيد العظيم، وما أحقه به إن لم يبادر بالتوبة وينشر للناس أنه قد كذب في هذه الوصية على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن من نشر باطلا بين الناس ونسبه إلى الدين لم تصح توبته منه إلا بإعلانها وإظهارها، حتى يعلم الناس رجوعه عن كذبه وتكذيبه لنفسه؛ لقول الله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }

فأوضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن من كتم شيئا من الحق لم تصح توبته من ذلك إلا بعد الإصلاح والتبيين، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة ببعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما أوحى الله إليه من الشرع الكامل، ولم يقبضه إليه إلا بعد الإكمال والتبيين، كما قال عز وجل: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }

ومفتري هذه الوصية قد جاء في القرن الرابع عشر يريد أن يلبّس على الناس دينهم، ويشرع لهم دينا جديدا، يترتب عليه دخول الجنة لمن أخذ بتشريعه وحرمان الجنة ودخوله النار لمن لم يأخذ بتشريعه، ويريد أن يجعل هذه الوصية التي افتراها أعظم من القرآن وأفضل، حيث افترى فيها أن من كتبها وأرسلها من بلد إلى بلد أو من محل إلى محل بُني له قصر في الجنة، ومن لم يكتبها ويرسلها حرمت عليه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وهذا من أقبح الكذب، ومن أوضح الدلائل على كذب هذه الوصية، وقلة حياء مفتريها، وعظم جرأته على الكذب؛ لأن من كتب القرآن الكريم وأرسله من بلد إلى بلد، أو من محل إلى محل لم يحصل له هذا الفضل، إذا لم يعمل بالقرآن الكريم، فكيف يحصل لكاتب هذه الفرية وناقلها من بلد إلى بلد، ومن لم يكتب القرآن ولم يرسله من بلد إلى بلد لم يُحْرم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مؤمنا به تابعا لشريعته، وهذه الفرية الواحدة في هذه الوصية تكفي وحدها للدلالة على بطلانها، وكذب ناشرها ووقاحته وغباوته وبعده عن معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى، وفي هذه الوصية سوى ما ذكر أمور أخرى كلها تدل على بطلانها وكذبها، ولو أقسم مفتريها ألف قسم أو أكثر على صحتها، ولو دعا على نفسه بأعظم العذاب وأشد النكال على أنه صادق لم يكن صادقا ولم تكن صحيحة، بل هي والله ثم والله من أعظم الكذب وأقبح الباطل، ونحن نشهد الله سبحانه ومن حضرنا من الملائكة، ومن اطلع على هذه الكتابة من المسلمين شهادة نلقى بها ربنا عز وجل: أن هذه الوصية كذب وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخزى الله من كذبها وعامله بما يستحق.

ويدل على كذبها وبطلانها سوى ما تقدم أمور كثيرة:
الأول منها: قوله فيها: (لأن من الجمعة إلى الجمعة مات مائة وستون ألفا على غير دين الإسلام؛ لأن هذا من علم الغيب، والرسول صلى الله عليه وسلم قد انقطع عنه الوحي بعد وفاته، وهو في حياته لا يعلم الغيب فكيف بعد وفاته؛ لقول الله سبحانه: { قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } وقوله تعالى: { قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ } وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { يُذاد رجال عن حوضي يوم القيامة فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

الثاني من الأمور الدالة على بطلان هذه الوصية، وأنها كذب: قوله فيها: (من كتبها وكان فقيرا أغناه الله، أو مديونا قضى الله دينه، أو عليه ذنب غفر الله له ولوالديه ببركة هذه الوصية)… إلى آخره.

وهذا من أعظم الكذب، وأوضح الدلائل على كذب مفتريها، وقلة حيائه من الله ومن عباده؛ لأن هذه الأمور الثلاثة لا تحصل بمجرد كتب القرآن الكريم، فكيف تحصل لمن كتب هذه الوصية الباطلة! وإنما يريد هذا الخبيث التلبيس على الناس وتعليقهم بهذه الوصية حتى يكتبوها ويتعلقوا بهذا الفضل المزعوم، ويَدَعُوا الأسباب التي شرعها الله لعباده، وجعلها موصلة إلى الغنى وقضاء الدين ومغفرة الذنوب، فنعوذ بالله من أسباب الخذلان وطاعة الهوى والشيطان.

الأمر الثالث من الأمور الدالة على بطلان هذه الوصية: قوله فيها: (ومن لم يكتبها من عباد الله اسود وجهه في الدنيا والآخرة). وهذا أيضا من أقبح الكذب، ومن أبين الأدلة على بطلان هذه الوصية، وكذب مفتريها، كيف يجوز في عقل عاقل أن من لم يكتب هذه الوصية التي جاء بها رجل مجهول في القرن الرابع عشر، يفتريها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزعم: أن من لم يكتبها يسود وجهه في الدنيا والآخرة، ومن كتبها كان غنيا بعد الفقر، وسليما من الدين بعد تراكمه عليه، ومغفورا له ما جناه من الذنوب، سبحانك هذا بهتان عظيم.

وإن الأدلة والواقع يشهدان بكذب هذا المفتري، وعظم جرأته على الله وقلة حيائه من الله ومن الناس، فهؤلاء أمم كثيرة لم يكتبوها، فلم تسود وجوههم، وهاهنا جم غفير لا يحصيهم إلا الله قد كتبوها مرات كثيرة فلم يقض دينهم، ولم يزل فقرهم، فنعوذ بالله من زيغ القلوب ورين الذنوب، وهذه صفات وجزاءات لم يأت بها الشرع الشريف لمن كتب أفضل كتاب وأعظمه، وهو: القرآن الكريم، فكيف تحصل لمن كتب وصية مكذوبة مشتملة على أنواع من الباطل، وجمل كثيرة من أنواع الكفر؟! سبحان الله، ما أحلمه على من اجترأ عليه بالكذب.

الأمر الرابع من الأمور الدالة على أن هذه الوصية من أبطل الباطل، وأوضح الكذب: قوله فيها: (ومن يصدق بها ينجو من عذاب النار، ومن كذب بها كفر).
وهذا أيضا من أعظم الجرأة على الكذب، ومن أقبح الباطل، يدعو هذا المفتري جميع الناس إلى أن يصدقوا بفريته، ويزعم أنهم بذلك ينجون من عذاب النار، وأن من كذب بها يكفر، لقد أعظم والله هذا الكذاب على الله الفرية وقال- والله- غير الحق، إن من صدق بها هو الذي يستحق أن يكون كافرا لا من كذب بها؛ لأنها فرية وباطل وكذب لا أساس له من الصحة، ونحن نشهد الله على أنها كذب، وأن مفتريها كذاب يريد أن يشرع للناس ما لم يأذن به الله، ويدخل في دينهم ما ليس منه، والله قد أكمل الدين وأتمه لهذه الأمة من قبل هذه الفرية بأربعة عشر قرنا. فانتبهوا أيها القراء والإخوان، وإياكم والتصديق بأمثال هذه المفتريات، وأن يكون لها رواج فيما بينكم، فإن الحق عليه نور، لا يلتبس على طالبه، فاطلبوا الحق بدليله، واسألوا أهل العلم عما أشكل عليكم، ولا تغتروا بحلف الكذابين، فقد حلف إبليس اللعين لأبويكم على: أنه لهما من الناصحين، وهو أعظم الخائنين، وأكذب الكذابين، كما حكى الله عنه ذلك في سورة الأعراف، حيث قال سبحانه { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } فاحذروه واحذروا أتباعه من المفترين، فكم له ولهم من الأيمان الكاذبة والعهود الغادرة والأقوال المزخرفة للإغواء والتضليل.

عصمني الله وإياكم وسائر المسلمين من شر الشياطين، وفتن المضلين، وزيغ الزائغين، وتلبيس أعداء الله المبطلين، الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويلبسوا على الناس دينهم، والله متم نوره، وناصر دينه، ولو كره أعداء الله من الشياطين، وأتباعهم من الكفار والملحدين. وأما ما ذكره هذا المفتري من ظهور المنكرات، فهو أمر واقع، والقرآن الكريم والسنة المطهرة قد حذرا منها غاية التحذير، وفيهما الهداية والكفاية.

ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنَّ عليهم باتباع الحق والاستقامة عليه، والتوبة إلى الله سبحانه من سائر الذنوب، فإنه التواب الرحيم، والقادر على كل شيء.

وأما ما ذكر عن أشراط الساعة، فقد أوضحت الأحاديث النبوية ما يكون من أشراط الساعة، وأشار القرآن الكريم إلى بعض ذلك، فمن أراد أن يعلم ذلك وجده في محله من كتب السنة، ومؤلفات أهل العلم والإيمان، وليس بالناس حاجة إلى بيان مثل هذا المفتري وتلبيسه، ومزجه الحق بالباطل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.




التصنيفات
منتدى اسلامي

مواقع للتأكد من صحة الأحاديث النبوية الشريفة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ، ،

كم مرة أردت كتابة مشاركة أو قرأت موضوعًا ، أو وصلتك رسائل عبر البريد الإلكتروني ، وبها أحاديث تسمع عنها لأول مرة ؟!

كم مرة جلست محتارًا تسأل نفسك ، هل الحديث صحيح أم إنه ضعيف ؟؟!!

الآن و خلال ثواني وعن طريق هذين الرابطين ، بإمكانك معرفة درجة صحة الحديث من عدمها…

لذا نرجو من جميع الأعضاء التأكد من أي حديث قبل وضعه ، حيث لوحظ في الآونة الأخيرة كثرة الأحاديث الموضوعة في كثير من المنتديات ، من بعض الإخوة والأخوات ، على غير علم منهم ، ومن يستطيع إضافة بعض المواقع الخاصة بتخريج الأحاديث فليفعل مشكورا…..

وجزاكم الله خيرا….

كتب الحديث للعلامة الألباني رحمه الله

موقع الدر ر السنية

***




تم التعديل …

جزاك الله خيرا




خليجية



التصنيفات
منوعات

سلسلة السيرة النبوية للشيخ نبيل العوضي

خليجية

..

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

•||■▪₪▪■||•

يـوم مـع نـبـيـنـا وحـبـيـبـنـا خليجية
خليجية
▪◦●◦▪
إخـوانـي أخـواتـي

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم :
( لا يُؤمن أحدُكم حتى أكونَ أحبُ إليه من ولده ووالده والناسِ أجمعين ) رواه البخاري ومسلم .
إن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة عظيمة وأصل من أصول الدين ودعامة أساسية من دعائم الإيمان
كما قال الله تعالى : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } . [سورة الأحزاب: 6]
وسبيلنا في تحقيق تلك المحبة يكون بالسير على خطى الحبيب وإتباع سُنته

ومن أقوى الأسباب التي تُعيننا على حُبه – صلى الله عليه وسلم – هي معرفته ومعرفة سيرته وأخلاقه
وحياته المُشرقة بصدق الإيمان وفضائل الأعمال

ولنا في جيل الصحابة قدوة حسنة فقد كانوا نماذج صادقة في محبة الرسول
فقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عندما قبّل الحجر الأسود : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي يُقبلك ما قَبّلتك ) رواه البخاري .

{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . [ آل عمران: 31 ] .

▪▫

دعـونـا نـُبـحـر
ونسافر عن هذه الدُنيـا قليلاً
ونرجع بالزمن قرون وأعوام لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام وكيف كانت حياتهم
وكيف بدأ نزول وحي الله جل في علاه بالقرآن الكريم على قلب نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وكيف بدأ نور الإسلام
خليجية

بعد توفيق الله والنجاح الكبير الذي حققـه في البرامج الدينية
يُطل علينا الشيخ نبيل العوضي "حفظه الله" في سلسلة مرئية لسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم
بعنوان : السيـرة النبـويـة .. مع الحبيب .
الذي تم عرضه على قناة الوطن في شهر رمضان المبارك

▪▫

عرض الشيخ نبيل , سيرة المصطفى الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة محمد – صلى الله عليه وسلم – بصورة مرئية مميزة , مزج فيها بين الدراما والتقديم الشيّـق والجميل
لـيعيش من خلاله الـمُـشاهِـد سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – صوتاً وصورة
وليتمكن بعض من لم يعرف سيرة الرسول من معرفتها في هذه السلسلة

حيث تنقل الشيخ نبيل في مراحل السيرة النبويـة من حدثٍ لآخر بصورة مُيسرة ومفهومة لجميع المستويات
تدرجاً من قبل ولادة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ما بعد وفاته بحلقات مرئية متتالية عددها (30) حلقة
وسوف يتم عرضها مع روابط التحميل الخاصة بها في هذا الموضوع ليتمكن الجميع من مشاهدتها وتحميلها وحفظها بإذن الله

▪▪
خليجية
««₪»»

كلمة مختصرة للشيخ نبيل العوضي – حفظه الله – عن هذه السلسلة :

لا عجب أن تنال هذه الشخصية العظيمة التي أحبها الله جل وعلا وأحبها الملائكة
وأحبها المؤمنون جميعا وقدموا حبها على حب والديهم وأبنائهم وأنفسهم والناس أجمعين أن تنال النصيب الأعظم
بل لو كانت البرامج كلها في رمضان لا تتحدث إلا عن ( المعصوم ) صلى الله عليه وآله وسلم لما اكتفى المسلمون من العبر والدروس
فهو الهادي إلى طريق الله , وهو السراج المنير لنا في الظلمات ، ولم يرسله الرب عز وجل إلا رحمة للعالمين

{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [سورة التوبة : 128].
إن معرفة سيرة ( الحبيب ) صلى الله عليه وآله وسلم مطلوبة منا للإقتداء به
وتعلم سيرته تجعلنا نزداد حبا له، فالكثيرون وللأسف لا يعلمون شيئا عن ولادته، وعن نشأته في صغره وكيف احتضنته ( حليمة ) , وما قصة شق صدره
وما أخبار رحلته مع عمه أبي طالب , ورحلته في تجارة خديجة وعجائبها , وأكثرنا لا يعلم شيئا عن قصة زواجه بخديجة
ومن أولاده صلى الله عليه وآله وسلم , ومن أمه , ومن زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم

أما عن قصة مبعثة ودعوته السرية ثم الجهرية وما حصل له ولأصحابه في مكة فالأمر مثير للشجون يزيد الإيمان واليقين
وما حادثة الإسراء والمعراج وهجرة الطائف والحبشة ثم هجرة المدينة إلى أحداث وأخطار مر فيها النبي وأصحابه
وكذلك أحداث ما بعد الهجرة من تأسيس دولة إسلامية وعلاقته باليهود

وسوف نعرف بإذن الله خلال البرنامج كيف كان المنافقون يمكرون برسول الله وأصحابه, وكيف كانوا يستغلون الفرصة تلو الأخرى لضرب رسول الله وأصحابه ودولة الإسلام
وسوف نشاهد معارك رسول الله كلها , ونتجول مع حجة الوداع , ونقص حكاية أعظم مصيبة مرت بها الأمة الإسلامية بالتفصيل, وهي وفاته صلى الله عليه وآله وسلم .

البرامج التي تتناول حياة النبي كما ذكرت كثيرة فإن استطاع الواحد منا أن يتابع كل ما يستفيد منها فليفعل
فجلسة مع رسول الله خير من الدنيا كلها , ببرامج تافهة لا تزيد الصائم إلا "خسارا" , ولا القلب إلا "قسوة"

جمعنا الله بحبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم في جنات النعيم , ورزقنا شفاعته يوم الدين , اللهم آمين .

__________
نبيل العوضي
المصدر: موقع طريق الإيمان .
●•
خليجية

•◦
إخـوانـي أخـواتـي

هذه (30) حلقة من سلسلة سيرة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – للشيخ نبيل العوضي
جمعتها ورتبتها من الحلقة الأولى إلى الحلقة الأخيرة مع روابط التحميل المرئية والصوتية الخاصة بها في هذا الموضوع
راجياً من الله عز وجل أن ينفع بها الجميع

وكما قال الشيخ : " فـ جلسة مع رسول الله خير من الدنيا كلها "
•■••

.1
الحلقة الأولى
حـال الـعـرب فـي الـجـاهـلـيـة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

■■•
.2
الحلقة الثانية
حــادثــة الــفــيــل

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

■■•
يتبع..




.3
الحلقة الثالثة
مـولـد خـيـر الـبـشـر "صلى الله عليه وسلم"

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.4
الحلقة الرابعة
زواج النبي "صلى الله عليه وسلم" وعـلامـات الـنـبـوة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.5
الحلقة الخامسة
نـزول الـوحـي على النبي "صلى الله عليه وسلم"

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.6
الحلقة السادسة
بـدايـة الـدعـوة إلى الله والـجـهـر بـهـا

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.7
الحلقة السابعة
تآمُـر المشركين على النبي "صلى الله عليه وسلم" ومساومته على ترك دينه

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.8
الحلقة الثامنة
بداية الجهر بالقرآن الكريم وإيذاء قريش للنبي والمؤمنين

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

•••

خليجية

يُتبع




..

خليجية

••

خليجية

■■•

.9
الحلقة التاسعة
الهجرة إلى الحبشة وإسلام حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.10
الحلقة العاشرة
مقاطعة قريش للنبي والمسلمين معه / وعام الحزن

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.11
الحلقة الحادية عشر
الإسـراء والمـعـراج وبيعـة العقـبـة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.12
الحلقة الثانية عشر
هجرة الرسول "صلى الله عليه وسلم" إلى المدينة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.13
الحلقة الثالثة عشر
إستـقـبـال النبي "صلى الله عليه وسلم" في المدينة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.14
الحلقة الرابعة عشر
الإذن بالقتـال وتحويـل القبلة أحـداث سبقت غزوة بدر

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

يتبع ..




.15
الحلقة الخامسة عشر
غـزوة بدر الـكبـرى وإنتصـار الـمـسـلـمـيـن

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.16
الحلقة السادسة عشر
إجـلاء يـهـود بني قينقـاع والإستـعـداد لغزوة أُحـد

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.17
الحلقة السابعة عشر
أحـــداث غـــزوة أُحــــد

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.18
الحلقة الثامنة عشر
غـزوة حمـراء الأســد / مأسـآة بئر المعونة والرجيع / إجـلاء يهود بني نضيـر

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.19
الحلقة التاسعة عشر
غـــــزوة الأحـــــزاب

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.20
الحلقة العشرون
غزوة بني قريظـة / غـزوة ذي قـرد

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

•••

خليجية

يُتبع ..




خليجية

••

خليجية

■■•

.21
الحلقة الحادية والعشرون
غـزوة بني المصـطـلق / حــادثـة الإفـك

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.22
الحلقة الثانية والعشرون
عـمرة الحديبيـة / صلح الحديبيـة

خليجية

خليجية

خليجية


لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.23
الحلقة الثالثة والعشرون
فــتــح خــيــبــر

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

.24
الحلقة الرابعة والعشرون
عـمـرة الـقـضـاء / مـعـركـة مـؤتـة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

■■•

.25
الحلقة الخامسة والعشرون
فــتــح مـــكـــة

خليجية

خليجية

خليجية

لتحميل هذه الحلقة إضغط على الروابط التالية :

.. جـودة عـالـيـة Avi || جـودة مـتـوسـطـة Wmv || رابـط فـلاش Flv ..
رابـط صـوت Mp3

▪▫

خليجية

■■•

يتبع ..




التصنيفات
منتدى اسلامي

الرقية بالسنة النبوية .

الرقية بالسنة النبوية(*)

1_"اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم,من همزه ونفخه ونفثه"
2_"أعيذك بكلمات الله التامة,من كل شيطان وهامة,ومن كل عين لامة"
3_"أعوذ بكلمات الله التامات,من شر ماخلق"
4_"بسم الله الذي لايضر مع اسمه شئ في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم"(ثلاث مرات)
5_"بسم الله(ثلاث مرات),أعوذ بالله وقدرته من شر ماأجد وأحاذر"(سبع مرات)
6_ بسم الله أرقيك,من كل شئ يؤذيك,من شر كل نفس أو عين حاسد,الله يشفيك,بسم الله أرقيك"
7_ بسم الله يبريك,ومن كل داء يشفيك,ومن شر حاسد اذا حسد,وشر كل ذي عين"
8_ "أسأ ل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك"(سبع مرات)
9_ "لاله الا الله العظيم الحليم,لا اله الا الله رب العرش العظيم,لا اله الا الله رب السموات ورب الارض ورب العرش الكريم"
10_ "يا ذا الجلال والاكرام,ياحي ياقيوم,برحمتك أستغيث"
11_"اللهم,أذهب الباس,رب الناس,أشف وأنت الشافي,لا شفاء الا شفاؤك,شفاء لا يغادر سقما"
12_ "اللهم عافني في بدني,اللهم عافني في سمعي,اللهم عافني في بصري,لا اله الا أنت"(ثلاث مرات)
13_"اللهم أني أسألك العافية في الدنيا والأخرة,اللهم اني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي,وأهلي ومالي,اللهم استرعوراتي ,وآمن روعاتي,اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي,وعن يميني وعن شمالي,ومن فوقي,وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي"
14_"اللهم اهدني وارزقني وعافني وارحمني"
15_"اللهم رحمتك أرجو,فلا تكلني الى نفسي طرفةعين ,واصلح لي شأني كله ,لا اله الا أنت"
16_"اللهم انا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم,ونعوذ بك من شر ماأستعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم,وأنت المستعان وعليك البلاغ ,ولا حول ولا قوة الا بالله"
17_"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم,انك حميد مجيد,اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد"
(*)منتقاة من كتاب:"العلاج والرقى بما صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم"
للدكتور خالد بن عبدالرحمن الجريسي




بارك الله فيك

موضوع مهم ورائع

تسلمين والله

تقبلي مروري

اختك ام ورد




نورتي صفحتي

واجملتي صفحتي بخطك الرائع ياقلبي




التصنيفات
منوعات

هل يعلمنا القرآن الكريم والسنة النبوية صناعة المستقبل ؟

خليجية

هل يعلمنا القرآن الكريم والسنة النبوية

صناعة المستقبل..؟

خليجية
سؤال غاية في الأهمية. لماذا؟
لان الماضي انتهى، وبقي محلاً للعبرة والعظة
واستلهام الدروس، والإفادة من التجربة

ولأن الحاضر محل العمل لما سبق التخطيط له
ولما يفرضه الواقع
ويبقى الأمل في ما يعلقه الفرد
أو المؤسسة في المستقبل لتحقيق طموح
وبلوغ غاية، ومعالجة مشكلة، وتجاوز عقبة

وبناء على ذلك تتأكد صناعته للمستقبل
بشيء من الاحتراف والدقة والنظر في العوامل
المؤدية إلى ذلك.
ولتقرير ذلك يقول سبحانه وتعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ
مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )(1)

والمبدأ نفسه تقرره السنة النبوية
فالنبي صلى الله عليه وسلم
كان يعمل بهذا المبدأ في جميع شؤون حياته
وفي مختلف المجالات، ويبرز ذلك بوضوح في المواسم
فهو يبشر بها للاستعداد والعمل
كما هو معلوم في استقبال رمضان المبارك
وأشهر الحج
والأعمال التي تعمل فيها، وغيرها

كل هذا يستوحى منه النظر بعين البصيرة
وبالتخطيط للمستقبل باستثماره
وفيما يعود بالخير والفائدة على النفس والأسرة والمجتمع

فكل ذلك يدل على أن صناعة المستقبل مبدأ شرعي
وضرورة حياتية وحاجة حتمية لجودة المنتج
وحسن نوعيته، وعمق أثره

والسؤال الذي يرد الآن هل صناعة المستقبل
دنيوياً أو أخروياً؟
وهل هو خاص للفرد فحسب أو للمؤسسات
والمجتمع بعامة؟
ولعل من بدهي القول أن النظر لكل مستقبل
دنيوياً أو أخروياً
ولكن نظرة الإسلام
وما علمتنا السنة النبوية أن لا فصل بينهما
فمتى ما حاول المرء صناعة مستقبله الدنيوي المشروع
فيندرج تحته مايصنعه لآخرته لأن الدنيا مزرعة للآخرة
فهما لاينفصلان
ولذلك يردان جميعاً في القرآن سواء في العمل والنتيجة
وهكذا كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم
يقول تعالى
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(2)
فلينظر القارئ الكريم في هذه الآية
الجزاء الدنيوي : الحياة الطيبة
الجزاء الأخروي : الجزاء بأحسن ما كان من العمل
فالربط بينهما واضح

كما أن النظر إلى الآخرة
النظر المجرد لايمنع من الاستمتاع بالدنيا
يقول تعالى في قصة قارون
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ
وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ
وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )(3)
فربط سبحانه بين
الهدف في الآخرة – وهو الأصل
المتعة في الدنيا
هذان الهدفان ثمرة للإحسان في الدين
وعدم الفساد والإفساد في الأرض

خليجية

هكذا يصنع المستقبل ويصاغ
وهكذا الخط العريض لكل مسلم يريد صناعة المستقبل
ويبقى أن يصوغ كل مسلم برامجه في ضوء هذا الخط العريض وهكذا كان عليه الصلاة والسلام مع نفسه
وأهله، وأسرته متمثلاً
قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ
نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )(4)
وبهذه الصناعة يقي المرء نفسه وأسرته من النار
وهي من أعظم صيغ صناعة المستقبل

هذه الصناعة كما هي للفرد نفسه؛
وهذا واضح
وهي من الفرد المسؤول لأسرته كما في الآية السابقة
وهي للمؤسسة، والجمعية، والمجتمع، والدولة
لا فصل بينها فيجب أن تسير وفق خطوط متوازية
تنطلق من منطلق واحد
لتصل إلى نتيجة واحدة تنعكس على الجميع

وبالمثال يتضح المقال
فالأب يعمل بخطوط متوازية فهو في الوظيفة يؤدي وظيفته
الواجبة في المجتمع، حريص على إتقانها
فهو هنا عمل لدنياه، وهو مأجور في آخرته

وفي الوقت نفسه يعمل موجهاً ومربياً لأسرته
ويجد ويجتهد في كسب العيش لهم
ومن ثم تربيتهم ليكونوا عناصر صالحة
فهو عمل لسعادته وسعادتهم في الدنيا
وهنا يضاعف له الأجر في آخرته كما استمتع بدنياه أيضاً
وهو عامل لنفسه في عبادته مع ربه
يقوم بالتكاليف الواجبة عليه، مؤدياً لها بإتقان
فأسعد نفسه بها وهي الرصيد العظيم له في الآخرة
وهكذا في كل ما يقوم به.
ومثل هذا يمارس صناعة المستقبل
إذا ما جعل تلك المهمات يكمل بعضها بعضاً
ويخدم بعضها بعضاً غير منفصلة في أجزاء متناثرة

فإذا ما قام بهذه الأعمال مخططاً لها
وفق رؤية متكاملة مترابطة فقد أجاد صناعة مستقبله

ولعل من المفيد في ختام هذه المقالة القصيرة
أن تكون إجابة على سؤال مهم
وهو: ما الأدوات المعينة للنظر في المستقبل؟
ويمكن تلخيصها بما يلي
والإشارة تغنى عن العبارة
مفتاحها : معرفة الإنسان لنفسه
ولمهمته في هذه الحياة
فكثير من المضيعين لمستقبلهم لم يعرفوا أنفسهم حق المعرفة
والله جل وعلا يقول
(بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ )(5)

ويندرج تحت ذلك معرفته لقدراته
فالله سبحانه أودع كل إنسان قدرات تختلف عن الآخر
وهي كامنة في النفس
والحصيف الذي يصنع مستقبله هو الذي يعرف قدراته
ويستكشفها ويفعلها
قال تعالى
( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ، وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )(6)
معرفة إمكاناته المتاحة
فلا يمكن صناعة المستقبل من خلال جموح خيال
أو مطالب عسيرة أو مستحيلة
ولكن كما قال تعالى
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا )(7)

وكما قال عليه الصلاة والسلام
"مه . عليكم من العمل ما تطيقون
فوالله لا يمل الله – عز وجل – حتى تملوا" (8)

الانطلاق من تفعيل العمل الحياتي
سواء كان وظيفة أو تجارة أو غيرها
وعدم فصلها عن حياته
وكثير من الذين سئموا من أعمالهم لأنهم فصلوها
عن حياتهم فتجزأت الحياة

دراسة التجارب الأخرى
– كل بحسبه –
والاستفادة من الآخرين فلا يولد الإنسان متعلماً
بل يستعرض تلك التجارب لينطلق من ما وقف عليه الآخرون
فهو هنا استثمر جهودهم وخبرتهم فيصنع مستقبله بشيء
من الوضوح والخبرة التراكمية

دراسة التاريخ ففيه العبر والدروس
وقد جاء في القرآن الكريم كثير من الآيات
تتضمن التوجيه لأخذ العبرة من الأمم السابقة
لكي لا يقع المسلمون فيما وقعت فيه تلك الأمم
وكذلك داخل هذه الأمة تدرجت العلوم والمعارف
وتراكمت الخبرات والتجارب فالحصيف من يدرسها ليستفيد منها ليصنع مستقبلاً مبهراً

دراسة حياة العظماء الذين أسهموا في توجيه الآخرين
وإفادتهم ومعرفة السبل التي سلكوها
فالحكمة ضالة المؤمن أنىّ وجدها فهو أحق بها

وأخيراً: التأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

فما من مبتغى يبتغيه المسلم إلا وجده
وقد وجه ربنا جل وعلا إلى ذلك
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ) (9)

خليجية

إن مريد صناعة المستقبل إذا جمع هذه العوامل
فسيصل إلى النتيجة الواضحة لمستقبل مشرق
ويرضى عنه خالقه ثم يرضى نفسه، وأسرته ومجتمعه
ولعل من المناسب أن أشير هنا إلى بعض مواطن
العلل والخلل في أساليب حياتنا تجاه النظر إلى المستقبل
وصناعته بحق ومن ذلك
1- عدم النظر إلى المستقبل أصلاً
، ويندرج تحت ذلك عدم وجود هدف يسعى له الفرد أو المؤسسة وهذا في عمق الخطأ إذ ينبني على ذلك عدد من السلبيات
من أهمها: ضياع حياته، وملله، وسأمه
وضيقه، وتأخره .. الخ
وهذه من آفات العصر التي تحتاج إلى استفاضة
في الحديث عنها

2- النظر للمستقبل بكليته وتضخيمه حتى يصل إلى نوع
من الخيال يبعد تحقيقه
وهذا عند من يتقعر ويبالغ ويبعد عن الواقعية في حساباته
ومن شأن هذا عدم تحقيق أهدافه الخيالية
وإصابته بردود أفعال متتالية

3- الفوضوية في الحياة وعدم ترتيبها
وقد علمنا الإسلام أهمية الوقت وترتيبه من خلال العبادات فالفوضوية من الآفات الكبيرة التي تقضي على كل مشروع طموح
أو آمال واقعية، ومن ثمّ تضعف النتائج الإيجابية

4- عدم الاستفادة من النقاط الإيجابية عند الإنسان نفسه
ومن ذلك القدرات التي منحه الله تعالى إياها
فيضيعها سدى، ولم يعلم هذا الإنسان كم أودع الله تعالى
فيه من قدرة يمكن أن يفيد نفسه وغيره فيه
ا لكن فرّط فيها وأهدرها

5- عدم الاستفادة من الإمكانات المتاحة
وبخاصة في مثل هذه البلاد التي حباها الله تعالى
بكثير من الإمكانات ومنها وجود دور العلم والمعرفة
وعدد كبير من العلماء
والتمسك بالمعتقدات والقيم
وغيرها وهذا من مواضع الخلل الكبيرة

خليجية

وبناءً على تلك الإشارات السابقة على المسلم الجاد
، ذكراً كان أو أنثى
أن يبدأ خطوته الأولى
ويعد العدة الشاملة والإعداد العلمي، والتخطيطي
من غير تكلف ولا شطط
ومثله كل مؤسسة
وسيجد الجميع بإذن الله مستقبلاً يفوح بالفأل
والنتائج الإيجابية
في الدنيا والآخرة وإلى مستقبل باسم لكل محاول
لصناعته صناعة إيجابية.

حقق الله الآمال وسدد الخطى

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،




يعطيكـِ العافيه على الطرح الراقي
سلمت يمينك بما قدمَت
ننتظر جديدكـ الرائع دوما
بارك الله فيكِ وجعله بميزان حسناتك
تحية طيبة معطرة بعبير الورد



التصنيفات
منتدى اسلامي

من أساليب التربية النبوية

من أساليب التربية النبوية

د . عثمان قدري مكانسي:0108:

من أساليب التربية النبوية:0136:
الحوار
بقلم د . عثمان مكانسي

قد يمر الرسول صلى الله عليه وسلم في مكان فيرى أمراً يستحق التعليق عليه ، أو يسمع كلمة فيلقي الضوء عليها ، فتكون هذه الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم عظة وعبرة تؤثر في نفوس أصحابه ، وقد يحاور أصحابه ليصل معهم إلى فكرة يثبتها في عقولهم ، أو يرشدهم بها ويهذب نفوسهم ، ويدلهم على طريق الخير الموصل إلى رضاء الله تعالى .
من ذلك ما رواه عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه
قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَبْيٍ ، فإذا امرأة من السبي ( الأسرى ) قد تحلَّب ثديها إذ وجدت صبياً في السبي ، فأخذته فألزقته بطنها فأرضعته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار وهي تقدر على أن لا تطرحه ؟ قلنا : لا والله . قال : فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها .
وكثيراً ما كان السبي في ذلك الوقت ، وكثيراً ما كانت النساء يفعلن ذلك بأولادهن ، فهذا أمر عادي ألفه الناس ، فهو جزء من حياتهم اليومية ، فقدوا بهذه العادة التلذ بمعنى الأمومة والأبوة .. فنبههم رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو المعلم العظيم – إليها فتذكروها ، ثم قادهم إلى أهم من ذلك .
قادهم إلى حب الله إياهم ورحمته بهم ، فإذا الله تعالى بقوته وعظمته وسلطانه وهو ليس بحاجة إليهم يحبهم هذا الحب الكبير ، أفلا يستحق سبحانه أن يبادلوه حباً بحب ؟ ! هم عبيده يحتاجونه في كل لمحة وحركة ، في كل طرفة عين ونَفَسٍ ، نواصيهم بيده ، ماض فيهم حكمه ، أفلا يتوجب عليهم أن يخلصوا في عبادته والإنابة إليه ، والعمل بما يرضيه ؟!..
إنها لفتة عظيمة من المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم .
وهذا أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو حكيم فيما يروي البخاري : يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحاوره قائلاً : يا رسول الله من أبرُّ ؟ ( يريد أن يكون من أهل الله الذين يبغون ثوابه ويخافون عقابه ) . قال صلى الله عليه وسلم : أمك . ( كلمة واحدة تعبر عن إرضاء الأم الكريمة ذات الفضل العظيم الذي لا يدانيه فضل ، فالجنة تحت أقدامها ) .
قال : قلت : من أبرُّ ؟ ( أي من أبرّ بعدها يا رسول الله ؟) قال صلى الله عليه وسلم : أمك . ( إذن فضلها كبير يا رسول الله ، لا يدانيه فضل مهما علا وسما ) .
قلت : من أبرُّ ؟ ( من في المرتبة الثالثة بعد الأولى والثانية المخصصتين للأم حفظها الله ورعاها ؟)قال صلى الله عليه وسلم : أمك . ( الله أكبر ، إنها كلمة كررها رسول الله تنبئ عن فضل الأم ، فهي نبع الحنان ونهر الرحمة وسحائب الغفران ، إرضاؤها خطير وإكرامها واجب كبير ) .
قلت : من أبرُّ ؟ ( أهناك من أبره بعدها يارسول الله ؟ ، هي في المقام الأول والثاني والثالث ، هي باب الجنة ومفتاح الخيرات . )
قال صلى الله عليه وسلم : أباك . ( فهو المربي والأسوة الحسنة لأولاده ، يشقى لأجلهم ويتعب لراحتهم ، رضاه من رضى الرب ، وسخطه من سخط الرب إكرامه واجب وحبه لازب ، أدخلهما الله جميعاً جنته في الفردوس الأعلى ) .
ثم الأقرب فالأقرب إنه الدين العظيم الذي يدعو : إلى الإحسان والبر ، وإلى التوقير والاعتراف بالفضل ، والذي يدعو إلى صلة الأرحام ، وبناء مجتمع المحبة والوئام .) .
والحوار الذي يقوم على طرح الأسئلة من الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، أو من الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يثير الانتباه ، ويحرك الذكاء ويقدح الفطنة ، فتراهم يرتون من حكمته صلى الله عليه وسلم في قالب من الاقتناع والحوار الهادف .
تعال معي لترى مصداق ما قلناه :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى رسول الله صلى اله عليه وسلم فقال :
إني نحلت ( أعطيت ) ابني هذا غلاماً كان لي .
قال صلى الله عليه وسلم : أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا ؟
قال : لا .
قال صلى الله عليه وسلم : فأرجعه . وفي رواية : ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) . وفي رواية : ( فلا تشهدني إذن ، فإني لا أشهد على جور أبداً ) ، وفي رواية ثالثة : ( فأشهد على هذا غيري ) .
ثم قال : أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟
قال : نعم . قال : فلا إذن { متفق عليه ، وهو في رياض الصالحين الحديث / 341 / .
حوار هادف وضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن العدل بين الأبناء مطلوب ، وأن البر بهم يؤدي إلى برهم بوالديهم ، وأنه كما تدين تدان . كما وضّح الحديث أن على الإنسان ألا يشهد بغير الحق والعدل ، وأن عليه تبصير الناس بأمور دينهم ، وأن يكون الداعية عوناً لإخوانه على إرضاء الله عز وجل .
ومن الحوار الذي أثرى فيه الحديث عن فضيلة الصدقة والحث عليها ، ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟
قالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه .
فقال صلى الله عليه وسلم : اعلموا أنه ليس منكم أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله ، مالك ما أنفقت ومال وارثك ما أخرت .
محاورة وضعت النقاط على الحروف بأسلوب مقنع واضح لا تعقيب عليه .
ومن الأحاديث التي بينت صغار الدنيا وهوانها على الله تعالى : ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق … فمر بجدي أسكَّ ( الأسك : مصلوم الأذنين ومقطوعهما ) ميت ، فتناوله بأذنه ثم قال : أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟
قالوا : ما نحب أنه لنا بشيء . ( أو ما نصنع به ؟ )
قال : أتحبونه أنه لكم ؟
قالوا : والله لو كان حياً كان هذا السك عيباً فيه ، فكيف وهو ميت ؟!
قال : فوالله ؛ للدنيا أهون على الله من هذا عليكم .
أسلوب حواري عملي ، يرى رسول الله جدياً ميتاً ، مقطوع الأذنين ، تزكم رائحته الأنوف ، يمسكه من إحدى أذنيه ويعرضه على أصحابه ، أن يشتروه بدرهم ، فيأبوا ذلك ، وماذا يفعلون بجيفة قذرة ؟ ولو كان حياً وهو مقطوع الأذنين ما رغبوا فيه فكيف وهو ميت ؟!
وحين يصلون إلى هذا القرار يعظهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء

من أساليب التربية النبوية
الموعظة وضرب المثل
د . عثمان قدري مكانسي

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعين على توضيح مواعظه بضرب المثل مما يشهده الناس بأم أعينهم ، ويقع تحت حواسهم ، وفي متناول أيديهم ، ليكون وقع الموعظة في النفس أشد ، وفي الذهن أرسخ . ومن الأمثلة على ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :
{ مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة : ريحها طيب ، وطعمها طيب ،
ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة : طعمها طيب ، ولا ريح لها ،
ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ،
ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة : طعمها مرٌّ ولا ريح لها .}
فالناس كما قسمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أنواع ، والسامعون يرهفون السمع ، يريدون أن يتعرفوا هذه الأقسام الأربعة ليوازنوا بينها ، ويحددوا في أي صنف يكونون .
وهذه الموازنة تجعلهم يرغبون بالتعرف على سمات كل طائفة ، ومن ثمَّ ينضمون إلى الطائفة المرجوة
فما أبلغ الترغيب في المثل الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أزجر التحذير من الشر !
جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال : يا رسول الله ، كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم ؟ قال – صلى الله عليه وسلم : { المرء مع من أحب }
فذهب رد رسول الله مثلاً يقال في كل موقف مشابه ، وازداد المسلمون حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيما يكونوا معه في الجنة .
وبما أن الإنسان يريد أن يكون مع الصالحين ، وقد يكون قصر عنهم في أعماله – وليس في الإسلام يأس من بلوغ الدرجات العلا – فعليه أن يحبهم ويواليهم ليكون في زمرتهم يوم يتخلى كل خليل عن خليله إلا خليلَ الإيمانِ والحبِ في الله .
روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يدخل الجنة قتات }
فذهبت هذه الجملة مثلاً يذكر كلما ذكر النمام وفعله ، أو تحدث الناس في أخبار النمامين والواشين والكاذبين ، وتعوّذ الناس من مصيرهم ، واجتنبوا أن يكونوا مثلهم .
وما أجمل قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم للأقرع بن حابس – الذي رأى رسول الله يقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم – : { من لا يرحم لايرحم } .
جملة طبقت الآفاق وتداولها الناس في مجالسهم { من لا يرحم لا يُرحَم } إنها دليل الرحمة في الإسلام وطريق الوصول إلى رحمة الله بنا ، وكما تَدينُ تُدان .

من أساليب التربية النبوية
ذكر الصالحين
الدكتور عثمان قدري مكانسي

إن الأذن لتسرع إلى سماع أخبار الصالحين
وإن النفس لترغب أن تعرف أحوالهم وما يخصهم .
فهم القدوة والمثل ، والراغب في الكمال يتأساهم ويتحسس خطاهم ، وهكذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يتعاهد أصحابه كل حين بأخبار الصالحين الأولين .
فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :
قال موسى – عليه السلام – يا رب ، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به .
قال رب العزة – جلَّ وعلا – : قل يا موسى : { لا إله إلا الله } .
قال : يا ربِّ ، كل عبادك يقولون هذا ؟ .
قال : يا موسى ، لو أن السموات السبع وعامرَهنَّ – غيري – والأرضين في كفة ، ولا إله إلا الله } في كفة ، لمالت بهن { لا إله إلا الله } .
فالسامع يسمع اسم سيدنا موسى – عليه السلام – وهو من الأنبياء أولي القوة … والنفس المؤمنة تميل إليه وتحبه { وألقيت عليك محبة مني } ثم يسمع ما سأل ربَّه ، فيعلم أن هناك فائدة يفيد منها ، فَلْنَعِ ما يقوله الله تعالى له ، ولنسِرْ على خطاه ، فمن استهدى المهدين اهتدى .
وهكذا يكون الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بذكر حوارموسى – عليه السلام – مع ربه – قد غرس فينا حب { لا إله إلا الله } ، وعرَّفنا مكانتها ، وحثنا على الإيمان بها .
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال :
بينا أيوب – عليه السلام – يغتسل عُرياناً ، فخرَّ عليه جراد من ذهب ، فجعل أيوب يحثي في ثوبه ، فناداه ربه – عزَّ وجلَّ – : يا أيوب ، ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟
قال : بلى ، – وعزتك – ولكن لا غنى لي عن بركتك .
فهذا النبي – أيوب عليه السلام – له في نفوس المسلمين حب وهوى لما عرف عنه من صبره على الابتلاء – والصبر من سمات الصالحين – والرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يرينا أن المال الصالح للعبد الصالح بركة ويمن ، وأن النفس البشرية تهوى المال { ويحبون المال حباً جما } ، وأن الله تعالى يختبر حتى الأنبياء ، وأن المال يشغل حتى كرام الناس .
فهذا أيوب – عليه السلام – ينسى أنه عريان فيشتغل بجمع الذهب ويحرص عليه ، والإنسان لا يعدم سبباً يعلل به حبه للمال ( … ولكن لا غنى لي عن بركتك ..)
كما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :
بُعِثَ موسى وهو راعي غنم ، وبعث داود وهو راعي غنم ، وبعثت أنا وأنا أرعى غنماً لأهلي بأجياد .
وهل هناك أفضل من موسى وداود والأنبياء ، وعلى رأسهم رسول الله – صلوات الله عليهم جميعاً ؟ ! .
ماذا كان عملهم ؟ لم كونوا تجاراً ولا ومهندسين أو أطباء أو مقاولين ، ولم يكونوا يسكنون القصور والبيوت الفخمة ، كانوا فقراء يرعون الغنم للناس ، فرعوا الأمم بعد ذلك .
والإنسان – كما يعلمنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بهذا الحديث : يشرُف ُ بعمله لا بنسبه ، وبإيمانه لا بحسبه ، وبروحه لا بماله ، وبعقله لا بطينه ، فعلى الإنسان أن يعمل ولا يحقرن شيئاً من عمله .
فآدم – عليه السلام – كان مزارعاً ، ونوح – عليه السلام – كان نجاراً ، وموسى – عليه السلام كان راعياً ، وما من نبي إلا رعى الغنم ، وعلى الإنسان أن يأكل من عمل يده ( ما أكل امرؤ طعاماً قطُّ خيراً من عمل يده ) ، وعلى الإنسان أن يبحث عن اللقمة الحلال من العمل الحلال ، فيها الأمن والأمان والصحة والعافية ، ورضى الرحمن .
إن ذكر الصالحين مدعاة للاقتداء بهم والسير على منوالهم .. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين يا رب العالمين .

:11_1_209[1]:




مشكوره يالغلآ



بارك الله فيك اخيتي
وجعله الله في ميزان اعمالك
اختك ام ورد



التصنيفات
منوعات

من الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية

من الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية

الوسيله الاولى : خدمة الناس وقضاء حوائجهم : جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ، والميل إلى ‏من يسعى في قضاء حاجاتها ، وأولى الناس بالكسب هم أهلك وأقرباؤك ؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :«خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي» رواه الترمذي وابن ماجه . ومنا من لا يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه : كوالديه ، وزوجته ، وأقربائه ، فتجد قلوبهم مثخنة بالضغينة عليه لتقصيره في حقهم ، وانشغاله عن أداء واجباته تجاههم .

ومن أصناف الناس الذين نحتاج لكسبهم ، ولهم الأفضلية على غيرهم الجيران ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» رواه البخاري ومسلم . وأي إكرام أكبر من دعوتهم إلى الهدى ، ولذلك ينبغي أن نتحبب إلى الجار ، فنبدأه بالسلام ، ونعوده في المرض ، ونعزيه في المصيبة ، ونهنئه في الفرح ونصفح عن زلته ، ولا نتطلع إلى عورته ونستر ما انكشف منها ، ونهتم بالإهداء إليه وزيارته وصنع المعروف معه وعدم إيذائه .

ومن أصناف الناس الذين ينبغي أن نكسبهم إلى صف الدعوة : من تقابلهم في العمل ممن هم بحاجة إليك . . فإذا كنت طبيبا فالمرضى ، وإذا كنت مدرسًا فالطلاب ، وإذا كنت موظفًا فالمراجعون . فلا بد من كسب قلوبهم من خلال تقديمك لأقصى ما تستطيعه من جهد في خدمتهم . فالوظيفة مجال خصب لكسب قلوب الناس وتبليغهم دعوة الله . .

وإنما خصصت هذه الأصناف الثلاثة من الناس ‏بالذكر ، وهم : الأهل ، أو الأقرباء ، والجيران ، ومن نلقاهم في وظائفنا لسببين هما :

كثرة اللقاء بهم ، والثاني :كثرة التقصير أو الإهمال لحقوقهم مما له الأثر السلبي في تقبلهم لما ندعوهم إليه ؛ إذن فالمسلم . . فضلا عن الداعية ينبغي أن يسع الناس كلهم بخلقه ، وتضحيته ؛ ولذلك وصفت خديجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقالت : «إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق» رواه البخاري ومسلم

‏الوسيله الثانيه: الحلم ، وكظم الغيظ : يخطئ بعض الناس أحيانًا في حقك . . يوعد ، فيخلف ، أو يتأخر ، أو يجرحك بلسانه ، فلا بد لكسبه من حلم ، وكظم ‏للغيظ ؛ لأنك صاحب هدف وغاية تريد أن تصل إليها ؛ ولذا لا بد من حسن تصرفك والله عز وجل يمتدح هذا الصنف من الدعاة ، فيقول : ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران : 134 ] .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : «كنت أمشى مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال : مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء» رواه البخاري ومسلم . وهذا الموقف من سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام لا يحتاج منا إلى تعليق سوى أن نقول ما قاله الحق في وصف نبيه :﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم : 4 ] .

‏الوسيله الثالثه: السماحة في المعاملة : يوجز الرسول صلى الله عليه وسلم أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس ، ويكسب ودهم وحبهم ، فيقول :«رحم الله رجلا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى» رواه البخاري . فالسماحة في البيع : ألا يكون البائع شحيحا بسلعته ، مغاليا في الربح ، فظا في معاملة الناس . والسماحة في الشراء : أن يكون المشتري سهلا مع البائع ، فلا يكثر من المساومة ؛ بل يكون كريم النفس ، وبالأخص إذا كان المشتري غنيا ، والبائع فقيرًا معدمًا .

والسماحة في الاقتضاء : أي عند طلب الرجل حقه ، أو دينه ، فإنه يطلبه برفق ولين . . وربما تجاوز عن المعسر ، أو أنظره ، وانظر كيف دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قلب هذا الرجل ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :«كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل فجاءه يتقاضاه فقال : أعطوه . فطلبوا سنه فلم يجدوا له إلا سنًا فوقها فقال : أعطوه . فقال : أوفيتني أوفى الله بك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خياركم أحسنكم قضاء»رواه البخاري ومسلم .

ومن السماحة في المعاملة : عدم التشديد في محاسبة من قصر في حقك . فعن أنس بن مالك قال : «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، والله ما قال لي أفا قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟» رواه البخاري ومسلم .




التصنيفات
منتدى الرشاقة

ريجيم التلبينة النبوية

تناولي وجبة من التلبينة وهي دقيق الشعير المطحون بنخالته, لتساعدك على إنقاص وزنك, وتزيل عنك الاكتئاب, وترفع من روحك المعنوية.

فوائد هذه الوجبة

وتعود أهمية وفوائد هذه الوجبة إلى أن الشعير يتميز باحتوائه على نسب عالية من البوتاسيوم الذي يحل محل الصوديوم في الخلايا, فيخرج ملح الصوديوم والماء الزائد عن حاجة الجسم عن طريق البول, كما أن مادة النخالة غير قابلة للهضم وبالتالي لا تمتص فتتحرك داخل الأمعاء وتحرك معها العضلات.

· تقليل الإحساس بالجوع .
تحتوي التلبينة على تركيزات عالية من معدن الكروميوم الذي يتحكم بنسبة الأنسولين في الدم, فلا يشعر الإنسان بالجوع إلا بعد مرور وقت طويل بعد تناولها, وتتواجد كميات كبيرة من الأحماض الدهنية الغير مشبعة فيها, وهذه الأحماض تهدئ من تقلصات المعدة لتقلل الإحساس بالجوع.

· طاقة عالية .
تناول التلبينة في الصباح يعطي الجسم طاقة عالية تستمر طوال اليوم, ولا تسبب هذه الطاقة ارتفاع في نسبة سكر الدم, ولا تتحول إلى دهون.

· معالجة الاكتئاب .
تعالج التلبينة الاكتئاب لوجود مركبات فيها تعمل على مقاومة الاكتئاب, وتخفض من مشاعر الحزن والضيق.
· النظام الغذائي .
إذا التزمت بتناول حصة من التلبينة (كوبان يحتويان على 250 سعرا) بدلاً من طعام الإفطار لمدة أربعة أسابيع, بالإضافة لممارسة الرياضة المعتادة لمعالجة البدانة, ستكون النتيجة الحتمية هي انخفاض الوزن بمقدار 6 كيلوجرامات, مع عدم الشعور بجوع أو إرهاق طوال تلك المدة.

· طريقة تحضرها ·
على سبيل المثال نأتى بملعقتين من دقيق الشعير بنخالة يضاف اليها كوب ماء يطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق ثم يضاف اليها كوب لبن وملغقة عسل نحل

سعر العبو ة 250 جرام 25 ريال

ام سمية 0543703443




التصنيفات
منوعات

من السيرة النبوية الوحي

آ‘لسيرٍه آ‘لنبوٍيه …. آ‘لوٍحي …

كان محمد صلي الله عليه وسلم كثير الصمت يحب التفكير والنظر للكون ، كان يتعجب من قومه وعبادتهم للأصنام وارتكابهم للفواحش ، وكلما مرت الأيام زاد حب محمد للعزلة فكان يذهب إلي غار خارج مكة يسمي غار حراء يعبد الله ويتقرب إليه ..

وفي ليلة من ليالي شهر رمضان من عام 610 ميلادية سمع محمد عليه الصلاة والسلام صوتاً يقول له : إقرأ .

اندهش محمد فلم يكن هناك شخص معه فى الغار فقال محمد صلي الله عليه وسلم : " ما أنا بقارئ " ..!!

فأحس محمد بشئ يضمه ضماً شديداً ثم يتركه ويقول : إقرأ ..

فيقول محمد : ما أنا بقارئ ..!!

فضمه الشئ مرة ثالثة ثم تركه وقال له : إقرأ ..

فأجاب محمد صلي الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ ..!!

فضمه الشئ من جديد وقال : إقرأ ..

فقال محمد صلي الله عليه وسلم : " ماذا أقرأ .؟ "

فسمع صوتاً يقول : " إقرأ باسم ربك الذي خلق – خلق الإنسان من علق – إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم – علم الإنسان ما لم يعلم " ..

خرج محمد عليه " الصلاة والسلام "من الغار فسمع صوتاً فى السماء يقول : يامحمد ، أنت رسول الله وأنا جبريل ..

عاد الرسول " عليه الصلاة والسلام " إلي داره وهو يرتجف من الموقف الذي شاهده ما أن دخل البيت حتي قال لهم : زملوني زملوني أي غطوني وأخذ يقص علي السيدة خديجة ما حدث فقالت له : أبشر فوالله إني لأرجو الله أن تكون نبي هذه الأمة ثم ذهبت السيدة خديجة إلي ابن عمها ورقة بن نوفل ..

وكان ورقة علي علم بالأديان السابقة ودرس التوراة والإنجيل قصت عليه السيدة خديجة ما حدث فقال لها ورقة : أن محمداً هو نبي هذه الأمة وأن الذي جاءه هو الملاك جبريل عليه الصلاة والسلام ولو أطال الله فى عمري لأنصره لأن قومه سيكذبونه ويؤذونه ويخرجوه من بلده فعادت السيدة خديجة لتبشر الرسول " صلي الله عليه وسلم " بقول ورقة .. لكن ورقة مات قبل بدء الرسالة ..

انقطع الوحي عن الرسول فلم يزره جبريل لفترة طويلة حزن عليه الصلاة والسلام ولكن فى يوم من الأيام سمع الرسول صوتاً من السماء يقول : يامحمد أنت رسول الله حقاً .. رفع الرسول بصره فشاهد الملاك جبريل عليه السلام فى السماء من جديد فعاد الرسول عليه الصلاه والسلام لداره وطلب منهم أن يدثروه من جديد فنزل جبريل بقول الله تعالي :" يا أيها المدثر – قم فأنذر – وربك فكبر – وثيابك فطهر – والرجز فاهجر " ..

ثم تتابع نزول الوحي علي الرسول عليه الصلاة والسلام بعد ذلك كان جبريل فى كل مرة ينزل علي الرسول يعلمه من كلام الله عرف الرسول انه نبي هذه الأمة وعرف أن الله اختاره لمهمة عظيمة وأن الله أرسله ليعلم الناس دينه الحق ويقرأ عليهم قرآن الله …